إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

جلسة مع النفس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • جلسة مع النفس

    محاسبة النفس
    الحمد لله والصلاة و السلام على رسول الله r وبعد :
    فنتوقف اليوم مع حق مهدور في هذه الأيام قل من الناس من يؤديه ، ألا وهو حق النفس ....فما هو يا ترى حق النفس ؟
    هل حق النفس أن أمتعها في الدنيا بما في الدنيا من ملذات وشهوات محرمة ؟ ، هل حق النفس أن أتركها تفعل ما تشاء في أي وقت وبأي شروط ؟
    لا والله ما كان هذا أبدًا حق النفس ، وإنما حق نفسك عليك أن توصلها إلى أن يرضى الله عنك ، ولا يكون ذلك إلا إذا كنت أنت قائدها تعمل فيها كتاب الله وسنة رسوله ، تأمرها بالصالحات فتطيع ، وتلزمها بترك المنكرات ، نعم حق النفس أيها الأفاضل هو .. محاسبتها !!
    حق النفس محاسبتها
    نتوقف اليوم بحول الله وقوته للتذكير بحق جليل وجب على كل إنسان أن يأديه ،ألا و هو حق النفس ، فاعلم أيها الأخ الحبيب أن الله جعل لنفسك عليك حقًا ستسأل عنه يوم القيامة ، هذا الحق هو إنقاذ نفسك من النار ، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }[ التحريم : 6 ] .
    فالنفس لها حق كفله الله لها عليك ألا وهو محاسبتك لها وإلزامها كتاب الله وأوامره لتقيها حر النار وتنجيها من عذاب الله تعالى .
    تعريف محاسبة النفس
    قال الماوردي في معنى المحاسبة: (أن يتصفّح الإنسان في ليله ما صدر من أفعال نهاره، فإن كان محموداً أمضاه وأتبعه بما شاكله وضاهاه ، وإن كان مذموماً استدركه إن أمكن وانتهى عن مثله في المستقبل).
    وأما الحارث المحاسبي فقد عرّفها بقوله: (هي التثبّت في جميع الأحوال قبل الفعل والترك من العقد بالضمير، أو الفعل بالجارحة؛ حتى يتبيّن له ما يفعل وما يترك، فإن تبيّن له ما كره الله ـ عز وجل ـ جانبه بعقد ضمير قلبه، وكفّ جوارحه عمّا كرهه الله U ومَنَع نفسه من الإمساك عن ترك الفرض ، وسارع إلى أدائه ) .
    وقال ابن القيم رحمه الله : (هي التمييز بين ما له وما عليه (يقصد العبد) فيستصحب ما له ويؤدي ما عليه؛ لأنه مسافرٌ سَفَرَ من لا يعود). وقال (فمحاسبة النفس هو نظر العبد في حق
    الله عليه أولا ثم نظره هل قام به كما ينبغي ثانياً) .
    قال شيخنا أبو إسحاق الحويني : هاتين الكلمتين مثل الشجرة لها أصل وفرع أما الأصل فهو النفس فهل تعرف شيئا عننفسك ؟ وهل تعرف شيئا عن النفس عموما ؟
    أما النفس فهي ظلومة جهولة هذا هو أصل خلقتها ويزول ظلمها وجهلها بقدر ما يدخل عليها نورالوحي ، فإذا كانت ظلومة جهولة فلن تأمرك بخير أبدا: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} ولنلاحظ في هذه الآية الكريمة : ( إنّ،واللام ) حرفان تأكيد أتى مؤكدان في ثلاث كلمات فقط ، أي : هي هي لا يأمربالسوء غيرها إلا ما رحم ربى وعصمها ونفعها بما أُنزل على r.
    يقول الشاعر :
    والظلم من شيم النفوس فإن تجد ذا عفة فَلِعِلة
    فالإنسان ظالم بطبعه لكنك تجد من هو عفيفا حليما متسامحا ... لماذا ؟
    لعلةما ، فالعلة إما أن تكون :
    تقوى وخشية من الله وهى أعظم العلل.وإما أن يكون جبنا وخوفا ممن هو أقوى منه فأظهر العفة وأظهر المسامحة .وإما أن يكون تملقا ونفاقا لتحصيل مصالح .....وإما وإما عد من العلل ماشئتلكن النفس في الأصل ظالمة والحلم طارئ وقد وصف الله U المرء بهذين الوصفين اللازمين فقال تعالى : { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [ الأحزاب : 72 ] .
