السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تائهون بين جهل العلم وجهل العمل
الحمد لله حمدا يليق بذاته هو كما أثنى على نفسه وأصلى على خير خلقه ومصطفاه من بريته، وعلى أصحابه وذريته، وسلم تسليما مزيدا،
أما بعد:
فإن الجهل رزية عظيمة ، وبلية كبيرة ؛ تجعل من المبصر أعمى في هذه الحياة ،
وكيف لا و هو لا يعرف الله ؟
قلبه مظلم ، بل ميت ،
يسير من دون هدى، يحكمه مزاجه ، وتتعبده شهواته ،
ويتحكم فيه شيطانه ، ونفسه الأمارة بالسوء .
قال تعالى:((أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ )) [سورة الجاثية: 23]
يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ :
الجهل نوعان :
1 - جهل علم ومعرفة .
2 - وجهل عمل وغي .
وكلاهما له ظلمة ووحشة في القلب ،
وكما أن العلم يوجب نورا ، وأنسا ؛
فضده يوجب ظلمة ويوقع وحشة ،
وقد سمى الله سبحانه وتعالى ( العلم ) الذي بعث به رسله نورا ، وهدى وحياة . وسمى ضده : ظلمة وموتا وضلالا ،
قال تعالى : في سورة البقرة الآية 257 ((اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ )) ،
وانظر مدارج السالكين ج 3 ص 162 . .
وقال في قوله تعالى: (( أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا)) . سورة الأنعام الآية122
قال : أي أومن كان كافرا ميت القلب ، مغمورا في ظلمة الجهل ، فهديناه لرشده ، ووفقناه للإيمان ، وجعلنا قلبه حيا بعد موته . . . فأبصر الحق بعد عماه عنه ، وعرفه بعد جهله به ، واتبعه بعد إعراضه عنه . . . أهـ
إغاثة اللهفان ج 1 ص 21 ط تحقيق محمد الفقي .
و قال ابن القيم(بتصرف يسير) : الجهل قسمان :
1 - بسيط وهو عبارة عن عدم المعرفة مع عدم تلبس بضده .
2 - ومركب وهو جهل أرباب الاعتقادات الباطلة .
والقسم الأول هو الذي يطلب صاحبه العلم ،
أما صاحب الجهل المركب فلا يطلبه .
وانظر بدائع الفوائد ج 4 ص 209 ط دار الكتاب العربي . .
وقال في نونيته:رحمه الله تعالى
وتعر من ثوبين من يلبسهما ... يلقى الردى بمذمة وهوان
ثوب من الجهل المركب فوقه ... ثوب التعصب بئست الثوبان
* وعليه يمكننا القول :
• أن العلم هو إدراك الشيء إدراكاً جازماً مطابقاً لما هو عليه؛
• وعدم الإدراك هو الجهل البسيط؛
• وإدراك الشيء على غير ما هو عليه: هو الجهل المركب؛
• وعدم الجزم: شك؛ أو ظن؛ أو وهم؛
• فإن تساوى الأمران فهو شك؛
• وإن ترجح أحدهما فالراجح ظن؛ والمرجوح وهم.
وانظر تفسير العلامة ابن عثيمين/ البقرة .
قلت (أبو أنس)وخلاصة أحوال الناس في الدنيا:
1- متدرجون في الإيمان (زيادة ونقصان) على منهج أهل السنة
2- متدرجون في الكفر عياذا بالله.
= فأما المتدرجون في الكفر فهم إما عباد وإما دعاة:
• أما العُبّاد من الكفار، فهم الذين يعتقدون أنهم على شيء، وليسوا على شيء،
وهم أصحاب الجهل المركب، في قوله: { وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا } الآية [النور: 39].
• ثم ضرب مثل الكفار الجُهَّال الجَهْلَ البسيط، وهم الذين قال الله فيهم: { أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ } [النور: 40]
• فقسم الكفار هاهنا إلى قسمين:
1- داعية .
2- ومقلد،
كما ذكرهما في أول سورة الحج: { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ } [الحج: 3]
وقال بعدها: { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ } [الحج: 8]
= وأما المتدرجون في الإيمان:
فقد قسمهم الله في أول الواقعة وآخرها وفي سورة الإنسان، إلى قسمين:
* سابقون وهم المقربون،
* وأصحاب يمين وهم الأبرار.
