إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أصول الوصول إلى الله للشيخ يعقوب (( حفظه الله ))

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أصول الوصول إلى الله للشيخ يعقوب (( حفظه الله ))



    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    --------------

    موقع الربانية يقدم لكم :


    أصول الوصول إلي الله تعالي / للشيخ محمد حسين يعقوب

    --------
    لا تنسونا من صالح دعائكم




    لا تنسونى من صالح دعائكم .
    وإن مر الزمان ولم تجدوني
    فاعلموا أنني في حاجة للدعاء بالرحمة


  • #2
    رد: أصول الوصول إلى الله للشيخ يعقوب (( حفظه الله ))

    بمناسبة خبرتك الواسعة يا أبو حمزة (زادك الله فيها علما)
    عايز أسألك سؤال انا علشان اطبعا صفحة كما هى
    مش بدوس print screen صح بعد ما ادوس على الزر ده
    اجيب صورة الصفحة منين لو تعرف بالله عليك قول لى

    تعليق


    • #3
      رد: أصول الوصول إلى الله للشيخ يعقوب (( حفظه الله ))

      أخى العزيز ... هو ده المفروض مش مكان للسؤال ده .. لكن لأنك أقسمت عليا ... بتفتح برنامج paint ومن قائمة edit بتختار paste بيطبع الشاشة كلها فى البرنامج .. بعد كده بتحفظها عادى كأى صورة .. حفظ الله شيخنا أبا العلاء ونفع به وبعلمه ... ءامين


      لا تنسونى من صالح دعائكم .
      وإن مر الزمان ولم تجدوني
      فاعلموا أنني في حاجة للدعاء بالرحمة

      تعليق


      • #4
        رد: أصول الوصول إلى الله للشيخ يعقوب (( حفظه الله ))

        شكرا لك يا أبو حمزة على هذه المساعدة

        تعليق


        • #5
          كتاب أصول الوصول إلى الله للشيخ محمد حسين يعقوب

          رحـلة قصيرة ممتعة مع كتاب ” أصول الوصول إلى الله تعالى ” للشيخ / محمـد حسيـن يعقـوب .


          المقدمة




          كتاب

          أصول الوصول إلى الله تعالى

          للشيخ


          محمد حسين يعقوب

          من أروع الكتب

          سأترككم في رحلة قصيرة ممتعة مع هذا الكتاب وما هي إلا تحفيز حتى تقتنوا هذا الكتاب


          أخي في الله , أين أنت من الله ؟ .. أين أنت في الطريق إلى الله ؟
          هذا السؤال وإن كان وارداً على الجميع إلا أن أكثر الناس يجهلونه ,,,, ببساطة ,,, أخي , كم سنة مرت على التزامك ؟ كم سنة مرت منذ تُبت ؟.. بعد مرور هذه السنة أو حتى الشهور أو قل الأيام كيف سِرت إلى الله ؟… إلى أين سرت ؟.. أين بلغت ؟.. متى تصل ؟



          بالتأكيد كل هذه الأسئلة ليس لها عند كثير منا إجابة , فإنه لم يعرف الطريق أصلاً , وإنما هو التزم كما التزم الناس … وهذه عادة المسلمين في حياتهم ,, يتوضئون كما يتوضأ الناس , ويصلون كما يصلي الناس , ويزكون كما يزكي الناس , ويحجون ويعتمرون كما يحج ويعتمر الناس …


          إنما هي عادات تلقوها بالوراثة ,, بلا فهم لأسرارها أو إدراك لمعناها , ولا حِرصٍ على ثمرتها ونتائجها ..


          هكذا أخي الحبيب ـ لا تغضب من خشونة كلامي ـ التزمت بمعنى أقلعت عن بعض المعاصي أو أكثرها وخصوصاً الظاهرة منها , ودخلت المسجد وحضرت درساً أو درسين , أو سمعت شريطاً أو شريطين , وقرأت صفحاتِ من كتاب أو كتابين , وتقرأ القرآن أحياناً , وتذكر الله في بعض الأحيان , إلى جوار اللحية .. ثم تظن أنك ملتزم بدين الله , وتنظر إلى أصحاب المعاصي الظاهرة على أنهم من الفجار !!


          بالله عليك أليس هذا وصف حالك ؟


          إنني أدعوك إلى فهم الدين ومعرفة الطريق للوصول إلى رضا الله ـ سبحانه وتعالى ـ يقول ابن القيم ـ عليه رحمة الله ـ :


          الناس قسمان : عِلية وسَفلة , فالعلية من عرف الطريق إلى ربه وسلكها قاصداً الوصول إليه , وهذا هو الكريم على ربه , والسفلة من لم يعرف الطريق إلى ربه , ولم يتعرفها , فهذا هو اللئيم الذي قال الله ـ تعالى ـ فيه : { وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ }الحج18


          لذا كان هذا الكتاب ـ أيها الحبيب ـ للتعرف على معالم الطريق إلى الله ـ تعالى ـ
          لتحميل الكتاب تفضلوا
          هنا


          فهرس الكتاب


          تمهيد


          * ومضات على طريق السير إلى الله


          الومضة الأولى : شروط الطريق .
          أولاً : الدليل
          ـ طبيعة الطريق
          ثانياً : الصاحب
          ـ رُفقة الطريق .



          الومضة الثانية : حدد هدفك .


          الومضة الثالثة : مقومات السفر .


          الومضة الرابعة : وتزوَّدوا .
          ـ سبيل التزود :
          1 ـ التوحيد والإيمان .
          2 ـ اليقين .
          3 ـ التقوى .
          4 ـ الإخلاص .
          5 ـ الخَبِيئة .
          6 ـ الصبر .



          * آفات على الطريق :


          الآفة الأولى : الخوف من وحشة التفرد .
          الآفة الثانية : فضول الكلام والخلطة .
          الآفة الثالثة : النفق المظلم .
          الآفة الرابعة : جسر على الطريق .



          * استراحة المسافر


          ترويحات على جنبات الطريق :
          • علوم ليست في الكتب .
          • المدارة .. والستر
          • اختبارات .
          • ويحك … ويحك .
          • أدمى دينه بأظفار شكواه .
          • سياط المواعظ .
          • اطلبوني في المقابر .
          • من شعر العصر الذهبي .
          • الأخطر .
          • قصة الحية والسكران .
          • ديك سهل بن هارون .



          * كلمة أخيرة .


          أصول الوصول إلى الله تعالى .


          الأصل الأول : عليك البداية وعليه التمام .
          الأصل الثاني : كن واحداً على طريق واحد .
          الأصل الثالث : ما لا يكون بالله لا يكون ,
          وما لا يكون لله لا ينفع ولا يدوم



          الأصل الرابع : الشكر أساس المزيد .


          الأصل الخامس : املك عصا التحويلة .


          الأصل السادس : يومك يومك .


          الأصل السابع : وليسعك بيتك .


          الأصل الثامن : الصادق حبيب الله .


          الأصل التاسع : دوماً في المعاملة السحب من الرصيد .


          الأصل العاشر : القرآن قائد وسائق وحاد .


          الأصل الحادي عشر : لا تلبس ثياب الفراغ أثناء العمل .


          الأصل الثاني عشر : في الطريق مواقف للتَّمييز .


          الأصل الثالث عشر : الإعتصام بالله عقيدة وعمل ودعاء .


          الأصل الرابع عشر : من استطال الطريق ضعف مشيه .


          الأصل الخامس عشر : السر الدفين لعدم القبول
          وجود حظ للنفس في العمل .



          الأصل السادس عشر : الأمر كله بيد الله , فَسَلِّمْ تَسْلَمْ .


          الأصل السابع عشر : دليل عدم رضاه عنك عدم رضاك عنه .


          الأصل الثامن عشر : إياك أن تمكر به فيمكر بك .


          الأصل التاسع عشر : اجن العسل ولا تكسر الخلية .


          الأصل العشرون : {وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ }


          الأصل الحادي والعشرون : من صَفَّى صُفِّي له , ومن كَدَّر كُدِّر عليه .


          الأصل الثاني والعشرون : لا تتجاهل جانباً واحداً من جوانب الدين .


          الأصل الثالث والعشرون : أنجز كل يوم شيئاً جديداً .


          الأصل الرابع والعشرون : كف عن الشكوى وابْدإِ العلاج .


          الأصل الخامس والعشرون : ليس الشأن أن تحبه , إنما الشأن أن يحبك .


          الأصل السادس والعشرون : كل متاع في الدنيا يسحب من رصيدك في نعيم الآخرة .


          الأصل السابع والعشرون : المرء مع من أحب , فاختر حبيبك من ها هنا .


          الخاتمة .


          مسك الختام .


          مع تمنيات لكم بقضاء أمتع الأوقات وأطيبها مع الكتاب


          وفقكم الله



          التعديل الأخير تم بواسطة راجية حب الرحمن; الساعة 13-01-2016, 02:12 PM.

