بسم الله الرحمن الرحيم
عن أبي تميم بن أوس رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (الدين النصيحة ، قلنا : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ، ولكتابه ، ولرسوله ، ولأئمة المسلمين وعامتهم ) رواه البخاري و مسلم .
و من هذا المنطلق أكتب هذا الموضوع و هو نصيحة لاخوانى الأحباء و لعلى أتوقع ما سيجلبه على من انتقاد اذ أن الأمر قد لا يقع على هوى الكثيرين من الذين يتشبثون بأى بارقة أمل تعيد لنا بعضا من ما ضاع منا من العز فى زمن كسا فيه الذل و الانكسار أعتاب الأمة الاسلاميه.
و أضع للموضوع عدة محاور مرتبه على المراد منه:
مقاصد رسالات الرسل و الأنبياء و بالتالى مقاصد وارثى الدعوه من خلفهم.
لمحات على شريعة الجهاد فى الاسلام.
حرمة الدماء و الأعراض.
تسليط الضوء على أفعال جماعات من المسلمين فى ضوء ما سلف من النقاط.
خلق الله تعالى الخلق لعبادته سبحانه و تعالى و هى الوظيفة الأبديه للخلق أجمعين و لها خلق الله بنى البشر و ان كانت العباده فى حق البشر تختلف كثيرا عما هى فى سائر المخلوقات الأخرى اذ ان المخلوقات جميعا تعبد الله تعالى عبادة جبليه فطروا عليها دون وجود وازع للعصيان فقال الله تعالى:
أما فى حالة بنى آدم فالأمر يختلف اذ أن الله ألهم النفس البشرية الخير و الشر و ترك لنا حرية الاراده فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر لذا فالعبودية لله عند بنى آدم هى عبودية اختياريه, لذا لم يجزىء الكافر المكره على الاسلام اسلامه و لم يضر المسلم المكره على الكفر نطقه به انما العبرة بما تحوى الصدور من الاعتقاد و لأجل هذا أرسل الله الرسل و خلق الجنة و درجاتها و خلق النار و دركاتها.
اذن فعلاقة الانسان بين ربه تتلخص فى حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم :
عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - أنه قال:(كنت رديف النبي - صلى الله عليه وسلم - على حمار، فقال لي: (يا معاذ، أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟) فقلت: الله ورسوله أعلم، قال: (حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاًَ، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً) فقلت: يا رسول الله، أفلا أبشّر الناس؟ قال: (لا تبشروهم فيتّكلوا). متفق عليه
فوظيفة الرسل الاولى و من تابعهم من الدعاة و المؤمنين هى ارشاد الخلق الى عبادة الله تعالى و توحيده و أن يدفعوا بسير البشريه بعيدا عن النار فكل كافر يدخل الاسلام فهو مكسب عظيم لهم و كل نفس تتفلت منهم الى النار فهى حسرة و خسارة لهم.
و من هذا المنطلق نأتى لنناقش مفهوم الجهاد فى الاسلام و الأمة فى هذا بين طرفين و وسط أسأل الله أن يجعلنا من أهل الوسط, فمن خلال مفهومنا لرسالة الاسلام التى بعث بها الرسل أجمعين فان الله شرع الجهاد رحمة للكافرين أنفسهم و أعنى فى هذا جهاد الطلب.
قد يقول القائل كيف يكون الجهاد و الذى يتضمن القتل و سفك الدماء رحمة لهؤلاء؟
انما شرع الجهاد ليس لاستباحة دماء و أعراض و أموال الأمم, و لكنه شرع لازالة كل عقبة تحول بين المشركين و بين معرفة طريق نجاتهم من عذاب الله فى الآخره و سبيل راحتهم و فلاحهم فى الدنيا لذا فان مرحلة القتال لم تكن تأتى الا فى آخر مراحل الطلب و مقيده بضوابط شديده تحافظ على الدماء و الأعراض فاذا اردنا تشبيه مرحلة القتال فى الجهاد فهى كمبضع الجراح الذى يستأصل الورم الخبيث دون أن يضر بباقى أعضاء الجسم.
هذا و قد علمنا الغاية العظمى لحملة هذا الدين و وارثيه من بعد الأنبياء و الرسل فكان من المنطقى أن تكون أول مراحل الجهاد هى الدعوة الى الاسلام سلميا ففى غزوة خيبر قال على بن أبى طالب حين تسلم الراية من رسول الله صلى الله عليه و سلم (أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟) فرد النبى عليه الصلاة و السلام (انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم الى الاسلامو اخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيهم فوالله لأن يهدى الله بك رجلا و احدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم)-رواه البخارى- فان هم أجابوا الى الاسلام فهذا خير عظيم و ان هم رفضوا هذا فيكون الجزية و يدخلوا فى أمان المسلمين و يكون للمسلمين حرية الدين و الدعوة فى بلادهم فان هم أبوا الا الصد عن سبيل الله فهنا يأتى القتال.
