الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من اتبع هداه أما بعد :
فلا شك أخي أن ما ذكرته أمر مهم للغاية ينبغي لطالب العلم الإهتمام به و ما ذلك إلا لأن الوقت هو
رأس مال طالب العلم و لكنك أخي أثرت مسألة مهمة ينبغي الوقوف عندها و هي قولك :
" ... لكن قد يُبتلى طالبُ العلم بضيق وقته و ضَعف همته..."
و هنا قد وقعت على أسّ المعوقات و رأسها عند طالب العلم لذلك
أقول أخي : أن الوقت لطالب العلم كبريت أحمر ينبغي أن يجدّ في عدم إضاعته و هو للتحصيل العلمي كالروح للجسد لذلك
قال الأوائل رحمهم الله تعالى : " العلم إذا أعطيته كلك فعسى أن يعطيك بعضه " فكيف إن أعطيته البعض و هذا البعض مصحوب بفتور همّة و ضعف ملازمين فالله المستعان و لا علاج لعائق الوقت إلا بالتفرغ أخي أولا ثم تنظيمه ثانيا أما ضعف الهمم فهو داء عضال عند طلبة العلم و دواؤه أمران في
التركيب متفقان :
الأول : الإخلاص لله جل و علا و إعظام الرغب إليه أن يعافيك في همّتك و لا يكون ذلك إلا بإنزال الفاقة و الشكوى إليه جل و علا فهو كريم رحيم بعبده و خير ما يفتح على العبد في هذا المقام هو باب الدعاء فمن فتح له نجا بإذن الواحد الصمد من كل ما يعيقه في التحصيل .
و الأمر الثاني الذي يكون به تقوية الهمم : أن يستحضر العبد نية التعبد و أنه كلما فتح كتابا أو تصفحه حتى أو سمع درسا أو كتب أو أو ....إلخ أنه يتعبد لله به أي أن يعتقد حين مزاولته لطلب العلم أنه في عبادة فما ظنك بعبد لم تغب عنه هذه النية أبدا في الطلب هل سينقطع ؟؟؟ أَدَعُ الجواب للقارئ .
و الشق الثاني في الكلام على همة طلب العلم هو : كيف تستغلّ علوّ الهمة ؟؟؟
إن علوّ الهمة ليس كل شيء حتى يكون طالب العلم موفّقا بل لابد أن يعرف كيف يستغل هذه الهمة و من
خلال تجربتي في هذا الباب – و هو رأي شخصي – وجدت أن العبد إنما يؤتى من جهتين :
الأولى : أنه قد يكلّف همته ما لاتحتمل فيشتت نفسه في طلب العلوم فيدرس أكثر من فن في اليوم .
الثانية : الفوضوية في ترتيب و برمجة نفسه في الطلب أيضا فتجده لا يدري كيف ينظّم وقته و أيضا قد
يعدم التوفيق بين الدرس و الحفظ و صاحب هذا قلّ أن يستمرّ في الطلب بل هذا دليل إفلاسه في العلم .
و المتأمل في هذا يجد أن سببه هو داء دفين في القلب اسمه : العجلة و نحن إثر
هذا نقول : ما سبب العجلة ؟؟؟؟.....
و الجواب : أنه خلل إما في تصوّر العلم و إما في إدراك المقصد الشرعي و الغاية العظمى من طلبه و هو رضى الله جل و علا .
لقد أشرت أخي إلى مسائل تعرض لكل طالب علم حريص و طريق تحقيقها بلا شك بعد الإستعانة بالله :
أن تعرف منتهى قدراتك و تمشي بما يسمى عند أهل العلم بفقه الأولويات فتشتغل بالأولى فالأولى .
و قوام تقوية الهمة قبل أن أنسى هو : التعبد لله سبحانه و تعالى فالهمة نور في القلب تذهبه ظلمة المعاصي و تقوّيه الصلة بالباري جل و علا و لكن دعني أدلّك على طريق أعتقد أنه نافع بإذن الله بعدما
درت في فلك الفوضى في طلب العلم سنوات و الله المستعان و أحصر لك هذا في مسائل :
1- أن تعتني في بداياتك بالحفظ أكثر إذ الحفظ سبيل إلى الفهم و لا علم بلا حفظ خصوصا إن كنت صغيرا فهذا ينفعك في مستقبلك مع الطلب و إن كنت ممن جاوز مرحلة العشرين فكذلك الحفظ إذ ينبغي لك أن تعلم أن حافظتك في طريق الضعف كما هو متقرر عند أهل المعرفة بهذا الأمر و هذا حتى لا يفوتك ما عساه أن ينفعك عند اتساع مدارك الفهم لديك و هذه فائدة استللتها من كلام للشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله تعالى.
