=-=-=-=-=-= الاعترافُ الأول =-=-=-=-=-=
كثيراً ما تسللتُ من عالمِ الواقعِ إلى عالمِ المواقعِ بحثاً عن المرمى الذي سأسجل فيهِ هدفاً ذهبياً ولكن بلا فائدة ...
فجميعُ الأهداف التي سجلتها احتسبها القَدرُ تسللاً وربما يعودُ السببُ إلى أنانيتي المفرطة فأنا لم أجامل قط ولم ألبس يوماً باروكةَ اتيكيت تجملُ صورتي أمام الجماهيرِ التي تصفقُ بحرارةٍ لكل من يسجلَ هدفاً في الشبكةِ العنكبوتية..
فأدركُ فيما بعدْ أنَّ هذا المرمى عبارةٌ عن فخٍّ أعدهُ العنكبوتُ بحكمةٍ لكي يبلورَ أهدافنا في شاشةِ بلازما قد تصنعُ بطلاً أسطورياً منْ كومةِ نفاياتٍ ألقاها على قارعةِ الويب وغلّفها بـ غلافٍ برّاقٍ لتجذبَ القطط الجائعة ..
وأدركُ ساعتها أن الهدفَ الساكن لا قيمةَ لهُ في عالمٍ يهرعُ للضجيج ..
وأدركُ أيضاً أنَّ أولئك الذين وصلوا إلى القمةِ لمْ يستخدموا سلالم الحكمة كما كنتُ أظن ...
بل دقوا أجراس السذاجةِ فُفتحتْ لهمُ الأبوابُ على مصراعيها ...
فليسَ الإدهاشُ في قدرتنا على إصلاحِ العقول ... بل الإدهاشُ في قدرتنا على ثقبها ...
ومن لم يستطعْ أن يُلفتَ أنظار العالمِ بـ حكمته ... فعليهِ أن يجرَّبَ السذاجة ... قد تكون مجديةً لأنها تجعلُ كلَّ السُذّجِ يُشفقون على أنفسهم من خلال .. تشجيعه ...
=-=-=-=-=-= الاعترافُ الثاني =-=-=-=-=-=
قال لويس الثاني عشر ( لو لم أكن ملكاً على فرنسا لكنتُ محامياً ) ...
بعد قراءتي لهذه العبارة داهمني شعورٌ عميقٌ بوجودِ صفةٍ مشتركةٍ بيني وبين لويس الثاني عشر ..
فقلتُ في نفسي ( لو لم أكن موظفاً لكنتُ عاطلاً ) ...
ولكن هذه العبارة لن تشكل نقطة التلاقي التي أبحث عنها بل ستوسع حجم الهوّةِ بين رجلٍ يتحدث بقناعةِ العظماء وآخر يتحدثُ بقناعةِ البؤساء ..
ورحمَ الله كادحاً عرفَ قدرَ بؤسه ...
ولأني أؤمن بأن الإجابةَ مثل الحسناءِ التي تتمنّعُ عن السائل حينما تراهُ يُلحُّ في طلبها قررتُ أن ( أطنشها ) وانشغلت بغيرها من الإجاباتِ حتى اشتعلت الغيرةُ في قلبها وشعرتْ بالإهانةِ فعادتْ صاغرةً تتوسلُ إليَّ ولكن بعد أن فاتَ الأوان ...
فأنا لم أعد أبحثُ عن الإجابةِ لأني اكتشفتُ أن لويس الثاني عشر لم يكن عظيماً كما كنتُ أظن ...
بل كان مُصاباً بـ فصام ٍ يُشبهُ الفصام الذي يعتريني حينما أدخل إلى عالم الشبكة العنكبوتية وأبدأ بممارسةِ دور المدهش بـ هيئةٍ أفلاطونيةٍ يضمحلُّ أمامها الفارق بين الخيال والواقع في حياةِ موظفٍ لم يستطعْ يوماً أن يُقنعَ مديرهُ بـ جدوى رفع راتبه بـ نسبة ثلاثة ونصف في المئة ولكنه استطاع -في المنتدى- أن يُقنعَ المئات وربما الآلاف بـ نخبويتهِ التي تلاشتْ أمامها طبقات من العظماء والأبطال والمفكرين والحكام والعلماء الذين دمروا العالم بـ ديماغوجيتهم ونظرياتهم وقوانينهم فجاء لينقذ العالم بـ قلمهِ الذي لا يختلفُ كثيراً عن سكينةِ الطباخِ ولكنَّ الفرق بينهما أن الطباخ يستخدم سكينته لتقشير البصل ... بينما الكاتب يستخدمُ قلمهُ لتقشير العقول ...
