إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سلسلة أعلام الأمة السيرة الذاتية لهم .... متجدد باذن الله

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سلسلة أعلام الأمة السيرة الذاتية لهم .... متجدد باذن الله


    كيف حالكم شباب أمة محمد صلوا وسلموا عليه ثم تقبلوا منى هذه الهدية
    سيرة الشيخ محمد جبريل



    - الإسم: محمد محمد السيد حسنين جبريل
    - الشهرة: الشيخ محمد جبريل

    - الميلاد: طحوريا - مركز شبين القناطر - محافظة القليوبية

    - المؤهل: ليسانس شريعة وقانون - جامعة الأزهر الشريف

    - حفظ القرآن:

    حفظ القرآن الكريم وعمره 9 سنوات وفاز بالمركز الأول على مستوى الجمهورية والعالم الإسلامى أكثر من مرة وحصل على العديد من الأوسمة من البلاد الإسلامية التى قام بزيارتها.


    - نشاطه فى مجال الدعوة:

    يؤم المصلين فى صلاة التراويح بمسجد عمرو بن العاص منذ عام 1988م.

    عمل قارئاً ومعداً للبرامج الدينية بالتليفزيون الأردنى

    عمل مدرساً للقرآن الكريم فى الجامعة الأردنية

    سافر الى جميع بلدان العالم لإمامة المصلين فى المساجد الكبرى وألقى العديد من المحاضرات فى المراكز الإسلامية بها فى علوم القرآن الكريم.

    يشرف على إقامة المركز الإسلامى العالمى لعلوم القرآن بالقاهرة (دار أبىّ بن كعب) والذى تم إفتتاحه بصفة تجريبية.

    قام بتسجيل القرآن الكريم بصوته فى الإذاعة والتليفزيون بالأردن والإذاعات العربية والعالمية.

    قام بتسجيل أكثر من مصحف مرتّل بصوته فى الأسواق المحلية والعالمية على شرائط كاسيت وإسطوانات وأول مصحف مرتل سجله بمسجد عمرو بن العاص.

    قام بتسجيل القرآن الكريم إلكترونياً بلندن وسيصدر قريباً بالأسواق

    سجل العديد من البرامج الدينية للتليفزيون المصرى وأهمها البرنامج الرمضانى "آية ودعاء" بالقناة الأولى.

    له حلقات مسجلة فى عدة برامج دينية بالقنوات الفضائية المختلفة.

    يقول الشيخ محمد جبريل:

    حياتي عادية .. فأرتدي البدلة و الجلباب و العباءة، وأقود السيارة وأمارس الرياضة خاصة كرة القدم، واختراق الضاحية، والسباحة .. وهذه الألعاب الرياضية تساعدني في ضبط عمليات التنفس عند قراءتي للقرآن الكريم الذي أختمه كل شهر خمس مرات، وهذه الرياضات أمارسها بالنادي الأهلي أو نادي الصيد أو نادي النيل أو نادي الزمالك، ومن أصدقائي عدد كبير من الرياضيين، وغيرهم كثيرون وأسأل الله أن يجعلني سبب خير ونافع للإسلام والمسلمين وأن يجعل أعمالنا كلها خالصة لوجهه الكريم... إنه سميع مجيب.


    وعن أمنيته الخاصة يقول الشيخ محمد جبريل:
    لقد أكرمني الله – عز و جل – بالصلاة والإمامة في بيته العتيق المسجد الجامع عمرو بن العاص الذي بناه ووضع قبلته أكثر من ثمانين صحابياً من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكرمني الله بإمامة المسلمين في المراكز الإسلامية في أكثر بلدان العالم، وبقى أن أؤم المصلين في بيتيه المباركين الحرمين الشريفين: المكي والمدني، وكذا المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وأدعو له في كل صلاة وكل دعاء أن يحرره ويعود للمسلمين، فأسأل الله – سبحانه و تعالى – أن يرده لنا ويرزقنا الصلاة فيه.


    حوار مع الشيخ محمد جبريل

    كيف بدأت رحلتك مع القرآن الكريم؟
    أتممت حفظ القرآن الكريم وأنا في الثامنة من عمري على يد الشيخ أمين سليمان والشيخ عامر عثمان في كتاب قرية طمورية بمحافظة القليوبية (شمال القاهرة)، وصليت إماما بالناس وأنا في سن الثانية عشرة من عمري، وحصلت على المركز الأول في مسابقة القرآن الكريم على مستوى المحافظة، وساعتها حملني والدي لأتسلم الجائزة وسط إعجاب الحاضرين لصغر سني في ذلك الوقت، ثم حصلت على المركز الأول على مستوى الجمهورية، وتم ترشيحي للمسابقة الدولية التي أقيمت بماليزيا، وفزت بها، ثم رشحت لحضور مسابقة العالم الإسلامي في حفظ القرآن الكريم والتي تقام بمكة المكرمة.

    باعتبارك ممن حفظوا القرآن في الكُتّاب على يد المشايخ هل ترى أن هذه هي أفضل وسيلة للحفظ؟
    لا بد من معلم متمكن يقوم بتدريب من يريد أن يتعلم القرآن حتى يصحح له ما يقرؤه، ومن ثم يكون الحفظ والقراءة على أساس سليم مصداقا لقوله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم: "وإنك لَتُلَقَّى القرآن من لَدُنْ حكيم عليم"، والتلقي والمشافهة أمر مهم جدا لتعلم القرآن، ثم يأتي بعد ذلك سماع الأشرطة؛ لذا يجب على كل أب أن يلحق ابنه بالكتاب وهو في سن الثالثة من عمره حتى يتعلم الحروف الهجائية بجانب حفظه للقرآن الكريم، ولكن للأسف الشديد فالكثير من المسلمين الآن يتجهون لتعليم أولادهم اللغات الأجنبية أكثر من اهتمامهم بحفظ القرآن الكريم، كما أصبحنا نجد - للأسف - أن أساتذة في الجامعات لا يتقنون قراءة القرآن الكريم، ولذا فإن الاهتمام بالكتاتيب سيخرج لنا أجيالا تحفظ كتاب الله.

    ما هي السور التي يحب الشيخ جبريل قراءتها في الصلاة؟
    سورة الإسراء من السور التي أقرؤها كثيرا في صلاتي لأنها تذكرني بالمسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

    سافرتَ إلى أماكن كثيرة داعياً إلى الله ، ما هي أهم البلاد التي سافرت إليها؟
    سافرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية بولاياتها ومدنها المتعددة مثل نيوجرسى وأوهايو وفلوريدا وهيوستن وشيكاغو ولوس انجلوس ونيويورك، ورغم أنني لم أفعل ذلك بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، إلا أنني أعتقد أن أمريكا تربة خصبة للإسلام لأن الشعب الأمريكي -على خلاف حكومته- لا يحمل موقفًا مسبقا ضد العرب والمسلمين، وقد لمست في كثير من أفراده بحثا عن الذات وعن الحق وعن الدور الذي خلقوا لأجله، ولذلك فإن دور المسلمين حاليا هو تجاوز الدعاية السوداء ضد الإسلام التي يتعرض لها هذا الشعب.
    سافرت كذلك إلى فرنسا وتركيا والكاميرون ونيجيريا وماليزيا والسعودية والكويت والإمارات، ومعظم الدول العربية تقريبا.

    وماذا عن ذكرياتك الدعوية في هذه الدول؟
    من أسعد ذكرياتي ما حدث في المركز الإسلامي بالعاصمة البريطانية لندن عندما صلى ورائي أناس لا يتحدثون اللغة العربية، وكان الإقبال هائلا والتأثر واضحا على الوجوه وفي العيون، وبعد انتهاء الصلاة التف حولي ثلاثة رجال وامرأتان، وبدؤوا يستفسرون عن هذا الكلام الذي كنت أقوله، وعندما عرفوا أنه القرآن شعروا بحلاوة الإيمان تضيء قلوبهم فأعلنوا إسلامهم!
    وحدث هذا أيضا في أمريكا، حيث أشهر سبعة رجال وامرأتان إسلامهم أمامي وزار بعضهم مصر، وحضروا معنا ختام القرآن في شهر رمضان بمسجد عمرو بن العاص.
    وأذكر أنه في لبنان صلى ورائي عشرات الآلاف من المسلمين، وكم كانت سعادتي بذلك لأنهم كانوا من مختلف الطوائف (سنة وشيعة) وهذا لا يحدث إلا نادرا.
    وقد لمست في ماليزيا مدى حب الناس وتعلقهم بالقرآن وتقديرهم لقراء القرآن المصريين بشكل خاص، وأذكر أن خمسة من الماليزيين أسلموا على يدي بعد سماعهم القرآن.

    لكن ما هو شعورك وأنت ترى الناس يدخلون في دين الله أفواجا؟
    لا يستطيع المرء أن يصف هذه اللحظات الجميلة التي أثرت في نفسي جدا، والتي تؤكد عظمة هذا القرآن الكريم الذي ينفذ إلى القلوب سريعا ويؤثر فيها، وصدق الله تعالى حين يقول: "لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون" (سورة الحشر:21)، وأنا أضع دائما نصب عيني قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لَأَن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من الدنيا وما فيها".

    ألاحظ أنك اعتدت سنويا على زيارة تركيا.. فلماذا؟
    تركيا من البلاد التي لها مكانة خاصة في نفس كل مسلم باعتبارها دولة الخلافة الإسلامية الأخيرة، فهي دائما تذكرني بملك المسلمين الغابر، ولمن لا يعلم فإن تركيا - رغم ما تعرضت له من حملات تغريب بهدف سلخها من تراثها الإسلامي- فإن بها أكثر من 500 دار لتحفيظ القرآن الكريم للنشء الصغير وللكبار أيضا، وهم عندما يستمعون لتلاوة القرآن كأن على رؤوسهم الطير، وذلك رغم بعض العادات والتقاليد الخاطئة التي يمارسونها، وهم محبون جدا للإسلام والمسلمين، وهناك مساجد شهيرة كمسجد السلطان أحمد والفاتح والسليمانية وغيرها ممن تستقبل الدعاة لدين الله وشريعته السمحاء استقبالا عظيما.


    كيف ترى مواصفات الداعية؟
    آيتنا في الدعوة هي قول الحق تبارك وتعالى: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن"، وقوله تعالى : "وذَكّر بالقرآن من يخاف وعيد"، والمفترض في الداعية أن يكون مخلصا في دعوته محبًّا لها، وأن يكون قدوة وملما أكثر بما يدعو إليه بشتى جوانبه، ويفضل أن يكون على دراية بلغة أجنبية على الأقل حتى إذا ما سافر للخارج ليدعو إلى الله كان مطمئنا إلى وصول المعلومة بشكل صحيح كما أراد بعيدا عن أي تحريفات في الترجمة.

    من وجهة نظرك، ما هي الصعوبات التي تواجه الدعوة الإسلامية في الخارج؟
    الصعوبات متعددة؛ منها على سبيل المثال، لا الحصر، عدم اختيار الداعية المناسب لحمل هذه الرسالة، وعدم موافقة سلوك بعض المسلمين لأوامر الشرع ونواهيه، ما يعكس على الإسلام سلبيات هو بريء منها، وأنا مقتنع تماماً بأن خير دعوة للإسلام هي سلوك المسلمين أنفسهم في كل مكان، والتاريخ شاهد على ذلك فقد انتشر الإسلام في أفريقيا عن طريق التجار الصادقين في معاملاتهم مع الآخرين.
    ومن أبرز هذه الصعوبات أيضا الإعلام الذي يسيطر عليه اليهود، والذي يشوه صورة الإسلام والمسلمين في العالم واصفًا إياهم بأنهم أناس دمويون، كل همهم إرهاب الآخرين وقتلهم بدافع من العقيدة التي يدّعون أنها تأمرهم بذلك، وأرى أن هذا يحتم على المسلمين إنشاء كيان إعلامي كبير لمواجهة هذه الدعاية السيئة والمشوهة عن الإسلام، لذا أطالب منظمة المؤتمر الإسلامي بأن تتبنى مشروع إنشاء قناة فضائية إسلامية تتوجه بعدد من اللغات الأجنبية لشرح الإسلام الصحيح ومبادئه السامية وأخلاقه العالية، لأن هذا من أهم التحديات التي تواجهنا منذ أحداث سبتمبر التي استغلها أعداء الإسلام في وسائل الإعلام الإسلامية لتقديمه على أنه رديف للإرهاب.

    وهل أثرت أحداث الحادي عشر من سبتمبر في أمريكا على صورة المسلمين لهذه الدرجة من وجهة نظرك.. خاصة وأننا سمعنا من بعض وسائل الإعلام أن الإقبال زاد على التعرف على الإسلام؟
    بالطبع لقد استغل الإعلام الصهيوني هذه الأحداث، وقام على الفور بإلصاق التهمة بالمسلمين، وهذا أثر بشكل كبير على صورة الإسلام في دول الغرب، وقد لاحظت ذلك أثناء زيارتي لعدد من الدول الأوروبية في شهر رمضان الماضي، والذي جاء بعد الأحداث مباشرة، فقد اضطرت بعض المسلمات إلى أن يخلعن حجابهن خوفا من أن يتعرضن لأعمال عدوانية، واضطر بعض المسلمين إلى إخفاء مظاهر الالتزام الديني التي كانوا يمارسونها مثل إطلاق اللحية وأداء الصلوات في أماكن العمل.

    كيف ترى الوسيلة لخروج العالم الإسلامي من الأزمة التي يحياها؟
    بما أن المسلمين ابتعدوا عن تعاليم دينهم وأوامر ربهم فمن الطبيعي أن يصبحوا كما هم الآن في ذيل الأمم، ومن الطبيعي أيضا أن يلاقوا المهانة من أعدائهم ما داموا هانوا هم على أنفسهم، ولتنظر ماذا يحدث الآن على أرض فلسطين المحتلة؛ ستجد أن ما يحدث هو شيء طبيعي ومتسق مع ما وضعنا أنفسنا فيه، والقرآن الكريم نبهنا لذلك منذ أكثر من 14 قرنا من الزمان، فتقول الآية الكريمة: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".
    وقد مددنا أيدينا لليهود بالسلام - رغم علمنا أنهم من أشد الناس حقداً وذلة - فكان من الطبيعي أن يسارعوا إلى محاولة قطعها وبترها، وقد أخبرنا رب العزة سبحانه وتعالى في قرآنه العظيم أن اليهود سوف يعلون في الأرض علوا كبيرا، ثم يجيء يوم ويقضى عليهم، لكن هذا اليوم لن يأتي إلا حين يتكاتف العرب والمسلمون ويجتمعون على كلمة واحدة.
    ولن يكون ذلك إلا بالعودة إلى ديننا الحنيف وفهمه فهما جيدا؛ فاليهود لا عهد لهم ولاميثاق، ولا يحترمون كلمة ولا يحفظون عهدا، ونحن أصحاب حق، وهذا الحق يحتاج إلى قوة لكي تعود أرضنا المغتصبة، فالله عز وجل يقول: "ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز"، وهو القائل أيضا: "الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو معاذ أحمد المصرى; الساعة 22-12-2010, 05:58 PM. سبب آخر: حذف صور ذوات ارواح
    اللهم أغفرلى ذنوبى و أغفرلى خطيئتى وجهلى اللهم ولاتُشمت عدواً بى


  • #2
    رد: سلسلة أعلام الأمة 1- ( الشيخ محمد جبريل ) السيرة الذاتية

    اللهم أغفرلى ذنوبى و أغفرلى خطيئتى وجهلى اللهم ولاتُشمت عدواً بى

    تعليق


    • #3
      رد: سلسلة أعلام الأمة 1- ( الشيخ محمد جبريل ) السيرة الذاتية

      جزاك الله خيرا اخى الحبيب محمد

      وسعداء بك معنا بين اخوانك

      ولاتحرمنا من جديدك المتميز

      ولكن عذرا

      يمنع وضع اكثر من موضوع فى اليوم فى قسم واحد

      ليسهل لنا المتابعة

      ولاتشق غلى اخوانك بالقراءة

      وبارك الله فيك ونشكر لك همتك العالية
      التعديل الأخير تم بواسطة أبو معاذ أحمد المصرى; الساعة 22-12-2010, 09:10 PM.

      تعليق


      • #4
        رد: سلسلة أعلام الأمة 1- ( الشيخ محمد جبريل ) السيرة الذاتية

        أسأل الله أن يجزيك عنى خيراً على النصيحة ولك منى جزيل الشكر
        اللهم أغفرلى ذنوبى و أغفرلى خطيئتى وجهلى اللهم ولاتُشمت عدواً بى

        تعليق


        • #5
          رد: سلسلة أعلام الأمة 1- ( الشيخ محمد جبريل ) السيرة الذاتية

          جزاكم الله خيرا
          نفع الله بنا وبكم


          تعليق


          • #6
            سلسلة أعلام الأمة 2- ( محدث العصر ) السيرة الذاتية


            بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد
            وبعد : كيف حالكم يا شبا أمة محمد
            لكم هذه الهدية منى فتقبلوها وهى :-
            سيرة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله
            محدث العصر

            العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني أحد أبرز العلماء المسلمين في العصر الحديث، ويعتبر الشيخ الألباني من علماء الحديث البارزين المتفردين في علم الجرح والتعديل، والشيخ الألباني حجة في مصطلح الحديث وقال عنه العلماء المحدثون إنه أعاد عصر ابن حجر العسقلاني والحافظ بن كثير وغيرهم من علماء الجرح والتعديل.

