إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

** سلسلة الأحاديث الصحيحة للإمام الألباني .. متجددة ان شاء الله ..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #91
    الحديث رقم 79


    سلسلة الأحاديث الصحيحة
    ــ المجلد الأول


    للشيخ الإمام المحدث
    محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى

    الحديث رقم 79

    " ما جلس قوم مجلساً فلم يذكروا الله فيه إلا كان عليهم ترة وما من رجل مشى طريقاً فلم يذكر الله عز وجل إلا كان عليه ترة وما من رجل أوى إلى فراشه فلم يذكر الله إلا كان عليه ترة " .

    قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 118 :
    رواه أحمد ( 2 / 432 ) , وابن السني ( 375 ) , والحاكم ( 1 / 550 ) عن سعيد بن أبي سعيد عن " أبي إسحاق " به .
    وقال أحمد : " عن إسحاق " وقال الحاكم : " عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث " وقال : " صحيح على شرط البخاري " . وقال الذهبي : " على شرط مسلم " .
    قلت : وفي كل ذلك نظر , فإن إسحاق هذا إن كان ابن عبد الله بن الحارث كما وقع لدى الحاكم فليس من رجال البخاري ولا مسلم ولكنه ثقة روى عنه جماعة . وإن كان أبا إسحاق مولى الحارث فلا يعرف كما قال الذهبي , وإن كان إسحاق غير منسوب فلم أعرفه .
    وفي " المجمع " ( 10 / 80 ) : " رواه أحمد وأبو إسحاق مولى عبد الله بن الحارث بن نوفل لم يوثقه أحد , ولم يجرحه أحد وبقية رجال أحد إسنادي أحمد رجال الصحيح " .
    وله شاهد من حديث ابن عمرو بلفظ :
    " ما من قوم جلسوا مجلساً لم يذكروا الله فيه , إلا رأوه حسرة يوم القيامة " .



    يتبع
    الحديث التالي إن شاء الله تعالى

    تعليق


    • #92
      الحديث رقم 80


      سلسلة الأحاديث الصحيحة
      ــ المجلد الأول

      للشيخ الإمام المحدث
      محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى

      الحديث رقم 80

      " ما من قوم جلسوا مجلساً لم يذكروا الله فيه إلا رأوه حسرة يوم القيامة " .


      قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 118 :
      (‏عن " ابن عمرو " ) :
      أخرجه أحمد ( 2 / 124 ) بإسناد حسن .
      وقال الهيثمي : " رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح " .
      شاهد ثان : أخرجه الطيالسي ( 1756 ) عن جابر بسند على شرط مسلم .
      وله شاهد آخر عن عبد الله بن مغفل مثله .
      أخرجه ابن الضريسي في " أحاديث مسلم بن إبراهيم الفراهيدي " ( 8 / 1 - 2 ) بسند لا بأس به في المتابعات والشواهد , رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " ورجالهما رجال الصحيح والبيهقي كما في " الترغيب " ( 2 / 236 ) .
      فقه الحديث :
      لقد دل هذا الحديث الشريف وما في معناه على وجوب ذكر الله سبحانه وكذا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل مجلس , ودلالة الحديث على ذلك من وجوه :
      أولا - قوله : " فإن شاء عذبهم , وإن شاء غفر لهم " فإن هذا لا يقال إلا فيما كان فعله واجباً وتركه معصية .
      ثانيا - قوله : " وإن دخلوا الجنة للثواب " .
      فإنه ظاهر في كون تارك الذكر والصلاة عليه صلى الله عليه وسلم , يستحق دخول النار , وإن كان مصيره إلى الجنة ثواباً على إيمانه .
      ثالثا : قوله : " وإلا قاموا على مثل جيفة حمار " .
      فإن هذا التشبيه يقتضي تقبيح عملهم كل التقبيح , وما يكون ذلك - إن شاء الله تعالى - إلا فيما هو حرام ظاهر التحريم . والله أعلم .

      فعلى كل مسلم أن يتنبه لذلك ,
      ولا يغفل عن ذكر الله عز وجل , والصلاة على
      نبيه صلى الله عليه وسلم , في كل مجلس يقعده , وإلا كان عليه ترة وحسرة يوم القيامة .
      قال المناوي في " فيض القدير " : " فيتأكد ذكر الله , والصلاة على رسوله عند إرادة القيام من المجلس , وتحصل السنة في الذكر والصلاة بأي لفظ كان , لكن الأكمل في الذكر " سبحانك اللهم وبحمدك , أشهد أن لا إله إلا أنت , أستغفرك وأتوب إليك , وفي الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ما في آخر التشهد " .

      قلت : والذكر المشار إليه هو المعروف بكفارة المجلس , وقد جاء فيه عدة أحاديث أذكر واحداً منها هو أتمها : وهو كفارة المجلس : " من قال : سبحان الله وبحمده , سبحانك اللهم وبحمدك , أشهد أن لا إله إلا أنت , أستغفرك وأتوب إليك , فقالها في مجلس ذكر , كانت كالطابع يطبع عليه , ومن قالها في مجلس لغو كانت كفارة له " .



      يتبع
      الحديث التالي إن شاء الله تعالى

      تعليق


      • #93
        رد: ** سلسلة الأحاديث الصحيحة للإمام الألباني .. متجددة ان شاء الله ..

        [HTML]<img border="0" src="http://www.iraq-4ever.com/images/signatures/forum66.gif" alt="forum 66" />[/HTML]

        تعليق


        • #94
          رد: ** سلسلة الأحاديث الصحيحة للإمام الألباني .. متجددة ان شاء الله ..

          اثابك الله ..

          تعليق


          • #95
            الحديث رقم 81


            سلسلة الأحاديث الصحيحة
            ــ المجلد الأول


            للشيخ الإمام المحدث
            محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى

            الحديث رقم 81

            " من قال : سبحان الله وبحمده سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك , فقالها في مجلس ذكر كانت كالطابع يطبع عليه ومن قالها في مجلس لغو كانت كفارة له " .

            قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 120 :
            أخرجه الطبراني ( 1 / 79 / 2 ) والحاكم ( 1 / 537 ) من طريق " نافع بن جبير ابن مطعم عن أبيه " مرفوعاً .
            وقال : " صحيح على شرط مسلم " . ووافقه الذهبي وهو كما قالا .
            وعزاه المنذري ( 2 / 236 ) للنسائي والطبراني , قال : " ورجالهما رجال الصحيح " .
            وقال الهيثمي ( 10 / 142 و 423 ) : " رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح " .
            قلت : وفي رواية للطبراني زيادة : " يقولها ثلاث مرات " وقد سكت عليها الهيثمي , وليس بجيد , فإن في سندها خالد بن يزيد العمري وقد كذبه أبو حاتم ويحيى , وقال ابن حبان : " يروي الموضوعات عن الأثبات " .
            فهذه الزيادة واهية لا يلتفت إليها .




            يتبع
            الحديث التالي إن شاء الله تعالى

            تعليق


            • #96
              الحديث رقم 82


              سلسلة الأحاديث الصحيحة
              ــ المجلد الأول


              للشيخ الإمام المحدث
              محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى

              الحديث رقم 82

              " لا أشبع الله بطنه . يعني معاوية " .

              قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 121 :
              رواه أبو داود الطيالسي في " مسنده " ( 2746 ) : حدثنا هشام وأبو عوانة عن أبي حمزة القصاب عن " ابن عباس " : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى معاوية ليكتب له : فقال : إنه يأكل ثم بعث إليه , فقال : إنه يأكل , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فذكره .
              قلت : وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال مسلم , وفي أبي حمزة القصاب واسمه عمران بن أبي عطاء كلام من بعضهم لا يضره , فقد وثقه جماعة من الأئمة منهم أحمد وابن معين وغيرهما , ومن ضعفه لم يبين السبب , فهو جرح مبهم غير مقبول , وكأنه لذلك احتج به مسلم , وأخرج له هذا الحديث في " صحيحه " ( 8 / 27 ) من طريق شعبة عن أبي حمزة القصاب به .
              وأخرجه أحمد ( 1 / 240 , 291 , 335 , 338 ) عن شعبة وأبي عوانة عنه به , دون قوله : " لا أشبع الله بطنه " وكأنه من اختصار أحمد أو بعض شيوخه , وزاد في رواية : " وكان كاتبه " وسندها صحيح .
              وقد يستغل بعض الفرق هذا الحديث ليتخذوا منه مطعناً في معاوية رضي الله عنه , وليس فيه ما يساعدهم على ذلك , كيف وفيه أنه كان كاتب النبي صلى الله عليه وسلم ? ! ولذلك قال الحافظ ابن عساكر ( 16 / 349 / 2 ) " إنه أصح ما ورد في فضل معاوية " فالظاهر أن هذا الدعاء منه صلى الله عليه وسلم غير مقصود , بل هو ما جرت به عادة العرب في وصل كلامها بلا نية كقوله صلى الله عليه وسلم في بعض نسائه " عقرى حلقى " و " تربت يمينك " . ويمكن أن يكون ذلك منه صلى الله عليه وسلم بباعث البشرية التي أفصح عنها هو نفسه عليه السلام في أحاديث كثيرة متواترة .
              منها حديث عائشة رضي الله عنها قالت : " دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان , فكلماه بشيء لا أدري ما هو فأغضباه , فلعنهما وسبهما , فلما خرجا قلت : يا رسول الله من أصاب من الخير شيئاً ما أصابه هذان ? قال : وما ذاك ? قالت : قلت : لعنتهما وسببتهما , قال : " أو ما علمت ما شارطت عليه ربي ? قلت : اللهم إنما أنا بشر , فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاةً وأجراً " .



              يتبع
              الحديث التالي إن شاء الله تعالى

              تعليق


              • #97
                الحديث رقم 83


                سلسلة الأحاديث الصحيحة
                ــ المجلد الأول


                للشيخ الإمام المحدث
                محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى

                الحديث رقم 83

                " أو ما علمت ما شارطت عليه ربي ? قلت : اللهم إنما أنا بشر فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاةً وأجراً " .

                قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 122 :
                رواه مسلم مع الحديث الذي قبله في باب واحد هو " باب من لعنه النبي صلى الله عليه وسلم أو سبه أو دعا عليه وليس هو أهلاً لذلك كان له زكاةً وأجراً ورحمةً " .
                ثم ساق فيه من حديث " أنس بن مالك " قال : " كانت عند أم سليم يتيمة وهي أم أنس , فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم اليتيمة , فقال : آنت هي ? لقد كبرت لا كبر سنك فرجعت اليتيمة إلى أم سليم تبكي فقالت أم سليم : ما لك يا بنية ? فقالت الجارية : دعا علي نبي الله صلى الله عليه وسلم أن لا يكبر سني أبداً , أو قالت : قرني , فخرجت أم سليم مستعجله تلوث خمارها حتى لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما لك يا أم سليم ? فقالت يا نبي الله , أدعوت على يتيمتي ? قال : وما ذاك يا أم سليم ? قالت : زعمت أنك دعوت أن لا يكبر سنها , ولا يكبر قرنها قال : فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم , ثم قال : " يا أم سليم ! أما تعلمين أن شرطي على ربي ? أني اشترطت على ربي فقلت : إنما أنا بشر أرضى كما يرضى البشر , وأغضب كما يغضب البشر , فأيما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل , أن يجعلها له طهوراً وزكاةً وقربةً يقربه بها منه يوم القيامة " .



                يتبع
                الحديث التالي إن شاء الله تعالى

                تعليق


                • #98
                  الحديث رقم 84


                  سلسلة الأحاديث الصحيحة
                  ــ المجلد الأول


                  للشيخ الإمام المحدث
                  محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى

                  الحديث رقم 84

                  " يا أم سليم ! أما تعلمين أن شرطي على ربي ? أني اشترطت على ربي فقلت : إنما أنا بشر أرضى كما يرضى البشر وأغضب كما يغضب البشر فأيما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل أن يجعلها له طهوراً وزكاةً وقربةً يقربه بها منه يوم القيامة " .

                  قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 123 :
                  ( عن " أم سليم " ) : ثم أتبع الإمام مسلم هذا الحديث بحديث معاوية وبه ختم الباب , إشارة منه رحمه الله إلى أنها من باب واحد , وفي معنى واحد , فكما لا يضر اليتيمة دعاؤه صلى الله عليه وسلم عليه بل هو لها زكاة وقربة , فكذلك دعاؤه صلى الله عليه وسلم على معاوية .
                  وقد قال الإمام النووي في " شرحه على مسلم " ( 2 / 325 طبع الهند ) : " وأما دعاؤه صلى الله عليه وسلم على معاوية ففيه جوابان :
                  أحدهما : أنه جرى على اللسان بلا قصد .
                  والثانى : أنه عقوبة له لتأخره , وقد فهم مسلم رحمه الله من هذا الحديث أن معاوية لم يكن مستحقاً الدعاء عليه , فلهذا أدخله في هذا الباب , وجعله غيره من مناقب معاوية لأنه في الحقيقة يصير دعاء له " .
                  وقد أشار الذهبي إلى هذا المعنى الثاني فقال في " سير أعلام النبلاء " ( 9 / 171 / 2 ) : " قلت : لعل أن , يقال : هذه منقبة لمعاوية لقوله صلى الله عليه وسلم : اللهم من لعنته أو سببته فاجعل ذلك له زكاة ورحمة " .
                  واعلم أن قوله صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث : " إنما أنا بشر أرضى كما يرضى البشر ..‎" إنما هو تفصيل لقول الله تبارك وتعالى : ( قل إنما أنا بشر مثلكم , يوحى إلي ....‎) الآية .
                  وقد يبادر بعض ذوي الأهواء أو العواطف الهوجاء , إلى إنكار مثل هذا الحديث بزعم تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم وتنزيهه عن النطق به ! ولا مجال إلى مثل هذا الإنكار فإن الحديث صحيح , بل هو عندنا متواتر , فقد رواه مسلم من حديث عائشة وأم سلمة كما ذكرنا , ومن حديث أبي هريرة وجابر رضي الله عنهما , وورد من حديث سلمان وأنس وسمرة وأبي الطفيل وأبي سعيد وغيرهم . انظر " كنز العمال " ( 2 / 124 ) .
                  وتعظيم النبي صلى الله عليه وسلم تعظيماً مشروعاً , إنما يكون بالإيمان بكل ما جاء عنه صلى الله عليه وسلم صحيحاً ثابتاً , وبذلك يجتمع الإيمان به صلى الله عليه وسلم عبداً ورسولاً , دون إفراط ولا تفريط , فهو صلى الله عليه وسلم بشر , بشهادة الكتاب والسنة , ولكنه سيد البشر وأفضلهم إطلاقاً بنص الأحاديث الصحيحة . وكما يدل عليه تاريخ حياته صلى الله عليه وسلم وسيرته , وما حباه الله تعالى به من الأخلاق الكريمة , والخصال الحميدة , التي لم تكتمل في بشر اكتمالها فيه صلى الله عليه وسلم , وصدق الله العظيم , إذ خاطبه بقوله الكريم : ( وإنك لعلى خلق عظيم ) .



                  يتبع
                  الحديث التالي إن شاء الله تعالى

                  تعليق


                  • #99
                    الحديث رقم 85


                    سلسلة الأحاديث الصحيحة
                    ــ المجلد الأول


                    للشيخ الإمام المحدث
                    محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى

                    الحديث رقم 85

                    " ارحلوا لصاحبيكم واعملوا لصاحبيكم ! ادنوا فكلا " .

