( 1 )
الحمد لله على نعمائه،والشكر على آلائه ،وصلى اللهُ على سيدنا محمد واسطة عقد أنبيائه،وعلى آله وصحبه وأوليائه ، وبعد :
النحو هو دعامة العلوم العربية ،وقانونها الأعلى ، ومنه تستمد العون وتستلهم القصد ،وترجع إليه في جليل مسائلها،وفروع تشريعها، ولن تجد علمًا منها يستقل بنفسه عن النحو،أو يستغني عن معونته،أو يسير بغير نوره وهداه
قال أبو البركات الأنباري : " إن الأئمة من السلف والخلف أجمعوا قاطبة على أنه شرط في رتبة الاجتهاد، وأن المجتهد لو جمع كل العلوم لم يبلغ رتبة الاجتهاد حتى يعلم النحو،فيعرف به المعاني التي لا سبيل لمعرفتها بغيره،فرتبة الاجتها متوقفة عليه ، لا تتم إلا به "
** من أراد الاستزادة : كتاب الصعقة الغضبية في الرد على منكري العربية للطوفي،وفي الرسالة للشافعي ،،،،، وكثيرة الكتب التي تحدثت عن هذا
أقول والله المستعان ، ومن بغيره استعان لا يُعان :
لابُدَّ لكل شارع في فن من الفنون أن يتصوره قبل الشروع فيه؛ ليكون على بصيرة فيه؛ وإلا صار كمَن ركب متنَ عمياء، وخبَطَ خبْطَ ناقةٍ عشواء، ويحصل التصور المطلوب بالوقوف على المبادئ العشرة التي جمعها الناظم محمد بن علي الصبان عليه رحمة الله،في حاشيته على شرح السلم المنورق ، لشيخه الملّوي في قوله :
إِنَّ مَبادِئ كُلِّ فَنٍّ عَشَرَه ** الحَدُّ وَالموضُوعُ ثُمَّ الثَّمَرَه
وَنِسْـبَةٌ وَفَضْـلُهُ وَالوَاضِـعْ ** وَالاِسْمُ الِاسْتِمْدَادُ حُكْمُ الشَّارِعْ
مَسَائِلٌ والبَعْضُ بِالبَعْضِ اكْتَفَى ** وَمَنْ دَرَى الجَمِيعَ حَازَ الشَّرَفَـا
فنقول: النحو له معنيان معنىً لغوي، ومعنىً اصطلاحي، وهو من جهة اللفظ مصدرٌ على وزن فَعْلٍ بمعنى اسم المفعول أي المَنْحُوٌّ، من إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول، وهذا مجازٌ مرسلٌ عندهم،
والأصل في إطلاق النحو في لغة العرب بمعنى القصد، فسمي هذا العلم نحوًا لأنه مقصود، لأن النحو بمعنى القصد، ويأتي على ستِّ معاني وهي أشهرها :
قَصْدٌ وَمِثْلٌ جِهَةٌ مِقْدَارُ ** قَسْمٌ وَبَعْضٌ قَالَهُ الأَخْيَارُ
أما في الاصطلاح ( أي في عُرف علماء النحو ) : فهو علم بأصول يعرف بها أحوال أواخر الكلم إعرابًا وبناءًا.
موضوع علم النحو ( فيما يبحث هذا العلم ) : الكلمات العربية من حيث البناء والإعراب.
ثمرة علم النحو وفائدته : أنه مفتاحٌ لفهم الشريعة، وأما صيانة اللسان عن الخطأ في الكلام فهذه ثمرة فرعية، ولا ينبغي لطالب العلم أن يجعل غايته صيانة اللسان عن الخطأ في الكلام، وإنما يكون هذا تبعًا، والأصل أن يكون علم النحو مفتاحًا للشريعة وينوي طالب العلم ذلك حتى يؤجر، لأن هذا العلم ليس من المقاصد وإنما هو علم آلة، ووسيلة والوسائل لها أحكام المقاصد.
حكمه : فرضُ كفاية، وقيل: فرض عين على من أراد علم التفسير، ونقل السيوطيُّ رحمه الله الإجماعَ على أنه لا يجوز لأحدٍ أن يتكلم في التفسير إلا إذا كان مليًّا باللغة العربية، وليس النحو فحسب، ولذلك من شروط المفسر كما هو مذكور في موضعه أن يكون عالمًا بلغة العرب.
نسبته إلى سائر الفنون ( علاقته ببقية العلوم الشرعية ) : التباين، فهو مخالف لعلم الأصول، ولعلم الحديث، ولسائر العلوم، وقد يشترك مع بعضها.
مسائله ( أبوابه وفصوله ) : هي أبوابه التي ستذكر فيما بعد في ضمن النظم.
والواضـع ( أول من وضعه ، وتكلم في قواعده ) : هو أبو الأسود الدؤلي، وقيل: علي رضي الله عنه. وقيل: أبو الأسود بأمر علي رضي الله عنه.