    هكذا خُلِق قال تعالى: { وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ } [ النحل : 77 ] .
    ثم يُدْخِل عليه من أنوار الوحي وكلام النبيr ما يزيل هذاالجهل .
    ماهو الكلب العقور؟
    إذا نفسك التي بين جنتيك كلبٌ عقور ، والكلب العقور : هو الذي يعضيقول العتابي : مررت بديل راهب فناديته : أيها الراهب ..أيها الناسك ، فلميرد علي أحد فقلت : يا صاحب الديل فخرج إليه وقال : ماذا تريد ؟ قال : ناديت عليكمرة فلم تجيبني ، قال : لأنك ناديتني بغير اسمي فأنا لست راهبا ولست ناسكا أنا كلبٌعقور حبست نفسي في هذه الصومعة كي لا أعقر الناس ، فنفسك التي بين جنبيك كالكلبالعقور متى تركت لها الحبل على الغارب عقرت الناس جميعا فتخيل أنت أن لديك كلب عقورإذا لم تربطه في حبل أو عمود آذيت الناس جميعا نفسك كذلك ،أتترك هذه النفس هكذا ؟ هذه هي النفسالتي أهملت النظر إليها وأهملت رعايتها وأهملت محاسبتها ، ولذلك لو لم ينتبهالعبد مضى إلى الله U خاسرا ، إذا لابد من محاسبة هذا الكلب العقور .كثير من الناس يريد محاسبة نفسه ولكنه لا يدرى من أين يبدأ ولا من أينينتهى ولا كيف يرتب أفكاره وإذا لم يرتب المرء أفكاره لا يستطيع أن يقول كلامامرتبا معقولا مفهوم .ما معنى المحاسبة ؟أولا : دليلها من القرآن : قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [ الحشر : 18] .وقال تعالى: { وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ } [ القيامة : 2] .
    قال الحسن البصري رحمه الله : ( لا تجد المؤمن إلا معاتبا نفسه،إن تكلم بكلمة قال لها : ماذا أردتى بهذه الكلمة ؟ أردتى وجه الله أم أردتى الناس ؟وان أكل الأكلة قال لنفسه : ماذا أردتى بهذه الأكلة ؟ تأكلي وتشربي وتصحي لتتم لكِالشهوة ؟ أم لتتقوى على عبادة الله بصحة ؟ وإذا شرب الشربة .......وهكذا
    أما العاجز فيمضى قُدُماً لا يعاتب نفسه ، وهذه النفس اللوامة لا تدعالمؤمن يهنأ نشئ دائما تعاتبه ماذا فعلتي ؟ أفيرضيك هذا ؟ كيف تقولي لربك غدا إذالقيتيه ؟ أكسرت قلب هذه ؟ وظلمت هذه ؟وغششت هذه ؟ لا تدعه ولا يستطيع أن يناممنها ولا يستريح ..... انتهى
    الله يأمر بمحاسبة النفس
    فإن الله أمر عباده بمحاسبة النفس وحذرهم من مغبة إتباع النفس في شهواتها وملذاتها ، قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [ الحشر : 18_ 19 ] .
    قال الإمام ابن كثير : وقوله: { وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ } أي: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وانظروا ماذا ادخرتم لأنفسكم من الأعمال الصالحة ليوم معادكم وعرضكم على ربكم، { وَاتَّقُوا اللَّهَ } تأكيد ثان، { إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } أي: اعلموا أنه عالم بجميع أعمالكم وأحوالكم (2) لا تخفى عليه منكم خافية، ولا يغيب عنه من أموركم جليل ولا حقير.
    وقال (3) { وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ } أي: لا تنسوا ذكر الله فينسيكم العمل لمصالح أنفسكم التي تنفعكم في معادكم، فإن الجزاء من جنس العمل؛ ولهذا قال: { أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } أي: الخارجون عن طاعة الله، الهالكون يوم القيامة، الخاسرون يوم معادهم، كما قال: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ } [المنافقون : 9] .
