إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

احكام الوضوء

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • احكام الوضوء

    احكام الوضوء

    اعداد: د حمدى طه

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد
    فسوف نبدأبعون الله تعالىمن أول هذا العدد بالحديث عن الوضوء، وما يتعلق به من أحكام، فهو مقدمة للصلاة، والإسلام يولي عناية كبيرة بطهارة الظاهر والباطن، وقد امتدح الله تعالى المتطهرين فقال جل وعلاإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ
    أولاً التعريف
    في اللغة الوُضُوء في اللغة بضم الواو هو اسم للفعل، وأما بفتح الواو فيُطلق على الماء الذي يُتوضأ به، وهو مشتق من الوضاءة، أي الحسن والنظافةلسان العرب
    في الاصطلاح هو طهارة مائية تتعلق بأعضاء مخصوصة على وجه مخصوصحاشية العدوي على شرح الخرشي
    ثانيًا مشروعيته الوضوء مشروع بالكتاب والسنة والإجماع
    فمن الكتاب قوله تعالىيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِالمائدة
    ومن السنة ما ثبت من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول اللهقال «لا تُقبل صلاة بغير طهور»مسلم
    الإجماع نقل أكثر أهل العلم الإجماع على مشروعية الوضوءانظر الدر المختار، والتاج والإكليل، وشرح منتهى الإرادات
    مسألة هل الوضوء من الشرائع القديمة؟
    ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الوضوء من الشرائع القديمة، وأنه كان في تلك الشرائع، وأنه ليس مختصًّا بأمة محمد ، واحتجوا بما ثبت عند البخاري في صحيحه في قصة إبراهيم عليه السلام لما مر على الجبار ومعه سارة، وفيها «أنها لما دخلت على الجبار توضأت وصلَّت ودعت الله عز وجل»البخاري ، ومسلم
    وكذلك ما ورد في قصة جريج الراهب حين اتُّهِمَ بالزنا، وفيها «أنه توضأ وصلى، ثم قال للغلام من أبوك ؟ فقال الراعي»البخاري ، ومسلم

