اخوانى الأحبة
هذة مشاركة اخونا راجى الحور العين
هذة مشاركة اخونا راجى الحور العين
المشاركة الأصلية بواسطة راجي الحور العين
مشاهدة المشاركة
فحببت الاخ فى الله
واردت ان ارسل الية هذة الكلامات
اسئل الله ان ينفع بها
اخى الحبيب
الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على سيد المرسلين
وبعد:
فلا يُتصوّر أن ينجح طالب في دراسته، أو موظف في مهنته، بدون جد واجتهاد، فكذلك، لا يمكن لفرد أن يربي نفسه، أو يسلك بها طريق الهداية، دون عزيمة جادّة، ودون تحقيق لأساليبها وأسبابها، واعلم أن سُنّة الله - جل وعلا - في الكون بذل الأسباب لتحقيق المسبِّبات، فافهم ذلك جيداً.
ومن أعظم أسباب الهداية:
سؤال الله- تبارك وتعالى -الهداية:
وأعتقد أنه لا غِنى لك عن ذلك، وتركك له يُباعدك من الله، وقد يُؤدي بك إلى الزيغ والضلال، فالإيمان يَخْلق في القلوب، فيحتاج إلى تجديد النية والتوبة، ومن كانت حياته مليئة بالذنوب والمعاصي، فحاجته إلى الهداية شديدة ومُلحّة، والمصطفى - صل الله عليه وسلم - كان يسأل ربه الهداية ويقول فيما صحّ عنه: "اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغِنى".
وكان - صل الله عليه وسلم - يستعيذ بالله من الضلالة بعد الهدى، ويقول فيما صحّ عنه: "اللهم إني أعوذ بعزّتك أن تُضلّني لا إله إلا أنت".
وكان - صل الله عليه وسلم - يقول في دعاء السفر فيما صحّ عنه: "اللهم إني أعوذ بك من... والحور بعد الكور"
يعني الرجوع من الإيمان إلى الكفر، أو من الطاعة إلى المعصية.
وأوصى النبي - صل الله عليه وسلم - علياً أن يدعو فيما صحّ عنه "اللهم اهدني وسددني".
وأرشد النبي - صل الله عليه وسلم - سبطه الحسن بن علي أن يدعوا فيما صح عنه "اللهم اهدني فيمن هديت".
حريّ بمن هو على غير الجادّة المستقيمة، أن يبكي بين يدي مولاه، وأن يسأله التوفيق والهداية.
أخلص في التزامك:
وليكن مقصدك وهدفك من الاستقامة أن تفوز بالجنة، وتنجو من النار، وعندما تهمّ بالالتزام، سَلْ نفسك هل تستقيم طاعة لله - جل وعلا -، واستجابة لرسول الله - صل الله عليه وسلم -، أم سبب ذلك تقليد لأخ أو قريب أو صديق، أو رغبة في الحصول على منفعة دنيوية، ثم تعود لما كنتَ عليه، أم سبب ذلك هروب من المشاكل والأمراض، أم سبب ذلك خوف من فضيحة أو عار، أم رغبة في المؤانسة مع أشخاص بأعيانهم، إما لجمالهم، أو لغناهم، تدبّر ذلك، فالواجب الصدق مع الله في استقامتك، وأنك تستجيب لله ولرسوله - صل الله عليه وسلم - وطمعاً في جنته - عز وجل - وقد قال - صل الله عليه وسلم - فيما صحّ عنه للأعرابي الشهيد الذي قُتل في غزوة خيبر، لما أعطاه النبي - صل الله عليه وسلم - قسماً، فأنكره، وقال: ما على هذا اتبعتك ، ولكن على أن أُرقى هاهنا، وأشار إلى حلقه، فأموت فأدخل الجنة، فقال - صى الله عليه وسلم -: "إن تَصدُق الله يصدُقْك"
. فاصدق الله - جل وعلا - في التزامك واستقامتك.
