الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هذه بعض الوصايا لطالب العلم قالها الشيخ ابن العثيمين رحمه الله و رضى عنه أحببت أن أنقلها لكم علّ الله أن ينفع بها ناقلها و قارءها يا رب , إنه بكل جميل كفيل و هو حسبنا و نعم الوكيل ...
فأهلاً وسهلاً بك يا طالب العلم ، في حضرة أحد العلماء الراسخين في العلم ، وهو يمنحك خُلاصة تجربته في صعود درجات العلم .
فأصغِ إليه بقلبك قبل قراءة حروفها بلسانك ، فإنك على الخبير وقعت ..
" وصايا موجزة .. لطالب العلم "
الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى
" في افتتاحية شرح العقيدة الواسطية " الشريط الأول
ملاحظة .. وضعتُ عناوين جانبية ، تصف فحوى ما تحتها ، وليست من كلام الشيخ ..
طالب العلم والإخلاص لله :
نحث الجميع ؛ على إخلاص النية ، والصبر ، والثبات ، وأن يعلموا أن العلم لا يُنال براحة الجسم ، وإنما يُنال بالتعب ، والعناء ، والسهر لنيله . كما قال ابن عبدالقوي رحمه الله : ولا تسأمنّ العلم واسهر لنيله
بلا ضجرٍ تحمدْ سَرى السير في غدِ
وكما قيل :
" أعط العلم كلك يأتك بعضه ، وأعط العلم بعضك يفتْك كله "
، فالعلم ليس بالأمر الهيِّن ، العلم يحتاج إلى مثابرة ، ومُصابرة ، والذي لا تدركه أول مرة تدركه في ثاني مرة ، وقد ذكروا أن بعض أئمة النحو سئم وتعب من طلب النحو وعجز عنه ، فرأى نملة تحمل نواةً تصعد بها كلما صعدت سقطت ، وفي النهاية ساعدها الله عز وجل فصعدت وتمكنتْ من مُرادها ، فقال : إذا كانت هذه النملة تسعى بهذا الجدّ والتعب لغذاءٍ بدنيّ ، فكيف بالغذاء الروحي ؟ فاستمرّ في الطلب ، وكان من أئمة النحو ، وليس هذا بغريب وعلى كل حال ، أحث الجميع على إخلاص النية والصبر في طلب العلم والدأَبِ فيه
طالب العلم واختلافات العلماء
أحثُّ طلبة العلم ، على أن لا يتشوّفو إلى الخلافات بين العلماء ، لأن النفوس تحب الاطلاع ، فتجد الرجل يحب أن يطلع على (المغني) على (شرح المهذّب) ليطلع على أقوال العلماء ، ولكنّ هذا بالنسبة للطالب المبتديء ، ضررٌ عظيم ، لأنه يتشتت ذهنه ولا يكون له شيءٌ يُركَّز عليه ، بل يُركِّز أولاً على الأشياء المختصرة ، التي ليس فيها أقوالٌ ، ولا أخذٌ وردّ ، ثم إذا ترعرع في العِلم ، ومشى شوطاً بعيداً ، فحينئذٍ يمكن أن يطّلع على خلاف العلماء .
طالب العلم والعالِم
وكذلك أيضا أوصيكم إذا قَعَدْتم عند عالمٍ ، تدرسون عنده ، أن تعتقدوا أنه عالمٌ معلِّم ، لا حاكٍ للأقوال ، أو حاكٍ للشروح فقط ، معلّم ، بمعنى أنه أسوةٌ لكم ، تقتدون به في علمه ، وفي آرائه ، وفي أعماله الصالحة ، حتى يكون لكم نبراساً ، تمشون عليه . أما الإنسان الذي يجلس عند العالم ، ليطَّلع على ما عنده من العلم فقط ! فلن يستفيد كثيراً ، بل هو شيخك هو شيخك ، اقتدِ به ، خذ بأقواله ، احترمها ، لا تطلب غيرها ، كما كنا نفعل وكان غيرنا أيضاً يفعلون ، نعتقد أن شيخنا هو شيخنا ، هو أسوتنا ، هو قدوتنا ، ولا نبغي بديلاً بقوله ، بل نأخذ به ، وإذا قُدِّر للإنسان أن يترعرع ، ويُؤتى علماً كثيراً ، فإنه يجب عليه أن يتّبع ما دل عليه الكتاب والسنة ، لأن شيخه غير معصوم ، لكن في أوّل الطلب ، لا ! اجعل شيخك قدوة لك في العلم والعمل والخُلق حتى تنتفع منه ، أما أن تجلس على شيخٍ لتنظر ما عنده ! فهذا غلط .
طالب العلم ، والسبيل الأمثل في دراسة الفنون على العلماء
كذلك أوصيكم ، إذا قرأتم على عدة مشايخ ، أن لا تدرسو على كل شيخٍ ما درستموه على الآخر ، فمثلاً تدرسون على هذا في النحْو ، هو شيخكم لا تتعدّوه إلى غيره ، في التفسير! هو شيخكم ، لا تطلبو التفسير عند غيره ، في الفقه! هو شيخكم لا تطلبو الفقه عند غيره ، لأنكم إذا فعلتم ذلك ارتبكتم ، والعلماء يختلفون ؛ في علمهم وفهمهم ومآخذهم ، للأحكام من أدلتها ، اختلافاً كثيراً ، فلا تشتّتو أذهانكم ، والإنسان ـ الحمد لله ـ في سَعة ، ما دام لم يصل إلى حدٍّ يتمكّن به من أخذ الأحكام من أدلتها بنفسه ، فإذا وصل إلى هذا ، فهو ـ على كل حال ـ واجبٌ عليه أن يتبع ما جاء به الدليل ، لكن لا تجعلوا لأنفسكم شيخين في فنٍّ واحد ، فإنكم سوف تتعبون ، وسوف تتذبذبون . ثم إذا جلستم عند واحد ، وقرّر ما يقوله بالأدلة والتعليل ، ثم عند آخر وقرر خلافه بما يرى أنه دليلٌ وتعليل ، حينئذٍ يتوقّف الطالب ! من يتبع ؟ فتضيع عليه الأمور .
هذه وصايا موجزة وأرجو الله أن ينفع بها ، وأن يثيبنا جميعاً فيما نبذله في مرضاته تبارك وتعالى
<<< انتهى >>>
تعليق