رد: مدرسة الربانية ( خطوات على الطريق)
الصلاة ذات الخشوع والخضوع
الصلاة قرة عيون المحبين ، و لذة أرواح الموحدين ، و بستان العابدين و لذة نفوس الخاشعين ، و محك أحوال الصادقين ، و ميزان أحوال السالكين ، و هي رحمةُ الله المهداة إلى عباده المؤمنين .هداهم إليها ، و عرَّفهم بها ، و أهداها إليهم على يد رسوله الصادق الأمين ، رحمة بهم ، و إكراما لهم ، لينالوا بها شرف كرامته ، و الفوز بقربه لا لحاجة منه إليهم ، بل منَّة منه ، و تفضَّلا عليهم. (ابن القيم)
الصلاة قرة عيون الموحدين (وجعلت قرة عيني في الصلاة ) وراحة وسعادة المتقين ( ارحنا بها يا بلال)
الخاشعون فيها هم المفلحون قال الله تعالى :[ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ ]
الخشوع في الصلاة هو : حضور القلب بين يدي الله تعالى ، مستحضرا لقربه ، فيسكن لذلك قلبه ، وتطمئن نفسه ، وتسكن حركاته ويقل التفاته ، متأدبا بين يدي ربه ، مستحضرا جميع ما يقوله ويفعله في صلاته ، من أول صلاته إلى آخرها (السعدي)
الصلاة هي الصلة بين العبد وربه وهي معراج المسلم يستعين بها علي قضاء حاجاته الدينية الدنيوية يقول الله تعالى {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ } وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( قال الله تعالى : قسمت الصلاة بين وبين عبدي نصفين. ولعبدي ما سأل. فإذا قال العبد : الحمد لله رب العالمين، قال الله تعالى : حمدني عبدي. وإذا قال؛ الرحمن الرحيم. قال الله تعالى؛ أثنى علي عبدي. وإذا قال مالك يوم الدين. قال : مجدني عبدي (وقال مرة : فوض إلى عبدي) فإذا قال : إياك نعبد وإياك نستعين. قال : هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل. فإذا قال : اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين. قال : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل)) إذا حافظ المسلم على الصلاة كما ينبغي فإنها تنهاه عن ارتكاب المنكرات وفعل المحرمات قال الله تعالى {وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ }
أهمية الصلاة
الصلاة هي الركن الثاني من اركان الإسلام الخمسة قال صلى الله عليه وسلم (بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان ) وهي عمود الإسلام قال صلى الله عليه وسلم ( رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة )
قال الإمام احمد رحمه الله . (( وقد جاء الحديث قال : (لاحظّ في الإسلام لمن ترك الصّلاة ) فكلّ مستخفٍّ بالصّلاة مستهينٍ بها : هو مستخفٌ بالإسلام مستهين به .
وإنما حظّهم من الإسلام على قدر حظّهم من الصّلاة ، ورغبتهم في الإسلام على قدر رغبتهم في الصّلاة ، فاعرف نفسك يا عبد الله ، واعلم أنّ حظّك من الإسلام وقدر الإسلام عندك بقدر حظّك من الصّلاة وقدرها عندك .
واحذر أن تلقى الله عزّوجل ولا قدر للإسلام عندك ، فإنّ قدر الإسلام في قلبك كقدر الصّلاة في قلبك ، وقد جاء الحديث عن النّبيّ صلي الله عليه وسلم أنه قال : ( الصّلاة عمود الإسلام ) ، ألست تعلم أنّ الفسطاط إذا سقط عموده سقط الفسطاط ولم ينتفع بالطنب ولا بالأوتاد؟ وإذا قام عمود الفسطاط انتفعت بالطنب والأوتاد ، فكذلك الصّلاة من الإسلام
فانظروا رحمكم الله واعقلوا ، وأحكموا الصّلاة ، واتّقوا الله فيها ، وتعاونوا عليها وتناصحوا فيها بالتعليم من بعضكم لبعض ، والتذكير من بعضكم لبعض من الغفلة والنّسيان ، فإنّ الله عزّوجل قد أمركم أن تعاونوا بالبرّ والتقوى ، والصّلاة : أفضل البر0
والصلاة شعار الإسلام وعلامته الظاهرة يقول الله تعالى {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ }وهي اول ما يحاسب عليه المسلم من اعماله قال صلى الله عليه وسلم ( أنّ أول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة من عمله : صلاتُه ، فإن تُقبّلت منه صلاتُه تُقبّل منه سائرُ عمله ، و إن رُدّت صلاته رُدّ سائر عمله )
فضل الصلاة
الصلاة من أفضل الأعمال واحبها الى الله ومن فضلها انها تمنع صاحبها من ارتكاب الفواحش والمنكرات قال تعالى {وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ }
ومن فضائلها أنها تمحو الخطايا والسيئات قال صلى الله عليه وسلم ( أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم، يغتسل فيه كل يوم خمسا، ما تقول : ذلك يبقي من درنه. قالوا : لا يبقى من درنه شيئا، قال : فذلك مثل الصلوات الخمس، يمحو الله بها الخطايا. )
ومن فضائلها انها كفارة لصغائر الذنوب قال صلى الله عليه وسلم ( ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة. فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها. إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب. ما لم. يؤت كبيرة. وذلك الدهر كله".)
ومن فضائلها انها من أسباب دخول الجنة قال صلى الله عليه وسلم (من صلى البردين دخل الجنة. )
ومن فضائلها انها تمنع صاحبها من دخول النار قال صلى الله عليه وسلم (لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ) يعني الفجر والعصر
ومن فضائلها ان صاحبها في ذمة الله قال صلى الله عليه وسلم (من صلى الصبح فهو في ذمة الله فانظر يابن آدم لا يطلبنك الله من ذمته بشيء )ومن فضائلها ان صاحبها لايضام في رئية الله يوم القيامة قال صلى الله عليه وسلم (إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس، وصلاة قبل غروب الشمس، فافعلوا )
صفة الصلاة
صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم للشيخ بن باز رحه الله
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد ، وآله وصحبه ، أما بعد :
فهذه كلمات موجزة في بيان صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم أردت تقديمها إلى كل مسلم ومسلمة؛ ليجتهد كل من يطلع عليها في التأسي به صلى الله عليه وسلم في ذلك ، لقوله صلى الله عليه وسلم : (صلوا كما رأيتموني أصلي )
رواه البخاري .
وإلى القارئ بيان ذلك :
1 - يسبغ الوضوء ، وهو أن يتوضأ كما أمره الله؛ عملا بقوله - سبحانه وتعالى- : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ } وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تقبل صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول ) رواه مسلم في صحيحه ، وقوله صلى الله عليه وسلم للذي أساء صلاته : ( إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء)
2 - يتوجه المصلي إلى القبلة :
- وهي : الكعبة- أينما كان ، بجميع بدنه ، قاصدا بقلبه فعل الصلاة التي يريدها من فريضة أو نافلة ، ولا ينطق بلسانه بالنية؛ لأن النطق باللسان غير مشروع؛ بل هو بدعة ، لكون النبي صلى الله عليه وسلم لم ينطق بالنية ،
ولا أصحابه رضي الله عنهم ، ويسن أن يجعل له سترة يصلي إليها إن كان إماما أو منفردا؛ لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك " واستقبال القبلة شرط في الصلاة إلا في مسائل مستثناة ومعلومة ، موضحة في كتب أهل العلم " .
3 - يكبر تكبيرة الإحرام قائلا : ( الله أكبر ) ، ناظرا ببصره إلى محل سجوده .
4 - يرفع يديه عند التكبيرة إلى حذو منكبيه ، أو إلى حيال أذنيه .
5 - يضع يديه على صدره ، اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعدة لثبوت ذلك من حديث وائل بن حجر ، وقبيصة بن هلب الطائي ، عن أبيه رضي الله عنهما .