وصَدَق ابن الجوزي إذ قال: "اصدق في باطنك، ترى ما تحب في ظاهرك".
فالصدق مع الله- تبارك وتعالى -جمال في الباطن والظاهر.
ابذل جهدك في التوبة:
كيف تريد الالتزام، وأنت مقيم على السيئات، بل لم تبادر بالإقلاع عنها، وكأني بك إذا نُصِحت، قلت: ادعُ لي، بالله عليك، ماذا فعلتَ، ماذا خطوتَ، حتى تصح توبتك، إني أظنها حتى يسكت عنك الناصحون، وقد فعلوا.
إن التوبة ليست مجرد أمنية، بل هي قول وعمل، تظهر آثارها على أقوالك وأعمالك، فأين التوبة، وإياك أن تكون ممن وسوس لهم الشيطان، فصار يردّد: إني محسن الظن بالله تعالى، ومتفائل أن الله تعالى لن يميتني إلا وقد هداني.
وأقول أيها المحب: لا أظن أحداً أرضى الشيطان كما أرضيته، وقل لي بربك، كيف يجتمع اقتراف الذنوب والمعاصي مع إحسان الظن بالله تبارك وتعالى؟!
واحذر أن تُمهل لنفسك وتستدرجها، حينما يقول لك الناصح: تب إلى الله، فتردّ عليه "أنا أحسن من غيري"، "وضعي أحسن".
إنك بذلك كله، لا تبحث عن التوبة ولا الهداية، فابحث عنها بجدّية.
قَوِّ معرفتك بالله - جل وعلا -:
تعرّف على خالقك، اعرف أسماءه وصفاته، تفكّر فيها، هل قرأتَ عن دين الإسلام وعظمته، هل سمعت عن أحكامه وشرائعه، لا يمكن أن تعبد الله حق عبادته، وأنت لا تعرف عنه ولا عن دينه شيئاً، وهذا جهل بالله وبدينه، ولهذا قد تعبد الله على حرف، يعني لهوى ومراد دنيوي، وهكذا سلوك طريق الهداية والتوبة، قد يكون ضعيفاً، فاجعله قوياً.
اقبِلْ على طاعة الله تعالى:
فهي المخرج الوحيد من طاعة الشيطان، قال تعالى:
"أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ" (يّـس: 60، 61)
، بل هي خير معين على الثبات والاستقامة، قال تعالى:
"وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً وَإِذاً لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً" (النساء: 66-6،
وعمل الطاعات والإكثار منها له أثر كبير في تقوية الإيمان، ولا أحسن من تجلية القلب من صدأ المعاصي إلا بالإكثار من الصالحات، أقوالاً وأفعالاً.
اقتدِ برسول الله - صل الله عليه وسلم -:
واحرص على ذلك، فإنه أعظم الخلق استقامة على الصراط المستقيم، قال الله تعالى له:
"إِنَّكَ لَعَلَى هُدىً مُسْتَقِيمٍ" (الحج: من الآية67)
، وهو الداعي إليه، قال الله - جل وعلا -:
"وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ" (الشورى: من الآية52)
، ومن ذلك اتباع سنته، وفعل أوامره، واجتناب نواهيه - صل الله عليه وسلم -، فهي طريقك إلى الاستقامة.
لا تستسلم لنزغات الشيطان:
فإنك إذا صحّحت العزم على سلوك الجادة الصحيحة، لا تلتفت لوساوس الشيطان، كلما عملتَ عملاً صالحاً، أتْبِعه بعمل آخر، كلما وقعت منك هفوة أو زلّة، استغفر واندم، كلما أراد الشيطان منك معصية، تعوّذ بالله منه، "وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" (لأعراف: 200)، واعلم أنك متى استسلمت لكيد الشيطان، فإن الله تعالى سوف يصرفك عما هو خير لك، قال تعالى: "ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ" (التوبة: من الآية127)، وقال تعالى: "فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ" (الصف: من الآية5).
