بسم الله الرحمن الرحيم
ماذا ستفعل في هذه العشر
لعمرو محمد صالح
أيها الأحبة في الله أنتم على موعد مع استقبال خير أيام هذه الدنيا ، على موعد مع استقبال الأيام المعلومات والمعدودات ، على موعد مع استقبال أياماَ العمل فيها أحب من الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء ، على موعد مع استقبال الأيام التي تجمع بين أمهات العبادة من صلاة وصيام وحج وصدقة ، على موعد مع استقبال يوم التروية ..على موعد مع استقبال يوم عرفة هذا اليوم الذي في صيامه تكفير ذنوب سنة مضت وسنة بقيت ، اليوم الذي يكثر فيه عتق عباده من النار ، وأفضل أيام الدنيا ..يوم النحر.
ماذا ستفعل في هذه الأيام ؟
فماذا أعددت لهذه الأيام ؟.....
مفتاح الفوز بهذه الأيام ، فليس ثمة فوز لمن دخل هذه الأيام دون التوبة إلى الله تعالى ، فقد قال تعالى :" وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ." ، فلا فلاح ولا فوز إلا من وراء التوبة إلى الله تعالى .
توبة من الذنوب:فلا يصح لك أن تدخل وأنت تقارف الذنوب ، وتقول :"رب اجعلني من الفائزين .. لا وإنما عليك والتخلية من الذنوب عن طريق التوبة .. فعلى من يدخن الإقلاع ، ومن يستمع الأغاني أن يتوب ، ومن تلبس التبرج أن تتخلص ، وعلى سيء الخلق أن يعود ..وبغير ذلك فإن الحصول على خير هذه الأيام أمر مطعون فيه .
توبة من إهدار الوقت : فهذه الأيام من الوقت ومن يهدر الوقت ويضيعه فإنه يضيع هذه الأيام .
توبة من آفات اللسان واطلاق البصر : فهي أمور تهدم ما قد بني ، وتفرق ما قد جمع من حسنات
· وقفة مع الإخلاص .
من أجل الأمور إن لم يكن أجلها على الإطلاق التي يجب معالجتها في هذه الأيام ، الإخلاص إلى الله تعالى ، فما يريد الله منك ملء أحد عملاً من دون أن يكون لوجهه المبارك أو طلب لرضاه المرجو ..لا وإنما قد شكر الله صنيع بغي سقت كلباَ ..فغفر لها ، وصاحب الرغيف يوزن رغيفه الذي تصدق به أمام سبعين سنة عصى الله فيها فترجح كفة الرغيف ، وعلى العكس أقوام قد أتوا إلى الله بجبال من الحسنات ، ثم تتطيش أمامهم لأنهم لم يريدوا بها وجه الله .." وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ..."
· وقفة مع الصلاة .
إلى من يترك الصلاة : من العجيب أن يتكلم من يترك الصلاة عن طلب فضل هذه الأيام دون أن يتوب من ترك الصلاة ..فسبحان الله !
يترك قرة عينا المصطفى ، وثاني أركان الإسلام ، وأحب الأعمال إلى الله ، وعمود الدين ، وآخر وصايا نبينا ...ثم يريد الفوز بهذه الأيام ..لا فما هذا بأمر رشيد ، وإنما إن أراد بصدق فعليه أن يتوب إلى الله من هذا الذنب الكبير ، الذي هو عند الله أشد من القتل والزنا وشرب الخمر .
إلى من يصلي : عليك ومعالجة صلاتك ، كإدراك تكبيرة الإحرام ، والخشوع في الصلاة ، والصلاة في الصف الأول ، والسنن الرواتب ما إلى ذلك .
من يصلي صلاة ويترك صلاه : فهذا رجل لم يستفيد من صلاته شيء ، فعليك والاستقامة والمداومة ، والله يقول :" فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون ."
· وقفة مع القرآن :
كلام ربنا ، هل سنسترسل في الإعراض عنه ، وهجره وتركه وعدم تنفيذ إرشاداته والوقوف عند حده ، فهذه الأيام يعد العمل فيها مضاعف ،وما أكثر الحسنات التي تأتي من وراء قراءة القرآن الكريم ، فقد قال النبي : من قرأ حرفاً من كتاب فله به حسنه والحسنة بعشر أمثالها ،فلا أقول آلم حرف ولكن ألفٌ حرف ولامٌ حرف وميمٌ حرف ."
· وقفة مع الصيام :
فالصيام من أعظم العبادات ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول :"من صام يوماً في سبيل الله باعد الله بينه وبين النار سبعين خريفاً ." ، فالصيام ذو فضل كريم ، ولكن قد استشكل على الناس أمر مشروعية الصيام في هذه الأيام ، وقد قالت أم المؤمنين عائشة :"ما رأيت النبي صائماً العشر قط."رواه مسلم ، قال النووي :" قال العلماء: هذا الحديث مما يوهم كراهة صوم العشرة، والمراد بالعشر هنا: الأيام التسعة من أول ذي الحجة، قالوا: وهذا مما يتأول فليس في صوم هذه التسعة كراهة، بل هي مستحبة استحباباً شديداً لا سيما التاسع منها ."