وخلاصة التلخيص من بدائع فهم ابن كثير ـ رحمه الله ـ:
من مجموع هذه الآيات الكريمات:
• أن المؤمنين صنفان:
• مقربون
• وأبرار،
• وأن الكافرين صنفان:
• دعاة
• ومقلدون،
• وأن المنافقين -أيضًا- صنفان:
• منافق خالص،
• ومنافق فيه شعبة من نفاق،
وانظر كلام ابن كثير القرشي في تفسير لسورة البقرة ـ الآية التاسعة عشر
والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات
جمعه ورتبه بفضل الله وحده
(أبو أنس)
حادي الطريق
عفا الله عنه
آمين
تائهون بين جهل العلم وجهل العمل
الحمد لله حمدا يليق بذاته هو كما أثنى على نفسه وأصلى على خير خلقه ومصطفاه من بريته، وعلى أصحابه وذريته، وسلم تسليما مزيدا،
أما بعد:
فإن الجهل رزية عظيمة ، وبلية كبيرة ؛ تجعل من المبصر أعمى في هذه الحياة ،
وكيف لا و هو لا يعرف الله ؟
قلبه مظلم ، بل ميت ،
يسير من دون هدى، يحكمه مزاجه ، وتتعبده شهواته ،
ويتحكم فيه شيطانه ، ونفسه الأمارة بالسوء .
قال تعالى:((أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ )) [سورة الجاثية: 23]
يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ :
الجهل نوعان :
1 - جهل علم ومعرفة .
2 - وجهل عمل وغي .
وكلاهما له ظلمة ووحشة في القلب ،
وكما أن العلم يوجب نورا ، وأنسا ؛
فضده يوجب ظلمة ويوقع وحشة ،
وقد سمى الله سبحانه وتعالى ( العلم ) الذي بعث به رسله نورا ، وهدى وحياة . وسمى ضده : ظلمة وموتا وضلالا ،
قال تعالى : في سورة البقرة الآية 257 ((اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ )) ،
وانظر مدارج السالكين ج 3 ص 162 . .
وقال في قوله تعالى: (( أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا)) . سورة الأنعام الآية122
قال : أي أومن كان كافرا ميت القلب ، مغمورا في ظلمة الجهل ، فهديناه لرشده ، ووفقناه للإيمان ، وجعلنا قلبه حيا بعد موته . . . فأبصر الحق بعد عماه عنه ، وعرفه بعد جهله به ، واتبعه بعد إعراضه عنه . . . أهـ
إغاثة اللهفان ج 1 ص 21 ط تحقيق محمد الفقي .
و قال ابن القيم(بتصرف يسير) : الجهل قسمان :
1 - بسيط وهو عبارة عن عدم المعرفة مع عدم تلبس بضده .
2 - ومركب وهو جهل أرباب الاعتقادات الباطلة .
والقسم الأول هو الذي يطلب صاحبه العلم ،
أما صاحب الجهل المركب فلا يطلبه .
وانظر بدائع الفوائد ج 4 ص 209 ط دار الكتاب العربي . .
وقال في نونيته:رحمه الله تعالى
وتعر من ثوبين من يلبسهما ... يلقى الردى بمذمة وهوان
ثوب من الجهل المركب فوقه ... ثوب التعصب بئست الثوبان
* وعليه يمكننا القول :
• أن العلم هو إدراك الشيء إدراكاً جازماً مطابقاً لما هو عليه؛
• وعدم الإدراك هو الجهل البسيط؛
• وإدراك الشيء على غير ما هو عليه: هو الجهل المركب؛
• وعدم الجزم: شك؛ أو ظن؛ أو وهم؛
• فإن تساوى الأمران فهو شك؛
• وإن ترجح أحدهما فالراجح ظن؛ والمرجوح وهم.
وانظر تفسير العلامة ابن عثيمين/ البقرة .
قلت (أبو أنس)وخلاصة أحوال الناس في الدنيا:
1- متدرجون في الإيمان (زيادة ونقصان) على منهج أهل السنة
2- متدرجون في الكفر عياذا بالله.
= فأما المتدرجون في الكفر فهم إما عباد وإما دعاة:
• أما العُبّاد من الكفار، فهم الذين يعتقدون أنهم على شيء، وليسوا على شيء،
وهم أصحاب الجهل المركب، في قوله: { وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا } الآية [النور: 39].
• ثم ضرب مثل الكفار الجُهَّال الجَهْلَ البسيط، وهم الذين قال الله فيهم: { أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ } [النور: 40]
• فقسم الكفار هاهنا إلى قسمين:
1- داعية .
2- ومقلد،
كما ذكرهما في أول سورة الحج: { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ } [الحج: 3]
وقال بعدها: { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ } [الحج: 8]
= وأما المتدرجون في الإيمان:
فقد قسمهم الله في أول الواقعة وآخرها وفي سورة الإنسان، إلى قسمين:
* سابقون وهم المقربون،
* وأصحاب يمين وهم الأبرار.
وخلاصة التلخيص من بدائع فهم ابن كثير ـ رحمه الله ـ:
من مجموع هذه الآيات الكريمات:
• أن المؤمنين صنفان:
• مقربون
• وأبرار،
• وأن الكافرين صنفان:
• دعاة
• ومقلدون،
• وأن المنافقين -أيضًا- صنفان:
• منافق خالص،
• ومنافق فيه شعبة من نفاق،
وانظر كلام ابن كثير القرشي في تفسير لسورة البقرة ـ الآية التاسعة عشر
والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات
جمعه ورتبه بفضل الله وحده
(أبو أنس)
حادي الطريق
عفا الله عنه
آمين
تعليق