إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

القراءة ..." منهج حياة " ..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • القراءة ..." منهج حياة " ..





    كثيرًا ما نسمع بعض الناس يسأل: ما هي هوايتك؟

    ونلاحظ الاختلاف الواضح في الإجابة، فأحد الناس يقول: إن هوايتي السباحة، بينما يجيب الآخر: هوايتي صيد الأسماك، ويخبر ثالث عن نفسه فيقول: وأنا هوايتي السفر والترحال... كل إنسان يخبر عن هوايته، وربما تكون هذه الهواية مختلفة عن غيره من الناس، لكن بعض الناس يخبرك عن هوايته قائلاً: "وأنا هوايتي القراءة!!"

    وهذا ما أستغرب له كثيرًا، أن يقول إنسان ما :"أنا هوايتي القراءة"...

    هل يصح أن يقول أحد: "هوايتي شرب الماء" مثلاً؟!! إن كل الناس يشربون الماء؛ فهذه ليست هواية، وإنما هي ضرورة، كذلك لا يصح أن يقول إنسان: "إن هوايتي الأكل!" لماذا؟ لأن الأكل ضرورة وليس هواية، فكل الناس يجوعون ولا بد أن يأكلوا، ربما تفضل طعامًا على آخر.. لك هذا، لكن أن تمتنع عن الطعام أو عن النوم أو عن التنفس فهذا يؤدي بك - ولا شك - إلى الهلاك؛ لأن كل هذه الأشياء من الضروريات لحياة أي إنسان.

    وأنا أرى أيضًا أن أي إنسان لا بد له من القراءة..

    يجب أن تقرأ ليس كتابًا أو اثنين فقط، وليس يومًا في الأسبوع أو شهرًا في السنة فحسب.. ولكن يجب أن تكون القراءة هي "منهج حياتك"...

    لا يمر عليك يوم دون أن تقرأ... وليس المقصود أي قراءة...بل القراءة المفيدة النافعة.. القراءة التي تبني ولا تهدم، وتصلح ولا تفسد...

    فالقراءة إذن - يا إخواني - ليست هواية... فمن غير المناسب أن نسمع من يقول: أنا لا أحب القراءة، أو: لست متعودًا عليها، أو: أملّ سريعًا منها، فهذا مثل من يقول: أنا أملّ الأكل؛ لذلك فلن آكل!!


    وإذا تأملت بعض مواقف السيرة النبوية، تجد اهتمامًا كبيرًا جدًا بقضية القراءة. ومن ثَم فلن تجد غرابة في قولي: إن القراءة ليست مجرد هواية، وإنما هي بالفعل: منهج حياة...

    فعلى سبيل المثال، أريدك أن تتدبر موقف النزول الأول لجبريل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أليس مما يدعو للتفكير هذه الكلمة العظيمة التي بدأ بها الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم "اقرأ"؟! كان من الممكن أن يبدأ الوحي بأي كلمة أخرى غيرها، لكن هذا القرآن الذي استمرّ نزوله ثلاثًا وعشرين سنة بدأ بهذه الكلمة: "اقرأ"!

    ومع أن النبي صلى الله عليه وسلم أمّيٌّ لا يقرأ... إلا أن هذه الكلمة توجَّه له وهو لا يعرف القراءة!.. مع أنه - صلى الله عليه وسلم - يتحلّى بآلاف الفضائل الحميدة والخصال الكريمة التي كان من الممكن أن يبدأ القرآن الكريم بالحديث عنها؛ لكن الوحي بدأ خطابه لخاتم الرسل بأمر صريح مباشر, مختصر في كلمة واحدة تحمل منهج حياة أمة الإسلام.. "اقرأ"..

    ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعرف كيف يقرأ, ولا ماذا يقرأ.. فقد ردَّ بوضوح: ما أنا بقارئ.. وظن أن هذه الكلمة كافية لأن يبدأ جبريل عليه السلام الكلام في موضوع آخر، أو أن يوضح المقصود الذي يريده.. لكن جبريل عليه السلام يضم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضمة شديدة قوية حتى بلغ الجهد منه صلى الله عليه وسلم, ثم يعيد عليه الأمر المختصر: اقرأ..