2- أن لا تكثر من المحفوظ في اليوم فكلما قلّ المحفوظ رسخ أقول أخي :
لا تستقلّ في نفسك قلة ما تحفظ فثلاثة أبيات تحفظها في اليوم تصير ثلاثين في عشر و ثلاثمائة في مائة و ألفا في سنة و الشيطان له في هذا الباب مداخل يأتيك من حيث تحب فإذا عزمت على حفظ ثلاثة أبيات
في اليوم كما أسلفت جاءك فقال : إني لك ناصح ...و ثلاثة أبيات قليلة متى تنهي المنظومة و هي ألفية مثلا و حافظتك قوية و...و احفظ في اليوم عشرا فهو أسرع فستجد في نفسك بداءة بنشاط ثم تكلّ الهمة
عن حفظ عشر في اليوم ثم يصل الشيطان لبغيته منك و هو انقطاعك على المتن حتى تمرّ عليك سنوات و ما حفظت نصف ألفية ثم تندم على عدم استمرارك على ثلاثة أبيات فتقول : يا ليت يا ليت ....و لا ينفع
الندم و لات حين مندم .
و الحفظ أخي أمر نسبي و لكن عندي رأي خاص فيمن يحفظ كل يوم عشرة أبيات فضلا عمن يحفظ ألفية في ثلاثة أشهر لا أشك في أن الحافظة تختلف من شخص لآخر و لكنك تجد في حفظ من يمشي على هذه
الطريقة نوعا من التململ و الضعف في محفوظه و السبب لأنه حفظ سريعا و ما حفظ سريعا ذهب سريعا هذه قاعدة فاحفظها و التؤدة التؤدة في الحفظ تكن حافظا.
3- ثمة أوقات ثمينة قد تستغلّها لا تدرك ثمرتها إلا بعد الصبر على ذلك و المداومة عليه مثلا : خذ لك ما بين المغرب و العشاء ليكن لك في كل يوم حفظ حديث من الأحاديث في كتاب من الكتب : العمدة ، بلوغ المرام ، الصحيحين و لما لا ؟؟؟ و هذا كمرحلة أولية و إذا عوّدت نفسك فستستطيع بعدها الزيادة 3 أحاديث خمس....... .
4- لا تكثر على نفسك الفنون في اليوم الواحد و أنا أعطيك طريقة عملية منهجية وجدت فيها راحتي في طلب العلم و لم أجد فيها ما كنت أجده قبلها من الضعف التحصيلي بل صارت نفسي تأخذ العلم بأريحية :
(أ*) أن لا تدرس في الأسبوع أكثر من ثلاثة فنون و تختار هذه الفنون على حسب حاجتك فالتوحيد إن لم تكن ابتدأت في العلم حتى تصحح عقيدتك و الفقه لأجل ذلك كذلك تصحح عبادتك به ثم تأخذ لك فنا آخر و تهتمّ في طوال الأسبوع بهذه الثلاثة الفنون لوحدها و ليكن تقسيمك الفنون : يومين ، يومين و لا بأس بالتمثيل الواضح لذلك
فــــأقول :
مثلا : السبت و الأحد : التوحيد ، الإثنين و الثلاثاء : الفقه ، الأربعاء و الخميس : العقيدة مثلا ،
الجمعة : لا تجعلها للطلب لأنك طالب علم تعمل بعلمك و في هذا اليوم وظائف شرعية من أظهرها صلاة
الجمعة و غسلها و التبكير إليها و قراءة سورة الكهف و الدعاء و نحو ذلك ...إلخ
(ب*) كيف تقسّم الفن الواحد في هذين اليومين ؟؟
: لكل قدراته و لكن من استطاع أن يحفظ و يقتصر على الحفظ فهو أولى و ذلك لأن عنايتك بالحفظ أولا و لوحده يكفيك مؤنة المتن فتكون له حافظا بعد
أشهر ثم بعد ذلك تكرّ عليه بالشرح و ( الصبر الصبر ) أخي فهذه طريقة لا بد فيها من جلد و تحمّل و
سأذكر لك الآن الميزان العملي لترتيب الوقت ( و هي تجربة شخصية ) :