اترك المعاصي والمحرمات:
وبعدها يستريح قلبك من أخلاط فاسدة، وأخلاق سيئة، فاجتناب الفواحش ما ظهر منها وما بطن، طهر ونقاء، وعفاف وزكاء.
ابتعد عن المعاصي كلها، صغيرها وكبيرها، لا تقرب مجالسها، لا تصحب أهل المعاصي ولا تجالسهم في مجالسهم الخاصة، لا تحتفظ في منزلك أو مكتبك أو سيارتك بشيء ثبت منه، لا تقرأ، لا تسمع، لا تشاهد، ما هو حرام، أعلنها صريحة، أنك تائب
صبِّر نفسك:
فلا تملّ ولا تضجر، متى حبستَ نفسك عما أرادته، اصبرْ على رغبات نفسك الآثمة، اصبر على متاعب الحياة التربوية، اصبر على الجفاء والغلظة الصادرة من مربِّيك، اصبر على صعوبة المادة العلمية التي تقرأها، أو تسمعها، اضمنْ لي الصبر على هذا، أضمن لك زكاء نفسك واستقامتها.
جاهد نفسك:
فانهها عن هواها، وامنعها من المعاصي والمحارم، فالنفس أمّارة بالسوء، ومن طبعها تأبى الالتزام، بل تحب التفلت والانطلاق، فكونك تجاهدها حتى تعتاد الطاعة وتحبها، هو أحسن دواء للرقي بنفسك، حتى تكون نفساً لوامة، ثم نفساً مطمئنة، كابدْ نفسك، وأكْرِهّا على سلوك طريق الخير، اجهد في تنقيتها مما شابها من الشر، أعلِمها أن الجنة مُغطّاة بحُجُب، كلها بلاء ومكاره، والوصول إلى الجنة مرهون باختراق كل الحُجُب ثم بشِّرها بأن الله تعالى وعَدَها بأن تُوفَّق للثبات على الإيمان، قال تعالى: "وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ" (العنكبوت: 69).
اترك الفضول:
وهو ما لا يعنيك، سواء كان مكروهاً أو محرماً، فاترك الكلام الحرام؛ لأنه يُفسد عليك قلبك، وتفقد بسببه النعيم، ويضيع عليك السرور، واعلم أن راحة اللسان في قلة الكلام، وكلما قل الكلام، قلّ الضحك، وإذا قلّ الضحك، حيا قلبك، والعكس، فكلما كثر ضحكك، ذَبُل عندك الإيمان، وكثر هَزلُك، وأصبحتَ مُهدّداً بأن يموت قلبك، وهكذا غضّ البصر عما حرّم الله - عز وجل -، فإنه أطهر لقلبك، وأنقى لدينك، قال تعالى: "قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ" (النور: من الآية30)، وأنت إذا غضضت بصرك لله، ألبسك الله - جل وعلا - نوراً في قلبك، وأورثك فراسة صادقة تميّز بها بين الحق والباطل، وتسلك بها طريق الهداية والاستقامة.
وهكذا الطعام، احرص على قلته، فراحة البطن في قلة الطعام، وقلة الطعام تُوجب رقة القلب، وقوة الفهم، وانكسار النفس، وضعف الهوى والغضب، وكثرة الطعام جالبة لأنواع كثيرة من الشر، فهي تحرّك جوارحك إلى المعاصي وتُثقلها عن الطاعات، فاضبط بطنك، حتى تملك الأخلاق الصالحة.
ومتى ملكت الأعمال والأخلاق الصالحة، كنتَ قريباً من الطاعة، بعيداً عن المعصية.
احرص على كتاب الله:
تلاوة وحفظاً وتدبراً وفهماً، فبه ينشرح صدرك، ويستنير قلبك، وتسمو روحك، وبقدر اهتمامك بالقرآن العظيم، تكون استقامتك بقدر ذلك، ومتى أقبلتَ على القرآن العظيم كلية، استطعت أن تُذيب قساوة قلبك، قال تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: "فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ" (الزخرف: 43).