    ولم يزد جبريل عليه السلام في هذا الموقف على هذه الكلمة، والرسول صلى الله عليه وسلم لا يعرف ماذا يريد ولا ماذا يقصد.. بل لا يعرف من هو.. وكيف جاء إلى هذا المكان؟! إنه - صلى الله عليه وسلم - لا يرى أمامه إلا شخصًا غريبًا، يؤكد على معنى واحد لا يتعداه "اقرأ"... فقال صلى الله عليه وسلم للمرة الثانية: ما أنا بقارئ.. ويعود جبريل عليه السلام لنفس الفعل الشديد.. يضم الرسول صلى الله عليه وسلم ضمة قوية حتى يبلغ منه الجهد ثم قال له للمرة الثالثة: اقرأ.. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أنا بقارئ..

    هنا يضمه جبريل للمرة الثالثة ثم يرسله ويقول له:

    "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ {1} خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ {2} اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ {3} الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ {4} عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ {5}"

    كل ذلك قبل أن يقول جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم إنه ملك مرسل من رب العالمين، وأنه - أي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم - رسول الله، وإن هذا هو القرآن.. وقبل أن يقول له إن هذا الدين الجديد هو الإسلام...قبل هذا كله يقول له وبصيغة الأمر"اقرأ".

    ألا يحمل ذلك إشارة لأمة الإسلام؟!

    هل يُعقل أن تكون أولى كلمات القرآن نزولاً إلى الأرض كلمة تتحدث عن هواية قد يحبها البعض وقد ينفر أو يملّ منها البعض الآخر؟

    إن القرآن يزيد على سبع وسبعين ألف كلمة، ومن بين كل هذا السيل من الكلمات كانت كلمة "اقرأ" هي الأولى في النزول...

    كما أن في القرآن آلافًا من الأوامر: أقم الصلاة.. آتوا الزكاة.. وجاهدوا في سبيل الله.. وأْمر بالمعروف.. انه عن المنكر.. اصبر على ما أصابك.. أنفقوا مما رزقناكم.. توبوا إلى الله... وغيرها الكثير في القرآن الكريم.. ومن بين كل هذه الأوامر.. نزل الأمر الأول: اقرأ..

    ولم يتوقف الأمر عند حدود الكلمة الأولى.. بل إن الآيات الخمس الأولى من القرآن الكريم تتكلم كلها عن موضوع القراءة، وتكررت فيها كلمة "اقرأ" مرتين...

    "اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق"... وبعد ذلك: "اقرأ وربك الأكرم".. ثم يقول: "الذي علم بالقلم".. ويذكر القلم بالتحديد حتى يبقى الأمر واضحًا غاية الوضوح أن المقصود هو القراءة للشيء المكتوب بالقلم، دون أي كناية أو احتمالات مجازية.


    ويمكننا بعد ذلك أن نسأل: لماذا نقرأ؟ وهل القراءة وسيلة أم غاية؟

    القراءة وسيلة، ونحن نقرأ لكي نتعلم، وقد وضح الله عز وجل هذا في الآيات الخمس الأولى من القرآن الكريم، قال تعالى:"..اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم.. علم الإنسان ما لم يعلم"

    ومع أن العلم غاية القراءة.. إلا أن الله عزَّ وجل لم يبدأ القرآن بكلمة: "تعلم". ولكن حدد: اقرأ..

    لا شك أنه توجد وسائل كثيرة للتعلم مثل السماع والرؤية والخبرة والتجربة... لكن تبقى الوسيلة الأعظم في التعلم هي "القراءة"، وكأن الله عز وجل يعلمنا أنه مهما تعددت وسائل التعليم فلا بد لنا من "القراءة".

    والله عز وجل يحدد لنا في هذه الآيات الخمس ضابطين هامين للقراءة:

    الأول: قال تعالى: "اقرأ باسم ربك الذي خلق"... فلابد أن تكون القراءة بسم الله، ولا يجوز أن نقرأ ما يغضب الله.. أو ما نهى الله عز وجل عن قراءته.. إنما القراءة لله عز وجل.. القراءة على منهج الله عز وجل.. القراءة لنفع الأرض والبشر.. ولخير الدنيا والآخرة.. أما القراءة التافهة أو المنحرفة أو الضالة أو المضلة فهذه ليست القراءة التي أمر الله عز وجل بها في قوله: "اقرأ باسم ربك الذي خلق..."

    هذا ضابط هام...


