إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

العابد اللاعب!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • العابد اللاعب!

    العابد اللاعب!




    بعض الوافدين الجدد إلى طريق الله قد أبوا أن يسيروا على خطى أسلافهم العظماء، تمامًا كذلك الرجل صاحب الشنطة، الذي يروي خبره أحد الدعاة:

    حين كان ذلك الداعية المبارك يعتكف مع بعض إخوانه في العشر الأواخر من رمضان، في مسجد يقع في أحد الأحياء الراقية بإحدى عواصم الدول العربية الكبرى، وبعد أن صلوا صلاة التراويح جاء إليه رجل من علية القوم مستفسرًا عن حالهم، وماذا يفعلون في المسجد؛ بعدما رأى ثيابهم وفُرُشهم التي وضعوها جانبًا.
    فقال الشيخ: نحن هنا لنعبد الله تعالى في العشر الأواخر، نرجو بذلك أن تُعتَق رقابنا من النار بكرم أكرم الأكرمين، فسأله الرجل: وهل تسمح لي أن أعتكف معكم؟ فقال الشيخ: تفضَّل، على الرحب والسعة.
    فاستأذن الرجل أن يذهب ليأتي بمتاعه وفُرُشه وثيابه، وما هي إلا سويعات حتى فوجئ الجميع بذلك الرجل يدخل عليهم المسجد، وقد سبقه أربع من خدمه يحملون من الحقائب ما إن ثقلها لينوء بالعصبة أولي القوة، فإذا بهم يخرجون من أحداها صندوقًا كبيرًا من السيجار الكوبي الفاخر، ومن أخرى جهاز الفيديو، ومن الثالثة جهاز التلفاز، غير الأغطية الفاخرة والثياب الغالية.
    البيان الواضح:
    (ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ) [رواه مسلم].
    بيان خطير ألقاه النبي صلى الله عليه وسلم على أمته في حجة الوداع، بعد أن أكمل الله للمؤمنين دينهم، وأتم عليهم نعمته، ورضي لهم الإسلام دينًا.
    لقد كان صلى الله عليه وسلم في هذا الموقف الجليل المهيب، وهو مُقْبِل على لقاء ربه، يُودِع أمته أغلى وصاياه الجامعة بدافع من الشفقة، التي جَبَلَه الله عليها بعد إذ أرسله الله تعالى رحمة للعالمين؛ فأسرع صلى الله عليه وسلم يحذر أمته قاصدًا الرواد القدماء والوافدون الجدد، من أن يذل أحدهم فيقع تحت وطأة الرواسب القديمة التي قد تطغى على نفسه، فيتشوه القلب الأبيض، ويصبح مريضًا.
    الماء الصافي:
    بعض الشباب الذي يريد المضي في طريق الله سبحانه وتعالى، يريد أن يأخذ معه متعلقاته في الماضي، ما بين الكلام مع الفتيات، إلى غيره من الأشياء التي يجب تركها قبل أن يمشي الشاب الساعي للدعوة إلى الله، فلابد للذي يريد ذلك النور الرباني، أن ينقي نفسه من شوائب الماضي، (فإن بناء الخلق الحسن في النفس لابد أن يصاحبه تنقيتها مما ترسب لديها من الأخلاق السيئة أو ما يسمى ب(التخلية ثم التحلية)، ذلك أن الشاب قد ينشأ في بيئة يغلب عليها الخلق السيء أو يصحب صحبة غير صالحة فيألف الخلق السيئ ويصبح جزءًا من طبيعته، ومن ثم لابد من جهد يُبذل في اقتلاع هذه الصفات وتنقية النفس منها) [تربية الشباب، محمد الدويش، ص(148)].
