إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

شرح حديث جبريل لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • شرح حديث جبريل لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله

    بسم الله الرحمن الرحيم




    عن عمر ـ رضي الله تعالى عنه ـ أيضا قال : " بينما نحن جلوس عند رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ذات يوم ، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب ، شديد سواد الشعر ، لا يُرى عليه أثر السفر ، ولا يعرفه منا أحد ، حتى جلس إلى النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ، ووضع كفيه على فخذيه وقال : يا محمد أخبرني عن الإسلام ؟ فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : الإسلام : أن تشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا . قال : صدقت . فعجبنا له يسأله ويصدقه . قال : فأخبرني عن الإيمان ؟ قال : أن تؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره . قال : صدقت . قال : فأخبرني عن الإحسان؟ قال : أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك . قال : فأخبرني عن الساعة ؟ قال : ما المسئول عنها بأعلم من السائل ! قال : فأخبرني عن أماراتها ؟ قال : أن تلد الأمة ربّتها ، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان . ثم انطلق فلبثت مليا ، ثم قال : يا عمر أتدري من السائل ؟ قلت الله ورسوله أعلم . قال : فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم " رواه مسلم .


    الشرح :


    هذا الحديث يستفاد منه فوائد :

    منها : أن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم مجالسة أصحابه ، وهذا الهدي يدل على حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم .
    ومنها : أنه ينبغي للإنسان أن يكون ذا عشرة مع الناس ومجالسة ، وأن لا ينزوي عنهم .
    ومن فوائد الحديث : أن الخلطة مع الناس أفضل من العزلة ما لم يخش الإنسان على دينه ، فإن خشي على دينه فالعزلة أفضل ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:" يوشك أن يكون خير مال الرجل غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر ".
    ومن فوائد هذا الحديث:
    أن الملائكة ـ عليهم الصلاة والسلام ـ يمكن أن يظهروا للناس بأشكال البشر ؛ لأن جبريل ـ عليه الصلاة والسلام ـ طلع على الصحابة على الوصف المذكور في الحديث رجل شديد سواد الشعر ، شديد بياض الثياب ، لا يُرى عليه أثر السفر ، ولا يعرفه من الصحابة أحد .

    ومن فوائد الحديث :

    حسن أدب المتعلم أمام المعلم حيث جلس جبريل ـ عليه الصلاة والسلام ـ أمام النبي صلى الله عليه وسلم هذه الجلسة الدالة على الأدب والإصغاء والاستعداد لما يلقى إليه ، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه .
    ومنها : جواز دعاء النبي صلى الله عليه وسلم باسمه ، لقوله : " يا محمد " . وهذا يحتمل أنه قبل النهي أي : قبل نهي الله تعالى عن ذلك في قوله : ((
    لَّا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا)) [ النور : 63 ] . على أحد التفسيرين ، ويحتمل أن هذا جرى على عادة الأعراب الذين يأتون إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فينادونه باسمه : يا محمد . وهذا أقرب ؛ لأن الأول يحتاج إلى التاريخ .

    ومن فوائد هذا الحديث :