6 - يسن أن يقرأ دعاء الاستفتاح وهو : اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب ، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد . . وإن شاء قال بدلا من ذلك : سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا الله غيرك ، وإن أتى بغيرهما من الاستفتاحات الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا بأس ، والأفضل أن يفعل هذا تارة وهذا تارة لأن ذلك أكمل في الاتباع ، ثم يقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم ، ويقرأ سورة الفاتحة لقوله صلى الله عليه وسلم :( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) ويقول بعدها آمين جهرا في الصلاة الجهرية ، ثم يقرأ ما تيسر من القرآن .
7 - يركع مكبرا رافعا يديه إلى حذو منكبيه أو أذنيه جاعلا رأسه حيال ظهره واضعا يديه على ركبتيه مفرقا أصابعه ويطمئن في ركوعه ويقول : سبحان ربي العظيم ، والأفضل أن يكررها ثلاثا أو أكثر ويستحب أن يقول مع ذلك : سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي .
8 - يرفع رأسه من الركوع رافعا يديه إلى حذو منكبيه أو أذنيه قائلا : سمع الله لمن حمده إن كان إماما أو منفردا ، ويقول حال قيامه : ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السموات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد ، أما إن كان مأموما فإنه يقول عند الرفع : ربنا ولك الحمد إلى أخر ما تقدم ، ويستحب أن يضع كل منهما - أي الإمام والمأموم - يديه على صدره كما فعل في قيامه قبل الركوع لثبوت ما يدل على ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث وائل ابن حجر وسهل بن سعد رضي الله عنهما .
9- يسجد مكبرا واضعا ركبتيه قبل يديه إذا تيسر ذلك ، فإن شق عليه قدم يديه قبل ركبتيه مستقبلا بأصابع رجليه ويديه القبلة ضاما أصابع يديه ويسجد على أعضائه السبعة : الجبهة مع الأنف ، واليدين ، والركبتين ، وبطون أصابع الرجلين . ويقول : سبحان ربي الأعلى ، ويكرر ذلك ثلاثا أو أكثر ،
. ويستحب أن يقول مع ذلك : ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي ) . ويكثر من الدعاء . لقول النبي صلى الله عليه وسلم :( أما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم ) وقوله صلى الله عليه وسلم : ( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء ) رواهما مسلم في صحيحه .
ويسأل ربه له ولغيره من المسلمين من خيري الدنيا والآخرة ، سواء كانت الصلاة فرضا أو نفلا ، ويجافي عضديه عن جنبيه ، وبطنه عن فخذيه ، وفخذيه عن ساقيه ، ويرفع ذراعيه عن الأرض ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( اعتدلوا في السجود ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب ) متفق عليه .
10 - يرفع رأسه مكبرا ، ويفرش قدمه اليسرى ويجلس عليها ، وينصب رجله اليمنى ، ويضع يديه علي فخذيه وركبتيه ، ويقول : ( رب اغفر لي رب اغفر لي رب اغفر لي اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني وعافني واجبرني ) ويطمئن في هذا الجلوس حتى يرجع كل فقار إلى مكانه كاعتداله بعد الركوع لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطيل اعتداله بعد الركوع وبين السجدتين .
11 - يسجد السجدة الثانية مكبرا ، ويفعل فيها كما فعل في السجدة الأولى .
12 - يرفع رأسه مكبرا ، ويجلس جلسة خفيفة مثل جلوسه بين السجدتين ، وتسمى جلسة الاستراحة ، وهي مستحبة في أصح قولي العلماء ، وإن تركها فلا حرج ، وليس فيها ذكر ولا دعاء . ثم ينهض قائما إلى الركعة الثانية معتمدا على ركبتيه إن تيسر ذلك ، وإن شق عليه اعتمد على الأرض بيديه ، ثم يقرأ الفاتحة وما تيسر له من القرآن بعد الفاتحة ، كما سبق في الركعة الأولى ، ثم يفعل كما فعل في الركعة الأولى ، ولا يجوز للمأموم مسابقة إمامه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ، حذر أمته من ذلك ، وتكره موافقته للإمام ، والسنة له : أن تكون أفعاله بعد إمامه من دون تراخ ، وبعد انقطاع صوته ،
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد وإذا سجد فاسجدوا ) الحديث متفق عليه .
ويستحب أن يقول مع ذلك : ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي ) . ويكثر من الدعاء . لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم ) وقوله صلى الله عليه وسلم : ( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء ) رواهما مسلم في صحيحه .
ويسأل ربه له ولغيره من المسلمين من خيري الدنيا والآخرة ، سواء كانت الصلاة فرضا أو نفلا ، ويجافي عضديه عن جنبيه ، وبطنه عن فخذيه ، وفخذيه عن ساقيه ، ويرفع ذراعيه عن الأرض ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( اعتدلوا في السجود ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب ) متفق عليه .
يرفع رأسه مكبرا ، ويفرش قدمه اليسرى ويجلس عليها ، وينصب رجله اليمنى ، ويضع يديه علي فخذيه وركبتيه ، ويقول : ( رب اغفر لي رب اغفر لي رب اغفر لي اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني وعافني واجبرني ) ويطمئن في هذا الجلوس حتى يرجع كل فقار إلى مكانه كاعتداله بعد الركوع لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطيل اعتداله بعد الركوع وبين السجدتين .
13 - إذا كانت الصلاة ثنائية ، - أي ركعتين؛ كصلاة الفجر والجمعة والعيد - جلس بعد رفعه من السجدة الثانية ناصبا رجله اليمنى ، مفترشا رجله اليسرى ، واضعا يده اليمنى على فخذه اليمنى ، قابضا أصابعه كلها إلا السبابة ، فيشير بها إلى التوحيد عند ذكر الله سبحانه ، وعند الدعاء ، وإن قبض الخنصر والبنصر من يده اليمنى ، وحلق إبهامها مع الوسطى ، وأشار بالسبابة فحسن ، لثبوت الصفتين عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والأفضل : أن يفعل هذا تارة وهذا تارة ، ويضع يده اليسرى على فخذه اليسرى وركبته ، ثم يقرأ التشهد في هذا الجلوس ، وهو : ( التحيات لله ، والصلوات والطيبات ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ) ، ثم يقول : ( اللهم صل على محمد ، وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم ، وآل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد ، وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم ، وآل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ) .
ويستعيذ بالله من أربع فيقول : ( اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن فتنة المسيح الدجال ) . ثم يدعو بما شاء من خيري الدنيا والآخرة ، وإذا دعا لوالديه أو غيرهما من المسلمين فلا بأس ، سواء كانت الصلاة فريضة ، أو نافلة ، ( لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود لما علمه التشهد ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو ) وهذا يعم جميع ما ينفع العبد في الدنيا والآخرة ، ثم يسلم عن يمينه وشماله قائلا : ( السلام عليكم ورحمة الله ، السلام عليكم ورحمة الله ) .
14 - إن كانت الصلاة ثلاثية - كالمغرب - أو رباعية كالظهر . والعصر والعشاء - فإنه يقرأ التشهد المذكور آنفا ، مع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم ينهض قائما معتمدا على ركبتيه ، رافعا يديه إلى حذو منكبيه ، قائلا ( الله أكبر ) ويضعهما - أي : يديه - على صدره ، كما تقدم ، ويقرأ الفاتحة فقط ، وإن قرأ في الثالثة والرابعة من الظهر زيادة عن الفاتحة في بعض الأحيان فلا بأس ، لثبوت ما يدل على ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي سعيد - رضي الله عنه - ، وإن ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد الأول فلا بأس؛ لأنه مستحب وليس بواجب في التشهد الأول ، ثم يتشهد بعد الثالثة من المغرب ، وبعد الرابعة من الظهر والعصر والعشاء ، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، ويتعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات وفتنة المسيح الدجال ، ويكثر من الدعاء .
