لسنا ضيوفا أيها الأنبا ..
صُدمت حين قرأت هذه الفقرة من حوار الأنبا بيشوى الرجل الثانى فى الكنيسة المصرية مع «المصرى اليوم» المنشور فى يوم الأربعاء الموافق 15 سبتمبر 2010، الذى صنّف فيه المسلمين كضيوف، والأقباط كأصل البلدوقال بالحرف«نسوا أن الأقباط هم أصل البلد، نحن نتعامل بمحبة مع ضيوف حلّوا علينا ونزلوا فى بلدنا واعتبرناهم إخواننا».!
ضيوف؟ أنا ضيف؟ أبى ضيف؟ جدى ضيف؟ وجد جدى ضيف؟.. سمعنا أن الضيافة ثلاثة أيام، وهذه أول مرة نعرف أنها تدوم ألفاً وأربعمائة عام
وإذا كان المسلمون ضيوفاً على النصارى كون المسيحية نزلت أولا، فهل - بنفس المنطق - يُعتبر النصارى ضيوفاً على ديانات قدماء المصريين الموجودة قبلها؟!
إن مكمن الخطورة فى هذا الزعم الكاذب هو مصدره وطريقة التصريح به حيث أن الأنبا بيشوى يشغل منصباً كنسياً رفيعاً، ومرشح بقوة لخلافة البابا شنودة، فإذا كان هذا الكلام يقال علنا من مسؤول خطير كهذا فماذا يدور إذا فى الغرف المغلقة؟
■ ■ ■
يمكننى أن أقول عشرات الأشياء تفنيدا لمقولة (الضيوف). يمكننى أن أقول أن كل مصرى هو قبطى بالضرورة سواء كان مسلماً أم نصرانيا، لأن كلمة (قبطى) تعنى «مصرى»،حتى فى إلترجمة الحرفية للكلمة الإنجليزية التى تعنى مصر هى قبط
egypt
وطالما استعملت هذه الكلمة قديما للدلالة على المصرى فها هى السيدة مارية أم ولد النبى تلقب بالقبطية رغم أنها مسلمة كما هو الاجماع بين أهل السير.
قال ابن سعد :
فأنزلها – يعني مارية القبطية - رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأختها على أم سليم بنت ملحان فدخل عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض عليهما الإسلام فأسلمتا … وكانت حسنة الدِّين .
" الطبقات الكبرى " ( 1 / 134 – 135 ) .
وقال ابن عبد البر :
وتوفيت مارية في خلافة عمر بن الخطاب ، وذلك في المحرم من سنة ست عشرة ، وكان عمر يحشر النَّاس بنفسه لشهود جنازتها ، وصلى عليها عمر ، ودفنت بالبقيع . " الاستيعاب " ( 4 / 1912 ) .
وكذلك السيدة هاجر أم سيدنا إسماعيل كانت تلقب بالقبطية مع العلم أن ذلك قبل الملة النصرانية بآلاف الأعوام فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي ذر قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إنكم ستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط، فاستوصوا بأهلها خيرا، فإن لهم ذمة ورحما)
قال ابن كثير رحمه الله: والمراد بالرحم أنهم أخوال إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما السلام أمه هاجر القبطية وهو الذبيح على الصحيح وهو والد عرب الحجاز الذين منهم النبي صلى الله عليه وسلم وهم أخوال إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمه مارية القبطية من سنى كورة أنصنا وقد وضع عنهم معاوية الجزية إكرامًا لإبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تفسير ابن كثير
تفسير ابن كثير
وروى الطبراني والحاكم عن كعب بن مالك مرفوعا: إذا فتحت مصر فاستوصوا بالقبط خيرا، فإن لهم ذمة ورحما.
