التذكير والنصيحة فيما يخص الإجازة بالسماع
أولا: الجهل بالمروي:
لا فائدة في الإجازة لمن يجهل مبادئ العلوم الشرعية، بل أخشى أن تكون حجة على صاحبها يوم القيامة، "والقرآن حجة لك أو عليك"، وكذلك كل ما تسمع من كتب العلم.
ثانيا: من أراد الإجازة يجب أن يتعلم مصطلح الحديث وخاصة طرق التحمل. أقرأ كثيرا أن شخصا ما يسأل هل أجيزَ إجازة عامة أم خاصة، فمن سأل مثل هذا السؤال يجهل مبادئ علم الرواية.
الإجازة الخاصة هي السماع، وهذا يعني أنك تسمع من المسنِد الحديث مسنَدا، وما فاتك من الكتاب سماعا فقد فاتك، ولا يمكن أن تحتال على المجيز بأن تلح عليه أن يجيزك "إجازة خاصة"، فهذا عين التدليس!
فتأملوا يحيى بن يحيى الليثي رحمه الله في روايته عن الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه: ذكر أنه شك في السماع في أبواب من آخر كتاب لاعتكاف، فذكر أنه رواه عن تلميذ لمالك - أي عن "زميله" في الطلب.
ولا يكفي أنك تسمع من المجيز أحاديث، فإن لم يسند المسند فلا يجوز لك أن تروي عنه.
ومن حدّث وذكر أسانيده يجوز لمن سمعه أن يروي عنه ما سمعه - إن تحرى الضبط في ألفاظ ما سمعه.
ثالثا: التساهل بألقاب "المحدث" والعالم الخ:
شهدت مع الأسف أن يلقب المسند بالمحدث ثم يطرح عليه سؤال في مصطلح الحديث أو في راو في سند الموطأ مثلا ولا يعرف الجواب. فأي محدث هذا؟ إن إخذنا بأعم تعريفات المحدث فهو من حفظ أكثر الأحاديث بأسانيدها وكان على دراية تامة بمتن الحديث وسنده.
رابعا: الضبط في المروي.
ومن الطامة الكبرى أن يكتفي بسماع صوت المسند ثم يروي الكتاب كما هو مطبوع بكل الأخطاء المبطعية، وربما جهل النحو و"يحدث" بأخطاء نحوية، ومع الأسف شهدت ذلك في كثير من المجالس، سمعت قارئا على أحد المسندين يقرأ في حديث واحد في الموطأ كلمة "الطنفسة" مرة بالضم ومرة بالفتح، ولم يصححه المسند، كأن هم الجميع سرعة إنهاء الكتاب للحصول على الإجازة "الخاصة" وهي أشبه بالإجازة العامة لأن فائدة السماع - أعني ضبط الكتاب - قد ضاعت.
كان العلماء قديما يجرحون من يلقَّن من الشيوخ، ويقصدون بذلك أن يقرأ التلميذ على الشيخ من الكتاب ويدخل فيه أخطاء - سواء أتعمد ذلك أم لا - دون أن ينتبه الشيخ لذلك. وكثيرا ما ألاحظ هذا النوع من التلقين بأن يقرأ على الشيخ من نسختين أو أكثر ولا يميز القارئ ولا المجيز، بالإضافة إلى الأخطاء اللغوية الكثيرة التي تقرأ على المسند دون تصحيح. فهل عجز الطلبة أن يقدموا طالبا واحدا يجيد القراءة ودرس الكتاب قبل أن يقرأه على الشيخ؟
خامسا: التحديث سماعا بما لم يسمع:
من أجيز في كتاب إجازة عامة ثم يحدث به في مجلس سماع يدلس. ولا أعيب على من يدرس الكتاب ويجيز الطلبة، بشرط أن ينبه على أن إجازته في الكتاب إجازة عامة، وإن لم ينبه على ذلك فقد وقع في التدليس.
سادسا: عدم التصدر بالإفتاء في مسائل المصطلح المتججدة.
أشهر مسألة هي مسألة التحديث عبر النت والهاتف وكذلك حكم السماع من التسجيل، فهذا لا ينبغي لطالب العلم أن يفتي فيه مهما بلغ من العلم. ينبغي أن تطرح هذه المسائل على علماء المصطلح الذين تخصصوا في علم المصطلح، لا على الفقهاء ولا على المسندين.
وأنصح أن نسكت عن هذه المسائل وأن نحتاط ولا نتساهل فيها حتى نرى فتاوى أهل المصطلح في هذه المسائل. (ولعل الموضوع يصلح لرسالة علمية.)
أما الإفتاء وشرح المسموعات والترجيح في مسائل علمية دون التأهل لذلك فحديث ذو شجون.
منقول للأهمية
تعليق