وقد روى الإمام أبو داود رحمه الله وغيره : عن بعض أزواج النبي قالت :"كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر: الاثنين من الشهر والخميس ." وقال ابن القيم :"ويقدم المثبت على المنفي "
ومن جميل ما قال الإمام الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار :"وأما ما أخرجه مسلم عن عائشة أنها قالت ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صائماً في العشر قط) وفي رواية (لم يصم العشر قط) فقال العلماء المراد أنه لم يصمها لعارض مرض أو سفر أو غيرهما أو أن عدم رؤيتها له صائماً لا يستلزم العدم على أنه قد ثبت من قوله ما يدل على مشروعية صومها كما في حديث الباب فلا يقدح في ذلك عدم الفعل ."
كما نقول أن السنة ليست فعلية فحسب ، وإنما قد تكون قوليه ، وقد حث النبي على العمل الصالح في هذه الأيام ولا ريب أن الصيام من أفضل الأعمال الصالحة .
· وقفة مع الذكر :
فإن من أكبر الأعمال الجالبة للحسنات ذكر الله تعالى ، والذكر ألذ ما في الحياة ، وذكر الله في هذه الأيام من الأمور التي حث عليها النبي صلى الله عليه وسلم ،وقد روي عن النبي :"ما من أيام أحب إلى الله تعالى العمل فيهن من هذه الأيام فأكثروا فيها من التكبير والتهليل والتسبيح." ،والذكر من أسهل العبادات ، فعن جابر رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من قال سبحان الله العظيم وبحمده غرست له نخلة في الجنة " رواه الترمذي .
وعن عبد الله رضي الله عنه قال عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لقيت إبراهيم ليلة أسري بي فقال : " يا محمد أقريء أمتك منّي السلاموأخبرهم أن الجنة طيبة التربة ، عذبة الماء ، وأنها قيعان ، وأن غراسهاسبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر " رواه الترمذيوالطبراني وزاد " ولا حول ولا قوة إلاّ بالله."
· وقفة مع الصدقة .
وقد قال تعالى :" مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَأَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَسَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَنيَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ."البقرة
والملائكة تدعو لمن ينفق " اللهم أعط منفقاً خلفا"، وتداوي المرضى " داووا مرضاكم بالصدقة " ، وتنجي من غضب ربك ، ومحو للذنوب ، وحماية للأعراض ، وظل لصاحبها يوم القيامة ، وسبيل لحسن الخاتمة ، وستر من النار ، بل ومن عجيب ما قرأت عن فض الصدقة هذا الحديث :"من فك رهان ميت فك الله رهانه يوم القيامة" أي من سد دين ميت ، ونصر لك على الشيطان الذي يعدك بالفقر إذا أنفقت فمخالفتك للشيطان نصر عليه .
· وقفة مع قيام الليل
شرف المؤمن ، في هذه الأيام لا بد أن يكون لليل منك نصيب ، لابد أن تقوم إلى مناجاة ربك حيث تخلو بحبيبك ، فتشكي له همومك وأحوالك ، وأقرب ما يكون الله من عبده في ثلث الليل الأخر ، فهذه الأيام بشرفها وعلو شأنها وفضلها ..مدعاة لك أن تجتهد لتحقيق قيام الليل .
· وقفة مع زيارة المرضى
لا بد في هذه الأيام أن تحرص على الإتيان بهذا الخير الكبير الذي يكون وراء زيارة المرضى ، وما أكثرهم ..فاحرص على زيارة على الأقل في اليوم مرضين ، تذهب لهم حاملاً لهم البشرى بالخير وبرحمة الله جل وعلا ، فتجمع بين زيارة مريض وإدخال السرور على قلب المسلم .
وتذكر أنك لو زرت صاحبك المريض قول الله تعالى في الحديث :" أما لو زرته لوجدتني عنده ." فهذا فضل قل أن تجد له نظيراَ .
· وقفه مع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
وهذا باب كبير من أبواب الخير ، فقد صح أن النبي قال :"من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهمشيئا , ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلكمن آثامهم شيئا ."رواه مسلم
وروى الطبراني في الأوسط :"نضر الله وجه امرئ سمع مقالتي فحفظها ووعاها وبلغها من لم يسمعها فرب حامل فقه لا فقه له , ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه."
· وقفة مع الحسنات .
وعليك أن تحرص على الإتيان بالحسنات قاصية أو دانية ، شاردة أو وارده ، ولا تحقرن من المعروف شيئاً ، فكثير من الناس في هذه الأيام ..لا أدري عله يستخسر أن يلقي السلام على أخيه ، والسلام جالب لحسنات كثيرة ....فاحرص على جمع الحسنات .
وأدعو الله تعالى أن يجعلني وإياك من الفائزين بخير هذه الأيام وأن يرزقني وإياك الصدق والإخلاص في القول والعمل .....آمين .
سبحانك اللهم وبحمد ك ..لا إله إلا أنت ..أستغفرك وأتوب إليك .
تعليق