وقفة لغوية مع حديث
قال أبو عبيد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (زُويَت لي الأرض فأريتُ مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زويَ لي منها).[1]
قال أبو عبيد: سمعت أبا عبيدة يقول: زُوِيَتْ جُمِعَتْ، ويقال: انْزَوَى القومُ بعضهم إلى بعض: إذا تَدانَوا وتضامّوا، وانزوت الجلدة من النار، إذا انْقَبَضَتْ واجْتَمَعَتْ، قال أبو عبيد: ومنه الحديث الآخر: (إن المسجد لَيَنْزَوِي من النُخامَة كما تَنْزَوِي الجلدة من النار إذا انْقَبَضَتْ واجْتَمَعَتْ).[2]
قال أبو عبيد: ولا يكاد يكون الانزواء إلا بانحراف مع تقبض. قال الأعشى:[3] (الطويل)
يَزيدُ يغضُّ الطرفَ دوني كأنما ♦♦♦ زَوَى بين عينيه عليّ المحَاجِمُ[4]
وقف أبو عبيد على الدلالة الأصلية للمادة اللغوية (زوى)، ولم يصرح بالنص عليها، إلا أنه يفهم من قوله أنها: (الانقباض والاجتماع).
وقد شاركه ابن فارس في تعيين هذه الدلالة الأصلية، فقال: الزاء والواو والياء، أصل يدل على انضمام وتجمع.[5]
وقد أرجع الشارح إلى هذه الدلالة دلالات بعض الفروع المتولدة عن هذه المادة، وهي:
أ*) زويت لي الأرض، أي اجتمعت لي وأريت مشارقها ومغاربها، ومثله قول الأعشى المذكور في البيت (زوى بين عينيه)، أي: جمع وقبض. قال ابن الأثير: زويت، أي: جمعت، يقال: زويت أزويه زيا.[6]
ب*) انزوت الجلدة في النار، إذا انقبضت واجتمعت. قال ابن دريد: وانزوت الجلدة في النار، إذا انقبضت ودنا بعضها من بعض.[7]
ج*) انزواء المسجد من النخامة مثل انزواء الجلد، إذا انقبض واجتمع.
ويمكن تفسير دلالته في فرعين آخرين، هما:
♦ زاوية البيت وذلك لاجتماع الحائطين.[8]
♦ الزَّوّ، ويطلق على المقترنين. قال ابن منظور: الزو: القرينان من السفن وغيرها، وجاء زوّاً، إذا جاء هو وصاحبه...[9]
وعلى ذلك: فإنه يمكن ربط دلالات فروع هذه المادة (زوى) بدلالتها الأصلية التي ذكرها أبو عبيد، وهي (القبض والجمع مع انضمام)، مما يشهد لصحة عدها دلالة أصلية محورية لهذه المادة.
[1] مسلم (كتاب الفتن وأشراط الساعة- باب هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض) (4/2215)، وأبو داود (كتاب الفتن والملاحم-باب ذكر الفتن ودلائلها) (2/499)، والترمذي(كتاب الفتن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء في سؤال النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثاً في أمته) (4/472)، والمسند (5/278).
[2] مصنف عبد الرزاق (1/433)، وابن أبى شيبة (كتاب الصلوات- من قال البصاق في المسجد خطيئة) (2/144).
[3] الديوان (ص79) زوى بين عينيه: قبضه. المحاجم: جمع مِحْجَم، وهو ما يحجم به وحجم طرفه عنى: صرفه.
[4] غريب أبي عبيد (1/116، 117).
[5] المقاييس (زوى) (3/34).
[6] النهاية (2/320).
[7] الجمهرة (ز و ى) (1/178).
[8] المقاييس (زوى) (3/34).
[9] اللسان (زوى) (4/442
المصدر/ الألوكة
قال أبو عبيد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (زُويَت لي الأرض فأريتُ مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زويَ لي منها).[1]
قال أبو عبيد: سمعت أبا عبيدة يقول: زُوِيَتْ جُمِعَتْ، ويقال: انْزَوَى القومُ بعضهم إلى بعض: إذا تَدانَوا وتضامّوا، وانزوت الجلدة من النار، إذا انْقَبَضَتْ واجْتَمَعَتْ، قال أبو عبيد: ومنه الحديث الآخر: (إن المسجد لَيَنْزَوِي من النُخامَة كما تَنْزَوِي الجلدة من النار إذا انْقَبَضَتْ واجْتَمَعَتْ).[2]
قال أبو عبيد: ولا يكاد يكون الانزواء إلا بانحراف مع تقبض. قال الأعشى:[3] (الطويل)
يَزيدُ يغضُّ الطرفَ دوني كأنما ♦♦♦ زَوَى بين عينيه عليّ المحَاجِمُ[4]
وقف أبو عبيد على الدلالة الأصلية للمادة اللغوية (زوى)، ولم يصرح بالنص عليها، إلا أنه يفهم من قوله أنها: (الانقباض والاجتماع).
وقد شاركه ابن فارس في تعيين هذه الدلالة الأصلية، فقال: الزاء والواو والياء، أصل يدل على انضمام وتجمع.[5]
وقد أرجع الشارح إلى هذه الدلالة دلالات بعض الفروع المتولدة عن هذه المادة، وهي:
أ*) زويت لي الأرض، أي اجتمعت لي وأريت مشارقها ومغاربها، ومثله قول الأعشى المذكور في البيت (زوى بين عينيه)، أي: جمع وقبض. قال ابن الأثير: زويت، أي: جمعت، يقال: زويت أزويه زيا.[6]
ب*) انزوت الجلدة في النار، إذا انقبضت واجتمعت. قال ابن دريد: وانزوت الجلدة في النار، إذا انقبضت ودنا بعضها من بعض.[7]
ج*) انزواء المسجد من النخامة مثل انزواء الجلد، إذا انقبض واجتمع.
ويمكن تفسير دلالته في فرعين آخرين، هما:
♦ زاوية البيت وذلك لاجتماع الحائطين.[8]
♦ الزَّوّ، ويطلق على المقترنين. قال ابن منظور: الزو: القرينان من السفن وغيرها، وجاء زوّاً، إذا جاء هو وصاحبه...[9]
وعلى ذلك: فإنه يمكن ربط دلالات فروع هذه المادة (زوى) بدلالتها الأصلية التي ذكرها أبو عبيد، وهي (القبض والجمع مع انضمام)، مما يشهد لصحة عدها دلالة أصلية محورية لهذه المادة.
[1] مسلم (كتاب الفتن وأشراط الساعة- باب هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض) (4/2215)، وأبو داود (كتاب الفتن والملاحم-باب ذكر الفتن ودلائلها) (2/499)، والترمذي(كتاب الفتن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء في سؤال النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثاً في أمته) (4/472)، والمسند (5/278).
[2] مصنف عبد الرزاق (1/433)، وابن أبى شيبة (كتاب الصلوات- من قال البصاق في المسجد خطيئة) (2/144).
[3] الديوان (ص79) زوى بين عينيه: قبضه. المحاجم: جمع مِحْجَم، وهو ما يحجم به وحجم طرفه عنى: صرفه.
[4] غريب أبي عبيد (1/116، 117).
[5] المقاييس (زوى) (3/34).
[6] النهاية (2/320).
[7] الجمهرة (ز و ى) (1/178).
[8] المقاييس (زوى) (3/34).
[9] اللسان (زوى) (4/442
المصدر/ الألوكة
تعليق