    الضابط الآخر: هو ألا تخرجك القراءة ولا العلم عن تواضعك.. فلا تتكبر بالعلم الذي علمت.. بل تذكَّر على الدوام أن الله عز وجل هو الذي منّ عليك به.. "اقرأ وربك الأكرم.. الذي علم بالقلم" هو الذي.. "علم الإنسان ما لم يعلم".. هذا المعنى لا يجب أن يغيب أبداً عن ذهن القارئ أو المتعلم.. مهما وصل إلى أعلى درجات العلم في زمانه.. فليعلم أن الله عز وجل هو الذي علمه..

    يقول تعالى: "واتقوا الله.. ويعلمكم الله"..

    ويقول: "وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً"..

    فلا تتكبر بما تعرف على من لا يعرف.

    فأوائل الوحي ترسم لنا منهاجًا قويمًا في طلب العلم والانتفاع به: لابد من الاعتراف بأن نعمة العلم من الله.. ولابد – كذلك – من توجيه طاقة العلم والقراءة وجهة يرضاها الله.

    أقيمت مسابقة بين الشباب الجامعي كان أحد الأسئلة فيها عن ترتيب الخلفاء الأربعة: مَن الأول؟ ومَن الثاني؟....، وللأسف.. لم يعرف أحد من الشباب (الجامعي) الإجابة!!

    البعض الآخر لديهم أمية سياسية؛ لا يعرف ماذا يحدث حوله في دنيا الناس، وكيف تسير الأمور.. لا يعرف ما يحدث في فلسطين والعراق، ولا ما يحدث في أمريكا وأوروبا... بل إنه لا يعرف ما يحدث في بلده!

    ومن الناس من لديه أمية في القانون، لا يعرف ما هي حقوقه، وما هي واجباته...

    وعلى ذلك فقس كل العلوم...

    الناس اليوم لا يقرءون مجرد القراءات التي تكفل لهم حياة سليمة، فضلًا عن تحصيل العلم, والقراءة المتخصصة، والثقافة العليا...

    وهذه ردة حضارية خطيرة!..

    إن مفتاح قيام هذه الأمة هو كلمة: "اقرأ"...

    لا يمكن أن تقوم الأمة من غير قراءة...

    لهذا كان أحد المسئولين اليهود يقول: "نحن لا نخشى أمة العرب؛ لأن أمة العرب أمة لا تقرأ".. وصدق اليهودي وهو كذوب؛ فالأمة التي لا تقرأ أمة غير مهيبة ولا مرهوبة...

    وهناك مشكلة أخرى، وهي أن الكثير من الشباب الذين يقضون وقتًا كبيرًا في القراءة، لا يحسنون اختيار المادة التي يقرءونها... فمنهم من يضيّع الساعات كل يوم في قراءة عشرات الصفحات من أخبار الرياضة، أو أخبار الفن، أو قراءة القصص العاطفية والروايات الغرامية والألغاز البوليسية... هم بالفعل يقرءون حروفًا وكلمات كثيرة لكن دون جدوى، وتمر الساعات والأيام والشهور والسنين... وماذا بعد كل هذه القراءات؟؟ لا شيء!!

    وهذا أمر في غاية الخطورة؛ فإذا كان للقراءة هذه الأهمية الكبرى؛ فإن المادة التي يجب أن نقرأها هي أيضًا من الأهمية بمكان...

    إذن فلدينا مشكلتان رئيسيتان:

    الأولى: أن بعض الناس لم يتعودوا على القراءة، ويملّون سريعًا، وكلما علت همتهم وبدءوا في القراءة عادوا من جديد إلى الكسل والخمول، وهؤلاء في حاجة إلى وسائل تعينهم على القراءة وعلى الاستمرار فيها...

    أما المشكلة الثانية: فهي أن بعض الناس يقرءون فعلاً، وينفقون أوقاتًا طويلة في القراءة، ولكنهم لا يقرءون لهدف معيّن، ولا يعرفون ماذا يقرءون لتصبح قراءتهم نافعة ومفيدة، وهؤلاء في انتظار حسن التوجيه إلى الموضوعات الأكثر نفعًا وفائدة..

    وسنحاول معًا في السطور القادمة الإجابة عن هذين السؤالين.. والله المستعان.



    يتبع



  • #2
    رد: القراءة ..." منهج حياة " ..




    كيف أحب القراءة؟!