بدأ المصنف – ابن آجرّوم - على عادة أهل العلم بما استقر في عرفهم بالبسملة وهي [بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ] وذلك لأمور :
أولاً: اقتداءًا بالكتاب العزيز ؛حيث بدأ ببسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين.
ثانيًا: اقتداءًا وتأسيًا بالسنة الفعلية؛ حيث كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا كتب كتابًا ما قال: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ من محمد بن عبدالله إلى هرقل عظيم الروم،كما في صحيح البخاري رحمه الله تعالى.
ثالثًا: التبرك بالبسملة؛ لأنَّ الباء هنا للاستعانة أو للمصاحبة على وجه التبرك، والمعنى بسم الله الرحمن الرحيم حالة كوني مستعينًا وطالبًا التوفيق والإعانة من الله عز وجل على ما جعل البسملة مبدءًا له.
رابعًا : اقتداءًا بالأئمة المصنفين ، قال الحافظ ابن حجر- رحمه الله -: وقد استقر عمل الأئمة المصنفين على أن يفتتحوا كتبَ العلم بالتسمية وكذا معظم كتب الرسائل.
وأما استدلال بعضهم بحديث «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر أو أجذم أو أقطع» فهذه الروايات كلها ضعيفة. ومثلها ما جاء في الحمدلة.
[ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ] هنا المصنف - رحمه الله- بدأ كتابه بالبسملة، وإذا استقر عمل أئمة التصنيف على ابتداء كتبهم بالبسملة ،وهو مستحب
>> والكلام في البسملة والتفصيل فيها طويل ، ونذكره في غير هذا الموضع إن شاء الله <<
وابن آجرّوم التي نسبت له الأجرومية :
هو أبو عبد الله محمد بن محمد بن داود الصنهاجي، ويقال له ابن آجرّوم،بهمزة ممدودة،وجيم مخففه مضمومة، وراء مشددة مضمومة، قالوا : وهي كلمة أعجمية بلغة البربر معناها الفقير الصوفي، قلتُ : ، قال في الكواكب الدرية :" لكني لا أجد البرابرة يعرفون ذلك ،وإنما في قبائل البربر قبيلة تُسمّى بني أجروم " أ.هـ، ولد رحمه الله سنة : 672 هـ ، وتوفي في صفر 723 هـ ، بمدينة فاس بالمغرب
وفي الدرس المقبل سنشرع ، في أول المتن، إن شاء الله
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، نسألكم الدعاء
والله المستعان ، والسلام
وإن شاء الله ، يكون هناك موضع للاستفسارات
الحمد لله على نعمائه،والشكر على آلائه ،وصلى اللهُ على سيدنا محمد واسطة عقد أنبيائه،وعلى آله وصحبه وأوليائه ، وبعد :
النحو هو دعامة العلوم العربية ،وقانونها الأعلى ، ومنه تستمد العون وتستلهم القصد ،وترجع إليه في جليل مسائلها،وفروع تشريعها، ولن تجد علمًا منها يستقل بنفسه عن النحو،أو يستغني عن معونته،أو يسير بغير نوره وهداه
قال أبو البركات الأنباري : " إن الأئمة من السلف والخلف أجمعوا قاطبة على أنه شرط في رتبة الاجتهاد، وأن المجتهد لو جمع كل العلوم لم يبلغ رتبة الاجتهاد حتى يعلم النحو،فيعرف به المعاني التي لا سبيل لمعرفتها بغيره،فرتبة الاجتها متوقفة عليه ، لا تتم إلا به "
** من أراد الاستزادة : كتاب الصعقة الغضبية في الرد على منكري العربية للطوفي،وفي الرسالة للشافعي ،،،،، وكثيرة الكتب التي تحدثت عن هذا
أقول والله المستعان ، ومن بغيره استعان لا يُعان :
لابُدَّ لكل شارع في فن من الفنون أن يتصوره قبل الشروع فيه؛ ليكون على بصيرة فيه؛ وإلا صار كمَن ركب متنَ عمياء، وخبَطَ خبْطَ ناقةٍ عشواء، ويحصل التصور المطلوب بالوقوف على المبادئ العشرة التي جمعها الناظم محمد بن علي الصبان عليه رحمة الله،في حاشيته على شرح السلم المنورق ، لشيخه الملّوي في قوله :
إِنَّ مَبادِئ كُلِّ فَنٍّ عَشَرَه ** الحَدُّ وَالموضُوعُ ثُمَّ الثَّمَرَه
وَنِسْـبَةٌ وَفَضْـلُهُ وَالوَاضِـعْ ** وَالاِسْمُ الِاسْتِمْدَادُ حُكْمُ الشَّارِعْ
مَسَائِلٌ والبَعْضُ بِالبَعْضِ اكْتَفَى ** وَمَنْ دَرَى الجَمِيعَ حَازَ الشَّرَفَـا
فنقول: النحو له معنيان معنىً لغوي، ومعنىً اصطلاحي، وهو من جهة اللفظ مصدرٌ على وزن فَعْلٍ بمعنى اسم المفعول أي المَنْحُوٌّ، من إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول، وهذا مجازٌ مرسلٌ عندهم،
والأصل في إطلاق النحو في لغة العرب بمعنى القصد، فسمي هذا العلم نحوًا لأنه مقصود، لأن النحو بمعنى القصد، ويأتي على ستِّ معاني وهي أشهرها :
قَصْدٌ وَمِثْلٌ جِهَةٌ مِقْدَارُ ** قَسْمٌ وَبَعْضٌ قَالَهُ الأَخْيَارُ
أما في الاصطلاح ( أي في عُرف علماء النحو ) : فهو علم بأصول يعرف بها أحوال أواخر الكلم إعرابًا وبناءًا.
