أخرج البخارى فى صحيحه قال
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ حَجَّ عَلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ
سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْزِعُ الْعِلْمَ بَعْدَ أَنْ أَعْطَاكُمُوهُ انْتِزَاعًا وَلَكِنْ يَنْتَزِعُهُ مِنْهُمْ مَعَ قَبْضِ الْعُلَمَاءِ بِعِلْمِهِمْ فَيَبْقَى نَاسٌ جُهَّالٌ يُسْتَفْتَوْنَ فَيُفْتُونَ بِرَأْيِهِمْ فَيُضِلُّونَ وَيَضِلُّونَ
سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْزِعُ الْعِلْمَ بَعْدَ أَنْ أَعْطَاكُمُوهُ انْتِزَاعًا وَلَكِنْ يَنْتَزِعُهُ مِنْهُمْ مَعَ قَبْضِ الْعُلَمَاءِ بِعِلْمِهِمْ فَيَبْقَى نَاسٌ جُهَّالٌ يُسْتَفْتَوْنَ فَيُفْتُونَ بِرَأْيِهِمْ فَيُضِلُّونَ وَيَضِلُّونَ
قلت فتلك لاشك هى سمة العصر الذى نعيش فيه الان فان الذى يطالع الفضائيات و غيرها من وسائل الاعلام المقروء و المسموع و يشاهد و يسمع ما يقال و ما يطلق من فتاوى يجدها تنم عن جهل من يطلقونهاحتى و ان كان هؤلاء المطلقون لتلك الفتاوى حاصلين على أعلى الشهادات فى مجال العلوم الشرعيةو تقلدوا مناصب عليا فى مجال الدعوة و الارشاد و الافتاء!!
قال صلى الله عليه و سلم:
{أَجْرَؤُكُمْ عَلَى الْفُتْيَا أَجْرَؤُكُمْ عَلَى النَّارِ}
والعلة من ذلك لاشك سعى هؤلاء المحموم نحو
" النجومية "و السمعة و المجد الزائف و استرضاء الانظمة الحاكمةو أصحاب النفوذ ولو كان هذا عن طريق الافتاء بغير علم او حتى الافتاء بخلاف ما يعلم
كالذى يفتى بجواز التعاملات المصرفية الربوية وجواز بيع الخمور فى بلاد الكفار!!!!.
اتناول فى هذه الرسالة مسألة أثيرت مؤخرا فى احد البرامج الذى تبثه أحدى الفضائيات و تناولته بعض الصحف و كان هذه المسألة من قبل و لازالت أحد الامور التى يثبر حولها أعداء الاسلام غبار الشبهات فى اطار حملتهم الشعواء على الاسلام و التى بفضل الله باءت بالفشل الذريع
قال تعالى:
الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ
و تلك المسألة هى رضاع الكبير
و هذا الكلام الذى سأذكره من كتب و اقوال العلماء
الربانيين المشهود لهم بسعة العلم ورجاحة الرأى.
ذكر الامام العلامة الحبر البحر الفهامة سيد الحفاظ و فارس المعانى و الالفاظ ترجمان القران شمس الدين أبو عبد الله محمد بن ابى بكر الزرعى الدمشقى الشهير بابن قيم الجوزية فى كتاب زاد المعاد فى هدى خير العباد: المجلد الخامس
قال:
وَثَبَتَ فِي " الصّحِيحَيْنِ " : مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ إنّمَا الرّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ . وَثَبَتَ فِي " جَامِعِ التّرْمِذِيّ " : مِنْ حَدِيثِ أُمّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ لَا يُحَرّمُ مِنْ الرّضَاعَةِ إلّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ فِي الثّدْيِ وَكَانَ قَبْلَ الْفِطَامِ
" وَقَالَ التّرْمِذِيّ حَدِيثٌ صَحِيحٌ . وَفِي " سُنَنِ الدّارَقُطْنِيّ " بِإِسْنَادِ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ يَرْفَعُهُ لَا رِضَاعَ إلّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ . وَفِي " سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ " : مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ يَرْفَعُهُ لَا يُحَرّمُ مِنْ الرّضَاعِ إلّا مَا أَنْبَتَ اللّحْمَ وَأَنْشَرَ الْعَظْمَ .
