بيان فضل طالب العلم واهميته
إن القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة تفيض بالحث على طلب العلم وبيان أهميته وخطورته ،
فمن ذلك :
فمن ذلك :
1. -قال تعالى :{شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لآ إِلَهَ إِلا هُوَ وَ المَلآئِكَةُ وَأُوْلُواْ العِلمِ قَآئِمَا بِالقِسطِ لآ إِلهَ إلا هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ}
[آل عمران :18].
فأهل العلم هم الثقات العدول الذين استشهد الله بهم على اعظم مشهود ،وهو توحيده -جل وعلا - ، وهذا هو العلم الحقيقى ،العلم بالله تعالى وأسمائه وصفاته ، وموجب ذلك ومقتضاه من الإيمان برسله وكتبه والإيمان بالغيب ،حتى كأنه مُشاهد محسوس.
فهذه المزية الكبرى للعلم وأهله ،أنه يدل على صراط الله المستقيم ،وأنه الوسيلة العظمى للقرب من الله تعالى ،وموجب لإحاطة محبته بالقلب .
،فمتى عرفت الله اجتمع قلبك على محبته وحده -جل وعلا -؛لان له وحده الأسماء الحسنى والصفات العلا.
فهذا هو العلم وهذه هى ثمرته .
رزقنا الله وإياك الشجرة والثمرة إنه جواد كريم .
2-وقد بوب الإمام البخارى بابا فقال:(باب العلم قبل القول والعمل)؛لقوله تعالى : (فَاعلَم أَنَّهُ لآ إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَ استَغفِر لِذَنبِكَ( [محمد:19].
سُئل سفيان بن عيينه عن فضل العلم فقال :ألم تسمع قوله حين بدأ به {فَاعلَم أَنَّهُ لآ إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَ استَغفِر لِذَنبِكَ}[محمد:19].؟
فأمر بالعمل بعد العلم فالعلم مقدم على القول والعمل ،فلا عمل دون علم ،وأول ما ينبغى تعلمه (التوحيد) و (علم التربية) أو مايسمى بعلم (السلوك ) ، فيعرف الله تعالى ويصحح عقيدته ،ويعرف نفسه وكيف يهذبها و أنت تلحظ هذا الارتباط بين العلم بالتوحيد {فَاعلَم أَنَّهُ لآ إِلَهَ إِلا اللَّهُ} وبين التربية والتزكية التى من ثمارها المراقبة ودوام التوبة {وَ استَغفِر لِذَنبِكَ}.
3- والعلم نور يبصر به المرء حقائق الأمور ، وليس البصر بصر العين ،ولكن بصر القلوب ، {فَإِنَّهَا لا تَعمَى الأَبصَارُ وَلَكِن تَعمَى القُلُوب التىِ فِى الصُّدُور}[ الحج:46]
ولذلك جعل الله الناس على قسمين : إما عالم أو أعمى فقال تعالى: {أَفَمَن يَعلمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِليكَ مِن رَّبِكَ الحَقُّ كَمَن هُوَ أَعمَى}[الرعد:19].
ولذلك عبر الله تعالى بفعل (رأى) دلالة على العلم فى قوله تعالى : {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُواْ العِلمَ الَّذِى أُنزِلَ إِلَيكَ مَن رَّبِكَ هُوَالحَقَّ }[سبأ:6]،
فلم يقل : (ويعلم )وهذا -والله أعلم -إشارة إلى العلم وأثره فى القلوب التى صارت به تبصروترى الحق ،
ولا يلتبس عليها بالباطل .
وهذا واضح فى حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: { تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا ،فأى قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء ،وأى قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء ،حتى تصير على قلبين ،على أبيض مثل الصفا ،فلا تضره فتنه ما دامت السماوات والأرض ،والآخر أسودا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا ،ألا ما أشرب من هواه }.
4- والعلم يورث الخشية: قال تعالى" {إِنَّمَا يَخشَى اللِّهَ مِن عِبَادِهِ العُلمآء}[ فاطر:28].