تصلي الفجر ثم ترجع فتقرأ وردك و محفوظك من كتاب الله جل و علا ثم تشرع بعد إفطارك بالبرنامج الآتي : تكتب ما تريد أن تحفظ ثم تجاهد نفسك على تكراره حتى يرسخ ستعرف بعدها كم تحتاج من
تكرير لمحفوظك حتى يرسخ ثم تحكم محفوظك في الصباح و سيسعفك وقتك بهذه الطريقة لوقت الضحى و سنّته و هكذا مع الحفظ إلى وقت الزوال ثم تتوقف لأخذ نفَسِ للغذاء و نحو ذلك للرواتب القبلية لصلاة
الظهر ثم للقيلولة بعدها فهي سنة و أنت طالب علم معظّم للسنن ثم تواصل قبيل العصر و بعده إلى المغرب و هذا كله مع محفوظك و من أنفس الأوقات وقت ما بين الصلاتين و هما صلاتي المغرب و
العشاء ففيهما فرابط في المسجد فاحرص دائما على البقاء في المساجد بين المغرب و العشاء و ستحظى فيها بالعلم و العمل فالعمل برباطك و أنت طالب علم معظّم لرسول الله صلى الله عليه و سلم و
سنّته و لك فيها أن تأخذ كتابا من مُلَحِ العلم و هكذا تمضي اليومين مع الفن الواحد .
و من كان ذا قوّة و همّة ( و إن كانت الطريقة الأولى أحسن ) مع الملاحظة أن هذه الطريقة تطلب من صاحبها عدم الإكثار من المحفوظ فلا يزيد على خمسة أبيات بخلاف سابقتها فقد يصل صاحبها بها إلى
10 أبيات أو تزيد و على كل الأمر نسبي يختلف باختلاف القدرات العقلية لكل شخص:
فليكن نظامه في اليومين كالآتي :
يأخذ محفوظه في الصباح 3 أو 5 أبيات ثم يأخذ شرحها في المساء ثم يحفظ الدرس في اليوم الموالي صباحا ثم يراجعه و يحضّر للدرس القادم في المساء .
و هي طريقة لكنها وعرة تحتاج إلى جلد و صبر و قوة حافظة .
هذه طريقة في طلب العلم و منهجية جربتها معاشر الإخوان بعد بلبلة طويلة
و من لم يجرّب ليس يعرف قدره000 فجرّب تجد تصديق ما قد ذكرناه.
و من المهمات عدم العجلة كما أسلفت و لا أحسن ، أقول : لا أحسن من عدم التشريك بين الفنون فلك أن تمشي على هذه الطريقة فلا تشرك بين فنين أو أكثر في يوم واحد فقد جرّب ضعفها التحصيلي من
قبل أهل الإختصاص و أهل كلهم يكادون يتفقون على أن التشريك بين الفنون هو خلاف للأولى و طريقة الإفراد كما يقول الشيخ عبد الرحمن بن عوف الكوني حفظه الله تعالى طريقة تحتاج إلى :
" صبر كصبر الحمار و لكنها بعد سنوات تؤتي أكلها "
و احذر يا طالب العلم من "سوف "
فإنها داء في العلم و إياك من العجلة و متى رأيت نفسك تحدّثك بقولها : " متى أنهي هذا المتن " فهي أمارة الإفلاس و ترك الطلب فاحذرها .
و قبل البداءة في أي فن فجدّ و اجتهد في معرفة ما يناسبك فيه من المتون حتى لا تبتدأ فيما لا تطقه فتنقطع عنه إن عاجلا و إن آجلا .
و إياك و أن تجعل نفسك مطيّة لكثرة الآراء من أنصاف المتعلمين بل ما كان من نصيحة في هذا الباب
فاطلبها من حريص مجرّب أو عالم مصوّب و قل يا رب إنّ عندي في العلم فاقة لا يسدّها سواك فسدّها و استعن به سبحانه فإنه يجيب من دعاه و لا يخيب أحد رجاه و أنت واثق بعزم أن الله جل و علا يوفقك .
