من كتاب حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح للإمام بن القيم رحمه الله
الباب الرابع والستون في أن الجنة فوق ما يخطر بالبال أو يدور في الخيال و ان موضع سوط منها خير من الدنيا و ما فيها
يقول الإمام رحمه الله
"و كيف يقدر قدر دار غرسها الله بيده و جعلها مقرا لاحبابه و ملاها من رحمته و كراماته و رضوانه و وصف نعيمها بالفوز العظيم وملكها بالملك الكبير وأودعها جميع الخير بحذافيره وطهرها من كل عيب وآفة و نقص فإن سألت عن أرضها و تربتها فهي المسك و الزعفران و ان سلالت عن سقفها فهو عرش الرحمن و ان سألت عن بلاطها فهو المسك الاذفر
و ان سألت عن حصبائها فهو اللؤلؤ و الجوهر و ان سألت عن بنائها فلبنة من فضة و لبنة من ذهب و ان سألت عن اشجارها فما فيها شجرة إلا وساقها من ذهب و فضة لا من الحطب و الخشب و ان سألت عن ثمرها فأمثال القلال ألين من الزبد واحلى من العسل و ان سألت عن ورقها فاحسن ما يكون من رقائق الحلل
و ان سألت عن انهارها فانهار من لبن لم يتغير طعمه و انهار من خمر لذة للشاربين و انهار من عسل مصفى و ان سألت عن طعامهم ففاكهة مما يتخيرون و لحم طير مما يشتهون و ان سألت عن شرابهم فالتسنيم و الزنجبيل و الكافور و ان سألت عن إنيتهم فانية الذهب و الفضة في صفاء القوارير و ان سألت عن سعة ابوابها فبين المصراعين مسيرة اربعين من الاعوام و ليأتين عليه يوم و هو كظيظ من الزحام و ان سألت عن تصفيق الرياح لاشجارها فانها تستفز بالطرب لمن يسمعها و ان سألت عن ظلها ففيها شجرة واحدة يسير الراكب المجد السريع في ظلها مائة عام لا يقطعها و ان سألت عن سعتها فادنى أهلها يسير في ملكه و سرره و قصوره و بساتينه مسيرة الفي عام و ان سألت عن خيامها و قبابها فالخيمة الواحدة من درة مجوفة طولها ستون ميلا من تلك الخيام و ان سألت عن علاليها و جواسقها فهي غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الانهار و ان سألت عن ارتفاعها فانظر إلى الكوكب الطالع أو الغارب في الأفق الذي لا تكاد تناله الأبصار و ان سألت عن لباس أهلها فهو الحرير و الذهب و ان سألت عن فرشها فبطائنها من استبرق مفروشة في اعلى الرتب و ان سألت عن ارائكها فهي الاسرة عليها البشخانات و هي الحجال مزررة بازرار الذهب فما لها من فروج و لا خلال
و ان سألت عن وجوه أهلها و حسنهم فعلى صورة القمر وان سألت عن اسنانهم فابناء ثلاث و ثلاثين على صورة آدم عليه السلام أبي البشر وسألت عن سماعهم فغناء ازواجهم من الحور العين و اعلى منه سماع اصوات الملائكة و النبيين و اعلى منهما خطاب رب العالمين و ان سألت عن مطاياهم التي يتزاورون عليها فنجائب ان شاء الله مما شاء يسير بهم حيث شاؤوا من الجنان و ان سألت عن حليهم و شارتهم فأساور الذهب و اللؤلؤ على الرؤوس ملابس التيجان و ان سألت عن غلمانهم فولدان مخلدون كانهم لؤلؤ مكنون