والطباخُ يعملُ في صمتٍ ليُشبعَ البطون .. بينما الكاتب لا يُشبعُ إلا غروره ..
ولـ سوءِ حظِّ الطباخِ ... فالعقلُ أكثرُ وفاءً من المعدة ..
وبعد اكتشافي لوجهِ الشبهِ بيني وبين لويس الثاني عشر تأكدتُ بأني أفضلُ منه في نواحٍ عدةٍ فإن كان لويس هوَ النسخة الثانية عشر فأنا نسخةٌ أصليةٌ وإن كان فصامهُ قد جعلَ منهُ ملِكاً على فرنسا فَفِصامي قد جعلَ مني ملكاً على العالمِ وقوانيني وأيدلوجياتي وقناعاتي كفيلةٌ بأن تحفظ عرشي من الانقلاب والثورات وحركات التحرير ..... ورحمَ اللهُ لويساً عرفَ قدرَ عرْشه ..
ولكني قبل وفاتي سأسجلُ اعترافاً فصامياً يتضمنُ حقيقةً مُرّةً جمّلتها بـ شعاراتِ التحريرِ والتنويرِ للوصول إلى سدّةِ الحكمِ ...
وبِشاعريةٍ أكثر سأُعبرُ عن أسفي الشديد على كلِّ عقلٍ جرجرتهُ في متاهاتِ فصاميتي التي عجزتُ عن مداواتها بـ صمتٍ فـ قرعتُ طبولَ الحبِّ لكي يُنصتَ العابرونَ إلى مشروعي المستقبلي لتطوير حياتهم بتقديم حلولٍ ناجعةٍ تقضي على الرتابةِ والمللِ والروتين الذي يعتري حياتهم بـ مهدئاتٍ فكريةٍ تجدُ طريقها بـ سهولةٍ إلى القلوبِ لأنها وبكل بساطةٍ مثيرةٌ للجدل ..
فمنَ الممتعِ أن يُحَضِّرَ المريض رسالة الدكتوراه في تشريحِ العقول وتجريحِ الثوابتِ ولن أكونَ مبالغاً إن قلتُ بأن المتعةَ لا تبلغُ ذروتها من دونِ حقولِ تجاربٍ يُقنّنُ المُشرحُ من خلالها قوانيناً هو نفسهُ لا يصدقها ...
وجلَّ ما أتمناهُ ألا يتساءلُ أحدٌ عن كينونةِ هذه الحقول ...
(( ولو لم أكن كاتباً ... لكنتُ مريضاً نفسياً ))
=-=-=-=-=-=-= الاعترافُ الثالث =-=-=-=-=-=
بحمدِ الله تحررت فلسطين وانتهت مشاكل العراق وعاد السلام إلى السودانِِ واليمنِ وأصلح الله حالَ الحُكّام واتفق الليبراليون و الراديكاليون واتحدتِ السنة والشيعة وتصالح الخليج مع إيران وحسني مبارك مع الإخوان وسوريا مع لبنان وتخلصنا من هيمنة الدول الكبرى علينا وانتهت كل مشاكلنا ومصائبنا وخلافاتنا وعمَّ الأمن والسلام والحب والخير والرفاهية في البلاد العربية ...
******
تنويه ..
السطور السابقة كافيةً لـ قتل ثلثِ الكُتّاب وتشريد ثلثٍ آخر ونقل الثلثِ الأخير إلى مصحات نفسية .. وأسألُ الله أن أكون من الفئةِ الناجية ..
فالجميعُ ينظرُ للمأساةِ بـ عينِ الأسى إلا الكاتب ..فهوَ ينظرُ للمأساةِ بـ عينِ التاجر ..
فـ حدوث كارثةٍ إنسانيةٍ تتوافقُ طردياً مع زيادة المستهلكين لـ أفكاري التي تُساهمُ في تنفيسِ الكُربةِ بِـ ذرِّ الرمادِ على العيونِ حتى تُشاهدَ المأساةَ بعيني أنا فقط ...
فكلُّ النوافذِ المُغلقةِ في وجوهِ الناسِ تفتحها شطحةٌ واحدةٌ من كاتبٍ أريبٍ تتعرّى أمامهُ كلُّ الحواجزِ الضخمة ..