موضوع علم النحو ( فيما يبحث هذا العلم ) : الكلمات العربية من حيث البناء والإعراب.
ثمرة علم النحو وفائدته : أنه مفتاحٌ لفهم الشريعة، وأما صيانة اللسان عن الخطأ في الكلام فهذه ثمرة فرعية، ولا ينبغي لطالب العلم أن يجعل غايته صيانة اللسان عن الخطأ في الكلام، وإنما يكون هذا تبعًا، والأصل أن يكون علم النحو مفتاحًا للشريعة وينوي طالب العلم ذلك حتى يؤجر، لأن هذا العلم ليس من المقاصد وإنما هو علم آلة، ووسيلة والوسائل لها أحكام المقاصد.
حكمه : فرضُ كفاية، وقيل: فرض عين على من أراد علم التفسير، ونقل السيوطيُّ رحمه الله الإجماعَ على أنه لا يجوز لأحدٍ أن يتكلم في التفسير إلا إذا كان مليًّا باللغة العربية، وليس النحو فحسب، ولذلك من شروط المفسر كما هو مذكور في موضعه أن يكون عالمًا بلغة العرب.
نسبته إلى سائر الفنون ( علاقته ببقية العلوم الشرعية ) : التباين، فهو مخالف لعلم الأصول، ولعلم الحديث، ولسائر العلوم، وقد يشترك مع بعضها.
مسائله ( أبوابه وفصوله ) : هي أبوابه التي ستذكر فيما بعد في ضمن النظم.
والواضـع ( أول من وضعه ، وتكلم في قواعده ) : هو أبو الأسود الدؤلي، وقيل: علي رضي الله عنه. وقيل: أبو الأسود بأمر علي رضي الله عنه.
بدأ المصنف – ابن آجرّوم - على عادة أهل العلم بما استقر في عرفهم بالبسملة وهي [بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ] وذلك لأمور :
أولاً: اقتداءًا بالكتاب العزيز ؛حيث بدأ ببسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين.
ثانيًا: اقتداءًا وتأسيًا بالسنة الفعلية؛ حيث كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا كتب كتابًا ما قال: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ من محمد بن عبدالله إلى هرقل عظيم الروم،كما في صحيح البخاري رحمه الله تعالى.
ثالثًا: التبرك بالبسملة؛ لأنَّ الباء هنا للاستعانة أو للمصاحبة على وجه التبرك، والمعنى بسم الله الرحمن الرحيم حالة كوني مستعينًا وطالبًا التوفيق والإعانة من الله عز وجل على ما جعل البسملة مبدءًا له.
رابعًا : اقتداءًا بالأئمة المصنفين ، قال الحافظ ابن حجر- رحمه الله -: وقد استقر عمل الأئمة المصنفين على أن يفتتحوا كتبَ العلم بالتسمية وكذا معظم كتب الرسائل.
وأما استدلال بعضهم بحديث «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر أو أجذم أو أقطع» فهذه الروايات كلها ضعيفة. ومثلها ما جاء في الحمدلة.
[ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ] هنا المصنف - رحمه الله- بدأ كتابه بالبسملة، وإذا استقر عمل أئمة التصنيف على ابتداء كتبهم بالبسملة ،وهو مستحب
>> والكلام في البسملة والتفصيل فيها طويل ، ونذكره في غير هذا الموضع إن شاء الله <<
وابن آجرّوم التي نسبت له الأجرومية :
هو أبو عبد الله محمد بن محمد بن داود الصنهاجي، ويقال له ابن آجرّوم،بهمزة ممدودة،وجيم مخففه مضمومة، وراء مشددة مضمومة، قالوا : وهي كلمة أعجمية بلغة البربر معناها الفقير الصوفي، قلتُ : ، قال في الكواكب الدرية :" لكني لا أجد البرابرة يعرفون ذلك ،وإنما في قبائل البربر قبيلة تُسمّى بني أجروم " أ.هـ، ولد رحمه الله سنة : 672 هـ ، وتوفي في صفر 723 هـ ، بمدينة فاس بالمغرب
وفي الدرس المقبل سنشرع ، في أول المتن، إن شاء الله
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، نسألكم الدعاء
والله المستعان ، والسلام
وإن شاء الله ، يكون هناك موضع للاستفسارات
تعليق