السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
( ظاهرة شَغَب الأطفال في المساجد )
(جمع وترتيب أبو أنس: أمين بن عباس)
عفا الله عنه وعن والديه
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن طريقة تعامل الرسول - صلى الله عليه وسلم - مع الأطفال في المسجد وأثناء الصلاة تختلف اختلافاً واضحاً عن واقع تعامل كثير من المسلمين مع الأطفال في المساجد وإليكم بعض المواقف التي حصلت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع بعض الأطفال حتى نتعلم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونهتدي بهديه عليه الصلاة والسلام:
1. عن شداد - رضي الله عنه - قال:( خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إحدى صلاتي العشي الظهر أو العصر وهو حامل حسناً أو حسيناً فتقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - فوضعه عند قدمه ثم كبر للصلاة فصلى فسجد سجدة أطالها قال: فرفعت رأسي من بين الناس فإذا الصبي على ظهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ساجد فرجعت إلى سجودي فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاة، قال الناس: يا رسول الله إنك سجدت سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر أو أنه يوحى إليك؟ قال: كل ذلك لم يكن ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته) رواه النسائي والحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
2. وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه - رضي الله عنه - قال: ( خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأقبل الحسن والحسين رضي الله عنهما عليهما قميصان أحمران يعثران ويقومان فنزل فأخذهما فصعد بهما المنبر ثم قال: صدق الله إنما أموالكم وأولادكم فتنة رأيت هذين فلم أصبر ثم أخذ في الخطبة ) رواه أبو داود.
3. وفي حديث آخر:( كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يصلي فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره فإذا منعوهما أشار إليهم أن دعوهما فلما قضى الصلاة وضعهما في حجره ) رواه ابن خزيمة في صحيحه.
4. وقال أبو قتادة رضي الله عنه:( رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمامة بنت العاص - ابنة زينب بنت الرسول - صلى الله عليه وسلم -- على عاتقه فإذا ركع وضعها وإذا رفع من السجود أعادها ) رواه البخاري ومسلم.
5. وفي رواية أخرى عن أبي قتادة - رضي الله عنه - قال:( بينما نحن جلوس في المسجد إذ خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحمل أمامة بنت أبي العاص بن الربيع وأمها زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي صبية يحملها فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي على عاتقه يضعها إذا ركع ويعيدها إذا قام حتى قضى صلاته يفعل ذلك بها ) رواه النسائي.
6. وفي حديث آخر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:( إني لأدخل في الصلاة وأنا أريد إطالتها فأسمع بكاء الصبي فأتجوّز في صلاتي مما أعلم من شدة وجد أمه من بكائه ) رواه البخاري ومسلم .
7. وفي رواية أخرى قال أنس - رضي الله عنه -:( كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسمع بكاء الصبي مع أمه وهو في الصلاة فيقرأ بالسورة الخفيفة أو بالسورة القصيرة ) رواه مسلم.
8. وفي حديث آخر أن النبي - صلى الله عليه وسلم -:( جوّز ذات يوم في الفجر - أي خفف - فقيل: يا رسول الله لم جوزت؟ قال: سمعت بكاء صبي فظننت أن أمه معنا تصلي فأردت أن أفرغ له أمه ) رواه أحمد بإسناد صحيح.
9.وعن الربيع بنت معوذ رضي الله عنها قالت أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة من كان أصبح صائماً فليتم صومه ومن كان أصبح مفطراً فليتم بقية يومه فكنا بعد ذلك نصومه ونصوم صبياننا الصغار منهم إن شاء الله ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناها إياه عند الإفطار ) رواه مسلم وغير ذلك من الأحاديث.
ويحتج بعض الناس على طرد الأطفال من المساجد بما روي في الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - قال:(جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم ). فهذا الحديث ضعيف عند العلماء ولا يصح الاستدلال به،
قال البزار: لا أصل له وكذلك قال عبد الحق الإشبيلي، وممن ضعفه الحافظ ابن حجر وابن الجوزي والمنذري والهيثمي وغيرهم. وظن عامة الناس أن هذا الحديث ثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعلهم يطردون الأطفال من المساجد وينكرون على من يحضرهم إلى المساجد وهذا موقف غير صحيح.
والحق أن الإسلام اعتنى بالأطفال، وأمر الآباء والأولياء بأن يأمروا أبناءهم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين. وإن المكان الصحيح لتعليمهم الصلاة وقراءة القرآن وأحكام التجويد وغيرها من أحكام الشرع هو المسجد.
هذا هو هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - في تعامله مع الأطفال في المسجد فلا يجوز لأحد أن يطرد الأطفال من المساجد لأنهم رجال المستقبل قال الله تعالى: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِر } سورة الأحزاب الآية21.
فعلينا أن نقتدي برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأن نعود أطفالنا على ارتياد المساجد بدلاً من بقائهم في الأزقة والحارات عرضة لفساد الأخلاق وسوء الرفاق.
ولكن لا بد من التنبيه أنه ينبغي عدم إحضار الأطفال الصغار جداً إلى المساجد لأنهم لا ينضبطون فمثل من كان عمره سنة أو سنتين أو ثلاث لا يحضر إلى المسجد ولا بأس بإحضار الأطفال الذين هم في الخامسة أو السادسة أو السابعة إلى المساجد.
ولو حصل أن بعض الأطفال شوشوا على المصلين في المسجد بالبكاء والصياح مثلاً فلا ينبغي أن يثير ذلك المصلين فيحتجون على الطفل وعلى أبيه أو أمه وقد يشوشون بذلك الاحتجاج أكثر من تشويش الطفل وإنما يتركون الأمر لإمام المسجد ليعالج الموضوع بالحكمة وإقتداء بمنهج النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك.وينبغي أن يعلم أن الرفق واللين أمران مطلوبان في مثل هذه المواقف. فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:(إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه ) رواه مسلم.
ولنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدوة حسنة فقد حدث أن أعرابياً دخل المسجد النبوي فبال فيه!؟ فصاح الصحابة به، فعالج النبي - صلى الله عليه وسلم - الموقف بكل رفق ولين، فقد جاء في الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:( قام أعرابي فبال في المسجد فتناوله الناس، فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: دعوه وهريقوا على بوله سجلاً من ماء أو ذنوباً من ماء فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين ) رواه البخاري ومسلم.
وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال:(بينما نحن في المسجد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد، فقال: أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مه مه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تزرموه دعوه، فتركوه حتى بال، ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعاه فقال له: إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن أو كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال فأمر رجلاً من القوم فجاء بدلو من ماء فشنه عليه ) رواه مسلم.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:( دخل أعرابي المسجد والنبي - صلى الله عليه وسلم - جالس فصلى، فلما فرغ قال: اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً، فالتفت إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: لقد تحجرت واسعاً، فلم يلبث أن بال في المسجد فأسرع إليه الناس، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:(أهريقوا عليه سجلاً من ماء أو دلواً من ماء، ثم قال: إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين ) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح. بتصرف من فتاوى الشبكة الإسلامية
فهذا هدي نبينا – صلى الله عليه وسلم وهذا هو الحق بعينه
فالحق أن الإسلام اعتنى بالأطفال ، وأمر الآباء والأولياء بأن يأمروا أبنائهم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين . وأن المكان الصحيح لتعليمهم الصلاة وغيرها من أحكام الشرع هو المسجد . ولقد كان الأطفال يحضرون إلى المسجد في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وكان عليه الصلاة والسلام يخفف الصلاة ويقصرها عندما يسمع بكاء طفل في المسجد بل إنه عليه الصلاة والسلام قطع خطبته وحمل الحسن والحسين ، لما دخلا المسجد فرآهما يعثران في ملابسهما فحملهما .