حتى إذا بلغَ العالمُ ذروةَ الإنفعالاتِ والاضطراباتِ تساقطت أسهمُ الحكامِ والزعماءِ والقادةِ والجيوشِ والخطباءِ والأئمة وارتفعتْ أسهمُ الكُتّابِ إلى أعلى درجاتها ...
فالحاكمُ ديكتاتور ، والزعيمُ رجلٌ مغرور ، والقائدُ هشٌّ مكسور، والخطيب بوقٌ مهدور ..
بينما الكاتبُ ذكيٌّ وجسور ..
وبينما العالمُ مُتفرغٌ للبحثِ عن جذورِ الأزمةِ يتفرغُ الكاتبُ للبحثِ عن غصونها حتى يحصدَ ما شاء الله من ثمارها ..
وقد تنتهي الأزمةُ في غضون ساعاتٍ بـ قدرةِ الله ولكن الكاتب سيقضي سنيناً وعقوداً في تحليل أسباب الأزمة وتذكير الناس بـ حيثياتها ونتائجها المؤلمة بـ -مفارقاتٍ ثائرةٍ وساخرة- حتّى لا تتكرر ... وكم سيتألمُ إن لم تتكرر ...
وكم أخشى أن يُصدمَ العالمُ حينما أعترفُ بأنَّ مفكرةَ الكاتبِ العربي عبارةٌ عن مصنعٍ لتخصيبِ المصائبِ وتفريخِ المتاعبِ ولأسبابٍ سلميةٍ بحته ...
ومعَ أنَّي قد نذرتُ الصيامَ عن التخصيبِ والتفريخِ إلى حين خروج يأجوج ومأجوج فـ أفطرَ مرةً واحدة ولكني سأعترفُ وبكل سرورٍ بأني .... أكبرُ كاذبٍ على وجهِ الأرض ... لأني صدقتُ بأنَّ الكذبة المسليةَ أفضلُ بمئةِ مرةٍ من الحقيقةِ المُضجرة...
فكلُّ الكاذبينَ يكذبونَ حينما يخافون ... إلا الكُتّاب ... يكذبون حينما يكتبون ..
من مذكرات .. كاتبٍ كاذب ..منقــــــول
كثيراً ما تسللتُ من عالمِ الواقعِ إلى عالمِ المواقعِ بحثاً عن المرمى الذي سأسجل فيهِ هدفاً ذهبياً ولكن بلا فائدة ...
فجميعُ الأهداف التي سجلتها احتسبها القَدرُ تسللاً وربما يعودُ السببُ إلى أنانيتي المفرطة فأنا لم أجامل قط ولم ألبس يوماً باروكةَ اتيكيت تجملُ صورتي أمام الجماهيرِ التي تصفقُ بحرارةٍ لكل من يسجلَ هدفاً في الشبكةِ العنكبوتية..
فأدركُ فيما بعدْ أنَّ هذا المرمى عبارةٌ عن فخٍّ أعدهُ العنكبوتُ بحكمةٍ لكي يبلورَ أهدافنا في شاشةِ بلازما قد تصنعُ بطلاً أسطورياً منْ كومةِ نفاياتٍ ألقاها على قارعةِ الويب وغلّفها بـ غلافٍ برّاقٍ لتجذبَ القطط الجائعة ..
وأدركُ ساعتها أن الهدفَ الساكن لا قيمةَ لهُ في عالمٍ يهرعُ للضجيج ..
وأدركُ أيضاً أنَّ أولئك الذين وصلوا إلى القمةِ لمْ يستخدموا سلالم الحكمة كما كنتُ أظن ...
بل دقوا أجراس السذاجةِ فُفتحتْ لهمُ الأبوابُ على مصراعيها ...
فليسَ الإدهاشُ في قدرتنا على إصلاحِ العقول ... بل الإدهاشُ في قدرتنا على ثقبها ...
ومن لم يستطعْ أن يُلفتَ أنظار العالمِ بـ حكمته ... فعليهِ أن يجرَّبَ السذاجة ... قد تكون مجديةً لأنها تجعلُ كلَّ السُذّجِ يُشفقون على أنفسهم من خلال .. تشجيعه ...
=-=-=-=-=-= الاعترافُ الثاني =-=-=-=-=-=
قال لويس الثاني عشر ( لو لم أكن ملكاً على فرنسا لكنتُ محامياً ) ...