    جواز سؤال الإنسان عما يعلم من أجل تعليم من لا يعلم ؛ لأن جبريل كان يعلم الجواب ؛ لقوله في الحديث " صدقت " ولكن إذا قصد السائل أن يتعلم من حول المجيب فإن ذلك يعتبر تعليما لهم .
    ومن فوائد هذا الحديث : أن المتسبب له حكم المباشر إذا كانت المباشرة مبنية على السبب ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم :" هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم " . مع أن المعلم هو الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ لكن لمّا كان جبريل هو السبب لسؤاله جعله الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ هو المعلم .
    ومن فوائد هذا الحديث : بيان أن الإسلام له خمسة أركان ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاب بذلك وقال :" الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وتقيم الصلاة ،وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا " .
    ومن فوائد هذا الحديث : أنه لابد أن يشهد الإنسان شهادة بلسانه موقنا بها بقلبه أن لا إله إلا الله .
    فمعنى" لا إله ": أي لا معبود حق إلا الله ، فتشهد بلسانك موقنا بقلبك أنه لا معبود من الخلق : من الأنبياء ، أو الأولياء ، أو الصالحين ، أو الشجر ، أو الحجر ، أو غير ذلك حق إلا الله ، وأن ما عبد من دون الله فهو باطل ؛ لقول الله تعالى
    (
    ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّـهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَأَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )) [ الحج : 62 ] .
    ومن فوائد هذا الحديث
    : أن هذا الدين لا يكمل إلا بشهادة أن محمدا رسول الله ، وهو محمد بن عبد الله القرشي الهاشمي ، ومن أراد تمام العلم بهذا الرسول الكريم فليقرأ القرآن وما تيسر من السنة وكتب التاريخ .
    ومن فوائد هذا الحديث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله في ركن واحد ؛ وذلك لأن العبادة لا تتم إلا بأمرين :
    الإخلاص لله : وهو ما تضمنته شهادة أن لا إله إلا الله .
    والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم : وهو ما تتضمنه شهادة أن محمدا رسول الله ؛ ولهذا جعلهما النبي صلى الله عليه وسلم ركنا واحدا في حديث ابن عمر حيث قال : " بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ......" وذكر تمام الحديث . ومن فوائد هذا الحديث : أنه لا يتم إسلام العبد حتى يقيم الصلاة ، ولإقامة الصلاة أن يأتي بها مستقيمة حسب ما جاءت به الشريعة ، ولها ـ أي : لإقامة الصلاة ـ إقامة واجبة وإقامة كاملة .
    فالواجبة : أن يقتصر على أقل ما يجب فيها .
    والكاملة : أن يأتي بمكملاتها على حسب ماهو معروف في الكتاب والسنة وأقوال العلماء .
    ومن فوائد الحديث : أنه لا يتم الإسلام إلا بإيتاء الزكاة . والزكاة : هي المال المفروض من الأموال الزكوية . وإيتاؤها : إعطاؤها من يستحقها ، وقد بين الله ذلك في سورة التوبة في قوله : ((
    إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّـهِ ۗ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)) [ التوبة : 60 ] .
    وأما صوم رمضان : فهو التعبد لله تعالى بالإمساك عن المفطرات منطلوع الفجر إلى غروب الشمس ، ورمضان هو الشهر الذي بين شعبان وشوال .
    وأما حج البيت : فهو القصد إلى مكة لأداء المناسك ، وقيد بالإستطاعة ؛ لأن الغالب فيه المشقة ، وإلا فجميع الواجبات يشترط لوجوبها الإستطاعة ؛ لقوله تعالى : ((
    فَاتَّقُوا اللَّـهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ )) [ التغابن : 16 ] .
    ومن القواعد المقررة عند العلماء : أنه لا واجب مع عجز ، ولا محرم مع الضرورة .
    ومن فوائد هذا الحديث : وصف الرسول الملكي للرسول البشري محمد صلى الله عليه وسلم بالصدق ، ولقد صدق جبريل فيما وصفه بالصدق ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أصدق الخلق .
    ومن فوائد الحديث : ذكاء الصحابة حيث تعجبوا كيف يصدق السائل من سأله ؟! والأصل أن السائل جاهل ، والجاهل لا يمكن أن يحكم على الكلام بالصدق أو بالكذب ، لكن هذا العجب زال حين قال النبي صلى الله عليه وسلم :" هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم " .
    ومن فوائد الحديث : أن الإيمان يتضمن ستة أمور : وهي الإيمان بالله ، وملائكته ،وكتبه ،ورسله ، واليوم الآخر ، والقضاء والقدر خيره وشره .
    ومن فوائد الحديث : التفريق بين الإسلام والإيمان، وهذا عند ذكرهما جميعا ، فإنه يفسر الإسلام بأعمال الجوارح ، والإيمان بأعمال القلوب ، ولكن عند الإطلاق يكون كل واحد منهما شاملا للآخر ، فقوله تعالى : ((
    وَرَ*ضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)) [ المائدة : 3 ] . وقوله : (( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِ*ينَ)) [ آل عمران : 85 ] . يشمل الإسلام والإيمان ، وقول الله ـ تبارك وتعالى ـ : (( وَأَنَّ اللَّـهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ) [ الأنفال : 19 ] . وما أشبهها من الآيات يشمل الإيمان والإسلام ، وكذلك قوله تعالى : ((فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ )) [ النساء : 92 ] .يشمل الإسلام والإيمان .
    أما إذا ذكرا جميعا فيفسر كل واحد منهما بما دل عليه هذا الحديث .
    ومن فوائد هذا الحديث العظيم : أن الإيمان بالله أهم أركان الإيمان وأعظمها ؛ ولهذا قدمه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " أن تؤمن بالله " .
    والإيمان بالله يتضمن : الإيمان بوجوده ، وربوبيته ، وألوهيته ، وأسمائه وصفاته ، ليس هو الإيمان بمجرد وجوده ، بل أن يتضمن الإيمان هذه الأمور الأربعة : الإيمان بوجوده ، وربوبيته ، وألوهيته ، وأسمائه وصفاته .
    ومن فوائد هذا الحديث العظيم : إثبات الملائكة ، والملائكة : عالم غيبي وصفهم الله تعالى بأوصاف كثيرة في القرآن ، ووصفهم النبي صلى الله عليه وسلم في السنة .
    وكيفية الإيمان بهم : أن تؤمن بأسماء من عينت أسماؤهم منهم، ومن لم يعين أسمائهم فإننا نؤمن بهم إجمالا ، ونؤمن كذلك بما ورد من أعمالهم التي يقومون بها ما علمنا منها ، ونؤمن كذلك بأوصافهم التي وصفوا بها ما علمنا منها ، ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى جبريل ـ عليه الصلاة والسلام ـ وله ستمائة جناح قد سد الأفق على خلقته التي خلق عليها .
    وواجبنا نحو الملائكة أن نصدق بهم ، وأن نحبهم ؛ لأنهم عباد الله قائمون بأمره ، كما قال تعالى : ((
    وَمَنْ عِندَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ)) [ الأنبياء : 19 ـ 20 ] .
    ومن فوائد هذا الحديث : وجوب الإيمان بالكتب التي أنزلها الله عزوجل على رسله ـ عليهم الصلاة والسلام ـ قال الله تعالى : ((
    وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ)) [ الحديد :25 ] .

