السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحببت أن أنقل لكم مقتطفات من كتاب
(أهمية تعلم النحو ومكانته عند السلف)
تأليف أشرف يوسف حسن
قال المؤلف في مطلع كتابه :
أما بعدُ فإن اللغة العربية هي اللغة التي اختارها اللهُ لهذا الدين، ولا يمتري أحدٌ في أن اللغة العربية وعلومَها تُنَزَّلُ من علوم الإسلام ومعارفه منزلةَ اللّسانِ من جوارح الإنسان، ولانَبعُدٌ كثيرا إذا قلنا: بل منزلة القلبِ من الجسدِ ؛ لأنها لسانُ الإسلامِ الأسْمَى، بها أُنزِل القرآن العظيمُ، فقال جل وعلا: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [سورة يوسف: 2]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (اقتضاء الصراط المستقيم) :
"إن الله لما أنزل كتابه باللسان العربي وجعل رسوله مبلغا عنه الكتاب والحكمة بلسانه العربي وجعل السابقين إلى هذا الدين متكلمين به لم يكن سبيل إلى ضبط الدين ومعرفته إلا بضبط هذا اللسان وصارت معرفته من الدين وصار اعتياد التكلم به أسهل على أهل الدين في معرفة دين اللهوأقرب إلى إقامة شعائر الدين وأقرب إلى مشابهتهم للسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار في جميع أمورهم" .
وقال أيضا: اعلم أن اعتياد اللغة يؤثر في العقل والخُلُقِ والدينِ، تأثيرا قويا بيِّنا، ويُؤثر أيضا في مشابهة صدرِ الأمَّة من الصحابة والتابعين، ومشابهتهم تزيدُ العقلَ والدينَ والخُلُقَ.
يقول أحد الشعراء :
يا حَبذا النحو من مطلب *** تعالى به قدرُ طُلابِهِ
كأنّ العلومَ له عسكر *** وُقوفٌ خضوعٌ على بابِهِ
قال ابن خلدون: " فلما جاء الإسلام وفارَقُوا الحجازَلـ[تكون كلمة الله هيا العليا ولنشر دين الإسلام] وخالطوا العجم تغيرت تلك الملكة بما ألقى إليها السمع من المخالفات التي للمستعربين والسمع أو الملكات اللسانية ففسدت بما ألقي إليها مما يغايرها لجنوحها إليه باعتياد السمع وخشي أهل العلوم منهم أن تفسد تلك الملكة رأسا ويطول العهد بها فينغلق القرآن والحديث على المفهوم فاستنبطوا من مجاري كلامهم قوانين لتلك الملكة مطردة شبه الكليات والقواعد يقيسون عليها سائر أنواع الكلام ويلحقون الاشباه بالاشباه مثل أن الفاعل مرفوع والمفعول منصوب والمبتدأ مرفوع ثم رأوا تغير الدلالة بتغير حركات هذه الكلمات فاصطلحوا على تسميته إعرابا وتسمية الموجب لذلك التغير عاملا وأمثال ذلك وصارت كلها اصطلاحات خاصة بهم فقيدوها بالكتاب وجعلوها صناعة لهم مخصوصة واصطلحوا على تسميتها بعلم النحو".
وذكر المؤلف في سبب التسميةِ بالنحوِ :
أن اسمُ العِلْمِ مِن وضع أهلِه ومصْطَلَحِهم لمُقتضى المُلابسات المناسِبةِ في نظرِهم، وقد ذُكر أن أبا الأسود الدُّؤلي لما عَرَضَ على الإمامِ عليٍّ ما وضعه، فأقَرَّه بقولِه: "ما أحسَنَ هذا النحوَ الذي نحوتَ".
فآثر العلماء تسمية هذا العلم باسم النحوِ ؛ استبقاء لكلمة الإمامِ التي كان يُرادُ بها أحدُ معاني النحوِ اللُّغوية، والمناسبةُ بين المعنيَينِ ؛ اللُّغَويِّ والاصطلاحيِّ جَليَّةٌ.
قال شاعر يصف النحو:
اقتبس النحو فنعم المقتبس *** والنحو زين وجمال ملتمس
صاحبه مكرم حيث جلس *** من فاته فقد تعمى وانتكس
كأن ما فيه من العي خرس *** شتان ما بين الحمار والفرس !
معجم الأدباء لياقوت الحموي
لا تنسونا من الدعاء
تعليق