            مولده ونشأته

            * ولد الشيخ محمد ناصر الدين بن الحاج نوح الألباني عام 1333 ه الموافق 1914 م في مدينة أشقودرة عاصمة دولة ألبانيا - حينئذ - عن أسرة فقيرة متدينة يغلب عليها الطابع العلمي، فكان والده مرجعاً للناس يعلمهم و يرشدهم.

            * هاجر صاحب الترجمة بصحبة والده إلى دمشق الشام للإقامة الدائمة فيها بعد أن انحرف أحمد زاغو (ملك ألبانيا) ببلاده نحو الحضارة الغربية العلمانية.

            * أتم العلامة الألباني دراسته الإبتدائية في مدرسة الإسعاف الخيري في دمشق بتفوق.

            * نظراً لرأي والده الخاص في المدارس النظامية من الناحية الدينية، فقد قرر عدم إكمال الدراسة النظامية ووضع له منهجاً علمياً مركزاً قام من خلاله بتعليمه القرآن الكريم، و التجويد، و النحو و الصرف، و فقه المذهب الحنفي، و قد ختم الألباني على يد والده حفظ القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم، كما درس على الشيخ سعيد البرهاني مراقي الفلاح في الفقه الحنفي و بعض كتب اللغة و البلاغة، هذا في الوقت الذي حرص فيه على حضور دروس و ندوات العلامه بهجة البيطار.

            * أخذ عن أبيه مهنة إصلاح الساعات فأجادها حتى صار من أصحاب الشهره فيها، و أخذ يتكسب رزقه منها، وقد وفرت له هذه المهنه وقتاً جيداً للمطالعة و الدراسة، و هيأت له هجرته للشام معرفة باللغة العربية و الاطلاع على العلوم الشرعية من مصادرها الأصلية.

            تعلمه الحديث

            توجهه إلى علم الحديث و اهتمامه به :


            على الرغم من توجيه والد الألباني المنهجي له بتقليد المذهب الحنفي و تحذيره الشديد من الاشتغال بعلم الحديث، فقد أخذ الألباني بالتوجه نحو علم الحديث و علومه، فتعلم الحديث في نحو العشرين من عمره متأثراً بأبحاث مجلة المنار التي كان يصدرها الشيخ محمد رشيد رضا (رحمه الله) و كان أول عمل حديثي قام به هو نسخ كتاب "المغني عن حمل الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار" للحافظ العراقي (رحمه الله) مع التعليق عليه.

            كان ذلك العمل فاتحة خير كبير على الشيخ الألباني حيث أصبح الاهتمام بالحديث و علومه شغله الشاغل، فأصبح معروفاً بذلك في الأوساط العلمية بدمشق، حتى إن إدارة المكتبة الظاهرية بدمشق خصصت غرفة خاصة له ليقوم فيها بأبحاثه العلمية المفيدة، بالإضافة إلى منحه نسخة من مفتاح المكتبة حيث يدخلها وقت ما شاء، أما عن التأليف و التصنيف، فقد ابتدأهما في العقد الثاني من عمره، و كان أول مؤلفاته الفقهية المبنية على معرفة الدليل و الفقه المقارن كتاب "تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد" و هو مطبوع مراراً، و من أوائل تخاريجه الحديثية المنهجية أيضاً كتاب "الروض النضير في ترتيب و تخريج معجم الطبراني الصغير" و لا يزال مخطوطاً.

            كان لإشتغال الشيخ الألباني بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أثره البالغ في التوجه السلفي للشيخ، و قد زاد تشبثه و ثباته على هذا المنهج مطالعته لكتب شيخ الإسلام ابن تيميه و تلميذه ابن القيم و غيرهما من أعلام المدرسة السلفية.

            حمل الشيخ الألباني راية الدعوة إلى التوحيد و السنة في سوريا حيث زار الكثير من مشايخ دمشق و جرت بينه و بينهم مناقشات حول مسائل التوحيد و الإتباع و التعصب المذهبي و البدع، فلقي الشيخ لذلك المعارضة الشديدة من كثير من متعصبي المذاهب و مشايخ الصوفية و الخرافيين و المبتدعة، فكانوا يثيرون عليه العامة و الغوغاء و يشيعون عنه بأنه "وهابي ضال" و يحذرون الناس منه، هذا في الوقت الذي وافقه على دعوته أفاضل العلماء المعروفين بالعلم و الدين في دمشق، و الذين حضوه على الاستمرار قدماً في دعوته و منهم، العلامة بهجت البيطار، الشيخ عبد الفتاح الإمام رئيس جمعية الشبان المسلمين في سوريا، الشيخ توفيق البزرة، و غيرهم من أهل الفضل و الصلاح (رحمهم الله).

            نشاط الشيخ الألباني الدعوي

            نشط الشيخ في دعوته من خلال:

            أ) دروسه العلمية التي كان يعقدها مرتين كل أسبوع حيث يحضرها طلبة العلم و بعض أساتذة الجامعات و من الكتب التي كان يدرسها في حلقات علمية:

            - فتح المجيد لعبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب.

            - الروضة الندية شرح الدرر البهية للشوكاني شرح صديق حسن خان.

            - أصول الفقه لعبد الوهاب خلاف.

            - الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث لابن كثير شرح احمد شاكر.

            - منهاج الإسلام في الحكم لمحمد أسد.

            - فقه السنه لسيد سابق.

            ب) رحلاته الشهريه المنتظمة التي بدأت بأسبوع واحد من كل شهر ثم زادت مدتها حيث كان يقوم فيها بزيارة المحافظات السورية المختلفه، بالإضافة إلى بعض المناطق في المملكة الأردنية قبل استقراره فيها مؤخراً، هذا الأمر دفع بعض المناوئين لدعوة الألباني إلى الوشاية به عند الحاكم مما أدى إلى سجنه.

            صبره على الأذى ... و هجرته

            في أوائل 1960م كان الشيخ يقع تحت مرصد الحكومة السوريه، مع العلم أنه كان بعيداً عن السياسة، و قد سبب ذلك نوعاً من الإعاقة له. فقد تعرض للإعتقال مرتين، الأولى كانت قبل 67 حيث اعتقل لمدة شهر في قلعة دمشق وهي نفس القلعة التي اعتقل فيها شيخ الاسلام (ابن تيمية)، وعندما قامت حرب 67 رأت الحكومة أن تفرج عن جميع المعتقلين السياسيين.

            لكن بعدما اشتدت الحرب عاد الشيخ إلى المعتقل مرة ثانية، و لكن هذه المرة ليس في سجن القلعة، بل في سجن الحسكة شمال شرق دمشق، و قد قضى فيه الشيخ ثمانية أشهر، و خلال هذه الفترة حقق مختصر صحيح مسلم للحافظ المنذري و اجتمع مع شخصيات كبيرة في المعتقل.

            أعماله وانجازاته

            لقد كان للشيخ جهود علمية و خدمات عديدة منها:

            1) كان شيخنا -رحمه الله- يحضر ندوات العلامة الشيخ محمد بهجت البيطار -رحمه الله- مع بعض أساتذة المجمع العلمي بدمشق، منهم عز الدين التنوحي - رحمه الله- إذ كانوا يقرؤن "الحماسة" لأبي تمام.

            2) اختارته كلية الشريعة في جامعة دمشق ليقوم بتخريج أحاديث البيوع الخاصة بموسوعة الفقه الإسلامي، التي عزمت الجامعة على إصدارها عام 1955 م.

            3) اختير عضواً في لجنة الحديث، التي شكلت في عهد الوحدة بين مصر و سوريا، للإشراف على نشر كتب السنة و تحقيقها.

            4) طلبت إليه الجامعة السلفية في بنارس "الهند" أن يتولى مشيخة الحديث، فاعتذر عن ذلك لصعوبة اصطحاب الأهل و الأولاد بسبب الحرب بين الهند و باكستان آنذاك.

            5) طلب إليه معالي وزير المعارف في المملكة العربية السعودية الشيخ حسن بن عبدالله آل الشيخ عام 1388 ه ، أن يتولى الإشراف على قسم الدراسات الإسلامية العليا في جامعة مكة، وقد حالت الظروف دون تحقيق ذلك.

            6) اختير عضواً للمجلس الأعلى للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة من عام 1395 ه إلى 1398 ه.

            7) لبى دعوة من اتحاد الطلبة المسلمين في أسبانيا، و ألقى محاضرة مهمة طبعت فيما بعد بعنوان "الحديث حجة بنفسه في العقائد و الأحكام" .

            8) زار قطر و ألقى فيها محاضرة بعنوان "منزلة السنة في الإسلام".

            9) انتدب من سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله رئيس إدارة البحوث العلمية و الإفتاء للدعوة في مصر و المغرب و بريطانيا للدعوة إلى التوحيد و الاعتصام بالكتاب و السنة و المنهج الإسلامي الحق.

            10) دعي إلى عدة مؤتمرات، حضر بعضها و اعتذر عن كثير بسبب أنشغالاته العلمية الكثيرة.

            11) زار الكويت و الإمارات و ألقى فيهما محاضرات عديدة، وزار أيضا عدداً من دول أوروبا، و التقى فيها بالجاليات الإسلامية و الطلبة المسلمين، و ألقى دروساً علمية مفيدة.

            12) للشيخ مؤلفات عظيمة و تحقيقات قيمة، ربت على المئة، و ترجم كثير منها إلى لغات مختلفة، و طبع أكثرها طبعات متعددة و من أبرزها، إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، وسلسلة الأحاديث الصحيحة و شيء من فقهها و فوائدها، سلسلة الأحاديث الضعيفة و الموضوعة و أثرها السيئ في الأمة، وصفة صلاة النبي من التكبير إلى التسليم كأنك تراها.

            13) و لقد كانت قررت لجنة الإختيار لجائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الإسلامية من منح الجائزة عام 1419ه / 1999م ، و موضوعها "الجهود العلمية التي عنيت بالحديث النبوي تحقيقاً و تخريجاً و دراسة" لفضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني السوري الجنسية، تقديراً لجهوده القيمة في خدمة الحديث النبوي تخريجاً و تحقيقاً ودراسة و ذلك في كتبه التي تربو على المئة.

            ثناء العلماء عليه

            قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:

            (ما رأيت تحت أديم السماء عالما بالحديث في العصر الحديث مثل العلامة محمد ناصر الدين الألباني)

            وسئل سماحته عن حديث رسول الله - صلى الله عليه و سلم-: "ان الله يبعث لهذه الأمه على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها" فسئل من مجدد هذا القرن، فقال -رحمه الله-: الشيخ محمد ناصر الدين الألباني هو مجدد هذا العصر في ظني والله أعلم.

            وقال الفقيه العلامة الإمام محمد صالح العثيمين:

            فالذي عرفته عن الشيخ من خلال اجتماعي به وهو قليل، أنه حريص جداً على العمل بالسنة، و محاربة البدعة، سواء كان في العقيدة أم في العمل، أما من خلال قراءتي لمؤلفاته فقد عرفت عنه ذلك، و أنه ذو علم جم في الحديث، رواية و دراية، و أن الله تعالى قد نفع فيما كتبه كثيراً من الناس، من حيث العلم و من حيث المنهاج و الاتجاه إلى علم الحديث، و هذه ثمرة كبيرة للمسلمين و لله الحمد، أما من حيث التحقيقات العلمية الحديثية فناهيك به.

            العلامة المفسر محمد الأمين الشنقيطي

            قول الشيخ عبد العزيز الهده
            : "ان العلامه الشنقيطي يجل الشيخ الألباني إجلالاً غريباً، حتى إذا رآه ماراً وهو في درسه في الحرم المدني يقطع درسه قائماً ومسلماً عليه إجلالاً له".

            وقال الشيخ مقبل الوادعي:

            والذي أعتقده وأدين الله به أن الشيخ محمد ناصر الدين الألباني حفظه الله من المجددين الذين يصدق عليهم قول الرسول (صلى الله عليه وسلم) [إن الله يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها]

            آخر وصية للعلامة المحدث

            أوصي زوجتي و أولادي و أصدقائي وكل محب لي إذا بلغه وفاتي أن يدعو لي بالمغفرة و الرحمة -أولاً- وألا يبكون علي نياحة أو بصوت مرتفع.

            وثانياً: أن يعجلوا بدفني، و لا يخبروا من أقاربي و إخواني إلا بقدر ما يحصل بهم واجب تجهيزي، وأن يتولى غسلي (عزت خضر أبو عبد الله) جاري و صديقي المخلص، ومن يختاره -هو- لإعانته على ذلك.

            وثالثاً: أختار الدفن في أقرب مكان، لكي لا يضطر من يحمل جنازتي إلى وضعها في السيارة، و بالتالي يركب المشيعون سياراتهم، وأن يكون القبر في مقبره قديمة يغلب على الظن أنها سوف لا تنبش...

            و على من كان في البلد الذي أموت فيه ألا يخبروا من كان خارجها من أولادي - فضلاً عن غيرهم- إلا بعد تشييعي، حتى لا تتغلب العواطف، و تعمل عملها، فيكون ذلك سبباً لتأخير جنازتي.

            سائلاً المولى أن ألقاه و قد غفر لي ذنوبي ما قدمت و ما أخرت..

            وأوصي بمكتبتي -كلها- سواء ما كان منها مطبوعاً، أو تصويراً، أو مخطوطاً -بخطي أو بخط غيري- لمكتبة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، لأن لي فيها ذكريات حسنة في الدعوة للكتاب و السنة، و على منهج السلف الصالح -يوم كنت مدرساً فيها-.

            راجياً من الله تعالى أن ينفع بها روادها، كما نفع بصاحبها -يومئذ- طلابها، وأن ينفعني بهم و بإخلاصهم و دعواتهم.

            (رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي و على والدي و أن أعمل صالحاً ترضاه و أصلح لي في ذريتي إني تبت إليك و إني من المسلمين).

            27 جمادى الأول 1410 هـ

            وفاته

            توفي العلامة الألباني قبيل يوم السبت في الثاني و العشرين من جمادى الآخرة 1420ه، الموافق الثاني من أكتوبر 1999م، و دفن بعد صلاة العشاء.

            و قد عجل بدفن الشيخ لأمرين أثنين:

            الأول: تنفيذ وصيته كما أمر.

            الثاني: الأيام التي مر بها موت الشيخ رحمه الله و التي تلت هذه الأيام كانت شديدة الحرارة، فخشي أنه لو تأخر بدفنه أن يقع بعض الأضرار أو المفاسد على الناس الذين يأتون لتشييع جنازته رحمه الله فلذلك أوثر أن يكون دفنه سريعاً.

            بالرغم من عدم إعلام أحد عن وفاة الشيخ إلا المقربين منهم حتى يعينوا على تجهيزه ودفنه، بالإضافه إلى قصر الفترة ما بين وفاة الشيخ ودفنه، إلا أن الآف المصلين قد حضروا صلاة جنازته حيث تداعى الناس بأن يعلم كل منهم أخاه.
            التعديل الأخير تم بواسطة أبو السائب المصرى; الساعة 23-12-2010, 05:34 PM. سبب آخر: صور ذوات الارواح
            اللهم أغفرلى ذنوبى و أغفرلى خطيئتى وجهلى اللهم ولاتُشمت عدواً بى

            تعليق


            • #7
              رد: سلسلة أعلام الأمة 2- ( محدث العصر ) السيرة الذاتية

              رحم الله الشيخ رحمة واسعة
              بارك الله فيك أخى و جزاك الله خيرا

              تعليق


              • #8
                رد: سلسلة أعلام الأمة 2- ( محدث العصر ) السيرة الذاتية

                جزاكم الله خيرا
                نفع الله بنا وبكم



                تعليق


                • #9
                  رد: سلسلة أعلام الأمة 2- ( محدث العصر ) السيرة الذاتية

                  بارك الله فيكم وغفر لنا ولكم
                  اللهم أغفرلى ذنوبى و أغفرلى خطيئتى وجهلى اللهم ولاتُشمت عدواً بى

                  تعليق


                  • #10
                    رد: سلسلة أعلام الأمة 2- ( محدث العصر ) السيرة الذاتية

                    جزاك الله خيرا

                    ورحم الله فضيلة الشيخ رحمة واسعة

                    وألحقنا بهم على خير

                    تعليق


                    • #11
                      رد: سلسلة أعلام الأمة 2- ( محدث العصر ) السيرة الذاتية

                      وجزاكم عنا كل خير
                      إنى أحبكم فى الله
                      اللهم أغفرلى ذنوبى و أغفرلى خطيئتى وجهلى اللهم ولاتُشمت عدواً بى

                      تعليق


                      • #12
                        سلسلة أعلام الأمة 4- ( الشيخ بن باز ) السيرة الذاتية

                        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                        كيف حالكم يا شباب أمة محمد
                        صلوا عليه وسلموا تسليما ثم تفبلوا منى هذه الهدية
                        السيرة الذاتية لـ
                        الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
                        (1330 ـ 1420هـ)


                        عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله آل باز. و"آل باز" أسرة عريقة في العلم والتجارة والزراعة، عُرفت بالفضل والأخلاق الكريمة. ورد في بعض التراجم أن أصلهم من المدينة المنورة، وأن أحد أجدادهم انتقل منها إلى الدرعية، ثم انتقلوا منها إلى حوطة بني تميم.

                        ولد في مدينة الرياض في 12/12/1330هـ، وترعرع فيها، وشب وكبر في بيئة تتنفس العلم والهدى والصلاح، بعيدة كل البعد عن مظاهر الدنيا ومفاتنها. وكانت الرياض آنذاك معقلاً لكبار العلماء، وأئمة الدين.

                        بدأ مسيرته التعليمية بالقرآن الكريم، فحفظه، ثم توجه لطلب العلم على يد العلماء، بجد وجلد وطول نفس وصبر.