    فنؤمن بكل كتاب أنزله الله على رسله ، لكن نؤمن به إجمالا ، ونصدق بأنه حق ، أما تفصيلا : فإن الكتب السابقة جرى عليها التحريف والتبديل والتغيير ، فلم يمكن للإنسان أن يميزالحق منها من الباطل ، وعل هذا فنقول : نؤمن بما أنزل الله من الكتب على سبيل الإجمال ، أما التفصيل : فإننا نخشى أن يكون مما حُرّف وبُدّل وغُيّر ، هذا بالنسبة للإيمان بالكتب . أما العمل بها : فالعمل إنما هو بما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم فقط ، أما ما سواه فقد نسخ بهذه الشريعة .
    ومن فوائد هذا الحديث : وجوب الإيمان بالرسل ـ عليهم الصلاة والسلام ـ فنؤمن بأن كل رسول أرسله الله فهو حق أتى بالحق ، صادق فيما أخبر ، صادق بما أمر به ، نؤمن بهم إجمالا فيمن لم نعرفه بعينه ، وتفصيلا فيمن عرفناه بعينه .
    قال تعالى : (
    (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ۚ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّـهِ ۗ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ)) [ غافر : 78 ] .
    فمن قص علينا وعرفناه آمنا به بعينه ، ومن لم يقص علينا ولم نعرفه نؤمن به إجمالا ، والرسل ـ عليهم الصلاة والسلام ـ أولهم نوح وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم ، ومنهم الخمسة أولو العزم الذين جمعهم الله في آيتين من كتاب الله ، فقال الله ـ تبارك وتعالى ـ في سورة الأحزاب : ((
    وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۖ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا)) [ الأحزاب : 7 ]
    الآية . وقال تعالى في سورة الشورى (
    شَرَ*عَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَ*اهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّ*قُوا فِيهِ ۚ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِ*كِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ۚ اللَّـهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ )) [ الشورى : 13 ] الآية .
    ومن فوائد هذا الحديث : الإيمان باليوم الآخر ،واليوم الآخر : هو يوم القيامة ، وسمي آخرا ؛ لأنه آخر المطاف للبشر ، فإن للبشر أربعة دور :
    الدار الأولى : بطن أمه . والدار الثانية : هذه الدنيا . والدار الثالثة : البرزخ . والدار الرابعة : اليوم الآخر. ولا دار بعده ، فإما إلى جنة ، وإما إلى نار .
    والإيمان باليوم الآخر يدخل فيه كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ " كل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت ، فيدخل في ذلك ما يكون في القبر من سؤال الميت عن ربه ودينه ونبيه ، وما يكون في القبر من نعيم أو عذاب ".
    ومن فوائد هذا الحديث : وجوب الإيمان بالقدر خيره وشره وذلك بأن تؤمن بأمورأربعة :
    الأول : أن تؤمن أنالله كتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء إلى قيام الساعة .
    الثالث : أن تؤمن بأن كل ما يحدث في الكون فإنه بمشيئة الله عز وجل لا يخرج شيء عن مشيئته .
    الرابع : أن تؤمن بأن الله خلق كل شيء ، فكل شيء مخلوق لله عزوجل سواء كان من فعله الذي يختص به كإنزال المطر ، وإخراج النبات ، أو من فعل العبد وفعل المخلوقات ، فإن فعل المخلوقات من خلق الله عز وجل ، لأن فعل المخلوق ناشئ عن إرادة وقدرة ، والإرادة والقدرة من صفات العبد ، والعبد وصفاته مخلوقة لله عزوجل ، فكل ما في الكون فهو من خلق الله تعالى .
    ولقد قدر الله عز وجل ما يكون إلى يوم القيامة قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة ، فما قدر على الإنسان لم يكن ليخطئه ، وما لم يقدرلم يكن ليصيبه ، هذه أركان الإيمان الستة بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يتم الإيمان إلا بالإيمان بها جميعا ، نسأل الله أن يجعلنا جميعا من المؤمنين بها .
    ومن فوائد هذا الحديث : بيان الإحسان : وهو أن يعبد الإنسان ربه عبادة رغبة وطلب كأنه يراه ، فيجب أن يصل إليه ، وهذه الدرجة من الإحسان هي الأكمل ، فإن لم يصل إلى هذه الحال فإلى الدرجة الثانية أن يعبد الله عبادة خوف ، وهرب من عذابه ؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم " فإن لم تكن تراه فإنه يراك " . أي : فإن لم تعبده كأنك تراك فإنه يراك .
    ومن فوائد هذا الحديث العظيم: أن علم الساعة مكتوم لا يعلمه إلا الله عز وجل ، فمن ادعى علمه فهو كاذب ، وهذا كان خافيا على أفضل الرسل من الملائكة ، وأفضل الرسل من البشر محمد وجبريل ـ عليهم الصلاة والسلام ـ .
    ومن فوائد هذا الحديث: أن للساعة أشراطا ـ أي :علامات ـ كما قال تعالى : ((
    فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً ۖ فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا ۚ فَأَنَّىٰ لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ )) [ محمد : 18]. ، أي : علاماتها .
    وقسم العلماء علامات الساعة إلى ثلاث أقسام : قسم مضى ، وقسم لا يزال يتجدد ، وقسم لا يأتي إلا قرب قيام الساعة تماما ، وهي الأشراط الكبيرة العظمى : كنزول عيسى بن مريم عليه السلام ، والدجال ، ويأجوج ومأجوج ، وطلوع الشمس من مغربها .
    وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من أماراتها أن تلد الأمة ربتها ـ يعني : أن تكون المرأة أمة فتلد امرأة فتكون هذه المرأة غنية تملك مثل أمها ـ وهو كناية عن سرعة كثرة المال ، وانتشاره بين الناس، ويؤيد ذلك المثل الذي بعده " وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان " .
    ومن فوائد هذا الحديث : حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم حيث استفهم الصحابة هل يعلمون هذا السائل أم لا ؟ من أجل أن يعلمهم به ، وهذا أبلغ مما لو علمهم ابتداء ؛ لأنه إذا سألهم ثم علمهم كان ذلك أدعى لوعي ما يقول وثبوته .
    ومن فوائد هذا الحديث العظيم : أن السائل عن العلم يعتبر معلما ، وسبقت الإشارة إلى هذا لكن أريد أن أبين أنه ينبغي للإنسان أن يسأل عما يحتاجه الناس ولو كان عالما به من أجل أن ينال التعليم ، والله الموفق .