ومن الدعاء المشروع في هذا الموضع وغيره : ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار ) ، لما ثبت عن أنس - رضي الله عنه - قال : كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) كما تقدم ذلك في الصلاة الثنائية؛ لكن يكون في هذا الجلوس متوركا واضعا رجله اليسرى تحت رجله اليمنى ، ومقعدته على الأرض ناصبا رجله اليمنى ، لحديث أبي حميد في ذلك ، ثم يسلم عن يمينه وشماله ، قائلا : ( السلام عليكم ورحمة الله ، السلام عليكم ورحمة الله ) ويستغفر الله ثلاثا ويقول : ( اللهم أنت السلام ، ومنك السلام ، تباركت يا ذا الجلال والإكرام لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، لاحول ولا قوة إلا بالله ، اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد ، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه ، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن ، لا إله إلا الله ، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ) ، ويسبح الله ثلاثا وثلاثين ، ويحمده مثل ذلك ، ويكبره مثل ذلك ، ويقول تمام المائة : ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ) .
ويقرأ ( آية الكرسي ) و ( قل هو الله أحد ) ، ( قل أعوذ برب الفلق ) ، و ( قل أعوذ برب الناس ) ، بعد كل صلاة ، ويستحب تكرار هذه السور الثلاث ، ثلاث مرات بعد صلاة الفجر ، وصلاة المغرب ، لورود الحديث الصحيح بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، كما يستحب أن يزيد بعد الذكر المتقدم بعد صلاة الفجر وصلاة المغرب قول : ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير ) عشر مرات؛ لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان إماما انصرف إلى الناس وقابلهم بوجهه بعد استغفاره ثلاثا ، وبعد قوله : ( اللهم أنت السلام ومنك السلام تبارك يا ذا الجلال والإكرام ) .
ثم يأتي بالأذكار المذكورة؛ كما دل على ذلك أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، منها حديث عائشة - رضي الله عنها - في صحيح مسلم ، وكل هذه الأذكار سنة وليست بفريضة .
ويستحب لكل مسلم ومسلمة أن يصلي : قبل صلاة الظهر أربع ركعات ، وبعدها ركعتين ، وبعد صلاة المغرب ركعتين ، وبعد صلاة العشاء ركعتين ، وقبل صلاة الفجر ركعتين ، الجميع اثنتا عشرة ركعة ، وهذه الركعات تسمى : الرواتب لأن . النبي صلى الله عليه وسلم كان يحافظ عليها في الحضر ، أما في السفر فكان يتركها إلا سنة الفجر والوتر ، فإنه كان عليه الصلاة والسلام يحافظ عليهما حضرا وسفرا ، ولنا فيه أسوة حسنة لقول الله سبحانه : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } وقوله عليه الصلاة والسلام : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) رواه البخاري .
والأفضل : أن تصلي هذه الرواتب والوتر في البيت ، فإن صلاها في المسجد فلا بأس؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أفضل صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة ) متفق على صحته .
والمحافظة على هذه الركعات من أسباب دخول الجنة لما ثبت في صحيح مسلم ، عن أم حبيبة رضي الله عنها أنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعا غير فريضة إلا بنى الله له بيتا في الجنة ) وقد فسرها الإمام الترمذي في روايته لهذا الحديث بما ذكرنا .
وإن صلى أربع ركعات قبل صلاة العصر ، واثنتين قبل صلاة المغرب ، واثنتين قبل صلاة العشاء فحسن؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( رحم الله امرأ صلى أربعا قبل العصر ) رواه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ، وحسنه ، وابن خزيمة وصححه ، وإسناده صحيح ، ولقوله عليه الصلاة والسلام : ، ( بين كل أذانين صلاة بين كل أذانين صلاة ثم قال في الثالثة لمن شاء ) رواه البخاري .
وإن صلى أربعا بعد الظهر أو أربعا قبلها فحسن؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله تعالى على النار ) رواه الإمام أحمد ، وأهل السنن بإسناد صحيح ، عن أم حبيبة رضي الله عنها .
والمعنى : أنه يزيد على السنة الراتبة ركعتين بعد الظهر؛لأن السنة الراتبة أربع قبلها واثنتان بعدها ، فإذا زاد ثنتين بعدها حصل ما ذكر في حديث أم حبيبة رضي الله عنها .
والله ولي التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد ابن عبد الله ، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين .
33سببا للخشوع في الصلاة للشيخ محمد النجد
أولاً: الحرص على ما يجلب الخشوع ويقويه:
1- الاستعداد للصلاة والتهيؤ لها: ويحصل ذلك بأمور منها الترديد مع المؤذن والإتيان بالدعاء المشروع بعده ، والدعاء بين الأذان والإقامة، وإحسان الوضوء والتسمية قبله والذكر والدعاء بعده. والاعتناء بالسواك وأخذ الزينة باللباس الحسن النظيف، و التبكير والمشي إلى المسجد بسكينة ووقار وانتظار الصلاة، وكذلك تسوية الصفوف والتراص فيها .
2- الطمأنينة في الصلاة: كان النبي يطمئن حتى يرجع كل عظم إلى موضعه.
3- تذكر الموت في الصلاة: لقوله : { اذكر الموت في صلاتك، فإن الرجل إذا ذكر الموت في صلاته لحريّ أن يحسن صلاته، وصلّ صلاة رجل لا يظن أنه يصلي غيرها }.
4- تدبر الآيات المقروءة وبقية أذكار الصلاة والتفاعل معها: ولا يحصل التدبر إلا بالعلم بمعنى ما يقرأ فيستطيع التفكّر فينتج الدمع والتأثر قال الله تعالى: وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً [الفرقان:73].
* و مما يعين على التدبر التفاعل مع الآيات بالتسبيح عند المرور بآيات التسبيح و التعوذ عند المرور بآيات التعوذ..وهكذا.
* ومن التجاوب مع الآيات التأمين بعد الفاتحة وفيه أجر عظيم، قال رسول الله : { إذا أمَّنَ الإمام فأمِّنُوا فإنه مَن وافق تأمِينُهُ تأمين الملائكة غُفر له ما تقدم من ذنبه } [رواه البخاري]، وكذلك التجاوب مع الإمام في قوله سمع الله لمن حمده، فيقول المأموم: ربنا ولك الحمد وفيه أجر عظيم أيضا.
5- أن يقطّع قراءته آيةً آية: وذلك أدعى للفهم والتدبر وهي سنة النبي ، فكانت قراءته مفسرة حرفا حرفا.
6- ترتيل القراءة وتحسين الصوت بها: لقوله تعالى: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً [المزمل:4]، ولقوله : { زينوا القرآن بأصواتكم فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا } [أخرجه الحاكم].
7- أن يعلم أن الله يُجيبه في صلاته: قال : { قال الله عز وجل قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل، فإذا قال: الحمد لله رب العالمين قال الله: حمدني عبدي فإذا قال: الرحمن الرحيم، قال الله: أثنى عليّ عبدي، فإذا قال: مالك يوم الدين، قال الله: مجّدني عبدي، فإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين، قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال: إهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، قال الله: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل }.
8- الصلاة إلى سترة والدنو منها: من الأمور المفيدة لتحصيل الخشوع في الصلاة الاهتمام بالسترة والصلاة إليها، وللدنو من السترة فوائد منها:
* كف البصر عما وراءه، و منع من يجتاز بقربه... و منع الشيطان من المرور أو التعرض لإفساد الصلاة قال عليه الصلاة والسلام: { إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها حتى لا يقطع الشيطان عليه صلاته } [رواه أبو داود].
9- وضع اليمنى على اليسرى على الصّدر: كان النبي إذا قام في الصلاة وضع يده اليمنى على اليسرى و كان يضعهما على الصدر ، و الحكمة في هذه الهيئة أنها صفة السائل الذليل وهو أمنع من العبث وأقرب إلى الخشوع.