    هناك عشر وسائل هامة يعينك الله بها على حب القراءة:




    الوسيلة الأولى, وهي أهم الوسائل على الإطلاق: استحضار النية..


    ما هو هدفك من القراءة؟ ولماذا تقرأ؟
    أنا أقرأ لأن الله عز وجل أمرني بالقراءة، وقال لي ولكل المسلمين بصيغة الأمر المباشر: "اقرأ"... ولذلك فقراءتي طاعة لربي...
    أقرأ لأنفع نفسي في الدنيا والآخرة؛ فلا فلاح في الدنيا بغير العلم، ولا فلاح في الآخرة بغير العلم أيضًا...
    أقرأ لأنفع من حولي: أمي وأبي وأولادي وإخواني وأخواتي وأقاربي وأصحابي, ومن أعرف, ومن لا أعرف.. وأصبح كحامل المسك لا يجاوره أحد إلا انتفع بشم رائحته العطرة...
    أقرأ - أيضًا - لأنفع أمتي... لأن الأمة التي لا تقرأ - كما سبق أن أشرت - أمة غير مرهوبة، أمة متخلفة عن الركب، متبعة لغيرها، ولهذا فأنا أقرأ لأجعل أمتي في مقدمة الأمم...


    إنك بالقراءة يا أخي تُرضي رب العالمين، وتنفع نفسك، وتنفع من تحب، تنفع أمتك أيضًا... لا شك أن هذه الدوافع العظيمة تُشعل حماستك للقراءة...







    الوسيلة الثانية من الوسائل المعينة على القراءة: أن تضع خطة للقراءة:


    لا داعي إذن للقراءة العشوائية، ينبغي وضع خطة واضحة للقراءة، ولكي تضع خطة بطريقة جيدة لا بد أن تكون على دراية كافية بإمكانياتك، والوقت المتاح للقراءة لديك، والكتب المتاحة، وما هي قدرتك على الاستيعاب، ولا بد أيضًا أن تعرف لماذا تقرأ...


    بعد معرفة كل هذه العناصر ضع خطة واضحة في ظل إمكانياتك وقدراتك، مثلاً سوف أقرأ هذه الكتب الخمسة خلال الأشهر الستة القادمة، أو سوف أقرأ هذه الكتب العشرين خلال سنة أو سنتين، على أني سوف أقرأ أولاً الكتاب الفلاني في مدة كذا، وبعده كتاب كذا في مدة كذا... وعليك أن تلتزم بالخطة التي وضعتها لنفسك جيدًا، ولا تغيّر فيها إلا في حالة الضرورة، ربما تتعب أولاً في وضع الخطة، ولكن سوف تنجح إذا حرصت على الالتزام بها. والزم الوسطية في خطتك؛ فليس من الصواب أن تقرر قراءة عشرات الكتب في وقت قليل فتفشل في الإنجاز.. وربما أصبت بالإحباط، كما أنه ليس من الصواب أن تخصص وقتًا طويلاً جدًا لكتب قليلة؛ فيكون هذا تضييعًا للوقت.







    الوسيلة الثالثة: تحديد وقت ثابت للقراءة واستغلال الفراغات البينية:




    وهذا يعني ألا تنتظر إلى آخر اليوم لتقرأ ما يجب عليك قراءته، بل حدد لنفسك وقتًا معروفًا للقراءة، وأحسن اختيار هذا الوقت، وحاول أن تختار وقتًا يكون ذهنك فيه نشيطًا، وتكون فيه مستريحًا حتى تستطيع التركيز في القراءة والخروج بنتيجة جيدة.







    الوسيلة الرابعة: هي وسيلة من الأهمية بمكان وهي التدرج.




    البعض عندما يقرأ هذه السطور عن أهمية القراءة سوف تشتعل حماسته، وتعلو همته, ويسارع إلى شراء مجموعة من الكتب, ويبدأ على الفور بقراءتها, ويفرّغ أوقاتًا طويلة للقراءة.. بل ربما يطغى وقت القراءة على أعمال أخرى هامة في حياته! ولمثل هذا نقول: عليك بالتدرج.. "إن هذا الدين متين؛ فأوغل فيه برفق" وخاصة إذا لم تكن متعودًا على القراءة، وإلا ستجد نفسك قد مللت سريعًا, وربما توقفت عن القراءة،