و ان سألت عن عرائسهم و ازواجهم فهن الكواعب الاتراب اللاتي جرى في اعضائهن ماء الشباب فللورد و التفاح ما لبسته الخدود و للرمان ما تضمنته النهود و اللؤلؤ المنظوم ما حوته الثغور و للرقة و اللطافة ما دارت عليه الخصور تجري الشمس من محاسن وجهها إذا برزت و يضيء البرق من بين ثناياها إذا ابتسمت إذا قابلت حبها فقل ما تشاء في تقابل النيرين و إذا حادثته فما ظنك بمحادثة الحبين و ان ضمها إليه فما ظنك بتعانق الغصنين يرى وجهه في صحن خدها كما يرى في المرآة التي جلاها صيقلها و يرى مخ ساقها من وراء اللحم و لا يستره جلدها و لا عظمها و لا حللها لو اطلعت على الدنيا لملأت ما بين الأرض والسماء ريحا و لاستنطقت افواه الخلائق تهليلا و تكبيرا و تسبيحا و لتزخرف لها ما بين الخافقين و لا غمضت عن غيرها كل عين و لطمست ضوء الشمس كما تطمس الشمس ضوء النجوم و لامن من على ظهرها بالله الحي القيوم و نصيفها على رأسها خير من الدينا و ما فيها و وصالها اشهى إليه من جميع امانيها لا تزداد على طول الاحقاب إلا حسنا و جمالا و لا يزداد لها طول المدى إلا محبة و وصالا مبرأة من الحبل و الولادة و الحيض و النفاس مطهرة من المخاط و البصاق و البول و الغائط و سائر الادناس لا يفنى شبابها و لا تبلى ثيابها و لا يخلق ثوب جمالها و لا يمل طيب وصالها قد قصرت طرفها على زوجها فلا تطمح لاحد سواه و قصر طرفه عليها فهي غاية امنيته و هواه ان نظر اليها سرته و ان امرها بطاعته اطاعته و ان غاب عنها حفظته فهو معها في غاية الأماني و الأمان هذا و لم يطمثها قبله انس و لا جان كلما نظر اليها ملات قلبه سرورا و كلما حدثته ملأت اذنه لؤلؤا منظورما ومنثورا و إذا برزت ملأت القصر والغرفة نورا و ان سألت عن السن فاتراب في اعدل سن الشباب و ان سألت عن الحسن فهل رأيت الشمس و القمر و ان سألت عن الحدق فأحسن سواد في اصفى بياض في احسن حور و ان سألت عن القدود فهل رايت احسن الاغصان و ان سألت عن النهود فهن الكواعب نهودهن كالطف الرمان و ان سألت عن اللون فكانه الياقوت و المرجان و ان سألت عن حسن الخلق فهن الخيرات الحسان اللاتي جمع لهن بين الحسن و الاحسان فاعطين جمال الباطن والظاهر فهن افراح النفوس قرة النواظر و ان سألت عن حسن العشرة و لذة ما هنالك فهن العرب المتحببات إلى الازواج بلطافة التبعل التي تمتزج بالروح أي امتزاج فما ظنك
بامراة إذا ضحكت في وجه زوجها اضاءت الجنة من ضحكها و إذا انتقلت من قصر إلى قصر قلت هذه الشمس متنقلة في بروج فلكها و إذا حاضرت زوجها فيا حسن تلك المحاضرة و ان خاصرته فيا لذة تلك المعانقة و المخاصرة
و حديثها السحر الحلال لو أنه لم يجن قتل المسلم المتحرز
ان طال لم يملل و ان هي حدثت ود المحدث انها لم توجز
و ان غنت فيالذة الأبصار و الاسماع و ان انست و امتعت فيا حبذا تلك المؤانسة و الامتاع و ان قبلت فلا شيء اشهى إليه من ذلك التقبيل و ان نولت فلا الذ و لا اطيب من ذلك التنويل
هذا و ان سألت عن يوم المزيد وزيادة العزيز الحميد و رؤية وجهه المنزه عن التمثيل و التشبيه كما ترى الشمس في الظهيرة و القمر ليلة البدر كما تواتر عن الصادق المصدوق النقل فيه و ذلك موجود في الصحاح و السنن و المسانيد من رواية جرير و صهيب و انس و أبي هريرة وأبي موسى و أبي سعيد فاستمع يوم ينادي المنادي يا أهل الجنة ان ربكم تبارك و تعالى يستزيركم فحي على زيارته فيقولون سمعا و طاعة و ينهضون إلى الزيارة مبادرين فإذا بالنجائب قد اعدت لهم فيستوون على ظهورها مسرعين حتى إذا انتهوا إلى الوادي الافيح الذي جعل لهم موعدا و جمعوا هناك فلم يغادر الداعي منهم أحدا امر الرب تبارك و تعالى بكرسيه فنصب هناك ثم نصبت لهم منابر من نور و منابر من لؤلؤ و منابر من زبرجد و منابر من ذهب و منابر من فضة و جلس ادناهم و حاشاهم ان