                        وكان لوالدته، رحمها الله، أثرٌ بالغٌ، ودورٌ بارزٌ في اتجاهه للعلم الشرعي، وطلبه والمثابرة عليه. فكانت تحثه وتشد من أزره، وتحضه على الاستمرار في طلب العلم، بكل جد واجتهاد.

                        وقد كان الشيخ عبد العزيز مبصراً في أول حياته، ثم أخذ بصره يضعف في عام 1346 هـ وعمره لم يتجاوز السادسة عشر عاماً، إثر مرض أصيب به في عينيه، ثم ذهب جميع بصره في عام 1350 هـ، وعمره قريب من العشرين عاما. ولكن ذلك لم يثنه عن طلب العلم، أو يقلل من همته وعزيمته، بل مضى في طلب العلم جاداً مجداً في ذلك، ملازما لصفوة فاضلة من العلماء، والفقهاء الصالحين، فاستفاد منهم علماً ومنهجاً، كما أثّروا عليه في بداية حياته العلمية، بالرأي السديد، والعلم النافع، والحرص على معالي الأمور.

                        ويعد الشيخ ابن باز من أرباب الفصاحة، والعالمين باللغة، خاصة في علم النحو. وتبرز فصاحته في كتابته ومحادثته، وخطبة ومحاضراته وكلماته، فهو ذو بيان مشرق، وأداء لغوي جميل، وهو سهل العبارة، عذب الأسلوب، تتسم عباراته وكتاباته بالإيجاز والإحكام والبيان.

                        ومن مميزاته وخصائصه الخطابية قدرته على ترتيب أفكاره حتى لا تشتت، وضبطه لعواطفه حتى لا تغلب عقله، ثم سلامة أسلوبه، الذي لا يكاد يعتريه اللحن في صغير من القول أو كبير، وأخيرا تحرره من كل أثر للتكلف والتنطع.

                        كما عُرف بقوة حافظته وحضور بديهته. وإن نعمة الحفظ، وقوة الذاكرة، هما من الأسباب القوية، بعد توفيق الله عز وجل، على تمكنه من طلبه للعلم، وازدياد ثروته العلمية، المبنية على محفوظاته، التي وعتها ذاكرته في مراحل التعلم والتعليم، وقد حباه الله من الذكاء وقوة الحفظ وسرعة الفهم، مما مكّنه من إدراك محفوظاته العلمية عن فهم وبصيرة.

                        ومما يؤكد ذلك أنه ربما سُئِلَ عن أحاديث منتقدة في الكتب الستة، وغيرها من كتب السنة، فكان يجيب عليها مع تخريجها وذكر أسانيدها ورجالها، وأقوال أهل العلم فيها. وكان يحفظ الصحيحين، ولا يكاد يفوته من متونهما شيء.

                        وكان في كلماته ومحاضراته ومواعظه كثير الاستدلال بالنصوص القرآنية، والأحاديث النبوية، وأقوال أهل العلم الشرعية، يأتي عليها بسياقها ولفظها وتمامها، وهكذا في اجتماعات هيئة كبار العلماء، تجده يذكر المسألة وأقوال أهل العلم فيها، مبيناً الجزء والصفحة والكتاب المنقول عنه القول.

                        كما يؤكد على قوة حافظته، أنه يميز بين أصوات محبيه وزائريه، مع كثرتهم ووفور عددهم. وكان يورد القصص القديمة، التي وقعت قبل نصف قرن أو أكثر، كأنه مطلع عليها.

                        كما كان صاحب بصيرة نافذة، وفراسة حادة، يعرف رؤساء القبائل، ويفرق بين صالحهم وطالحهم، كما له فراسة في ما يعرض عليه من المسائل العويصة، والمشكلات العلمية؛ فتجده فيها متأملا متمعنا لها، تُقرأ عليه عدة مرات، حتى يفك عقدتها، ويحل مشكلها، وله فراسة أيضا في ما يتعلق بالإجابة عن أسئلة المستفتين، فهو دائما يرى الإيجاز ووضوح العبارة ووصول المقصد، إن كان المستفتي عاميا من أهل البادية، وإن كان المستفتي طالب علم حريص على الترجيح في المسألة، أطال النفس في جوابه مع التعليلات، وذكر أقوال أهل العلم، وتقديم الأرجح منها، وبيان الصواب بعبارات جامعة مانعة.

                        لعل من أبرز ما تميز به الشيخ ابن باز، الزهد في هذه الدنيا. فقد انصرف عنها بالكلية. فكان مثالاً يُحتذى، وقدوة تؤتسى، في الزهد والورع وإنكار الذات، والبعد عن المدائح والثناءات العاطرة. وكان يقول في بعض محاضراته، حين يُطنب بعض المقدمين في ذكر مناقبه وخصاله الحميدة، وخلاله الرشيدة: "لقد قصمت ظهر أخيك، وإياكم والتمادح فإنه الذبح، اللهم اجعلني خيراً مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون".

                        وللشيخ عبدالعزيز من الذرية، أربعة أبناء وأربع بنات.

                        أهم شيوخه

                        الشيخ محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسين بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله.
                        الشيخ صالح بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن حسين بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب. قاضي الرياض رحمهم الله.
                        الشيخ سعد بن حمد بن عتيق - قاضي الرياض .
                        الشيخ حمد بن فارس - وكيل بيت المال بالرياض.
                        الشيخ سعد بن وقاص البخاري - من علماء مكة المكرمة - أخذت عنه علم التجويد في عام 1355 هـ.
                        سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ. وقد لازمت حلقاته نحواً من عشر سنوات، وتلقيت عنه جميع العلوم الشرعية ابتداء من سنة 1347 هـ. إلى سنة 1357 هـ حيث رشحت للقضاء من قبل سماحته.

                        منهجه

                        من أبرز مقومات منهجه، أنه يقدم دينه والوحي على العقل، ويجعل الرأي تبعا للنص، ويحكّم عقله في لسانه، فلا يصدر حُكماً أو رأياً أو فتوى إلا بعد أن يتحرى ويتروى فيه، وينظر نظرة ذات اعتبار وتقدير في آرائه وفتاويه، ويجعل ميزان الترجيح داخلا في أمور مهمة من المصلحة والضرورة والزمان والمكان والحال، ودرء المفاسد، بل إنه يميّز بين أقل الخيرين وأكثر الشرين مع دفع أعلاهما ضرراً وأضراراً، وبين خير الخيرين وشر الشرين، لذلك غلب صوابه على خطأه في الفهم والاجتهاد.

                        دروسه العلمية

                        كان يُلقي دروساً مفيدة قيمة في بابها، تشمل الكتب الستة، ومسند الإمام أحمد، وموطأ الإمام مالك، وسنن الدارمي، وصحيح ابن حبان، وتفسير ابن كثير، وزاد المعاد، وكتاب التوحيد، وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، والأصول الثلاثة، والدرر السنية، وإغاثة اللهفان، والعقيدة الواسطية، والفرائض، ومنتقى الأخبار وأصول الأحكام، والنخبة - نخبة الفكر - والاستقامة وجلاء الأفهام، وبلوغ المرام، والحموية والسنن الكبرى للنسائي، والعقيدة الطحاوية، ومنار السبيل مع إرواء الغليل، والصارم المسلول على شاتم الرسول، ورياض الصالحين، والرحبية.

                        وفي هذه الدروس تبرز قيمة تعظيم النصوص الشرعية، والوقوف عندها، والأخذ بالدليل الصحيح، وعدم الالتفات إلى الآراء الشاذة، والأقوال المهجورة.

                        مؤلفاته وآثاره العلمية

                        أثرى الشيخ ابن باز المكتبة الإسلامية بمؤلفات عديدة، تطرق فيها إلى جوانب من العلوم الشرعية، والقضايا الاجتماعية والواقعية، فكتب في العقيدة الإسلامية بأنواعها وأقسامها المختلفة، ونبه إلى البدع والمنكرات، وألف في الفقه وأصوله وقواعده، وفي العبادات والمعاملات والبيوع المحرمة، وكتب في الحديث وأصوله ومصطلحاته، وفي الأذكار وفوائدها. كما كتب في التراجم، وعن المرأة المسلمة ودورها في بناء المجتمع، وإنقاذها من براثن الكفر والشبه الضّالة، وفي التشريع والجهاد في سبيل الله، وفي فضل الدعوة إلى الله، ومسؤولية الشّباب المسلم، وفي الحض على الزواج المبكر، كما أنه كتب مؤلفات تدفع المطاعن والشبهات في الدين، وكتب في الغزو الفكري، والقومية العربية، والحداثة الشعرية. وقد تُرجم عدد من مؤلفاته إلى عدة لغات.

                        وللشيخ ابن باز مكتبة خاصة ضخمة، مليئة بنفائس المصادر والمراجع العلمية، التي لا يستغني عنها طالب العلم والمعرفة، حاوية لجميع الفنون العلمية، فلكل فن قسم خاص به. فتشمل فن الحديث وعلومه ومصطلحاته، وأمهات الكتب الستة، ثم المسانيد، ثم المعاجم، ثم الأجزاء الحديثية، ثم كتب الأحكام الحديثية، ثم كتب التخاريج، ثم كتب الرجال وجرحهم وتعديلهم، ثم كتب الوفيات.. وهلم جرا، كما يمتلك الشيخ ابن باز خزانة خاصة بنفائس المخطوطات، تضم بين أروقتها بعض المخطوطات النادرة. وهذا مما يدل على أنه كثير التثبت في علمه وفقهه، في دين الله.

                        حياته العملية

                        بدأ الشيخ عبد العزيز حياته العملية في الدلم معلماً وقاضياً. فعندما كُلّف بولاية القضاء في الخرج، وافق على ذلك مكرهاً، إذ لم يكن راغباً في القضاء، ولا محباً له، ولكنه قبل إلزاماً من سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ. واستمر على ذلك أربع عشرة سنة ونيفا، قضاها في قضاء الخرج. ولأن قضاء الخرج يتركز في بلدة الدلم، قاعدة الخرج، فقد استقر سماحته في الدلم، وسكن في بيت القاضي، الذي أوقفه الإمام عبد الله بن فيصل بن تركي- رحمهم الله- على من كان قاضياً في الدلم.

                        وكان يجلس للفصل بين الناس، من الضحى حتى صلاة الظهر، وربما جلس أحيانا للقضاء بعد صلاة العصر.

                        وقد رتّب الشيخ دخول الرجال في مجلس القضاء حسب وصولهم إلى المجلس، وأمر بأن لا يدخل عليه أحد حتى يأذن بالدخول، وساعده في ذلك رجال الإمارة، آنذاك، في تنظيم الدخول.

                        وقد أدخل السجلات في عمله، بعد أن رتّب مجلس القضاء، منذ ولي القضاء في الخرج. فكان كاتبه في السجلات، يسجل القضايا ووثائق الأوقاف وغيرها، ثم يُعطي صاحب القضية وثيقة بذلك، إذا دعت الحاجة إليه. وكان ذلك قبل تأسيس المحكمة الشرعية في الدلم بصورتها الرسمية، في عام 1368هـ. وقد شُهر بالعدل، إلى جانب الحلم.

                        وكان يؤدي مهام أخرى، إلى جانب عمله في القضاء، وهي مهام مرتبطة، عادة، بالقاضي ومنها:

                        خطابة الجمعة في الجامع الكبير في الدلم وإمامته.

                        العناية بالمساجد وأئمتها والأوقاف.

                        الاهتمام بالحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

                        قسمة التركات وتنفيذ الوصايا والولاية على القصر.

                        حفظ الأموال الضالة، كالحيوانات.

                        الإفتاء الشرعي في البلد والمملكة عموماً.

                        عقود الأنكحة.

                        جهوده في التعليم

                        خصص الشيخ ابن باز حلقات للتدريس في الجامع الكبير في الدلم والقرى المحيطة به أيام عمله بالقضاء هناك. ثم ما لبثت وفود الطلاب أن تقاطرت على الدلم من أنحاء المملكة. ولم تقتصر تلك الحلقات على الجامع، بل كان هناك حلقة في بيته لبعض الطلاب الملازمين له. فكان غالب يومه في غير أوقات القضاء، يقضيه في الدرس والتعليم والتربية.

                        وما فتئ يعلو شأنه وينتشر صيته في أرجاء العالم الإسلامي، كعلم من أعلام الشريعة البارزين، حتى توافد بعض الطلاب للدراسة عليه من الأقطار المجاورة (من اليمن وفلسطين والعراق وغيرها). فازداد عدد الطلاب، فلم يعد يجد الكثير منهم مأوى يسكن فيه، عندئذ طلب سماحته من الملك عبد العزيز، رحمه الله، التكرم بالأمر ببناء سكن يأوي إليه الطلبة، فلبى الملك عبد العزيز، طلبه ببناء حجرات قرب الجامع الكبر بمنافعها، لتكون سكنا للطلاب وسمي "بالرباط". ولعدم كفاية تلك الحجرات فيما بعد، استأجر الشيخ عبدالعزيز لبعضهم بيوتاً لسكن عددٍ منهم.

                        وأصبح من المألوف في ذلك الوقت، وجود طلابٍ من أنحاء المملكة، إلى جانب طلاب من خارجها من (فلسطين والعراق واليمن)، بل إن بعض هؤلاء الذين وفدوا على المملكة طلاباً، طاب لهم المقام في الدلم وتزوجوا منها، وأصبح لهم ذرية.

                        كان للشيخ عبد العزيز عناية خاصة بطلابه. فإلى جانب تأمين السّكن لهم، سعى في تخصيص مكافآت شهرية لبعض الطلاب المجدين والمغتربين، تشجيعا لهم على مواصلة الدراسة وطلب العلم، ومساعدة لهم على تكاليف الحياة. كما كان يوزع عباءات لبعض الطلاب المتميزين، لتشجيعهم على زيادة طلب العلم. وقد قسّم أوقاته بين القضاء والتدريس، وعُقد له حلقتان في المسجد الجامع الكبير في الدلم، إحداهما بعد صلاة الفجر، في التوحيد والفقه والحديث والنحو والتفسير. فكان يعطي للطلاب ما يناسبهم. فصغار الطلبة والمبتدئين من قصار المتون، وكبار الطلبة من المتون الطِّوال حتى الضحى، ثم يذهب إلى منزله للجلوس للقضاء. والحلقة الثانية بعد صلاة المغرب في الفرائض، وقد اهتم الشيخ بهذا العلم اهتماماً بالغاً، وكان يناقش الطلبة فيما درسوه ليتأكد من فهمهم للمادة العلمية. وبعد أذان العشاء يبدأ درساً آخر في تفسير ابن كثير، حيث يقرأ أحد تلامذته.

                        كما كانت له حلقتان بعد صلاة الظهر وبعد صلاة العصر، أوقفهما الشيخ بعد مدة لمّا ازدحم برنامجه بالأعمال، وضاق وقته عن الجلوس لهذين الدرسين.

                        وكان حريصا على ما يلقيه من الدروس، فلا يلقي درسه ولا يسمعه من الطالب حتى يراجع عليه شروحه وحواشيه، وما قاله العلماء عليه، وذلك في الليلة السّابقة للدرس. ولذلك إذا وفد إليه أحد وانشغل عن المراجعة، لم يجلس للطلبة. لذا أقبل الطلاب عليه، واستفادوا من علمه لما اشتهر به من سعة العلم، وحسن الإفادة، وكريم الخلق، ولطف العشرة. ومن الطريف أن بعض الطلاب كان حريصا على حضور درس الشيخ بعد صلاة الفجر، فكثيرا ما ينطلق بعضهم من قبل أذان الفجر مشيا على أقدامهم، من أماكن بعيدة في أطراف الدلم، حتى يصلوا لجامع الدلم عند صلاة الفجر، ومن ثم حضور الدرس.

                        ولم يكتف بالدروس التي يلقيها في الجامع الكبير، أو في بيته، بل كان حريصا على نشر العلم بطرق كثيرة، خاصة بعد انتشار المدارس النظامية الحكومية. فطلب من ولي العهد، آنذاك، الأمير سعود بن عبد العزيز، الذي كان مشرفا على التعليم، خلال مقابلته له في مكة في موسم الحج لعام 1367 هـ، افتتاح مدرسة ابتدائية في الدلم. فصدر الأمر لمدير المعارف، آنذاك، الشيخ محمد بن مانع، رحمه الله، بافتتاح مدرسة ابتدائية في الدلم، فتم افتتاحها في عام 1368 هـ وسميت المدرسة السعودية الابتدائية ( ابن عباس حاليا ).

                        وقد أوكل الإشراف عليها لسماحته، يرشح لها المدير والمدرسين الأكفاء. وأخذ الشيخ يحض الناس ويشجعهم على إلحاق أبنائهم في تلك المدرسة، حرصا منه على تعليم الناس الخير، وانتشار العلم ومحو الأمية والجهل. ولحرصه على المدرسة، كان يتفقد أحوالها ويسأل عن أوضاعها، ويشجع القائمين عليها، ويحثهم على بذل المزيد من العطاء.

                        وكان يحرص دائماً على تجديد الجو العلمي لطلابه، باهتمامه بالتربية البدنية. لذا، عندما دعاه مدير ومدرسو المدرسة السعودية ( ابن عباس حاليا )، وهم بعض طلابه في الحلقات في الجامع، إلى الخروج معهم في رحلة إلى البر في إحدى الرياض المزدهرة، طلب منهم البقاء في البر إلى الغد على حسابه. ثم دعا وجهاء البلد والمسؤولين فيه، فخرجوا واندمجوا مع بعض في رياضات متعددة، إلى جانب الدروس العلمية، التي يلقيها الشيخ عليهم. وكان يجلس لعموم الناس في الدلم بعد صلاة الجمعة في منزله، ويستقبل الجميع ثم يتم قراءة بعض الآيات ويفسّرها، ويعلق عليها، لأن غالبية من حضر قد جاء للاستفادة من الشيخ أو السلام عليه، جاءوا من أطراف الدلم من المزارع لكون غالبيتهم يعملون في الزراعة.