فعلينا أن نقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم وأن نعود أطفالنا على ارتياد المساجد بدلاً من بقائهم في الأزقة والحارات عرضة لفساد الأخلاق وسوء الرفاق .
وإني والله ليحزنني أن أرى من بعض إخواننا هذا التشدد الرهيب مع الأطفال أو أولياء أمورهم في حين أنني أرى غير المسلمين قد فتحوا ساحات كنائسهم وبيعهم للأطفال ثم يملؤونها بأنواع الألعاب المختلفة ثم يأتونهم بالهدايا. حتى إن كثيرا من الأطفال ليبكون أشد البكاء عندما يرغمهم زويهم على ترك الكنيسة أو المعبد
في حين أنني كثيرا ما أسأل من لا يصلون من المسلمين كبارا وصغارا ... (لماذا لا تصلون؟) فتكون معظم إجاباتهم أنهم في صغرهم ضُربوا من عامل المسجد أو شيخ المسجد أو من أحد المصلين ... وهذا صد عن سبيل الله.
ولكن ينبغي علينا أن ننبه أن الأطفال يتفاوتون فيما بينهم في العقل والفهم والاستجابة والتمييز فقد جاء في أحد فتاوى الشبكة الإسلامية أن الأطفال على قسمين:
1- قسم لا يعبث أو يعبث ولكنه إذا نهي كف، وهذا لا حرج في حضوره للمسجد، والأفضل أن يكون بجوار أبيه أو أحد أقاربه الكبار، ويتجنب به وسط الصف لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ليليني منكم أولوا الأحلام والنهى ، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم…." رواه مسلم من حديث أبي مسعود البدري الأنصاري رضي الله عنه.
2- وقسم يعبث وإذا نهي لا يكف، فهذا لا يجوز الإتيان به إلى المسجد، وإن أتى إليه أخرج منه، لما يترتب على وجوده من تشويش على المصلين، وهذا التفصيل هو الراجح عند أهل العلم،
قال ابن عثيمين – رحمه الله – في مجموع فتاواه ج13/18 منبها على بعض الأخطاء التي تقع من البعض في حق المساجد ((... تهاون بعض الآباء في إحضار الأطفال غير المميزين إلى المسجد، مع عدم تفهيمهم لحرمة المكان؛ مما يؤدي إلى حصول التشويش على المصلين؛ بسبب ركضهم وصياحهم. فالصواب أنه لابد من تعليمهم حرمة المسجد، ولزوم الهدوء فيه؛ وإلا فلا يشرع إحضارهم. انتهى
و عليه من منع الإتيان إلى المساجد بالصبيان مطلقاً فقد جانب الصواب،
وقد يحتج بعضهم بحديث " جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم ..." ؛ ومن ثم يقوم بطرد الصبيان المميزين من المسجد. وفي ذلك تنفير لهم من المسجد ورواده. وهذا موقف غير صحيح.
هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى أن هذا الحديث الذي يستشهدون به لا تقوم بمثله حجة لأنه حديث ضعيف جدا
فهَذَا الحَدِيث رَوَاهُ ابْن مَاجَه فِي «سنَنه» من رِوَايَة مَكْحُول عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع قَالَ : قَالَ رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - : «جَنبُوا مَسَاجِدكُمْ صِبْيَانكُمْ وَمَجَانِينكُمْ وشراركم وَبَيْعكُمْ ، وَخُصُومَاتكُمْ وَرفع أَصْوَاتكُم ، وَإِقَامَة حُدُودكُمْ وسل سُيُوفكُمْ ، وَاتَّخذُوا عَلَى أَبْوَابهَا الْمَطَاهِر وَجَمِّرُوهَا فِي الْجمع» .
وَهُوَ حَدِيث ضَعِيف فِي إِسْنَاده الْحَارِث بن نَبهَان الْبَصْرِيّ الْجرْمِي
وَقد ضَعَّفُوهُ قَالَ يَحْيَى لَا يكْتب حَدِيثه لَيْسَ بِشَيْء .
وَقَالَ أَحْمد وَالْبُخَارِيّ : مُنكر الحَدِيث .
وَقَالَ النَّسَائِيّ : مَتْرُوك الحَدِيث .
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ : لَيْسَ بِالْقَوِيّ .
وَقَالَ ابْن حبَان : خرج عَن حد الِاحْتِجَاج بِهِ وَفِي إِسْنَاده أَيْضا عَنهُ ابْن يقظان وَقد وَثَّقَهُ بَعضهم .
وَقَالَ النَّسَائِيّ : غير ثِقَة .
وَقَالَ عَلّي بن الْجُنَيْد : لَا يُسَاوِي شَيْئا .
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من رِوَايَة أبي أُمَامَة وواثلة مَرْفُوعا بِاللَّفْظِ الْمُتَقَدّم ،
وَذكره عبد الْحق فِي «أَحْكَامه» كَذَلِك بِزِيَادَة [ أبي ] الدَّرْدَاء أَيْضا تبعا لِابْنِ عدي وَأَعلاهُ بِالْعَلَاءِ بن كثير الدِّمَشْقِي .
قَالَ الْبَيْهَقِيّ : هُوَ شَامي مُنكر الحَدِيث .
وَقَالَ عبد الْحق : هُوَ ضَعِيف عِنْدهم .
قَالَ ابْن الْقطَّان : وَلَا يرويهِ عَن الْعَلَاء إِلَّا [ أَبُو ] نعيم النَّخعِيّ كُوفِي ،
وَقد قَالَ فِيهِ أَحْمد : لَيْسَ بِشَيْء .
وَقَالَ يَحْيَى : بِالْكُوفَةِ كذابان أَحدهمَا هُوَ وَالْآخر أَبُو نعيم ضرار بن صرد .
قَالَ أَبُو أَحْمد : لَهُ أَحَادِيث أنْكرت عَلَيْهِ .
قَالَ ابْن الْقطَّان : الْحمل فِي هَذَا الحَدِيث عَلَى الْعَلَاء وَهُوَ لَا يرويهِ عَنهُ إِلَّا هَذَا الْكذَّاب ؛ ظلم لَهُ .
الْحَافِظ أَبُو الْفرج بن الْجَوْزِيّ القَوْل فِي تَضْعِيفه فَقَالَ : إِنَّه حَدِيث لَا يَصح .
قَالَ الْحَافِظ أَبُو بكر الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» : وَرُوِيَ هَذَا الحَدِيث عَن يَحْيَى بن الْعَلَاء ، عَن معَاذ مَرْفُوعا وَلَيْسَ بِصَحِيح .
وَذكره عبد الْحق من طَرِيق الْبَزَّار من حَدِيث ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا «جَنبُوا مَسَاجِدكُمْ صِبْيَانكُمْ وَمَجَانِينكُمْ» ثمَّ قَالَ : يرويهِ مُوسَى بن عُمَيْر ، قَالَ الْبَزَّار : لَيْسَ لَهُ أصل من حَدِيث عبد الله .
قَالَ ابْن الْقطَّان : وَهَذَا الحَدِيث وَالْكَلَام بعده لَيْسَ فِي سَنَد حَدِيث ابْن مَسْعُود من كتاب الْبَزَّار وَلَعَلَّه نَقله من بعض أَمَالِيهِ الَّتِي تقع لَهُ .