يكون فيهم دنيء على كثبان المسك وما يرون ان اصحاب الكراسي فوقهم في العطايا حتى إذا استقرت بهم مجالسهم و اطمأنت بهم اماكنهم نادى المنادي يا أهل الجنة ان لكم عند الله موعدا يريد ان ينجزكموه فيقولون ما هو الم يبيض وجوهنا و يثقل موازيننا و يدخلنا الجنة و يزحزحنا عن النار فبينما هم كذلك اذ سطع لهم نور اشرقت له الجنة فرفعوا رؤوسهم فإذا الجبار جل جلاله وتقدست أسماؤه قد أشرف عليهم من فوقهم و قال يا أهل الجنة سلام عليكم فلا ترد هذه التحية باحسن من قولهم اللهم أنت السلام و منك السلام تباركت يا ذا الجلال و الإكرام فيتجلى لهم الرب تبارك و تعالى يضحك اليهم و يقول يا أهل الجنة فيكون أول ما يسمعونه منه تعالى اين عيادي الذين اطاعوني بالغيب و لم يروني فهذا يوم المزيد فيجتمعون على كلمة واحدة أن قد رضينا
فأرض عنا فيقول يا أهل الجنة إني لو لم أرض عنكم لم أسكنكم جنتي هذا يوم المزيد فاسألوني فيجتمعون على كلمة واحدة ارنا وجهك ننظر إليه فيكشف لهم الرب جل جلاله الحجب و يتجلى لهم فيغشاهم من نوره ما لو لا أن الله تعالى قضى أن لا يحترقوا لاحترقوا ولا يبقى في ذلك المجلس أحد إلا حاضره ربه تعالى محاضرة حتى أنه ليقول يا فلان أتذكر يوم فعلت كذا و كذا يذكره ببعض غدراته في الدنيا فيقول يا رب ألم تغفر لي فيقول بلى بمغفرتي بلغت منزلتك هذه فيا لذة الأسماع بتلك المحاضرة و يا قرة عيون الأبرار بالنظر إلى وجه الكريم في الدار الآخرة و يا ذلة الراجعين بالصفقة الخاسرة وجوه يوم ناضرة إلى ربها ناظرة و وجوه يومئذ باسرة تظن أن يفعل بها فاقرة
فحي على جنات عدن فإنها منازلك الأولى و فيها المخيم
و لكننا سبي العدو فهل ترى نعود إلى أوطاننا و نسلم"
الباب الرابع والستون في أن الجنة فوق ما يخطر بالبال أو يدور في الخيال و ان موضع سوط منها خير من الدنيا و ما فيها
يقول الإمام رحمه الله
"و كيف يقدر قدر دار غرسها الله بيده و جعلها مقرا لاحبابه و ملاها من رحمته و كراماته و رضوانه و وصف نعيمها بالفوز العظيم وملكها بالملك الكبير وأودعها جميع الخير بحذافيره وطهرها من كل عيب وآفة و نقص فإن سألت عن أرضها و تربتها فهي المسك و الزعفران و ان سلالت عن سقفها فهو عرش الرحمن و ان سألت عن بلاطها فهو المسك الاذفر
و ان سألت عن حصبائها فهو اللؤلؤ و الجوهر و ان سألت عن بنائها فلبنة من فضة و لبنة من ذهب و ان سألت عن اشجارها فما فيها شجرة إلا وساقها من ذهب و فضة لا من الحطب و الخشب و ان سألت عن ثمرها فأمثال القلال ألين من الزبد واحلى من العسل و ان سألت عن ورقها فاحسن ما يكون من رقائق الحلل
و ان سألت عن انهارها فانهار من لبن لم يتغير طعمه و انهار من خمر لذة للشاربين و انهار من عسل مصفى و ان سألت عن طعامهم ففاكهة مما يتخيرون و لحم طير مما يشتهون و ان سألت عن شرابهم فالتسنيم و الزنجبيل و الكافور و ان سألت عن إنيتهم فانية الذهب و الفضة في صفاء القوارير و ان سألت عن سعة ابوابها فبين المصراعين مسيرة اربعين من الاعوام و ليأتين عليه يوم و هو كظيظ من الزحام و ان سألت عن تصفيق الرياح لاشجارها فانها تستفز بالطرب لمن يسمعها و ان سألت عن ظلها ففيها شجرة واحدة يسير الراكب المجد السريع في ظلها مائة عام لا يقطعها و ان سألت عن سعتها فادنى أهلها يسير في ملكه و سرره و قصوره و بساتينه مسيرة الفي عام و