وقال تعالى :{إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ العِلمَ مِن قَبلِهِ إِذَا يُتلَى عَلَيهِم يَخرُّونَ لِلأذقَانِ سُجَّداً *ويَقولُونَ سُبحَانَ رَبّنَِآ إِنه كَانَ وَعدُ رَبّنَا لَمَفعُولا * وَيَخرَّونَ لِلأَذقَانِ يَبكُونَ وَيَزِيدُهُم خُشُوعاً}[الإسراء: 107-108].
5- وقد مدح الله أهل العلم وأثنى عليهم ،فجعل كتابه آيات بينات فى صدورهم ،به تنشرح وتفرح وتسعد .قال تعالى :{بَل هُوَ آَيَاتُ بَيِنَاتٌ فِى صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُواْ العِلمَ وَمَا يَجحَدُ بِآيَتِنَآ إِلا الظَّلِمُونَ} [ العنكبوت :49].
6- وقد امرنا الله تعالى بالاستزادة من العلم وكفى بها من منقبة عظيمة للعلم .
قال تعالى : { وَقُل رَّبِّ زِدنِى عِلماً } [ طه :114].
قال القرطبى :فلو كان شىء أشرف من العلم لأمر الله تعالى نبيه -صلى الله عليه وسلم -أن يسأله المزيد منه كما أمر أن يستزيده من العلم .
7-والعلماء هم ورثة الانبياء ،وهم اهل الذكر ، الذين أُمر الناس بسؤالهم عند عدم العلم ،
قال الله تعالى : {فَسئَلُواْ أَهلَ الذِكرِ إِن كنُتُم لاَ تَعلَمُونَ }[النحل:43].
8- واخبر الله تعالى عن رفعة درجة أهل العلم والإيمان خاصة .
قال تعالى : {يَآأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُواْ إِذَا قِيلَ لَكُم تَفَسَّحُواْ فِى المَجَلِسِ فَافسَحُواْ يَفسَحِ اللَّهُ لَكُم وَإِذَا قِيلَ انشُزُواْ فَانشُزُواْ يَرفَعِ اللَّه الّذِينَ آَمَنُواْ مِنكُم وَالّذِينَ أُتُواْ العِلمَ دَرَجَاتٍ }[المجادلة :11].
9-والعلم أفضل الجهاد ،إذ من الجهاد جهاد بالحجة والبيان ، وهذا جهاد الأئمة من ورثة الأنبياء ،وهو أعظم منفعة من الجهاد باليد واللسان ،لشدة مؤنته ،وكثرة العدو فيه.
قال تعالى :{ وَلَو شِئنَا لَبَعَثنَا فِى كُلِّ قَريَةٍ نَّذِيراً * فَلاَ تُطِعِ الكَافِرِينَ وَجَهِدهُم بِهِ جِهَاداً كَبِيراً }[ الفرقان 51-52].
يقول ابن القيم: ( فهذا جهاد لهم بالقرآن ،وهو أكبر الجهادين ، وهو جهاد المنافقين أيضا ،فإن المنافقين لم يكونوا يقاتلون المسلمين ،بل كانوا معهم فى الظاهر ،وربما كانوا يقاتلون
،ومع هذا فقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالمُنَافِقِينَ وَ اغلُظ عَلَيهِم }[ التحريم :9]
،ومعلوم أن جهاد المنافقين بالحجة والقرآن .
والمقصود : أن سبيل الله هى الجهاد وطلب العلم ، ودعوة الخلق به إلى الله ).
عن أبى هريرة -رضى الله عنه - قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم _: {من جاء مسجدى هذا لم يأته إلا لخير يتعلمه أو يعلمه فهو فى منزله المجاهد فى سبيل الله ،ومن جاءه لغير ذلك فهو فى بمنزله الرجل ينظر إلى متاع غيره }.
10- ولم يجعل الله التحاسد إلا فى امرين : بذل المال ،وبذل العلم ، وهذا لشرف الصنيعين ،وحث الناس على التنافس فى وجوه الخير .
عن عبد الله بن مسعود قال : قال النبى -صلى الله عليه وسلم - : { لا حسد إلا فى اثنين رجل آتاه الله مالا ، فسلطه على هلكته فى الحق ، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضى بها ويعلمها }.