    الوسيلة الخامسة: الجدية




    ونصيحتي لك عندما تقرأ أي كتابٍ أن تقرأه بنفس الهمة التي تقرؤه بها لو طلب منك مذاكرته لتؤدي فيه اختبارًا، وليس مجرد قراءة عابرة، وكلما قرأت شيئا سجّل ملاحظاتك، مثلا هنا معلومة تريد أن تتذكرها لتخبر بها إخوانك وأصحابك.. اكتبها، وهنا معلومة أخرى لا تفهم معناها جيدًا.. اكتبها لتسأل فيها أحد المتخصصين، وفي مكان ما في أحد الكتب التي تقرؤها عناصر هامة لأحد الموضوعات، ولك اعتراض على نقطة ما في أحد الكتب، أكتب كل ذلك في دفتر تحتفظ به معك أثناء قراءتك، وإذا التزمت بهذا الأسلوب فلا شك أنك سوف تكون دائما على وعي وتركيز في كل ما تقرأ، وسوف تلاحظ بالفعل الإمكانيات الهائلة التي تمتلكها، وسيزداد تحصيلك أضعاف ما كنت تعتقد.. إنك تستطيع مراجعة قصص الصحابة والتابعين وعلماء المسلمين لكي تعرف المعنى الحقيقي للجدية التي أقصدها، راجع قصة زيد بن ثابت رضي الله عنه، وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما، والشافعي وأحمد بن حنبل والخوارزمي وجابر بن حيّان رحمهم الله، راجع سير هؤلاء ومواقفهم في القراءة وتحصيل العلوم لتكون على يقين أن إمكانيات البشر فوق كل تخيّل، وسبحان الله الذي خلق فسوّى.










    الوسيلة السادسة:التنسيق للمعلومات, والنظام في كل شيء:




    النظام والتنسيق مطلوبان في كل شيء، فحاول أن تكون منظمًا في كل حياتك، وعندما تقوم بتسجيل المعلومات في دفترك الخاص بعد القراءة الواعية لا تسجلها هكذا مبعثرة؛ لأن المسلم منظم في شئونه.. وليكن لديك دفتر خاص تدوّن فيه العلوم الشرعية، وآخر للعلوم السياسية، وثالث للقراءات الأدبية، ورابع للتاريخ وهكذا...،













    الوسيلة السابعة: تكوين مكتبة متنوعة في البيت:



    أن تكوّن مكتبة متنوعة وشاملة لكل أنواع المعارف، ولو كتابًا واحدًا في كل فرع من فروع المعرفة، حتى إذا احتجت كتابًا في مجالٍ معين وجدته، وقد تملّ من القراءة في مجال بعينه فتجد لديك كتابًا في مجال

    آخر، وللعلم فإن هذه المكتبة التي تكوّنها تعد صدقةً من الصدقات العظيمة الجارية، لأنها تنفعك وتنفع أولادك... وربما أحفادك وأحفادهم بعد ذلك.








    إلى.. ومع.. ومِن..":


    تلك هي الوسائل الثامنة والتاسعة والعاشرة، وهى علاقات بينك وبين الآخرين:










    الوسيلة الثامنة: انقل ما تقرأ إلى غيرك:




    يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "بلغوا عني.. ولو آية" فالإنسان مطالب بأن يعلّم غيره ما تعلّمه هو، وفي هذا فوائد جمة، ومنافع عظيمة، منها تثبيت العلم في الذهن, وإفادة الغير بتعليمه، ويأخذ الإنسان مثل أجر من تعلم على يديه دون أن ينقص من المتعلم شيء، أضف إلى ذلك أن الله عز وجل يبارك له في علمه، وتذكر دائمًا القول المأثور "من عمل بما يعلم أورثه الله علم ما لم يعلم"؛ فكلما علّمت الناس شيئا زادك الله من العلم "


    "واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم"








    الوسيلة التاسعة: أن تتعاون مع أصحابك وإخوانك في القراءة:




    تستطيع أن تكوّن أنت ومجموعة من أصحابك إن كنتم ثلاثة أو أربعة أو خمسة... مجموعةً للقراءة، كلٌ منكم يقرأ في مجال، وتلتقون أسبوعيًا مرة أو مرتين أو كل أسبوعين مرة.. حسبما تقتضي الظروف، ويعرض كلٌ منكم ما قرأه على أصحابه، ويتم تبادل المعلومات بشكل منظم وممتع؛ فليس ما تقرؤه عينا إنسان واحد كالذي تقرؤه هذه الأعين مجتمعة، وليس ما يستوعبه عقل واحد مثل ما تستوعبه عقول ثلاثة أو خمسة، وبهذا يحفّز كلٌ منكم الآخر، ويأخذ بيده للخير والنفع، ولن يستطيع الشيطان أن يتغلب عليكم فهو مع الواحد، ومن الاثنين أبعد.. فما بالنا بثلاثة أو خمسة؟!...










