الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحديث رواه البخاري ومسلم عن سعيد بن زيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين".
والكمأة تنبت في الأرض من غير أن تزرع، وهي لا ورق لها، ولا ساق، وهي مما يوجد في الربيع، وتسميها العرب بنات الرعد.
قال ابن القيم في الطب النبوي: " قوله صلى الله عليه وسلم: "وماؤها شفاء للعين فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أن ماءها يخلط في الأدوية التي يُعالج بها العين، لا أنه يستعمل وحده، ذكره أبوعبيد.
الثاني: أنه يستعمل بحتا بعد شيّها واستقطار مائها، لأن النار تلطفه وتنضجه وتذيب فضلاته ورطوبته المؤذية، وتبقي المنافع.
الثالث: أن المراد بمائها الماء الذي يحدث به من المطر، وهو أول قطر ينزل إلى الأرض، فتكون الإضافة إضافة اقتران، لا إضافة جزء، ذكره ابن الجوزي وهو أبعد الوجوه وأضعفها، وقيل: إن استعمل ماؤه لتبريد ما في العين، فماؤها مجرداً شفاء، وإن كان لغير ذلك فمركب مع غيره" انتهى.
وبعضهم قال: إن استخدامه مجرداً يضر بالعين من خلال بعض التجارب.
قال النووي: "والصواب أن ماءها شفاء للعين مطلقاً، فيعصر ماؤها ويجعل في العين منه. قال: وقد رأيت أنا وغيري في زماننا من كان عمي وذهب بصره حقيقة، فكحل عينه بماء الكمأة مجرداً فشفي وعاد إليه بصره" انتهى.
وقد أخرج الترمذي بسند صحيح ـ كما قال ابن حجر ـ إلى قتادة قال: حدثت أن أبا هريرة قال: "أخذت ثلاثة أكمؤ، أو خمساً أو سبعاً، فعصرتهن فجعلت ماءهن في قارورة، فكحلت به جارية لي فبرأت".
قال ابن حجر: " واستعمال كل ما وردت به السنة بصدق ينفع به من يستعمله ويدفع الله عنه الضرر بنيته، والعكس بالعكس، والله اعلم" انتهى.
ولا نعلم بحثاً علمياً حديثاً في هذا الموضوع، ويكفي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك، فهو الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى. والله أعلم.
المفتـــي: مركز الفتوى
تعليق