10- النظر إلى موضع السجود: لما ورد عن عائشة أن رسول الله إذا صلى طأطأ رأسه و رمى ببصره نحو الأرض، أما إذا جلس للتشهد فإنه ينظر إلى أصبعه المشيرة وهو يحركها كما صح عنه .
11- تحريك السبابة: قال النبي : { لهي أشد على الشيطان من الحديد }، و الإشارة بالسبابة تذكّر العبد بوحدانية الله تعالى والإخلاص في العبادة وهذا أعظم شيء يكرهه الشيطان نعوذ بالله منه.
12- التنويع في السور والآيات والأذكار والأدعية في الصلاة: وهذا يُشعر المصلي بتجدد المعاني، ويفيده ورود المضامين المتعددة للآيات والأذكار فالتنويع من السنّة وأكمل في الخشوع.
13- أن يأتي بسجود التلاوة إذا مرّ بموضعه: قال تعالى: وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً [الإسراء:109]، وقال تعالى: إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً [مريم:58]، قال رسول الله : { إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد، اعتزل الشيطان يبكي، يقول: يا ويلي، أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار } [رواه مسلم].
14- الاستعاذة بالله من الشيطان: الشيطان عدو لنا ومن عداوته قيامه بالوسوسة للمصلي كي يذهب خشوعه ويلبِّس عليه صلاته. و الشيطان بمنزلة قاطع الطريق، كلما أراد العبد السير إلى الله تعالى، أراد قطع الطريق عليه، فينبغي للعبد أن يثبت و يصبر، ويلازم ماهو فيه من الذكر و الصلاة و لا يضجر فإنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان: إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً [النساء:76].
15- التأمل في حال السلف في صلاتهم: كان علي بن أبي طالب إذا حضرت الصلاة يتزلزل و يتلون وجهه، فقيل له: ما لك؟ فيقول: جاء والله وقت أمانة عرضها الله على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها و أشفقن منها و حملتُها. و كان سعيد التنوخي إذا صلى لم تنقطع الدموع من خديه على لحيته.
16- معرفة مزايا الخشوع في الصلاة: ومنها قوله : { ما من امريء مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها و خشوعها و ركوعها، إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم تؤت كبيرة، و ذلك الدهر كله } [رواه مسلم].
17- الاجتهاد بالدعاء في مواضعه في الصلاة وخصوصا في السجود: قال تعالى: ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً [الأعراف:55]، وقال نبينا الكريم: { أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء } [رواه مسلم].
18- الأذكار الواردة بعد الصلاة: فإنه مما يعين على تثبيت أثر الخشوع في القلب وما حصل من بركة الصلاة.
ثانياً: دفع الموانع والشواغل التي تصرف عن الخشوع وتكدِّر صفوه:
19- إزالة ما يشغل المصلي من المكان: عن أنس قال: كان قِرام ( ستر فيه نقش وقيل ثوب ملوّن ) لعائشة سترت به جانب بيتها، فقال لها النبي : { أميطي - أزيلي - عني فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي } [رواه البخاري].
20- أن لا يصلي في ثوب فيه نقوش أو كتابات أو ألوان أو تصاوير تشغل المصلي: فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قام النبي الله يصلي في خميصة ذات أعلام - وهو كساء مخطط ومربّع - فنظر إلى علمها فلما قضى صلاته قال: { اذهبوا بهذه الخميصة إلى أبي جهم بن حذيفة و أتوني بأنبجانيّه - وهي كساء ليس فيه تخطيط ولا تطريز ولا أعلام -، فإنها ألهتني آنفا في صلاتي } [رواه مسلم].
21- أن لا يصلي وبحضرته طعام يشتهيه: قال : { لا صلاة بحضرة طعام } [رواه مسلم].
22- أن لا يصلي وهو حاقن أو حاقب: لاشكّ أن مما ينافي الخشوع أن يصلي الشخص وقد حصره البول أو الغائط، ولذلك نهى رسول الله أن يصلي الرجل و هو حاقن: أي الحابس البول، أوحاقب: و هو الحابس للغائط، قال اصلى الله عليه وسلم: { لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان } [صحيح مسلم]، وهذه المدافعة بلا ريب تذهب بالخشوع. ويشمل هذا الحكم أيضا مدافعة الريح.
23- أن لا يصلي وقد غلبه النّعاس: عن أنس بن مالك قال، قال رسول الله : { إذا نعس أحدكم في الصلاة فلينم حتى يعلم ما يقول } [رواه البخاري].
24- أن لا يصلي خلف المتحدث أو النائم: لأن النبي نهى عن ذلك فقال: { لا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث } لأن المتحدث يلهي بحديثه، ويشغل المصلي عن صلاته.والنائم قد يبدو منه ما يلهي المصلي عن صلاته. فإذا أُمن ذلك فلا تُكره الصلاة خلف النائم والله أعلم.
25- عدم الانشغال بتسوية الحصى: روى البخاري رحمه الله تعالى عن معيقيب رضي الله عنه: { أن النبي قال في الرجل يسوي التراب حيث يسجد قال: إن كنت فاعلا فواحدة } والعلة في هذا النهي ؛ المحافظة على الخشوع ولئلا يكثر العمل في الصلاة. والأَولى إذا كان موضع سجوده يحتاج إلى تسوية فليسوه قبل الدخول في الصلاة.
26- عدم التشويش بالقراءة على الآخرين: قال رسول الله : { ألا إن كلكم مناج ربه، فلا يؤذين بعضكم بعضا، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة } أو قال ( في الصلاة ) [رواه أبو داود].
27- ترك الالتفات في الصلاة: لحديث أبي ذر قال: قال رسول الله : { لا يزال الله عز وجل مقبلا على العبد وهو في صلاته ما لم يلتفت، فإذا التفت انصرف عنه } وقد سئل رسول الله عن الالتفات في الصلاة فقال: { اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد } [رواه البخاري].
28- عدم رفع البصر إلى السماء: وقد ورد النهي عن ذلك والوعيد على فعله في قوله : { إذا كان أحدكم في الصلاة فلا يرفع بصره إلى السماء } [رواه أحمد]، واشتد نهي النبي صلى الله عليه و سلم عن ذلك حتى قال: { لينتهنّ عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم } [رواه البخاري].
29- أن لا يبصق أمامه في الصلاة: لأنه مما ينافي الخشوع في الصلاة والأدب مع الله لقوله : { إذا كان أحدكم يصلي فلا يبصق قِبَل وجهه فإن الله قِبَل وجهه إذا صلى } [رواه البخاري].
30- مجاهدة التثاؤب في الصلاة: قال رسول الله : { إذا تثاءَب أحدُكم في الصلاة فليكظِم ما استطاع فإن الشيطان يدخل } [رواه مسلم].
31- عدم الاختصار في الصلاة: عن أبي هريرة قال: { نهى رسول الله عن الاختصار في الصلاة } والاختصار هو أن يضع يديه على الخصر.
32- ترك السدل في الصلاة: لما ورد أن رسول الله : { نهى عن السدل في الصلاة وأن يغطي الرجل فاه } [رواه أبو داود] والسدل ؛ إرسال الثوب حتى يصيب الأرض.
33- ترك التشبه بالبهائم: فقد نهى رسول الله في الصلاة عن ثلاث: عن نقر الغراب وافتراش السبع وأن يوطن الرجل المقام الواحد كإيطان البعير، وإبطان البعير: يألف الرجل مكانا معلوما من المسجد مخصوصا به يصلي فيه كالبعير لا يُغير مناخه فيوطنه.
هذا ما تيسر ذكره من الأسباب الجالبة للخشوع لتحصيلها والأسباب المشغلة عنه لتلافيها.
والحمد لله و الصلاة و السلام على نبينا محمد.
