العراق.. عملية تحرير أم حرب قذرة؟
لوموند
ترجمة
الأثنين 15-11-2010م
ترجمة: سهيلة حمامة
إن قيمة حياة مدني عراقي واحد ومحرر وإن في أرضه وبين ظهرانيه لا تعادل شيئاً وتبقى تافهة عديمة الجدوى وسط شلال من الشرور والمصائب، فقد وجه الاحتلال العسكري الأميركي فوهته الفاغرة لتبتلع ببرودتها المقززة كل حجر وبشر مع تفاصيل حياتهم اليومية ودقائقها لتطحنها محولة إياها دماءً ومأساة،
ترجمة
الأثنين 15-11-2010م
ترجمة: سهيلة حمامة
إن قيمة حياة مدني عراقي واحد ومحرر وإن في أرضه وبين ظهرانيه لا تعادل شيئاً وتبقى تافهة عديمة الجدوى وسط شلال من الشرور والمصائب، فقد وجه الاحتلال العسكري الأميركي فوهته الفاغرة لتبتلع ببرودتها المقززة كل حجر وبشر مع تفاصيل حياتهم اليومية ودقائقها لتطحنها محولة إياها دماءً ومأساة،
هادرة تضج في كل مفاصل الحياة العراقية رغم محاولة الإعلام الغربي وخاصة الأميركي خنق صوتها الحي وتمويه صورتها بالتمام، لكن موقع ويكليكس كان لهذه التفاصيل بالمرصاد عندما شرع لمدة طويلة بتوثيقها بعد الكشف عن صحتها ليطلقها من ثم تحت مسمى «يوميات حرب عراقية قذرة».
على صفحات الموقع نقرأ هذه السطور السوداء: عصابات أميركية بامتياز ترش الموت الزؤام عبر فوهة بنادقها وأسلحتها المتطورة على حافلة مجهولة الهوية تجتاز ثكناتهم بسرعة قياسية، لتستشهد عائلة بأكملها تتألف من أب وأطفاله الستة وقد تملكهم الذعر والهلع لرؤية والدهم مع عمتهم ينازعون سكرات الموت الرهيب، وبينما يحاول طفل كبير التقاط آلة التصوير الصحافية الخاصة بوالده، تم رشه وإخوته على الفور لتتطاير أعضاؤهم ويتحولوا إلى أشلاء ، بينما عادت العصابة إلى مقرها تحرر بياناً يفيد بأن الأطفال لم يتم مسهم بسوء!!
وهاهم رعاة صغار يقصدون الحقول البعيدة برفقة مواشيهم، تتعقب خطواتهم التعبة طائرة هيلكوبتر أميركية لتجد فيهم بمنظارها التجسسي قوماً إرهابيين وبالأحري متمردين حقيقيين يزرعون الألغام هنا وهناك، لم تصبر عليهم طويلاً فباغتتهم على حين غرة برش مكثف تطايرت معه أعضاؤهم!
ثم تتابع مسيرتها بقصد تعقب حافلة تتجه ناحيتهم، لترشها بعد لحظة صمت قصيرة، والنتيجة تطاير أعضاء جميع الركاب الآمنين بشكل يبعث على التقزز واليأس.
نقول بئس مصير اتفاقية كاتفاقية جنيف عندما وقعت مرتعشة بين أصابع لصوص وعصابات البيت الأبيض عقب أحداث 11 أيلول 2001 ليصار إلى تصنيف العراق في الثاني عشر منه على التو في رأس قائمة الدول «الإرهابية» المستهدفة، علماً أن أميركا دخلت أراضيه بحجة تحرير شعبه من حاكمه الطاغي، صدام حسين، ومنذ ذلك الحين يعاني العراق حرباً لا مثيل لها . لا ننسى أن أميركا المحررة قدمت له العون العسكري في غزوه الكويت صيف 1990. والحقيقة أنها لا تريد سوى القضاء على أسلحة الدمار الشامل في العراق متذرعة أنه يهدد مصالحها في المنطقة والعالم كله وكذلك القضاء كلياً على عراقته وثقافته وقطع شريان الحياة فيه مع الدول العربية المجاورة له للوصول إليهم بطريقة أسهل وأقل كلفة!!
على أي حال تدعي أميركا أنه كان للنظام العراقي علاقة وثيقة مع «القاعدة» إذ تعمل جاهدة للقضاء عليها دون جدوى. كما أن المصادر التجسسية نقلاً عن توني بلير كانت تروج أن تنشر أسلحة دمار شامل خلال 45 دقيقة ممكن تماماً، ومن السهل جداً، بحسب واشنطن، أن يقطع النظام العراقي تسوياته مع «القاعدة» التي كانت منتشرة في أراضيه.