                        أبرز أعماله وإسهاماته العامة - الرسمية
                        عمله في التدريس في المعهد العلمي وكلية الشريعة

                        تولى الشيخ التدريس في المعهد العلمي بالرياض عام 1371 هـ، بأمر من سماحة المفتي العام الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، رحمه الله. ثم بعد ذلك التدريس في كلية الشريعة. وتخرج على يديه أفواج من أهل العلم والفضل. وكان يدرس العقيدة والحديث والفقه، بل حتى النحو قبل أن يأتي الشيخ عبد اللطيف بن سرحان. ويمتاز تدريسه بوضوح الكلام وقلته، والقدرة الهائلة على إيصال المعلومة إلى أذهان الطلاب، بأبسط الطرق وأسهلها. وكان طلابه معجبون بسلامة منهجه، ودقة استحضاره، وقوة ذاكرته، وقدرته على الجمع بين الآراء المختلفة، والأحاديث المتعارضة؛ وتوصيلها بعبارة سهلة واضحة، في جملها وكلماتها.

                        وكان جاداً في تدريسه وأدائه، مخلصا في عمله وما يقوم به من أعباء ومسؤوليات، ويرى أن التدريس أمانة عظيمة، ومسؤولية جسيمة، لابد من القيام بها.

                        وله قدرة هائلة في الاستنباط من النصوص، وتوضيح المسائل العلمية، وتوجيه الطلاب إلى مسلك تعظيم الدليل من الكتاب والسنة، وترك أقوال الرجال المخالفة للكتاب والسنة، مع معرفة فضلهم واحترامهم وتقديرهم ومكانتهم في الأمة، ويردد في ذلك قولة الإمام مالك المشهورة : "كل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذه الحجرة، يعني النبي صلى الله عليه وسلم".

                        ويمتاز سماحته بقوة الحجة، ونصاعة البيان. وقد لمس ذلك طلابه جلياً في مناقشاتهم العلمية، أثناء تدريسه لهم. فلربما جاء بعض الطلاب بأقوال لبعض العلماء، فيرد سماحته عليها رداً علمياً قائماً على الأدلة، وأقوال العلماء المعتبرين. وكان، وما زال، آية في الفرائض وعلومها، فقد أتقن مسائلها، وعرف غوامضها، وألف فيها مؤلفه المعروف " الفوائد الجلية في المباحث الفرضية " فاستفاد منه طلابه أشد الاستفادة.

                        وكان في تدريسه، مثالاً لرحابة الصدر، وإبانة المسائل، وتربية الطلاب على طريقة الترجيح، لا سيما أن مواطن الدرس في كل من الحديث والفقه متفقه. فمثلا يدرس باب الزكاة في الفقه، وباب الزكاة في الحديث، فإذا كانت حصة الفقه، قرر المسألة على مذهب الحنابلة بدليلها عندهم، وإذا كان درس الحديث قرر المسألة على ما تنص عليه الأحاديث، فإن كان المذهب، الحنبلي، وافقه كان تأييداً له، وإذا خالفه أشار إلى وجه الترجيح، ودعا إلى الأخذ بما يسانده الدليل، دون تعصب لمذهب معين. ومما يحفظ لسماحته عدم التثاقل من السؤال، وتوجيه الطالب إلى ما أراده، وربما توقف عن الإجابة وطلب الإمهال، إذا كانت المسألة تحتاج إلى نظر وتأمل، بأن كانت من مواضع الخلاف مثلا، أو كان بعيد العهد بها، أو لم يترجح له فيها شيئاً. فاستمر على ذلك المنوال معلماً ومربياً فاضلاً، وأستاذاً قديراً واسع الصدر، كثير العلم، عظيم الحلم، حتى صدر أمر المفتي العام للملكة الشيخ / محمد بن إبراهيم آل الشيخ، رحمه الله، في عام 1380 هـ بانتقاله إلى المدينة المنورة نائباً لرئيس الجامعة الإسلامية.

                        في الجامعة الإسلامية: نائباً ورئيساً

                        عين سماحة الشيخ في عام 1381 هـ نائبا لرئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة إلى عام 1390 هـ، ثم بعد ذلك تولى رئاستها من عام 1390 هـ، بعد وفاة رئيسها سماحة المفتي الإمام الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، رحمه الله، إلى عام 1395 هـ.

                        ولم يقف نشاط الشيخ ابن باز العلمي والعملي، عند حدود الجامعة وحدها، على الرغم من عظم أعبائها، بل امتد إلى الأقاصي البعيدة من وطن الإسلام، ومهاجر المسلمين. فهناك المدرسون الذين ينتدبهم باسم الجامعة للتدريس في أكثر من مؤسسة علمية، أو مدرسة وجامعة أثرية، بخاصة في الهند وإفريقية وباكستان.

                        وهناك المتفوقون من متخرجي الجامعة، الذين يقدمهم إلى مجلس الدعوة الإسلامية بالرياض، من أجل انتدابهم لخدمة الدعوة في بلادهم وغير بلادهم، وقد تجاوز عددهم المئات، وهم يعملون ليل ونهار في تعليم المسلمين دينهم الحق، وصراطهم المستقيم، وتحصينهم من التيارات الهدامة.

                        وقد بذل الشيخ قصارى جهده لإمداد المسلمين بالكتب النافعة، التي هم بحاجة إليها، في نطاق التدريس أو المطالعة. واستجابت المؤسسة الحكومية لاقتراحاته، فوضعت لتوزيع الكتب نظاماً شاملاً يتيح لكل منها أن تسهم، في هذا المضمار بالقسط المناسب. وفي الجامعة الإسلامية دار لتوزيع الكتب، تتلقى الكتب والمطبوعات الإسلامية، من مختلف الدوائر المعنية بالدعوة في المملكة للتوزيع على الجهات المحتاجة في مختلف أنحاء العالم، ويعرف اليوم باسم مركز شؤون الدعوة.

                        وهكذا أصبحت الجامعة الإسلامية، بجهود الشيخ عبدالعزيز، مركز إشعاع ومنبع نور، ومصدر علم وهدى، لا على نطاق المدينة النبوية وحدها، بل على مستوى العالم الإسلامي كله. يضاف إلى ذلك عمله الجاد في توسيع نشاطات الجامعة المختلفة.

                        رئيساً لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد

                        في عام هـ 1395 هـ صدر الأمر الملكي الكريم بتعيين سماحته في منصب الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد برتبة وزير. وظل في هذا المنصب مدة ثمانية عشر عاماً، حتى عام 1413هـ.

                        مفتيا عاما للملكة العربية السعودية، ورئيسا لهيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء

                        في عام 1413 هـ صدر الأمر الملكي الكريم بتعيينه في منصب مفتي عام المملكة السعودية بالإضافة إلى رئاسة هيئة كبار العلماء، ورئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء. وظل في هذا المنصب مدة 7 سنوات، حتى وفاته في عام 1420هـ بمدينة الرياض.

                        أعمال خيرية في الهيئات الرسمية

                        وإلى جانب هذه الأعمال الكبيرة، فللشيخ أعمال خيرية في الهيئات الرسمية، من أبرزها:

                        . رئاسة اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.

                        . رئاسة وعضوية المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي.

                        . رئاسة المجمع الإسلامي بمكة المكرمة التابع للرابطة أيضا.

                        . عضوية المجلس الأعلى للجامعة الإسلامية في المدينة المنورة.

                        . عضوية الهيئة العليا للدعوة الإسلامية.

                        . عضوية المجلس الاستشاري للندوة العالمية للشباب الإسلامي.

                        . عضوية الصندوق الدائم للتنمية الشبابية.

                        أبرز أعماله وإسهاماته العامة - خيرية تطوعية

                        . جهوده في الدعوة

                        كان للشيخ عدة نشاطات خيرية، تصب في قالب الدعوة إلى الله والاهتمام بأمور المسلمين، منها على سبيل المثال لا الحصر:



                        دعمه للمؤسسات والمراكز الإسلامية المنتشرة في كافة أنحاء العالم الإسلامي، التي تقوم بأمور التعليم والدعوة إلى الله، ورعاية شؤون المسلمين، بخاصة الأقليات المستضعفة..


                        دعمه الملموس للجهاد الإسلامي، ودعوته للمسلمين القادرين على مساعدتهم، خاصة في أفغانستان. والبوسنة والهرسك والشيشان وكشمير وإريتريا والصومال وبورما، وغير ذلك من الدول الإسلامية، وأخيراً في كوسوفا.


                        اهتمامه البالغ بقضايا التوحيد وصفاء العقيدة، وما التبس على المسلمين من أمور دينهم، ويدرك تلك الأمور من حضر دروسه، أو استمع إلى محاضراته وأحاديثه، أو أطلع على مؤلفاته.


                        يولى سماحته حفظ وتعليم القرآن الكريم اهتماماً خاصاً، ويحث إخوانه وتلاميذه وأعضاء الجمعيات الخيرية لمضاعفة الجهد في هذا الصدد.



                        اهتمامه بالدعاة ومساعدتهم وكفالتهم، ويبلغ عدد الدعاة في العالم الإسلامي، الذين يكلفهم الشيخ أكثر من ألفي داعية، وقد وضع لهم بنداً خاصاً بهم من بنود الرواتب.
                        دعم هيئات الأمر بالمعروف والنهي من المنكر، وتشجيعها وتشجيع أعضائها، وحرصه على استمرار هذه الهيئات، والالتقاء بأعضائها وتوجيههم التوجيه الأبوي السليم، المبني على الرفق والحلم والعلم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومراعاة المصالح والمفاسد، وفقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مما أثمر عن ذلك هيئات قائمة على العلم من الكتاب والسنة.

                        . المساهمة في بناء المساجد

                        للشيخ مساهمة كبيرة في بناء المساجد وتشييدها وإعمارها، ويتمثل ذلك في كتابه للمحسنين، والإشارة عليهم ببناء المساجد في الأماكن المحتاجة من القرى والهجر البعيدة.
                        لم يكن بناء المساجد محصوراً على المملكة فحسب، بل في كل بقعة من بقاع الدنيا، تجد للشيخ معلماً بارزاً، وأثراً واضحاً، في بناء بيوت الله وإقامتها وإعمارها.


                        وفاته

                        في يوم الخميس الموافق 27 محرم 1420هـ، أصدر الديوان الملكي بياناً ينعي فيه سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز جاء فيه:

                        "انتقل إلى رحمة الله تعالى صباح اليوم الخميس الموافق 27 محرم 1420هـ سماحة الشيخ عبدالعزيز بن بن عبدالله بن باز، المفتي العام للمملكة العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء، وإدارة البحوث العلمية والإفتاء، ورئيس المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي، عن عمر يناهز تسعة وثمانين عاماً، إثر مرض ألم به؛ وسيصلى على سماحته حاضراً في الحرم المكي الشريف بعد صلاة الجمعة. وقد وجه خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله، بأن تقام عليه صلاة الغائب أيضاً في المسجد النبوي الشريف، وجميع مساجد المملكة بعد صلاة الجمعة، إن شاء الله.

                        ولقد خسر المسلمون بوفاة سماحته خسارة كبيرة، حيث فقدوا بفقده عالماً جليلاً كرس كل حياته في سبيل العلم، وخدمة الإسلام والمسلمين، على اختلاف أوطانهم، في جميع أنحاء المعمورة.

                        وإن خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين، وسمو النائب الثاني، إذ يعزون أسرة الفقيد والشعب السعودي والعالم الإسلامي بوفاته، ليسألون الله، جل وعلا، أن يتغمده بواسع رحمته ومغفرته، ويسكنه فسيح جنته، وينزله منازل الشهداء، إنه سميع مجيب".
                        التعديل الأخير تم بواسطة أبو معاذ أحمد المصرى; الساعة 26-12-2010, 09:50 AM. سبب آخر: حذف صور ذوات ارواح
                        اللهم أغفرلى ذنوبى و أغفرلى خطيئتى وجهلى اللهم ولاتُشمت عدواً بى

                        تعليق


                        • #13
                          سلسلة أعلام الأمة 5- ( الشيخ محمد بن عثيمين ) السيرة الذاتية


                          كيف حالكم يا شباب أمة محمد صلوا عليه وسلموا تسليماً كثيراً ثم تقبلوا منى
                          السيرة الذاتية لـ
                          الشيخ محمد بن عثيمين
                          عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية
                          (1347 ـ 1421هـ)



                          أولاً: بيانات عامة
                          .اسم العائلة: ابن عثيمين.
                          .الاسم: محمد بن صالح بن محمد بن عثيمين الوهيبي التميمي.
                          .تاريخ ومحل الميلاد: 27 رمضان 1347هـ، في مدينة عنيزة، بالقصيم.
                          .الجنسـية: سعودي.
                          .الحالة الاجتماعية: متزوج، عدد البنين: (5). عدد البنات: (3).
                          .تاريخ وفاته: 15 شوال 1421هـ.



                          ثانياً: دراسته وشيوخه
                          قرأ الشيخ ابن عثيمين القرآن على يد جده لأمه، الشيخ عبد الرحمن السليمان الدامغ، فحفظه، ثم اتجه إلى طلب العلم، فتعلم الخط والحساب وبعض فنون الأدب. وكان الشيخ عبد الرحمن السعدي قد أقام اثنين من طلبة العلم عنده ليدرسا للطلبة الصغار؛ أحدهما، الشيخ علي الصالحي، والثاني، الشيخ محمد بن عبد العزيز المطوع. فقرأ عليه مختصر العقيدة الواسطية للشيخ عبد الرحمن السعدي ومنهاج السالكين في الفقه للشيخ عبد الرحمن كذلك، والأجرومية والألفية. كما قرأ على الشيخ عبد الرحمن بن علي بن عودان في الفرائض، وعلى الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي، الذي يعد شيخه الأول، إذ لازمه وقرأ عليه التوحيد والتفسير والحديث والفقه وأصول الفقه والفرائض ومصطلح الحديث والنحو والصرف. وقرأ على الشيخ الراحل عبد العزيز بن باز شيخه الثاني. ولما فُتحت المعاهد العلمية، في الرياض، التحق بها عام 1372هـ. وبعد سنتين تخرج وعُيِّن مدرساً في معهد عنيزة العلمي، مع مواصلة الدراسة، انتساباً، في كلية الشريعة، ومواصلة طلب العلم، على يد الشيخ عبد الرحمن السعدي.



                          ثالثاً: مسيرته العلمية ومؤلفاته
                          في عام 1371هـ، جلس ابن عثيمين للتدريس في الجامع الكبير بعنيزة. ولما تُوفي الشيخ عبد الرحمن السعدي تولى الشيخ ابن عثيمين إمامة الجامع، والتدريس في مكتبتها الوطنية، إضافة إلى التدريس في المعهد العلمي. ثم انتقل إلى التدريس في كليتي الشريعة وأصول الدين، بفرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالقصيم، إضافة إلى عضوية هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية.
                          وللشيخ نشاط كبير في الدعوة إلى الله، وتبصير الدعاة في كل مكان، وقد اشتهر بالتقشف والتواضع وكان منزله في عنيزة بسيطاً، كما كان زاهداً في حياته، إلى درجة كبيرة. وقد ترك ابن عثيمين ثروة علمية هائلة، ما بين شروحات كتب ورسائل علمية وأشرطة سمعية، من أبرزها: تلخيص كتاب "الحموية"، وهو أول كتاب، يُطبع له في 8 ذي القعدة 1380هـ؛ وتفسير آيات الأحكام؛ ومصطلح الحديث والوصول في علم الأصول؛ ورسالة في الوضوء والغسل والصلاة؛ ورسالة في كفر تارك الصلاة؛ ومجالس رمضان؛ والأضحية والزكاة والمنهج لمريد الحج والعمرة؛ وتسهيل الفرائض؛ وشرح لمعة الاعتقاد؛ وشرح الواسطية، وعقيدة أهل السنة والجماعة؛ والقواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى؛ ونيل الأدب من قواعد ابن رجب؛ والضياء اللامع من الخطب الجوامع؛ والفتاوى النسائية وزاد الداعية إلى الله عز وجل، وهي الرسالة الأولى من سلسلة أُطلق عليها العقد الثمين من محاضرات الشيخ العثيمين.