                    قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 124 :
                    رواه أبو بكر ابن أبي شيبة في " المصنف " ( ج 2 / 149 / 2 ) , والفريابي في " الصيام " ( 4 / 64 / 1 ) عنه وعن أخيه عثمان بن أبي شيبة , قالا : حدثنا عمر بن سعد أبو داود عن سفيان عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن "‎أبي هريرة " قال : " أتي النبي صلى الله عليه وسلم بطعام وهو بـ ( مر الظهران ) , فقال لأبي بكر وعمر : ادنوا فكلا , فقالا : إنا صائمان , فقال : ارحلوا لصاحبيكم " الحديث .
                    وكذا أخرجه النسائي ( 1 / 315 ) وابن دحيم في " الأمالي " ( 2 / 1 ) من طرق أخرى عن عمر بن سعد به .
                    ثم أخرجه النسائي من طريق محمد بن شعيب : أخبرني الأوزاعي به مرسلاً لم يذكر أبا هريرة , وكذلك أخرجه من طريق علي - وهو ابن المبارك - عن يحيى به .
                    ولعل الموصول أرجح , لأن الذي وصله وهو سفيان عن الأوزاعي ثقة , وزيادة الثقة مقبولة ما لم تكن منافية لمن هو أوثق منه .
                    قلت : وإسناده صحيح على شرط مسلم , ورواه ابن خزيمة في " صحيحه " وقال : " فيه دليل على أن للصائم في السفر الفطر بعد مضي بعض النهار " . كما في " فتح الباري " ( 4 / 158 ) . وأخرجه الحاكم ( 1 / 433 ) و قال : " صحيح على شرط الشيخين " . ووافقه الذهبي ! وإنما هو على شرط مسلم وحده , فإن عمر بن سعد لم يخرج له البخاري شيئاً .
                    والغرض من قوله صلى الله عليه و آله وسلم : " ارحلوا لصاحبيكم ...‎" الإنكار وبيان أن الأفضل أن يفطرا ولا يحوجا الناس إلى خدمتهما , ويبين ذلك ما روى الفريابي ( 67 / 1 ) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : " لا تصم فى السفر فإنهم إذا أكلوا طعاماً قالوا : ارفعوا للصائم ! وإذا عملوا عملاً قالوا : اكفلوا للصائم ! فيذهبوا بأجرك " . ورجاله ثقات .
                    قلت : ففي الحديث توجيه كريم , إلى خلق قويم , وهو الاعتماد على النفس , وترك التواكل على الغير , أو حملهم على خدمته , ولو لسبب مشروع كالصيام , أفليس في الحديث إذن رد واضح على أولئك الذين يستغلون عملهم , فيحملون الناس على التسارع في خدمتهم , حتى في حمل نعالهم ?‎! ولئن قال بعضهم : لقد كان الصحابة رضي الله عنهم يخدمون رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن خدمة , حتى كان فيهم من يحمل نعليه صلى الله عليه وسلم وهو عبد الله بن مسعود .
                    فجوابنا نعم , ولكن هل احتجاجهم بهذا لأنفسهم إلا تزكية منهم لها , واعتراف بأنهم ينظرون إليها على أنهم ورثته صلى الله عليه وسلم في العلم حتى يصح لهم هذا القياس ?‎! وايم الله لو كان لديهم نص على أنهم الورثة لم يجز لهم هذا القياس , فهؤلاء أصحابه صلى الله عليه وسلم المشهود لهم بالخيرية , وخاصة منهم العشرة المبشرين بالجنة , فقد كانوا خدام أنفسهم , ولم يكن واحد منهم يخدم من غيره , عشر معشار ما يخدم أولئك المعنيين من تلامذتهم ومريديهم ! فكيف وهم لا نص عندهم بذلك , ولذلك فإني أقول : إن هذا القياس فاسد الاعتبار من أصله , هدانا الله تعالى جميعاً سبيل التواضع والرشاد .



                    يتبع
                    الحديث التالي إن شاء الله تعالى

                    تعليق


                    • الحديث رقم 86


                      سلسلة الأحاديث الصحيحة
                      ــ المجلد الأول


                      للشيخ الإمام المحدث
                      محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى

                      الحديث رقم 86

                      " من أنظر معسراً فله بكل يوم صدقة قبل أن يحل الدين , فإذا حل الدين فأنظره فله بكل يوم مثليه صدقة " .

                      قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 126 :
                      رواه أحمد ( 5 / 360 ) عن " سليمان بن بريدة عن أبيه " قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من أنظر معسراً فله بكل يوم مثله صدقة , قال : ثم سمعته يقول : من أنظر معسراً فله بكل يوم مثله صدقة , قلت : سمعتك يا رسول الله تقول : من أنظر معسراً فله بكل يوم مثله صدقة , ثم سمعتك تقول : من أنظر معسراً فله بكل يوم مثليه صدقة , قال : له بكل يوم صدقة قبل أن يحل الدين فإذا حل الدين فأنظره فله بكل يوم مثليه صدقة " .
                      قلت : وإسناده صحيح رجاله ثقات محتج بهم في " صحيح مسلم " .
                      ثم رأيته في " المستدرك " ( 2 / 29 ) وقال : " صحيح على شرط الشيخين " ووافقه الذهبي فأخطأ لأن سليمان هذا لم يخرج له البخاري , وإنما الذي أخرج له الشيخان هو أخوه عبد الله بن بريدة .



                      يتبع
                      الحديث التالي إن شاء الله تعالى

                      تعليق


                      • الحديث رقم 87


                        سلسلة الأحاديث الصحيحة
                        ــ المجلد الأول


                        للشيخ الإمام المحدث
                        محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى

                        الحديث رقم 87

                        " يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب حتى لا يدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة وليسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية وتبقى طوائف من الناس : الشيخ الكبير والعجوز , يقولون : أدركنا آباءنا على هذه الكلمة : " لا إله إلا الله " فنحن نقولها " .