    وقال تعالى : { فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [ النازعات : 37 _ 41 ] .
    وقال تعالى : { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [ الشمس : 7 _ 10]
    الصالحون ومحاسبة النفس
    قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ( حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوها قبل أن توزنوا ، فإن أهون عليكم في الحساب غداً أن تحاسبوا أنفسكم اليوم ، وتزينوا للعرض الأكبر ، يومئذ تعرضون لا
    تخفى منكم خافية ) .
    عن أنس بن مالك t ، رضي الله عنه قال : سمعت عمر بن الخطاب t يوما وخرجت معه حتى دخل حائطا فسمعته يقول وبيني وبينه جدار وهو في جوف الحائط : ( عمر بن الخطاب أمير المؤمنين بخ والله لتتقين الله ، ابن الخطاب أو ليعذبنك )
    وقال الحسن: لا تلقي المؤمن إلا بحساب نفسه: ماذا أردت تعملين؟ وماذا أردت تأكلين؟ وماذا أردت تشربين؟ والفاجر يمضي قدماً لا يحاسب نفسه.
    وقال الحسن: إن العبد لا يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه، وكانت المحاسبة همته.
    وقال ميمون بن مهران: لا يكون العبد تقياً حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه، ولهذا قيل: النفس كالشريك الخوان، إن لم تحاسبه ذهب بمالك .
    وكان الأحنف بن قيس يجئ إلى المصباح ، فيضع إصبعه فيه ثم يقول : حس يا حنيف ، ما حملك على ما صنعت يوم كذا؟ ما حملك على ما صنعت يوم كذا ؟
    عن سفيان بن عيينة ، يقول : قال إبراهيم التيمي : ( مثلت نفسي في الجنة ، آكل ثمارها ، وأشرب من أنهارها ، وأعانق أبكارها ، ثم مثلت نفسي في النار ، آكل من زقومها ، وأشرب من صديدها ، وأعالج سلاسلها وأغلالها ، فقلت لنفسي : أي نفسي ، أي شيء تريدين ؟ ، قالت : أريد أن أرد إلى الدنيا ، فأعمل صالحا قال : قلت : فأنت في الأمنية فاعملي )
    وقال الحسن: المؤمن قوام على نفسه، يحاسب نفسه لله، وإنما خف الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما شق الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة .
    وقال مالك بن دينار: رحمه الله عبداً قال لنفسه: ألست صاحبة كذا؟ ألست صاحبة كذا؟ ثم ألزمها، ثم خطمها ، ثم ألزمها كتاب الله عز وجل، فكان لها قائداً .
    قال الإمام ابن الجوزي: أعجب العجاب أن النقاد يخافون دخول البهرج في أموالهم ، والمبهرج آمن هذا الصديق يمسك لسانه ويقول: هذا الذي أوردني الموارد، وهذا عمر يقول: يا حذيفة هل أنا منهم يعني من المنافقين والمخلط على بساط الأمن!!
    وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: ومن تأمل أحوال الصحابة رضي الله عنهم وجدهم في غاية العمل مع غاية الخوف، ونحن جمعنا بين التقصير، بل التفريط والأمن .
    هكذا يقول الإمام ابن القيم رحمه الله عن نفسه وعصره، فماذا نقول نحن عن أنفسنا وعصرنا ؟
    ماذا لو كان ابن القيم في عصرنا هذا عصر انشغال الناس بالتفاهات عن الآخرة وذكر ربهم ، فماذا
    عساه أن يقول ؟.
    فضل محاسبة النفس
    محاسبة النفس لها فضل عظيم يعود على صاحبها ، فمن حاسب نفسه وقف على عيوبها ومن وقف على
    عيوب نفسه بادر لإصلاحها ، والإصلاح توبة ، ومن تاب غفر له ، ومن غفر له خف ميزان سيئاته ، ومن خف ميزان سيئاته رجح ميزان حسناته ، ومن رجح ميزان حسناته فقد فاز بالجنة ....