          تعليق


          • #6
            رد: اروع سلاسل الشيخ محمد حسين يعقوب سلسلة أصول الوصول إلى الله

            الأصل الأول :
            عليك البداية وعليه التمام
            (الشيخ - محمد حسين يعقوب)


            اعلم حبيبى فى الله الكريم السائر الى الله :
            أن الله – تعالى – أراد برحمته – سبحانه – وهو الحكيم العليم والخبير البصير أن يحكم هذا الكون بسنن ربانية غاية فى الدقة والثبات "
            فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا " ( فاطر : 43 ) .. تلكم الاولى ..
            وأما الثانية : فان الانسان خلق مبتلى فى هذه الدنيا "
            الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ " ( الملك : 2 ) .
            وثالثهما : أن الله العزيز الكريم خلق الخلق وهو اعلم بهم , قال سبحانه "
            هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ ۖ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ " ( النجم : 32 )
            وقال سبحانه "
            وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا " ( الاسراء : 17 ) .
            وقد أراد الله ابتلاء واصلاحا , أن يبتلى عباده بتكليف هو غاية فى الخطورة وهو أنه – سبحانه – أناط بهم البداية , فأحال عليهم بداية الشروع اليه والقصد نحوه , قال - سبحانه – فى الحديث القدسى : " عبدى قم الىّ أمش اليك " , وهذا رعاية لجلال العزة وحماية لجناب العظمة : أن يكلف العبد أن يأتى سيده ثم يكون من السيد القبول والاكرام .
            قال – سبحانه –وتعالى – "
            وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ" ( غافر : 60 ) , وقال – سبحانه وتعالى – " وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ " ( البقرة : 186 )
            وقال - تعالى – فى الحديث القدسى " يا ابن آدم قم الىّ أمش اليك , وامش الىّ أهرول اليك " [صححه الألبانى]
            وقال - سبحانه – أيضا " من تقرب منى شبرا تقربت منه ذراعا ومن تقرب منى ذراعا تقربت منه باعا ومن أتانى يمشى أتيته هرولة " [متفق عليه] . اذا فابدأ .. ابدأ فبداية الطريق خطوة , ابدأ خطوة الى الله والله يبارك ويتم , فهو - سبحانه – كريم .. ابدأ ولا تشتك .
            ان كثيرا منا يشكو الفتور وينام .. اذا أصبت بالفتور فعليك بالتفكير فورا فى عمل تقوم به .. اعمل والله يرفع عنك البلاء .. ابدأ والله يأخذ بيدك .. اعمل .. تحرك .
            ان كثبرا من الاخوة ينتظر نصر الله بمعجزة , ينتظر اصلاح فساد قلبه بمعجزة فى لحظة دون أن يصنع شيئا .. وهذا لا يكون .
            أخى ان القضية تحتاج الى عمل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بل اعملوا فكل ميسر لما خلق له " [متفق عليه] .. اعملوا .. لابد من عمل .


            ان بعض الناس يعيش هذه الدنيا على أنها " ضربة حظ " يعيش الحياة على انها " ظروف " فيعيش كيفما اتفق , تماما كالذى يدخل الى الصلاة ولا يدرى ماذا صلى , لانه فى الاصل لا يعبأ بالخشوع , يترك نفسه هكذا , فالمهم عنده أنه أدى الصلاة فقط .. المهم عنده أن يعيش , والامر ليس كذلك .

            وتأمل معى قصة عكاشة بن محصن فى حديث السبعين ألفا , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " عرضت علىّ الامم , فرأيت النبى ومعه الرهط , والنبى ومعه الرجل والرجلان , والنبى وليس معه أحد , اذ رفع لى سواد عظيم فظننت أنهم أمتى , فقيل لى : هذا موسى وقومه , فنظرت فاذا سواد عظيم , فقيل لى : هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب " ثم نهض فدخل منزله , فخاض الناس فى اولئك فقال بعضهم : فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم : فلعلهم الذين ولدوا فى الاسلام فلم يشركوا بالله شيئا , وذكروا أشياء فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه , فقال : هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون " .. فقام عكاشة فقال : يا رسول الله , ادع الله أن يجعلنى منهم قال : " أنت منهم " قال : ثم قام رجل آخر فقال : ادع الله أن يجعلنى منهم , فقال : " سبقك بها عكاشة " . [متفق عليه]


            قد يبدو للناظر أن عكاشة خطف " الجنة " بغير حساب أو أدركها بكلمة بضربة حظ , ولكنك – أخى – تنظر الى التشطيبات النهائية ولا ترى ما وراء ذلك , انك تنظر الى اللقطة الاخيرة ولم تر أصل الموضوع وتقدير الارزاق .
            ان عكاشة سار الى الله طويلا وعمل كثيرا حتى بلغ هذه المنزلة . فلما بلغها أوحى الله الى رسوله صلى الله عليه وسلم بقبول عكاشة فى ركب السبعين المفردين , وأجرى على لسانه صلى الله عليه وسلم الذى لا ينطق عن الهوى هذا الكلام , ثم أنطق عكاشة بالطلب فى لحظتها وهذا دليل ترقيه لها فأعطيها .. هذه حقيقة الامر .. فليس عكاشة قد خطفها فى لحظة .. لا .. الله علم حكيم ..
            عليم يعلم ان عكاشة تعب فى السير اليه , فكان الأولى بها أحق بها وأهلها , ولما فتح الباب وقلده آخرون منعوا , ولا يظلم ربك أحدا "
            إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَٰكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ "
            ( يونس : 44 ) , ان عكاشة بدأ السير الى الله فى هذه الطريق , فلما وصل تلك المنزلة وأراد الله أن يمنحه اياها , أجرى الله هذا الكلام على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحضره فى المكان فأسمعه ثم أنطقه فبشره .. هذه هى القضية .. فليست خطفة فى لحظة .. افهم ذلك جيدا .

            موقف آخر يفسر لك الموضوع :
            أمسك جعفر الصادق بغلام ليعاقبه , فقال الغلام : يا سيدى أتعاقب من ليس له شفيع عندك غيرك ؟
            فقال : انطلق اذا , فلما انطلق الغلام التفت اليه وقال : يا سيدى اعلم انك لست الذى أطلقتنى , انما أطلقنى الذى أجراها على لسانى , فقال : اذهب فأنت حر لوجه الله .
            وقفت – أيها الاخوة – مع هذا الموقف مليا أقول : سبحان الله ! هذا كلام عبد لعبد , فأعتق العبد عبده , فكيف اذا جرى هذا الكلام مع السيد الكريم الله ؟! .. اللهم أعتق رقابنا من النار .. آمين .
            نعم : لو جرى هذا الكلام على لسانك لربك لتحررت من العبودية لغيره , ولكن من الذى يجريه على لسانك , وماذا قدمت لكى يجريه ؟ ! لابد أن تبدأ أنت أولا .. ان الله اذا أراد عبده لأمر هيأه له وأجراه على لسانه فهو – سبحانه – الذى ينطق لسانه , قال – تعالى - "
            قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ " ( فصلت : 21) .. أنطق كل شىء .. سبحانه وتعالى .

            ولذلك قال الله – تعالى "
            فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ " ( البقرة : 37 ) , فالله – تعالى – هو الذى أجرى على لسان آدم كلمات التوبة منّ بقبولها , فكان الفضل منه اولا وآخرا . نعم : وفقه للتوبة فتاب , وقبل توبته , لانه – تعالى – تواب رحيم .

            أيها الاخوة , ان هذه القضية تحتاج الى وقفة كبيرة , فالايمان لا ياتى طفرة وانما له مقدمات وتمهيدات تحتاج منك الى استعانة بالله وعمل , اللهم ثبت على الايمان قلوبنا , وارزقنا فهما فى الدين يرضيك عنا .. آميــــن .

            ان الذى ينظر فى قصة السحرة , سحرة فرعون مع موسى , هؤلاء الذين آمنوا فى لحظة وتعرضوا لاقصى انواع التهديد : لأقطعن ولأصلبن ولأفعلن ولأفعلن , فثبتوا وقالوا "
            فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ " ( طه : 72 ) – ان الناظر الى هؤلاء يظن انهم حصلوا على الايمان فى لحظة , لم ينظر لقدر الله كيف عمل فى هؤلاء السحرة سنين ليعدهم لتلك اللحظة .لم اختير هؤلاء السحرة بالذات ؟ ولم وجدوا فى هذا المكان بالذات ؟! والجواب : لأنهم سعوا .. نعم – أخىّ - : ان القضية تحتاج منك الى سعى .

            وفى قصة الثلاثة أصحاب الغار , لما نزلت صخرة فسدّت عليهم باب الغار , توسل الأول بعمل صالح فانفرجت الصخرة شيئا يسيرا حتى رأوا النور , فلما توسل الثانى انفرجت أكثر حتى رأوا السماء , فلما توسل الثالث انفرجت الصخرة حتى خرجوا يمشون , فعلى قدر عطائك تعطى , وعلى قدر سعيك تمنح .

            كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس فى حلقة من أصحابه فدخل ثلاثة , فأما الاول : فوجد فرجة فجلس فيها , وأما الثانى : فاستحيى فجلس خلف الحلقة , وأعرض الثالث فمشى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أو أخبركم بخبر الثلاثة نفر , أما الأول : فأوى الى الله فآواه الله وأما الثانى : فاستحيى فاستحيى الله منه , وأما الثالث فأعرض فأعرض الله عنه " . [متفق عليه]
            فان أويت الى الله آواك , وان أعرضت عنه أعرض عنك وطردك وألقاك . قال الله – جل جلاله – عن يونس عليه السلام "
            فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ "
            ( الصافات : 143- 144 ) .. مع أنه نبى .. نعم : فلا أحد عزيز على الله – مهما بلغت منزلته – ان لم يئو الله .. فائو الى الله ولا تعرض .