                        قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1/127:
                        أخرجه ابن ماجه ( 4049 ) والحاكم ( 4 / 473 ) من طريق أبي معاوية عن أبي مالك الأشجعي عن ربعي بن حراش عن " حذيفة بن اليمان " مرفوعاً به , وزاد : " قال صلة بن زفر لحذيفة : ما تغني عنهم لا إله إلا الله و هم لا يدرون ما صلاة ولا صيام ولا نسك ولا صدقة ? فأعرض عنه حذيفة , ثم ردها عليه ثلاثاً , كل ذلك يعرض عنه حذيفة , ثم أقبل عليه في الثالثة فقال : يا صلة ! تنجيهم من النار . ثلاثاً " .
                        وقال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " . ووافقه الذهبي .
                        قلت : وهو كما قالا .
                        وقال البوصيري في " الزوائد " ( ق 247 / 1 ) : " إسناده صحيح , رجاله ثقات " .
                        ( يدرس ) من درس الرسم دروساً : إذا عفا وهلك .
                        ( وشي الثوب ) نقشه .
                        من فوائد الحديث :
                        وفي هذا الحديث نبأ خطير , وهو أنه سوف يأتي يوم على الإسلام يمحى أثره , وعلى القرآن فيرفع فلا يبقى منه ولا آية واحدة , وذلك لا يكون قطعاً إلا بعد أن يسيطر الإسلام على الكرة الأرضية جميعها , وتكون كلمته فيها هي العليا .
                        كما هو نص قول الله تبارك و تعالى ( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ) , وكما شرح رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك في أحاديث كثيرة سبق ذكر بعضها في المقال الأول من هذه المقالات ( الأحاديث الصحيحة ) .
                        وما رفع القرآن الكريم في آخر الزمان إلا تمهيداً لإقامة الساعة على شرار الخلق الذين لا يعرفون شيئاً من الإسلام البتة , حتى ولا توحيده !
                        وفي الحديث إشارة إلى عظمة القرآن , وأن وجوده بين المسلمين هو السبب لبقاء دينهم ورسوخ بنيانه وما ذلك إلا بتدارسه وتدبره وتفهمه ولذلك تعهد الله تبارك وتعالى بحفظه , إلى أن يأذن الله برفعه . فما أبعد ضلال بعض المقلدة الذين يذهبون إلى أن الدين محفوظ بالمذاهب الأربعة , وأنه لا ضير على المسلمين من ضياع قرآنهم لو فرض وقوع ذلك !‎! هذا ما كان صرح لي به أحد كبار المفتين من الأعاجم وهو يتكلم العربية الفصحى بطلاقة وذلك لما جرى الحديث بيني وبينه حول الاجتهاد والتقليد .
                        قال - ما يردده كثير من الناس - : إن الاجتهاد أغلق بابه منذ القرن الرابع ! فقلت له : وماذا نفعل بهذه الحوادث الكثيرة التي تتطلب معرفة حكم الله فيها اليوم ? قال : إن هذه الحوادث مهما كثرت فستجد الجواب عنها في كتب علمائنا إما عن عينها أو مثلها .
                        قلت : فقد اعترفت ببقاء باب الاجتهاد مفتوحاً ولا بد !
                        قال : وكيف ذلك ?
                        قلت : لأنك اعترفت أن الجواب قد يكون عن مثلها , لا عن عينها وإذ الأمر كذلك , فلابد من النظر في كون الحادثه في هذا العصر , هي مثل التي أجابوا عنها , وحين ذلك فلا مناص من استعمال النظر والقياس وهو الدليل الرابع من أدلة الشرع , وهذا معناه الاجتهاد بعينه لمن هو له أهل ! فكيف تقولون بسد بابه ?‎ !‎
                        ويذكرني هذا بحديث آخر جرى بيني وبين أحد المفتين شمال سورية , سألته : هل تصح الصلاة في الطائرة ?
                        قال : نعم .
                        قلت : هل تقول ذلك تقليداً أم اجتهاداً ?
                        قال : ماذا تعني ?
                        قلت : لا يخفى أن من أصولكم في الإفتاء , أنه لا يجوز الإفتاء باجتهاد , بل اعتماداً على نص من إمام , فهل هناك نص بصحة الصلاة في الطائرة ?
                        قال : لا .
                        قلت : فكيف إذن خالفتم أصلكم هذا فأفتيتم دون نص ?
                        قال : قياساً .
                        قلت : ما هو المقيس عليه ?
                        قال : الصلاة في السفينة .
                        قلت : هذا حسن , ولكنك خالفت بذلك أصلاً وفرعاً , أما الأصل فما سبق ذكره , وأما الفرع فقد ذكر الرافعي في شرحه أن المصلي لو صلى في أرجوحة غير معلقة بالسقف ولا مدعمة بالأرض فصلاته باطلة .
                        قال : لا علم لي بهذا .
                        قلت : فراجع الرافعي إذن لتعلم أن ( فوق كل ذي علم عليم ) , فلو أنك تعترف أنك من أهل القياس والاجتهاد وأنه يجوز لك ذلك ولو في حدود المذهب فقط , لكانت النتيجة أن الصلاة في الطائرة باطلة لأنها هي التي يتحقق فيها ما ذكره الرافعي من الفرضية الخيالية يومئذ . أما نحن فنرى أن الصلاة في الطائرة صحيحة لا شك في ذلك , ولئن كان السبب في صحة الصلاة في السفينة أنها مدعمة بالماء بينها وبين الأرض , فالطائرة أيضاً مدعمة بالهواء بينها وبين الأرض . وهذا هو الذي بدا لكم في أول الأمر حين بحثتم استقلالاً , ولكنكم لما علمتم بذلك الفرع المذهبي صدكم عن القول بما أداكم إليه بحثكم !‎?
                        أعود إلى إتمام الحديث مع المفتي الأعجمي , قلت له : وإذا كان الأمر كما تقولون : إن المسلمين ليسوا بحاجة إلى مجتهدين لأن المفتي يجد الجواب عن عين المسألة أو مثلها , فهل يترتب ضرر ما لو فرض ذهاب القرآن ?
                        قال : هذا لا يقع .
                        قلت : إنما أقول : لو فرض .
                        قال : لا يترتب أي ضرر لو فرض وقوع ذلك !
                        قلت : فما قيمة امتنان الله عز وجل إذن على عباده بحفظ القرآن حين قال : ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) , إذا كان هذا الحفظ غير ضروري بعد الأئمة ?‎!
                        والحقيقة أن هذا الجواب الذي حصلنا عليه من المفتي بطريق المحاورة , هو جواب كل مقلد على وجه الأرض , وإنما الفرق أن بعضهم لا يجرؤ على التصريح به , وإن كان قلبه قد انطوى عليه . نعوذ بالله من الخذلان .
                        فتأمل أيها القارىء اللبيب مبلغ ضرر ما نشكو منه , لقد جعلوا القرآن في حكم المرفوع , وهو لا يزال بين ظهرانينا والحمد لله , فكيف يكون حالهم حين يسرى عليه في ليلة , فلا يبقى في الأرض منه آية ?‎! فاللهم هداك .
                        حكم تارك الصلاة :
                        هذا وفي الحديث فائدة فقهية هامة , وهي أن شهادة أن لا إله إلا الله تنجي قائلها من الخلود في النار يوم القيامة ولو كان لا يقوم بشيء من أركان الإسلام الخمسة الأخرى كالصلاة وغيرها , ومن المعلوم أن العلماء اختلفوا في حكم تارك الصلاة خاصة , مع إيمانه بمشروعيتها , فالجمهور على أنه لا يكفر بذلك , بل يفسق وذهب أحمد إلى أنه يكفر وأنه يقتل ردة , لاحداً , وقد صح عن الصحابة أنهم كانوا لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة . رواه الترمذي والحاكم , وأنا أرى أن الصواب رأي الجمهور , وأن ما ورد عن الصحابة ليس نصاً على أنهم كانوا يريدون بـ ( الكفر ) هنا الكفر الذي يخلد صاحبه في النار ولا يحتمل أن يغفره الله له , كيف ذلك وهذا حذيفة بن اليمان - وهو من كبار أولئك الصحابة - يرد على صلة بن زفر وهو يكاد يفهم الأمر على نحو فهم أحمد له , فيقول : ما تغني عنهم لا إله إلا الله , وهم لا يدرون ما صلاة ...." فيجيبه حذيفة بعد إعراضه عنه : " يا صلة تنجيهم من النار . ثلاثاً " .
                        فهذا نص من حذيفة رضي الله عنه على أن تارك الصلاة , ومثلها بقية الأركان ليس بكافر , بل هو مسلم ناج من الخلود في النار يوم القيامة . فاحفظ هذا فإنه قد لا تجده في غير هذا المكان .
                        وفي الحديث المرفوع ما يشهد له , ولعلنا نذكره فيما بعد إن شاء الله تعالى .
                        ثم وقفت على " الفتاوى الحديثية " ( 84 / 2 ) للحافظ السخاوي , فرأيته يقول بعد أن ساق بعض الأحاديث الواردة في تكفير تارك الصلاة وهي مشهورة معروفة : " ولكن كل هذا إنما يحمل على ظاهره في حق تاركها جاحداً لوجودها مع كونه ممن نشأ بين المسلمين , لأنه يكون حينئذ كافراً مرتداً بإجماع المسلمين , فإن رجع إلى الإسلام قبل منه , وإلا قتل . وأما من تركها بلا عذر , بل تكاسلاً مع اعتقاد وجوبها , فالصحيح المنصوص الذي قطع به الجمهور أنه لا يكفر , وأنه - على الصحيح أيضاً - بعد إخراج الصلاة الواحدة عن وقتها الضروري , كأن يترك الظهر مثلاً حتى تغرب الشمس أو المغرب حتى يطلع الفجر - يستتاب كما يستتاب المرتد , ثم يقتل إن لم يتب , ويغسل ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين , مع إجراء سائر أحكام المسلمين عليه . ويؤول إطلاق الكفر عليه لكونه شارك الكافر في بعض أحكامه . وهو وجوب العمل , جمعا بين هذه النصوص وبين ما صح أيضاً عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : خمس صلوات كتبهن الله - فذكر الحديث . وفيه : " إن شاء عذبه , وإن شاء غفر له " وقال أيضاً : " من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة " إلى غير ذلك . ولهذا لم يزل المسلمون يرثون تارك الصلاة ويورثونه ولو كان كافراً لم يغفر له , ولم يرث ولم يورث " .
                        وقد ذكر نحو هذا الشيخ سليمان بن الشيخ عبد الله في " حاشيته على المقنع " , ( 1 / 95 - 96 ) وختم البحث بقوله : " ولأن ذلك إجماع المسلمين , فإننا لا نعلم في عصر من الأعصار أحداً من تاركي الصلاة , ترك تغسيله والصلاة عليه , ولا منع ميراث موروثه مع كثرة تاركي الصلاة , ولو كفر لثبتت هذه الأحكام . وأما الأحاديث المتقدمة , فهي على وجه التغليظ والتشبيه بالكفار لا على الحقيقة , كقوله عليه الصلاة والسلام : " سباب المسلم فسوق , وقتاله كفر " , وقوله " من حلف بغير الله فقد أشرك " وغير ذلك . قال الموفق : وهذا أصوب القولين " .
                        أقول : نقلت هذا النص من " الحاشية " المذكورة , ليعلم بعض متعصبة الحنابلة , أن الذي ذهبت إليه , ليس رأياً لنا تفردنا به دون أهل العلم , بل هو مذهب جمهورهم , والمحققين من علماء الحنابلة أنفسهم , كالموفق هذا , وهو ابن قدامة المقدسي , وغيره , ففي ذلك حجة كافية على أولئك المتعصبة , تحملهم إن شاء الله تعالى , على ترك غلوائهم , والاعتدال في حكمهم .
                        بيد أن هنا دقيقة , قل من رأيته تنبه لها , أو نبه عليها , فوجب الكشف عنها وبيانها .
                        فأقول : إن التارك للصلاة كسلاً إنما يصح الحكم بإسلامه , ما دام لا يوجد هناك ما يكشف عن مكنون قلبه , أو يدل عليه , ومات على ذلك , قبل أن يستتاب كما هو الواقع في هذا الزمان , أما لو خير بين القتل والتوبة بالرجوع إلى المحافظة على الصلاة , فاختار القتل عليها , فقتل , فهو في هذه الحالة يموت كافراً , ولا يدفن في مقابر المسلمين , ولا تجري عليه أحكامهم , خلافا لما سبق عن السخاوي لأنه لا يعقل - لو كان غير جاحد لها في قلبه - أن يختار القتل عليها , هذا أمر مستحيل , معروف بالضرورة من طبيعة الإنسان , لا يحتاج إثباته إلى برهان .
                        قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في " مجموعة الفتاوى " ( 2 / 48 ) : " و متى امتنع الرجل من الصلاة حتى يقتل , لم يكن في الباطن مقراً بوجوبها ولا ملتزماً بفعلها , وهذا كافر باتفاق المسلمين , كما استفاضت الآثار عن الصحابة بكفر هذا , ودلت عليه النصوص الصحيحة .... فمن كان مصراً على تركها حتى يموت , لا يسجد لله سجدة قط , فهذا لا يكون قط مسلماً مقراً بوجوبها , فإن اعتقاد الوجوب واعتقاد أن تاركها يستحق القتل , هذا داع تام إلى فعلها , والداعي مع القدرة يوجب وجود المقدور , فإذا كان قادراً ولم يفعل قط , علم أن الداعي في حقه لم يوجد " .