الصلاة ذات الخشوع والخضوع
الصلاة قرة عيون المحبين ، و لذة أرواح الموحدين ، و بستان العابدين و لذة نفوس الخاشعين ، و محك أحوال الصادقين ، و ميزان أحوال السالكين ، و هي رحمةُ الله المهداة إلى عباده المؤمنين .هداهم إليها ، و عرَّفهم بها ، و أهداها إليهم على يد رسوله الصادق الأمين ، رحمة بهم ، و إكراما لهم ، لينالوا بها شرف كرامته ، و الفوز بقربه لا لحاجة منه إليهم ، بل منَّة منه ، و تفضَّلا عليهم. (ابن القيم)
الصلاة قرة عيون الموحدين (وجعلت قرة عيني في الصلاة ) وراحة وسعادة المتقين ( ارحنا بها يا بلال)
الخاشعون فيها هم المفلحون قال الله تعالى :[ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ ]
الخشوع في الصلاة هو : حضور القلب بين يدي الله تعالى ، مستحضرا لقربه ، فيسكن لذلك قلبه ، وتطمئن نفسه ، وتسكن حركاته ويقل التفاته ، متأدبا بين يدي ربه ، مستحضرا جميع ما يقوله ويفعله في صلاته ، من أول صلاته إلى آخرها (السعدي)
الصلاة هي الصلة بين العبد وربه وهي معراج المسلم يستعين بها علي قضاء حاجاته الدينية الدنيوية يقول الله تعالى {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ } وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( قال الله تعالى : قسمت الصلاة بين وبين عبدي نصفين. ولعبدي ما سأل. فإذا قال العبد : الحمد لله رب العالمين، قال الله تعالى : حمدني عبدي. وإذا قال؛ الرحمن الرحيم. قال الله تعالى؛ أثنى علي عبدي. وإذا قال مالك يوم الدين. قال : مجدني عبدي (وقال مرة : فوض إلى عبدي) فإذا قال : إياك نعبد وإياك نستعين. قال : هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل. فإذا قال : اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين. قال : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل)) إذا حافظ المسلم على الصلاة كما ينبغي فإنها تنهاه عن ارتكاب المنكرات وفعل المحرمات قال الله تعالى {وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ }
أهمية الصلاة
الصلاة هي الركن الثاني من اركان الإسلام الخمسة قال صلى الله عليه وسلم (بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان ) وهي عمود الإسلام قال صلى الله عليه وسلم ( رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة )
قال الإمام احمد رحمه الله . (( وقد جاء الحديث قال : (لاحظّ في الإسلام لمن ترك الصّلاة ) فكلّ مستخفٍّ بالصّلاة مستهينٍ بها : هو مستخفٌ بالإسلام مستهين به .
وإنما حظّهم من الإسلام على قدر حظّهم من الصّلاة ، ورغبتهم في الإسلام على قدر رغبتهم في الصّلاة ، فاعرف نفسك يا عبد الله ، واعلم أنّ حظّك من الإسلام وقدر الإسلام عندك بقدر حظّك من الصّلاة وقدرها عندك .
واحذر أن تلقى الله عزّوجل ولا قدر للإسلام عندك ، فإنّ قدر الإسلام في قلبك كقدر الصّلاة في قلبك ، وقد جاء الحديث عن النّبيّ صلي الله عليه وسلم أنه قال : ( الصّلاة عمود الإسلام ) ، ألست تعلم أنّ الفسطاط إذا سقط عموده سقط الفسطاط ولم ينتفع بالطنب ولا بالأوتاد؟ وإذا قام عمود الفسطاط انتفعت بالطنب والأوتاد ، فكذلك الصّلاة من الإسلام
فانظروا رحمكم الله واعقلوا ، وأحكموا الصّلاة ، واتّقوا الله فيها ، وتعاونوا عليها وتناصحوا فيها بالتعليم من بعضكم لبعض ، والتذكير من بعضكم لبعض من الغفلة والنّسيان ، فإنّ الله عزّوجل قد أمركم أن تعاونوا بالبرّ والتقوى ، والصّلاة : أفضل البر0
والصلاة شعار الإسلام وعلامته الظاهرة يقول الله تعالى {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ }وهي اول ما يحاسب عليه المسلم من اعماله قال صلى الله عليه وسلم ( أنّ أول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة من عمله : صلاتُه ، فإن تُقبّلت منه صلاتُه تُقبّل منه سائرُ عمله ، و إن رُدّت صلاته رُدّ سائر عمله )
فضل الصلاة
الصلاة من أفضل الأعمال واحبها الى الله ومن فضلها انها تمنع صاحبها من ارتكاب الفواحش والمنكرات قال تعالى {وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ }
ومن فضائلها أنها تمحو الخطايا والسيئات قال صلى الله عليه وسلم ( أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم، يغتسل فيه كل يوم خمسا، ما تقول : ذلك يبقي من درنه. قالوا : لا يبقى من درنه شيئا، قال : فذلك مثل الصلوات الخمس، يمحو الله بها الخطايا. )
ومن فضائلها انها كفارة لصغائر الذنوب قال صلى الله عليه وسلم ( ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة. فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها. إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب. ما لم. يؤت كبيرة. وذلك الدهر كله".)
ومن فضائلها انها من أسباب دخول الجنة قال صلى الله عليه وسلم (من صلى البردين دخل الجنة. )
ومن فضائلها انها تمنع صاحبها من دخول النار قال صلى الله عليه وسلم (لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ) يعني الفجر والعصر
ومن فضائلها ان صاحبها في ذمة الله قال صلى الله عليه وسلم (من صلى الصبح فهو في ذمة الله فانظر يابن آدم لا يطلبنك الله من ذمته بشيء )ومن فضائلها ان صاحبها لايضام في رئية الله يوم القيامة قال صلى الله عليه وسلم (إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس، وصلاة قبل غروب الشمس، فافعلوا )
صفة الصلاة
صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم للشيخ بن باز رحه الله
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد ، وآله وصحبه ، أما بعد :
فهذه كلمات موجزة في بيان صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم أردت تقديمها إلى كل مسلم ومسلمة؛ ليجتهد كل من يطلع عليها في التأسي به صلى الله عليه وسلم في ذلك ، لقوله صلى الله عليه وسلم : (صلوا كما رأيتموني أصلي )
رواه البخاري .
وإلى القارئ بيان ذلك :
1 - يسبغ الوضوء ، وهو أن يتوضأ كما أمره الله؛ عملا بقوله - سبحانه وتعالى- : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ } وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تقبل صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول ) رواه مسلم في صحيحه ، وقوله صلى الله عليه وسلم للذي أساء صلاته : ( إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء)
2 - يتوجه المصلي إلى القبلة :
- وهي : الكعبة- أينما كان ، بجميع بدنه ، قاصدا بقلبه فعل الصلاة التي يريدها من فريضة أو نافلة ، ولا ينطق بلسانه بالنية؛ لأن النطق باللسان غير مشروع؛ بل هو بدعة ، لكون النبي صلى الله عليه وسلم لم ينطق بالنية ،
ولا أصحابه رضي الله عنهم ، ويسن أن يجعل له سترة يصلي إليها إن كان إماما أو منفردا؛ لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك " واستقبال القبلة شرط في الصلاة إلا في مسائل مستثناة ومعلومة ، موضحة في كتب أهل العلم " .
3 - يكبر تكبيرة الإحرام قائلا : ( الله أكبر ) ، ناظرا ببصره إلى محل سجوده .
4 - يرفع يديه عند التكبيرة إلى حذو منكبيه ، أو إلى حيال أذنيه .
5 - يضع يديه على صدره ، اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعدة لثبوت ذلك من حديث وائل بن حجر ، وقبيصة بن هلب الطائي ، عن أبيه رضي الله عنهما .