            قال ابن القيم رحمه الله : " وأيما جهة أعرض الله عنها أظلمت أرجاؤها ودارت بها النحوس " .
            ائو الى الله وابدأ .. ابدأ خطوة .. اعمل .. اتعب .. تحرك .. اسع وسوف يتم عليك بخير .

            ودائما معلوم أن نقطة البداية هى الاشق , وانطلاقة البداية هى الأصعب , وهذا هو عين الابتلاء من الله – سبحانه وتعالى – "
            فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ" ( محمد : 21 ) فسعادته فى صدق العزيمة وصدق الفعل فصدق العزيمة جمعها وجزمها وعدم التردد فيها بل تكون عزيمة لا يشوبها تردد ولا تلوّم .
            فاذا صدقت عزيمته بقى عليه صدق الفعل , وهو استفراغ الوسع وبذل الجهد فيه , وأن لا يتخلف عنه بشىء من ظاهره وباطنه , فعزيمة القصد تمنعه من ضعف الارادة والهمة , وصدق الفعل يمنعه من الكسل والفتور . ومن صدق الله فى جميع أموره صنع الله له فوق ما يصنع لغيره . وهذا الصدق معنى يلتئم من صحة الاخلاص وصدق التوكل , فأصدق الناس من صح اخلاصه وتوكله " .
            فأخى الحبيب , انت مبتلى بأن تبدأ , وممتحن بأن تصدق , فإذا بدأت كما يحب أتم لك كما تحب ..
            والانقطاع سببه البداية الضعيفة . فان السائر ان فتر عزمه استمر سيره بقوة الدفع الأولى . فأين بدايتك أيها الحبيب ؟ أعطنى الدفعة الأولى واترك الأقساط على الله .

            يتبع
            الاصل الثانى : كن واحدا لواحد على طريق واحد :: التـــالى >

            أصول الوصول إلى الله تعالى
            الشيخ - محمد حسين يعقوب
            التعديل الأخير تم بواسطة *أمة الرحيم*; الساعة 03-01-2016, 10:00 PM. سبب آخر: بعض التنسيق ووضع الآيات بالتشكيل

            تعليق


            • #7
              رد: اروع سلاسل الشيخ محمد حسين يعقوب سلسلة أصول الوصول إلى الله

              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
              الكتاب رائع
              جزاك الله خيرًا



              ربِّ خذ من حياتي حتى ترضى، واجعل كل سكنة وكل حركة وكل لحظة طَرْفٍ فيك ولك!

              تعليق


              • #8
                رد: اروع سلاسل الشيخ محمد حسين يعقوب سلسلة أصول الوصول إلى الله

                تعليق


                • #9
                  رد: اروع سلاسل الشيخ محمد حسين يعقوب سلسلة أصول الوصول إلى الله


                  الاصل الثانى : كن واحدا لواحد على طريق واحد
                  هذا الاصل هو خلاصة الكلام فى أمر السير الى الله , والوصول اليه سبحانه وتعالى .. كن واحدا لواحد على طريق واحد تصل .

                  كن واحدا .. مامعناها ؟

                  أخىّّ هل تعرف فى زماننا رجلا بوجهين ؟ .. أنا لا أعرف !! . فأكثر الناس اليوم بعشرة وجوه ليس بوجهين فقط . بل عشرين , بل خمسين . بل مئة .. حتى ذى الوجهين قلما تجده !! .. فأين المخلص الذى لا يعرف له الا وجه واحد ؟! , اللهم اجعلنا من عبادك المخلصين .

                  نعم – اخوتاه - : كثيرا ما تجد انسانا معك فى المسجد , قدمه فى قدمك , وكتفه فى كتفك ورأسه بجوار رأسك فى السجود , يبتهل الى الله ويدعوه , ويتمتم بأطيب الكلمات , ثم اذا خرج من المسجد فبوجه آخر فاذا دخل بيته مع زوجته وأولاده فبوجه ثالث , وفى العمل بوجه رابع , فاذا تعامل مع النساء الاجنبيات فرقيق طيب ولين بوجه خامس , واذا تعامل مع الرجال فبوجه سادس فاذا تعامل مع الاكابر أو من هم أعلى منه اجتماعيا كمديره أو رؤسائه فى العمل فبوجه سابع واذا تعامل مع من هم ادنى منه كالفقراء والضعفاء فبوجه ثامن , وتاسع وعاشر .. من أنت ؟؟!!

                  من أنت يا عبد الوجه ؟! أى الوجه وجهك الحقيقى ؟! الى متى ستظل تخلع وجها وتلبس آخر ؟! الى متى ستظل غشاشا ؟! ألا تعلم أن الله يرى كل هذه الوجوه ؟! .. يراك هنا ويراك هناك ..

                  يراك الآن ويراك غدا .

                  ترى ذا الوجوه اذا مرض بوجه , واذا صح بوجه , واذا افتقر بوجه , واذا اغتنى وامتلك فبوجه آخر , تجده اذا تولى سعى فى الارض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل , واذا رئس فذليل مهان منافق .. تجد ذا الوجوه لا يستحى من الله وهو يراه .

                  من أنت يا أخى ؟ أجب عن هذا السؤال .. من أنت وأى الوجوه وجهك وأى الاشخاص شخصك وأى الطرق طريقتك ؟ لماذا تعيش بعشرين وجها , وعشرين لونا , وعشرين طريقة ؟!!

                  ألا تستحى من الله وهو يراك ؟!

                  أخـــىّ كن واحداكن صاحب وجه واحد , يمشى بطريقة واحدة .

                  أخـــى أى الوجوه أريدك ؟ أريد لك وجه العبد .. أن تظل عبدا .. العبد الذى يركع ويسجد ويتلو القرآن ويبتهل ويتفرغ . هذا العبد كنه فى البيت مع الزوجة والاولاد , وكنه فى الشارع مع الناس كنه كيف كنت , ومتى كنت , وأين كنت .. كن عبدا فى كل أحوالك .

                  أخـــى اذا جاءتك امرأة متبرجة لتقضى منك حاجة نراك تتعامل معها برقة ولطافة , أرأيت رقتك ؟ أرأيت جمالك ؟ ألا يكون هذا مع زوجتك ؟ .. وهى أولى .. لماذا لا تتعامل بمثل هذا مع شريكة حياتك وأم عيالك ؟!! .. نعم : العبد هو الذى يتعامل بالرقة والجمال والحنان والتودد مع الزوجة وأما الشدة والوجه الغليظ فمع الاجنبية .. هذا هو المطلوب وبهذا تكون عبدا لله .

                  أخى فى الله حبيبى فى الله , اننى أريدك عبدا لله فى البيت , وعبدا لله فى المسجد , وعبدا لله فى الشارع , وعبدا لله فى العمل , عبدا لله وحده هنا حيث يعرفك الناس , وعبدا لله هناك حيث تخلو فلا يعرفك أحد الا الله , فالله الذى يراك هناك هو الذى يعرفك هنا , فاستح أن يراك على غير ما يعرفك . كن واحدا ولا تكن عشرة , لا تكن اثنين , كن عبدا لله وحده , ولست أقصد أن تكون دوما ذليلا , بل العبد على مقتضى العبودية : فى البيت رجل له القوامة والتربية , وفى العمل تراه مخلصا وان لم يره أحد , وفى الشارع مراقبا لمولاه .

                  كن عبدا لله وحده مع الرجال والنساء , والاغنياء والفقراء , والصغار والكبار .. كن عبدا وضع يديك ورجلك فى قيود الشريعة الفضية لتتحرر من العبودية لغير الله .. الزم الامر والنهى , وكن كما يريد الله .. عش على مراد الله منك لتكون عبدا .


                  فكن واحدا : أى عبدا ..

                  لـواحـد :

                  أى لله وحده , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " تعس عبد الدرهم , تعس عبد الدينار , تعس عبد القطيفة والخميصة , تعس عبد المرأة , تعس وانتكس , واذا شيك فلا انتقش " . [هذا الحديث أصله فى البخارى]

                  أسألك بالله , واصدق يا عبد الله : أنت عبد لمن ؟ لله وحده أم عبد للظروف أيضا ؟ أم عبد للبيئة والمجتمع ؟! عبد للعادات والتقاليد ؟! أم عبد للمهنة والوظيفة والراتب الشهرى , عبد لصاحب العمل , أم عبد لزوجتك وأولادك واحتياجاتهم ومطالبهم ؟! .. عبد من أنت ؟ .

                  كثير من الناس عبيد لاشياء كثيرة فمنهم من عبد بطنه , ومنهم من عبد شهوته وفرجه , ومنهم من عبد بيته وفراشه , ومنهم من عبد رصيده وماله , ومنهم .. ومنهم .. فكن أنت عبدا لله .

                  ان المتأمل – اخوتاه – فى تاريخ العقيدة الاسلامية الطويل , ليدرك مدى العناد والتكذيب الذى واجهه أنبياء الله ورسله فى تعبيد القلوب لاله واحد هو الله , فقوم نوح كذبوا المرسلين , وكذبت ثمود وعاد بالقارعة , وكذب بنو اسرائيل موسى وجحدوا ما جاء به , وعاند المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ومع كل هذا صبر هؤلاء الانبياء والمرسلون , لعلمهم بعظمة وأهمية ما يدعون اليه .. وهو التوحيد .

                  فالتوحيد نظام الكون , ولا يصلح فى الطريق الى الله الا التوحيد , توحيد القصد وتوحيد المعبود ولذلك اذا أردت – أيها الحبيب – أن تسير الى ربك سيرا حسنا فالزم التوحيد , قال - سبحانه وتعالى - "
                  قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ " ( الانعام : 162 – 163 ) .