    فتجد من الشباب الذين يسعون إلى نور طريق الله بل ربما قد انتسبوا إلى طريق الرحمن فترة من الزمان, ولكن أفعالهم وسلوكياتهم لا تدل بتاتًا على صدق انتمائهم، يقول ابن القيم: (ولهذا تجد الرجل يقوم الليل ويصوم النهار ويتورع من استناده إلى وسادة حرير لحظة واحدة ويطلق لسانه في الغيبة والنميمة والمفكه! في أعراض الخلق، وربما رخص أهل الصلاح والعلم بالله والدين والقول على الله ما لا يعلم، وكثير ممن تجده يتورع عن الدقائق من الحرام والقطرة من الخمر ومثل رأس الإبرة من النجاسة، ولا يبالى بارتكاب الحرام كما يحكى أن رجلًا خلا بامرأة أجنبية فلما أراد مواقعتها، قال يا هذه غطى وجهك فإن النظر إلى وجه الأجنبية حرام) [عدة الصابرين، ابن القيم، (1/56)].
    الخطأ لا يُقلَّد:
    صراحة الإسلام:
    وإنما تلك الصراحة النبوية السالفة هي جزء لا يتجزأ من صراحة الإسلام نفسه، الذي أقره الحق تعالى لكي يهيمن على حياة البشر، ويُوَجِّه حياتهم كلها؛ فلا يدع المسلم يخطو خطوة صغيرة ولا كبيرة، ولا يطؤ موطئًا في دقيق شأنه أو جليله، إلا كان له فيه أمر أو نهي أو توجيه.
    ويتعين على السالك في طريق الله، إذ سلك هذا الطريق أن يجعل صلاته ونسكه ومحياه ومماته لله رب العالمين، مُقَلِّدًا في ذلك الصحابة الأماجد، الذين هم خير من عاشوا حياة النور بعد الأنبياء والمرسلين؛ فلقد كان الصحابي من هؤلاء حين يدخل إلى حياة النور؛ يخلع على عتبتها كل ما يَمُتُّ بصلة لماضيه المظلم، كان يشعر في اللحظة التي أكرمه الله تعالى بحياة النور أنه يبدأ عهدًا جديدًا، منفصلًا كل الانفصال عن حياته السابقة التي عاشها شاردًا عن منهج الله.
    وكان يقف من كل ما اعتاده من قبل في حياة الغفلة موقف المُتَّهِم الشاك الحذر، من أن هذا الذي اعتاده قد يكون لا يُرضِي ربه تبارك وتعالى وهو لا يعلم، وبهذا الإحساس كان يتلقَّى معالم النور الوليد في قلبه وحياته، فإذا غلبته نفسه مرة، أو اجتذبته عاداته مرة؛ فضعف عن تكاليف النور، وزلَّت قدمه في عثرة أو غفلة؛ شعر في الحال بالإثم والخطيئة، وأدرك في قرارة نفسه أنه بحاجة إلى أن يتطهَّر من جديد، مما أصاب ثوب نوره من دنس، وعاد يحاول من جديد أن يُقِيْمَ نفسه على هدى نور ربه.
    عبد الله ونقلته البعيدة:
    انظر أيها الشاب إلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ فلقد نقلته حياة النور نقلة لا يكاد يتخيلها عقل، فذلك الإنسان الضعيف المستضعَف: ( لم تكن العين لتقع عليه في زحام الحياة، بل ولا بعيدًا عن الزحام، فلا مكان له بين الذين أوتوا بسطة في المال، ولا بين الذين أوتوا بسطة في الجسم، ولا بين الذين أوتوا حظًا من الجاه، فهو من المال معدوم، وهو في الجسم ناحل ضامر، وهو في الجاه مغمور) [رجال حول الرسول، خالد محمد خالد، ص(79)].
    هكذا كان رضي الله عنه قبل إسلامه، إنسانًا عاديًا لا وزن له في مجتمعه، وما أن يدخل النور إلى قلبه؛ فإذا بك ترى شخصية فذَّة، بلغت من المجد ذروة عالية، يصفها أبو جهل نفسه لما قتله ابن مسعود رضي الله عنه وأجهز عليه في غزوة بدر، فقال أبو جهل ـ وهو ينظر إلى قدم عبد الله بن مسعود وهي على عنقه: (لقد ارتقيت مرتقى صعبًا يا رويعي الغنم).