وَثَبَتَ فِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " : عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا قَالَتْ جَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ إلَى النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللّهِ إنّي أَرَى فِي وَجْهِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْ دُخُولِ سَالِمٍ وَهُوَ حَلِيفُهُ فَقَالَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ .
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ عَنْهَا قَالَتْ جَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللّهِ إنّي أَرَى فِي وَجْهِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْ دُخُولِ سَالِمٍ وَهُوَ حَلِيفُهُ فَقَالَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَرْضِعِيهِ فَقَالَتْ وَكَيْفَ أُرْضِعُهُ وَهُوَ رَجُلٌ كَبِيرٌ فَتَبَسّمَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَالَ قَدْ عَلِمْتُ أَنّهُ كَبِير .
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ أَنّ أُمّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا قَالَتْ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا : إنّهُ يَدْخُلُ عَلَيْك الْغُلَامُ الْأَيْفَعُ الّذِي مَا أُحِبّ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيّ فَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا : أَمَا لَكِ فِي رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أُسْوَةٌ ؟ إنّ امْرَأَةَ أَبِي حُذَيْفَةَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللّهِ إنّ سَالِمًا يَدْخُلُ عَلَيّ وَهُوَ رَجُلٌ وَفِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْهُ شَيْءٌ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَرْضِعِيهِ حَتّى يَدْخُلَ عَلَيْك .
وَسَاقَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي " سُنَنِهِ " سِيَاقَةً تَامّةً مُطَوّلَةً فَرَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ الزّهْرِيّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَأُمّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا أَنّ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ كَانَ تَبَنّى سَالِمًا وَأَنْكَحَهُ ابْنَةَ أَخِيهِ هِنْدًا بِنْتَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ وَهُوَ مَوْلَى لِامْرَأَةِ مِنْ الْأَنْصَارِ كَمَا تَبَنّى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ زَيْدًا وَكَانَ مَنْ تَبَنّى رَجُلًا فِي الْجَاهِلِيّةِ دَعَاهُ النّاسُ إلَيْهِ وَوَرِثَ مِيرَاثَهُ حَتّى أَنْزَلَ اللّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدّينِ وَمَوَالِيكُمْ [ الْأَحْزَابِ 5 ] فَرُدّوا إلَى آبَائِهِمْ فَمَنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهُ أَبٌ كَانَ مَوْلًى وَأَخًا فِي الدّينِ فَجَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الْقُرَشِيّ ثُمّ الْعَامِرِيّ وَهِيَ امْرَأَةُ أَبِي حُذَيْفَةَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللّهِ إنّا كُنّا نَرَى سَالِمًا وَلَدًا وَكَانَ يَأْوِي مَعِي وَمَعَ أَبِي حُذَيْفَةَ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ وَيَرَانِي فُضُلًا وَقَدْ أَنْزَلَ اللّهُ تَعَالَى فِيهِمْ مَا قَدْ عَلِمْت فَكَيْفَ تَرَى فِيهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ " أَرْضِعِيهِ " فَأَرْضَعَتْهُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِهَا مِنْ الرّضَاعَةِ فَبِذَلِكَ كَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا تَأْمُرُ بَنَاتِ إخْوَتِهَا وَبَنَاتِ أَخَوَاتِهَا أَنْ يُرْضِعْنَ مَنْ أَحَبّتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا أَنْ يَرَاهَا وَيَدْخُلَ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا خَمْسَ رَضَعَاتٍ ثُمّ يَدْخُلَ عَلَيْهَا وَأَبَتْ ذَلِكَ أُمّ سَلَمَةَ وَسَائِرُ أَزْوَاجِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنْ يُدْخِلْنَ