                  ولابد أن تعلم أن الله – سبحانه وتعالى – هدد أنبيائه ورسله بحبوط الاعمال – وان كثرت – ان فاتها التوحيد , فقال بعد أن ذكر جملة كثيرة منهم فى سورة الانعام : "
                  وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ " ( الانعام : 88 ) بل قال مخاطبا نبيه محمد صلى الله عليه وسلم : " وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ . بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ " ( الزمر : 65 – 66 ) .

                  ومن خطورة أمر التوحيد أن الشرك فى هذه الامة أخفى من دبيب النمل , لذا علمك النبى صلى الله عليه وسلم أن تقول كل يوم مرارا " اللهم انى أعوذ بك أن أشرك بك شيئا أعلمه وأستغفرك لما لا أعلمه " .[صحيح الأدب المفرد]

                  ومن خطورة أمر التوحيد الخوف على التوحيد , قال الله – سبحانه وتعالى – حاكيا عن ابراهيم عليه السلام دعوته "
                  وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ " ( ابراهيم : 35 ) ..

                  فهذا ابراهيم خليل الله يخاف على توحيده , فيطلب التثبيت عليه ويطلب لبنيه ألا يحيدوا عنه .

                  ومن خطورة التوحيد أنه قد يلتبس على العبد قال ابن القيم – رحمه الله تعالى – فى " الفوائد " :

                  " التوحيد ألطف شىء وأنزهه وأنظفه وأصفاه , فأدنى شىء يخدشه ويدنسه ويؤثر فيه , فهو كأبيض ثوب يكون , يؤثر فيه أدنى أثر , وكالمرآة الصافية جدا , أدنى شىء يؤثر فيها .

                  ولهذا تشوّشه اللحظة واللفظة والشهوة الخفية , فان بادر صاحبه وقلع ذلك الأثر بضده , والا استحكم وصار طبعا يتعسر عليه قلعه .

                  وهذه الاثار والطبوع التى تحصل فيه : منها ما يكون سريع الحصول سريع الزوال , ومنها ما يكون بطىء الحصول سريه الزوال , ومنها ما يكون بطىء الحصول بطىء الزوال .

                  ولكن من الناس من يكون توحيده كبيرا عظيما , ينغمر فيه كثير من تلك الاثار , ويستحيل فيه بمنزلة الماء الكثير الذى يخالطه أدنى نجاسة أو وسخ , فيغتر به صاحب التوحيد الذى هو دونه فيخلط توحيده الضعيف بما خلط به صاحب التوحيد العظيم الكثير توحيده , فيظهر من تأثيره فيه ما لم يظهر فى التوحيد الكثير .

                  وأيضا فان المحل الذى لم يبلغ فى الصفاء مبلغه , فيتداركه بالازالة دون هذا , فانه لا يشعر به .

                  وأيضا فان قوة الايمان والتوحيد اذا كانت قوية جدا أحالت المواد الرديئة وقهرتها , بخلاف القوة الضعيفة " .

                  فانظر - رحمك الله - الى توحيدك : هل ما زال على صفائه وطهارته ونقائه أم أنه تلوث من مخالطة البشر ومعاملاتهم , وغياب العلم عن القلب , ونسيان الذكر وكثرة الكلام والجدال المقيت وحب العلو والغلبة , وتعلق القلب بمدح الناس ودفع ذمهم , والشهوات المركبة فى للانفس ...

                  هذه كلها – والله – ان وقعت فى القلب سقطت سماء توحيدك على أرضه , فلا تقوم لقلبك قائمة فيا أخى الحبيب , كن لواحد تسترح.

                  قال الله - تعالى –: " ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون "( الزمر : 29 ) .

                  " يضرب الله المثل للعبد الموحد والعبد المشرك : بعبد يملكه شركاء يخاصم بعضهم بعضا فيه " وهو بينهم موزع , ولكل منهم فيه توجيه , ولكل منهم عليه تكليف , وهو بينهم حائر لا يستقر على نهج ولا يستقيم على طريق , ولا يملك أن يرضى أهوائهم المتنازعة المتشاكسة المتعارضة التى تمزق اتجاهاته وقواه ! وعبد يملكه سيد واحد , وهو يعلم ما يطلبه منه , ويكلفه به , فهو مستريح مستقر على منهج واحد صريح .. "
                  هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا " .. انهما لا يستويان .

                  فالذى يخضع لسيد واحد ينعم براحة الاستقامة والمعرفة واليقين وتجمع الطاقة ووحدة الاتجاه ووضوح الطريق . والذى يخضع لسادة متشاكسين معذب مقلقل لا يستقر على حال ولا يرضى واحدا منهم فضلا على ان يرضى الجميع !

                  وهذا المثل يصور حقيقة التوحيد وحقيقة الشرك فى جميع الاحوال , فالقلب المؤمن بحقيقة التوحيد هو القلب الذى يقطع الرحلة على هذه الارض على هدى , لأن بصره أبدا معلق بنجم واحد على الافق فلا يلتوى به الطريق . ولأنه يعرف مصدرا واحدا للحياة والقوة والرزق , ومصدرا واحدا للنفع والضر , ومصدرا واحدا للمنح والمنع , فتستقيم خطاه الى هذا المصدر الواحد , يستمد منه وحده , ويعلق يديه بحبل واحد يشد عروته , ويطمئن اتجاهه الى هدف واحد لا يزوغ عنه بصره , ويخدم سيدا واحدا يعرف ماذا يرضيه فيفعله وماذا يغضبه فيتقيه .. وبذلك تتجمع طاقته وتتوحد , فينتج بكل طاقته وجهده وهو ثابت القدمين على الارض متطلع الى اله واحد فى السماء .. ويعقب – سبحانه – على هذا المثل الناطق الحى , بالحمد لله الذى اختار لعباده الراحة والامن والطمأنينة والاستقامة والاستقرار . وهم مع هذا ينحرفون , وأكثرهم لا يعلمون " .

                  فهل انت لواحد ؟ أم انك لشركاء متشاكسين ؟! .

                  نـعـم :ان اكثر الناس اليوم منحرفون عن التوحيد ,ويعيشون فى شتات , فتجد قلوبهم معلقة بالمال والزوجة والولد والبشر , فيعيشون مهمومين محزونين مشتتين مضيعين .. ولا يمكن أن يتعلق القلب بالله وحده الا بأن يكون فى قلبك هم واحد : هو طلب رضا الله والاستعانة به , فهمّك وهمتك وتفكيرك دائر فى تحصيل رضا الله , ساعتها تكون عبدا لله وحده .. تكون واحدا لواحد بحق , ومنها تنطلق على طريق الوصول الى الله – تعالى .



                  على طريق واحد :

                  اذا كنت واحدا لواحد فلكى تصل لابد من أن يكون لك طريق واحد الى الله – تعالى – فهما توحيدان:

                  توحيد القصد وتوحيد المعبود .

                  هو طريق واحد لا يتعدد ولا يتغير , كما قال ربنا – جل وعلا - : "
                  وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ " ( الانعام : 153 ) فوحد سبيله لانه فى نفسه واحد لا تعدد فيه , وجمع السبل المخالفة لانها كثيرة ومتعددة .

                  فكن على طريق واحد تصل وهو الطريق الى الله – سبحانه وتعالى – وأصله : الكتاب والسنة وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " انه من يعش بعدى فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين عضوا عليها بالنواجذ , واياكم ومحدثات الامور , فان كل محدثة بدعة وكل ضلالة فى النار " [صححه الألبانى] وقال صلى الله عليه وسلم : " تركت فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدى أبدا كتاب الله وسنتى " [أحمد والترمذى وقال حسن غريب] فاسلك الطريق الواحد واذا سلكته فلا تغير ولا تبدل لئلا تطرد .. لا تتلون ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله .. اللهم نجنا من مضلات الفتن .

                  لما جاء حذيفة بن اليمان الموت جلس عبدالله بن مسعود عند رأسه وقال له : أوصنى , فقال له : ألم يأتك اليقين ؟ قال : بلى وعزة ربى , فقال حذيفة : واياك والتلون , فان دين الله واحد .

                  ومـن الـتلـون : استحلال الحرام , قال العلماء : الفتنة أن تستحل ما كنت تراه حراما .

                  يمشى الشاب فى الطريق الى الله سنين واعتقاده : حرمة التلفاز , ثم تفاجأ بالتلون .. نعم : لقد دخل التلفاز بيوت كثير من الملتزمين .. أدخله لأنه مفتون .. قد تلون , فصار الطريق عنده عدة طرق , فبعد أن كان يعتقد أن صلاة الجماعة فى المسجد فرض عين , صار يقول : هناك مذاهب أخرى فيمكن أن أصلى فى البيت .. تلون وفتور .. بعد أن كان يعتقد أن طلب العلم لازم له , وبعد أن كان يعتقد أن الدعوة الى الله أمانة فى عنقه , تخلى وانشغل بدنياه , فتشعبت به الطرق .

                  أيها المفتون : ستموت , وستحاسب على ارائك القديمة لم غيرتها .. لم بدلت .. لم تلونت ..

                  لم التفتّ ؟ .. كان راضيا بالقليل فاذا به يستشرف لحياة المترفين والاغنياء .. لم يا عبدالله ؟

                  لم غيرت طريقك ؟ انها سكة واحدة ومنهج واحد هو الصحيح "
                  فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ "

                  ( يونس : 32 ) .. أخى , الحق واحد لا يتعدد , فعلى منهجك فاثبت "
                  قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ ۗ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ " ( فصلت : 6 ) .