    فمحاسبة النفس هي أول السبل إلى الجنة وأوسطها وأخرها .
    فمحاسبة النفس ...
    ولمحاسبة النفس فوائد جمة منها:
    1-الإطلاع على عيوب النفس، ومن لم يطلع على عيب نفسه لم يمكنه إزالته.
    2- التوبة والندم وتدارك ما فات في زمن الإمكان.
    3- معرفة حق الله تعالى فإن أصل محاسبة النفس هو محاسبتها على تفريطها في حق الله تعالى.
    4- انكسار العبد وزلته بين يدي ربه تبارك وتعالى.
    5- معرفة كرم الله سبحانه وتعالى وعفوه ورحمته بعباده في أنه لم يعجل عقوبتهم مع ما هم عليه من المعاصي والمخالفات.
    6- مقت النفس والإزراء عليها، والتخلص من العجب ورؤية العمل.
    7- الاجتهاد في الطاعة وترك العصيان لتسهل عليه المحاسبة فيما بعد.
    8- رد الحقوق إلى أهلها، وسل السخائم، وحسن الخلق، وهذه من أعظم ثمرات محاسبة النفس.
    9- تستقيم حياتك
    10- الفلاح ، كما قال تعالى : {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا}[ الشمس : 9] .
    11-دخول الجنة كما قال تعالى : { وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [ النازعات : 40_41] .
    كما أن ترك محاسبة النفس طريق إلى التعاسة في الحياة وبعد الممات ، فالعاجز الذي يتبع نفسه هواها ويتمنى على الله ، فالذي لا يحاب نفسه ....
    1.لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا ، لما ملء قلبه من الران
    2.ويضيع حق ربه وحق نبيه وحقوق العباد
    3.يتخبط في حياته لا يدري أين يسير
    4.يخاف يوم يقوم الناس لرب العالمين
    5.من نسي الله لا تفتح له الأبواب إلى أعمال الخير ، قال تعالى : { وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [ الحشر : 19] .
    6.الوعيد بالخيبة ، قال تعالى : { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [ الشمس : 7_ 10] .
    7.الوعيد بالنار ، قال تعالى : { فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى} [ النازعات : 37 _ 39 ] .
    موانع في طريق المحاسبة
    ·الكبر
    فإن المتكبر طريقه مقطوع لن يصل إلى الله من خلاله ، فلا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر أعاذنا الله و إياكم من الكبر وأهله .
    فإن المتكبر لا يحاسب نفسه ولا يتوقف معها أبدًا ، وكيف يتوقف المتكبر مع نفسه و هو يرى في نفسه العصمة ، ويرى أنها لا يمكن أن تخطأ أبدًا فكيف يتوقف مع نفسه ولو لوهلة ، وهذا الكبر يكسره هذه الأخبار التي وردت عن الصالحين والأخيار ، الذين مع فضلهم الذي رزقهم الله به إلا أنهم كانوا يتهمون أنفسهم بالتقصير تجاه ربهم جل وعلا ، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (57) وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ (59) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ }[المؤمنون:57-61] .
    قالت عائشة رضي الله عنها قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية فقلت : أهم
    الذين يشربون الخمر ويزنون ويسرقون ؟ فقال : (لا يا ابنة الصديق ، ولكنهم الذين يصومون ويصلون، ويتصدقون، ويخافون ألا يتقبل منهم، أولئك يسارعون في الخيرات) [الترمذي وابن ماجه واحمد].
    بل اسمع هذا الخبر الذي ورد عن خير البشر ، و والله لو تأملته لقمت على نفسك تسألها وتحاسبه حتى تلقى الله تعالى ،
