السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،
جلوس الرجال إلى جانب النساء في وسائل النقل
الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف خلق الله وبعد ؛
فإننا نرى اليوم هذا الاختلاط و مزاحمة النساء للرّجال التي عمّت بها البلوى في هذا الزّمان
في أكثر الأماكن كالأسواق والمستشفيات والجامعات وغيرها
وكم نتمنى أن تُتخذ الوسائل المناسبة لتلافي هذا الاختلاط مع تحقيق ما أمكن من المصالح ،
مثل عزل مكان الرجال عن النساء ، وتخصيص أبواب للفريقين ، واستعمال وسائل الاتّصالات
الحديثة لإيصال الصوت ، وتسريع الوصول إلى الكفاية في تعليم النساء للنساء وهكذا
فاجتماع الرجال والنساء في مكان واحد ، ومزاحمة بعضهم لبعض ، وكشف النّساء على
الرّجال ، كلّ ذلك من الأمور المحرّمة في الشريعة
لأنّ ذلك من أسباب الفتنة وثوران الشهوات ومن الدّواعي للوقوع في الفواحش والآثام
قال تعالى :
{ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } الأحزاب 53
وقد راعى النبي صلى الله عليه وسلم منع اختلاط الرّجال بالنساء حتى في أحبّ
بقاع الأرض إلى الله وهي المساجد وذلك بفصل صفوف النّساء عن الرّجال ، والمكث
بعد السلام حتى ينصرف النساء ، وتخصيص باب خاص في المسجد للنساء
عن أم سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ
قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ وَمَكَثَ يَسِيرًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ)
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : فَأُرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ مُكْثَهُ لِكَيْ يَنْفُذَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ مَنْ انْصَرَفَ مِنْ الْقَوْمِ"
رواه البخاري
وعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لَوْ تَرَكْنَا هَذَا الْبَابَ لِلنِّسَاءِ ) قَالَ
نَافِعٌ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ ابْنُ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ" رواه أبو داود
وعن أبي هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا )
رواه مسلم
وإذا كانت هذه الإجراءات قد اتّخذت في المسجد وهو مكان العبادة الطّاهر الذي يكون فيه النّساء
والرّجال أبعد ما يكون عن ثوران الشهوات فاتّخاذها في غيره ولا شكّ من باب أولى
وقد روى أَبو أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ
الْمَسْجِدِ فَاخْتَلَطَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنِّسَاءِ :
( اسْتَأْخِرْنَ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ ( تَسِرْن وسط الطريق ) عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ )
فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تَلْتَصِقُ بِالْجِدَارِ حَتَّى إِنَّ ثَوْبَهَا لَيَتَعَلَّقُ بِالْجِدَارِ مِنْ لُصُوقِهَا بِهِ
رواه أبو داود في كتاب الأدب من سننه
ومعلوم ما في اختلاط الرجال بالنساء في وسائل المواصلات أو العمل أو الدراسة
من مفاسد عظيمة لا تخفى ،ولكن ما العمل إذا اضطر الإنسان لركوب وسيلة من وسائل
المواصلات المختلطة نقول وبالله التوفيق :
عليه أن يتقي الله تعالى ما استطاع ، وأن يغض بصره عن الحرام ، وأن يتجنب الجلوس
بجوار النساء ، مهما أمكنه ذلك ، حتى ولو بالوقوف على قدميه ، ابتغاء مرضاة الله تعالى ،
وتجنبا للفتنة التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله :
( اتَّقُوا النِّسَاءَ ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ ) رواه مسلم
وقوله صلى الله عليه وسلم :
( مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ )
رواه البخاري ومسلم
وقد يتفادى الإنسان هذا الجلوس بتبديل مقعده ، ونحو ذلك
قال تعالى :
( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ
إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق
فإذا اضطر الإنسان للركوب ولم يستطع تغيير المكان ، ولا تغيير السيارة ، ولا الوقوف على
قدميه لكونه أشد زحاماً وملامسة للنساء ،فلا حرج عليه حينئذ من الجلوس بجوار امرأة على
أن يبتعد عنها بقدر المستطاع وعليه بتقوى الله وغض البصر وإذا خاف على نفسه الفتنة وبدأ
الشيطان يوسوس له وأشغل فكره فالواجب عليه أن ينزل فورا مهما ترتب على ذلك من تأخير ،
لأنه ليس هناك أغلى على المرء من دينه ليحافظ عليه
وقد سئل فضيلة الشيخ ابن جبرين عن حكم الجلوس بجانب امرأة في وسيلة المواصلات ،
فأجاز ذلك بقدر الضرورة وبقدر الحاجة إذا أُمنت المفسدة
والله أعلم
نسأل الله ان يرزقنا جميعا الهدى والتقى والعفاف والغنى
تعليق