                  كن على طريق واحد , واعلم أن الكتاب والسنة بفهم سلف الامة منهج معصوم , ليس لأننى أقول ذلك , بل لأن الله – تعالى – أمر بذلك , قال – تعالى - : "
                  وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ " ( التوبة : 100 ) , وقال – سبحانه وتعالى –

                  "
                  فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا ۖ وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ " ( البقرة : 137 ) .

                  سئل أبو على .. الحسن بن على بن الجوزجانى : كيف الطريق الى الله ؟ , فقال : الطرق الى الله كثيرة , وأوضح الطرق وأبعدها عن الشبه : اتباع السنة قولا وفعلا وعزما وعقدا ونية , لأن الله يقول : "
                  وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا " ( النور : 54 ) فقيل له : كيف الطريق الى السنة , فقال : مجانبة البدعة , واتباع ما اجمع عليه الصدر الاول من علماء الاسلام , والتباعد عن مجالس الكلام واهله


                  ولزوم طريقة الاقتداء , وبذلك أمر النبى صلى الله عليه وسلم بقوله – سبحانه وتعالى - :

                  "
                  ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ " ( النحل : 123 ) .




                  وقال ابو الحسن الوراق : لا يصل العبد الى الله الا بالله وبموافقة حبيبه صلى الله عليه وسلم فى شرائعه , ومن جعل الطريق الى الوصول فى غير الاقتداء , يضل من حيث يحسب انه مهتد .

                  وقال ابو بكر الطمستانى : الطريق واضح , والكتاب والسنة بين أظهرنا , وفضل الصحابة معلوم لسبقهم الى الهجرة ولصحبتهم , فمن صحب منا الكتاب والسنة وتغرب عن نفسه والخلق وهاجر بقلبه الى الله , فهو الصادق المصيب .

                  وعن طريق البدع يقول الحسن : صاحب البدعة لا يزداد اجتهادا , صياما وصلاة , الا ازداد من الله بعدا .

                  وعن أبى ادريس الخولانى أنه قال : لأن أرى فى المسجد نارا لا استطيع اطفائها احب الىّ من ان ارى فيه بدعة لا استطيع تغييرها .

                  فتمسك – أخى – بما كان عليه سلفك الصالح , وابتعد عن البدع واهلها وكن على طريق واحد

                  " طريق السنة " ولا تلتفت .

                  قال بندار بن الحسين : صحبة أهل البدع تورث الاعراض عن الحق .

                  وقال حمدون القصار : من نظر فى سير السلف , عرف تقصيره وتخلفه عن درجات الرجال .

                  قال الشاطبى : " وهذه – والله أعلم – اشارة الى المثابرة على الاقتداء بهم , فانهم اهل السنة " .

                  اخـوتـاه : الطريق الى الله واحدة لا تتغير ابدا فلسنا نجدد فى منهجنا او نغيره او نبدله او نعدله :

                  هو منهج واضح , والثبات عليه هو سر الوصول الى الله , فان غيرت او بدلت او جددت او التفت ضعت .

                  قال ابن القيم : " لو أن عبدا اقبل على الله الف سنة , ثم التفت عن الله لحظة واحدة , لكان ما خسر فى هذا اعظم مما حصله فى الالف سنة " اهـ .

                  فسر – أخى – ولا تلتفت .. انطلق على طريق واحد .. انطلق وكن واحدا لواحد على طريق واحد تصل باذن الله .


                  التعديل الأخير تم بواسطة *أمة الرحيم*; الساعة 03-01-2016, 10:27 PM.

                  تعليق


                  • #10
                    رد: اروع سلاسل الشيخ محمد حسين يعقوب سلسلة أصول الوصول إلى الله

                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                    في البداية جزاكم الله كل خير
                    ولدي بعض التعليق فيما ذكرتم
                    بالنسبة لما يتعلمه المرء بالوراثة من الصلاة والصيام فهذا شئ حسن خاصة وان هنالك الكثير مع الاسف مقصرون في الصلاة.
                    اما الهدف والطريق الذي نسلكه فهي عبادة الله سبحانه
                    حيث ان الله خلقنا لغاية واحدة وهي عبادته وحده لا شريك له
                    ومن لم يحقق الغاية من خلقه فهو معرض لعقاب الله ومن اطاعه حظي يكرم الله ورحمته بالثواب

                    تعليق


                    • #11
                      رد: اروع سلاسل الشيخ محمد حسين يعقوب سلسلة أصول الوصول إلى الله

                      عليكم السلام ورحمة الله بركاتة
                      شكرا على الاضافة بارك الله فيك ,
                      بالنسبة للصلاة نرى أن كثيراً من الناس يصلون وهم مقارفون للفحشاء والمنكر لانهم لم يعطوها حقها من الخشوع فاصبحت عادة وليست عبادة لذلك لابد من وقفة عند الآية الكريمة ((قد افلح المؤمنون، الذين هم في صلاتهم خاشعون)
                      فمن صلى ولم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فهذا بعيد من الله لتقصيره في صلاته وعدم الإتيان بها كما أمره الله وهو محاسب على تقصيرة .
                      الخشوع صفة مكتسبة، يمكن الوصول إليها، والتحلي بها إذا ما استشعر العبد أنه يقف أمام خالقه ومولاه، وأنه يصلي صلاة مودع، وإذا ما نظر إلى ذنوبه وخطاياه على أنها جبل يكاد يسقط عليه ويتهدمه، لا كذبابة وقفت على وجهه فيهشها بيده
                      فلننظر في أمر دنيانا لمن هو أدنى منّا وننظر بأمر ديننا وعاقبة أمرنا لمن هو اعلى منا!
                      اللهم اجعلنا من الخاشعين في صلاتنا المؤدين لكل أركانها علي الوجه الذي يرضي الله عنا........ اللهم آمين

                      تعليق


                      • #12
                        رد: اروع سلاسل الشيخ محمد حسين يعقوب سلسلة أصول الوصول إلى الله





                        الأصل الثالث : ما لا يكون بالله لا يكون وما لا يكون لله لا ينفع ولا يدوم

                        تدبر هذه القاعدة , فالزم " اياك نعبد واياك نستعين " .. وهاك بيانها :


                        ما لايكون بالله لا يكون :


                        العبد ضعيف .. خلق فى الاصل محتاجا فقيرا , قال الله : "
                        يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ " ( فاطر : 15 ) , وقال - تعالى - : " وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا " ( النساء : 28 ) بأصل خلقتك ضعف , انظر قول الله عز وجل " وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا " ( النساء : 83 ) , وقال - تعالى - : " وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ " ( النور : 21 ) .

                        وقال – سبحانه – "
                        مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا . وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا . كُلًّا نُّمِدُّ هَٰؤُلَاءِ وَهَٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ ۚ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا . انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا
                        " ( الاسراء : 18 – 21 ) .


                        "
                        كُلًّا نُّمِدُّ " .. من الممد ؟ الله , ومن المستعان ؟ الله .. الله هو الممد المعطى المستعان ..


                        الله هو الموفق المسدد .. الله هو الذى يصطفى ويختار .. فالسير فى الطريق الى الله مبنى على الاصطفاء والاختيار , فاذا اختارك واصطفاك هيأك .


                        قال الله – تعالى – فى حق يونس عليه السلام "
                        فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ " ( القلم : 50 )


                        اجتباه فجعله .. فأنت ضعيف لا طاقة لك .. أنت ضعيف لا قوة لك ولا قدرة لك ولا حول لك الا ان تكون بالله , فما لا يكون بالله لن يكون , فالذى أتى بك الى المسجد , الله , والذى أنطق فأسمع , الله .. الله هو الذى اجتباك وجعلك من الملتزمين .

                        أخى فى الله , حبيبى فى الله على طريق الحق للوصول الى الله , الزم : اياك نعبد واياك نستعين "

                        تبرأ من حولك وقوتك والجأ الى حوله وقوته واستعن به , استعن به وتوجه اليه واطلب منه ..


                        استعن به وحده يكن لك .. كما قال العلماء : كن لله كما يريد , يكن لك فوق ما تريد .






                        قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " احفظ الله يحفظك , احفظ الله تجده تجاهك , اذا سألت فاسأل الله , واذا استعنت فاستعن بالله , واعلم ان الامة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشىء لم ينفعوك الا بشىء قد كتبه الله لك , وان اجتمعوا على أن يضروك بشىء لم يضروك الا بشىء قد كتبه الله عليك رفعت الاقلام وجفت الصحف " . [صححه الألبانى]


                        " احفظ الله يحفظك " والاعجب منها : " احفظ الله تجده تجاهك " احفظ الله تجده معك , فى اتجاهك فى الاتجاه الذى تريده تجده – سبحانه – تجاهك
                        ان كثيرا منا حين يسير فى الطريق الى الله فيصيبه الفتور أو يفتن فيتراجع , يظل طيلة الوقت يسأل عن السبيل الى الرجوع ويعلّم أسباب الرجوع ويأخذ بالأسباب وينسى الله , فلا تؤتى الاسباب ثمرتها تقول له : افعل كذا , يقول : فعلت ولم أجد فائدة , افعل كذا .. فعلت ولا فائدة .. افعل , فعلت وفعلت .. وفعلت .. نعم : فعل ولم يستعن بالله فلم توجد ثمرة , ولا يوجد ولن توجد الا بالله .