وقد فهم هذا الأمر الجن بعد استماعهم القرآن، قال تعالى: "قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ" (الأحقاف: 30).
تذكّر الموت:
فتذكّره يردعك عن المعاصي، ويُليِّن قلبك القاسي، ويقنع بالحلال وتنشط في العبادة، وحتى تتذكّر الموت، عليك بزيارة القبور، فإنها تُرقّق قلبك، وتُدمع عينك، ولا تنسَ الصلاة على الجنازة، وحملها على الأعناق، ودفنها، ومواراة التراب عليها، فإن ذلك من تمام الشعور بالموت.
خَفْ من سوء العاقبة:
إن كنت جادّاً في البحث عن الاستقامة، فخوّف نفسك من عاقبة الذنوب والمعاصي، وأن ارتكاب المعصية تُوجِد وحشة بينك وبين الله تعالى، وبينك وبين الناس، تذكّر أن المعصية تقوي المعصية، وتُضعف التوبة، وتُطفئ نار الغيرة، وتُذهِب الحياء وعاقبتها وخيمة، إذ هي تُقصّر العمر وتمحق بركته، وليت الأمر يقف عند هذا، بل تجعل صاحبها خائفاً مرعوباً، وأموره متعسّرة عليه، بل تُدخِل صاحبها تحت لعنة الله تعالى ولعنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وأعظم ذلك، أن المعصية تخون العبد حالة الاحتضار فتسوء خاتمته، إنك إذا أمعنت النظر في ذلك، تَجَدَّد الإيمان في قلبك، ودَفَعك دفعاً حثيثاً إلى الطاعة، وهذا هو طريق الاستقامة، فتمسّك به.
هذه بعض طرق الهداية والاستقامة، فعضّ عليها بالنواجذ، واهتمّ بقراءتها ومناقشتها مع إخوانك، واحرص على تطبيقها وسلوكها، فهي ميسّرة لكل إنسان.
وبالله التوفيق
الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على سيد المرسلين
وبعد:
فلا يُتصوّر أن ينجح طالب في دراسته، أو موظف في مهنته، بدون جد واجتهاد، فكذلك، لا يمكن لفرد أن يربي نفسه، أو يسلك بها طريق الهداية، دون عزيمة جادّة، ودون تحقيق لأساليبها وأسبابها، واعلم أن سُنّة الله - جل وعلا - في الكون بذل الأسباب لتحقيق المسبِّبات، فافهم ذلك جيداً.
ومن أعظم أسباب الهداية:
سؤال الله- تبارك وتعالى -الهداية:
وأعتقد أنه لا غِنى لك عن ذلك، وتركك له يُباعدك من الله، وقد يُؤدي بك إلى الزيغ والضلال، فالإيمان يَخْلق في القلوب، فيحتاج إلى تجديد النية والتوبة، ومن كانت حياته مليئة بالذنوب والمعاصي، فحاجته إلى الهداية شديدة ومُلحّة، والمصطفى - صل الله عليه وسلم - كان يسأل ربه الهداية ويقول فيما صحّ عنه: "اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغِنى".
وكان - صل الله عليه وسلم - يستعيذ بالله من الضلالة بعد الهدى، ويقول فيما صحّ عنه: "اللهم إني أعوذ بعزّتك أن تُضلّني لا إله إلا أنت".
وكان - صل الله عليه وسلم - يقول في دعاء السفر فيما صحّ عنه: "اللهم إني أعوذ بك من... والحور بعد الكور"
يعني الرجوع من الإيمان إلى الكفر، أو من الطاعة إلى المعصية.
وأوصى النبي - صل الله عليه وسلم - علياً أن يدعو فيما صحّ عنه "اللهم اهدني وسددني".