هذا عهدي إليكم و ما طالته يدي من نصيحتكم و دلالتكم على المقصود و الله يحفظكم و يرعاكم و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
كتبه : الاخ محمد مصطفى العنبرى .......من ملقتى اهل الحديث
فلا شك أخي أن ما ذكرته أمر مهم للغاية ينبغي لطالب العلم الإهتمام به و ما ذلك إلا لأن الوقت هو
رأس مال طالب العلم و لكنك أخي أثرت مسألة مهمة ينبغي الوقوف عندها و هي قولك :
" ... لكن قد يُبتلى طالبُ العلم بضيق وقته و ضَعف همته..."
و هنا قد وقعت على أسّ المعوقات و رأسها عند طالب العلم لذلك
أقول أخي : أن الوقت لطالب العلم كبريت أحمر ينبغي أن يجدّ في عدم إضاعته و هو للتحصيل العلمي كالروح للجسد لذلك
قال الأوائل رحمهم الله تعالى : " العلم إذا أعطيته كلك فعسى أن يعطيك بعضه " فكيف إن أعطيته البعض و هذا البعض مصحوب بفتور همّة و ضعف ملازمين فالله المستعان و لا علاج لعائق الوقت إلا بالتفرغ أخي أولا ثم تنظيمه ثانيا أما ضعف الهمم فهو داء عضال عند طلبة العلم و دواؤه أمران في
التركيب متفقان :
الأول : الإخلاص لله جل و علا و إعظام الرغب إليه أن يعافيك في همّتك و لا يكون ذلك إلا بإنزال الفاقة و الشكوى إليه جل و علا فهو كريم رحيم بعبده و خير ما يفتح على العبد في هذا المقام هو باب الدعاء فمن فتح له نجا بإذن الواحد الصمد من كل ما يعيقه في التحصيل .
و الأمر الثاني الذي يكون به تقوية الهمم : أن يستحضر العبد نية التعبد و أنه كلما فتح كتابا أو تصفحه حتى أو سمع درسا أو كتب أو أو ....إلخ أنه يتعبد لله به أي أن يعتقد حين مزاولته لطلب العلم أنه في عبادة فما ظنك بعبد لم تغب عنه هذه النية أبدا في الطلب هل سينقطع ؟؟؟ أَدَعُ الجواب للقارئ .
و الشق الثاني في الكلام على همة طلب العلم هو : كيف تستغلّ علوّ الهمة ؟؟؟
إن علوّ الهمة ليس كل شيء حتى يكون طالب العلم موفّقا بل لابد أن يعرف كيف يستغل هذه الهمة و من
خلال تجربتي في هذا الباب – و هو رأي شخصي – وجدت أن العبد إنما يؤتى من جهتين :
الأولى : أنه قد يكلّف همته ما لاتحتمل فيشتت نفسه في طلب العلوم فيدرس أكثر من فن في اليوم .
الثانية : الفوضوية في ترتيب و برمجة نفسه في الطلب أيضا فتجده لا يدري كيف ينظّم وقته و أيضا قد
يعدم التوفيق بين الدرس و الحفظ و صاحب هذا قلّ أن يستمرّ في الطلب بل هذا دليل إفلاسه في العلم .
و المتأمل في هذا يجد أن سببه هو داء دفين في القلب اسمه : العجلة و نحن إثر
هذا نقول : ما سبب العجلة ؟؟؟؟.....
و الجواب : أنه خلل إما في تصوّر العلم و إما في إدراك المقصد الشرعي و الغاية العظمى من طلبه و هو رضى الله جل و علا .
لقد أشرت أخي إلى مسائل تعرض لكل طالب علم حريص و طريق تحقيقها بلا شك بعد الإستعانة بالله :
أن تعرف منتهى قدراتك و تمشي بما يسمى عند أهل العلم بفقه الأولويات فتشتغل بالأولى فالأولى .
و قوام تقوية الهمة قبل أن أنسى هو : التعبد لله سبحانه و تعالى فالهمة نور في القلب تذهبه ظلمة المعاصي و تقوّيه الصلة بالباري جل و علا و لكن دعني أدلّك على طريق أعتقد أنه نافع بإذن الله بعدما
درت في فلك الفوضى في طلب العلم سنوات و الله المستعان و أحصر لك هذا في مسائل :
1- أن تعتني في بداياتك بالحفظ أكثر إذ الحفظ سبيل إلى الفهم و لا علم بلا حفظ خصوصا إن كنت صغيرا فهذا ينفعك في مستقبلك مع الطلب و إن كنت ممن جاوز مرحلة العشرين فكذلك الحفظ إذ ينبغي لك أن تعلم أن حافظتك في طريق الضعف كما هو متقرر عند أهل المعرفة بهذا الأمر و هذا حتى لا يفوتك ما عساه أن ينفعك عند اتساع مدارك الفهم لديك و هذه فائدة استللتها من كلام للشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله تعالى.