و كما أسلفت فان السيف الاسلامى جاء كمبضع الجراح رحمة للمريض باستئصال العضو الفاسد منه فقد كان المستهدف فى القتال بالقتل كل محارب أو محرض على قتال من المشركين الذين خرجوا ليمنعوا نور الاسلام أن يضىء قلوب من خلفوا من قومهم, و لهذا كان النبى يوصى الجيوش و السرايا بهذا فقال عليه الصلاة و السلام (اغزوا باسم الله و فى سبيل الله من كفر بالله, لا تغدروا, و لا تغلوا, و لا تقتلوا وليدا و لا امرأة, و لا كبيرا فانيا و لا منعزلا بصومعته, و لا تقطعوا نخلا و لا شجرة و لا تهدموا بناء)-مسلم و أصحاب السنن بألفاظ مختلفة- , عن رباح بن الربيع – رضى الله عنه – قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فى غزوة فرأى الناس مجتمعين على شىء فبعث رجلاً فقال : أنظر علام اجتمع هؤلاء ؟ فقال : على امرأة قتيل . فقال : ما كانت هذه لتقاتل . قال : و على المقدمة خالد بن الوليد قال : فبعث رجلاً فقال : قل لخالد : لا يقتلن امرأة ولا عسيفاًرواه أبو داود فى السنن.
و ملخص ما سبق أن الهدف الأسمى لكل مسلم هو نجاة كل بشرى من النار و تختلف الوسائل فى تحقيق هذا الهدف من جهاد و دعوة على ألا تتناقض الوسيلة مع أهداف الغاية و هنا مربط الفرس.
نأتى الى لمحة من حرمة الدماء و الأعراض فى الاسلام فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لايحل دم امريء مسلم يشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، إلا بإحدى ثلاث : الثيّب الزاني ، والنفس بالنفس ، والتارك لدينه المفارق للجماعة )- رواه البخاري و مسلم- و حد الردة هنا لا يطلق بالجملة هكذا على جماعة من الناس خواصهم و عوامهم و لا يكون الافتاء بردة مسلم الا للعلماء بعد انتفاء الموانع التى قد يعذر بها من فعله, أما بالنسبة لدماء الكفار فقد ذكرنا أن القتل لم يجز الا فى حالة الحرابه أما ما يطلق عليهم بالمصطلح المعاصر (المدنيين) فلا, و هنا نقسم الكفار الى أربعة أقسام :
القسم الأول: كافر ذمى , و هو الذى يعيش بين المسلمين بينه يدفع الجزية و لا يعتدى على الاسلام و لا على المسلمين.
القسم الثانى: كافر معاهد و هم جماعة من الناس لا يدينون بالاسلام و تم أخذ العهد بينهم و بين المسلمين على كف الايدى و حقن الدماء فهم على عهدهم اذا لم ينقضوه.
القسم الثالث: كافر مجار أو مؤمن و هو الذى أعطى له أحد المسلمين الأمان أو نزل فى جوار أحد المسلمين فلا يجوز لمسلم آن يخفر ذمة أخيه.
القسم الرابع: كافر محارب و هذا يقاتل و يقتل.
و آتى أخيرا الى السبب الرئيس لكتابة هذا الموضوع, ألا و هو اعجاب بعض من الاخوة بتنظيم القاعده رغم ما يقوم به من عمليات خارجيه أو داخليه بها تفجير و قتل للمدنيين بلا تمييز سواء مسلمين أو كفارا و لربما يكون عدد القتلى من المسلمين كثير جدا فى مقابل بعض و لا أحد من المحاربين من الكفار و لعل أمثلة هذا حادثة فندق باكستان, السفارة الأمريكية, استهداف السياح فى مصر كحادثة الاقصر, برج التجارة العالمى, حادثة الكنيسة العراقية, و هذا ما أذكر من حوادث كبيره و هذا غير العديد من التفجيرات لاستهداف بعض الكفار المحاربين و سط مدنيين مسلمين أو غير مسلمين.