وأرشد النبي - صل الله عليه وسلم - سبطه الحسن بن علي أن يدعوا فيما صح عنه "اللهم اهدني فيمن هديت".
حريّ بمن هو على غير الجادّة المستقيمة، أن يبكي بين يدي مولاه، وأن يسأله التوفيق والهداية.
أخلص في التزامك:
وليكن مقصدك وهدفك من الاستقامة أن تفوز بالجنة، وتنجو من النار، وعندما تهمّ بالالتزام، سَلْ نفسك هل تستقيم طاعة لله - جل وعلا -، واستجابة لرسول الله - صل الله عليه وسلم -، أم سبب ذلك تقليد لأخ أو قريب أو صديق، أو رغبة في الحصول على منفعة دنيوية، ثم تعود لما كنتَ عليه، أم سبب ذلك هروب من المشاكل والأمراض، أم سبب ذلك خوف من فضيحة أو عار، أم رغبة في المؤانسة مع أشخاص بأعيانهم، إما لجمالهم، أو لغناهم، تدبّر ذلك، فالواجب الصدق مع الله في استقامتك، وأنك تستجيب لله ولرسوله - صل الله عليه وسلم - وطمعاً في جنته - عز وجل - وقد قال - صل الله عليه وسلم - فيما صحّ عنه للأعرابي الشهيد الذي قُتل في غزوة خيبر، لما أعطاه النبي - صل الله عليه وسلم - قسماً، فأنكره، وقال: ما على هذا اتبعتك ، ولكن على أن أُرقى هاهنا، وأشار إلى حلقه، فأموت فأدخل الجنة، فقال - صى الله عليه وسلم -: "إن تَصدُق الله يصدُقْك"
. فاصدق الله - جل وعلا - في التزامك واستقامتك.
وصَدَق ابن الجوزي إذ قال: "اصدق في باطنك، ترى ما تحب في ظاهرك".
فالصدق مع الله- تبارك وتعالى -جمال في الباطن والظاهر.
ابذل جهدك في التوبة:
كيف تريد الالتزام، وأنت مقيم على السيئات، بل لم تبادر بالإقلاع عنها، وكأني بك إذا نُصِحت، قلت: ادعُ لي، بالله عليك، ماذا فعلتَ، ماذا خطوتَ، حتى تصح توبتك، إني أظنها حتى يسكت عنك الناصحون، وقد فعلوا.
إن التوبة ليست مجرد أمنية، بل هي قول وعمل، تظهر آثارها على أقوالك وأعمالك، فأين التوبة، وإياك أن تكون ممن وسوس لهم الشيطان، فصار يردّد: إني محسن الظن بالله تعالى، ومتفائل أن الله تعالى لن يميتني إلا وقد هداني.
وأقول أيها المحب: لا أظن أحداً أرضى الشيطان كما أرضيته، وقل لي بربك، كيف يجتمع اقتراف الذنوب والمعاصي مع إحسان الظن بالله تبارك وتعالى؟!
واحذر أن تُمهل لنفسك وتستدرجها، حينما يقول لك الناصح: تب إلى الله، فتردّ عليه "أنا أحسن من غيري"، "وضعي أحسن".
إنك بذلك كله، لا تبحث عن التوبة ولا الهداية، فابحث عنها بجدّية.
قَوِّ معرفتك بالله - جل وعلا -:
تعرّف على خالقك، اعرف أسماءه وصفاته، تفكّر فيها، هل قرأتَ عن دين الإسلام وعظمته، هل سمعت عن أحكامه وشرائعه، لا يمكن أن تعبد الله حق عبادته، وأنت لا تعرف عنه ولا عن دينه شيئاً، وهذا جهل بالله وبدينه، ولهذا قد تعبد الله على حرف، يعني لهوى ومراد دنيوي، وهكذا سلوك طريق الهداية والتوبة، قد يكون ضعيفاً، فاجعله قوياً.