والحقيقة أن عملية تحرير العراق، وتخليصه من أسلحة الدمار الشامل ليست سوى أكذوبة كبرى، إنها عملية غزو عسكري مبرمجة قلباً وقالباً انطلقت منذ آذار 2003، ورغم أن الأكذوبة تلك لم ولن تنطلي على عاقل متبصر للأمور مازالت أميركا تدعي أنها تريد بالفعل تحرير مليون مواطن عراقي مسجون بقفص أعتى طاغٍٍ عرفه التاريخ، وتقديم العون لهم لبناء دولة القانون تحكمها الديمقراطية وتكون بمثابة أنموذج يحتذى به دول الجوار !!!
ودون محاولة الإنزلاق في تفاصيل أخطاء تكتيكية متعددة سياسية، واقتصادية كان قد ارتكبها الغزاة في العراق وهي «أخطاء مأساوية» على أي حال، منها على سبيل المثال، قرار دونالد رامسفيلد، وزير الدفاع السابق، القاضي آنذاك بالسماح بانتشار عمليات النهب والسلب في أرجاء العراق كله، هذه الأخطاء المفجعة يسلم بها في الوقت الراهن وإلى حد كبير الغزاة ولو ضمنياً.
فعلى امتداد البصرة والموصل مروراً ببغداد ، قامت مجموعات بائسة بسلب وحرق المتاحف والبلديات والوزارات والمدارس والمصارف والجامعات والثكنات التي دمرها العدو، وغالباً أمام مرأى ومسمع دوريات التحالف دون أن تحرك ساكناً، الأمر الذي دفع بالطبقة الوسطى هجر البلاد وهم بمئات الآلاف انطلاقاً من قناعتهم التامة أن «المحررين» إنما هم غزاة عاتون يهزؤون من مستقبلهم ومستقبل بلادهم بل ويسعون إلى تحطيمه شر تحطيم .
أجل، إن لوحة الاحتلال الأميركي القاتمة وعمرها ست سنوات تم تصويرها وتوثيقها بقوة ووضوح عجيب من قبل موقع ويكليكس كما يؤكد ذلك كل من عاين الأحداث بأم عينيه.
«احموا وانقذوا أنفسكم أولاً..» كلمة سر غير مكتوبة ولنقل شعاراً أميركياً كان يطلق باستمرار منذ اندلاع الحرب ومع ذلك فقد المحتل أكثر من 45000 جندي وأصيب 39 ألفاً بجروح وأذى نفسي وعقلي شديدين.
والأمر الأشد إيلاماً هو الخسائر العراقية الفادحة بالأرواح وجلهم من المدنيين الأبرياء ضحايا نقاط التفتيش وهدير رشاش السلاح والقصف الجوي المتعمد في أحيان كثيرة، والاعتداءات المكثفة داخل الحافلات وغيرها، وعمليات الانتقام والتصفية والاغتيالات والخطف والسلب، والتعذيب، إضافة للخسائر المريرة في البنية التحتية.
فهل تلك الجريمة المروعة التي نسجت خيوطها بإحكام على مرأى ومسمع من العالم يطلق عليها بعملية «تحرير» أم غير ذلك؟؟!! على المؤرخين أن يبتوا في هذا الأمر.
فإن كانت «قيمة» حرب ما «تعزى إلى كمية الشرور التي تفرزها » حينئذ نقول وللأسف إن الحرب العراقية تربعت على عرش الحروب!!
بقلم باتريك كلود
على صفحات الموقع نقرأ هذه السطور السوداء: عصابات أميركية بامتياز ترش الموت الزؤام عبر فوهة بنادقها وأسلحتها المتطورة على حافلة مجهولة الهوية تجتاز ثكناتهم بسرعة قياسية، لتستشهد عائلة بأكملها تتألف من أب وأطفاله الستة وقد تملكهم الذعر والهلع لرؤية والدهم مع عمتهم ينازعون سكرات الموت الرهيب، وبينما يحاول طفل كبير التقاط آلة التصوير الصحافية الخاصة بوالده، تم رشه وإخوته على الفور لتتطاير أعضاؤهم ويتحولوا إلى أشلاء ، بينما عادت العصابة إلى مقرها تحرر بياناً يفيد بأن الأطفال لم يتم مسهم بسوء!!
وهاهم رعاة صغار يقصدون الحقول البعيدة برفقة مواشيهم، تتعقب خطواتهم التعبة طائرة هيلكوبتر أميركية لتجد فيهم بمنظارها التجسسي قوماً إرهابيين وبالأحري متمردين حقيقيين يزرعون الألغام هنا وهناك، لم تصبر عليهم طويلاً فباغتتهم على حين غرة برش مكثف تطايرت معه أعضاؤهم!
ثم تتابع مسيرتها بقصد تعقب حافلة تتجه ناحيتهم، لترشها بعد لحظة صمت قصيرة، والنتيجة تطاير أعضاء جميع الركاب الآمنين بشكل يبعث على التقزز واليأس.