    الوسيلة العاشرة والأخيرة من الوسائل المعينة على القراءة: هي أن تنقل مِن العلماء:





    ففي الوسيلة الثامنة أنت تنقل العلم إلى من لا يعرف، وفي الوسيلة التاسعة أنت تتعاون مع أصحابك وإخوانك في تحصيل العلم والتحفيز على القراءة.. أما ها هنا فأنت تنقل من العلماء والمتخصصين وذوي الخبرة، فلا بد أن نبدأ من حيث انتهى الآخرون، ولتسأل المتخصصين: ماذا تقرأ، وبأي كتاب تبدأ، وما هو أفضل كتاب في هذا الموضوع، وإذا كنت قرأت كتابًا في موضوع معيّن فماذا تقرأ بعده وهكذا...



    يتبع

















    تعليق


    • #3
      رد: القراءة ..." منهج حياة " ..




      كثيرًا ما يضيّع الإنسان الكثير من وقته في قراءة كتاب غير مفيد، أو قراءة كتاب صعب بينما هناك الأسهل، أو كتاب سطحي بينما هناك الأعمق...


      ماذا أقرأ؟



      تعالوا بنا نحدد عشر مجالات نقرأ فيها، وبالطبع هذه المجالات ليست سوي عينة مما يفترض أن نقرأه، وهي بداية, وكل ميسر لما خلق له.



      المجال الأول: أول ما نقرأ.. وأعظم ما نقرأ.. وأهم كلمات نقرؤها هي كلمات القرآن الكريم، والقرآن الكريم ليس مجرد كتاب سوف تقرؤه مرة أو مرتين، القرآن الكريم دستور الخلق، وقراءته يجب أن تكون بصفة دورية مستمرة ومركزة، حتى إن العلماء قالوا: يجب على المسلم أن يجتهد في ختم القرآن قراءة في شهر أو أقل، فلا بد إذن أن يكون للقرآن الكريم مكان واضح في برنامجك اليومي.











      المجال الثاني: وهو أيضًا في غاية الأهمية: أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم.. وفي الحقيقة ومع أهمية هذا المصدر، وكونه المصدر الثاني من مصادر التشريع بعد القرآن الكريم، إلا أن لدينا قصورًا فيه، والرسول صلى الله عليه وسلم آتاه الله تعالى جوامع الكلم، بمعنى أن كلمات قصيرة يقولها، تجد فيها المعاني الضخمة، وبقراءة حديث واحد قصير جدًا تحصل على كمٍّ هائل من العلم والمعرفة والحكمة.











      المجال الثالث للقراءة هو: العلوم الشرعية: من خلال الاستعانة بأحد العلماء أو السابقين لك في مجال القراءة يمكنك أن تعمل برنامجًا للقراءة في العلوم الشرعية.. وعلوم الإسلام كثيرة جدًا، فحاول أن تقطف من كل بستان زهرة، وأن تقرأ كتابًا في كل فرع من فروع العلوم الشرعية، وسيعطيك هذا خلفية رائعة، ويبني لك قاعدة متينة يمكنك أن تبني عليها بعد ذلك بنيانًا ضخمًا إن شاء الله، ولتبدأ بكتب بسيطة مختصرة, ثم توسع بعد ذلك مع مرور الوقت..









      المجال الرابع للقراءة هو: القراءة في مجال التخصص: فالقراءة في مجال التخصص الدنيوي مهمة للغاية، الطبيب لا بد أن يقرأ في الطب، والمهندس يقرأ في الهندسة, والكيميائي في الكيمياء، والجغرافي في الجغرافيا... وهكذا كلٌ في تخصصه..