    وقالوا إن الذي اختصت بها الأمة هو الكيفية المخصوصة، أو أثر الوضوء وهو بياض محله يوم القيامة المسمى بالغرة والتحجيلالموسوعة الفقهية الكويتية
    ثالثًا فضل الوضوء
    للوضوء فضل عظيم، بيَّنه رسول اللهفي عدة أحاديث نذكر منها
    الوضوء شطر الإيمان
    عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله«الطهور شطر الإيمان»مسلم
    الوضوء مكفِّر للذنوب
    عن عثمان بن عفان رضي الله عنه في وصفه لوضوء النبيأنه توضأ ثم قال «إني رأيت رسول اللهتوضأ مثل وضوئي هذا، ثم قال من توضأ هكذا غُفر له ما تقدم من ذنبه»مسلم
    وعنه أيضًا رضي الله عنه قال قال رسول الله«من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه حتى تخرج من تحت أظفاره»مسلم
    الوضوء علامة أهل الإيمان يوم القيامة
    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول اللهيقول «إن أمتي يدعون يوم القيامة غرًّا محجلين من آثار الوضوء، فمن استطاع أن يطيل غرته فليفعل»البخاري، ومسلم
    الوضوء مفتاح الجنة
    عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبيقال «ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ، أو فيسبغ الوضوء، ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء» وفي رواية أخرى «أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله»مسلم
    رابعًا حكم الوضوء
    يختلف حكم الوضوء بحسب الأحوال على ما يلي
    الوجوب هناك عبادات يجب لها الوضوء وهي
    أ الصلاة فقد اتفق أهل العلم على أن الوضوء واجب على المُحْدِث إذا أراد القيام للصلاة فرضًا كان أو نفلاً؛ لقوله تعالىيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ الآية؛ ولأن الوضوء شرط لصحة الصلاة؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله«لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ» البخاري
    وذهب جمهور الفقهاء إلى أن الوضوء فرض لسجدة التلاوة؛ باعتبار أنه يُشترط لسجدة التلاوة ما يُشترط للصلاة
    ب الطواف
    يجب الوضوء للطواف حول الكعبة فرضًا كان أو نفلاً، وهو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة، وكذا الحنفيةالفقه الإسلامي وأدلته د وهبة الزحيليإلا أنهم قالوا بأنه واجب وليس بفرض على قاعدتهم في التفريق بين الفرض والواجب
    والجمهور على عدم الفرق، وقد استدلوا على وجوب الوضوء للطواف بحديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول اللهقال «الطواف حول البيت مثل الصلاة، إلا أنكم تتكلمون فيه، فمن تكلم فيه فلا يتكلمن إلا بخير»الترمذي، وصححه الألباني
    جـ مس المصحف
    اختلف الفقهاء في وجوب الوضوء لمس المصحف، فذهب جمهور الفقهاء كالأئمة الأربعة وغيرهم إلى وجوب الوضوء عند مسّ المصحف، وذهب داود الظاهري وبعض أهل العلم إلى أنه لا يحرم على المُحْدِث أن يمس المصحف، وقد استدل الجمهور على صحة مذهبهم بالكتاب والسنة والرأي
    فمن الكتاب قوله تعالىإِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ الآية
    وجه الدلالة أن الضمير في قوله لاَ يَمَسُّهُ يعود على القرآن؛ لأن الآيات سبقته للحديث عنه، والمطهر هو الذي أتى بالوضوء والغسل من الجنابة بدليل قوله تعالى وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ الآيةالشرح الممتع
    ومن السنة ما جاء في كتاب عمرو بن حزم الذي كتبه النبيإلى أهل اليمن، وفيه «ألا يمس القرآن إلا طاهر»أخرجه مالك في الموطأ ، وعبد الرزاق في مصنفه وصححه الألباني في صحيح الجامع
    وقد تكلم في صحة هذا الحديث كثير من أهل الحديث، كما نقل الحافظ في تلخيص الحبير، إلا أن جماعة من الأئمة قد صححوا الحديث من حيث الشهرة، فقال ابن عبد البر في التمهيد «هذا كتاب مشهور عند أهل السير، معروف عند أهل العلم معرفةً يُستغنى بشهرتها عن الإسناد؛ لأنه أشبه المتواتر في مجيئه؛ لتلقي الناس له بالقبول والمعرفة»التمهيد
    وجه الدلالة من الحديث
    أن الطاهر هو المتطهر طهارة حسية من الحدث؛ لأن المؤمن طهارته المعنوية كاملة، والمصحف لا يقرأه غالبًا إلا المؤمنون، فلما قال «إلا طاهر»، علمنا أن المراد قدر زائد عن الطهارة المعنوية، وهو الطهارة من الحدث
    ومن النظر الصحيح أنه ليس في الوجود كلام أشرف من كلام الله، فإذا أوجب الطهارة للطواف حول بيته، فالطهارة لتلاوة كتابه الذي تكلم به من باب أولىالشرح الممتع