                        وتأمل معى هذا الحديث العظيم ليثبت يقينك فى هذه القاعدة : ما لا يكون بالله لا يكون , وأضف اليها القاعدة الاولى والاصل الاول : عليك البداية وعليه التمام :


                        يقول الله – تعالى – فى الحديث القدسى : " يا عبادى كلكم ضال الا من هديته فاستهدونى أهدكم يا عبادى كلكم جائع الا من أطعمته , فاستطعمونى أطعمكم , يا عبادى كلكم عار الا من كسوته , فاستكسونى أكسكم , يا عبادى انكم تخطئون بالليل والنهار , وانا اغفر الذنوب جميعا , فاسغفرونى أغفر لكم .." . [مسلم]


                        هـكـذا : " كلكم " الا من سأل الله فأعطاه .. فلن تؤتى شيئا الا وعند الله خزائنه "
                        وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ " ( الحجر : 21 ) فاستعن بالله تعن واستهده تهد .. وهكذا : ما لا يكون بالله لا يكون .


                        فكن لله يكن لك . والا فالضياع والتيه ثم الهلكة عياذا بالله – تعالى – .. "
                        وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ " ( آل عمران : 101 ) .

                        وما لا يكون لله لا ينفع ولا يدوم :
                        اخوتى فى الله , ما كان لغير الله اضمحل .. يضمحل .. يتلاشى كالرسوم على رمال الشاطىء تمحوها أمواج البحر .. نعم : ما كان لله دام واتصل , وما كان لغير الله انقطع وانفصل .


                        شجرة الصفصاف تقطع فى ثلاثة أشهر ما تقطعه شجرة الصنوبر فى ثلاثين سنة , ثم تقول لها :

                        ما قطعتيه فى ثلاثين سنة قطعته فى ثلاثة أشهر ويقال لى شجرة ويقال لك شجرة , فتقول لها الصنوبرة : اصبرى حتى تهب رياح الخريف فان ثبتّ لها تم فخرك .


                        وعندما ثبتت دودة القز تنسج , قامت العنكبوت تنسج وقالت لها : لك نسج ولى نسج , فقالت دودة القز : أما نسجك فمصايد الذباب , وأما نسجى فأردية الملوك , وحال اللمس يبين الفرق .

                        نــعــم : هكذا – اخىّ – اذا هبت رياح الابتلاء فثبت لها تم فخرك , فليست القضية بصورة العمل فقد تتساوى الاشجار فى المناظر ويسمى الكل نسجا , ولكن البهرج لا يدوم , قال الله – سبحانه وتعالى – "
                        كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ ۚ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ " ( الرعد : 17 ) .


                        فهؤلاء الذين يدخلون الطريق الى الله لشهوة أو لهوى أو لحظ نفس لا ينفعون ولا ينتفعون , ولا يستطيع أحدهم أن يتم عملا ولو كان بسيطا , وحين يبدأ فى مشروع خير كطلب علم أو عبادة أو دعوة الى الله تجده ينقطع ولا يداوم عليه , ونسأل : ما السر ؟!! .


                        ان السر الدفين – اخوتاه – لعدم القبول هو وجود حظ للنفس فى العمل , فالذى يأتى الى صلاة الجمعة – ليس لله – والذى يقوم الليل أو يصوم النهار , يحفظ القرآن أو يتعلم العلم , أو يؤم الناس أو يخطب الجمعة , أو يعطى درسا , أو .. أو .. وفى العمل شائبة من حظ النفس , فعمله باطل باطل .. أحبطه حين عمله لحظ نفسه " .


                        نــعــم : سل نفسك : عملك لمن ؟ واصدق ولا تتهرب فالامر جد خطير .. ألا تخاف من هذه الكلمة التى تقض المضاجع :" عملت ليقال وقد قيل , فلا أجر لك عندى ثم يسحب على وجهه الى جهنم"

                        اعلم – أخىّ – أنك اذا صليت ثم خرجت فلم تنهك صلاتك عن الفحشاء والمنكر – اعلم أنك ما صليت لله , فلو صليت له لأعطاك الثمرة , واذا حفظت القرآن فلم تزجرك نواهيه ولم تلزمك أوامره فاعلم أنك لم تحفظه لله , فالله شكور .. يشكر على القليل .. اذا عملت له عملا لابد أن يثيبك ويشكرك عليه , ويعطيك منه , فاذا لم تعط فاتّهم عملك .. اتهم عملك فان المعبود كريم .


                        فالاخلاص الاخلاص – اخوتاه – الاخلاص والا الضياع .. الاخلاص والا الشرود عن طريق الله الاخلاص حتى لا تضلوا السبيل .. الاخلاص نور الطريق .


                        كان الفضيل بن عياض يقول : اذا كان يسأل الصادقين عن صدقهم , مثل اسماعيل وعيسى – عليهما الصلاة السلام – فكيف بالكذابين من أمثالنا ؟! وكان رحمه الله اذا قرأ : "
                        وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ " يقول : اللهم انك ان بلوت أخبارنا فضحتنا وهتكت استارنا , عافيتك هى أوسع لنا , وأنت أرحم الراحمين .


                        قال أبو عثمان المغربى : الاخلاص نسيان رؤية الخلق بدوام النظر الى الخالق .


                        وقال سهل بن عبدالله التسترى : نظر الاكياس فى تفسير سورة الاخلاص فلم يجدوا غير هذا :

                        أن تكون حركته وسكونه فى سره وعلانيته لله تعالى , لا يمازجه شىء لا نفس ولا هوى ولا دنيا .


                        وقيل لحمدون بن أحمد : ما بال كلام السلف أنفع من كلامنا ؟ قال : لأنهم تكلموا لعز الاسلام ونجاة النفوس ورضا الرحمن , ونحن نتكلم لعز النفوس وطلب الدنيا ورضا الخلق .

                        يقول أخى الشيخ سيد العفانى – حفظه الله تعالى – :" فاعقل درجتك ولا تزه عند الخلق وجوهرك جوهر الفضائح وسيماك سيما الابرار , وعد نفسك مع أنفس الكذابين , وروحك ع أرواح الهلكى وبدنك مع أبدان المذنبين , وأقبل على تعلم الاخلاص , فوالله ان علمه خير العلم , وفقهه الفقه كل الفقه .


                        يا اخوتاه , الاخلاص مسك القلب , وماء حياته ومدار فلاحه كله عليه , نعم : بضاعة الاخرة لا يرتفع فيها الا مخلص صادق .


                        ولا نجاة ولا فقه الا مع سير السلف الصالحين , فقد كان الشيوخ فى قديم الزمان أصحاب قدم .

                        والطلاب أصحاب ألم , فذهب القدم والألم , اليوم غصة ولا قصة , وان التربية بالقدوة خير وسائل التربية , والحكايات عن سلفنا جند من جنود الله – تعالى – يثبت الله بها قلوب أوليائه " .


                        قال الامام أبو حنيفة : الحكايات عن العلماء ومحاسنهم أحب الىّ من كثير من الفقه , لانها آداب القوم واخلاقهم , قال الله – تعالى – "
                        لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ " ( يوسف : 111) , وقال - تعالى – لنبيه " أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ " ( الانعام : 90 ) .


                        وانطلاقا من هذا الكلام الطيب , فان الحديث عن الاخلاص والمخلصين , وهاك طرفا منه :


                        الــصـلاة :
                        قال أبو تميم بن مالك : كان منصور بن المعتمر اذا صلى الغداة , أظهر النشاط لاصحابه , فيحدثهم ويكثر اليهم , ولعله انما بات قائما على أطرافه كل ذلك يخفى عليهم العمل .

                        قال أبو اسحاق كعب الاحبار صاحب الكتب والاسفار : من تعبد لله ليلة حيث لا يراه أحد يعرفه خرج من ذنوبه كما يخرج من ليلته .

                        صدقة السر :
                        وهذا زين العابدين على بن الحسين : يحمل جراب الخبز على ظهره بالليل , فيتصدق به ويقول : ان صدقة السر تطفىء غضب الرب عز وجل .


                        ولما مات وجدوه يقوت مئة أهل بيت بالمدينة , ولما جاءوا يغسلونه وجدوا بظهره أثار سواد فقالوا : ما هذا ؟ فقيل : كان يحمل جرب الدقيق ليلا على ظهره يعطيه فقراء أهل المدينة .


                        الصــــــوم :

                        وإذا ذكر الصوم وإخفاؤه فاذكر داود بن أبى هند .. صام أربعين سنة لا يعلم به أهله ولا أحد وكان خزازا يحمل معه غذاءه من عندهم فيتصدق به فى الطريق ويرجع عشيا فيفطر معهم فيظن أهل السوق أنه قد أكل فى البيت ويظن أهله أنه قد أكل فى السوق .


                        قال إبراهيم بن أدهم : لا تسأل أخاك عن صيامه فإن كان قال : أنا صائم فرحت نفسه وإن قال : أنا غير صائم حزنت نفسه وكلاهما من علامات الرياء , وفى ذلك فضيحة للمسئول واطلاع على عوراته من السائل .

                        الذكر وقراءة القرآن :

                        قال ابن الجوزى : كان ابراهيم النخعى اذا قرأ فى المصحف فدخل داخل غطاه .


                        وكان الامام أحمد يقول : أشتهى مالا يكون .. أشتهى مكانا لا يكون فيه أحد من الناس .