قلت : وَأخرجه أَيْضا حَاتِم بن إِسْمَاعِيل عَن عبد الله بن مُحَرر ، عَن يزِيد [ بن ] الْأَصَم ، عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا «جَنبُوا مَسَاجِدكُمْ صِبْيَانكُمْ وَمَجَانِينكُمْ» . وَعبد الله هَالك ترك النَّاس حَدِيثه .
إذا الحديث بكل طرقه لا يصح ولا تقوم به حجة
بل هذا الجزء من الحديث (جَنبُوا مَسَاجِدكُمْ صِبْيَانكُمْ وَمَجَانِينكُم) مخالف لظاهر كثير من النصوص الصحيحة التي تبيح في الأصل مجيء الصبيان إلى المساجد
فلقد وردت بعض الأحاديث النبوية التي تدل على دخول الصبيان المساجد ، ولم يرد في النهي عن ذلك حديث صحيح ، ومن الأحاديث الدالة على الجواز على سبيل المثال لا الحصر :
- عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَبِي الْعَاصِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا ( متفق عليه )
وفي رواية عند مسلم : " عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَؤُمُّ النَّاسَ وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ وَهِيَ ابْنَةُ زَيْنَبَ بِنْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَاتِقِهِ فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا وَإِذَا رَفَعَ مِنْ السُّجُودِ أَعَادَهَا "
- عَنْ أَبِي قتادة قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَأَقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلَاتِي كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ ( متفق عليه )
ولهذا أخذ بعض أهل العلم من هذه الأحاديث جواز إدخال الصبيان إلى المساجد
وقد استخرج الأخ الكريم : أنس محمد بملتقى أهل الحديث أصولا لأهل العلم المعتمدين من أصحاب المذاهب الأربعة فجزاه الله عنا خير الجزاء/
- قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم ( ج2 ص218 الشاملة ) : " وَأَنَّ الصَّبِيّ يَجُوز إِدْخَاله الْمَسْجِد وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى تَنْزِيه الْمَسْجِد عَمَّنْ لَا يُؤْمَن مِنْهُ حَدَث ."
- وقال ابن رجب رحمه الله في فتح الباري ( ج3 ص277 الشاملة ) : " وقالوا : يكره إدخال المجانين والصبيان - الذين لا يميزون - المساجد ، ولا يحرم ذلك ؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى وهو حامل أمامة ، وفعله لبيان الجواز ."
- وقال الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار ( ج3 ص128 - 129 الشاملة ) : " وَفِيهِ جَوَازُ إدْخَالِ الصِّبْيَانِ الْمَسَاجِدَ وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ وَخُصُومَاتِكُمْ وَحُدُودَكُمْ وَشِرَاءَكُمْ وَبَيْعَكُمْ وَجَمِّرُوهَا يَوْمَ جُمَعِكُمْ وَاجْعَلُوا عَلَى أَبْوَابِهَا مَطَاهِرَكُمْ } وَلَكِنَّ الرَّاوِيَ لَهُ عَنْ مُعَاذٍ مَكْحُولٌ وَهُوَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ ، وَأَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ وَمَجَانِينَكُمْ وَشِرَاءَكُمْ وَبَيْعَكُمْ وَخُصُومَاتِكُمْ وَرَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ وَإِقَامَةَ حُدُودِكُمْ وَسَلَّ سُيُوفِكُمْ وَاِتَّخِذُوا عَلَى أَبْوَابِهَا الْمَطَاهِرَ وَجَمِّرُوهَا فِي الْجُمَعِ } وَفِي إسْنَادِهِ الْحَارِثُ بْنُ شِهَابٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ .
وَقَدْ عَارَضَ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ الضَّعِيفِينَ حَدِيثُ أُمَامَةَ الْمُتَقَدِّمُ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَحَدِيثُ الْبَابِ وَحَدِيثُ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { إنِّي لَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ وَأَنَا فِي الصَّلَاةِ فَأُخَفِّفُ ، مَخَافَةَ أَنْ تُفْتَتَنَ أُمُّهُ } وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَيُجْمَعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ بِحَمْلِ الْأَمْرِ بِالتَّجْنِيبِ عَلَى النَّدْبِ كَمَا قَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ ، أَوْ بِأَنَّهَا تُنَزَّهُ الْمَسَاجِدُ عَمَّنْ لَا يُؤْمَنُ حَدَثُهُ فِيهَا ."
فكما نرى استنبط العلماء من هذه الأحاديث جواز دخول الصبيان للمساجد ، مع تقريرهم بالكراهة وبأن الأولى اجتناب ذلك ، وكما هو معلوم أن الكراهة التنزيهية تزول لأدنى حاجة ( راجع مجموع الفتاوى ج4 ص 426 الشاملة - ج5 ص48 الشاملة - )
ولكن وضع العلماء لحضور الصبيان المساجد قواعد وضوابط ولم يتركوا الأمر فوضويا أو عشوائيا ، بل وضعوا الضوابط التي تكفل المحافظة على حرمة المسجد ، وسوف أنقل نصوص الفقهاء من المذاهب المختلفة ، ثم أضع خلاصة الضوابط التي وضعوها في نهاية المقال ، فإليك نصوصهم :
أولا : علماء المذهب المالكي
- في المدونة : " قَالَ : وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الصِّبْيَانِ يُؤْتَى بِهِمْ إلَى الْمَسَاجِدِ ؟ فَقَالَ : إنْ كَانَ لَا يَعْبَثُ لِصِغَرِهِ وَيَكُفُّ إذَا نُهِيَ فَلَا أَرَى بِهَذَا بَأْسًا ، قَالَ : وَإِنْ كَانَ يَعْبَثُ لِصِغَرِهِ فَلَا أَرَى أَنْ يُؤْتَى بِهِ إلَى الْمَسْجِدِ ." ( ج1 ص253 الشاملة )
2 - مواهب الجليل : " وَإِحْضَارُ صَبِيٍّ بِهِ لَا يَعْبَثُ وَيَكُفُّ إذَا نُهِيَ ) ش : قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ إذَا كَانَ يَعْبَثُ وَلَا يَكُفُّ إذَا نُهِيَ فَلَا يَجُوزُ إحْضَارُهُ لِمَا فِي الْحَدِيثِ { جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ مَجَانِينَكُمْ وَصِبْيَانَكُمْ } فَالشَّرْطُ فِي جَوَازِ إحْضَارِهِ أَحَدُ أَمْرَيْنِ : إمَّا عَدَمُ عَبَثِهِ أَوْ كَوْنُهُ يَكُفُّ إذَا نُهِيَ عَنْ الْعَبَثِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَيْ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ يَكُفُّ عَنْ الْعَبَثِ إذَا وَقَعَ فِي الْمَسْجِدِ وَفِي حَوَاشِي التُّجِيبِيِّ ، قَالَ يَعْنِي يَكُفُّ إذَا نُهِيَ قَبْلَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ يَعْنِي يَكُونُ شَأْنُهُ اسْتِمَاعَ مَا يُؤْمَرُ بِهِ وَتَرْكَ مَا نُهِيَ عَنْهُ ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَنْزِيهُ الْمَسَاجِدِ عَنْ لَعِبِ الصِّبْيَانِ بَلْ يُمْنَعُونَ مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ ، وَلَوْ بِالْعِلْمِ انْتَهَى .
وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي " رَسْمِ حَلَفَ " مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَنَصُّ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ إحْضَارِ الصَّبِيِّ أَحَدُ أَمْرَيْنِ : إمَّا عَدَمُ عَبَثِهِ أَوْ كَوْنُهُ يَكُفُّ إذَا نُهِيَ بِتَقْدِيرِ أَنْ يَعْبَثَ ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَنْزِيهُ الْمَسَاجِدِ عَنْ لَعِبِ الصِّبْيَانِ وَغَيْرِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ } الْآيَةَ انْتَهَى ." ( ج5 ص 49 الشاملة )
ثانيا : علماء المذهب الشافعي
1 - في روضة الطالبين : " وكذا الصبيان والمجانين يمنعون من دخوله." ( ج1 ص109 الشاملة )
2 - في المجموع : " من البدع المنكرة ما يفعل في كثير من البلدان من ايقاد القناديل الكثيرة العظيمة السرف في ليال معروفة من السنة كليلة نصف شعبان فيحصل بسبب ذلك مفاسد كثيرة منها مضاهات المجوس في الاعتناء بالنار والاكثار منها ومنها اضاعة المال في غير وجهه ومنها ما يترب على ذلك في كثير من المساجد من اجتماع الصبيان وأهل البطالة ولعبهم ورفع أصواتهم وامتهانهم المساجد وانتهاك حرمتها وحصول أوساخ فيها وغير ذلك من المفاسد التى يجب صيانة المسجد من أفرادها" ( ج2 ص177 -178 الشاملة )
3 - حاشيتا قليوبي وعميرة : " " وَاعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِتَصْرِيحِهِمْ بِتَحْرِيمِ إدْخَالِ الصِّبْيَانِ الْمَسَاجِدَ ، كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْعِدَّةِ ، وَاعْتَرَضَهُ النَّوَوِيُّ ، فَقَالَ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ إذَا لَمْ يَغْلِبْ تَنْجِيسُهُمْ كَانَ مَكْرُوهًا .
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ : فَهَذَا صَرِيحٌ فِي التَّحْرِيمِ عِنْدَ غَلَبَةِ النَّجَاسَةِ وَالْكَرَاهَةِ عِنْدَ عَدَمِ الْغَلَبَةِ " ( ج6 ص73 الشاملة ) "
4 - الأشباه والنظائر للسيوطي : " وَمِنْ ثَمَّ حُرِّمَ إدْخَالُهُ الصِّبْيَانَ وَالْمَجَانِينَ حَيْثُ غَلَبَ تَنْجِيسُهُمْ .
وَإِلَّا فَيُكْرَهُ كَمَا فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ وَالشَّهَادَاتِ ." ( ج2 ص 269 الشاملة )
ثالثا :علماء المذهب الحنبلي
- في مطالب أولي النهى : " ( وَيَجُوزُ تَعْلِيمُ كِتَابَةٍ لِصِبْيَانٍ ) فِي الْمَسْجِدِ بِالْأُجْرَةِ ، قَالَهُ فِي " الْآدَابِ الْكُبْرَى " بِشَرْطِ أَنْ ( لَا يَحْصُلَ مِنْهُمْ ضَرَرٌ فِيهِ ) ، أَيْ : الْمَسْجِدِ ، كَتَلْوِيثِهِ بِحِبْرٍ وَنَحْوِهِ .
( وَسُنَّ صَوْنُهُ ) ، أَيْ : الْمَسْجِدِ ، ( عَنْ ) صَغِيرٍ ( غَيْرِ مُمَيِّزٍ بِلَا مَصْلَحَةٍ ) وَلَا فَائِدَةٍ . ( ج6 ص3 )
2 - وقال أيضا : " ( وَ ) سُنَّ أَنْ ( يُصَانَ ) الْمَسْجِدُ عَنْ رَفْعِ الصِّبْيَانِ أَصْوَاتَهُمْ بِاللَّعِبِ " ( ج6 ص4 )
3 - جاء في كشاف القناع : " ( وَيُسَنُّ أَنْ يُصَانَ ) الْمَسْجِدُ ( عَنْ صَغِيرٍ لَا يُمَيِّزُ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ وَلَا فَائِدَةٍ ) ( ج6 ص223 )
4 - وقال في الفروع : " وَقِيلَ فِيهِ يُكْرَهُ كَصَغِيرٍ ، وَفِيهِ فِي النَّصِيحَةِ يُمْنَعُ لِلَّعِبِ ، لَا لِصَلَاةٍ وَقِرَاءَةٍ ، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ بَطَّةَ وَغَيْرِهِ ، وَأَطْلَقَ فِي الْخِلَافِ مَنْعَ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ ، وَنَقَلَ مُهَنَّا يَنْبَغِي أَنْ يُجَنَّبَ الصِّبْيَانُ الْمَسَاجِدَ " ( ج1 ص201 )
5 - قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " يُصَانُ الْمَسْجِدُ عَمَّا يُؤْذِيهِ ، وَيُؤْذِي الْمُصَلِّينَ فِيهِ ، حَتَّى رَفْعُ الصَّبِيَّانِ أَصْوَاتَهُمْ فِيهِ ؛ وَكَذَلِكَ تَوْسِيخُهُمْ لِحُصْرِهِ ، وَنَحْوُ ذَلِكَ .
لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ وَقْتَ الصَّلَاةِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَظِيمِ الْمُنْكَرَاتِ ." ( الفتاوى الكبرى ج2 ص197 )
6 - قال ابن رجب رحمه الله في فتح الباري : " وقال في رواية مهنا : ينبغي أن تجنب الصبيان المساجد ." ( ج3 ص277 )
وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء:
إذا كان الطفل مميزا شرع إحضاره إلى المسجد ليعتاد الصلاة مع جماعة المسلمين، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع » سنن أبي داود الصلاة (495) ، مسند أحمد (2/187).
أما ما يروى في هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: « جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم » فهو غير صحيح.
أما إذا كان الطفل غير مميز فالأفضل ألا يحضر إلى المسجد لأنه لا يعقل الصلاة ولا معنى الجماعة، ولما قد يسببه من الأذى للمصلين.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
بكر أبو زيد عضو... صالح الفوزان عضو... عبد الله بن غديان عضو... عبد العزيز آل الشيخ نائب الرئيس... عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس
الخلاصة : خلاصة ما ذكرنا هو أن الأصل جواز دخول الصبيان المساجد ، وإن كان الأولى اجتناب ذلك لعدم المميزين إلا لحاجة ، وأن علماءنا قد وضعوا ضوابط لحضور الصبيان إلى المسجد وهي :
1 - أن يؤمن عدم تنجيسهم المسجد ، و لا يجوز إحضار من لا يؤمن منهم تنجيس المسجد ، ويجب على وليه تطهير ما نجسه الصبي .
2 - أن يكون ممن لا يعبث في المسجد أو إذا عبث ونُهي عن ذلك كَف عن العبث .
3 - أن يكون لحاجة كتعليم أو تدريب على صلاة ونحو ذلك .
حكم طرد الأطفال من المسجد بحجة التشويش على المصلين
وخلاصة الأمر أنه يحرم طرد الأطفال من المساجد بل يجب تعويدهم على الحضور للمسجد ليتعلموا الصلاة وقراءة القرآن وأحكام التجويد وغير ذلك من الأحكام الشرعية.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اّله وصحبه وسلم .