                          رابعاً: منهجه في التدريس
                          يُعد الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين، من العلماء الربانيين، الذين حباهم الله بالذكاء والفهم والدقة والحرص على التحصيل، والهمة العالية، إضافة إلى الزهد والورع، وهما صفتان نبيلتان اتصف بهما الأنبياء والتزم بهما العلماء الذين جعلوا من منهج الأنبياء صورة حية يعيشونها ويطبقونها في واقع حياتهم. وما الشيخ ـ رحمه الله ـ إلا صورة من هؤلاء. وقد أخذ الشيخ ـ رحمه الله ـ عن علماء كثيرين، ولا يمكن حصر من تتلمذ على الشيخ، لأنهم ازدحموا في مجلسه، لا سيما في السنوات الأخيرة، بما يزيد على خمسمائة طالب، ويرجع ذلك لعدة عوامل منها:

                          . صدقه رحمه الله وإخلاصه في تعليم العلم، وبذل نفسه في ذلك.
                          . وضوحه في الأداء سواء في ما يرجع إلى اللفظ، أو ما يرجع إلى المعنى، فكان في غاية الوضوح مع قوة الأسلوب، وجزالة العبارة، التي يفهمها عامة الناس، فضلاً عن طلاب العلم.
                          . طريقته الفذة في التدريس.
                          . عدم تعصبه وجموده على مذهب معين، بل كان رحمه الله متبعاً للدليل.
                          . استجابته للدعوات الموجهة إليه لإلقاء المحاضرات.
                          . كثرة الأشرطة العلمية، التي سجلت له، سواء في ما يتعلق بشرح المتون أو إلقاء المحاضرات.
                          أما منهجه العلمي، فكان اتباعه لما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم. فقد كان ـ رحمه الله ـ متجرداً للحق، حيثما ثبت الدليل يمم وجهه إليه، وحيثما وجد الحق فهو ضالته ومطلبه. وكان ـ رحمه الله ـ إذا اخذ بقول، ثم تبين له رجحان غيره من حيث الدليل، رجع عن قوله الأول، ولذلك أمثلة منها:


                          . كان يرى أن الكدرة قبل الحيض لها حكم الحيض إذا وجدت القرائن كأوجاع العادة، ثم رجع عن هذا واعتبر الحيض هو الدم دون ما تقدمه من كدرة ونحوها.
                          . أن دم النفاس لا حد لأكثره، ثم رجع عن ذلك واعتبر حده أربعين يوما.
                          . أن المستحاضة تتوضأ لوقت كل صلاة، ثم رجع عن ذلك وان طهارتها باقية ما لم يتجدد حدث آخر.
                          . استحباب جلسة الاستراحة مطلقا، ثم رجع عن ذلك إلى استحبابها عند الحاجة. وغير ذلك.
                          اتخذ الشيخ رحمه الله منهجا في التدريس، مخالفا للأساليب التي ينتهجها العلماء في وقته، فيأخذ اللفظ الذي يريد شرحه سواء كان من كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من متون أهل العلم فيتعرض لجانبه العقدي والفقهي، واللغوي، والنحوي وغير ذلك من الجوانب، فيظل طول الدرس يشرح مع ضرب الأمثلة والتكرار عند الحاجة وتقسيم المسألة إلى أقسام وصور مما يقرب فهم ذلك للطلبة.
                          اهتم رحمه الله تعالى بطلابه، وحرص على تذليل الصعاب التي تواجههم في مسيرتهم العلمية، وذلك انه خصص للمغتربين منهم سكنا مجانيا توفر فيه جميع سبل الراحة من المأكل والمشرب وغير ذلك. كما هيأ مكتبة داخل السكن تضمنت سائر أنواع الفنون. ومن اهتمامه بطلابه كذلك، عيادة مريضهم، وزيارتهم، وتفقد أحوالهم، وإعانتهم، والشفاعة لهم.

                          صرف الشيخ رحمه الله من وقته لإخوانه في الخارج، ويتمثل ذلك بما يلي:

                          . إلقاء المحاضرات والدروس في المراكز الإسلامية عن طريق الهاتف، ومنها ما يكون دورياً كل شهر.
                          . اتصاله بهم أثناء أزماتهم ومصائبهم، ومن الأمثلة على ذلك انه كان على اتصال بإخوانه في البوسنة والهرسك إلى انتهاء تزمتهم، وكذا إخوانه بالشيشان.
                          . حثه لبعض طلبته على السفر للخارج بغرض الدعوة إلى الله عز وجل.
                          وللشيخ ابن عثيمين مواقف عديدة، انبثقت عن فهم صحيح للإسلام ووسطيته ومنهاجه العادل، وعن فهم سليم لمهمة العالم الداعية. وهذا الفهم لمقاصد الدعوة، جعل منه العالم الذي يحرص الناس على الاستفادة من علمه. فكان كبيراً في عيونهم، رفيع القدر عندهم. لم يكن ابن عثيمين الواعظ المرتجل، بقدر ما كان عالماً وداعية ذا منهاج واع، استوعب احتياجات المسلمين، وحدد الموضوعات التي، تحتاج إلى معالجة، حسب أولوياتها، معتبراً أن نشر عقيدة أهل السنة والجماعة في مقدمة مهام الداعية في هذا العصر، لأهميتها في حياة المسلم وآخرته، كما أشار، رحمه الله، في مقدمة كتاب "عقيدة أهل السنة والجماعة". ولا شك أن مجموع الجهود، التي بذلها في مجال العقيدة، كانت ترتكز على ضوابط الكتاب والسنة، وما حدده علماء السلف في ذلك، ملاحظاً خلال جهوده السعي إلى إصلاح ما فسد من عقائد، عملت على نشرها وإشاعتها بين الناس، اتجاهات غير صحيحة، انحرفت عن الوجه الحق، الذي كان عليه أهل السنة والجماعة، وهادفاً إلى ربط المسلمين بمنهاج الأسوة الحسنة، نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وبما أُنزل عليه من الكتاب والحكمة، معتبراً أن ذلك هو طريق صلاح العباد واستقامة أحوالهم في دينهم ودنياهم، وهو الطريق الذي ترك النبي صلى الله عليه وسلم عليه أمته.
                          أما في حياة الخلق، فقد حرص على صحة البناء الاجتماعي للمسلمين، وكان يراه من أولويات عمل الداعية ومتابعته. ولعله، رحمه الله تعالى، وجد في قضايا الحقوق وتعليمها للناس، والتأكيد عليها في المحاضرات والدروس والكتب والمواعظ، خير وسيلة لصيانة البنيان الاجتماعي، في البيئة الإسلامية وفي حياة المسلمين، ملاحظاً، كذلك، أن الحديث عن الحقوق يفرض الحديث عن الواجبات، لما بين الحق والواجب من اقتران في الشريعة الإسلامية. ويتضح اهتمامه في هذا الجانب الأساسي من حياة المسلمين، في كتابه "حقوق دعت إليها الفطرة وقررتها الشريعة"، الذي بدأه ببيان حقوق الله ورسوله على المسلم، ومن ثم أبان ـ رحمه الله ـ الحقوق الأخرى، التي تصون البنيان الاجتماعي للمسلمين، مثل حق الوالدين، وحق الأولاد، وحقوق الأقارب، وحق الزوجين، وحق الجيران، وحقوق المسلمين عامة، ثم حقوق غير المسلمين.



                          لقد انتهج الشيخ ابن عثيمين، رحمه الله، منهاج علماء السلف في أعماله العلمية، ونهجه الدعوي، وطرق التربية والتعليم الأخلاقي، ومن عرفه عن كثب عرف في منهاجه ما كان عليه سلف الأمة، ولعل ابرز الملامح في منهاجه رحمه الله:


                          . حرصه الشديد على التقيد بما كان عليه السلف الصالح في الاعتقاد، علماً وعملاً ودعوة وسلوكاً، وذلك مقترن بالتنفير والتحذير مما يخالف ذلك.
                          . الحرص على صحة الدليل، وصواب التعليل، ووضوحه ومناسبته.
                          . الربط بين العمل الدعوي والتقعيد الفقهي، ضماناً لسلامة أعمال الدعوة وما يضعه الدعاة، بين أيدي الناس من كتب مذكرات وغيرها.
                          . العناية بمقاصد الشريعة الإسلامية وقواعد الدين، لأن ذلك مناط الحكم الإسلامي الذي أمر به الله سبحانه وتعالى.
                          . الاعتدال والتوسط في المنهاج والسلوك، والفهم والتقيد، في ذلك بما كان عليه السلف الصالح.
                          . الاهتمام بالتطبيق والعناية بالأمثلة والتخريج.
                          . التيسير الذي يبعد الداعية عن التعقيد أو التنفير.
                          . البعد عن التعصب والتقليد الأعمى، والحرص على التوفيق بين النص والمصلحة.
                          وقد حرص ـ رحمه الله ـ على بيان العلاقة بين الولاة والرعية، موضحاً أن الولاة هم الذين يتولون أمور المسلمين، سواء كانت الولاية عامة أم خاصة. وكان رحمه الله يعلم طلابه الحقوق المتبادلة بين الرعية وراعيها، معتبرا ان حقوق الرعية على الولاة ان يقوموا بالأمانة التي حملهم الله إياها والزمهم القيام بها من النصح للرعية والسير بها على النهج القويم الكفيل بمصالح الدنيا والآخرة وذلك باتباع سبيل المؤمنين وهي الطريق التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن فيها السعادة لهم ولرعيتهم ومن تحت أيديهم وهي أبلغ شيء يكون به رضا الرعية عن رعاتهم والارتباط بينهم وطاعتهم في أوامرهم وحفظ الأمانة في ما يولونه إياهم، مؤكداً أن من اتقى الله سلم من الناس، ومن أرضى الله كفاه الله شر الناس وأرضاهم عنه، لأن القلوب بيد الله يقلبها كيف يشاء.
                          وأما حقوق الولاة على الرعية، فكان يحرص على تعليمها للناس، وهي النصح لهم في ما يتولاه الإنسان من أمورهم، وتذكيرهم إذا غفلوا، والدعاء لهم إذا مالوا عن الحق، وامتثال أمرهم في غير معصية الله، لأن في ذلك قوام الأمر وانتظامه، وفي مخالفتهم وعصيانهم انتشار الفوضى وفساد الأمور، ولذلك أمر الله بطاعته وطاعة رسوله وأولي الأمر، فقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم).
                          وله رحمه الله موازنات في مجال الحكم، بين حكم الشريعة الإسلامية، الذي يوفر الاستقرار الاجتماعي والسياسي في المجتمع المسلم، كما هي الحال في المملكة العربية السعودية، والتعددات السياسية الحزبية. يقول، رحمه الله، في خلاصة له لذلك: "الواجب على الحكومة في أي بلد من البلدان الإسلامية، الرجوع إلى الكتاب والسنة وتوحيد الأحزاب السياسية على حزب واحد، وهو حزب الله، المنفذ لشريعة الله. وهذا الحزب لن يضر بالأمة الإسلامية، مثل ما يحصل من التعدد الحزبي. وقد أشار الله، عز وجل، في القرآن الكريم، إلى أن التعدد الحزبي، يورث التنازع والاختلاف. والتنازع هو سبب الفشل، قال سبحانه: "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم" وقال كذلك: "ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم". لقد كانت حياته، رحمه الله، حياة جد وكفاح، وعمل دؤوب، لمصلحة الإسلام والمسلمين، تعليماً ووعظاً ونصحاً وتأليفاً.
                          خامساً: مرضه وموته

                          تُوفي الشيخ ابن عثيمين، يوم الأربعاء 15 شوال 1421هـ، عن عمر يناهر 74 عاماً، متأثرا بمرض السرطان، في مستشفى الملك فيصل التخصصي بمدينة جدة، الذي تلقى فيه العلاج الأخير.


                          وكان الشيخ قد عولج من المرض في المستشفى نفسه بالرياض، ونقل بطائرة خاصة قبل وفاته بشهر إلى الولايات المتحدة الأمريكية للعلاج من المرض الخبيث. وفضل الفقيد أن يموت بقرب بيت الله الحرام، بعد أن علم بأن المرض قد بلغ مداه، ولم يمنعه ذلك من إلقاء الدروس والمحاضرات في مدن المملكة المختلفة، وكان آخر درس له، ألقاه في المسجد الحرام.
                          صُلي على الشيخ ابن عثيمين في المسجد الحرام، بعد صلاة عصر الخميس، 16 شوال 1421هـ. وقد اكتظ المسجد، قبيل صلاة العصر بحشود من طلاب الشيخ ومحبيه. وقد تقدم المصلين عدد من الأمراء، وعدد كبير من العلماء، وأعضاء هيئة كبار العلماء، ورجال الفكر الإسلامي، والمشايخ، وطلبة العلم. ودفن بمقابر العدل بمكة المكرمة، بالقرب من قبر الشيخ عبدالعزيز بن باز، رحمه الله.
                          التعديل الأخير تم بواسطة أبو معاذ أحمد المصرى; الساعة 26-12-2010, 10:36 AM. سبب آخر: حذف صور ذوات ارواح
                          اللهم أغفرلى ذنوبى و أغفرلى خطيئتى وجهلى اللهم ولاتُشمت عدواً بى

                          تعليق


                          • #14
                            سلسلة أعلام الأمة 6- ( الشيخ عبدالله بن جبرين ) السيرة الذاتية


                            كيف حالكم يا شباب أمة المصطفى محمد صلوا وسلموا عليه تسليماً كثيرا ثم تقبلوا منى هذه الهدية بكل تواضع
                            سيرة حياة الشيخ عبدالله ابن جبرين رحمه الله



                            رحم الله العلامة الشيخ عبد الله ابن جبرين







                            الأسم والنسب



                            هو عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن إبراهيم بن فهد بن حمد بن جبرين من آل رشيد وهم فخذ من عطية بن زيد وبنو زيد قبيلة مشهورة بنجد كان أصل وطنهم مدينة شقراء ثم نزح بعضهم إلى بلدة القويعية في قلب نجد وتملكوا هناك.







                            أسرته



                            هذه الأسرة منهم من له ذكر وأخبار على الألسن لكنها لم تدون في كتب التأريخ لقلة العناية بتلك الأخبار في زمنهم وقد اشتهر جده الرابع وهو حمد بن جبرين وكان في أواسط القرن الثالث عشر حيث آل إليه أمر القضاء والولاية والإمارة في مدينة القويعية وكان ذا منزلة ومكانة في قومه فهو خطيبهم وأميرهم وقاضيهم مع ما رزقه الله من السعة في العلم والمال وتملك الآبار وإحياء الموات كما تدل على ذلك وثائق الملكية التي تحمل اسمه وأسماء بنيه من بعده.


                            وقد أورث علما جما حيث كان له كتاب وعمال ينسخون الكتب الجديدة بالأجرة ولا يزال الكثير منها موجودا موقوفا عند بعض أحفاده ثم اشتهر بعده ابن ابنه إبراهيم بن فهد فتعلم العلم وأدرك الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ والشيخ عبد الله أبا بطين والشيخ حمد بن معمر وقرأ ونسخ وحفظ علما جما وأورث بعده مخطوطات تحمل اسمه منها ما نسخه بيده ومنها ما تملكه وقد تولى الإمامة والخطابة والإفتاء والتدريس وتعليم القرآن والحديث وتوفى في آخر القرن الثالث عشر وقام بعده ابنه عبد الله الذي حفظ القرآن وقرأ على أبيه وبعض علماء بلده وغيرهم وتولى الإمامة والخطابة والتعليم في قرية مزعل التابعة للقويعية .


                            وقد نسخ كتبا بيده أوقفها بعده ومات سنة 1344هـ وتولى الإمامة والخطابة بعده ابنه محمد بن عبد الله وكان قد قرأ على أبيه ورحل في طلب العلم وحفظ الكثير من المتون ونسخ بيده كتبا ومات سنة 1355هـ وأما والد المترجم له فهو أحد طلبة العلم وحفظة القرآن ولد سنة 1321هـ وتولى الإمامة بعد أخيه ثم انتقل إلى بلدة الرين لطلب العلم على قاضيها عبد العزيز الشثري المكنى بأبي حبيب وأقام هناك حتى ارتحل بعد وفاة الشيخ أبي حبيب إلى الرياض ومات سنة 1397هـ.






                            نشأته



                            ولد الشيخ عبد الله بن جبرين سنة 1352هـ في إحدى قرى القويعية ونشأ في بلدة الرين وابتدأ بالتعلم في عام 1359هـ وحيث لم يكن هناك مدارس مستمرة تأخر في إكمال الدراسة ولكنه أتقن القرآن وسنه اثنا عشر عاما وتعلم الكتابة وقواعد الإملاء البدائية ثم ابتدأ في الحفظ وأكمله في عام 1367هـ وكان قد قرأ قبل ذلك في مبادئ العلوم ففي النحو على أبيه قرأ أول الآجرومية وكذا متن الرحبية في الفرائض وفي الحديث الأربعين النووية حفظا وعمدة الأحكام بحفظ بعضها .


                            وبعد أن أكمل حفظ القرآن ابتدأ في القراءة على شيخه الثاني بعد أبيه وهو الشيخ عبد العزيز بن محمد الشثري المعروف بأبي حبيب وكان جل القراءة عليه في كتب الحديث ابتداء بصحيح مسلم ثم بصحيح البخاري ثم مختصر سنن أبى داود وبعض سنن الترمذي مع شرحه تحفة الأحوذي .


                            وقرأ سبل السلام شرح بلوغ المرام كله وقرأ شرح ابن رجب على الأربعين المسمى جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم وقرأ بعض نيل الأوطار على منتقى الأخبار وقرأ تفسير ابن جرير وهو مليء بالأحاديث المسندة والآثار الموصولة وكذا تفسير ابن كثير وقرأ كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد وأتقن حفظ أحاديثه وآثاره وأدلته وقرأ بعض شروحه وقرأ في الفقه الحنبلي متن الزاد حفظا وقرا معظم شرحه .




                            وكذا قرأ في كتب أخرى في الأدب والتأريخ والتراجم واستمر إلى أول عام أربع وسبعين حيث انتقل مع شيخه أبي حبيب إلى الرياض وانتظم طالبا في معهد إمام الدعوة العلمي فدرس فيه القسم الثانوي في أربع سنوات وحصل على الشهادة الثانوية عام 1377هـ وكان ترتيبه الثاني بين الطلاب الناجحين البالغ عددهم أربعة عشر طالبا ثم انتظم في القسم العالي في المعهد المذكور ومدته أربع سنوات ومنح الشهادة الجامعية عام 1381هـ وكان ترتيبه الأول بين الطلاب الناجحين البالغ عددهم أحد عشر طالبا وعدلت هذه الشهادة بكلية الشريعة .