11- ولا ينقطع علم عالم بموته ،بخلاف غيره ممن يعيش ويموت ،وكأنه من سقط المتاع ، أما أهل العلم الربانيون الذين ينتفع بعلمهم من بعدهم فهؤلاء يضاعف لهم الجزاء والاجر شريطة الإخلاص.
عن أبى هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قال :
{ إذا مات الانسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية ،أو علم ينتفع به ،أو ولد صالح يدعو له }.
12- وكل ما فى الدنيا هالك وإلى زوال ،تتنزل عليه اللعنات ،والمرحوم من ذلك صنفان من الناس :
أهل العلم وطلبته ،والعابدون الذاكرون الله كثيرا .
عن ابى هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال : { ألا إن الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه،وعالم أو متعلم }
13-وبالعلم يعظم أجر المؤمن ،ويصحح نيته ،فيحسن عمله
و إذا كان الناس يشغفون بالمال عن العلم ،فإن فضل العلم على المال أعظم .وقد فصل لنا الشرع فى هذه القضية ،
فقد قسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم -الناس على أصناف أربعة ،جعل الناجين منهم صنفين ،وهما من تلبس بالعلم .
فعن أبى كبشة الأنمارى ,
أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يقول :{ ثلاثة أقسم عليهن ،وأحدثكم حديثا فاحفظوه }.
قال :{ ما نقص مال من صدقة ،ولا ظلم عبد مظلمة فصبر عليهاإلا زاده الله عزا ،ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر }.أو كلمة نحوها .
{ وأحدثكم حديثا فاحفظوه } قال : { إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالا وعلما ،فهو يتقى فيه ربه ،ويصل فيه رحمه ،ويعلم لله فيه حقا ،فهذا بأفضل المنازل .وعبد رزقه الله علما ،ولم يرزقه مالا ،فهو صادق النية ،يقول : لو أن لى مالا لعملت بعمل فلان ،فهو بنيته،فأجرهما سواء.
وعبد رزقه الله مالا ،ولم يرزقه علما ،فهو يخبط فى ماله بغير علم ،لا يتقى فيه ربه ،ولا يصل فيه رحمه ،ولا يعلم لله فيه حقا ،فهذا بأخبث المنازل .وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما ،فهو يقول :لو أن لى مالا لعملت فيه بعمل فلان ،فهو بنيته ،فوزرهما سواء}.
والشاهد هنا :أن النبى - صلى الله عليه وسلم - جعل العلم الحقيقى هو العلم الذى يبصر المرء بحقائق الأمور،فصاحب المال إذا لم يحل بالعلم فإنه سيسئ التصرف فيه ،فتجده ينفقه على شهوات نفسه ،ولا يعرف شكرهذه النعمة ولذلك أستحق أن يكون بأخبث المنازل ،والعياذ بالله .
{ وأحدثكم حديثا فاحفظوه } قال : { إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالا وعلما ،فهو يتقى فيه ربه ،ويصل فيه رحمه ،ويعلم لله فيه حقا ،فهذا بأفضل المنازل .وعبد رزقه الله علما ،ولم يرزقه مالا ،فهو صادق النية ،يقول : لو أن لى مالا لعملت بعمل فلان ،فهو بنيته،فأجرهما سواء.
وعبد رزقه الله مالا ،ولم يرزقه علما ،فهو يخبط فى ماله بغير علم ،لا يتقى فيه ربه ،ولا يصل فيه رحمه ،ولا يعلم لله فيه حقا ،فهذا بأخبث المنازل .وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما ،فهو يقول :لو أن لى مالا لعملت فيه بعمل فلان ،فهو بنيته ،فوزرهما سواء}.
والشاهد هنا :أن النبى - صلى الله عليه وسلم - جعل العلم الحقيقى هو العلم الذى يبصر المرء بحقائق الأمور،فصاحب المال إذا لم يحل بالعلم فإنه سيسئ التصرف فيه ،فتجده ينفقه على شهوات نفسه ،ولا يعرف شكرهذه النعمة ولذلك أستحق أن يكون بأخبث المنازل ،والعياذ بالله .
وجعل العالم يعرف قدر المال الحقيقى ،فيم يُنفق؟ فبعلمه نوى نية صالحة ،فصار بأعلى المنازل وإن لم يُنفق .