                        البكــــــــــــاء:


                        قال الثورى : البكاء عشرة أجزاء تسعة لغير الله وواحد لله فاذا جاء الذى لله فى السنه مرة فهو كثير .

                        قال ابن الجوزى: كان ابن سيرين يتحدث بالنهار ويضحك فاذا جاء الليل فكأنه قتل أهل القرية .

                        حــــالت لفقــدكم أيامــنا فغـــــــدت سودا وكانت بكم بيضا ليالينا


                        من مبلغ الملبسينا عما بانتزاحهم حزنا مع الدهر لا يبلى ويبلينا

                        أن الزمان الذى قد كان يضحكنا أنسا بقربـــــهم قد عاد يبكينا

                        ليسق عهدكم عهد السرور فما كنتم لارواحـــــــنا الا رياحينا

                        قال محمد بن واسع : إن كان الرجل ليبكى عشرين سنه وامرأته معه فى لحافة لا تعلم به .


                        وقال سفيان بن عيينه : أصابتنى ذات يوم رقة فبكيت فقلت فى نفسى : لو كان بعض أصحابنا لرق معى ثم غفوت فأتانى أت فى منامى فرفسنى وقال : يا سفيان خذ أجرك ممن أحببت أن يراك !!


                        العلـــم :


                        قال الشافعى : وودت ان الخلق تعلموا هذا ( يعنى علمه ) على أن لا ينسب إلى حرف منه

                        وقال عون بن عمارة : سمعت هشام الدستوائى يقول : والله ما أستطيع أن أقول : إنى ذهب يوما قط أطلب الحديث اريد به وجه الله عز وجل . قال الذهبى : والله ولا أنا .. فاللهم أعف عنا !




                        أصحاب السرائر والخوف من الشهرة :

                        قال ابن المبارك عن ابراهيم بن ادهم : صاحب سرائر وما رأيته يظهر تسبيحا ولا شيئا من الخير ولا أكل مع قوم إلا كان آخر من يرفع يده .


                        يقول امام الوعاظ ابن الجوزى : اشتهر ابن ادهم ببلد فقيل : هو فى البستان الفلانى فدخل الناس يطوفون ويقولون : أين ابراهيم بن ادهم ؟ فجعل يطوف معهم ويقول : اين ابراهيم بن ادهم ؟ !


                        وانظر الى العلاء بن زياد العدوى الذى قال فيه الحسن البصرى : الى هذا والله انتهى استقلال الحزن .. قال له رجل : رأيت كأنك فى الجنة فقال له : ويحك ! ! أما وجد الشيطان أحد يسخر به غيرى وغيرك .

                        قال الامام أحمد: كان سفيان الثورى اذا قيل له رئيت فى المنام يقول : أنا أعرف بنفسى من أصحاب المنامات .


                        وإبراهيم النخعى الامام الفقيه : كان لا يجلس الى الساريه فى المسجد توقيا للشهره , كان يقول : تكلمت ولووجدت بدا ما تكلمت فإن زمانا أكون فيه فقيه الكوفة لزمان سوء .


                        وكان يقول :
                        خلت الديار فسدت غير مسود ومن البلاء تفردى بالسؤدد

                        وكان محمد بن يوسف الاصبهانى : ( عروس الزهاد ) لا يشترى زاده من خباز واحد قال :

                        لعلهم يعرفونى فيحابونى فاكون ممن اعيش بدينى .

                        وسفيان الثورى : الذى قال عنه الامام احمد : أتدرى من الامام ؟ الامام سفيان الثورى لا يتقدمه أحد فى قلبى .. كان رحمه الله لا يترك أحدا يجلس إليه إلا نحو ثلاثة أنفس فغفل يوما فرأى الحلقة قد كبرت فقام فزعا وقال : أخذنا والله ولم نشعر والله لو أدرك أمير المؤمنين عمر رضى الله عنه مثلى وهو جالس فى هذا المجلس لاقامه , وقال له : مثلك لا يصلح لذلك .


                        وكان رحمه الله اذا جلس لاملاء حديث يجلس مرعوبا خائفا وكانت السحابة تمر عليه فيكست حتى تمر ويقول : أخاف أن يكون فيها حجارة ترجمنا بها .

                        وكان يقول : كل شىء أظهرته من عملى فلا أعده شيئا لعجز أمثالنا عن الاخلاص إذا رأه الناس .. رحمك الله يا سفيان ولله درك يا أمام كما علمتنا أن نكون لله .


                        مر الحسن البصرى على طاووس وهو يملى الحديث فى الحرم فى حلقة كبيرة فقرب منه وقال له فى اذنه : إن كانت نفسك تعجبك فقم من هذا المجلس فقام طاووس فورا .


                        قال بشر : لا ينبغى لامثالنا أن يظهر من أعماله الصالحة ذرة فكيف بأعماله التى دخلها الرياء ؟ ! فالاولى بأمثالنا الكتمان ! .


                        وكان مالك بن دينار يقول : إذا ذكر الصالحون فأف لى وتف .

                        وقال الفضيل : من أراد أن ينظر الى مراء فلينظر إلى .

                        أخواتاه أطلنا الكلام مع المخلصين لاهميته فبدون الاخلاص لا يكون للاعمال أى قيمة ولن تصل إلى الله على الاطلاق ما دمت مرائيا ..

                        فأبدأ من الآن وكن بكلك لله .. أخلص وإلا فلا تتعن .. أخلص وإلا فالخسار والدمار وخراب الديار .

                        أخواتاه ما لا يكون بالله لا يكون , وما لا يكون لله لا ينفع ولا يدوم .. فاستعينوا بالله وأخلصوا لله والزموا " اياك نعبد واياك نستعين " تصلوا الى الله – تعالى – بأمان واطمئنان .


                        من كتاب اصول الوصول الى الله

                        للشيخ

                        محمد حسين يعقوب

                        التعديل الأخير تم بواسطة *أمة الرحيم*; الساعة 07-01-2016, 08:10 PM. سبب آخر: وضع الآيات بالتشكيل

                        تعليق


                        • #13
                          رد: اروع سلاسل الشيخ محمد حسين يعقوب سلسلة أصول الوصول إلى الله

                          بارك الله فيكم

                          تعليق


                          • #14
                            رد: اروع سلاسل الشيخ محمد حسين يعقوب سلسلة أصول الوصول إلى الله

                            تعليق


                            • #15
                              رد: اروع سلاسل الشيخ محمد حسين يعقوب سلسلة أصول الوصول إلى الله

                              الاصل الرابع : الشكر أساس المزيد





                              إن من أخطر أصول الوصول الى الله – تعالى – شكر نعمة الله عز وجل على أن هيأك ويسر لك وحبب اليك أن تسلك سبيلا اليه .. وان اختيار هذا الطريق رغبة ورهبة وطلبا لرضا الله وخوفا من عذابه .. نعمة .


                              وان معرفة الطريق الى عز وجل والشغف بالسير فيها والحرص على التقدم .. نعمة .. والاعمال الصالحة من تلاوة وذكر وصيام وقيام وتبتل وتهجد واحسان وبر وغيرها , هى حوامل الوصول فى هذا الطريق . وهى نعمة .. وهذه النعم ان لم تدم وتزد وتبارك كان النكوص والارتداد والسلب والحرمان .. ولا سبيل قط الى حراسة النعم وحمايتها وزيادتها الا بالشكر .


                              جاء وفد اليمن الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان فيهم رجل يسمى حديرا , فلما أرادوا الانصراف – وكان من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطى كل ضيف جائزته – أعطى لكل فرد هدية , وكان حدير مشغولا بذكر الله بعيدا عن عين رسول الله صلى الله عليه وسلم , فاستحيى حدير أن يطلب جائزته ,فانطلقوا وانطلق معهم حدير , وبعد ان انصرفوا اذ بجبريل ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول : ربك يقرئك السلام ويذكرك بحدير – يذكرك أنك نسيت حديرا – فطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم فارسا وأعطاه هدية وقال : " الحق القوم فاسأل عن حدير وأعطه هديته وأقرئه منى السلام " فلما أدركهم قال : أين حدير ؟ قالوا له : هذا فقال له : رسول الله يقرئك السلام ويقول لك : " انه نسيك فذكره بك الله " فقال حدير : " اللهم كما لم تنس حديرا , فاجعل حديرا لا ينساك " فكان أكثر الناس ذكرا لله .


                              " اللهم كما لم تنس حديرا فاجعل حديرا لا ينساك " .. هذا هو موطن الشاهد وهو شكر النعمة على مقتضاها وهو طلب الزيادة من خير الاخرة .


                              أيها الاخوة , ابتلى أحد الاخوة بمرض السكر فقال لى : استفدت من هذا المرض فائدة : ما عرفت نعمة الله فى أن أنام ثلاث ساعات متواصلة الا بعد المرض , فكل ساعة أقوم لأدخل الحمام !! ..


                              فهل نمت أنت ثلاث ساعات متواصلة ؟! هل شكرت هذه النعمة ؟ .. اذا ابتليت – نسأل الله لنا ولك العافية – ستعرف هذه النعمة وتقدرها .


                              هذا الرجل المكسور يقول : أود أن اتقلب على جنبىّ !! فهل تتقلب على جنبيك وأنت نائم ؟! هل شكرت هذه النعمة ؟ هل فكرت مرة أن تذهب الى المستشفيات لترى المقعدين الذين لا يملكون حراكا ؟ لترى فى قسم الحرائق ما فعلته النيران فى الوجوه الجميلة ؟ ولترى فى قسم العيون من فقدوا نور أعينهم ؟! .