                        يتبع
                        الحديث التالي إن شاء الله تعالى

                        تعليق


                        • الحديث رقم 88


                          سلسلة الأحاديث الصحيحة
                          ــ المجلد الأول


                          للشيخ الإمام المحدث
                          محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى

                          الحديث رقم 88

                          " ما اجتمع هذه الخصال في رجل في يوم إلا دخل الجنة " .

                          قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 133 :
                          رواه مسلم في " صحيحه " ( 7 / 100 ) والبخاري في " الأدب المفرد " ( رقم 515 ) وابن عساكر في " تاريخه " ( ج 9 / 288 / 1 ) من طريق مروان بن معاوية قال : حدثنا يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن " أبي هريرة " قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أصبح منكم اليوم صائماً ? قال أبو بكر : أنا , قال : من عاد منكم اليوم مريضاً ? قال أبو بكر أنا , قال : من شهد منكم اليوم جنازة ? قال أبو بكر : أنا , قال : من أطعم اليوم مسكيناً ? قال أبو بكر : أنا , قال مروان : بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .
                          والسياق للبخارى . وليس عند مسلم وابن عساكر " قال مروان : بلغني " بل هذا البلاغ عندهما متصل بأصل الحديث من طريقين عن مروان . وهو الأصح إن شاء الله تعالى .
                          والحديث عزاه المنذري في " الترغيب " ( 4 / 162 ) لابن خزيمة فقط في " صحيحه " ! وله طريق أخرى عند ابن عساكر عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة نحوه .
                          ولبعضه شاهد من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر بلفظ : " هل منكم أحد أطعم اليوم مسكيناً ? فقال أبو بكر رضي الله عنه : دخلت المسجد فإذا أنا بسائل يسأل , فوجدت كسرة خبز في يد عبد الرحمن , فأخذتها منه , فدفعتها إليه " أخرجه أبو داود وغيره وإسناده ضعيف كما بينته في الأحاديث " الضعيفة " ( 1400 ) .
                          وفيه فضيلة أبي بكر الصديق رضي الله عنه والبشارة له بالجنة , والأحاديث في ذلك كثيرة طيبة .
                          وفيه فضيلة الجمع بين هذه الخصال في يوم واحد , وأن اجتماعها في شخص بشير له بالجنة , جعلنا الله من أهلها .



                          يتبع
                          الحديث التالي إن شاء الله تعالى

                          تعليق


                          • الحديث رقم 89


                            سلسلة الأحاديث الصحيحة
                            ــ المجلد الأول

                            للشيخ الإمام المحدث
                            محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى

                            الحديث رقم 89

                            " إن أول ما يكفئ - يعني الإسلام - كما يكفأ الإناء - يعني الخمر - , فقيل : كيف يا رسول الله , وقد بين الله فيها ما بين ? قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يسمونها بغير اسمها " .

                            قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 134 :

                            رواه الدارمي ( 2 / 114 ) : حدثنا زيد بن يحيى حدثنا محمد بن راشد عن أبي وهب الكلاعي عن القاسم بن محمد عن " عائشة " قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره .

                            قلت : وهذا سند حسن , القاسم بن محمد هو ابن أبي بكر الصديق - ثقة أحد الفقهاء في المدينة , احتج به الجماعة .

                            وأبو وهب الكلاعي اسمه عبيد الله بن عبيد وثقه دحيم .

                            وقال ابن معين : لا بأس به .

                            ومحمد بن راشد هو المكحولي الخزاعي الدمشقي , وثقه جماعة من كبار الأئمة كأحمد وابن معين وغيرهما , وضعفه آخرون .

                            وتوسط فيه أبو حاتم فقال : " كان صدوقا حسن الحديث " .

                            قلت : وهذا هو الراجح لدينا , وقال الحافظ في " التقريب " : " صدوق يهم " . وزيد بن يحيى , هو إما زيد بن يحيى بن عبيد الخزاعي أبو عبد الله الدمشقي , وإما زيد بن أبي الزرقاء يزيد الموصلي أبو محمد نزيل الرملة , ولم يترجح لدي الآن أيهما المراد هنا , فكلاهما روى عن محمد بن راشد , ولكن أيهما كان فهو ثقة .

                            وقد وجدت للحديث طريقا أخرى , أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 225 / 1 ) وابن عدي ( ق 264 / 2 ) عن الفرات بن سلمان عن القاسم به , ولفظه : " أول ما يكفأ الإسلام كما يكفأ الإناء في شراب يقال له : الطلاء " .

                            ثم رواه ابن عدي عن الفرات قال : حدثنا أصحاب لنا عن القاسم به . و قال : " الفرات هذا لم أر المتقدمين صرحوا بضعفه , وأرجو أنه لا بأس به , لأني لم أر في رواياته حديثا منكراً " .

                            قلت : وقال ابن أبي حاتم ( 3 / 2 / 80 ) : " سألت أبي عنه ? فقال : لا بأس به , محله الصدق , صالح الحديث " .

                            وقال أحمد : " ثقة " . كما في " الميزان " و " اللسان " .

                            قلت : فالإسناد صحيح , ولا يضره جهالة أصحاب الفرات , لأنهم جمع ينجبر به جهالتهم , ولعل منهم أبا وهب الكلاعي فإنه قد رواه عن القاسم كما في الطريق الأولى , فالحديث صحيح . وقول الذهبي في ترجمة الفرات : " حديث منكر " منكر من القول , ولعله لم يقف على الطريق الأولى , بل هذا هو الظاهر . والله أعلم .