    قالتأمالعلاء الأنصارية: اشتكىعثمان بن مظعونعندنا فمرضناه حتى إذا توفي أدرجناه في أثوابه فدخلعلينا رسول الله r فقلت رحمة الله عليك ياأباالسائبشهادتي عليك لقدأكرمك الله فقال رسول الله r : ( وما يدريك أن الله أكرمه ) قالت: فقلت لا أدري بأبي أنت وأمي فقالرسول الله r : (أما هو فقد جاءه اليقين من ربهوإني لأرجو الخير له والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي)قالت : والله لا أزكي أحدابعده أبدا فأحزنني ذلك فنمت فأريتلعثمانعينا تجري فجئت رسول الله r فأخبرتهذلك فقال رسول الله r : ( ذاكعمله) رواه الإمام أحمد
    فهذا الصديق t : كان يبكي كثيراً ، ويقول : ابكوا ، فإن لم تبكروا فتباكوا ، وقال: والله لوددت أني كنت هذه الشجرة تؤكل وتعضد .
    وهذا عمر بن الخطاب t : قرأ سورة الطور حتى بلغ قوله تعالى: {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ} [الطور:7] . فبكى واشتد في بكاؤه حتى مرض وعادوه . وكان يمر بالآية في ورده بالليل فتخيفه، فيبقى في البيت أياماً يعاد، يحسبونه مريضاً، وكان في وجهه خطأن أسودان من البكاء.
    وقال له ابن عباس y : مصر الله بك الأمصار ، وفتح بك الفتوح وفعل، فقال عمر: وددت أني أنجو لا أجر ولا وزر .
    وهذا عثمان بن عفان ذو النورين t : كان إذا وقف على القبر بكى حتى تبلل لحيته ، وقال: لو أنني بين الجنة والنار لا أدري إلى أيتهما يؤمر بي ، لاخترت أن أكون رماداً قبل أن أعلم إلى أيتهما أصير .
    وهذا علي بن أبي طالب رضي الله عنها: كان كثير البكاء والخوف، والمحاسبة لنفسه. وكان يشتد خوفه من اثنتين: طول الأمل وإتباع الهوى . قال: فأما طول الأمل فينسى الآخرة ، وأما إتباع الهوى فيصد عن الحق.
    وهذا معاذ ابن جبل t مقدام العلماء المجاهد البطل حبيب رسول الله r ابتلي بالطاعون في أرض اليمن ونام على فراش الموت ، قال لأصحابه : انظروا هل أصبح الصباح ؟ فنظر أحدهم وقال : لا. لما يصبح الصباح بعد! فسكن
    معاذ ، ثم قال مرة أخرى : انظروا هل أصبح الصباح؟ قالوا: لا بعد! فسأل في الثالثة: هل أصبح الصباح ؟ قالوا: لا بعد ! فبكى معاذ بن جبل وقال: أعوذ بالله من ليلة صباحها إلى النار، ثم رفع رأسه إلى السماء وقال: اللهم إني كنت أخافك وأنا اليوم أرجوك، اللهم إنك تعلم أنني ما أحببت الدنيا لجري الأنهار ولا لغرس الأشجار، وإنما لمكابدة الساعات، وظمأ الهواجر ، ومكابدة الساعات، ومزاحمة العلماء في مجالس الذكر ثم فاضت روحه إلى الله جل وعلا ) .
    وهذا
    سفيان الثوري ينام على فراش الموت، فيدخل عليه حماد بن سلمة فيرى سفيان يبكي بكاءً شديداً وهو إمام الزهد والعلم والورع، فيقول رجل في مجلسه: يا إمام! أتخشى ذنوبك؟! فيأخذ سفيان عوداً صغيراً من الأرض ويقول: لا والله لذنوبي أهون عندي من هذا، ثم بكى سفيان الثوري وقال: ولكني والله أخشى أن يسلب إيماني قبل الموت.
    وهذا الشافعي الإمام العلم ، ينام على فراش الموت ، فيدخل عليه
    المزني فيقول : كيف حالك يا إمام ؟ فيقول الشافعي : أصبحت من الدنيا راحلاً ، وللإخوان مفارقاً ، ولربي ملاقياً ، ولا أدري أتصير روحي إلى الجنة فأهنيها ، أم إلى النار فأعزيها .
    ·حب الدنيا
