

شرح المنظومة البيقونية لابن عثيمين رحمه الله
متن المنظومة البيقونية
بسم الله الرحمن الرحيم
أبدأُ بالحمدِ مُصَلِّياً على ** مُحمَّدٍ خَيِر نبيْ أُرسِلا
وذِي مِنَ أقسَامِ الحديث عدَّة ** وكُلُّ واحدٍ أتى وحدَّه
أوَّلُها (الصحيحُ) وهوَ ما اتَّصَلْ ** إسنادُهُ ولْم يُشَذّ أو يُعلّ
يَرْويهِ عَدْلٌ ضَابِطٌ عَنْ مِثْلِهِ ** مُعْتَمَدٌ في ضَبْطِهِ ونَقْلِهِ
وَ(الَحسَنُ) الَمعْرُوفُ طُرْقاً وغَدَتْ ** رِجَالُهُ لا كالصّحيحِ اشْتَهَرَتْ
وكُلُّ ما عَنْ رُتبةِ الُحسْنِ قَصْر ** فَهْوَ (الضعيفُ) وهوَ أقْسَاماً كُثُرْ
وما أُضيفَ للنبي (الَمرْفوعُ) ** وما لتَابِعٍ هُوَ (المقْطوعُ)
وَ(الُمسْنَدُ) الُمتَّصِلُ الإسنادِ مِنْ ** رَاويهِ حتَّى الُمصْطفى ولْم يَبِنْ
ومَا بِسَمْعِ كُلِّ رَاوٍ يَتَّصِلْ ** إسْنَادُهُ للمُصْطَفى فَـ(الُمتَّصِلْ)
(مُسَلْسَلٌ) قُلْ مَا عَلَى وَصْفٍ أتَى ** مِثْلُ أمَا والله أنْبأنِي الفَتى
كذَاكَ قَدْ حَدَّثَنِيهِ قائِماً ** أوْ بَعْدَ أنْ حَدَّثَنِي تَبَسَّمَا
(عَزيزٌ) مَروِيُّ اثنَيِن أوْ ثَلاثهْ ** (مَشْهورٌ) مَرْوِيُّ فَوْقَ ما ثَلاثَهْ
(مَعَنْعَنٌ) كَعَن سَعيدٍ عَنْ كَرَمْ ** (وَمُبهَمٌ) مَا فيهِ رَاوٍ لْم يُسَمْ
وكُلُّ مَا قَلَّت رِجَالُهُ (عَلا) ** وضِدُّهُ ذَاكَ الذِي قَدْ (نَزَلا)
ومَا أضَفْتَهُ إلى الأصْحَابِ مِنْ ** قَوْلٍ وفعْلٍ فهْوَ (مَوْقُوفٌ) زُكِنْ
(وَمُرْسلٌ) مِنهُ الصَّحَابُّي سَقَطْ ** وقُلْ (غَريبٌ) ما رَوَى رَاوٍ فَقَطْ
وكلُّ مَا لْم يَتَّصِلْ بِحَالِ ** إسْنَادُهُ (مُنْقَطِعُ) الأوْصَالِ
(والُمعْضَلُ) السَّاقِطُ مِنْهُ اثْنَانِ ** ومَا أتى (مُدَلَّساً) نَوعَانِ
الأوَّل الإسْقاطُ للشَّيخِ وأنْ ** يَنْقُلَ مَّمنْ فَوْقَهُ بعَنْ وأنْ
والثَّانِ لا يُسْقِطُهُ لكنْ يَصِفْ ** أوْصَافَهُ بما بهِ لا يَنْعَرِفْ
ومَا يَخالِفُ ثِقةٌ فيهِ الَملا ** فـ(الشَّاذُّ) و(الَمقْلوبُ) قِسْمَانِ تَلا
إبْدَالُ راوٍ ما بِرَاوٍ قِسْمُ ** وقَلْبُ إسْنَادٍ لمتنٍ قِسْمُ
وَ(الفَرَدُ) ما قَيَّدْتَهُ بثِقَةِ ** أوْ جْمعٍ أوْ قَصِر على روايةِ
ومَا بعِلَّةٍ غُمُوضٍ أوْ خَفَا ** (مُعَلَّلٌ) عِنْدَهُمُ قَدْ عُرِفَا
وذُو اخْتِلافِ سنَدٍ أو مَتْنِ ** (مُضْطربٌ) عِنْدَ أهْلِ الفَنِّ
وَ(الُمدْرَجاتُ) في الحديثِ ما أتَتْ ** مِنْ بَعْضِ ألفاظِ الرُّوَاةِ اتَّصَلَتْ
ومَا رَوى كلُّ قَرِينٍ عنْ أخهْ ** (مُدَبَّجٌ) فَاعْرِفْهُ حَقًّا وانْتَخِهْ
مُتَّفِقٌ لَفْظاً وخطاً (مُتَّفقْ) ** وضِدُّهُ فيما ذَكَرْنَا (الُمفْتِرقْ)
(مُؤْتَلِفٌ) مُتَّفِقُ الخطِّ فَقَطْ ** وضِدُّهُ (مُختَلِفٌ) فَاخْشَ الغَلَطْ
(والُمنْكَرُ) الفَردُ بهِ رَاوٍ غَدَا ** تَعْدِيلُهُ لا يْحمِلُ التَّفَرُّدَا
(مَتُروكُهُ) مَا وَاحِدٌ بهِ انفَردْ ** وأجَمعُوا لضَعْفِه فَهُوَ كَرَدّ
والكذِبُ الُمخْتَلَقُ المصنُوعُ ** علَى النَّبيِّ فذَلِكَ (الموْضُوعُ)
وقَدْ أتَتْ كالَجوْهَرِ المكْنُونِ ** سَمَّيْتُهَا: مَنْظُومَةَ البَيْقُوني
فَوْقَ الثَّلاثيَن بأرْبَعٍ أتَتْ ** أقْسامُهَا ثمَّ بخيٍر خُتِمَتْ