                            والحديث مما فات السيوطي فلم يورده في " الجامع الكبير " , لا في باباً " إن " ولا في " أول " وإنما أورد فيه ما قد يصلح أن يكون شاهداً لهذا فقال ( 1 / 274 / 2 ) : " أول ما يكفأ أمتي عن الإسلام كما يكفأ الإناء , في الخمر . ابن عساكر عن ابن عمرو " .

                            ثم رأيته في " تاريخه " ( 18 / 76 / 1 ) عن زيد بن يحيى بن عبيد حدثني ابن ثابت ابن ثوبان عن إسماعيل بن عبد الله قال : سمعت ابن محيريز يقول : سمعت عبد الله بن عمرو يقول فذكره وزاد في آخره " قال : وقلت ( لعله . وقطب ) رسول الله صلى الله عليه وسلم " . وهذا إسناد لا بأس به في الشواهد .

                            وللحديث طريق أخرى بلفظ آخر عن عائشة , يأتي في الذي بعده .

                            ( الطلاء ) قال في " النهاية " : " بالكسر والمد : الشراب المطبوخ من عصير العنب , وهو الرب " .

                            ثم ذكر الحديث ثم قال : " هذا نحو الحديث الآخر : سيشرب ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها . يريد : أنهم يشربون النبيذ المسكر , المطبوخ , ويسمونه طلاء , تحرجاً من أن يسموه خمراً " .

                            وللحديث شاهد صحيح بلفظ : " ليستحلن طائفة من أمتي الخمر باسم يسمونها إياه , ( وفي رواية ) : يسمونها بغير اسمها " .



                            يتبع
                            الحديث التالي إن شاء الله تعالى

                            تعليق


                            • الحديث رقم 90


                              سلسلة الأحاديث الصحيحة
                              ــ المجلد الأول


                              للشيخ الإمام المحدث
                              محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى

                              الحديث رقم 90

                              " ليستحلن طائفة من أمتي الخمر باسم يسمونها إياه , ( وفي رواية ) : يسمونها بغير اسمها " .

                              قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 136 :
                              أخرجه ابن ماجه ( 3385 ) وأحمد ( 5 / 318 ) وابن أبي الدنيا في " ذم المسكر " ( ق 4 / 2 ) عن سعيد بن أوس الكاتب عن بلال بن يحيى العبسي عن أبي بكر ابن حفص عن ابن محيريز عن ثابت بن السمط عن " عبادة بن الصامت " قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
                              قلت : وهذا إسناد جيد , رجاله كلهم ثقات , وابن محيريز اسمه عبد الله . وهو ثقة من رجال الشيخين .
                              وأبو بكر بن حفص , هو عبد الله بن حفص بن عمر بن سعد بن أبي وقاص وهو ثقة محتج به في " الصحيحين " أيضاً .
                              وبلال بن يحيى العبسي , قال ابن معين : " ليس به بأس " . ووثقه ابن حبان . وقد تابعه شعبة , لكنه أسقط من الإسناد " ثابت بن السمط " وقال : " عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم " بالرواية الثانية .
                              أخرجه النسائي ( 2 / 330 ) , وأحمد ( 4 / 237 ) , وإسناده صحيح , وهو أصح من الأول .
                              وروي عن أبي بكر بن حفص على وجه آخر , من طريق محمد بن عبد الوهاب أبي شهاب عن أبي إسحاق الشيباني عن أبي بكر بن حفص عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
                              أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " ( 6 / 205 ) .
                              قلت : ورجاله ثقات غير أبي شهاب هذا فلم أعرفه .
                              وللحديث شاهد يرويه سعيد بن أبي هلال عن محمد بن عبد الله بن مسلم أن أبا مسلم الخولاني حج , فدخل على عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فجعلت تسأله عن الشام وعن بردها , فجعل يخبرها , فقالت : كيف تصبرون على بردها ? فقال : يا أم المؤمنين إنهم يشربون شراباً لهم , يقال له : الطلاء , فقالت : صدق الله وبلغ حبي , سمعت حبي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن ناساً من أمتي يشربون الخمر , يسمونها بغير اسمها " .
                              أخرجه الحاكم ( 2 / 147 ) و البيهقي ( 7 / 294 - 295 ) .
                              وقال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " .
                              وتعقبه الذهبي بقوله : " قلت : كذا قال : " محمد " , فمحمد مجهول , وإن كان ابن أخي الزهري فالسند منقطع " .
                              قلت : وسعيد بن أبي هلال كان اختلط , وقد تقدم الحديث عن عائشة بلفظ آخر قبل هذا الحديث .
                              وله شاهد ثان , من حديث أبي أمامة الباهلي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تذهب الليالي والأيام , حتى تشرب طائفة من أمتي الخمر , يسمونها بغير اسمها " .
                              أخرجه ابن ماجه ( 3384 ) , وأبو نعيم في " الحلية " ( 6 / 97 ) عن عبد السلام بن عبد القدوس , حدثنا ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عنه .
                              وقال أبو نعيم : " كذا حدثناه عن أبي أمامة , وروي عن ثور عن خالد عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه مثله " .
                              قلت : ورجاله ثقات غير عبد السلام هذا وهو ضعيف كما في " التقريب " .
                              وله شاهد ثالث يرويه أبو عامر الخزاز عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن أمتي يشربون الخمر في آخر الزمان , يسمونها بغير اسمها " .
                              أخرجه الطبراني في " الكبير " ( 3 / 114 / 3 ) . وأبو عامر اسمه صالح بن رستم المزني , وهو صدوق كثير الخطأ كما في " التقريب " , فمثله يستشهد به . والله أعلم .
                              وله شاهد رابع يرويه حاتم بن حريث عن مالك بن أبي مريم قال : دخل علينا عبد الرحمن بن غنم فتذاكرنا الطلاء , فقال : حدثني أبو مالك الأشعري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ليشربن ناس من أمتي الخمر , يسمونها بغير اسمها " .
                              أخرجه أبو داود ( 3688 ) , والبخاري في " التاريخ الكبير " ( 1 / 1 / 305 و4 / 1 / 222 ) , وابن ماجه ( 4020 ) , وابن حبان ( 1384 ) , والبيهقي ( 8 / 295 و 10 / 231 ) , وأحمد ( 5 / 342 ) والطبراني في " المعجم الكبير " ( 1 / 167 / 2 ) , وابن عساكر ( 16 / 115 / 2 ) , كلهم عن معاوية بن صالح عن حاتم به .
                              قلت : ورجاله ثقات غير مالك بن أبي مريم , قال الذهبي : " لا يعرف " . ووثقه ابن حبان على قاعدته !
                              هذا هو علة هذا الإسناد , وأما المنذري فأعله في " مختصره " ( 5 / 271 ) بقوله : " في إسناده حاتم بن حريث الطائي الحمصي , سئل عنه أبو حاتم الرازي , فقال : شيخ . وقال ابن معين : لا أعرفه " .
                              قلت : قد عرفه غيره , فقال عثمان بن سعيد الدارمي : " ثقة " . وذكره ابن حبان في " الثقات " , وقال ابن عدي : " لعزة حديثه لم يعرفه ابن معين , وأرجو أنه لا بأس به " .
                              قلت : فإعلاله بشيخه مالك بن أبي مريم - كما فعلنا - أولى , لأنه لم يوثقه غير ابن حبان كما ذكرنا .
                              هذا وفي الحديث زيادة عن ابن ماجه والبيهقي وابن عساكر بلفظ : " يعزف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات , يخسف الله بهم الأرض , ويجعل منهم القردة والخنازير " .
                              والحديث صحيح بكامله , أما أصله فقد تقدمت له شواهد .
                              وأما الزيادة فقد جاءت من طريق أخرى عن عبد الرحمن بن غنم نحوه , ولفظه يأتي بعده , وقال البيهقي عقبه : " ولهذا شواهد من حديث علي , وعمران بن حصين , وعبد الله بن بسر , وسهل بن سعد , وأنس بن مالك , وعائشة , رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم " .



                              يتبع
                              الحديث التالي إن شاء الله تعالى

                              تعليق


                              • الحديث رقم 91


                                سلسلة الأحاديث الصحيحة
                                ــ المجلد الأول


                                للشيخ الإمام المحدث
                                محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى

                                الحديث رقم 91

                                " ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف , ولينزلن أقوام إلى جنب علم , يروح عليهم بسارحة لهم , يأتيهم لحاجة , فيقولون : ارجع إلينا غدا , فيبيتهم الله , ويضع العلم , ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة " .

                                قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 139 :
                                رواه البخاري في " صحيحه " تعليقاً فقال ( 4 / 30 ) : " باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه . وقال هشام بن عمار : حدثنا صدقة بن خالد حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر حدثنا عطية بن قيس الكلابي حدثني عبد الرحمن بن غنم الأشعري قال : حدثني أبو عامر أو أبو مالك الأشعري - والله ما كذبني - سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول ... " فذكره .
                                وقد وصله الطبراني ( 1 / 167 / 1 ) والبيهقي ( 10 / 221 ) وابن عساكر ( 19 / 79 / 2 ) وغيرهم من طرق عن هشام بن عمار به .
                                وله طريق أخرى عن عبد الرحمن بن يزيد , فقال أبو داود ( 4039 ) : حدثنا عبد الوهاب بن نجدة حدثنا بشر بن بكر عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر به . ورواه ابن عساكر من طريق أخرى عن بشر به .
                                قلت : وهذا إسناد صحيح ومتابعة قوية لهشام بن عمار وصدقة بن خالد , ولم يقف على ذلك ابن حزم في " المحلى " , ولا في رسالته في إباحة الملاهي , فأعل إسناد البخاري بالانقطاع بينه وبين هشام , وبغير ذلك من العلل الواهية , التي بينها العلماء من بعده وردوا عليه تضعيفه للحديث من أجلها , مثل المحقق ابن القيم في " تهذيب السنن " ( 5 / 270 - 272 ) والحافظ ابن حجر في " الفتح " وغيرهما , وقد فصلت القول في ذلك في جزء عندي في الرد على رسالة ابن حزم المشار إليها , يسر الله تبيضه ونشره .
                                وابن حزم رحمه الله مع علمه وفضله وعقله , فهو ليس طويل الباع في الاطلاع على الأحاديث وطرقها ورواتها . ومن الأدلة على ذلك تضعيفه لهذا الحديث .
                                وقوله في الإمام الترمذي صاحب السنن : " مجهول " وذلك مما حمل العلامة محمد بن عبد الهادي - تلميذ ابن تيمية - على أن يقول في ترجمته في " مختصر طبقات علماء الحديث " ( ص 401 ) : " وهو كثير الوهم في الكلام على تصحيح الحديث و تضعيفه , وعلى أحوال الرواة " .
                                قلت : فينبغي أن لا يؤخذ كلامه على الأحاديث إلا بعد التثبيت من صحته وعدم شذوذه , شأنه في ذلك شأنه في الفقه الذي يتفرد به , وعلم الكلام الذي يخالف السلف فيه , فقد قال ابن عبد الهادي بعد أن وصفه " بقوة الذكاء وكثرة الاطلاع " : " ولكن تبين لي منه أنه جهمي جلد , لا يثبت معاني أسماء الله الحسنى إلا القليل , كالخالق , والحق , وسائر الأسماء عنده لا يدل على معنى أصلاً , كالرحيم والعليم والقدير , ونحوها , بل العلم عنده هو القدرة , والقدرة هي العلم , وهما عين الذات , ولا يدل العلم على شيء زائد على الذات المجردة أصلاً وهذا عين السفسطة والمكابرة . وقد كان ابن حزم قد اشتغل في المنطق والفلسفة , وأمعن في ذلك , فتقرر في ذهنه لهذا السبب معاني باطلة " .
                                غريب الحديث :
                                ( الحر ) الفرج , والمراد : الزنا .
                                ( المعازف ) جمع معزفة وهي آلات الملاهي كما في " الفتح " .
                                ( علم ) هو الجبل العالي .
                                ( يروح عليهم ) بحذف الفاعل وهو الراعي بقرينة المقام , إذ السارحة لابد لها
                                من حافظ .
                                ( بسارحة ) هي الماشية التي تسرح بالغداة إلى رعيها , وتروح أي ترجع بالعشي إلى مألفها .
                                ( يأتيهم لحاجة ) بيانه في رواية الإسماعيلي في " مستخرجه على الصحيح " : " يأتيهم طالب حاجة " .
                                ( فيبيتهم الله ) أي يهلكهم ليلاً .
                                ( ويضع العلم ) أي يوقعه عليهم .
                                فقه الأحاديث :
                                يستفاد من الأحاديث المتقدمة فوائد هامة نذكر بعضها :
                                أولا : تحريم الخمر , وهذا أمر مجمع عليه بين المسلمين والحمد لله , غير أن طائفة منهم - وفيهم بعض المتبوعين - خصوا التحريم بما كان من عصير العنب خاصة ! وأما ما سوى ذلك من المشروبات المسكرة , مثل ( السكر ) وهو نقيع التمر إذا غلى بغير طبخ , و( الجعة ) وهو نبيذ الشعير , و( السكركة ) وهو خمر الحبشة من الذرة , فذلك كله حلال عندهم إلا المقدار الذي يسكر منه , وأما القليل منه فحلال ! بخلاف خمر العنب فقليله ككثيره في التحريم .
                                وهذا التفريق مع مصادمته للنصوص القاطعة في تحريم كل مسكر , كقول عمر رضي الله عنه : " نزل تحريم الخمر يوم نزل وهي من خمسة أشياء من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير . والخمر ما خامر العقل " وكقوله صلى الله عليه وسلم : " كل مسكر خمر , وكل خمر حرام " وقوله : " ما أسكر كثيره فقليله حرام " .
                                أقول : هذا التفريق مع مصادمته لهذه النصوص وغيرها , فهو مخالف للقياس الصحيح والنظر الرجيح , إن أي فرق بين تحريم القليل الذي لا يسكر من خمر العنب المسكر كثيره , وبين تحليل القليل الذي لا يسكر من خمر الذرة المسكر ? ! وهل حرم القليل إلا لأنه ذريعة إلى الكثير المسكر , فكيف يحلل هذا ويحرم ذاك والعلة واحدة ?‎! تالله إن هذا من الغرائب التي لا تكاد تصدق نسبتها إلى أحد من أهل العلم لولا صحة ذلك عنهم , وأعجب منه الذي تبنى القول به هو من المشهورين بأنه من أهل القياس والرأي !‎!‎ قال ابن القيم في " تهذيب السنن " ( 5 / 263 ) بعد أن ساق بعض النصوص المذكورة : " فهذه النصوص الصحيحة الصريحة في دخول هذه الأشربة المتخذة من غير العنب في اسم الخمر في اللغة التي نزل بها القرآن وخوطب بها الصحابة مغنية عن التكلف في إثبات تسميتها خمراً بالقياس , مع كثرة النزاع فيه . فإذ قد ثبت تسميتها خمراً نصاً فتناول لفظ النصوص لها كتناوله لشراب العنب سواء تناولاً واحداً . فهذه طريقة منصوصة سهلة تريح من كلمة القياس في الاسم , والقياس في الحكم .ثم إن محض القياس الجلي يقتضي التسوية بينها , لأن تحريم قليل شراب العنب مجمع عليه , وإن لم يسكر , وهذا لأن النفوس لا تقتصر على الحد الذي لا يسكر منه , وقليله يدعو إلى كثيره . وهذا المعنى بعينه في سائر الأشربة المسكرة , فالتفريق بينها في ذلك تفريق بين المتماثلات وهو باطل , فلو لم يكن في المسألة إلا القياس لكان كافياً في التحريم , فكيف وفيها ما ذكرناه من النصوص التي لا مطعن في سندها , ولا اشتباه في معناها , بل هي صحيحة . وبالله التوفيق " .