    التعديل الأخير تم بواسطة كريمه بركات; الساعة 05-09-2014, 10:56 PM. سبب آخر: تكبير الخط وتشكيل الأيات
    سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

  • #2
    رد: شرح حديث جبريل لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله

    جزاكم الله خيرًا


    قال الشيخ الألباني رحمه الله: إن هذا الطريق طويل ونحن نمشي فيه مشي السلحفاة لايهمنا أن نصل المهم أن نموت علي الطريق

    تعليق


    • #3
      رد: شرح حديث جبريل لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله


      جزاكم الله خيرا
      ينقل لقسم علوم الحديث فهو الأنسب له


      ربِّ خذ من حياتي حتى ترضى، واجعل كل سكنة وكل حركة وكل لحظة طَرْفٍ فيك ولك!

      تعليق


      • #4
        رد: شرح حديث جبريل لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله

        وعليكم السلام ورحمة الله
        جزاكم الله خيرا وبارك فيكم

        تعليق


        • #5
          رد: شرح حديث جبريل لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله

          وعليكم السلام ورحمة الله
          بارك الله فيكم وجزكم خيراا
          سبحان الله ....الحمدلله ....الله أكبر ....لا اله الا الله
          غــرفة العنــاية الإيمــانية المركـزة ’’ بادرى بالـدخــول ’’



          تعليق

          يعمل...
          X