و فى ضوء ما ذكرت سابقا فاننا نرى استباحة للدماء المعصومه فمنها دماء مسلمين و منها دماء ذميين و منها دماء معاهدين و منها دماء مؤمنين, أهذا يدعوا الى الفخر عباد الله؟؟؟
بالنسبة لدماء المسلمين فنحن نعلم حكمها و بالنسبة لدماء المدنيين غير المسلمين فما كان هذا من مقاصد نبى الرحمة عليه الصلاة و السلام فبدلا من أن يصير هؤلاء دعاة و امثلة حية لعظمة الدين فى السلم و الحرب صاروا زبانية يقتلون الناس على كفرهم فيدخلون جهنم, و منفرين يعطون لأعداء الدين فرصة مثالية لكى يشوهوا وجه الاسلام النضر فصار الاسلام فى نفوس كثير من المشركين منجل يسعى لحصد رقابهم لا يميز بين رجال و لا نساء و لا أطفال و لا شيوج لا أن يكون فى نفوسهم كنسائم الربيع التى تذهب عن الناس قيظ الصيف.
لا أنكر ما يهديه المجاهدين للاسلام فلا أغلى من اهداء المهج و الأموال لنصرة هذا الدين ولكن لعل الصورة فى هذه البلدان ضبابية بعض الشىء فيتعسر علينا تمييز وجوه الأشخاص, ترى هل هؤلاء المجاهدين الذين يبذلون الغالى و الرخيص لدفع الكفار عن بلاد المسلمين هم هم من يستهدفون المسلمين و النساء و الأطفال و الشيوخ؟
لا أدرى فالصورة كما قلت ضبابية -بالنسبة لى على الأقل- و لكنى أرى جميع هذه الأفعال حمقاء, دعنا نرجع بالزمن الى الخلف, تسع سنين و نرى تلك الطائره التى تصطدم ببرج التجارة العالمى, ترى هل كان فعلا من يقودها هو رجل من تنظيم القاعده؟ هل هذا الأمر كان من فعل القاعدة أصلا أم أنه من فعل طرف خفى و ترى ما مصلحة القاعدة فى أن تنسبها الى نفسها اذا كان الأمر كذلك؟
ان ما يجعلنى أن أرجع الى هذا الحدث هو أنه كان ذريعة ممتازة لأمريكا لكى تقدم على حرب قتلت فيها مليونى مدنى مسلم و دمرت فهيا بلدين مسلمين و بعدها أسلمتهم الى المنافقين لعيثوا فيها الفساد, هل كان بن لادن أحمقا حين أقدم على تلك الضربة كما ادعى؟ و هذا يجعلنى أذكر حادثة سقوط الطائرة الاماراتيه القريب حيث نشر تنظيم القاعدة بيانا يعلن مسؤليته عن الحادث و الأعجب أن تحقيقات الاماراتيين نفت تماما قبل اعلان القاعدة و بعده أن يكون هذا حادث ارهابى, ترى ما مصلحة القاعدة فى نسب تلك الحوادث اليها؟
هذا ما يجعلنى أن أوجه عدة أسئلة:
ما هو تنظيم القاعدة حقيقة و ما دوره الحقيقى فى القتال الدائر فى البلدان الاسلامية؟
هل المجاهدين الذين يجاهدون الاحتلال هم من القاعدة أو ليسوا منها أم مجرد منتسبين اليها اسما و ليس منهجا؟
متى كان تنظيم القاعدة بهذا الحجم الخزعبلى اذ غفل عنه جميع أجهزة الشرق و الغرب الأمنية, هل كل هؤلاء مساطيل؟
هل كان حادث سبتمبر على الامريكان صدمة أم فرصة, و هذا يقود الى سؤال آخر, فى ظل موقف الكنيسة الارسوذكسية الحرج أمام المصريين و أمام المسلمين و ايضا أمام الغربيين, هل حادث الكنيسة العراقية هو حقا تهديد للأقباط النصارى أم ثغرة يعادلون من خلالها موقفهم و يحصدون المزيد من التعاطف و المكاسب من الشرق و الغرب, و هل كان هذا مقصودا؟؟؟
ترى هل يمكن أن يكون حادث الكنيسة العراقية ذريعة لصالح الأرسوذكس كما كان حادث برج التجارة ذريعة لصالح الأمريكان؟
هل أثرت عمليات القاعدة على صورة الاسلام فى الغرب سلبا أم ايجابا, ترى هل التأثير مقصود؟
ما هى المكاسب التى حققتها القاعدة للاسلام و ما هى البلايا التى جلبتها عليه؟
و أخيرا . . .
أين هو اسامة بن لادن؟ هل هو الرجل الخفى أم أن أجهزة الأمن و الدول الغربية تعج بالبلهاء ؟ ؟ ؟
ان ما كتبته من رؤى سياسية هى تطلعات شخصية فى ضوء ما أرى من الأحداث قد تصيب او تخطىء, و ما كتبت من أحكام شرعية هو فى ضوء علمى القليل بالدين فهو يحتمل التصويب, و أرحب جدا بتبادل وجهات النظر . . .




تعليق