                                وأيضاً فإن إباحة القليل الذي لا يسكر من الكثير الذي يسكر غير عملي , لأنه لا يمكن معرفته إذ أن ذلك يختلف باختلاف نسبة كمية المادة المسكرة ( الكحول ) في الشراب , فرب شراب قليل , كمية الكحول فيه كثيرة وهو يسكر , ورب شراب أكثر منه كمية , الكحول فيه أقل لا يسكر وكما أن ذلك يختلف باختلاف بنية الشاربين وصحتهم , كما هو ظاهر بين , وحكمة الشريعة تنافي القول بإباحة مثل هذا الشراب وهي التي تقول : " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " , " ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه " .
                                واعلم أن ورود مثل هذه الأقوال المخالفة للسنة والقياس الصحيح معاً في بعض المذاهب مما يوجب على المسلم البصير في دينه , الرحيم بنفسه أن لا يسلم قيادة عقله و تفكيره وعقيدته لغير معصوم , مهما كان شأنه في العلم والتقوى والصلاح بل عليه أن يأخذ من حيث أخذوا من الكتاب والسنة إن كان أهلاً لذلك , وإلا سأل المتأهلين لذلك , والله تعالى يقول : ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) .
                                وبالإضافة إلى ذلك فإنا نعتقد أن من قال بهذا القول من العلماء المشار إليهم فهو مأجور على خطئه , للحديث المعروف , لأنهم قصدوا الحق فأخطؤوه , وأما من وقف من أتباعهم على هذه الاحاديث التي ذكرنا , ثم أصر على تقليدهم على خطأهم , وأعرض عن اتباع الأحاديث المذكورة فهو - ولا شك - على ضلال مبين , وهو داخل في وعيد هذه الأحاديث التي خرجناها ولا يفيده شيئاً تسميته لما يشرب بغير اسمه مثل الطلاء , والنبيذ , أو ( الويسكى ) أو ( الكونياك ) و غير ذلك من الأسماء التي أشار إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث الكريمة .
                                وصدق الله العظيم إذ يقول : ( إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآبائكم ما أنزل
                                الله بها من سلطان ) .
                                ثانيا : تحريم آلات العزف والطرب , ودلالة الحديث على ذلك من وجوه :
                                أ - قوله : " يستحلون " فإنه صريح بأن المذكورات ومنها المعازف هي في الشرع محرمة , فيستحلها أولئك القوم .
                                ب - قرن ( المعازف ) مع المقطوع حرمته : الزنا والخمر , ولو لم تكن محرمة ما قرنها معها إن شاء الله تعالى .
                                وقد جاءت أحاديث كثيرة بعضها صحيح في تحريم أنواع من آلات العزف التي كانت معروفة يومئذ , كالطبل والقنين وهو العود وغيرها , ولم يأت ما يخالف ذلك أو يخصه , اللهم إلا الدف في النكاح والعيد , فإنه مباح على تفصيل مذكور في الفقه , وقد ذكرته في ردي على ابن حزم . ولذلك اتفقت المذاهب الأربعة على تحريم آلات الطرب كلها , واستثنى بعضهم - بالإضافة إلى ما ذكرنا - الطبل في الحرب , وألحق به بعض المعاصرين الموسيقى العسكرية , ولا وجه لذلك ألبتة لأمور :
                                الأول : أنه تخصيص لأحاديث التحريم , بدون مخصص , سوى مجرد الرأي والاستحسان , وهو باطل .
                                الثاني : أن المفروض في المسلمين في حالة الحرب أن يقبلوا بقلوبهم على ربهم , وأن يطلبوا منه نصرهم على عدوهم , فذلك أدعى لطمأنينة نفوسهم , وأربط لقلوبهم فاستعمال الموسيقى مما يفسد ذلك عليهم , ويصرفهم عن ذكر ربهم , قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا , واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون ) .
                                الثالث : أن استعمالها من عادة الكفار ( الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر , ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله , ولا يدينون دين الحق ) فلا يجوز لنا أن نتشبه بهم , لاسيما فيما حرمه الله تبارك وتعالى علينا تحريماً عاماً كالموسيقى .
                                ولا تغتر أيها القارئ الكريم بما قد تسمع عن بعض المشهورين اليوم من المتفقهة من القول بإباحة آلات الطرب والموسيقى , فإنهم - والله - عن تقليد يفتون , ولهوى الناس اليوم ينصرون , ومن يقلدون ? إنما يقلدون ابن حزم الذي أخطأ فأباح آلات الطرب والملاهي , لأن حديث أبي مالك الأشعري لم يصح عنده , وقد عرفت أنه صحيح قطعاً , وأن ابن حزم أتي من قصر باعه في علم الحديث كما سبق بيانه , وليت شعري ما الذي حملهم على تقليده هنا دون الأئمة الأربعة , مع أنهم أفقه منه وأعلم وأكثر عدداً وأقوى حجة ? ! لو كان الحامل لهم على ذلك إنما هو التحقيق العلمي فليس لأحد عليهم من سبيل , ومعنى التحقيق العلمي كما لا يخفى أن يتتبعوا الاحاديث كلها الواردة في هذا الباب ويدرسوا طرقها ورجالها , ثم يحكموا عليها بما تستحق من صحة أو ضعف , ثم إذا صح عندهم شيء منها درسوها من ناحية دلالتها وفقهها وعامها وخاصها , وذلك كله حسبما تقتضيه قواعد علم أصول الحديث وأصول الفقه , لو فعلوا ذلك لم يستطع أحد انتقادهم ولكانوا مأجورين , ولكنهم - والله - لا يصنعون شيئاً من ذلك , ولكنهم إذا عرضت لهم مسألة نظروا في أقوال العلماء فيها , ثم أخذوا ما هو الأيسر أو الأقرب إلى تحقيق المصلحة زعموا . دون أن ينظروا موافقة ذلك للدليل من الكتاب والسنة , وكم شرعوا للناس - بهذه الطريقة - أمورا باسم الشريعة الإسلامية , يبرأ الإسلام منها . فإلى الله المشتكى .
                                فاحرص أيها المسلم على أن تعرف إسلامك من كتاب ربك , وسنة نبيك , ولا تقل : قال فلان , فإن الحق لا يعرف بالرجال , بل اعرف الحق تعرف الرجال , ورحمة الله على من قال :
                                العلم قال الله قال رسوله قال الصحابة ليس بالتمويه
                                ما العلم نصبك للخلاف سفاهة بين الرسول وبين رأي فقيه
                                كلا ولا جحد الصفات ونفيها حذرا من التمثيل والتشبيه
                                ثالثا : أن الله عز وجل قد يعاقب بعض الفساق عقوبة دنيوية مادية , فيمسخهم
                                فيقلب صورهم , وبالتالي عقولهم إلى بهيمة .. قال الحافظ في " الفتح " ( 10 / 49 ) في صدد كلامه على المسخ المذكور في الحديث : " قال ابن العربي : يحتمل الحقيقة كما وقع للأمم السالفة , ويحتمل أن يكون كناية عن تبدل أخلاقهم . قلت : والأول أليق بالسياق " .
                                أقول : ولا مانع من الجمع بين القولين كما ذكرنا بل هو المتبادر من الحديثين .
                                والله أعلم .
                                وقد ذهب بعض المفسرين في العصر الحاضر إلى أن مسخ بعض اليهود قردة وخنازير لم يكن مسخاً حقيقياً بدنياً , وإنما كان مسخاً خلقياً ! وهذا خلاف ظاهر الآيات والأحاديث الواردة فيهم , فلا تلتفت إلى قولهم فإنهم لا حجة لهم فيه إلا الاستبعاد العقلي , المشعر بضعف الإيمان بالغيب . نسأل الله السلامة .
                                رابعا : ثم قال الحافظ :
                                " وفي هذا الحديث وعيد شديد على من يتحيل في تحليل ما يحرم بتغيير اسمه , وأن الحكم يدور مع العلة , والعلة في تحريم الخمر الإسكار , فمهما وجد الإسكار , وجد التحريم , ولو لم يستمر الاسم , قال ابن العربي : هو أصل في أن الأحكام إنما تتعلق بمعاني الأسماء لا بألقابها , ردا على من حمله على اللفظ " !



                                يتبع
                                الحديث التالي إن شاء الله تعالى

                                تعليق

                                يعمل...
                                X