                              كان بكر بن عبدالله المزنى رحمه الله يقول : يا ابن آدم اذا أردت أن تعلم قدر ما أنعم الله عليك فغمض عينيك .


                              هل رأيت أصحاب المحاليل المعلقة ؟!! وهل رأيت من عاشوا حياتهم فى المستشفيات ثم ماتوا ؟! كل هذه النعم التى فقدها الاخرون وملكتها أنت هل شكرت الله عليها ؟!! .


                              وأنت أيها المريض المبتلى هل شكرت النعم التى أنت غارق فيها ؟! هل نظرت الى من هم أشد منك بلاء ؟! .. وان كنت أنت أشد المرضى ألما فهل شكرت الله على ان ابتلاك فى جسدك وحفظ لك قلبك فملأه بالايمان ؟! هل شكرت هذه النعمة : نعمة الايمان والتوحيد التى هى أعظم النعم .


                              عن مجاهد فى قوله – سبحانه وتعالى – "
                              وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً " ( لقمان : 20 ) قال : لااله الا الله .


                              وعن سفيان بن عيينة قال : ما أنعم الله عز وجل على العباد نعمة أفضل من أن عرفهم : أن لا اله الا الله . قال : وان " لا اله الا الله " لهم فى الاخرة كالماء فى الدنيا .


                              لقد كان من هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم تذكر فاقد النعمة ليعظم عنده شكرها , فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا أوى الى فراشه يقول : " الحمد لله الذى أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا وكم ممن لا كافى له ولا مأوى " [مسلم] فداك أبى وأمى ونفسى يا رسول الله صلى الله عليه وسلم.


                              قال سلام بن أبى مطيع : دخلت على مريض أعوده , فإذا هو يئن فقلت له : اذكر المطروحين فى الطريق , اذكر الذين لا مأوى لهم , ولا لهم من يخدمهم . قال : ثم دخلت عليه بعد ذلك فلم أسمعه يئن . قال : وجعل يقول : اذكر المطروحين فى الطريق , اذكر من لا مأوى له ولا له من يخدمه .


                              اخوتاه , شكر النعم أصل , قال الملك : "
                              وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ "


                              ( ابراهيم : 7 )


                              قال ابن القيم – رحمه الله تعالى - : " من أنعم عليه بنعمة فلم يشكرها عذب بتلك النعمة ذاتها ولابد " اهـ .


                              عرفت – أخى الملتزم – ما سبب الفتور ؟ لأنك لم تشكر نعمة الالتزام , فلو شكرت هذه النعمة لزادك الله التزاما , قال – تعالى – "
                              وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ " (محمد : 17) لكن لما لم تشكر نعمة الالتزام فترت , وتراجع التزامك .


                              قال الحسن : ان الله عز وجل ليمتع بالنعمة ما شاء , فإذا لم تشكر قلبها عليهم عذابا .


                              نعـــم : كل من أعطى أولادا فلم يشكر نعمة الأولاد يعذب بهم , ومن أنعم الله عليه بزوجة فلم يشكر نعمة الزوجة عذب بها , ومن أعطى مالا فلم يشكره عذب به ولابد .. وهكذا : كل نعمة لا تشكرها تعذب بها .. وسر الشكر استخدام النعمة فى طاعة المنعم .


                              شكر حدير النعمة وسأل الله ألا ينسيه ذكره , ولو أننى أنا الذى جاءونى بالهدية لشغلنى فرحى بالهدية عن ذكر الله .. واقع مر .. كثير من المسلمين مشغول بالنعمة عن المنعم , مشغول بالبلية عن المبتلى , مشغول عن الله بغير الله , ناس له , غافل عنه .


                              اخوتاه , سليمان بن داود هذا النبى الصالح ابن النبى الصالح – عليهما السلام – ما شغله الملك – الذى ما آتاه الله أحدا من العالمين قبله ولا بعده – عن الشكر والتحدث بنعم الله عليه .


                              قال – تعالى – "
                              وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ۖ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ . وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ . حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ . فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ
                              " ( النمل : 16- 19 ) .


                              ولما حمل اليه عرش بلقيس قال "
                              هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ " ( النمل : 40 ) .


                              عن الحسن قال : قال نبى الله داود : " إلهى لو أن لكل شعرة منى لسانين يسبحانك الليل والنهار والدهر ما وفيت حق نعمة واحدة " .


                              قال ابن القيم :" حبس السلطان رجلا فأرسل اليه صاحبه : اشكر الله فضرب , فأرسل اليه : اشكر الله . فجىء بمحبوس مجوسى مبطون فقيد وجعل حلقة من قيده فى رجله وحلقة فى الرجل المذكور , فكان المجوسى يقوم بالليل مرات , فيحتاج الرجل أن يقف على راسه حتى يفرغ فكتب اليه صاحبه : اشكر الله . فقال له : الى متى تقول : اشكر الله وأى بلاء فوق هذا ؟ فقال : لو وضع الزنار الذى فى وسطه فى وسطك كما وضع القيد الذى فى رجله فى رجلك , ماذا كنت تصنع ؟ فاشكر الله " .


                              ودخل رجل على سهل بن عبدالله فقال : اللص دخل دارى وأخذ متاعى فقال : اشكر الله , فلو دخل اللص قلبك – وهو الشيطان – وأفسد عليك التوحيد ماذا كنت تصنع ؟ " .


                              سئل بعض الصالحين : كيف أصبحت ؟ فقال : أصبحت وبنا من نعم الله ما لا يحصى مع كثير ما يعصى , فلا ندرى على ما نشكر : على جميل ما نشر , أو على قبيح ما ستر ؟


                              وقال آخر : أصبحت بين نعمتين لا أدرى أيتهما أعظم : ذنوب سترها الله علىّ , فلا يقدر أن يعيرنى بها أحد , ومحبة قذفها الله فى قلوب الخلق لا يبلغها عملى .


                              نعم – اخوتى فى الله - : من أصول السير الى الله : كلما أنعم الله عليك بنعمة فاشكرها ..


                              اذا حفظت آية فاشكرها , اذا ذكرته لحظة فاشكرها , اذا أعفيت لحيتك اشكرها , اذا صليت جماعة اشكرها , اذا تعلمت مسألة اشكرها , اذا قمت ليلة اشكرها , اشكر الله على نعمته , لأنك ان لم تشكره تعذب .. تلك سنة ربانية , فلذلك انشغل بشكر النعمة .


                              ولكن كيف يكون شكر النعمة ؟


                              الشكر يقوم على خمسة أركان :


                              1- الاقرار بالنعمة 2- الثناء على الله بالنعمة


                              3- الخضوع لله بالنعمة 4- حب المنعم


                              5- استعمال النعمة فى شكر المنعم


                              عن عنبسة بن الازهر قال : كان محارب بن دثار – قاضى الكوفة – قريب الجوار منى فربما سمعته فى بعض الليل يقول : " أنا الصغير الذى ربيته فلك الحمد , وأنا الضعيف الذى قويته فلك الحمد , وأنا الفقير الذى أغنيته فلك الحمد , وأنا الغريب الذى وصيته فلك الحمد , وأنا الصعلوك الذى مولته فلك الحمد , وأنا العزب الذى زوجته فلك الحمد , وأنا الساغب ( الجائع ) الذى أشبعته فلك الحمد , وأنا العارى الذى كسوته فلك الحمد , وأنا المسافرالذى صاحبته فلك الحمد وأنا الغائب الذى رددته فلك الحمد وأنا الراحل الذى حملته فلك الحمد وأنا المريض الذى شفيته فلك الحمد وأنا السائل الذى أعطيته فلك الحمد وأنا الداعى الذى أجبته فلك الحمد فلك الحمد ربنا حمدا كثيرا على حمدى لك " اهـ .


                              لله ما أحلى هذا الكلام !! .. نعم – والله - : كان كلامهم دواء للخطائين .


                              يا رب


                              " تم نورك فهديت , فلك الحمد , عظم حلمك فغفرت , فلك الحمد , وبسطت يدك فأعطيت , فلك الحمد , ربنا وجهك أكرم الوجوه , وجاهك أعظم الجاه , وعطيتك أفضل العطية وأهنأها , تطاع ربنا فتشكر , وتعصى فتغفر , وتجيب المضطر , وتكشف الضر , وتشفى السقيم , وتغفر الذنب , وتقبل التوبة , ولا يجزى بآلائك أحد , ولا يبلغ مدحتك قول قائل " .. فلك الحمد .


                              اخوتاه , الشكر أساس المزيد . أحبتى فى الله, يا من عزمتم السير الى الله , اشكروا الله .. اشكروا الله .. اشكروا الله يزدكم ..


                              عن على رضى الله عنه أنه قال لرجل من أهل همدان " إن النعمة موصولة بالشكر , والشكر متعلق بالمزيد , وهما مقرونان فى قرن , فلن ينقطع المزيد من الله – عز وجل – حتى ينقطع الشكر من العبد " اهـ .


                              فإذا رأيت إيمانك – أخى فى الله – لا يزيد فارجع الى الشكر ..


                              اشكر تزدد إيمانا , فإن الشكر أساس المزيد .


                              الشيخ محمد حسين يعقوب


                              الكلم الطيب


                              التعديل الأخير تم بواسطة *أمة الرحيم*; الساعة 07-01-2016, 08:18 PM.

                              تعليق

                              يعمل...
                              X