بسم الله الرحمن الرحيم
( ظاهرة شَغَب الأطفال في المساجد )
(جمع وترتيب أبو أنس: أمين بن عباس)
عفا الله عنه وعن والديه
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن طريقة تعامل الرسول - صلى الله عليه وسلم - مع الأطفال في المسجد وأثناء الصلاة تختلف اختلافاً واضحاً عن واقع تعامل كثير من المسلمين مع الأطفال في المساجد وإليكم بعض المواقف التي حصلت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع بعض الأطفال حتى نتعلم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونهتدي بهديه عليه الصلاة والسلام:
1. عن شداد - رضي الله عنه - قال:( خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إحدى صلاتي العشي الظهر أو العصر وهو حامل حسناً أو حسيناً فتقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - فوضعه عند قدمه ثم كبر للصلاة فصلى فسجد سجدة أطالها قال: فرفعت رأسي من بين الناس فإذا الصبي على ظهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ساجد فرجعت إلى سجودي فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاة، قال الناس: يا رسول الله إنك سجدت سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر أو أنه يوحى إليك؟ قال: كل ذلك لم يكن ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته) رواه النسائي والحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
2. وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه - رضي الله عنه - قال: ( خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأقبل الحسن والحسين رضي الله عنهما عليهما قميصان أحمران يعثران ويقومان فنزل فأخذهما فصعد بهما المنبر ثم قال: صدق الله إنما أموالكم وأولادكم فتنة رأيت هذين فلم أصبر ثم أخذ في الخطبة ) رواه أبو داود.
3. وفي حديث آخر:( كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يصلي فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره فإذا منعوهما أشار إليهم أن دعوهما فلما قضى الصلاة وضعهما في حجره ) رواه ابن خزيمة في صحيحه.
4. وقال أبو قتادة رضي الله عنه:( رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمامة بنت العاص - ابنة زينب بنت الرسول - صلى الله عليه وسلم -- على عاتقه فإذا ركع وضعها وإذا رفع من السجود أعادها ) رواه البخاري ومسلم.
5. وفي رواية أخرى عن أبي قتادة - رضي الله عنه - قال:( بينما نحن جلوس في المسجد إذ خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحمل أمامة بنت أبي العاص بن الربيع وأمها زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي صبية يحملها فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي على عاتقه يضعها إذا ركع ويعيدها إذا قام حتى قضى صلاته يفعل ذلك بها ) رواه النسائي.
6. وفي حديث آخر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:( إني لأدخل في الصلاة وأنا أريد إطالتها فأسمع بكاء الصبي فأتجوّز في صلاتي مما أعلم من شدة وجد أمه من بكائه ) رواه البخاري ومسلم .
7. وفي رواية أخرى قال أنس - رضي الله عنه -:( كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسمع بكاء الصبي مع أمه وهو في الصلاة فيقرأ بالسورة الخفيفة أو بالسورة القصيرة ) رواه مسلم.
8. وفي حديث آخر أن النبي - صلى الله عليه وسلم -:( جوّز ذات يوم في الفجر - أي خفف - فقيل: يا رسول الله لم جوزت؟ قال: سمعت بكاء صبي فظننت أن أمه معنا تصلي فأردت أن أفرغ له أمه ) رواه أحمد بإسناد صحيح.
9.وعن الربيع بنت معوذ رضي الله عنها قالت أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة من كان أصبح صائماً فليتم صومه ومن كان أصبح مفطراً فليتم بقية يومه فكنا بعد ذلك نصومه ونصوم صبياننا الصغار منهم إن شاء الله ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناها إياه عند الإفطار ) رواه مسلم وغير ذلك من الأحاديث.
ويحتج بعض الناس على طرد الأطفال من المساجد بما روي في الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - قال:(جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم ). فهذا الحديث ضعيف عند العلماء ولا يصح الاستدلال به،
قال البزار: لا أصل له وكذلك قال عبد الحق الإشبيلي، وممن ضعفه الحافظ ابن حجر وابن الجوزي والمنذري والهيثمي وغيرهم. وظن عامة الناس أن هذا الحديث ثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعلهم يطردون الأطفال من المساجد وينكرون على من يحضرهم إلى المساجد وهذا موقف غير صحيح.
والحق أن الإسلام اعتنى بالأطفال، وأمر الآباء والأولياء بأن يأمروا أبناءهم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين. وإن المكان الصحيح لتعليمهم الصلاة وقراءة القرآن وأحكام التجويد وغيرها من أحكام الشرع هو المسجد.
هذا هو هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - في تعامله مع الأطفال في المسجد فلا يجوز لأحد أن يطرد الأطفال من المساجد لأنهم رجال المستقبل قال الله تعالى: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِر } سورة الأحزاب الآية21.
فعلينا أن نقتدي برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأن نعود أطفالنا على ارتياد المساجد بدلاً من بقائهم في الأزقة والحارات عرضة لفساد الأخلاق وسوء الرفاق.
ولكن لا بد من التنبيه أنه ينبغي عدم إحضار الأطفال الصغار جداً إلى المساجد لأنهم لا ينضبطون فمثل من كان عمره سنة أو سنتين أو ثلاث لا يحضر إلى المسجد ولا بأس بإحضار الأطفال الذين هم في الخامسة أو السادسة أو السابعة إلى المساجد.
ولو حصل أن بعض الأطفال شوشوا على المصلين في المسجد بالبكاء والصياح مثلاً فلا ينبغي أن يثير ذلك المصلين فيحتجون على الطفل وعلى أبيه أو أمه وقد يشوشون بذلك الاحتجاج أكثر من تشويش الطفل وإنما يتركون الأمر لإمام المسجد ليعالج الموضوع بالحكمة وإقتداء بمنهج النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك.وينبغي أن يعلم أن الرفق واللين أمران مطلوبان في مثل هذه المواقف. فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:(إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه ) رواه مسلم.
ولنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدوة حسنة فقد حدث أن أعرابياً دخل المسجد النبوي فبال فيه!؟ فصاح الصحابة به، فعالج النبي - صلى الله عليه وسلم - الموقف بكل رفق ولين، فقد جاء في الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:( قام أعرابي فبال في المسجد فتناوله الناس، فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: دعوه وهريقوا على بوله سجلاً من ماء أو ذنوباً من ماء فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين ) رواه البخاري ومسلم.
وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال:(بينما نحن في المسجد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد، فقال: أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مه مه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تزرموه دعوه، فتركوه حتى بال، ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعاه فقال له: إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن أو كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال فأمر رجلاً من القوم فجاء بدلو من ماء فشنه عليه ) رواه مسلم.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:( دخل أعرابي المسجد والنبي - صلى الله عليه وسلم - جالس فصلى، فلما فرغ قال: اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً، فالتفت إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: لقد تحجرت واسعاً، فلم يلبث أن بال في المسجد فأسرع إليه الناس، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:(أهريقوا عليه سجلاً من ماء أو دلواً من ماء، ثم قال: إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين ) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح. بتصرف من فتاوى الشبكة الإسلامية
فهذا هدي نبينا – صلى الله عليه وسلم وهذا هو الحق بعينه
فالحق أن الإسلام اعتنى بالأطفال ، وأمر الآباء والأولياء بأن يأمروا أبنائهم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين . وأن المكان الصحيح لتعليمهم الصلاة وغيرها من أحكام الشرع هو المسجد . ولقد كان الأطفال يحضرون إلى المسجد في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وكان عليه الصلاة والسلام يخفف الصلاة ويقصرها عندما يسمع بكاء طفل في المسجد بل إنه عليه الصلاة والسلام قطع خطبته وحمل الحسن والحسين ، لما دخلا المسجد فرآهما يعثران في ملابسهما فحملهما .