    وقد رد من قال بعدم وجوب الوضوء لمس المصحف على أدلة الجمهور بما لا يتسع المجال لذكره، خاصة وأن مذهب الجمهور أقوى وأرجح فنقتصر على أدلتهم
    وقد رخص بعض أهل العلم كالإمام مالك في مس المصحف بدون وضوء للمعلم والمتعلم؛ إذا خشيا النسيان، أو طال البقاء في محل التعليم مع مشقة الوضوء، ويمكن أن يرخص كذلك في مس المصحف بدون وضوء لكل من لا يستطيع المحافظة على وضوئه ويجد لديه مشقة في الوضوء
    الاستحباب أو الندب
    وضع أهل العلم ضابطًا للوضوء المندوب، فقالوا هو كل وضوء ليس شرطًا في صحة ما يُفعل به، بل من كمالات ما يفعل بهحاشية الصاوي على الشرح الصغير
    أ عند القيام لكل صلاة
    يندب تجديد الوضوء لكل صلاة، حتى وإن كان على طهارة وهذا محل اتفاق بين الأئمة ولم يخالف في ذلك إلا ابن حزم الظاهري
    قال القرطبي في تفسير قوله تعالىيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِالآية وظاهرها يقتضي الوضوء على كل قائم إلى الصلاة، محدثًا كان أو غيره، وإنما معناه إذا قمتم إلى الصلاة وأنتم محدثون، وإنما أضمر وأنتم محدثون كراهة أن يفتتح آية الطهارة بذكر الحدث
    ولقوله«لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم عند كل صلاة بوضوء، ومع كل وضوء بسواك»أحمد ، وحسنه الألباني في صحيح الجامع
    ب عند النوم
    استحب جمهور العلماء لمن أراد النوم أن يتوضأ قبل نومه؛ لحديث البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبيقال له «إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل» متفق عليه
    جـ عند ذكر الله
    اتفق علماء المذاهب الأربعة على استحباب الوضوء عند ذكر الله تعالى من دعاء، وقراءة قرآن، وتسبيح ودراسة العلم الشرعي، وغير ذلك، وكان الإمام مالك رحمه الله يتوضأ ويتطهر عند إملاء الحديث عن رسول الله ؛ تعظيمًا له
    د عند الأذان والإقامة
    يستحب لمن أراد أن يؤذن للصلاة أو يقيم الصلاة أن يكون على طهارة كاملة من الحدث الأصغر والأكبر، فقد اتفق علماء المذاهب الأربعة على كراهية الأذان مع وجود الحدث، فإن الوضوء للأذان والإقامة كان هدي مؤذني الرسول
    هـ عند الأكل والشرب والنوم ومعاودة الوطء للجنب
    يستحب للجنب أن يتوضأ إذا أراد أن يأكل أو يشرب أو ينام؛ لقول عائشة رضي الله عنها «كان النبيإذا كان جنبًا فأراد أن يأكل أو ينام توضأ»مسلم
    ولحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبيقال «إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلْيَتَوَضَّأْ»مسلم
    ومعنى أراد أن يعود أي إلى الوطء مرة أخرى وقد قيل إن الحكمة في ذلك هو تخفيف الحدث
    وقال البعض لما كانت الجنابة منافية لهيئة الملائكة، كان المرضي في حق المؤمن أن لا يسترسل في حوائجه من النوم والأكل والجماع مع الجنابة، فإذا تعذرت الطهارة الكبرى لا ينبغي أن يدع الطهارة الصغرى
    و عند الغضب
    يُستحب للمرء إذا أصابه الغضب أن يتوضأ، وهذا محل اتفاق عند الأئمة الأربعة وغيرهم، واستدلوا لذلك بقوله«إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خُلق من النار، وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ»أبو داود ، وضعفه الألباني
    ز بعد حمل الميت
    يندب لمن حمل الميت أن يتوضأ بعد حمله؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبيقال «من غسل ميتًا فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ»أحمد ، وصححه الألباني
    ح قبل الاغتسال
    يستحب لمن أراد الاغتسال، سواء كان الغسل فرضًا أو نفلاً أن يتوضأ في أول الغسل؛ لما ثبت من حديث عائشة رضي الله عنها «كان النبيإذا اغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه، ثم يتوضأ، كما يتوضأ لصلاته» متفق عليه
    وللحديث بقية في العدد القادم إن شاء الله تعالى
    ــــــــــــــــــــ

    فائدة يفرق الحنفية بين الفرض والواجب خلافًا للجمهور، فيقولون إن الفرض ما ثبت بدليل قطعي لا شبهة فيه، مثل وجوب الوضوء للصلاة؛ لأنه ثبت بدليل قطعي الثبوت وهو القرآن الكريم، وحكم الفرض اللزوم علمًا أي حصول العلم القطعي بثبوته وتصديقًا بالقلب أي اعتقاد حقيقته ، وعملاً باليد، ويكفر جاحده ويفسق تاركه بلا عذر، فمن أنكر وجوب الوضوء للصلاة فهو كافر عندهم والواجب ما ثبت بدليل ظني فيه شبهة كصدقة الفطر والأضحية؛ لأنهما ثبت حكمهما بدليل ظني وهو أحاديث الآحاد وحكمه اللزوم عملاً كالفرض لا علمًا، ولذلك لا يكفر جاحده عندهم ويفسق تاركه بلا تأويل



    منقول
يعمل...
X