6 - يسن أن يقرأ دعاء الاستفتاح وهو : اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب ، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد . . وإن شاء قال بدلا من ذلك : سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا الله غيرك ، وإن أتى بغيرهما من الاستفتاحات الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا بأس ، والأفضل أن يفعل هذا تارة وهذا تارة لأن ذلك أكمل في الاتباع ، ثم يقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم ، ويقرأ سورة الفاتحة لقوله صلى الله عليه وسلم :( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) ويقول بعدها آمين جهرا في الصلاة الجهرية ، ثم يقرأ ما تيسر من القرآن .
7 - يركع مكبرا رافعا يديه إلى حذو منكبيه أو أذنيه جاعلا رأسه حيال ظهره واضعا يديه على ركبتيه مفرقا أصابعه ويطمئن في ركوعه ويقول : سبحان ربي العظيم ، والأفضل أن يكررها ثلاثا أو أكثر ويستحب أن يقول مع ذلك : سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي .
8 - يرفع رأسه من الركوع رافعا يديه إلى حذو منكبيه أو أذنيه قائلا : سمع الله لمن حمده إن كان إماما أو منفردا ، ويقول حال قيامه : ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السموات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد ، أما إن كان مأموما فإنه يقول عند الرفع : ربنا ولك الحمد إلى أخر ما تقدم ، ويستحب أن يضع كل منهما - أي الإمام والمأموم - يديه على صدره كما فعل في قيامه قبل الركوع لثبوت ما يدل على ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث وائل ابن حجر وسهل بن سعد رضي الله عنهما .
9- يسجد مكبرا واضعا ركبتيه قبل يديه إذا تيسر ذلك ، فإن شق عليه قدم يديه قبل ركبتيه مستقبلا بأصابع رجليه ويديه القبلة ضاما أصابع يديه ويسجد على أعضائه السبعة : الجبهة مع الأنف ، واليدين ، والركبتين ، وبطون أصابع الرجلين . ويقول : سبحان ربي الأعلى ، ويكرر ذلك ثلاثا أو أكثر ،
. ويستحب أن يقول مع ذلك : ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي ) . ويكثر من الدعاء . لقول النبي صلى الله عليه وسلم :( أما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم ) وقوله صلى الله عليه وسلم : ( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء ) رواهما مسلم في صحيحه .
ويسأل ربه له ولغيره من المسلمين من خيري الدنيا والآخرة ، سواء كانت الصلاة فرضا أو نفلا ، ويجافي عضديه عن جنبيه ، وبطنه عن فخذيه ، وفخذيه عن ساقيه ، ويرفع ذراعيه عن الأرض ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( اعتدلوا في السجود ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب ) متفق عليه .
10 - يرفع رأسه مكبرا ، ويفرش قدمه اليسرى ويجلس عليها ، وينصب رجله اليمنى ، ويضع يديه علي فخذيه وركبتيه ، ويقول : ( رب اغفر لي رب اغفر لي رب اغفر لي اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني وعافني واجبرني ) ويطمئن في هذا الجلوس حتى يرجع كل فقار إلى مكانه كاعتداله بعد الركوع لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطيل اعتداله بعد الركوع وبين السجدتين .
11 - يسجد السجدة الثانية مكبرا ، ويفعل فيها كما فعل في السجدة الأولى .
12 - يرفع رأسه مكبرا ، ويجلس جلسة خفيفة مثل جلوسه بين السجدتين ، وتسمى جلسة الاستراحة ، وهي مستحبة في أصح قولي العلماء ، وإن تركها فلا حرج ، وليس فيها ذكر ولا دعاء . ثم ينهض قائما إلى الركعة الثانية معتمدا على ركبتيه إن تيسر ذلك ، وإن شق عليه اعتمد على الأرض بيديه ، ثم يقرأ الفاتحة وما تيسر له من القرآن بعد الفاتحة ، كما سبق في الركعة الأولى ، ثم يفعل كما فعل في الركعة الأولى ، ولا يجوز للمأموم مسابقة إمامه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ، حذر أمته من ذلك ، وتكره موافقته للإمام ، والسنة له : أن تكون أفعاله بعد إمامه من دون تراخ ، وبعد انقطاع صوته ،
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد وإذا سجد فاسجدوا ) الحديث متفق عليه .
ويستحب أن يقول مع ذلك : ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي ) . ويكثر من الدعاء . لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم ) وقوله صلى الله عليه وسلم : ( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء ) رواهما مسلم في صحيحه .
ويسأل ربه له ولغيره من المسلمين من خيري الدنيا والآخرة ، سواء كانت الصلاة فرضا أو نفلا ، ويجافي عضديه عن جنبيه ، وبطنه عن فخذيه ، وفخذيه عن ساقيه ، ويرفع ذراعيه عن الأرض ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( اعتدلوا في السجود ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب ) متفق عليه .
يرفع رأسه مكبرا ، ويفرش قدمه اليسرى ويجلس عليها ، وينصب رجله اليمنى ، ويضع يديه علي فخذيه وركبتيه ، ويقول : ( رب اغفر لي رب اغفر لي رب اغفر لي اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني وعافني واجبرني ) ويطمئن في هذا الجلوس حتى يرجع كل فقار إلى مكانه كاعتداله بعد الركوع لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطيل اعتداله بعد الركوع وبين السجدتين .
13 - إذا كانت الصلاة ثنائية ، - أي ركعتين؛ كصلاة الفجر والجمعة والعيد - جلس بعد رفعه من السجدة الثانية ناصبا رجله اليمنى ، مفترشا رجله اليسرى ، واضعا يده اليمنى على فخذه اليمنى ، قابضا أصابعه كلها إلا السبابة ، فيشير بها إلى التوحيد عند ذكر الله سبحانه ، وعند الدعاء ، وإن قبض الخنصر والبنصر من يده اليمنى ، وحلق إبهامها مع الوسطى ، وأشار بالسبابة فحسن ، لثبوت الصفتين عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والأفضل : أن يفعل هذا تارة وهذا تارة ، ويضع يده اليسرى على فخذه اليسرى وركبته ، ثم يقرأ التشهد في هذا الجلوس ، وهو : ( التحيات لله ، والصلوات والطيبات ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ) ، ثم يقول : ( اللهم صل على محمد ، وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم ، وآل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد ، وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم ، وآل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ) .
ويستعيذ بالله من أربع فيقول : ( اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن فتنة المسيح الدجال ) . ثم يدعو بما شاء من خيري الدنيا والآخرة ، وإذا دعا لوالديه أو غيرهما من المسلمين فلا بأس ، سواء كانت الصلاة فريضة ، أو نافلة ، ( لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود لما علمه التشهد ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو ) وهذا يعم جميع ما ينفع العبد في الدنيا والآخرة ، ثم يسلم عن يمينه وشماله قائلا : ( السلام عليكم ورحمة الله ، السلام عليكم ورحمة الله ) .
14 - إن كانت الصلاة ثلاثية - كالمغرب - أو رباعية كالظهر . والعصر والعشاء - فإنه يقرأ التشهد المذكور آنفا ، مع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم ينهض قائما معتمدا على ركبتيه ، رافعا يديه إلى حذو منكبيه ، قائلا ( الله أكبر ) ويضعهما - أي : يديه - على صدره ، كما تقدم ، ويقرأ الفاتحة فقط ، وإن قرأ في الثالثة والرابعة من الظهر زيادة عن الفاتحة في بعض الأحيان فلا بأس ، لثبوت ما يدل على ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي سعيد - رضي الله عنه - ، وإن ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد الأول فلا بأس؛ لأنه مستحب وليس بواجب في التشهد الأول ، ثم يتشهد بعد الثالثة من المغرب ، وبعد الرابعة من الظهر والعصر والعشاء ، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، ويتعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات وفتنة المسيح الدجال ، ويكثر من الدعاء .