المصطلح: علم يعرف به أحوال الراوي والمروي من حيث القبول والرد.
وفائدة علم المصطلح: هو تنقية الأدلة الحديثية وتخليصها مما يشوبها من: ضعيف وغيره، ليتمكن من الاستدلال بها لأن المستدل بالسنة يحتاج إلى أمرين هما:
1


فتكون العناية بالسنة النبوية أمراً مهماً، لأنه ينبني عليها أمرٌ مهم وهو ما كلف الله به العباد من عقائد وعبادات وأخلاق وغير ذلك.
وثبوت السنة إلى النبي صلى الله عليه وسلّم يختص بالحديث، لأن القرآن نُقل إلينا نقلاً متواتراً قطعياً، لفظاً ومعنى، ونقله الأصاغر عن الأكابر فلا يحتاج إلى البحث عن ثبوته.

ثم اعلم أن علم الحديث ينقسم إلى قسمين:
1

2

فعلم الحديث رواية يبحث عما ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلّم من أقواله وأفعاله وأحواله. ويبحث فيما يُنقل لا في النقل.
مثاله: إذا جاءنا حديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم فإننا نبحث فيه هل هو قول أو فعل أو حال؟
وهل يدل على كذا أو لا يدل؟
فهذا هو علم الحديث رواية، وموضوعه البحث في ذات النبي صلى الله عليه وسلّم وما يصدر عن هذه الذات من أقوال وأفعال وأحوال، ومن الأفعال الإقرار، فإنه يعتبر فعلاً، وأما الأحوال فهي صفاته كالطول والقِصَر واللون، والغضب والفرح وما أشبه ذلك.
أما علم الحديث دراية فهو: علم يُبحث فيه عن أحوال الراوي والمروي من حيث القبول والرد.
مثاله: إذا وجدنا راوياً فإنا نبحث هل هذا الراوي مقبول أم مردود؟
أما المروي فإنه يُبحث فيه ما هو المقبول منه وما هو المردود؟


وبهذا نعرف أن قبول الراوي لا يستلزم قبول المروي؛ لأن السند قد يكون رجاله ثقاةً عدولاً، لكن قد يكون المتن شاذًّا أو معللاً فحينئذ لا نقبله. كما أنه أحياناً لا يكون رجال السند يصِلون إلى حد القبول والثقة، ولكن الحديث نفسه يكون مقبولاً وذلك لأن له شواهد من الكتاب والسنة، أو قواعد الشريعة تؤيده.
إذن فائدة علم مصطلح الحديث هو: معرفة ما يُقبل وما يردّ من الحديث.
وهذا مهمّ بحد ذاته؛ لأن الأحكام الشرعية مبنية على ثبوت الدليل وعدمه، وصحته وضعفه.

يتابع بإذن الله
تعليق