بعد قراءتي لهذه العبارة داهمني شعورٌ عميقٌ بوجودِ صفةٍ مشتركةٍ بيني وبين لويس الثاني عشر ..
فقلتُ في نفسي ( لو لم أكن موظفاً لكنتُ عاطلاً ) ...
ولكن هذه العبارة لن تشكل نقطة التلاقي التي أبحث عنها بل ستوسع حجم الهوّةِ بين رجلٍ يتحدث بقناعةِ العظماء وآخر يتحدثُ بقناعةِ البؤساء ..
ورحمَ الله كادحاً عرفَ قدرَ بؤسه ...
ولأني أؤمن بأن الإجابةَ مثل الحسناءِ التي تتمنّعُ عن السائل حينما تراهُ يُلحُّ في طلبها قررتُ أن ( أطنشها ) وانشغلت بغيرها من الإجاباتِ حتى اشتعلت الغيرةُ في قلبها وشعرتْ بالإهانةِ فعادتْ صاغرةً تتوسلُ إليَّ ولكن بعد أن فاتَ الأوان ...
فأنا لم أعد أبحثُ عن الإجابةِ لأني اكتشفتُ أن لويس الثاني عشر لم يكن عظيماً كما كنتُ أظن ...
بل كان مُصاباً بـ فصام ٍ يُشبهُ الفصام الذي يعتريني حينما أدخل إلى عالم الشبكة العنكبوتية وأبدأ بممارسةِ دور المدهش بـ هيئةٍ أفلاطونيةٍ يضمحلُّ أمامها الفارق بين الخيال والواقع في حياةِ موظفٍ لم يستطعْ يوماً أن يُقنعَ مديرهُ بـ جدوى رفع راتبه بـ نسبة ثلاثة ونصف في المئة ولكنه استطاع -في المنتدى- أن يُقنعَ المئات وربما الآلاف بـ نخبويتهِ التي تلاشتْ أمامها طبقات من العظماء والأبطال والمفكرين والحكام والعلماء الذين دمروا العالم بـ ديماغوجيتهم ونظرياتهم وقوانينهم فجاء لينقذ العالم بـ قلمهِ الذي لا يختلفُ كثيراً عن سكينةِ الطباخِ ولكنَّ الفرق بينهما أن الطباخ يستخدم سكينته لتقشير البصل ... بينما الكاتب يستخدمُ قلمهُ لتقشير العقول ...
والطباخُ يعملُ في صمتٍ ليُشبعَ البطون .. بينما الكاتب لا يُشبعُ إلا غروره ..
ولـ سوءِ حظِّ الطباخِ ... فالعقلُ أكثرُ وفاءً من المعدة ..
وبعد اكتشافي لوجهِ الشبهِ بيني وبين لويس الثاني عشر تأكدتُ بأني أفضلُ منه في نواحٍ عدةٍ فإن كان لويس هوَ النسخة الثانية عشر فأنا نسخةٌ أصليةٌ وإن كان فصامهُ قد جعلَ منهُ ملِكاً على فرنسا فَفِصامي قد جعلَ مني ملكاً على العالمِ وقوانيني وأيدلوجياتي وقناعاتي كفيلةٌ بأن تحفظ عرشي من الانقلاب والثورات وحركات التحرير ..... ورحمَ اللهُ لويساً عرفَ قدرَ عرْشه ..
ولكني قبل وفاتي سأسجلُ اعترافاً فصامياً يتضمنُ حقيقةً مُرّةً جمّلتها بـ شعاراتِ التحريرِ والتنويرِ للوصول إلى سدّةِ الحكمِ ...
وبِشاعريةٍ أكثر سأُعبرُ عن أسفي الشديد على كلِّ عقلٍ جرجرتهُ في متاهاتِ فصاميتي التي عجزتُ عن مداواتها بـ صمتٍ فـ قرعتُ طبولَ الحبِّ لكي يُنصتَ العابرونَ إلى مشروعي المستقبلي لتطوير حياتهم بتقديم حلولٍ ناجعةٍ تقضي على الرتابةِ والمللِ والروتين الذي يعتري حياتهم بـ مهدئاتٍ فكريةٍ تجدُ طريقها بـ سهولةٍ إلى القلوبِ لأنها وبكل بساطةٍ مثيرةٌ للجدل ..