ان سألت عن خيامها و قبابها فالخيمة الواحدة من درة مجوفة طولها ستون ميلا من تلك الخيام و ان سألت عن علاليها و جواسقها فهي غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الانهار و ان سألت عن ارتفاعها فانظر إلى الكوكب الطالع أو الغارب في الأفق الذي لا تكاد تناله الأبصار و ان سألت عن لباس أهلها فهو الحرير و الذهب و ان سألت عن فرشها فبطائنها من استبرق مفروشة في اعلى الرتب و ان سألت عن ارائكها فهي الاسرة عليها البشخانات و هي الحجال مزررة بازرار الذهب فما لها من فروج و لا خلال
و ان سألت عن وجوه أهلها و حسنهم فعلى صورة القمر وان سألت عن اسنانهم فابناء ثلاث و ثلاثين على صورة آدم عليه السلام أبي البشر وسألت عن سماعهم فغناء ازواجهم من الحور العين و اعلى منه سماع اصوات الملائكة و النبيين و اعلى منهما خطاب رب العالمين و ان سألت عن مطاياهم التي يتزاورون عليها فنجائب ان شاء الله مما شاء يسير بهم حيث شاؤوا من الجنان و ان سألت عن حليهم و شارتهم فأساور الذهب و اللؤلؤ على الرؤوس ملابس التيجان و ان سألت عن غلمانهم فولدان مخلدون كانهم لؤلؤ مكنون
و ان سألت عن عرائسهم و ازواجهم فهن الكواعب الاتراب اللاتي جرى في اعضائهن ماء الشباب فللورد و التفاح ما لبسته الخدود و للرمان ما تضمنته النهود و اللؤلؤ المنظوم ما حوته الثغور و للرقة و اللطافة ما دارت عليه الخصور تجري الشمس من محاسن وجهها إذا برزت و يضيء البرق من بين ثناياها إذا ابتسمت إذا قابلت حبها فقل ما تشاء في تقابل النيرين و إذا حادثته فما ظنك بمحادثة الحبين و ان ضمها إليه فما ظنك بتعانق الغصنين يرى وجهه في صحن خدها كما يرى في المرآة التي جلاها صيقلها و يرى مخ ساقها من وراء اللحم و لا يستره جلدها و لا عظمها و لا حللها لو اطلعت على الدنيا لملأت ما بين الأرض والسماء ريحا و لاستنطقت افواه الخلائق تهليلا و تكبيرا و تسبيحا و لتزخرف لها ما بين الخافقين و لا غمضت عن غيرها كل عين و لطمست ضوء الشمس كما تطمس الشمس ضوء النجوم و لامن من على ظهرها بالله الحي القيوم و نصيفها على رأسها خير من الدينا و ما فيها و وصالها اشهى إليه من جميع امانيها لا تزداد على طول الاحقاب إلا حسنا و جمالا و لا يزداد لها طول المدى إلا محبة و وصالا مبرأة من الحبل و الولادة و الحيض و النفاس مطهرة من المخاط و البصاق و البول و الغائط و سائر الادناس لا يفنى شبابها و لا تبلى ثيابها و لا يخلق ثوب جمالها و لا يمل طيب وصالها قد قصرت طرفها على زوجها فلا تطمح لاحد سواه و قصر طرفه عليها فهي غاية امنيته و هواه ان نظر اليها سرته و ان امرها بطاعته اطاعته و ان غاب عنها حفظته فهو معها في غاية الأماني و الأمان هذا و لم يطمثها قبله انس و لا جان كلما نظر اليها ملات قلبه سرورا و كلما حدثته ملأت اذنه لؤلؤا منظورما ومنثورا و إذا برزت ملأت القصر والغرفة نورا و ان سألت عن السن فاتراب في اعدل سن الشباب و ان سألت عن الحسن فهل رأيت الشمس و القمر و ان سألت عن الحدق فأحسن سواد في اصفى بياض في احسن حور و ان سألت عن القدود فهل رايت احسن الاغصان و ان سألت عن النهود فهن الكواعب نهودهن كالطف الرمان و ان سألت عن اللون فكانه الياقوت و المرجان و ان سألت عن حسن الخلق فهن الخيرات الحسان اللاتي جمع لهن بين الحسن و الاحسان فاعطين جمال الباطن والظاهر فهن افراح النفوس قرة النواظر و ان سألت عن حسن العشرة و لذة ما هنالك فهن العرب المتحببات إلى الازواج بلطافة التبعل التي تمتزج بالروح أي امتزاج فما ظنك