فعلينا أن نقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم وأن نعود أطفالنا على ارتياد المساجد بدلاً من بقائهم في الأزقة والحارات عرضة لفساد الأخلاق وسوء الرفاق .
وإني والله ليحزنني أن أرى من بعض إخواننا هذا التشدد الرهيب مع الأطفال أو أولياء أمورهم في حين أنني أرى غير المسلمين قد فتحوا ساحات كنائسهم وبيعهم للأطفال ثم يملؤونها بأنواع الألعاب المختلفة ثم يأتونهم بالهدايا. حتى إن كثيرا من الأطفال ليبكون أشد البكاء عندما يرغمهم زويهم على ترك الكنيسة أو المعبد
في حين أنني كثيرا ما أسأل من لا يصلون من المسلمين كبارا وصغارا ... (لماذا لا تصلون؟) فتكون معظم إجاباتهم أنهم في صغرهم ضُربوا من عامل المسجد أو شيخ المسجد أو من أحد المصلين ... وهذا صد عن سبيل الله.
ولكن ينبغي علينا أن ننبه أن الأطفال يتفاوتون فيما بينهم في العقل والفهم والاستجابة والتمييز فقد جاء في أحد فتاوى الشبكة الإسلامية أن الأطفال على قسمين:
1- قسم لا يعبث أو يعبث ولكنه إذا نهي كف، وهذا لا حرج في حضوره للمسجد، والأفضل أن يكون بجوار أبيه أو أحد أقاربه الكبار، ويتجنب به وسط الصف لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ليليني منكم أولوا الأحلام والنهى ، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم…." رواه مسلم من حديث أبي مسعود البدري الأنصاري رضي الله عنه.
2- وقسم يعبث وإذا نهي لا يكف، فهذا لا يجوز الإتيان به إلى المسجد، وإن أتى إليه أخرج منه، لما يترتب على وجوده من تشويش على المصلين، وهذا التفصيل هو الراجح عند أهل العلم،
قال ابن عثيمين – رحمه الله – في مجموع فتاواه ج13/18 منبها على بعض الأخطاء التي تقع من البعض في حق المساجد ((... تهاون بعض الآباء في إحضار الأطفال غير المميزين إلى المسجد، مع عدم تفهيمهم لحرمة المكان؛ مما يؤدي إلى حصول التشويش على المصلين؛ بسبب ركضهم وصياحهم. فالصواب أنه لابد من تعليمهم حرمة المسجد، ولزوم الهدوء فيه؛ وإلا فلا يشرع إحضارهم. انتهى
و عليه من منع الإتيان إلى المساجد بالصبيان مطلقاً فقد جانب الصواب،
وقد يحتج بعضهم بحديث " جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم ..." ؛ ومن ثم يقوم بطرد الصبيان المميزين من المسجد. وفي ذلك تنفير لهم من المسجد ورواده. وهذا موقف غير صحيح.
هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى أن هذا الحديث الذي يستشهدون به لا تقوم بمثله حجة لأنه حديث ضعيف جدا
فهَذَا الحَدِيث رَوَاهُ ابْن مَاجَه فِي «سنَنه» من رِوَايَة مَكْحُول عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع قَالَ : قَالَ رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - : «جَنبُوا مَسَاجِدكُمْ صِبْيَانكُمْ وَمَجَانِينكُمْ وشراركم وَبَيْعكُمْ ، وَخُصُومَاتكُمْ وَرفع أَصْوَاتكُم ، وَإِقَامَة حُدُودكُمْ وسل سُيُوفكُمْ ، وَاتَّخذُوا عَلَى أَبْوَابهَا الْمَطَاهِر وَجَمِّرُوهَا فِي الْجمع» .
وَهُوَ حَدِيث ضَعِيف فِي إِسْنَاده الْحَارِث بن نَبهَان الْبَصْرِيّ الْجرْمِي
وَقد ضَعَّفُوهُ قَالَ يَحْيَى لَا يكْتب حَدِيثه لَيْسَ بِشَيْء .
وَقَالَ أَحْمد وَالْبُخَارِيّ : مُنكر الحَدِيث .
وَقَالَ النَّسَائِيّ : مَتْرُوك الحَدِيث .
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ : لَيْسَ بِالْقَوِيّ .
وَقَالَ ابْن حبَان : خرج عَن حد الِاحْتِجَاج بِهِ وَفِي إِسْنَاده أَيْضا عَنهُ ابْن يقظان وَقد وَثَّقَهُ بَعضهم .
وَقَالَ النَّسَائِيّ : غير ثِقَة .
وَقَالَ عَلّي بن الْجُنَيْد : لَا يُسَاوِي شَيْئا .
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من رِوَايَة أبي أُمَامَة وواثلة مَرْفُوعا بِاللَّفْظِ الْمُتَقَدّم ،
وَذكره عبد الْحق فِي «أَحْكَامه» كَذَلِك بِزِيَادَة [ أبي ] الدَّرْدَاء أَيْضا تبعا لِابْنِ عدي وَأَعلاهُ بِالْعَلَاءِ بن كثير الدِّمَشْقِي .
قَالَ الْبَيْهَقِيّ : هُوَ شَامي مُنكر الحَدِيث .
وَقَالَ عبد الْحق : هُوَ ضَعِيف عِنْدهم .
قَالَ ابْن الْقطَّان : وَلَا يرويهِ عَن الْعَلَاء إِلَّا [ أَبُو ] نعيم النَّخعِيّ كُوفِي ،
وَقد قَالَ فِيهِ أَحْمد : لَيْسَ بِشَيْء .
وَقَالَ يَحْيَى : بِالْكُوفَةِ كذابان أَحدهمَا هُوَ وَالْآخر أَبُو نعيم ضرار بن صرد .
قَالَ أَبُو أَحْمد : لَهُ أَحَادِيث أنْكرت عَلَيْهِ .
قَالَ ابْن الْقطَّان : الْحمل فِي هَذَا الحَدِيث عَلَى الْعَلَاء وَهُوَ لَا يرويهِ عَنهُ إِلَّا هَذَا الْكذَّاب ؛ ظلم لَهُ .
الْحَافِظ أَبُو الْفرج بن الْجَوْزِيّ القَوْل فِي تَضْعِيفه فَقَالَ : إِنَّه حَدِيث لَا يَصح .
قَالَ الْحَافِظ أَبُو بكر الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» : وَرُوِيَ هَذَا الحَدِيث عَن يَحْيَى بن الْعَلَاء ، عَن معَاذ مَرْفُوعا وَلَيْسَ بِصَحِيح .
وَذكره عبد الْحق من طَرِيق الْبَزَّار من حَدِيث ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا «جَنبُوا مَسَاجِدكُمْ صِبْيَانكُمْ وَمَجَانِينكُمْ» ثمَّ قَالَ : يرويهِ مُوسَى بن عُمَيْر ، قَالَ الْبَزَّار : لَيْسَ لَهُ أصل من حَدِيث عبد الله .
قَالَ ابْن الْقطَّان : وَهَذَا الحَدِيث وَالْكَلَام بعده لَيْسَ فِي سَنَد حَدِيث ابْن مَسْعُود من كتاب الْبَزَّار وَلَعَلَّه نَقله من بعض أَمَالِيهِ الَّتِي تقع لَهُ .