وصححه الألباني. وهذا رواه الطحاوي في بيان مشكل الآثار بزيادة:
يعني أن أم إسماعيل صلى الله عليه وسلم كانت منهم. وقال: فعقلنا بذلك أن تلك الرحم التي ذكرها صلى الله عليه وسلم أنها من قبل هاجر أم إسماعيل صلى الله عليه وسلم. اهـ. وصححه الألباني. وهذا رواه الطحاوي في بيان مشكل الآثار بزيادة:
وقال ابن الأثير في النهاية: معنى قوله: فإن لهم ذمة ورحما. أي أن هاجر أم إسماعيل عليه السلام كانت قبطية من أهل مصر
والمفسرون دائما ما يذكروا قتل سيدنا موسى للرجل القبطى أى المصرى وذلك قبل ظهو المسيحية أو دخولها مصر بآلاف الأعوام الأمر اذا واضح وهو يدل أن العرف والفهم الطبيعى لكلمة قبطى عندهم هى مصرى
فمسلمو امصر أقباط لا نجد أى غضاضة من التصريح بذلك قأنا قبطى مسلم والأنبا المستضيف لنا بزعمه هو قبطى نصرانى
والمسلمون لم يهبطوا على مصر من السماء، فجيشهم الذى فتح (وليس غزا) مصر بقيادة الصحابى الجليل عمرو بن العاص كان أقل من خمسة آلاف رجل، بعضهم ظل فى
مصر ومعظمهم عاد إلى بلاده، فكيف صاروا أغلبية إلا إذا كان أهل مصر اعتنقوا الإسلام؟
إن المتوالية العددية التى تزعم أن خمسة ألاف انسان تكاثروا بمعجزة خارقة حتى صاروا عشرات الملايين فى حين أصاب العقم مئات الآلاف بل ملايين من النصارى فلم يزيدوا فى نفس المدة التى تزيد على أربعة عشر قرن إلا لبضع ملايين لا يتجاوزوا على حسب آخر الإحصائيات الأمريكية أصابع اليد الواحدة لهى متوالية مستحيلة لا يقبلها أى منطق ولا تحدث إلا فى عالم الخيال الذى يحلو للنصارى ومن يضلونهم العيش فيه
إن أسلمة مصر تمت على وقت طويل جدا استغرق مئات الأعوام، ولم يكن تعداد المسلمين بعد مائة عام من الفتح يزيد على عشرة فى المائة، وهذا ينفى العنف والإكراه، ناهيك عن أن مصر لم تكن يوما مسيحية بالكامل، والنصارى الأرثوذكس لم يكونوا الحاكمين عليها وإنما كانت الدولة الرومانيةالوثنية ثم بعد ذلك الكاثوليكية، والحرب كانت بين المسلمين وجيوش الدولة الرومانية وليست بين العرب والمصريين، بل إن النصارى المصريين رحبوا بقدوم المسلمين لأنهم كانوا أرحم بهم من الدولة الرومانية التى - بسبب اختلاف المذهب - سامتهم سوء العذاب ولازلت أديرة الصحراء بسيناء ملىء بجماجم ورفات من قتلتهم الدولة الرومانية الكاثوليكية .
أستطيع أن أقول هذا وأكثر، ولكن يبدو أن الأمر صار أكبر من الكلام والردود
صارت النفوس مليئة بالكراهية لدين يقول رسوله (من آذى ذميا فقد آذانى) ويقول كتابه {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم}
لماذا اذا الإصرار على إبراز العداوة والتفرقة ولهجة التعالى و إشعار المسلمين أنهم غزاة أو ضيوف فى بلاد لم يعرفوا لهم غيرها
إن الأرض أرض الله، والناس عباده. والحدود كانت مفتوحة، والهجرات لم تنقطع وراء الرزق، وكل إنسان منا عبارة عن خليط من عدة أعراق يصعب الوصول إلى عرق واحد نقى بينها حتى فى أشد شعوب العالم انغلاقا كاليهود أثبتت التحاليل الوراثية الأخيرة أن عرقهم ليس نقيا وأنهم ليسوا هم بنى إسرائيل وأبناء الله المختارين كما يحلو لهم أن يتشدقوا بل هم خليط مهجن من كل أعراق الأرض منهم الأسود الزنجى ومنهم الأشقر القوقازى إلى غير ذلك من السلالات و الأعراق فليس أهل مصر عن ذلك ببعيد بل هم أولى بهذا الإختلاط العرقى لما اشتهروا به من انفتاح على العالم وقبول لكل الوافدين من شتى بقاع الأرض
لا داعى إذا أيها الأنبا وكل من نعق بما تنعق لاداعى لهذه النعرات الكاذبة والإصرار المثير للشفقة على قصر المصرية عليكم وادعاء أنكم هنود حمر هذا البلد وسكانه الأصليون الذين غصبت منهم بلادهم على أيدى الغزاة العرب وهذا الادعاء يظهر جليا فى حرصكم على التسمى بالأسماء الفرعونية المندثرة (وليس المسيحية) فهل كان مينا و إيزيس وهلبيس نصارى مثلكم لتحرصوا هذا الحرص المريب على التسمى بأسمائهم أم كانوا وثنيين يعبدون كل أنواع الحشرات والحيوانات والأفاعى ومن تشبه بقوم فهو منهم
هذا الذى سبق غيض من فيض وقليل من كثير ولا أريد الخوض فيما هو معلوم بالضرورة لمن كانت له أثارة من عقل أوفهم فاتقوا الله فى هذا البلد وعيشوا فيه بأدب وسلام تزعمون أنه من عقيدتكم ولا تستفزوا أكثرية مسلمة لن تقدروا على تحمل غضبتها عليكم فاتقوا ذلك وعلموا أنكم أنتم الآن المتجاوز عنكم المتروك أخذ الحق منكم عن يد وأنتم صاغرون كما أمرنا ربنا فاستمتعوا بهذه التجاوز المؤقت ولا تؤذوا فتؤذوا واعلموا أن الله خلقنا وخلقكم من ذكر وأنثى وجعلنا شعوبا وقبائل لنتعارف {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}اا
الجزء الثاني من المقالة بعنوان هلا سكتًّ أيها الأنبا
الجزء الثاني من المقالة بعنوان هلا سكتًّ أيها الأنبا
تعليق