                            وفي عام 1388هـ انتظم في معهد القضاء العالي ودرس فيه ثلاث سنوات ومنح شهادة الماجستير عام 1390هـ بتقدير جيد جدا وبعد عشر سنين سجل في كلية الشريعة بالرياض للدكتوراه وحصل على الشهادة في عام 1407هـ بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف وأثناء هذه المدة وقبلها كان يقرأ على أكابر العلماء ويحضر حلقاتهم ويناقشهم ويسأل ويستفيد من زملائه ومن مشائخهم في المذاكرة والمجالس العادية والبحوث العلمية والرحلات والاجتماعات المعتادة التي لا تخلو من فائدة أو بحث في دليل وتصحيح قول ونحوه





                            الحالة الإجتماعية



                            تزوج بابنة عمه الشقيق رحمها الله وذلك في آخر عام 1370هـ ومع قرابتها كانت ذات دين وصلاح ونصح وإخلاص بذلت جهدها في الخدمة والقيام بحقوق ربها وبعلها وتوفيت عام 1414هـ .


                            وقد رزق منها اثني عشر مولودا من الذكور والإناث مات بعضهم في الصغر والموجود ثلاثة ذكور وست إناث وقد تزوج جميعهم وولد لأغلبهم أولاد من البنات والبنين ولا يزالون يغشون أباهم ويخدمونه ويقومون بالحقوق الشرعية والآداب الدينية، أما الوضع المنزلي فقد كان في أول الأمر تحت ولاية والده فكان يخدمه ويقوم بما قدر عليه من بره وأداء حقه في نفسه وماله ولا يستبد بكسب ولا يختص بمال.


                            ولما انتقل إلى الرياض وانتظم في معهد إمام الدعوة العلمي وكان يدفع له مكافأة شهرية فكان يدفع ما فضل عن حاجته لوالده الذي ينفق على ولده وولد ولده وبعد ثلاث سنين اضطر إلى إحضار زوجته وأولاده واستئجار منزل صغير وتأثيثه والنفقة عليهم فكانت المكافأة تكفي لذلك رغم قلتها لكن مع الاقتصار على الحاجات الضرورية وبقي يستأجر منزلا بعد منزل لمدة ثماني سنين فبعدها أعانه الله على شراء بيت من الطين والخشب القوي فهناك استقر به النوى حيث قام فيه سبعة عشر عاما يعيش في وسط من الحال لا إسراف فيه ولا تقتير ولم يتوسع في الكماليات والمرفهات لقلة ذات اليد ثم في عام 1402هـ انتقل إلى منزله الحالي الذي أقامه بمساعدة بنك التنمية العقارية وعاش فيه كما يعيش أمثاله في هذه الأزمنة.





                            عقيدته



                            أما العقيدة والمذهب فقد نشأ على معتقد سليم تلقاه عن الآباء والأجداد والمشايخ العلماء المخلصين فتعلم عقيدة أهل السنة والجماعة والسلف الصالح، فقرأ وحفظ ما تيسر من كتب العقائد كالواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وتلقى شرحها من مشائخه الذين تعلم منهم العلوم الشرعية فكانوا يفسرون غريبها ويوضحون المعاني ويبينون الدلالات من النصوص.


                            وقد نهج والحمد لله منهج مشايخنا في تدريس كتب العقيدة السلفية فقرأ عليه التلاميذ الكثير من كتب العقائد المختصرة والمبسوطة كشروح الواسطية للهراس ولابن سلمان ولابن رشيد وشرح الطحاوية ولمعة الاعتقاد وشروح كتاب التوحيد وكذا الكتب المبسوطة لشيخ الإسلام وابن القيم وحافظ الحكمي وغيرهم ممن كتب في العقيدة وناقش الأدلة وتوسع في سردها




                            وكان في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة يدرس كتب العقيدة ويشرف على البحوث والرسائل التي تقدم للجامعة في هذا القسم ويشترك في مناقشة رسائل الماجستير والدكتوراه ويرشد الطلاب إلى المراجع المفيدة في الموضوع ولا زال إلى الآن يشرف على كثير من الرسائل وعلى اتصال بالجامعة زيادة على الطلاب الراغبين في هذه الدراسة .


                            أما المذهب في الفروع فإن مشايخه الذين درس عليهم الفقه كانوا متخصصين في مذهب أحمد بن حنبل، لا يخرجون عنه غالبا وقد اقتصر عليه وأكثر من قراءة كتب الحنابلة والتعليق عليها ومعلوم أن مذهب أحمد هو أوسع المذاهب لكثرة الروايات فيه التي توافق المذاهب الأخرى غالبا فمن قرأ هذا المذهب وتوغل فيه أحاط بأكثر المذاهب ما عدى الافتراضات ونوادر المسائل التي يفترض الفقهاء وجودها فلا أهمية لدراستها فمتى وقعت أمكن معرفة حكمها بإلحاقها بأقرب ما يشابهها.



                            شيوخه





                            أما الشيوخ والعلماء الذين تتلمذ عليهم فأولهم والده رحمه الله تعالى فقد بدأ بتعليمه القراءة والكتابة في عام 59 هـ وكان رحمه الله من طلبة العلم وأهل النصح والإخلاص والمحبة وقد أفاد كثيرا بحسن تربيته وتلقينه وحرصه على التلاميذ ليجمعوا بين العلم والعمل.


                            وقد توفي سنة 1397هـ ومن أكبر المشايخ الذين تأثر بهم شيخه الكبير عبد العزيز بن محمد أبو حبيب الشثري الذي قرأ عليه أكثر الأمهات في الحديث وفي التفسير والتوحيد والعقيدة والفقه والأدب والنحو والفرائض وحفظ عليه الكثير من المتون وتلقى عنه شرحها والتعليق على الشروح.




                            وكان بدء الدراسة عليه عام 1367هـ حتى توفي عام 1397هـ بالرياض رحمه الله تعالى ولكن قلت القراءة عليه بعد التخرج للانشغال والتدريس ونحوه.


                            ومن العلماء الذين قرأ عليهم واستفاد من مجالستهم فضيلة الشيخ صالح بن مطلق الذي كان إماما وخطيبا في إحدى القرى بالرين ثم قاضيا في حفر الباطن ثم تقاعد وسكن الرياض ومات سنة 1381هـ وكان ضرير البصر ولكن وهبه الله الحفظ والفهم القوي فقل أن يجالسه كبير أو صغير إلا استفاد منه وقد قرأ عليه بعض الكتب في العقيدة والحديث وحضر مجالسه التي يتعدى فيها الأكابر والعلماء ويأتي بالعجائب والغرائب.


                            وبالجملة فهو أعجوبة زمانه رحمه الله وأكرم مثواه، ومن أشهر المشايخ الذين قرأ عليهم وتابع دروسهم سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ وهو غني عن التعريف به وقد تلقى عليه مع التلاميذ دروسا نظامية عندما افتتح معهد إمام الدعوة في شهر صفر عام 1374هـ وتولى تدريس القسم الذي كان المترجم معهم في أغلب المواد الشرعية كالتوحيد والفقه والحديث والعقيدة فدرس في الحديث بلوغ المرام مرتين في القسم الثانوي والقسم العالي وفي الفقه متن زاد المستقنع وشرحه الروض المربع مرتين أيضا بتوسع غالبا في شرح كل جملة وهم يتابعون ويكتبون الفوائد المهمة.




                            وفي التوحيد والعقيدة قرأ كتاب التوحيد وشرحه فتح المجيد وكتاب الإيمان لشيخ الإسلام ابن تيمية ومتن العقيدة الحموية والعقيدة الواسطية له أيضا وشرح الطحاوية لابن أبي العز وغيرها وقد استمر سماحته في التدريس لهم حتى أنهوا القسم العالي في آخر سنة 1381هـ حيث توقف عن التدريس الرسمي وانشغل بالإفتاء ورئاسة القضاء حتى توفي عام 1389هـ في رمضان رحمة الله تعالى عليه.


                            وقرأ في الدراسة النظامية على جملة من العلماء كالشيخ إسماعيل الأنصاري في التفسير والحديث والنحو والصرف وأصول الفقه وذلك من عام 1375هـ حتى التخرج والشيخ عبد العزيز بن ناصر بن رشيد في الفرائض لمدة ثلاث سنوات ودرس عليه أيضا في مرحلة الماجستير مادة الفقه عام 1388هـ وكان رحمه الله من فقهاء البلد وله مؤلفات مشهورة منها عدة الباحث بأحكام التوارث ومنها التنبيهات السنية شرح العقيدة الواسطية وهو أول الشروح الوافية لهذه العقيدة.




                            وقرأ أيضا على الشيخ حماد بن محمد الأنصاري والشيخ محمد البيحاني والشيخ عبد الحميد عمار الجزائري في علوم وفنون متعددة وفي مرحلة الماجستير قرأ على الكثير من كبار العلماء كسماحة الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد المتوفى سنة 1402هـ في الفقه طرق القضاء وحضر مجالسه منذ أن قدم الرياض واستفاد منه كثيرا في الأحكام والقصص والعبر والتأريخ والنصائح كما هو مشهور بذلك وقرأ على الشيخ عبد الرزاق عفيفي - رحمه الله - وهو مشهور ومن كبار العلماء .


                            وقد تتلمذ عليه واستفاد منه جمع غفير في هذه البلاد من القضاة والمدرسين والدعاة وغيرهم وهو ممن فتح الله عليه وألهمه من العلوم ما فاق به الكثير من علماء هذا الزمان وقد توغل في التفسير والاستنباط من الآيات وكذا في الحديث ومعرفة الغريب منه وكذا في العلوم الجديدة وأهلها.




                            وكذا الشيخ مناع خليل القطان - رحمه الله - الذي درسهم في تلك المرحلة في مادة التفسير بتوسع وإيضاح وقد استفادوا كثيرا من مجالسته ومحاضراته حيث يأتي بفوائد كثيرة مستنبطة من الآيات أو الأدلة وله مؤلفات عديدة في فنون متنوعة وكذا الشيخ عمر بن مترك رحمه الله تعالى وكان من أوائل حملة الدكتوراه من السعوديين وقد قرأ عليه في مادة الفقه والحديث والتفسير .


                            وكان شديد العناية بالأدلة والتعليلات وله معرفة تامة بالمعاملات المتجددة ويتوسع في الكلام حولها وقد استفاد منه كثيرا، ومنهم الشيخ محمد عبد الوهاب البحيري - رحمه الله - مصري الجنسية تولى التدريس في الحديث وكان يتوسع في الشرح وذكر المسائل الخلافية ويحرص على الجمع والترجيح فأفاده في كثير من المواضع المهمة ومنهم محمد الجندي - رحمه الله - مصري أيضا ولم يقم إلا بعض سنة حتى مرض فرجع إلى مصر وتوفي هناك رحمه الله ومنهم محمد حجازي - رحمه الله - صاحب التفسير الواضح ومنهم طه الدسوقي العربي - رحمه الله - مصري أيضا وكان ذا معرفة واسعة واطلاع وحفظ مع فصاحة وبيان وآخرون سواهم.




                            وقد استفاد أيضا من مشايخ آخرين دراسة غير نظامية وأشهرهم سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله- الذي لازمه في أغلب الحلقات التي يقيمها في الجامع الكبير بالرياض بعد العصر وبعد الفجر والمغرب بحيث يحضره العدد الكثير ويدرس في فنون منوعة من المتون والشروح المؤلفات ويعلق على الجمل ويوضح المسائل وينبه على الأخطاء ومنهم الشيخ محمد بن إبراهيم المهيزع - رحمه الله - وهو من المدرسين والقضاة وكان يقيم دروسا في مسجده وفي منزله ويستفيد منه الكثير ومنهم الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن هويمل أحد قضاة الرياض قرأ عليه في المسجد وغيره وإن كان قليل التعليق لكنه يفيد على الأخطاء ويوضح بعض المسائل الخفية وفي آخر حياته ثقل سمعه واشتد مرضه ثم توفي رحمه الله تعالى في عام 1415هـ وقد استفاد أيضا من الزملاء والجلساء الذين سعد بالاقتران بهم وقت الدراسة ووفق بالقراءة معهم والمذاكرة في أغلب الليالي وفي أيام الاختبارات ومنهم الشيخ فهد بن حمين الفهد والشيخ عبد الرحمن محمد المقرن رحمه الله والشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن فريان والشيخ محمد بن جابر - رحمه الله - وغيرهم ممن سبقوه بالقراءة على المشايخ وتعلموا كثيرا مما فاته فأدركه بواسطتهم فكان يقرأ عليهم الشرح ويتلقى إصلاح بعض الأخطاء اللغوية والبحث في المسائل الخلافية ومعرفة الكتب المفيدة في الموضوع وكيفية العثور على المسألة في الكتب المتقاربة في الفقه الحنبلي وكذا معرفة طرق الاستفادة من كتب اللغة واختصاص كل كتاب بنوع من المواضيع ونحو ذلك مما يفوت من يقرأ بمفرده فلذلك ينصح المبتدئ أن يقترن في المذاكرة والاستفادة بمن هم أقدم منه في الطلب ليضم ما عندهم إلى ما عنده.



                            وقد ذكرنا أن أقدم هؤلاء المشايخ هو الشيخ عبد العزيز الشثري رحمه الله وقد بالغ في الثناء عليه ولما انتقل إلى الرياض عام 1374هـ استصحبه معه وذكر لسماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى بعض ما قرأ عليه وما وصل إليه مما جعل الشيخ يجعله مع أعلى التلاميذ عند تقسيمهم إلى سنوات في معهد إمام الدعوة العلمي وكان من آثار إعجابه أن طلبه ذلك العام لتولي القضاء ولكنه اعتذر بالدراسة والشوق إليها فعذره.



                            الأعمال التي تقلدها



                            أولها أن بعث مع هيئة الدعاة إلى الحدود الشمالية في أول عام 1380هـ بأمر الملك سعود وإشارة لسماحة الشيخ محمد بن إبراهيم ورئاسة الشيخ عبد العزيز الشثري رحمهم الله تعالى مع بعض المشائخ ولمدة أربعة أشهر ابتداء من حدود الكويت على امتداد حدود العراق وحدود الأردن وحدود المملكة شمالا وغربا وكثير من مناطق المملكة وقاموا بالدعوة والتعليم وتوزيع النسخ المفيدة في العقيدة وأركان الإسلام حيث إن أغلب السكان من البوادي عاشوا في جهل عميق فهم لا يعرفون إلا اسم الإسلام والصلاة والصيام ونحو ذلك ويجهلون الواجبات وما تصح به الصلاة ويقعون في الكثير من وسائل الشرك وأنواعه وقد بذلت الهيئة جهدا في تعليمهم ونفع الله الكثير ممن أراد به خيرا .




                            ثم تعين مدرسا في معهد إمام الدعوة في شعبان عام 1381هـ إلى عام 1395هـ قام فيه بتدريس الكثير من المواد كالحديث والفقه والتوحيد والتفسير والمصطلح والنحو والتأريخ وكتب مذكرات على أحاديث عمدة الأحكام بذكر الموضوع والمعنى الإجمالي وشرح الغريب وذكر الفوائد وكذا مذكرات على مواد الفقه والتوحيد والمصطلح لا يزال الكثير منها محفوظا عند الطلاب أو في المعاهد العلمية ثم في عام 1395هـ انتقل إلى كلية الشريعة بالرياض وتولى تدريس التوحيد للسنة الأولى وهو متن التدمرية وكتب عليه تعليقات كفهرس للمواضيع وعنوان للبحوث وكذا درس أول شرح الطحاوية.


                            ثم في عام 1402هـ انتقل إلى رئاسة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد باسم عضو إفتاء وتولى الفتاوى الشفهية والهاتفية والكتابة على بعض الفتاوى السريعة وقسمة المسائل الفرضية وبحث فتاوى اللجنة الدائمة التي يناسب نشرها وقراءة البحوث المقدمة للمجلة فيما يصلح للنشر وما لا يصلح ومازال هكذا حتى الآن وقد انتهت مدة خدمته في دار الإفتاء.


                            أما الأعمال الأخرى فقد تعين إماما في مسجد آل حماد بالرياض في شهر شوال عام 1389هـ حتى هدم المسجد وهدم الحي كله في عام 1397هـ وبعد عامين عين خطيبا احتياطيا يتولى الخطبة عند الحاجة ومازال كذلك إلى الآن حيث يقوم بخطبة الجمعة وصلاتها في الكثير من الجوامع عند تخلف الخطيب أو قبل تعيينه وقد يستمر في أحد الجوامع أشهرا أو سنوات ويتولى صلاة العيد في بعض المناسبات.


                            ويقوم أيضا متبرعا بالتدريس في المساجد ابتداء بدرس الفرائض في عام 1387هـ لعدد قليل ثم بتدريس التوحيد والأصول الثلاثة وكشف الشبهات والعقيدة الواسطية ونحوها لعدد كثير في مسجد آل حماد في آخر عام 1389هـ.




                            وقد حصل إقبال شديد على تلك الحلقات وكان أغلب الطلاب من مدرسة تحفيظ القرآن الذين توافدوا من جنوب المملكة ومن اليمانيين الوافدين لأجل التعلم وقد أقام تلك الدروس بعد الفجر أكثر من ساعة أو ساعتين وبعد الظهر كذلك وبعد العصر غالبا وبعد المغرب إلى العشاء واستمر ذلك حتى هدم المسجد المذكور حيث نقلت الدروس إلى مسجد الحمادي حيث توافد إليه الطلاب كثرة في أغلب الأوقات للدراسة في العلوم الشرعية كالحديث والتوحيد والفقه وأصوله والمصطلح وغيرها.