نقول بئس مصير اتفاقية كاتفاقية جنيف عندما وقعت مرتعشة بين أصابع لصوص وعصابات البيت الأبيض عقب أحداث 11 أيلول 2001 ليصار إلى تصنيف العراق في الثاني عشر منه على التو في رأس قائمة الدول «الإرهابية» المستهدفة، علماً أن أميركا دخلت أراضيه بحجة تحرير شعبه من حاكمه الطاغي، صدام حسين، ومنذ ذلك الحين يعاني العراق حرباً لا مثيل لها . لا ننسى أن أميركا المحررة قدمت له العون العسكري في غزوه الكويت صيف 1990. والحقيقة أنها لا تريد سوى القضاء على أسلحة الدمار الشامل في العراق متذرعة أنه يهدد مصالحها في المنطقة والعالم كله وكذلك القضاء كلياً على عراقته وثقافته وقطع شريان الحياة فيه مع الدول العربية المجاورة له للوصول إليهم بطريقة أسهل وأقل كلفة!!
على أي حال تدعي أميركا أنه كان للنظام العراقي علاقة وثيقة مع «القاعدة» إذ تعمل جاهدة للقضاء عليها دون جدوى. كما أن المصادر التجسسية نقلاً عن توني بلير كانت تروج أن تنشر أسلحة دمار شامل خلال 45 دقيقة ممكن تماماً، ومن السهل جداً، بحسب واشنطن، أن يقطع النظام العراقي تسوياته مع «القاعدة» التي كانت منتشرة في أراضيه.
والحقيقة أن عملية تحرير العراق، وتخليصه من أسلحة الدمار الشامل ليست سوى أكذوبة كبرى، إنها عملية غزو عسكري مبرمجة قلباً وقالباً انطلقت منذ آذار 2003، ورغم أن الأكذوبة تلك لم ولن تنطلي على عاقل متبصر للأمور مازالت أميركا تدعي أنها تريد بالفعل تحرير مليون مواطن عراقي مسجون بقفص أعتى طاغٍٍ عرفه التاريخ، وتقديم العون لهم لبناء دولة القانون تحكمها الديمقراطية وتكون بمثابة أنموذج يحتذى به دول الجوار !!!
ودون محاولة الإنزلاق في تفاصيل أخطاء تكتيكية متعددة سياسية، واقتصادية كان قد ارتكبها الغزاة في العراق وهي «أخطاء مأساوية» على أي حال، منها على سبيل المثال، قرار دونالد رامسفيلد، وزير الدفاع السابق، القاضي آنذاك بالسماح بانتشار عمليات النهب والسلب في أرجاء العراق كله، هذه الأخطاء المفجعة يسلم بها في الوقت الراهن وإلى حد كبير الغزاة ولو ضمنياً.
فعلى امتداد البصرة والموصل مروراً ببغداد ، قامت مجموعات بائسة بسلب وحرق المتاحف والبلديات والوزارات والمدارس والمصارف والجامعات والثكنات التي دمرها العدو، وغالباً أمام مرأى ومسمع دوريات التحالف دون أن تحرك ساكناً، الأمر الذي دفع بالطبقة الوسطى هجر البلاد وهم بمئات الآلاف انطلاقاً من قناعتهم التامة أن «المحررين» إنما هم غزاة عاتون يهزؤون من مستقبلهم ومستقبل بلادهم بل ويسعون إلى تحطيمه شر تحطيم .
أجل، إن لوحة الاحتلال الأميركي القاتمة وعمرها ست سنوات تم تصويرها وتوثيقها بقوة ووضوح عجيب من قبل موقع ويكليكس كما يؤكد ذلك كل من عاين الأحداث بأم عينيه.
«احموا وانقذوا أنفسكم أولاً..» كلمة سر غير مكتوبة ولنقل شعاراً أميركياً كان يطلق باستمرار منذ اندلاع الحرب ومع ذلك فقد المحتل أكثر من 45000 جندي وأصيب 39 ألفاً بجروح وأذى نفسي وعقلي شديدين.
والأمر الأشد إيلاماً هو الخسائر العراقية الفادحة بالأرواح وجلهم من المدنيين الأبرياء ضحايا نقاط التفتيش وهدير رشاش السلاح والقصف الجوي المتعمد في أحيان كثيرة، والاعتداءات المكثفة داخل الحافلات وغيرها، وعمليات الانتقام والتصفية والاغتيالات والخطف والسلب، والتعذيب، إضافة للخسائر المريرة في البنية التحتية.
فهل تلك الجريمة المروعة التي نسجت خيوطها بإحكام على مرأى ومسمع من العالم يطلق عليها بعملية «تحرير» أم غير ذلك؟؟!! على المؤرخين أن يبتوا في هذا الأمر.
فإن كانت «قيمة» حرب ما «تعزى إلى كمية الشرور التي تفرزها » حينئذ نقول وللأسف إن الحرب العراقية تربعت على عرش الحروب!!
بقلم باتريك كلود
تعليق