      المجال الخامس من مجالات القراءة وهو مجال مهم جدًا أيضًا: هو مجال التاريخ:

      فالتاريخ في غاية الأهمية، ويكفي أن ثلث القرآن تاريخ، ثلث القرآن يتحدث عن قصص الأولين، والهدف واضح هو استخراج العبرة, والتفكر في الأحداث، واستنباط سنة الله تعالى في خلقه وفي أرضه.









      المجال السادس في القراءة بعد التاريخ: هو قراءة الواقع:..

      وهذا المجال خطير جدًا، ومهم جدًا وفي نفس الوقت هو حتميٌ للمسلم المثقف الواعي، وأقصد به قراءة الواقع الذي نعيشه، قراءة الواقع السياسي والاقتصادي والعلمي في العالم، قراءة هذا الواقع في بلادك، وفي بلاد المسلمين، وفي بلاد العالم بصفة عامة





      المجال السابع من مجلات القراءة مجال نعاني قصورًا شديدًا فيه: هو مجال قراءة الرأي الآخر:
      وللأسف الشديد كثير منا ليس عنده استعداد لسماع أو قراءة الرأي الآخر، ليس عنده استعداد أن يقرأ أو يسمع لعالم مسلم ليس من نفس المدرسة الفكرية التي ينتمي إليها، فضلاً عن أن يقرأ لمن لا يحملون الفكرة الإسلامية أصلاً! بينما الذي نعرفه هو أن الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها.
      نحن في حاجة إلى أن نقرأ ما يقوله غيرنا، ونعرف ما هي وجهة نظره، وما هي أدلته، وما هو رأيه...
      نحن في حاجة إلى أن نقرأ أيضًا للمدارس غير الإسلامية.. هناك مسلمون كثيرون لهم توجهات غير إسلامية؛ قومية، علمانية، اشتراكية، غربية، وطنية، ومنهم من لهم توجهات نفعية تصب في مصلحتهم الشخصية فقط... يجب أن نقرأ كيف يكتب هؤلاء, وكيف يفكرون وما هي أطروحاتهم؟!
      وأذهب أبعد من ذلك فأقول نحن في حاجة أن نقرأ كتابات غير المسلمين، نحن في حاجة أن نعرف كيف يفكر اليهود، وكيف يفكر النصارى، وكيف يفكر حكام وعلماء وأدباء الغرب والشرق، نحن في حاجة أن نقرأ مذكرات نيكسون وريجان وبوش وكلينتون وكيسنجر وديفيد كوك وغيرهم... ما هي نظرتهم لنا؟ وكيف يقودون بلادهم؟ وكيف يحاربوننا أو يسالموننا؟؟.. هذا جانب في غاية الأهمية، ونحن في حاجة أن نفرغ له الأوقات والجهود، ولا شك أن مداركنا ستتسع كثيرًا عندما نقرأ ونسمع لغيرنا، وليكن في ذهنك دائمًا: "بدايةُ أن يسمع لك غيرُك.. أن تسمع أنت له"...







      المجال الثامن للقراءة هو: القراءة في الشبهات التي أثيرت حول الإسلام وطرق الرد عليها...



      ما أكثر الشبهات التي أثيرت حول الإسلام منذ نزول الرسالة وإلى الآن...

      ما نعلمه ونوقن به أن الإسلام دين كامل بلا عيوب أو أخطاء؛ لأنه من عند رب العالمين.. ولكننا كثيراً ما نفتقد الحجة المقنعة لرد الشبهة.. وكثيراً ما نجهل الحق الذي معنا والذي نحن عليه..

      وفى زماننا هذا كثرت الشبهات حول ديننا العظيم.. انعقدت لذلك مؤتمرات وأنفقت أموال وجُندت طاقات ضخمة وكثيرة.. ومن واجبنا أن نرد على كل هذه الشبهات ونقارع الحجة بالحجة والبرهان بالبرهان...









      المجال التاسع الذي نحتاج أن نقرأ فيه وربما يثير شيئًا من الغرابة: هو مجال الأطفال!!

      كثيرًا ما يسقط من حساباتنا أن تربية الأطفال علم له أصوله وفنونه، ويوجد من الكتب الكثير الذي كُتب في هذا المجال، ومن هذه الكتب، كتاب"تربية الأولاد في الإسلام" لعبد الله ناصح علوان، ويوجد أيضًا ما كتبه علماء التربية عن نفسيات الأطفال واحتياجاتهم...