    فأي قمة تلك التي بلغها ابن مسعود رضي الله عنه بعدما أضاء النور في قلبه؟! شهد له بها رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال: (من أحب أن يقرأ القرآن غضًّا كما أُنزِل؛ فليقرأه على قراءة ابن أم عبد)[وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة، (138)]، وقال أيضًا: (رضيت لأمتي ما رضي لها ابن أم عبد) [صححه الألباني في صحيح الجامع، (3509)].
    وقد بلغ من شرفه أنه أصبح من أفقه علماء الأمة في كتاب الله تعالى، حتى ليشهد له عمر الفاروق رضي الله عنه فيقول فيه: ( لقد ملئ فقهًا ) [حلية الأولياء، أبو نعيم، (1/66)]، ويُؤَكِّد على ذلك أبو موسى الأشعري رضي الله عنه فيقول: ( لا تسألوني عن شيء ما دام هذا الحبر فيكم ) [حلية الأولياء، أبو نعيم، (1/67)]، ثم يقول هو عن نفسه رضي الله عنه: ( والله ما نزل من القرآن شيء إلا وأنا أعلم في أي شيء نزل، وما أحد أعلم بكتاب الله مني، ولو أعلم أحدًا تبلغنيه الإبل أعلم مني بكتاب الله لأتيته، وما أنا بخيركم ) [الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ابن عبد البر، (1/304)].
    ولقد أسس رضي الله عنه في الكوفة مدرسة فقهية من أعظم مدارس الاستنباط في الدنيا، حتى كان من أكبر تلامذتها الإمام أبو حنيفة النعمان رحمه الله، فتأمَّل في تلك النقلة الفذة التي نقلها النور لهذا الصحابي الجليل، وكيف عَبَرَ به تلك الهوة السحيقة، والمسافة الشاسعة بين حياة الظلمة وحياة النور.
    لقد صدق عبد الله بن مسعود ربه فصدقه، وعلم أن حياة النور تَجُبُّ ما قبلها، وأن تَحَمُّله لأمانة النور يقتضي منه تَخلُّصًا فوريًا من كل رواسب الماضي المظلم، وتَطَلُّعًا إلى القمم العوالي من مراتب الإيمان والعلم والعمل.
    ماذا بعد الكلام؟
    ـ اجلس مع نفسك أيها المقبل على طريق الله تعالى، وحدد الأشياء التي تريد أن تتخلص منها وأنت مقبل على الله تعالى.
    ـ دع عنك رفقة السوء، التي لن تأخذك إلا إلى الهاوية، واذهب إلى إحدى دور تحفيظ القرآن، واحفظ القرآن وهناك تعرَّف على أصدقاء جدد يعينوك على طريق الله.
    ـ من الممكن أن تشارك في بعض المؤسسات التربوية التي تقوم (بعمل تنظيم بعض البرامج الجادة كالرحلات والبرامج العلمية التي تعوِّد الشباب والأبناء على الجدية والرجولة، وعلى التخلي عن بعض ما اعتادوه من حياة مترفة منعمة) [مجلة البيان، عدد 85، 86].

    المصادر:
    · تربية الشباب، محمد الدويش.
    · شباب بلا مشاكل، أكرم رضا.
    · مجلة البيان، العدد 85، 86.
    · رجال حول الرسول، خالد محمد خالد.
    · الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ابن عبد البر.
    · حلية الأولياء، أبو نعيم.


    منقول من موقع مفكرة الإسلام

  • #2
    رد: العابد اللاعب!

    يمكن الموضوع طويل شوية
    لكن ممتع وشائق
    إن العابد اللاعب لا يكون عابدا أصلا إذا خلط اللعب بالعبادة
    أسأل الله الهداية للشباب المسلمين
    د.ناصر العمر |
    إذا اقشعرَّ جلدك ولان قلبك وأنت تسمع آيات الوعد والوعيد؟! عندئذٍ تكون متدبّراً للقرآن ومنتفعاً به، ويكون حجةً لك لا حجةً عليك !. ولكي تلمس أثر القرآن في نفسك، انظر: هل ارتفع إيمانك؟.. هل بكيت؟.. هل خشعت؟.. هل تصدقتَ؟..فكل آية لها دلالاتها وآثارها .

    تعليق

    يعمل...
    X