2- أن لا تكثر من المحفوظ في اليوم فكلما قلّ المحفوظ رسخ أقول أخي :
لا تستقلّ في نفسك قلة ما تحفظ فثلاثة أبيات تحفظها في اليوم تصير ثلاثين في عشر و ثلاثمائة في مائة و ألفا في سنة و الشيطان له في هذا الباب مداخل يأتيك من حيث تحب فإذا عزمت على حفظ ثلاثة أبيات
في اليوم كما أسلفت جاءك فقال : إني لك ناصح ...و ثلاثة أبيات قليلة متى تنهي المنظومة و هي ألفية مثلا و حافظتك قوية و...و احفظ في اليوم عشرا فهو أسرع فستجد في نفسك بداءة بنشاط ثم تكلّ الهمة
عن حفظ عشر في اليوم ثم يصل الشيطان لبغيته منك و هو انقطاعك على المتن حتى تمرّ عليك سنوات و ما حفظت نصف ألفية ثم تندم على عدم استمرارك على ثلاثة أبيات فتقول : يا ليت يا ليت ....و لا ينفع
الندم و لات حين مندم .
و الحفظ أخي أمر نسبي و لكن عندي رأي خاص فيمن يحفظ كل يوم عشرة أبيات فضلا عمن يحفظ ألفية في ثلاثة أشهر لا أشك في أن الحافظة تختلف من شخص لآخر و لكنك تجد في حفظ من يمشي على هذه
الطريقة نوعا من التململ و الضعف في محفوظه و السبب لأنه حفظ سريعا و ما حفظ سريعا ذهب سريعا هذه قاعدة فاحفظها و التؤدة التؤدة في الحفظ تكن حافظا.
3- ثمة أوقات ثمينة قد تستغلّها لا تدرك ثمرتها إلا بعد الصبر على ذلك و المداومة عليه مثلا : خذ لك ما بين المغرب و العشاء ليكن لك في كل يوم حفظ حديث من الأحاديث في كتاب من الكتب : العمدة ، بلوغ المرام ، الصحيحين و لما لا ؟؟؟ و هذا كمرحلة أولية و إذا عوّدت نفسك فستستطيع بعدها الزيادة 3 أحاديث خمس....... .
4- لا تكثر على نفسك الفنون في اليوم الواحد و أنا أعطيك طريقة عملية منهجية وجدت فيها راحتي في طلب العلم و لم أجد فيها ما كنت أجده قبلها من الضعف التحصيلي بل صارت نفسي تأخذ العلم بأريحية :
(أ*) أن لا تدرس في الأسبوع أكثر من ثلاثة فنون و تختار هذه الفنون على حسب حاجتك فالتوحيد إن لم تكن ابتدأت في العلم حتى تصحح عقيدتك و الفقه لأجل ذلك كذلك تصحح عبادتك به ثم تأخذ لك فنا آخر و تهتمّ في طوال الأسبوع بهذه الثلاثة الفنون لوحدها و ليكن تقسيمك الفنون : يومين ، يومين و لا بأس بالتمثيل الواضح لذلك
فــــأقول :
مثلا : السبت و الأحد : التوحيد ، الإثنين و الثلاثاء : الفقه ، الأربعاء و الخميس : العقيدة مثلا ،
الجمعة : لا تجعلها للطلب لأنك طالب علم تعمل بعلمك و في هذا اليوم وظائف شرعية من أظهرها صلاة
الجمعة و غسلها و التبكير إليها و قراءة سورة الكهف و الدعاء و نحو ذلك ...إلخ
(ب*) كيف تقسّم الفن الواحد في هذين اليومين ؟؟
: لكل قدراته و لكن من استطاع أن يحفظ و يقتصر على الحفظ فهو أولى و ذلك لأن عنايتك بالحفظ أولا و لوحده يكفيك مؤنة المتن فتكون له حافظا بعد
أشهر ثم بعد ذلك تكرّ عليه بالشرح و ( الصبر الصبر ) أخي فهذه طريقة لا بد فيها من جلد و تحمّل و
سأذكر لك الآن الميزان العملي لترتيب الوقت ( و هي تجربة شخصية ) :
تصلي الفجر ثم ترجع فتقرأ وردك و محفوظك من كتاب الله جل و علا ثم تشرع بعد إفطارك بالبرنامج الآتي : تكتب ما تريد أن تحفظ ثم تجاهد نفسك على تكراره حتى يرسخ ستعرف بعدها كم تحتاج من