14- ومن رُزق فقها فى الدين ؛فذاك الموفق على الحقيقة ،فالفقه فى الدين من أعظم المنن.
عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:{ من يرد الله به خيرا يفقه فى الدين }.
15- والعلم مقدم على العبادة ،فإن فضلا فى العلم خير من فضل فى عبادة،ومن سار فى درب العلم سهل عليه طريق الجنة .
أخرج البيهقى فى (سننه)عن أمنا عائشة -رضى الله عنها - قالت :قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: { إن الله أوحى إلىَّ :أنه من سلك مسلكا فى طلب العلم سهلت له طريق الجنة،ومن سلبت كريمتيه أثبته عليهما الجنة،وفضل فى علم خير من فضل فى عبادة ،وملاكُ الدين الورع } .
16- ويكفى صاحب العلم فضلا أن يُسخر له كل شئ ليستغفر له ويدعو له .
فعن أنس بن مالك - رضى الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :{ صاحب العلم يستغفر له كل شئ ، حتى الحوت فى البحر }.
17- وطلبة العلم هم وصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم - .فعن أبى سعيد الخدرى - رضى الله عنه - قال :قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -{ سيأتيكم أقوام يطلبون العلم ،فإذا رأيتموهم فقولوا لهم : مرحبا بوصية رسول الله ،وأقنوهم } .قلت للحكم : وما أقنوهم ؟ قال : علموهم .
18 - وأهل العلم الذين يبلغون الناس شرع الله تعالى هم أنضر الناس وجوها ،وأشرفهم مقاما ،بدعاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم - لهم قال -رسول الله - : { نضر الله أمرأ سمع مقالتى فبلغها ،فرب حامل فقه غير فقيه ، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه }.
19-ومن شرف العلم وفضله أن الله أمتن على أنبيائه ورسله بماآتاهم من العلم انه دلالة على عظم المنة . فذكر نعمته على نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم - فقال تعالى:{وِ أَنَزَلَ اللَّهُ عَلَيكَ الكِتَابَ وِ الحِكمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَم تَكُن تَعلَمُ وَكَانَ فَضلُ اللَّهِ عَلَيكَ عَظِيماً} [ النساء:113].
ووصف خليله إبراهيم -عليه السلام وعلى نبينا الصلاة والسلام- بأنه كان أُمَّةً ،أى جامعا لصفات الكمال من العلم والعمل .قال تعالى :{إِنَّ إِبرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِّلَّهِ حَنِيفاً وَلَم يَكُ مِنَ المُشرِكينَ * شَاكِراً لأَ نَعُمِهِ }
[ النحل :120-121].
[ النحل :120-121].
وقال -جل وعلا - عن نبيه يوسُفَ -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام - :{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ ءَاتَينَاهُ حُكماً وَعِلماً وَكَذَالِكَ نَجزِى المُحسِنِينَ}[يوسف :22].
وقال فى كليمه موسى -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام - :{ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ ءَاتَينَاه حُكماً وَعِلماً وِ كَذَلِكَ نَجزِى المُحسِنِينَ}[ القصص:114].
وقال فى حق المسيح ابن مريم -عليه وعلى نبينا الصلاةوالسلام -: {يَاعِيسَى ابنَ مَريَمَ اذكُر نِعمَتىِ عَلَيكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذ أَيَدتُّكَ بِرُوحِ القُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسِ فِى المَهدِ وَكَهلاً وَإِذ عَلَّمتُكَ الكِتَابِ وِالتَّورَاةَ وَالإِنجِيلَ} [المائدة :110].
20- قال على بن أبى طالب :(ومن شرف العلم أن كل من نُسب إليه فرح بذلك ،وإن لم يكن من أهله ، وكل من دُفع عنه ونُسب إلى الجهل يعز عليه ونال ذلك من نفسه ،وإن كان جاهلا ).
21- ومن فضل العلم أن صاحبه معتبر قوله فى الشريعة ،فهو الناطق بالحق فى الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ،لأنه أبصر الناس بالخير والشر.