    فحب الدنيا والركون إليها والاطمئنان لمكرها وخداعها مرض عضال وداء شديد الأثر على صاحبه ، فالذي يحب الدنيا ينسى نفسه وينسى الدار الآخرة ، والذي يؤدي به إلى هذا الداء هو جهله عن وظيفته في هذه الحياة الدنيا التي هي عبادة الله تعالى ولو علم هذه الوظيفة لما أعرض عن الله وقدم على الدنيا يطلب المناصب والكراسي ويبيع دينه بالقليل ، فالذي يطلب الدنيا غافل لا يتوقف مع نفسه على الإطلاق .
    ·الجهل
    فالجاهل هو الذي لا يفرق بين الخير والشر ، وبين السنة والبدعة ، ولا يفرق بين الحق والضلال ....
    فيأتيه الله المال الكثير وهو على معصية لله جل وعلا ، ولا تزيد إلا بعدًا عن الله تعالى ، ويقول في نفسه بصوت جهله إنما أعطيت المال لرضى الله عني ، وكذب الجهول ... فهذا قول قارون لعنة الله عليه ، قال : {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي } فرد الله عليه قال تعالى :{ أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ } [ القصص : 78]
    فالجاهل لا يعلم أن المال قد يكون استدراك له من الله ، وقد يكون ابتلاء له لينظر أيشكر أم يكفر ، قال تعالى : { وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} [ آل عمران : 178] .
    عن عقبة بن عامر t عن النبي rقال : إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج ثم تلا رسول الله r : { فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون } ...) رواه الإمام أحمد وصححه الألباني
    كيف أحاسب نفسي
    أولًا : لا تحسن الظن بنفسك .
    قال أبو بكر الصديق t: من مقت نفسه في ذات الله ؛ آمنه الله من مقته
    عن أبي الدرداءt قال : لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يمقت الناس في جنب الله ثم يرجع إلى نفسه فيكون لها أشد مقتا
    قال مالك بن دينار : أذكر الصالحين ، فأف لي وتف
    ثانيًا : تذكر أنك مسافر إلى الله
    قال لقمان : أي بني إنك من يوم أن نزلت إلى الدنيا استدبرت الدنيا واستقبلت الآخرة ، فأنت إلى دار تقدم عليها أقرب من دار تبتعد عنها .
    ثالثًا : جاهد نفسك بمخالفتها على طول الخط
    فلا تستسلم لنفسك فإنها تدعوك إلى السوء وما يضرك ولا يصلحك ، فإنها تطمئن إلى الراحة والسكوت عن العمل ، ميالة إلى الشهوات والملذات ، ففي طاعة الإنسان لنفسه هلاك .
    قال الأسود بن كلثوم : اللهم ، إن هذه النفس تزعم في الرخاء أنها تحب لقاك ، فإن كانت صادقة ؛ فارزقها ذاك ، وإن كانت كاذبة ؛ فاحملها عليه وإن كرهت ؛ فاجعل ذلك قتلا في سبيلك ، وأطعم لحمي سباعا وطيرا .
    رابعًا : لوم النفس على ما فرطت من الخيرات وعلى ما ارتكبت من السيئات
    فهذه النفس اللوامة التي تلوم صاحبها على خير لم تفعله أو معصية ارتكبها .
    خامسًا : محاسبة النفس ومراجعتها في حقوق الله ورسوله والمؤمنين
    ·ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله أن محاسبة النفس تكون كالتالي:
    أولاً: البدء بالفرائض، فإذا رأى فيها نقصاً تداركه.
    ثانياً : ثم المناهي، فإذا عرف أنه ارتكب منها شيئاً تداركه بالتوبة والاستغفار والحسنات الماحية.
    ثالثاً : محاسبة النفس على الغفلة ويتدارك ذلك بالذكر والإقبال على الله.
    رابعاً: محاسبة النفس على حركات الجوارح، كلام اللسان، ومشي الرجلين، وبطش اليدين، ونظر
    العينين، وسماع الأذنين، ماذا أردت بهذا؟ ولمن فعلته؟ وعلى أي وجه فعلته.
    أسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل محاسبة النفس ، وأن يكتبنا مع التائبين إنه ولي ذلك والقادر عليه