      نحن في حاجة أيضًا أن نقرأ في مجال "قصص الأطفال" حتى نستطيع أن نستخدم الأسلوب المناسب في عرض قصة هادفة على الأطفال في النادي أو المسجد أو المنزل...

      وعقول الأطفال أكبر مما نتخيل، وطاقة الاستيعاب عندهم أضعاف ما نعطي لهم، وليس من المناسب أن يكون ما في عقول أطفال المسلمين لا يتعدى بعض أفلام الكرتون التي تتناول العنف والإثارة... يوجد علوم ضخمة يمكن أن يستوعبها الأطفال شرط أن تُعْطَى لهم بالأسلوب المناسب...

      ومهارة تعليم الأطفال هذه تُكتسب من قراءة كتب التربية، وقصص الأطفال، ولا شك أننا إذا نجحنا في إيجاد جيلٍ يحب القراءة ويحب العلم فإن حال الأمة سيتغير إلى الأحسن إن شاء الله...









      المجال العاشر والأخير من مجالات القراءة : هو القراءة الترويحية!

      النفس البشرية تملّ، وتحتاج إلى الترويح والتسلية، ولا مانع أن يقضي المسلم بعض وقته في القراءة الترويحية والترفيهية، لا مانع من قراءة الشعر الجميل، لا مانع من قراءة بعض الأخبار الرياضية، أو الكاريكاتير أو بعض الطُرف الجميلة، لكن لا بد أن نلتزم في هذا الجانب بشيئين مهمين:

      الأول: ألا يوجد في هذا المجال خروج عن المنهج الإسلامي، أي لا نقرأ - مثلا - قصصًا غير أخلاقية؛ تشجع على الرذيلة

      الثاني: ألا يكون الوقت الذي ننفقه في الترفيه كبيرًا، لأننا أمة جادة، ترفّه عن نفسها أحيانًا، ولسنا أمة هزلية تعيش بعض لحظات الجد



      نسأل الله عز وجل أن يسهل لنا طرقَ العلم وأن يسهل لنا طرقَ الجنة.. وأن يفقهنا في ديننا وأن يعلمَنا ما ينفعنا، وأن ينفعَنا بما علمنا.. إنه ولي ذلك والقادر عليه.























      تعليق


      • #4
        رد: القراءة ..." منهج حياة " ..

        أخوانى وأخواتى الأفاضل

        ما كتبت هذا الموضوع إلا بعد ما وجدت تقصيرنا فى القراءة وأصبح الكتاب ليس له قيمة

        أتمنى من الاخ أو الأخت الزائر للموضوع أن يقرأ الموضوع بالكامل حتى لو كل يوم جزء

        كل ما أتمناه هو الاستفادة وعقد صلح مع الكتاب ولا نتركه جانباً


        لا أنسب هذا العمل لنفسى بل هو تلخيصى من كتاب ( القراءة منهج حياة ) للدكتور راغب السرجانى .

        نفعنى الله وأياكم بما نكتب ونقول

        تعليق


        • #5
          رد: القراءة ..." منهج حياة " ..

          جزاكم الله خيرا على الطرح القيم ..
          >>
          هنا المحاضرة صوتا للدكتور راغب ::
          http://www.islamstory.com/%D8%A7%D9%...B5%D9%88%D8%AA

          وهنا الكتاب كاملا ::
          http://www.islamstory.com/%D9%83%D8%...8A%D8%A7%D8%A9
          دعواتكم ^^
          اللهم إنا نشكو اليك ضعف قوتنا...
          وقلة حيلتنا.. وهواننا على الناس ..
          انت أرحم الراحمين ورب المستضعفين أنت ربنا .. إلى من تكلنا ..
          الى قريب يتجهمنا ؟ أو إلى عدو ملكته امرنا ؟

          إن لم يكن بك علينا غضب. فﻼ‌ نبالى...
          غير أن عافيتك هى أوسع لنا ..

          تعليق


          • #6
            رد: القراءة ..." منهج حياة " ..

            التعديل الأخير تم بواسطة امة الرحمن/فاطمة; الساعة 01-02-2012, 08:52 PM.

            تعليق


            • #7
              رد: القراءة ..." منهج حياة " ..

              جزاكم الله خيرا
              وآآآآه يا أبي بكر هل لي من لقياك نصيب
              رضي الله عنك وأرضاك


              تعليق

              يعمل...
              X