قال تعالى:{ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلمَ إِنَّ الخِزىَ اليَومَ وَالسُّوءَ عَلَى الكَفِرِينَ} [النحل:27] ،
وقال تعالى : {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلمَ وِيلَكُم ثَوَابُ اللَّهِ خَيرٌ لِّمَن ءَامَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلاَ يُلَقَّاهَآ إِلاَّ الصَّبِرُونَ} [ القصص:80]
.وهذه فى قصة قارون ، فالعلماء هم أبصر الخلق بمداخل الشر،ولذلك كان لزاما عليهم بيان ذلك للناس .
قال تعالى :{لَولاَ يَنهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحبَارُ عَن قَولِهِمُ الإِثمَ وَأَكلِهِمُ السُّحتَ لَبِئسِ مَا كَانُوا يَصنَعُونَ}[المائدة :63].
22- ومن فضل العلم :أن صاحبه يصير بمنزلة الشارع من وجه. قال -صلى الله عليه وسلم -: { تسمعون ويُسمع منكم ، ويُسمع ممن يسمع منكم }
- قال الإمام الشاطبى :( إن العالم شارع ،من وجه ،لان مايبلغه من الشريعة ،إما منقول عن صاحبها ،وإما مستنبط من لمنقول .فالأول : يكون فيه مبلغا والثانى :يكون فيه قائما مقامه فى إنشاء الأحكام ،وإنشاء الأحكام إنما هو للشارع ،فإذا كان للمجتهد إنشاء الأحكام بحسب نظره واجتهاده ،فهو من هذا الوجه شارع ،واجب اتباعه والعمل على وفق ما قاله ،وهذه هى الخلافة على التحقيق ).
23- ومن فضل العلم وأهله :أن عليه مدار النجاة.
عن أبى الدرداء - رضى الله عنه - قال: كنا مع النبى -صلى الله عليه وسلم - فشخص بصره إلى السماء ثم قال :{ هذا أوان يُختلس العلم من الناس حتى لا يقدرون منه على شئ}.فقال زيادبن لبيد الأنصارى : كيف يختلس منا القرآن ؟فوالله لنقرأنه ولنقرئنه أبناءنا ونساءنا .فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - : {ثكلتك أمك يا زياد ،أن كنت لأعدك من فقهاء أهل المدينة ،هذه التوراة والانجيل عند اليهود والنصارى فماذا تغنى عنهم ؟!}.
فذهاب العلم بذهاب العلماء ،إذ ذهابهم هو الهلاك الحقيقى للأمم.
قال ابن عباس: أتدرون ما ذهاب العلم ؟ قالوا: لا. قال :ذهاب العلماء .
وقال أيضا : ( لا يزال عالم يموت ،وأثر للحق يدرس ،حتى يكثر أهل الجهل ،وقد ذهب أهل العلم فيعملون الجهل ، ويدينون بغير الحق ، ويضلون عن سواء السبيل ).
24- ومن فضل العلم :أنه يُحتاج إليه فى كل وقت وحين .
-قال الأمام أحمد :( الناس أحوج إلى العلم منهم إلى الطعام والشراب،لأن الطعام والشراب يحتاج إليه فى اليوم مرتين أو ثلاثا ،والعلم يحتاج إليه فى كل وقت )
- فإن العلم نور الهداية، وبدونه لا يعلم كثير من الناس كيفية أداء الفرائض ولا جتناب المحارم ،ولا يعبدون الله على بصيرة ، فلولا العلم لفسد عمل الناس ، والعلماء فى الارض كالنجوم يهتدى بها فى الظلمات ،وترجم الشياطين الذين يخلطون الحق بالباطل ،ويدخلون فى الدين ما ليس فيه،وهم زينة الأرض ،فإنهم النجوم الحقيقية .
25-ومن فضل العلم : أنه لا يُحد نفعه.
- قال ميمون بن مهران :إن مثل العالم فى البلد كمثل عين عذبة فى البلد .
- وقال بعضهم :مثل العلماء مثل الماء حيثما سقطوا نفعوا .
- وقال الأمام أحمد فى وصف الشافعى -رحمه الله -: كان كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس ،فهل لهذين من خلف ،أو منهما عوض.
نقلته لكم من كتاب { منطلقات طالب العلم }
للشيخ / محمد حسين يعقوب (حفظه الله).
تعليق