اقبِلْ على طاعة الله تعالى:
فهي المخرج الوحيد من طاعة الشيطان، قال تعالى:
"أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ" (يّـس: 60، 61)
، بل هي خير معين على الثبات والاستقامة، قال تعالى:
"وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً وَإِذاً لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً" (النساء: 66-6،
وعمل الطاعات والإكثار منها له أثر كبير في تقوية الإيمان، ولا أحسن من تجلية القلب من صدأ المعاصي إلا بالإكثار من الصالحات، أقوالاً وأفعالاً.
اقتدِ برسول الله - صل الله عليه وسلم -:
واحرص على ذلك، فإنه أعظم الخلق استقامة على الصراط المستقيم، قال الله تعالى له:
"إِنَّكَ لَعَلَى هُدىً مُسْتَقِيمٍ" (الحج: من الآية67)
، وهو الداعي إليه، قال الله - جل وعلا -:
"وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ" (الشورى: من الآية52)
، ومن ذلك اتباع سنته، وفعل أوامره، واجتناب نواهيه - صل الله عليه وسلم -، فهي طريقك إلى الاستقامة.
لا تستسلم لنزغات الشيطان:
فإنك إذا صحّحت العزم على سلوك الجادة الصحيحة، لا تلتفت لوساوس الشيطان، كلما عملتَ عملاً صالحاً، أتْبِعه بعمل آخر، كلما وقعت منك هفوة أو زلّة، استغفر واندم، كلما أراد الشيطان منك معصية، تعوّذ بالله منه، "وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" (لأعراف: 200)، واعلم أنك متى استسلمت لكيد الشيطان، فإن الله تعالى سوف يصرفك عما هو خير لك، قال تعالى: "ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ" (التوبة: من الآية127)، وقال تعالى: "فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ" (الصف: من الآية5).
اترك المعاصي والمحرمات:
وبعدها يستريح قلبك من أخلاط فاسدة، وأخلاق سيئة، فاجتناب الفواحش ما ظهر منها وما بطن، طهر ونقاء، وعفاف وزكاء.
ابتعد عن المعاصي كلها، صغيرها وكبيرها، لا تقرب مجالسها، لا تصحب أهل المعاصي ولا تجالسهم في مجالسهم الخاصة، لا تحتفظ في منزلك أو مكتبك أو سيارتك بشيء ثبت منه، لا تقرأ، لا تسمع، لا تشاهد، ما هو حرام، أعلنها صريحة، أنك تائب
صبِّر نفسك:
فلا تملّ ولا تضجر، متى حبستَ نفسك عما أرادته، اصبرْ على رغبات نفسك الآثمة، اصبر على متاعب الحياة التربوية، اصبر على الجفاء والغلظة الصادرة من مربِّيك، اصبر على صعوبة المادة العلمية التي تقرأها، أو تسمعها، اضمنْ لي الصبر على هذا، أضمن لك زكاء نفسك واستقامتها.
جاهد نفسك:
فانهها عن هواها، وامنعها من المعاصي والمحارم، فالنفس أمّارة بالسوء، ومن طبعها تأبى الالتزام، بل تحب التفلت والانطلاق، فكونك تجاهدها حتى تعتاد الطاعة وتحبها، هو أحسن دواء للرقي بنفسك، حتى تكون نفساً لوامة، ثم نفساً مطمئنة، كابدْ نفسك، وأكْرِهّا على سلوك طريق الخير، اجهد في تنقيتها مما شابها من الشر، أعلِمها أن الجنة مُغطّاة بحُجُب، كلها بلاء ومكاره، والوصول إلى الجنة مرهون باختراق كل الحُجُب ثم بشِّرها بأن الله تعالى وعَدَها بأن تُوفَّق للثبات على الإيمان، قال تعالى: "وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ" (العنكبوت: 69).