تكرير لمحفوظك حتى يرسخ ثم تحكم محفوظك في الصباح و سيسعفك وقتك بهذه الطريقة لوقت الضحى و سنّته و هكذا مع الحفظ إلى وقت الزوال ثم تتوقف لأخذ نفَسِ للغذاء و نحو ذلك للرواتب القبلية لصلاة
الظهر ثم للقيلولة بعدها فهي سنة و أنت طالب علم معظّم للسنن ثم تواصل قبيل العصر و بعده إلى المغرب و هذا كله مع محفوظك و من أنفس الأوقات وقت ما بين الصلاتين و هما صلاتي المغرب و
العشاء ففيهما فرابط في المسجد فاحرص دائما على البقاء في المساجد بين المغرب و العشاء و ستحظى فيها بالعلم و العمل فالعمل برباطك و أنت طالب علم معظّم لرسول الله صلى الله عليه و سلم و
سنّته و لك فيها أن تأخذ كتابا من مُلَحِ العلم و هكذا تمضي اليومين مع الفن الواحد .
و من كان ذا قوّة و همّة ( و إن كانت الطريقة الأولى أحسن ) مع الملاحظة أن هذه الطريقة تطلب من صاحبها عدم الإكثار من المحفوظ فلا يزيد على خمسة أبيات بخلاف سابقتها فقد يصل صاحبها بها إلى
10 أبيات أو تزيد و على كل الأمر نسبي يختلف باختلاف القدرات العقلية لكل شخص:
فليكن نظامه في اليومين كالآتي :
يأخذ محفوظه في الصباح 3 أو 5 أبيات ثم يأخذ شرحها في المساء ثم يحفظ الدرس في اليوم الموالي صباحا ثم يراجعه و يحضّر للدرس القادم في المساء .
و هي طريقة لكنها وعرة تحتاج إلى جلد و صبر و قوة حافظة .
هذه طريقة في طلب العلم و منهجية جربتها معاشر الإخوان بعد بلبلة طويلة
و من لم يجرّب ليس يعرف قدره000 فجرّب تجد تصديق ما قد ذكرناه.
و من المهمات عدم العجلة كما أسلفت و لا أحسن ، أقول : لا أحسن من عدم التشريك بين الفنون فلك أن تمشي على هذه الطريقة فلا تشرك بين فنين أو أكثر في يوم واحد فقد جرّب ضعفها التحصيلي من
قبل أهل الإختصاص و أهل كلهم يكادون يتفقون على أن التشريك بين الفنون هو خلاف للأولى و طريقة الإفراد كما يقول الشيخ عبد الرحمن بن عوف الكوني حفظه الله تعالى طريقة تحتاج إلى :
" صبر كصبر الحمار و لكنها بعد سنوات تؤتي أكلها "
و احذر يا طالب العلم من "سوف "
فإنها داء في العلم و إياك من العجلة و متى رأيت نفسك تحدّثك بقولها : " متى أنهي هذا المتن " فهي أمارة الإفلاس و ترك الطلب فاحذرها .
و قبل البداءة في أي فن فجدّ و اجتهد في معرفة ما يناسبك فيه من المتون حتى لا تبتدأ فيما لا تطقه فتنقطع عنه إن عاجلا و إن آجلا .
و إياك و أن تجعل نفسك مطيّة لكثرة الآراء من أنصاف المتعلمين بل ما كان من نصيحة في هذا الباب
فاطلبها من حريص مجرّب أو عالم مصوّب و قل يا رب إنّ عندي في العلم فاقة لا يسدّها سواك فسدّها و استعن به سبحانه فإنه يجيب من دعاه و لا يخيب أحد رجاه و أنت واثق بعزم أن الله جل و علا يوفقك .
هذا عهدي إليكم و ما طالته يدي من نصيحتكم و دلالتكم على المقصود و الله يحفظكم و يرعاكم و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
كتبه : الاخ محمد مصطفى العنبرى .......من ملقتى اهل الحديث
تعليق