    كتبه

    عمرو محمد صالح

    غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين
    اسعافات قبل شعبان (3)
    https://forums.way2allah.com/showthread.php?p=1060541555
    اسعافات قبل شعبان (2)
    https://forums.way2allah.com/showthread.php?t=190651
    اسعافات قبل شعبان (1)
    https://forums.way2allah.com/showthread.php?t=190359

  • #2
    رد: جلسة مع النفس

    النفس إن لم تشغلها بطاعة شغلتك بمعصية
    اللهم اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان
    ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب

    تعليق


    • #3
      رد: جلسة مع النفس

      المشاركة الأصلية بواسطة محمد حمدى مشاهدة المشاركة
      النفس إن لم تشغلها بطاعة شغلتك بمعصية
      أحسنت
      اسعافات قبل شعبان (3)
      https://forums.way2allah.com/showthread.php?p=1060541555
      اسعافات قبل شعبان (2)
      https://forums.way2allah.com/showthread.php?t=190651
      اسعافات قبل شعبان (1)
      https://forums.way2allah.com/showthread.php?t=190359

      تعليق


      • #4
        رد: جلسة مع النفس

        جزاكم الله خيرا ونفع بكم
        هناك اناس تحدثهم عن الالم فيحدثوك عن الامل ... ابقي بجوارهم ... فهؤلاء مثل شمعه فى طريق مظلم.

        تعليق


        • #5
          رد: جلسة مع النفس

          مالك بن دينار: رحمه الله عبداً قال لنفسه: ألست صاحبة كذا؟ ألست صاحبة كذا؟ ثم ألزمها، ثم خطمها ، ثم ألزمها كتاب الله عز وجل، فكان لها قائداً .
          جزاك الله خيرا

          تعليق


          • #6
            رد: جلسة مع النفس

            ماشاء الله جزاكم الله خيراً وبارك فيكم


            ( دوره مبسطة فى الاسعافات الأولية )
            https://forums.way2allah.comshowthread.php?t=104273
            ( معلومات طبية وصيدلانية.اسأل . استشير )
            https://forums.way2allah.com/showthread.php?t=105238

            تعليق


            • #7
              رد: جلسة مع النفس

              جزاك الله خيرا
              أخي الحبيب
              ضل الطريق من ترك الطريق . عودة من جديد

              يامن خذلتنا وخذلت إخوانك .. في وقت احتاجوا فيه نصرتك وعونك لهم .. ولكنك تركتهم ولم تلتفت لهم .!
              ابشر بالخذلان .

              حزب العار

              تعليق


              • #8
                رد: جلسة مع النفس

                ولكم بالمثل جميعا
                اسعافات قبل شعبان (3)
                https://forums.way2allah.com/showthread.php?p=1060541555
                اسعافات قبل شعبان (2)
                https://forums.way2allah.com/showthread.php?t=190651
                اسعافات قبل شعبان (1)
                https://forums.way2allah.com/showthread.php?t=190359

                تعليق

                يعمل...
                X