                            ثم في عام 1398هـ رغب إليه سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز أن يقوم في غيبته بالصلاة في الجامع الكبير كإمام للصلوات الخمس فقام بذلك وكان يتولى الصلاة بهم إماما كل وقت ماعدا خطبة الجمعة وصلاتها ومن ثم نقلت الدروس إلى مسجد الجامع الكبير والذي عرف بعد ذلك بجامع الإمام تركي بن عبد الله رحمه الله وفي حالة حضور سماحة الشيخ يقوم بصلاة العشائين هناك وإلقاء الدروس بينهما وبقية الأوقات ويلقي الدروس في مسجد الحمادي بعد العصر والمغرب وبعد الفجر غالبا .


                            ثم في عام 1398هـ رغب إليه بعض الشباب في درس بعد العشاء في المنزل يتعلق بالعقيدة فلبى طلبهم وابتدأ بالعقيدة التي كتبها الشيخ ابن سعدي وطبعت في مقدمة كتابه القول السديد وقد كثر عدد الطلاب وتوافدوا من بعيد ولم يزالوا إلى الآن.




                            وقد انتقل عام 1402هـ إلى منزله الحالي في السويدي فنقل الدرس هناك في ليلتين من كل أسبوع وقد قرأوا في هذه المدة نظم سلم الوصول وشرحه معارج القبول في مجلدين ورسالة الشفاعة للوادعي وكتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب وشرح ثلاثة الأصول له كما قرأوا في الفقه نظم الرحبية في المواريث ومنار السبيل شرح الدليل لابن ضويان حتى كمل والحمد لله.


                            ولما ضاق المنزل نقلوا الدرس إلى المسجد المجاوره ويعرف بمسجد البرغش كما نقل فيه الدروس الأسبوعية بعد الفجر وبعد المغرب أي بعد هدم المسجد الكبير عام 1408هـ وقد قرأوا في هذه الأوقات كثيرا من الأمهات كالصحيحين وشرح الطحاوية وشرح الواسطية لابن سلمان ولابن رشيد وبعض زاد المعاد وجميع بلوغ المرام وزاد المستقنع وبعض سنن أبي داود والترمذي وموطأ مالك ورياض الصالحين وبعض نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار وبعض سنن الدارمي وترتيب مسند الطيالسي وشرح كامل منتقى الأخبار لأبي البركات وكتاب الدين الخالص لصديق حسن خان وفي المصطلح متن نخبة الفكر ومتن البيقونية وفي النحو متن الآجرومية وبعض ألفية ابن مالك وفي أصول الفقه متن الورقات لإمام الحرمين وغير ذلك من المتون والشروح الكثيرة.


                            وفي عام 1382هـ أسس بعض المحسنين مدرسة خيرية أسموها (دار العلم) فأقبل إليها العدد الكثير من الطلاب صغارا وكبارا وتولى المترجم له فيها التدريس في المواد الدينية كالحديث والتوحيد والفقه حسب مدارك الطلاب وأقام الشباب فيها ناديا أسبوعيا يستمر بعد العشاء ليلة كل جمعة لمدة ساعتين يحضره غالبا ويلقى فيه بعض الكلمات ويجيب على الأسئلة الدينية والاجتماعية.


                            وفي عام 1398هـ قام فيها بدرس أسبوعي يحضره العدد الكثير واستمر حتى هذا العام حيث نقل إلى أقرب مسجد هناك حولها ولا يزال وقد أكملوا فيه قراءة الصحيحين وابتدأوا في سنن الترمذي وتولى القراءة عليه فضيلة الشيخ إبراهيم بن عبد الله بن غيث وشاركه في أول الأمر الشيخ الدكتور محمد بن ناصر السحيباني حتى انتقل إلى الجامعة الإسلامية بالمدينة.


                            ثم خلفه الشيخ الدكتور فهد السلمة حتى انشغل بالتدريس في كلية الملك فهد الأمنية والطريقة أن يقرأ الباب ثم يشرحه بإيضاح مقصد المؤلف وبيان ما تدل عليه الأحاديث وفي حدود عام 1403هـ رغب إليه بعض الشباب من سكان حي العليا أن يلقى عندهم درسا أسبوعيا في العقيدة ودرسا في الحديث فابتدأ الدرس في مسجد متوسط في الحي أشهرا ثم انتقلوا إلى مسجد الملوحي مدة طويلة ثم إلى مسجد السالم حيث استمر الدرس فيه سنوات ثم انتقل بهم إلى مسجد الملك عبد العزيز ثم إلى جامع الملك خالد وقد أكملوا في هذه المدة متن لمعة الاعتقاد والعقيدة الواسطية وكتاب التوحيد ومتن التدمرية وبعض بلوغ المرام وشرح عمدة الفقه قسم العبادات وبعض الروض المربع قراءة وشرحا .




                            وفي عام 1409هـ رغب إليه بعض الأخوان أن يقرر درسا أسبوعيا في مسجد سليمان الراجحي بحي الربوة قراءة وشرحا وذلك أن المسجد مشهور ويحيط به أحياء واسعة مكتظة بالسكان المحبين للعلم فلبى طلبهم وابتدأ في شرح الطحاوية فأكمله وفي عمدة الأحكام في الحديث فأكملها وفي كتاب السنة للخلال ثم كتاب السنة لعبد الله بن أحمد ولا يزال يقرأ فيه ويتولى القراءة غالبا إمام المسجد صالح بن سليمان الهبدان أو مؤذن المسجد ويختم الدرس قرب الإقامة بالإجابة على أسئلة مقدمة من الحاضرين ويتكاثر العدد في هذا الدرس فربما زادوا على الخمسمائة ولا يتوقف إلا في أيام الاختبارات ثم يستأنف بعدها .


                            وفي عام 1409هـ رغب إليه سماحة الشيخ ابن باز -رحمه الله- أن يلقي درسا في مسجد سوق الخضار بعتيقة لكثرة من يصلي فيه فلبى رغبته وأقام فيه درسا أسبوعيا لكن إنما يحضره القليل من الطلاب لانشغال أهل الأسواق بتجارتهم واستمر هذا الدرس في الفقه والتوحيد كما أنه في هذه السنين يقوم غالب الأسابيع بإلقاء محاضرات في مساجد الرياض النائية التي يكثر فيهاالمصلون ولا يلقى فيها دروس فيتواجد العدد الكثير غالبا في المحاضرة التي تتعلق بالعبادات والمعاملات وما يحتاج إليه الناس ويشترك أيضا في الندوات التي تقام أسبوعيا في المسجد الجامع الكبير المعروف بجامع الإمام تركي والتي ابتدأت من أكثر من عشرين عاما ويعلق عليها غالبا سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- والآن يعلق عليها سماحة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله.


                            ولما أقيم مسجد عبد الله الراجحي في شبرا بالسويدي ناسب أن تجمع فيه الدروس التي كانت متفرقة في المساجد بعد الفجر وبعد المغرب وبعد العشاء أغلب الأيام وأقيم حوله سكن للطلاب المتغربين.


                            وهناك أعمال أخرى قام بها منها التدريس في المعهد العالي للقضاء التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وذلك في عام 1408هـ حيث أسند إليه درس الفقه للسنة الأولى ويسمى السياسة الشرعية وهو ما يتعلق بالمعاملات وأحكام التبادل بمعدل درسين في الأسبوع وفي نهاية العام وضع أسئلة الاختبار وصحح الأجوبة كالمعتاد .


                            ثم في العام بعده قام بهذا الدرس ومعه درس آخر للسنة الثانية ويعرف بالأحوال الشخصية وله ثلاث حصص كل أسبوع وطريقة الإلقاء اختيار جمل من الكتاب المقرر وذكر ما فيها من الخلاف وسرد أدلة الأقوال مع الجمع والترجيح ووجه الاختيار .




                            وفي السنة بعدها اقتصر على الدرس الأول وهو السياسة الشرعية ثم توقف بعدها عن هذا التدريس (ومنها) الإشراف على رسائل الماجستير والدكتوراه التابعة للجامعة المذكورة وذلك طوال هذه السنين أي بعد الانتقال من الجامعة إلى رئاسة البحوث العلمية كما سبق لم يتخل عن أعمال الجامعة وذلك في كل عام يلتزم بالإشراف على ثلاث رسائل أو أربع يقوم بتوجيه الطالب وإرشاده إلى مراجع البحث في الأمهات حسب علمه ويقرأ ما يقدمه كل شهر من بحثه ويبين ما فيه من خطأ ونقص ويجتمع به غالبا كل أسبوع أو نحوه ويرفع عنه للجامعة تقريرا عن سيره وما يعوقه وفي النهاية يكتب عن رسالته ومدى صلاحيتها للتقديم ويحضر عند المناقشة وتقويم الرسالة .




                            كما يقوم أيضا بمناقشة بعض الرسائل المقدمة للجامعة كعضو فيها ويبدى ما لديه من الملاحظات ويحضر تقويم الرسالة كالمعتاد (ومنها) القيام بالدعوة داخل المملكة بإلقاء محاضرات أو خطب أو إجابة على الأسئلة وذلك كل شهر أو شهرين حيث يزور البلاد القريبة من الرياض فيلقي محاضرة في معهد أو مركز صيفي وفي مسجد جامع ويجتمع بالأهالي ويبحث معهم في مشاكل البلاد وعلاجها وقد تستمر الرحلة أسبوعا أو أكثر للتجول في البلاد النائية وزيارة بعض الدوائر الحكومية للمناصحة والإرشاد فيلقى تقبلا وتشجيعا وترغيبا في الاستمرار وقد تكون الزيارة رسمية وتحدد المدة من مركز الدعوة أو إدارة الدعوة في الداخل (ومنها) الاشتراك في التوعية في الحج وذلك زمن أن كان تبع الجامعة حتى عام 1403 هـ وذكر منافع الحج والعمرة وإيضاح الأهداف من هذه الأعمال وتفقد آثارها بعد انقضائها والإجابة على الأسئلة التي تتعلق بالمقام وذلك لمدة شهر كامل.


                            وقد تعذر عليه الاشتراك في هذا بعد الالتحاق بالرئاسة بسبب الإقامة في المكتب للحاجة الماسة إليه هناك وقام في السنوات الأخيرة بالحج مع بعض الحملات الداخلية التي تجمع حجاجا من الرياض وكان يتولى معهم الإجابة على الأسئلة وإلقاء كلمات توجيهية كل يوم مرة أو مرتين ويقوم بزيارة بعض الحملات الأخرى في الموسم فيفرحون بذلك العمل.





                            مؤلفاته



                            أولها البحث المقدم لنيل درجة الماجستير في عام 1390هـ (أخبار الآحاد في الحديث النبوي) وقد حصل على درجة الامتياز رغم إنه كتبه في مدة قصيرة ولم تتوفر لديه المراجع المطلوبة وقد طبع عام 1408هـ في مطابع دار طيبة ثم أعيد طبعه مرة أخرى وهو موجود مشهور ولم يتيسر له التوسع فيه قبل طبعه لاحتياجه إلى مراجعة وتكملة





                            وقد حمله على الكتابة فيه محبة الحديث وفضله وما رآه في كتب المتكلمين والأصوليين من عدم الثقة بخبر الواحد سيما إذا كان متعلقا بعلم العقيدة وقد رجح قبوله في الأصول كالفروع.


                            وفي عام 1398هـ كلف بكتابة تتعلق بالمسكرات والمخدرات لتقديمها للمؤتمر الذي عقدته الجامعة الإسلامية في ذلك العام فكتب بحثا بعنوان (التدخين مادته وحكمه في الإسلام) وهو بحث متوسط وفيه فوائد وأحكام زائدة على ما كتبه الآخرون وقد أعجب به المشايخ المشاركون في موضوع الدخان وقد طبعته مطابع دار طيبة عدة طبعات وهو مشهور متداول وإن كان مختصرا لكن حصل به فائدة لمن أراد الله به خيرا .


                            وفي عام 1402هـ رفع إليه كلام لبعض علماء مصر ينكر فيه إثبات الصفات ويرد الأدلة ويتوهم إنها توقع في التشبيه وكذا يميل إلى الشرك بالقبور ويمدح الصوفية وقد لخص كلامه بعض الأخوان في أربع صفحات وأرسلها لمناقشتها فكتب عليه جوابا واضحا وتتبع شبهاته وبين ما وقع فيه من الأخطاء بعبارة واضحة ومناقشة هادئة وطبع ذلك البحث في مجلة البحوث الإسلامية العدد التاسع ثم أفرده بعض الشباب بالطبع في رسالة مستقلة بعنوان (الجواب الفائق في الرد على مبدل الحقائق) وهو موجود متداول طبعته مؤسسة آسام للنشر وكتب أيضا مقالا يتعلق بمعنى الشهادتين وما تستلزمه كل منهما وطبع في مجلة البحوث العدد السابع عشر ثم أفرده بعض التلاميذ بالطبع بعنوان (الشهادتان معناهما وما تستلزمه كل منهما) وطبع في عام 1410هـ في مطابع دار طيبة في 90صفحة من القطع الصغير وقد التزم فيه وفي غيره العناية بالأحاديث للاستدلال بها وتخريجها مع ذكر درجتها باختصار



                            .


                            وفي عام 1391هـ قام بتدريس متن لمعة الاعتقاد لابن قدامة لطلاب معهد إمام الدعوة العلمي وكتب عليها أسئلة وأجوبة مختصرة تتلاءم مع مقدرة أولئك الطلاب في المرحلة المتوسطة ومع ذلك فإنها مفيدة لذلك رغب بعض الشباب القيام بطبعها فطبعت بعنوان (التعليقات على متن اللمعة) عام 1412هـ في مطبعة سفير والناشر دار الصميعي للنشر والتوزيع وقد وقع فيها أخطاء تبع فيها ظاهر المتن والأدلة وقد أعيد طبعها مع إصلاح بعض الأخطاء




                            وقد قام فيها بتخريج الأحاديث التي استشهد بها ابن قدامة تخريجا متوسطا حسب مدارك التلاميذ وفي عام 1399هـ سجل في كلية الشريعة لدرجة الدكتوراه واختار (تحقيق شرح الزركشي على مختصر الخرقي) وهو أشهر شروحه التي تبلغ الثلاثمائة بعد المغني لابن قدامة واقتصر في الرسالة على أول الشرح إلى النكاح دراسة وتحقيقا ونوقشت الرسالة كما تقدم ثم كمل تحقيق الكتاب وطبع في مطابع شركة العبيكان للنشر والتوزيع في سبعة مجلدات كبار وتم توزيعه وبيعه في أغلب المكتبات الداخلية وهو موجود متداول والحمد لله.


                            وقد اعتنى في هذا الشرح بتخريج الأحاديث والآثار الكثيرة التي يوردها الشارح وقام بترقيمها فبلغ عددها كما في آخر المجلد السابع 3936 وإن كان فيه بعض التكرار القليل وقد بذل جهدا في هذا التخريج بمراجعة الأمهات وكتب الأسانيد التي تيسرت له للرجوع إليها وهي أغلب المطبوعات وذكر رقم الحديث إن كان الكتاب مرقما أو الجزء والصفحة وذكر اختلاف لفظ الحديث إن كان مغايرا لما ذكر الشارح وذكر من صحح الحديث من المتقدمين أو ضعفه كالترمذي والحاكم والذهبي وابن حجر والهيثمي وإن كان في أحد الصحيحين لم يذكر ما قيل فيه للثقة بهما



                            .


                            وحيث إنه بدأ دراسته في الصغر بكتب الحديث كما تقدم فقد أورث ذلك له شوقا إلى كتابة الحديث فحرص على اقتناء الكتب القديمة التي يهتم مؤلفوها بالأحاديث النبوية ويوردونها بأسانيدها المتصلة كما أحب كل ما يتعلق بالحديث من كتب المصطلح وعلل الحديث وكتب الجرح والتعديل ونحوها وذلك أن هذا النوع هو الدليل الثاني للشريعة أي بعد كتاب الله تعالى ولأن علماء الأمة أولوه عناية تامة حتى قال بعضهم إن علم الحديث من العلوم التي طبخت حتى نضجت ولأن هناك من أدخل فيه ما ليس منه برواية أحاديث لا أصل لها من الصحة فقد قيض الله لها نقادها من العلماء الذين وهبهم الله من المعرفة بالصحيح والضعيف ما تميزوا به على غيرهم وقد عرفنا بذلك جهدهم وجلدهم وصبرهم على المشقة والسفر الطويل والتعب والنفقات الكثيرة مما حملهم عليه الحرص على حفظ سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- وتنقيتها مما ليس منها.


                            وقد يسر الله في زماننا هذا طبع هذه الكتب وفهرستها وتقريبها بحيث تخف المؤنة ويسهل تناول الكتاب ومعرفة مواضع البحوث بدون تكلفة والحمد لله، هذا وقد كان ألقى عدة محاضرات في مواضيع متعددة وتم تسجيلها في أشرطة ثم إن بعض التلاميذ اهتم بنسخها وإعدادها للطبع وقد تم طبع رسالتين الأولى بعنوان (الإسلام بين الإفراط والتفريط) في 59 صفحة والثانية بعنوان (طلب العلم وفضل العلماء) في 51 صفحة وكلاهما طبع عام 1313هـ في مطبعة سفير والناشر دار الصميعي للنشر والتوزيع وأما التسجيل فإن التلاميذ قد أولوه عناية شديدة وذلك بتتبع الدروس والمحاضرات وتسجيلها في أشرطة ثم الاحتفاظ بها ومن ثم نسخ ما تيسر منها للتداول وللطبع وقد سجل شرح زاد المستقنع وشرح بلوغ المرام وشرح الورقات في الأصول وشرح البيقونية في المصطلح وشرح منار السبيل في الفقه وشرح الترمذي وثلاثة الأصول ومتن التدمرية وغيرها كثير، ويباع كثير من الأشرطة في التسجيلات الإسلامية في الرياض وغيرها. وقد فرغ كثير منها وطبع بعناوين متعددة تتعلق بالصيام والحج والصلاة والزكاة وغيرها



                            .


