Tweet
بسم الله الرحمن الرحيم
من روائع الدكتور عبد الرحمن العشماوي بارك الله عمره
لغة الحجارة
أبتاه ما زالت جراحي تنزفُ
والليل أعمي والمدافع تقصفُ
بيني وبين مطامحي ألف يد
هذي تريق دمي وهذي تغرفُ
ليل التخاذل سيطرت ظلماته
والقلب بالهم الثقيل مغلفُ
وتثائب الصمت الطويل ومقلتي
ترنو إلي الأفق البعيد وتذرفُ
وأمام باب الدار يرقبني الردي
وعلي النوافذ ما يخيف ويرجفُ
من أين أخرج يا أبي وإلي متي
أحيا علي خدر الوعود وأضعفُ
نشقي وتجار الحروب قلوبهم
بلقاء من شربوا دمي تتشرفُ
ويسومنا الأعداء شر عذابهم
فإلي متي لعدونا نتلطفُ ؟
ها نحن يا أبتي نعيد لقومنا
شرف الدفاع عن الحمي ونشرفُ
طال انتظار صغاركم فتحركوا
لما رأوا أن الكبار توقفوا
وتلفتوا نحو السلاح فما رأوا
إلا الحصي من حولهم تتلهفُ
عزفوا بها لحن البطولة والحصي
في كف من يأبي المذلة تعزفُ
هذي الحجارة يا أبي لغة لنا
لما رأينا أننا لا ننصفُ
لما رأينا أن حاخاماتهم
يتلاعبون بنا فيرضي الأسقفُ
لما رأينا أن أمتنا علي
أرض الخلاف قطارها متوقفُ
ماذا نؤمل يا أبي من فاسق
يلهو ومن متدين يتطرفُ ؟
جيش الحجارة يا أبي متقدم
والمعتدي بسلاحه متخلفُ
أنا لا أتوق إلي الفناء وإنما
موت الكريم علي الشهادة أشرفُ
بيني وبين حصي بلادي موعد
ما كان يعرفه العدو المرجفُ
يتعوذ الرشاش من طلقاتها
ويفر منها المستبد الأجوفُ
لغة الحجارة يا أبي رسمت لنا
وعد الإباء ووعدها لا يخلفُ
وغدت تنادينا نداء صادقا
وفؤادها من ضعفنا يتألفُ
لا تألفوا هذا الركون إلي العدا
فالمرء مشدود إلي ما يألفُ
هزوا سيوف الحق في زمن علي
كتفيه من ظلم العدا ما يجحفُ
عفوا أبي فقصائدي مجروحة
تشكو معانيها وتبكي الأحرفُ
وقلوبنا مشحونة باليأس في
زمن يداس به الضعيف ويجرفُ
يتطلع الأقصي إلي وحوله
عين تراقبه وسمع مرهفُ
ويد مجمدة علي الرشاش لم
تغسل بماء منذ ساء الموقفُ
في وجه صاحبها نفور صارخ
وعلامة للغدر ليست توصفُ
هذا هو الأقصي وطائر مجده
يشدوا بألحان الهدي ويرفرفُ
تتحلق الأعوام في ساحاته
حلقا تسبح للإله وتهتفُ
ويقبل التاريخ ظاهر كفه
وبثوبه جسد العلا يتلحفُ
واليوم يرقبنا بطرف ساهر
ويداه من هول المصيبة ترجفُ
ما زال يدعو يا أبي وفؤاده
من كل معني للتخاذل يأنفُ
يا أمة ما زلت أنشد مجدها
شعرا يطاوعني صداه ويسعفُ
المجد مجدك إنما أزري به
راع يتيه وعالم يتزلفُ
وشبيبة هجرت مبادئ دينها
وغدت لأفكار العدي تتلقفُ
يا زورق أحلام في بحر الأسي
هذي يدي رغم القيود تجدفُ
وبوارج الأعداء تختزن الردي
ربانها متطاول متعجرفُ
واجهت يا أبتي الخطوب وعدتي
قلب عصامي وحس مرهفُ
وتوجه لله يجعل هامتي
أعلي وإن جار الطغاة وأسرفوا
أبتاه لن يحمي حمي أوطاننا
إلا حسام لا يفل ومصحفُ
عفوا أبي فقصائدي مجروحة
تشكو معانيها وتبكي الأحرف
صدقت -وربي- يا دكتور
لكن ليست المعاني والأحرف وحدها تشكو وتبكي وإنما القلب والروح والعقل
وكل جارحة فينا تبكي وتشكو ...........
فيوضات قلب
تعليق