اترك الفضول:
وهو ما لا يعنيك، سواء كان مكروهاً أو محرماً، فاترك الكلام الحرام؛ لأنه يُفسد عليك قلبك، وتفقد بسببه النعيم، ويضيع عليك السرور، واعلم أن راحة اللسان في قلة الكلام، وكلما قل الكلام، قلّ الضحك، وإذا قلّ الضحك، حيا قلبك، والعكس، فكلما كثر ضحكك، ذَبُل عندك الإيمان، وكثر هَزلُك، وأصبحتَ مُهدّداً بأن يموت قلبك، وهكذا غضّ البصر عما حرّم الله - عز وجل -، فإنه أطهر لقلبك، وأنقى لدينك، قال تعالى: "قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ" (النور: من الآية30)، وأنت إذا غضضت بصرك لله، ألبسك الله - جل وعلا - نوراً في قلبك، وأورثك فراسة صادقة تميّز بها بين الحق والباطل، وتسلك بها طريق الهداية والاستقامة.
وهكذا الطعام، احرص على قلته، فراحة البطن في قلة الطعام، وقلة الطعام تُوجب رقة القلب، وقوة الفهم، وانكسار النفس، وضعف الهوى والغضب، وكثرة الطعام جالبة لأنواع كثيرة من الشر، فهي تحرّك جوارحك إلى المعاصي وتُثقلها عن الطاعات، فاضبط بطنك، حتى تملك الأخلاق الصالحة.
ومتى ملكت الأعمال والأخلاق الصالحة، كنتَ قريباً من الطاعة، بعيداً عن المعصية.
احرص على كتاب الله:
تلاوة وحفظاً وتدبراً وفهماً، فبه ينشرح صدرك، ويستنير قلبك، وتسمو روحك، وبقدر اهتمامك بالقرآن العظيم، تكون استقامتك بقدر ذلك، ومتى أقبلتَ على القرآن العظيم كلية، استطعت أن تُذيب قساوة قلبك، قال تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: "فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ" (الزخرف: 43).
وقد فهم هذا الأمر الجن بعد استماعهم القرآن، قال تعالى: "قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ" (الأحقاف: 30).
تذكّر الموت:
فتذكّره يردعك عن المعاصي، ويُليِّن قلبك القاسي، ويقنع بالحلال وتنشط في العبادة، وحتى تتذكّر الموت، عليك بزيارة القبور، فإنها تُرقّق قلبك، وتُدمع عينك، ولا تنسَ الصلاة على الجنازة، وحملها على الأعناق، ودفنها، ومواراة التراب عليها، فإن ذلك من تمام الشعور بالموت.
خَفْ من سوء العاقبة:
إن كنت جادّاً في البحث عن الاستقامة، فخوّف نفسك من عاقبة الذنوب والمعاصي، وأن ارتكاب المعصية تُوجِد وحشة بينك وبين الله تعالى، وبينك وبين الناس، تذكّر أن المعصية تقوي المعصية، وتُضعف التوبة، وتُطفئ نار الغيرة، وتُذهِب الحياء وعاقبتها وخيمة، إذ هي تُقصّر العمر وتمحق بركته، وليت الأمر يقف عند هذا، بل تجعل صاحبها خائفاً مرعوباً، وأموره متعسّرة عليه، بل تُدخِل صاحبها تحت لعنة الله تعالى ولعنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وأعظم ذلك، أن المعصية تخون العبد حالة الاحتضار فتسوء خاتمته، إنك إذا أمعنت النظر في ذلك، تَجَدَّد الإيمان في قلبك، ودَفَعك دفعاً حثيثاً إلى الطاعة، وهذا هو طريق الاستقامة، فتمسّك به.
هذه بعض طرق الهداية والاستقامة، فعضّ عليها بالنواجذ، واهتمّ بقراءتها ومناقشتها مع إخوانك، واحرص على تطبيقها وسلوكها، فهي ميسّرة لكل إنسان.
وبالله التوفيق
تعليق