فمنَ الممتعِ أن يُحَضِّرَ المريض رسالة الدكتوراه في تشريحِ العقول وتجريحِ الثوابتِ ولن أكونَ مبالغاً إن قلتُ بأن المتعةَ لا تبلغُ ذروتها من دونِ حقولِ تجاربٍ يُقنّنُ المُشرحُ من خلالها قوانيناً هو نفسهُ لا يصدقها ...
وجلَّ ما أتمناهُ ألا يتساءلُ أحدٌ عن كينونةِ هذه الحقول ...
(( ولو لم أكن كاتباً ... لكنتُ مريضاً نفسياً ))
=-=-=-=-=-=-= الاعترافُ الثالث =-=-=-=-=-=
بحمدِ الله تحررت فلسطين وانتهت مشاكل العراق وعاد السلام إلى السودانِِ واليمنِ وأصلح الله حالَ الحُكّام واتفق الليبراليون و الراديكاليون واتحدتِ السنة والشيعة وتصالح الخليج مع إيران وحسني مبارك مع الإخوان وسوريا مع لبنان وتخلصنا من هيمنة الدول الكبرى علينا وانتهت كل مشاكلنا ومصائبنا وخلافاتنا وعمَّ الأمن والسلام والحب والخير والرفاهية في البلاد العربية ...
******
تنويه ..
السطور السابقة كافيةً لـ قتل ثلثِ الكُتّاب وتشريد ثلثٍ آخر ونقل الثلثِ الأخير إلى مصحات نفسية .. وأسألُ الله أن أكون من الفئةِ الناجية ..
فالجميعُ ينظرُ للمأساةِ بـ عينِ الأسى إلا الكاتب ..فهوَ ينظرُ للمأساةِ بـ عينِ التاجر ..
فـ حدوث كارثةٍ إنسانيةٍ تتوافقُ طردياً مع زيادة المستهلكين لـ أفكاري التي تُساهمُ في تنفيسِ الكُربةِ بِـ ذرِّ الرمادِ على العيونِ حتى تُشاهدَ المأساةَ بعيني أنا فقط ...
فكلُّ النوافذِ المُغلقةِ في وجوهِ الناسِ تفتحها شطحةٌ واحدةٌ من كاتبٍ أريبٍ تتعرّى أمامهُ كلُّ الحواجزِ الضخمة ..
حتى إذا بلغَ العالمُ ذروةَ الإنفعالاتِ والاضطراباتِ تساقطت أسهمُ الحكامِ والزعماءِ والقادةِ والجيوشِ والخطباءِ والأئمة وارتفعتْ أسهمُ الكُتّابِ إلى أعلى درجاتها ...
فالحاكمُ ديكتاتور ، والزعيمُ رجلٌ مغرور ، والقائدُ هشٌّ مكسور، والخطيب بوقٌ مهدور ..
بينما الكاتبُ ذكيٌّ وجسور ..
وبينما العالمُ مُتفرغٌ للبحثِ عن جذورِ الأزمةِ يتفرغُ الكاتبُ للبحثِ عن غصونها حتى يحصدَ ما شاء الله من ثمارها ..
وقد تنتهي الأزمةُ في غضون ساعاتٍ بـ قدرةِ الله ولكن الكاتب سيقضي سنيناً وعقوداً في تحليل أسباب الأزمة وتذكير الناس بـ حيثياتها ونتائجها المؤلمة بـ -مفارقاتٍ ثائرةٍ وساخرة- حتّى لا تتكرر ... وكم سيتألمُ إن لم تتكرر ...
وكم أخشى أن يُصدمَ العالمُ حينما أعترفُ بأنَّ مفكرةَ الكاتبِ العربي عبارةٌ عن مصنعٍ لتخصيبِ المصائبِ وتفريخِ المتاعبِ ولأسبابٍ سلميةٍ بحته ...
ومعَ أنَّي قد نذرتُ الصيامَ عن التخصيبِ والتفريخِ إلى حين خروج يأجوج ومأجوج فـ أفطرَ مرةً واحدة ولكني سأعترفُ وبكل سرورٍ بأني .... أكبرُ كاذبٍ على وجهِ الأرض ... لأني صدقتُ بأنَّ الكذبة المسليةَ أفضلُ بمئةِ مرةٍ من الحقيقةِ المُضجرة...
فكلُّ الكاذبينَ يكذبونَ حينما يخافون ... إلا الكُتّاب ... يكذبون حينما يكتبون ..
من مذكرات .. كاتبٍ كاذب ..منقــــــول
تعليق