ومن الدعاء المشروع في هذا الموضع وغيره : ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار ) ، لما ثبت عن أنس - رضي الله عنه - قال : كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) كما تقدم ذلك في الصلاة الثنائية؛ لكن يكون في هذا الجلوس متوركا واضعا رجله اليسرى تحت رجله اليمنى ، ومقعدته على الأرض ناصبا رجله اليمنى ، لحديث أبي حميد في ذلك ، ثم يسلم عن يمينه وشماله ، قائلا : ( السلام عليكم ورحمة الله ، السلام عليكم ورحمة الله ) ويستغفر الله ثلاثا ويقول : ( اللهم أنت السلام ، ومنك السلام ، تباركت يا ذا الجلال والإكرام لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، لاحول ولا قوة إلا بالله ، اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد ، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه ، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن ، لا إله إلا الله ، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ) ، ويسبح الله ثلاثا وثلاثين ، ويحمده مثل ذلك ، ويكبره مثل ذلك ، ويقول تمام المائة : ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ) .
ويقرأ ( آية الكرسي ) و ( قل هو الله أحد ) ، ( قل أعوذ برب الفلق ) ، و ( قل أعوذ برب الناس ) ، بعد كل صلاة ، ويستحب تكرار هذه السور الثلاث ، ثلاث مرات بعد صلاة الفجر ، وصلاة المغرب ، لورود الحديث الصحيح بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، كما يستحب أن يزيد بعد الذكر المتقدم بعد صلاة الفجر وصلاة المغرب قول : ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير ) عشر مرات؛ لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان إماما انصرف إلى الناس وقابلهم بوجهه بعد استغفاره ثلاثا ، وبعد قوله : ( اللهم أنت السلام ومنك السلام تبارك يا ذا الجلال والإكرام ) .
ثم يأتي بالأذكار المذكورة؛ كما دل على ذلك أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، منها حديث عائشة - رضي الله عنها - في صحيح مسلم ، وكل هذه الأذكار سنة وليست بفريضة .
ويستحب لكل مسلم ومسلمة أن يصلي : قبل صلاة الظهر أربع ركعات ، وبعدها ركعتين ، وبعد صلاة المغرب ركعتين ، وبعد صلاة العشاء ركعتين ، وقبل صلاة الفجر ركعتين ، الجميع اثنتا عشرة ركعة ، وهذه الركعات تسمى : الرواتب لأن . النبي صلى الله عليه وسلم كان يحافظ عليها في الحضر ، أما في السفر فكان يتركها إلا سنة الفجر والوتر ، فإنه كان عليه الصلاة والسلام يحافظ عليهما حضرا وسفرا ، ولنا فيه أسوة حسنة لقول الله سبحانه : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } وقوله عليه الصلاة والسلام : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) رواه البخاري .
والأفضل : أن تصلي هذه الرواتب والوتر في البيت ، فإن صلاها في المسجد فلا بأس؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أفضل صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة ) متفق على صحته .
والمحافظة على هذه الركعات من أسباب دخول الجنة لما ثبت في صحيح مسلم ، عن أم حبيبة رضي الله عنها أنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعا غير فريضة إلا بنى الله له بيتا في الجنة ) وقد فسرها الإمام الترمذي في روايته لهذا الحديث بما ذكرنا .
وإن صلى أربع ركعات قبل صلاة العصر ، واثنتين قبل صلاة المغرب ، واثنتين قبل صلاة العشاء فحسن؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( رحم الله امرأ صلى أربعا قبل العصر ) رواه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ، وحسنه ، وابن خزيمة وصححه ، وإسناده صحيح ، ولقوله عليه الصلاة والسلام : ، ( بين كل أذانين صلاة بين كل أذانين صلاة ثم قال في الثالثة لمن شاء ) رواه البخاري .
وإن صلى أربعا بعد الظهر أو أربعا قبلها فحسن؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله تعالى على النار ) رواه الإمام أحمد ، وأهل السنن بإسناد صحيح ، عن أم حبيبة رضي الله عنها .
والمعنى : أنه يزيد على السنة الراتبة ركعتين بعد الظهر؛لأن السنة الراتبة أربع قبلها واثنتان بعدها ، فإذا زاد ثنتين بعدها حصل ما ذكر في حديث أم حبيبة رضي الله عنها .
والله ولي التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد ابن عبد الله ، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين .
33سببا للخشوع في الصلاة للشيخ محمد النجد
أولاً: الحرص على ما يجلب الخشوع ويقويه:
1- الاستعداد للصلاة والتهيؤ لها: ويحصل ذلك بأمور منها الترديد مع المؤذن والإتيان بالدعاء المشروع بعده ، والدعاء بين الأذان والإقامة، وإحسان الوضوء والتسمية قبله والذكر والدعاء بعده. والاعتناء بالسواك وأخذ الزينة باللباس الحسن النظيف، و التبكير والمشي إلى المسجد بسكينة ووقار وانتظار الصلاة، وكذلك تسوية الصفوف والتراص فيها .
2- الطمأنينة في الصلاة: كان النبي يطمئن حتى يرجع كل عظم إلى موضعه.
3- تذكر الموت في الصلاة: لقوله : { اذكر الموت في صلاتك، فإن الرجل إذا ذكر الموت في صلاته لحريّ أن يحسن صلاته، وصلّ صلاة رجل لا يظن أنه يصلي غيرها }.
4- تدبر الآيات المقروءة وبقية أذكار الصلاة والتفاعل معها: ولا يحصل التدبر إلا بالعلم بمعنى ما يقرأ فيستطيع التفكّر فينتج الدمع والتأثر قال الله تعالى: وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً [الفرقان:73].
* و مما يعين على التدبر التفاعل مع الآيات بالتسبيح عند المرور بآيات التسبيح و التعوذ عند المرور بآيات التعوذ..وهكذا.
* ومن التجاوب مع الآيات التأمين بعد الفاتحة وفيه أجر عظيم، قال رسول الله : { إذا أمَّنَ الإمام فأمِّنُوا فإنه مَن وافق تأمِينُهُ تأمين الملائكة غُفر له ما تقدم من ذنبه } [رواه البخاري]، وكذلك التجاوب مع الإمام في قوله سمع الله لمن حمده، فيقول المأموم: ربنا ولك الحمد وفيه أجر عظيم أيضا.
5- أن يقطّع قراءته آيةً آية: وذلك أدعى للفهم والتدبر وهي سنة النبي ، فكانت قراءته مفسرة حرفا حرفا.
6- ترتيل القراءة وتحسين الصوت بها: لقوله تعالى: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً [المزمل:4]، ولقوله : { زينوا القرآن بأصواتكم فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا } [أخرجه الحاكم].
7- أن يعلم أن الله يُجيبه في صلاته: قال : { قال الله عز وجل قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل، فإذا قال: الحمد لله رب العالمين قال الله: حمدني عبدي فإذا قال: الرحمن الرحيم، قال الله: أثنى عليّ عبدي، فإذا قال: مالك يوم الدين، قال الله: مجّدني عبدي، فإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين، قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال: إهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، قال الله: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل }.
8- الصلاة إلى سترة والدنو منها: من الأمور المفيدة لتحصيل الخشوع في الصلاة الاهتمام بالسترة والصلاة إليها، وللدنو من السترة فوائد منها:
* كف البصر عما وراءه، و منع من يجتاز بقربه... و منع الشيطان من المرور أو التعرض لإفساد الصلاة قال عليه الصلاة والسلام: { إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها حتى لا يقطع الشيطان عليه صلاته } [رواه أبو داود].
9- وضع اليمنى على اليسرى على الصّدر: كان النبي إذا قام في الصلاة وضع يده اليمنى على اليسرى و كان يضعهما على الصدر ، و الحكمة في هذه الهيئة أنها صفة السائل الذليل وهو أمنع من العبث وأقرب إلى الخشوع.