قلت : وَأخرجه أَيْضا حَاتِم بن إِسْمَاعِيل عَن عبد الله بن مُحَرر ، عَن يزِيد [ بن ] الْأَصَم ، عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا «جَنبُوا مَسَاجِدكُمْ صِبْيَانكُمْ وَمَجَانِينكُمْ» . وَعبد الله هَالك ترك النَّاس حَدِيثه .
إذا الحديث بكل طرقه لا يصح ولا تقوم به حجة
بل هذا الجزء من الحديث (جَنبُوا مَسَاجِدكُمْ صِبْيَانكُمْ وَمَجَانِينكُم) مخالف لظاهر كثير من النصوص الصحيحة التي تبيح في الأصل مجيء الصبيان إلى المساجد
فلقد وردت بعض الأحاديث النبوية التي تدل على دخول الصبيان المساجد ، ولم يرد في النهي عن ذلك حديث صحيح ، ومن الأحاديث الدالة على الجواز على سبيل المثال لا الحصر :
- عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَبِي الْعَاصِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا ( متفق عليه )
وفي رواية عند مسلم : " عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَؤُمُّ النَّاسَ وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ وَهِيَ ابْنَةُ زَيْنَبَ بِنْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَاتِقِهِ فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا وَإِذَا رَفَعَ مِنْ السُّجُودِ أَعَادَهَا "
- عَنْ أَبِي قتادة قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَأَقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلَاتِي كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ ( متفق عليه )
ولهذا أخذ بعض أهل العلم من هذه الأحاديث جواز إدخال الصبيان إلى المساجد
وقد استخرج الأخ الكريم : أنس محمد بملتقى أهل الحديث أصولا لأهل العلم المعتمدين من أصحاب المذاهب الأربعة فجزاه الله عنا خير الجزاء/
- قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم ( ج2 ص218 الشاملة ) : " وَأَنَّ الصَّبِيّ يَجُوز إِدْخَاله الْمَسْجِد وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى تَنْزِيه الْمَسْجِد عَمَّنْ لَا يُؤْمَن مِنْهُ حَدَث ."
- وقال ابن رجب رحمه الله في فتح الباري ( ج3 ص277 الشاملة ) : " وقالوا : يكره إدخال المجانين والصبيان - الذين لا يميزون - المساجد ، ولا يحرم ذلك ؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى وهو حامل أمامة ، وفعله لبيان الجواز ."
- وقال الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار ( ج3 ص128 - 129 الشاملة ) : " وَفِيهِ جَوَازُ إدْخَالِ الصِّبْيَانِ الْمَسَاجِدَ وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ وَخُصُومَاتِكُمْ وَحُدُودَكُمْ وَشِرَاءَكُمْ وَبَيْعَكُمْ وَجَمِّرُوهَا يَوْمَ جُمَعِكُمْ وَاجْعَلُوا عَلَى أَبْوَابِهَا مَطَاهِرَكُمْ } وَلَكِنَّ الرَّاوِيَ لَهُ عَنْ مُعَاذٍ مَكْحُولٌ وَهُوَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ ، وَأَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ وَمَجَانِينَكُمْ وَشِرَاءَكُمْ وَبَيْعَكُمْ وَخُصُومَاتِكُمْ وَرَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ وَإِقَامَةَ حُدُودِكُمْ وَسَلَّ سُيُوفِكُمْ وَاِتَّخِذُوا عَلَى أَبْوَابِهَا الْمَطَاهِرَ وَجَمِّرُوهَا فِي الْجُمَعِ } وَفِي إسْنَادِهِ الْحَارِثُ بْنُ شِهَابٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ .
وَقَدْ عَارَضَ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ الضَّعِيفِينَ حَدِيثُ أُمَامَةَ الْمُتَقَدِّمُ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَحَدِيثُ الْبَابِ وَحَدِيثُ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { إنِّي لَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ وَأَنَا فِي الصَّلَاةِ فَأُخَفِّفُ ، مَخَافَةَ أَنْ تُفْتَتَنَ أُمُّهُ } وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَيُجْمَعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ بِحَمْلِ الْأَمْرِ بِالتَّجْنِيبِ عَلَى النَّدْبِ كَمَا قَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ ، أَوْ بِأَنَّهَا تُنَزَّهُ الْمَسَاجِدُ عَمَّنْ لَا يُؤْمَنُ حَدَثُهُ فِيهَا ."
فكما نرى استنبط العلماء من هذه الأحاديث جواز دخول الصبيان للمساجد ، مع تقريرهم بالكراهة وبأن الأولى اجتناب ذلك ، وكما هو معلوم أن الكراهة التنزيهية تزول لأدنى حاجة ( راجع مجموع الفتاوى ج4 ص 426 الشاملة - ج5 ص48 الشاملة - )
ولكن وضع العلماء لحضور الصبيان المساجد قواعد وضوابط ولم يتركوا الأمر فوضويا أو عشوائيا ، بل وضعوا الضوابط التي تكفل المحافظة على حرمة المسجد ، وسوف أنقل نصوص الفقهاء من المذاهب المختلفة ، ثم أضع خلاصة الضوابط التي وضعوها في نهاية المقال ، فإليك نصوصهم :
أولا : علماء المذهب المالكي
- في المدونة : " قَالَ : وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الصِّبْيَانِ يُؤْتَى بِهِمْ إلَى الْمَسَاجِدِ ؟ فَقَالَ : إنْ كَانَ لَا يَعْبَثُ لِصِغَرِهِ وَيَكُفُّ إذَا نُهِيَ فَلَا أَرَى بِهَذَا بَأْسًا ، قَالَ : وَإِنْ كَانَ يَعْبَثُ لِصِغَرِهِ فَلَا أَرَى أَنْ يُؤْتَى بِهِ إلَى الْمَسْجِدِ ." ( ج1 ص253 الشاملة )
2 - مواهب الجليل : " وَإِحْضَارُ صَبِيٍّ بِهِ لَا يَعْبَثُ وَيَكُفُّ إذَا نُهِيَ ) ش : قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ إذَا كَانَ يَعْبَثُ وَلَا يَكُفُّ إذَا نُهِيَ فَلَا يَجُوزُ إحْضَارُهُ لِمَا فِي الْحَدِيثِ { جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ مَجَانِينَكُمْ وَصِبْيَانَكُمْ } فَالشَّرْطُ فِي جَوَازِ إحْضَارِهِ أَحَدُ أَمْرَيْنِ : إمَّا عَدَمُ عَبَثِهِ أَوْ كَوْنُهُ يَكُفُّ إذَا نُهِيَ عَنْ الْعَبَثِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَيْ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ يَكُفُّ عَنْ الْعَبَثِ إذَا وَقَعَ فِي الْمَسْجِدِ وَفِي حَوَاشِي التُّجِيبِيِّ ، قَالَ يَعْنِي يَكُفُّ إذَا نُهِيَ قَبْلَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ يَعْنِي يَكُونُ شَأْنُهُ اسْتِمَاعَ مَا يُؤْمَرُ بِهِ وَتَرْكَ مَا نُهِيَ عَنْهُ ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَنْزِيهُ الْمَسَاجِدِ عَنْ لَعِبِ الصِّبْيَانِ بَلْ يُمْنَعُونَ مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ ، وَلَوْ بِالْعِلْمِ انْتَهَى .
وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي " رَسْمِ حَلَفَ " مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَنَصُّ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ إحْضَارِ الصَّبِيِّ أَحَدُ أَمْرَيْنِ : إمَّا عَدَمُ عَبَثِهِ أَوْ كَوْنُهُ يَكُفُّ إذَا نُهِيَ بِتَقْدِيرِ أَنْ يَعْبَثَ ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَنْزِيهُ الْمَسَاجِدِ عَنْ لَعِبِ الصِّبْيَانِ وَغَيْرِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ } الْآيَةَ انْتَهَى ." ( ج5 ص 49 الشاملة )
ثانيا : علماء المذهب الشافعي
1 - في روضة الطالبين : " وكذا الصبيان والمجانين يمنعون من دخوله." ( ج1 ص109 الشاملة )
2 - في المجموع : " من البدع المنكرة ما يفعل في كثير من البلدان من ايقاد القناديل الكثيرة العظيمة السرف في ليال معروفة من السنة كليلة نصف شعبان فيحصل بسبب ذلك مفاسد كثيرة منها مضاهات المجوس في الاعتناء بالنار والاكثار منها ومنها اضاعة المال في غير وجهه ومنها ما يترب على ذلك في كثير من المساجد من اجتماع الصبيان وأهل البطالة ولعبهم ورفع أصواتهم وامتهانهم المساجد وانتهاك حرمتها وحصول أوساخ فيها وغير ذلك من المفاسد التى يجب صيانة المسجد من أفرادها" ( ج2 ص177 -178 الشاملة )
3 - حاشيتا قليوبي وعميرة : " " وَاعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِتَصْرِيحِهِمْ بِتَحْرِيمِ إدْخَالِ الصِّبْيَانِ الْمَسَاجِدَ ، كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْعِدَّةِ ، وَاعْتَرَضَهُ النَّوَوِيُّ ، فَقَالَ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ إذَا لَمْ يَغْلِبْ تَنْجِيسُهُمْ كَانَ مَكْرُوهًا .
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ : فَهَذَا صَرِيحٌ فِي التَّحْرِيمِ عِنْدَ غَلَبَةِ النَّجَاسَةِ وَالْكَرَاهَةِ عِنْدَ عَدَمِ الْغَلَبَةِ " ( ج6 ص73 الشاملة ) "
4 - الأشباه والنظائر للسيوطي : " وَمِنْ ثَمَّ حُرِّمَ إدْخَالُهُ الصِّبْيَانَ وَالْمَجَانِينَ حَيْثُ غَلَبَ تَنْجِيسُهُمْ .
وَإِلَّا فَيُكْرَهُ كَمَا فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ وَالشَّهَادَاتِ ." ( ج2 ص 269 الشاملة )
ثالثا :علماء المذهب الحنبلي
- في مطالب أولي النهى : " ( وَيَجُوزُ تَعْلِيمُ كِتَابَةٍ لِصِبْيَانٍ ) فِي الْمَسْجِدِ بِالْأُجْرَةِ ، قَالَهُ فِي " الْآدَابِ الْكُبْرَى " بِشَرْطِ أَنْ ( لَا يَحْصُلَ مِنْهُمْ ضَرَرٌ فِيهِ ) ، أَيْ : الْمَسْجِدِ ، كَتَلْوِيثِهِ بِحِبْرٍ وَنَحْوِهِ .
( وَسُنَّ صَوْنُهُ ) ، أَيْ : الْمَسْجِدِ ، ( عَنْ ) صَغِيرٍ ( غَيْرِ مُمَيِّزٍ بِلَا مَصْلَحَةٍ ) وَلَا فَائِدَةٍ . ( ج6 ص3 )
2 - وقال أيضا : " ( وَ ) سُنَّ أَنْ ( يُصَانَ ) الْمَسْجِدُ عَنْ رَفْعِ الصِّبْيَانِ أَصْوَاتَهُمْ بِاللَّعِبِ " ( ج6 ص4 )
3 - جاء في كشاف القناع : " ( وَيُسَنُّ أَنْ يُصَانَ ) الْمَسْجِدُ ( عَنْ صَغِيرٍ لَا يُمَيِّزُ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ وَلَا فَائِدَةٍ ) ( ج6 ص223 )
4 - وقال في الفروع : " وَقِيلَ فِيهِ يُكْرَهُ كَصَغِيرٍ ، وَفِيهِ فِي النَّصِيحَةِ يُمْنَعُ لِلَّعِبِ ، لَا لِصَلَاةٍ وَقِرَاءَةٍ ، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ بَطَّةَ وَغَيْرِهِ ، وَأَطْلَقَ فِي الْخِلَافِ مَنْعَ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ ، وَنَقَلَ مُهَنَّا يَنْبَغِي أَنْ يُجَنَّبَ الصِّبْيَانُ الْمَسَاجِدَ " ( ج1 ص201 )
5 - قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " يُصَانُ الْمَسْجِدُ عَمَّا يُؤْذِيهِ ، وَيُؤْذِي الْمُصَلِّينَ فِيهِ ، حَتَّى رَفْعُ الصَّبِيَّانِ أَصْوَاتَهُمْ فِيهِ ؛ وَكَذَلِكَ تَوْسِيخُهُمْ لِحُصْرِهِ ، وَنَحْوُ ذَلِكَ .
لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ وَقْتَ الصَّلَاةِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَظِيمِ الْمُنْكَرَاتِ ." ( الفتاوى الكبرى ج2 ص197 )
6 - قال ابن رجب رحمه الله في فتح الباري : " وقال في رواية مهنا : ينبغي أن تجنب الصبيان المساجد ." ( ج3 ص277 )
وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء:
إذا كان الطفل مميزا شرع إحضاره إلى المسجد ليعتاد الصلاة مع جماعة المسلمين، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع » سنن أبي داود الصلاة (495) ، مسند أحمد (2/187).
أما ما يروى في هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: « جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم » فهو غير صحيح.
أما إذا كان الطفل غير مميز فالأفضل ألا يحضر إلى المسجد لأنه لا يعقل الصلاة ولا معنى الجماعة، ولما قد يسببه من الأذى للمصلين.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
بكر أبو زيد عضو... صالح الفوزان عضو... عبد الله بن غديان عضو... عبد العزيز آل الشيخ نائب الرئيس... عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس
الخلاصة : خلاصة ما ذكرنا هو أن الأصل جواز دخول الصبيان المساجد ، وإن كان الأولى اجتناب ذلك لعدم المميزين إلا لحاجة ، وأن علماءنا قد وضعوا ضوابط لحضور الصبيان إلى المسجد وهي :
1 - أن يؤمن عدم تنجيسهم المسجد ، و لا يجوز إحضار من لا يؤمن منهم تنجيس المسجد ، ويجب على وليه تطهير ما نجسه الصبي .
2 - أن يكون ممن لا يعبث في المسجد أو إذا عبث ونُهي عن ذلك كَف عن العبث .
3 - أن يكون لحاجة كتعليم أو تدريب على صلاة ونحو ذلك .
حكم طرد الأطفال من المسجد بحجة التشويش على المصلين
وخلاصة الأمر أنه يحرم طرد الأطفال من المساجد بل يجب تعويدهم على الحضور للمسجد ليتعلموا الصلاة وقراءة القرآن وأحكام التجويد وغير ذلك من الأحكام الشرعية.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اّله وصحبه وسلم .
تعليق