بامراة إذا ضحكت في وجه زوجها اضاءت الجنة من ضحكها و إذا انتقلت من قصر إلى قصر قلت هذه الشمس متنقلة في بروج فلكها و إذا حاضرت زوجها فيا حسن تلك المحاضرة و ان خاصرته فيا لذة تلك المعانقة و المخاصرة
و حديثها السحر الحلال لو أنه لم يجن قتل المسلم المتحرز
ان طال لم يملل و ان هي حدثت ود المحدث انها لم توجز
و ان غنت فيالذة الأبصار و الاسماع و ان انست و امتعت فيا حبذا تلك المؤانسة و الامتاع و ان قبلت فلا شيء اشهى إليه من ذلك التقبيل و ان نولت فلا الذ و لا اطيب من ذلك التنويل
هذا و ان سألت عن يوم المزيد وزيادة العزيز الحميد و رؤية وجهه المنزه عن التمثيل و التشبيه كما ترى الشمس في الظهيرة و القمر ليلة البدر كما تواتر عن الصادق المصدوق النقل فيه و ذلك موجود في الصحاح و السنن و المسانيد من رواية جرير و صهيب و انس و أبي هريرة وأبي موسى و أبي سعيد فاستمع يوم ينادي المنادي يا أهل الجنة ان ربكم تبارك و تعالى يستزيركم فحي على زيارته فيقولون سمعا و طاعة و ينهضون إلى الزيارة مبادرين فإذا بالنجائب قد اعدت لهم فيستوون على ظهورها مسرعين حتى إذا انتهوا إلى الوادي الافيح الذي جعل لهم موعدا و جمعوا هناك فلم يغادر الداعي منهم أحدا امر الرب تبارك و تعالى بكرسيه فنصب هناك ثم نصبت لهم منابر من نور و منابر من لؤلؤ و منابر من زبرجد و منابر من ذهب و منابر من فضة و جلس ادناهم و حاشاهم ان يكون فيهم دنيء على كثبان المسك وما يرون ان اصحاب الكراسي فوقهم في العطايا حتى إذا استقرت بهم مجالسهم و اطمأنت بهم اماكنهم نادى المنادي يا أهل الجنة ان لكم عند الله موعدا يريد ان ينجزكموه فيقولون ما هو الم يبيض وجوهنا و يثقل موازيننا و يدخلنا الجنة و يزحزحنا عن النار فبينما هم كذلك اذ سطع لهم نور اشرقت له الجنة فرفعوا رؤوسهم فإذا الجبار جل جلاله وتقدست أسماؤه قد أشرف عليهم من فوقهم و قال يا أهل الجنة سلام عليكم فلا ترد هذه التحية باحسن من قولهم اللهم أنت السلام و منك السلام تباركت يا ذا الجلال و الإكرام فيتجلى لهم الرب تبارك و تعالى يضحك اليهم و يقول يا أهل الجنة فيكون أول ما يسمعونه منه تعالى اين عيادي الذين اطاعوني بالغيب و لم يروني فهذا يوم المزيد فيجتمعون على كلمة واحدة أن قد رضينا
فأرض عنا فيقول يا أهل الجنة إني لو لم أرض عنكم لم أسكنكم جنتي هذا يوم المزيد فاسألوني فيجتمعون على كلمة واحدة ارنا وجهك ننظر إليه فيكشف لهم الرب جل جلاله الحجب و يتجلى لهم فيغشاهم من نوره ما لو لا أن الله تعالى قضى أن لا يحترقوا لاحترقوا ولا يبقى في ذلك المجلس أحد إلا حاضره ربه تعالى محاضرة حتى أنه ليقول يا فلان أتذكر يوم فعلت كذا و كذا يذكره ببعض غدراته في الدنيا فيقول يا رب ألم تغفر لي فيقول بلى بمغفرتي بلغت منزلتك هذه فيا لذة الأسماع بتلك المحاضرة و يا قرة عيون الأبرار بالنظر إلى وجه الكريم في الدار الآخرة و يا ذلة الراجعين بالصفقة الخاسرة وجوه يوم ناضرة إلى ربها ناظرة و وجوه يومئذ باسرة تظن أن يفعل بها فاقرة
فحي على جنات عدن فإنها منازلك الأولى و فيها المخيم
و لكننا سبي العدو فهل ترى نعود إلى أوطاننا و نسلم"
تعليق