10- النظر إلى موضع السجود: لما ورد عن عائشة أن رسول الله إذا صلى طأطأ رأسه و رمى ببصره نحو الأرض، أما إذا جلس للتشهد فإنه ينظر إلى أصبعه المشيرة وهو يحركها كما صح عنه .
11- تحريك السبابة: قال النبي : { لهي أشد على الشيطان من الحديد }، و الإشارة بالسبابة تذكّر العبد بوحدانية الله تعالى والإخلاص في العبادة وهذا أعظم شيء يكرهه الشيطان نعوذ بالله منه.
12- التنويع في السور والآيات والأذكار والأدعية في الصلاة: وهذا يُشعر المصلي بتجدد المعاني، ويفيده ورود المضامين المتعددة للآيات والأذكار فالتنويع من السنّة وأكمل في الخشوع.
13- أن يأتي بسجود التلاوة إذا مرّ بموضعه: قال تعالى: وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً [الإسراء:109]، وقال تعالى: إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً [مريم:58]، قال رسول الله : { إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد، اعتزل الشيطان يبكي، يقول: يا ويلي، أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار } [رواه مسلم].
14- الاستعاذة بالله من الشيطان: الشيطان عدو لنا ومن عداوته قيامه بالوسوسة للمصلي كي يذهب خشوعه ويلبِّس عليه صلاته. و الشيطان بمنزلة قاطع الطريق، كلما أراد العبد السير إلى الله تعالى، أراد قطع الطريق عليه، فينبغي للعبد أن يثبت و يصبر، ويلازم ماهو فيه من الذكر و الصلاة و لا يضجر فإنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان: إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً [النساء:76].
15- التأمل في حال السلف في صلاتهم: كان علي بن أبي طالب إذا حضرت الصلاة يتزلزل و يتلون وجهه، فقيل له: ما لك؟ فيقول: جاء والله وقت أمانة عرضها الله على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها و أشفقن منها و حملتُها. و كان سعيد التنوخي إذا صلى لم تنقطع الدموع من خديه على لحيته.
16- معرفة مزايا الخشوع في الصلاة: ومنها قوله : { ما من امريء مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها و خشوعها و ركوعها، إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم تؤت كبيرة، و ذلك الدهر كله } [رواه مسلم].
17- الاجتهاد بالدعاء في مواضعه في الصلاة وخصوصا في السجود: قال تعالى: ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً [الأعراف:55]، وقال نبينا الكريم: { أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء } [رواه مسلم].
18- الأذكار الواردة بعد الصلاة: فإنه مما يعين على تثبيت أثر الخشوع في القلب وما حصل من بركة الصلاة.
ثانياً: دفع الموانع والشواغل التي تصرف عن الخشوع وتكدِّر صفوه:
19- إزالة ما يشغل المصلي من المكان: عن أنس قال: كان قِرام ( ستر فيه نقش وقيل ثوب ملوّن ) لعائشة سترت به جانب بيتها، فقال لها النبي : { أميطي - أزيلي - عني فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي } [رواه البخاري].
20- أن لا يصلي في ثوب فيه نقوش أو كتابات أو ألوان أو تصاوير تشغل المصلي: فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قام النبي الله يصلي في خميصة ذات أعلام - وهو كساء مخطط ومربّع - فنظر إلى علمها فلما قضى صلاته قال: { اذهبوا بهذه الخميصة إلى أبي جهم بن حذيفة و أتوني بأنبجانيّه - وهي كساء ليس فيه تخطيط ولا تطريز ولا أعلام -، فإنها ألهتني آنفا في صلاتي } [رواه مسلم].
21- أن لا يصلي وبحضرته طعام يشتهيه: قال : { لا صلاة بحضرة طعام } [رواه مسلم].
22- أن لا يصلي وهو حاقن أو حاقب: لاشكّ أن مما ينافي الخشوع أن يصلي الشخص وقد حصره البول أو الغائط، ولذلك نهى رسول الله أن يصلي الرجل و هو حاقن: أي الحابس البول، أوحاقب: و هو الحابس للغائط، قال اصلى الله عليه وسلم: { لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان } [صحيح مسلم]، وهذه المدافعة بلا ريب تذهب بالخشوع. ويشمل هذا الحكم أيضا مدافعة الريح.
23- أن لا يصلي وقد غلبه النّعاس: عن أنس بن مالك قال، قال رسول الله : { إذا نعس أحدكم في الصلاة فلينم حتى يعلم ما يقول } [رواه البخاري].
24- أن لا يصلي خلف المتحدث أو النائم: لأن النبي نهى عن ذلك فقال: { لا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث } لأن المتحدث يلهي بحديثه، ويشغل المصلي عن صلاته.والنائم قد يبدو منه ما يلهي المصلي عن صلاته. فإذا أُمن ذلك فلا تُكره الصلاة خلف النائم والله أعلم.
25- عدم الانشغال بتسوية الحصى: روى البخاري رحمه الله تعالى عن معيقيب رضي الله عنه: { أن النبي قال في الرجل يسوي التراب حيث يسجد قال: إن كنت فاعلا فواحدة } والعلة في هذا النهي ؛ المحافظة على الخشوع ولئلا يكثر العمل في الصلاة. والأَولى إذا كان موضع سجوده يحتاج إلى تسوية فليسوه قبل الدخول في الصلاة.
26- عدم التشويش بالقراءة على الآخرين: قال رسول الله : { ألا إن كلكم مناج ربه، فلا يؤذين بعضكم بعضا، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة } أو قال ( في الصلاة ) [رواه أبو داود].
27- ترك الالتفات في الصلاة: لحديث أبي ذر قال: قال رسول الله : { لا يزال الله عز وجل مقبلا على العبد وهو في صلاته ما لم يلتفت، فإذا التفت انصرف عنه } وقد سئل رسول الله عن الالتفات في الصلاة فقال: { اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد } [رواه البخاري].
28- عدم رفع البصر إلى السماء: وقد ورد النهي عن ذلك والوعيد على فعله في قوله : { إذا كان أحدكم في الصلاة فلا يرفع بصره إلى السماء } [رواه أحمد]، واشتد نهي النبي صلى الله عليه و سلم عن ذلك حتى قال: { لينتهنّ عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم } [رواه البخاري].
29- أن لا يبصق أمامه في الصلاة: لأنه مما ينافي الخشوع في الصلاة والأدب مع الله لقوله : { إذا كان أحدكم يصلي فلا يبصق قِبَل وجهه فإن الله قِبَل وجهه إذا صلى } [رواه البخاري].
30- مجاهدة التثاؤب في الصلاة: قال رسول الله : { إذا تثاءَب أحدُكم في الصلاة فليكظِم ما استطاع فإن الشيطان يدخل } [رواه مسلم].
31- عدم الاختصار في الصلاة: عن أبي هريرة قال: { نهى رسول الله عن الاختصار في الصلاة } والاختصار هو أن يضع يديه على الخصر.
32- ترك السدل في الصلاة: لما ورد أن رسول الله : { نهى عن السدل في الصلاة وأن يغطي الرجل فاه } [رواه أبو داود] والسدل ؛ إرسال الثوب حتى يصيب الأرض.
33- ترك التشبه بالبهائم: فقد نهى رسول الله في الصلاة عن ثلاث: عن نقر الغراب وافتراش السبع وأن يوطن الرجل المقام الواحد كإيطان البعير، وإبطان البعير: يألف الرجل مكانا معلوما من المسجد مخصوصا به يصلي فيه كالبعير لا يُغير مناخه فيوطنه.
هذا ما تيسر ذكره من الأسباب الجالبة للخشوع لتحصيلها والأسباب المشغلة عنه لتلافيها.
والحمد لله و الصلاة و السلام على نبينا محمد.
تعليق