                            أما الكتابات السريعة فكثيرة فإن هناك العديد من الطلاب يحرصون على تحصيل جواب مسألة أو فتوى في مشكلة ويرفعونها إليه وبعد كتابة الجواب وتوقيعه ينشرونه في المساجد والمكاتب والمدارس فيتداول ويحصل له تقبل وفائدة محسوسة لثقتهم بالكاتب كما أن الكثيرين من الشباب الذين أعطوا موهبة في العلم إذا كتب أحدهم رسالة أو كتيبا رغب إليه أن يكتب له مقدمة أو تقريظا فيصرح باسمه في عنوان الرسالة ويكون ذلك أدعى لروجانه والإقبال عليه والاستفادة وهناك من العلماء من يساهم في بث تلك النشرات التي لها مسيس ببعض الأوقات كالمخالفات في الصلاة وأحوال الاقتداء بالإمام والمخالفات في الصيام وفي الحج وأعمال عشر ذي الحجة والمقال في التيمم ومتى يرخص فيه ونحوها فتطبع في مواسمها ويوزع منها ألوف كثيرة رجاء الانتفاع بها



                            .


                            وهناك من العلماء من أخذ تلك النشرات وأودعها بعض مؤلفاته كالشيخ عبد الله بن جار الله -رحمه الله- وغيره ممن كتبوا في تلك المواضيع وضمنوها بعض ما كتبه المترجم له للاستفادة، وأما العلماء الأكابر فإن المناقشين لرسالة أخبار الآحاد بعد إقرارها كتبوا عنها تقريرا مفيدا يمكن الحصول عليه من المعهد المذكور حيث كتبوه عام 1390هـ وهكذا الذين ناقشوا كتاب شرح الزركشي وهم الشيخ صالح بن محمد اللحيدان والشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مع المشرف الدكتور عبد الله بن علي الركبان فقد قرروا الكتاب الذي ناقشوه من أول الشرح إلى النكاح وكتبوا عنه صلاحيته للنشر وحرص الأكثر على الحصول عليه قبل طبعه وتقبله أكابر العلماء وأقروا العمل الذي قام به تجاهه ومنهم سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز وسائر هيئة كبار العلماء ويمكن مراجعتهم لتقييمها وما لوحظ عليها وما تميزت به ولم يعرف أحد أبدى انتقادا لما نهجه في هذه الكتب المتعلقة بالحديث والمصطلح



                            .


                            أما المنهج فقد سلك في تحقيق الزركشي الخطة التي رسمت في المخطط والموجود في المقدمة وقد حرص على البحث عن الأحاديث وأنها التي يستدل بها وقابلها على أصولها كما حرص على التعليق على ما يحتاج إلى تعليق من نقل أو مخالفة أو خلاف في مسألة وأما الشروح الأخرى كشرح اللمعة القديم والبيقونية والورقات والتوحيد والبلوغ والمنتقى...إلخ فإنه يرتجلها ارتجالا ويوضح العبارة التي في المتن بالأمثلة ويذكر الخلاف المشهور ويبين المختار عنده حتى لا يقع الطالب في حيرة ويتوسع أحيانا في الشرح بذكر ماله صلة بذلك الحديث أو تلك المسألة.


                            وقد تميزت هذه الكتب والشروح بوضوح العبارة وبذكر الأدلة ومناقشتها وبالتعليل إن وجد والحكمة من شرعية هذا الحكم والتوسع في ذكر الأمثلة فلا جرم صار عليها إقبال شديد حيث نسخ كثير من الطلاب بعض تلك الأشرطة بشرح منار السبيل وقد بلغ ما نسخوه عدة مجلدات وحرص الكثير على تصويره واقتنائه حيث وجدوا فيه مسائل واقعية ومعالجة لبعض المشاكل المتمكنة في المجتمع وتحذير من بعض الحيل والمكائد التي يستغلها بعض الناس ونحو ذلك من المميزات الكثيرة



                            .


                            أما استقصاء المعلومات عند الكتابة فهذا يكون في الشرح الارتجالي كشرح أحاديث مسلم والترمذي ومنتقى الأخبار وأما الكتابة فالغالب الاقتصار على القدر المطلوب في السؤال دون استقصاء وتوسع في الجواب وكذا الإملاء إذا كان الجواب ارتجاليا كما وقع في الأسئلة التي طبعت بعنوان (حوار رمضاني) الذي طبعته مؤسسة آسام للنشر عام 1312هـ في 28 صفحة بقطع صغير وكذا في أسئلة متعلقة برمضان وقيامه والقراءة في القيام ودعاء الختم ونحوه حيث ألقى بعض الشباب 36 سؤالا وقد كتب عليها جوابا متوسطا ثم قام السائل وهو سعد بن عبد الله السعدان بتحقيقها وتخريج أحاديثها وطبعت بعنوان (الإجابات البهية في المسائل الرمضانية) نشر دار العاصمة مطابع الجمعة الإلكترونية عام 1413هـ 103 صفحة .


                            وبكل حال فإنها تختلف الدوافع إلى الكتابة وحال المستفيد فأما الصعوبات فإن الرسالة الأولى وهي (أخبار الآحاد) كتبها في زمن قصير وكانت المراجع قليلة أو مفقودة عنده فلا جرم لقي مشقة في البحث عن مواضع المسائل واضطر إلى الاختصار رغم سؤال المشرف وغيره فأما شرح الزركشي فقد لقي أيضا فيه صعوبة لسعة الكتاب وكثرة نقوله وندرة الكتب التي نقل عنها وعدم بعض المراجع للأحاديث التي يستشهد بها معتمدا على كتب الفقهاء التي لا تعزو الأحاديث إلى مخرجها فيحتاج إلى صعوبة في البحث في كتب الفهارس والتخريج التي تذكر المشاهير من الأدلة دون النادر منها ولكن الله أعان على الكثير وحصل التوقف في البعض الذي لم يعثر على أصوله كأول سنن سعيد بن منصور وكسنن الأثرم ومسند إسحاق ونحو ذلك ولو وجد من ينقلها لكن مع قصور واختصار وأما علم المصطلح فإن مراجعه كثيرة وكتبه متوفرة والغالب إنها متوافقة فيه وإن وجد في بعضها زيادة خاصة فلذلك يمكن الاختصار فيها ويمكن التوسع بذكر الأمثلة ولم يكتب فيها سوى شرح البيقونية وهو الآن يحقق ويعد للطبع وهو مجرد إيضاح للتعاريف المذكورة في النظم وقد تم طبعه ونشره



                            .


                            وأما المشكلات التي تواجه من كتب في علم المصطلح فهي كثرة الكتب في الموضوع التي يلزم منها كثرة التعريف ووجود الفرق بينها حتى يحتار الكاتب في اختيار ما يناسب المقام ولكن الأجلاء من المحدثين قد ناقشوا التعريفات الاصطلاحية وذكروا ما يرد عليها والجواب عنه لكن قراءة ذلك كله تستدعي وقتا طويلا فالطالب إذا اقتصر على المختصرات التي كتبها أئمة هذا الفن كالنخبة والبيقونية وألفية العراقي والسيوطي رأى في ذلك كفاية ومقنعا



                            .


                            وحيث إن هذا النص قد أكثر فيه العلماء من الكتب فإن أشهر كتبه التي تحتوي على ما يوضحه ويجلى معانيه هي الكتب الواسعة مثل تدريب الراوي شرح تقريب النواوي للسيوطي ومثل توجيه النظر لبعض علماء الجزائر ومثل توضيح الأفكار للأمير الصنعاني وإن كان بعضها ينقل من بعض ومن المعاصرين الشيخ صبحي الصالح فقد كتب مؤلفا في علوم الحديث ومصطلحه وذكر أشياء زائدة على ما كتبه الأولون لوجود كثير من المراجع التي توفرت له والأدلة التي أمكنه أن يستدل بها وبكل حال فالباحث في الموضوع يحسن أن يلم بكتب المتقدمين الذين وضعوا هذا الاصطلاح ثم من بعدهم.






                            انتقل إلى رحمة الله تعالى، فضيلة الشيخ الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين، عضو الإفتاء بالمملكة العربية السعودية سابقًا، وأحد أبرز كبار العلماء في العالم الإسلامي.






                            بعد صراع مع المرض .. يوم الاثنين 20 رجب 1430 الموافق 13 يوليو 2009

                            التعديل الأخير تم بواسطة أبو معاذ أحمد المصرى; الساعة 27-12-2010, 05:52 PM. سبب آخر: حذف صور ذوات ارواح
                            اللهم أغفرلى ذنوبى و أغفرلى خطيئتى وجهلى اللهم ولاتُشمت عدواً بى

                            تعليق


                            • #15
                              سلسلة أعلام الأمة 7- ( الشيخ ذاكر نايك ) السيرة الذاتية

                              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                              ذاكر.. النموذج الهندي لديدات العصري


















                              ذاكر نايك




                              بينما كان الشيخ "أحمد ديدات" يرقد على فراش مرضه الطويل والأخير، كان نموذج آخر للمناظر والمحاضر في مقارنة الأديان يظهر في بلده الأصلي "الهند"، وما إن وافته المنية -رحمه الله- حتى كان نجم النموذج الهندي "ذاكر نايك" يسطع في سماء المناظرة والمحاضرة والدعوة مستثمرا أدوات العولمة الإعلامية العصرية من إنترنت وفضائيات ليصنع ما لم يصنعه أستاذه.


                              من هو ذاكر نايك؟


                              الدكتور ذاكر نايك Zakir Naik والمولود في 18 أكتوبر عام 1965 هو محاضر وكاتب هندي مسلم في موضوع الإسلام ومقارنة الأديان، وهو طبيب حاصل على بكالوريوس الطب والجراحة من ولاية مهاراشترا والتي تقع على الساحل الغربي للهند، لكنه وبداية من عام 1991 بدأ يعمل في مجال الدعوة الإسلامية ومقارنة الأديان لبعض الوقت، مستمرا في عمله الطبي لبضعة أعوام، حتى قرر عام 1997 أن يتفرغ للدعوة، وحول هدفه من العمل في هذا المجال يقول الدكتور ذاكر إنه يسعى لإحياء الأسس الكبرى للإسلام في ثوب عصري.


                              الدكتور ذاكر هو مؤسس ورئيس مؤسسة البحوث الإسلامية (Islamic Research Foundation – IRF)، وهي مؤسسة غير هادفة للربح تمتلك قناة بيس الفضائية والتي تعمل من مومباي في الهند، والتي ولد فيها الدكتور ذاكر ليلتحق بعد ذلك بمدرسة سان بيتر العليا بالمدينة ثم كلية كيشنتشاند تشيلجرام ثم ليدرس الطب في جامعة مومباي، يقول الدكتور ذاكر إنه قد تأثر بالشيخ أحمد ديدات والذي عمل في مجال الدعوة ومقارنة الأديان مدة أربعين عاما، والذي دعاه بـ "ديدات وزيادة" وأهداه في عام 2000 هدية تذكارية دونت عليها تلك العبارة "أي بني.. لقد حققت في أربعة أعوام ما استغرق مني أربعين عاما لتحقيقه، الحمد لله".


                              يقول الدكتور ذاكر إنه يستهدف التركيز على الشباب المسلم الذي أصبح يقدم الاعتذارات عن انتمائه للإسلام معتبرا إياه خارج سياق الزمن، كما يرى أن من واجب كل مسلم أن يزيل المفاهيم الخاطئة حول الإسلام ليواجه ما يعتبره تحيزا للإعلام الغربي ضد الإسلام خاصة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، من أجل ذلك فقد كرس حياته مؤخرا ليحاضر ويؤلف حول الإسلام ومقارنة الأديان وإزالة الشبهات التي تلصق بالإسلام، كما أن بعض مقالات له تطبع وتنشر في المجلات الهندية كمجلة "الصوت الإسلامي Islamic Voice".


                              وحول جهوده تلك يقول الباحث الاجتماعي الدنماركي المقيم في الهند توماس بلوم هانسن: إن طريقة "ذاكر" في محاضراته متعددة اللغات والموجهة للمسلمين وغير المسلمين على السواء جعلت له شعبية كبيرة في الدوائر المسلمة وغير المسلمة.. وعلى الرغم من أنه يحاضر في العادة المئات والآلاف من الجهور وجها لوجه فإن شرائط الفيديو والـ"سي دي" والـ"دي في دي" حاضراته ومناظراته والتي توزع على نطاق واسع ليتم بثها عبر شبكات منزلية عديدة إلى الجيران المسلمين في مومباي كما تبث عبر فضائية السلام Peace TV، وتشمل محاضراته من بين ما تشمل موضوعات الإسلام والعلم الحديث، والإسلام والمسيحية، والإسلام والعلمانية، ولا يقتصر الدكتور ذاكر على إلقاء المحاضرات، بل إن له بعض المؤلفات منها: الأسئلة الشائعة لغير المسلمين حول الإسلام، مفهوم الإله في الأديان الكبرى، القرآن والعلم الحديث.. توافق أم لا توافق.


                              في فبراير من عام 2009 اختير الدكتور ذاكر من قبل مؤسسة الإنديان إكسبريس الإعلامية كواحد من أكثر الشخصيات الهندية تأثيرا (حيث جاء ترتيبه الـ82، والمسلم الوحيد ضمن القائمة)، وفي قائمة خاصة بعشرة من القادة الروحيين الأكثر تأثيرا جاء ثالثا بعد الراهب الهندي بابا رامديف، والزعيم الروحي الهندوسي سري سري رافي شانكار.





                              حركة ديداتية.. في ثياب عصرية




                              لا يمثل الدكتور ذاكر نفسه فقط، لكنه يمثل حركة تضم عددا من المؤسسات والتلاميذ رجالا ونساء وأطفالا، تشمل أنشطة تلك المؤسسات -بالإضافة إلى الإعلام- التدريب والتعليم وتنظيم الدروس والمحاضرات والمناظرات في العديد من بلدان العالم (أكثر من 1200 خطبة ومحاضرة ومناظرة حتى الآن)، وتضم منظومته مؤسسة الأبحاث الإسلامية التي أسست عام 1991 مستخدمة التكنولوجيا الحديثة لتقديم الإسلام وفهمه بشكل أفضل انطلاقا من القرآن والحديث واستنادا إلى المنطق وحقائق العلم الحديث، والتي تنضوي تحتها قناة بيس، وتلفزيون كابل وموقعا للإنترنت متعدد اللغات ووسائل إعلام مطبوعة، وتضم المؤسسة جناحا نسائيا لنشر الدعوة وفهم الإسلام في الأوساط النسائية من خلال عدد من الأنشطة والبرامج تشمل الندوات ومجموعات النقاش وورش العمل التدريبية وغيرها، ويرعى الجناح النسائي قسما للأطفال يقدم برامج تعليم وألعابا وإصدار "سي دي" وشرائط فيديو وكتبا مخصصة للأطفال، وتضم منظومة المؤسسة أيضا:


                              • قناة بيس الفضائية: والتي تستخدم أحدث التقنيات لتقديم البرامج الدعوية وتغطي 100 دولة حول العالم في كل من أوروبا وآسيا وإفريقيا والشرق الأوسط.


                              • أستوديو إنتاج: يقوم بالإعداد الفني للمنتجات الإعلامية المتنوعة للفضائية وشرائط الفيديو وشبكات البث المنزلي وفق أعلى معايير الجودة الفنية في تلك المجالات.


                              • وحدة نشر: تقوم بإصدار ما يوازي 50 مطبوعة كما تشرف على توزيع تلك المنتجات مجانا في جميع أنحاء الهند، وتنتج مطبوعات للاستخدام في المؤسسات التعليمية بمراحلها المختلفة.


                              • قاعة مجهزة بأحدث التقنيات لتنظيم المحاضرات والمؤتمرات والدورات التدريبية والمعارض.


                              • المدرسة الإسلامية الدولية في بومباي.


                              منظومة جماعية


                              تقدم مؤسسة الأبحاث الإسلامية ليس فقط دكتور ذاكر نايك كلاعب أوحد على ساحة الدعوة، ولكنها تقدم إضافة له ما يزيد على عشرة من الدعاة المؤهلين مثل فيض الرحمن ندوي، وآثر خان، ومنظور شيخ وغيرهم، كما يضم الفريق داعيات من النساء منهم نائلة نوراني وقدسية رضواني ونسيم مؤمن وغيرهن، وهكذا فإن هذه المدرسة "الديداتية" العصرية باقية بعملها المؤسسي وتوارث الأجيال المؤهلة لحمل رسالتها الدعوية بفضل جهود "ديدات وزيادة"..
                              التعديل الأخير تم بواسطة أبو معاذ أحمد المصرى; الساعة 28-12-2010, 07:05 PM. سبب آخر: حذف صور ذوات ارواح
                              اللهم أغفرلى ذنوبى و أغفرلى خطيئتى وجهلى اللهم ولاتُشمت عدواً بى

                              تعليق

                              يعمل...
                              X