عَلَيْهِنّ أَحَدًا بِتِلْكَ الرّضَاعَةِ مِنْ النّاسِ حَتّى يَرْضَعَ فِي الْمَهْدِ وَقُلْنَ لِعَائِشَةَ وَاَللّهِ مَا نَدْرِي لَعَلّهَا كَانَتْ رُخْصَةً مِنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِسَالِمِ دُونَ النّاسِ . فَتَضَمّنَتْ هَذِهِ السّنَنُ الثّابِتَةُ أَحْكَامًا عَدِيدَةً بَعْضُهَا مُتّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْأُمّةِ وَفِي بَعْضِهَا نِزَاعٌ
قلت : و للناس فى تلك المسالة( اى رضاع الكبير) ثلاثة اقوال
الاول: هو ان رضاع الكبير يجوز مطلقا و ان المرأة ان أرضعت كبيرا خمس رضعات بصفة مطلقة صارت أمه من الرضاعة و حرمت بذلك عليه وهو قول ام المؤمنين عائشة رضى الله عنها و من وافقها
الثانى: أنه لا يجوز بحال و انه منسوخ أو مخصوص بسالم مولى ابى حذيفة و انه لا رضاع يترتب عليه تحريم الا ما كان دون الحولين اى فى الصغر
قال بن القيم:
فَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : حَدّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ عَنْ أُمّ سَلَمَةَ أَنّهَا سُئِلَتْ مَا يُحَرّمُ مِنْ الرّضَاعِ ؟ فَقَالَتْ مَا كَانَ فِي الثّدْيِ قَبْلَ الْفِطَامِ فَرَوَتْ الْحَدِيثَ وَأَفْتَتْ بِمُوجَبِهِ .
وَأَفْتَى بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ كَمَا رَوَاهُ الدّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْت عُمَرَ يَقُولُ لَا رَضَاعَ إلّا فِي الْحَوْلَيْنِ فِي الصّغَرِ
وَأَفْتَى بِهِ ابْنُهُ عَبْدُ اللّهِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ فَقَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللّهُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَر َ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا : أَنّهُ كَانَ يَقُولُ لَا رَضَاعَةَ إلّا لِمَنْ أَرْضَعَ فِي الصّغَرِ وَلَا رَضَاعَةَ لِكَبِيرِ
وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا فَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : حَدّثَنَا عَبْدُ الرّحْمَنِ عَنْ سُفْيَانَ الثّوْرِيّ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا قَالَ لَا رَضَاعَ بَعْدَ فِطَام
وَتَنَاظَرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَبْدُ اللّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو مُوسَى فَأَفْتَى ابْنُ مَسْعُودٍ بِأَنّهُ لَا يُحَرّمُ إلّا فِي الصّغَرِ فَرَجَعَ إلَيْهِ أَبُو مُوسَى فَذَكَرَ الدّارَقُطْنِيّ أَنّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ لِأَبِي مُوسَى : أَنْتَ تُفْتِي بِكَذَا وَكَذَا وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَا رَضَاعَ إلّا مَا شَدّ الْعَظْمَ وَأَنْبَتَ اللّحْمَ
وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ : حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيّ حَدّثَنَا وَكِيعٌ حَدّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْهِلَالِيّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَا يُحَرّمُ مِنْ الرّضَاعِ إلّا مَا أَنْبَتَ اللّحْمَ وَأَنْشَزَ الْعَظْمَ
ثُمّ أَفْتَى بِذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الرّزّاقِ عَنْ الثّوْرِيّ حَدّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيّاشٍ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي عَطِيّةَ الْوَادِعِيّ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إلَى أَبِي مُوسَى فَقَالَ إنّ امْرَأَتِي وَرِمَ ثَدْيُهَا فَمَصَصْته فَدَخَلَ حَلْقِي شَيْءٌ سَبَقَنِي فَشَدّدَ عَلَيْهِ أَبُو مُوسَى فَأَتَى عَبْدَ اللّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ سَأَلْتَ أَحَدًا غَيْرِي ؟ قَالَ نَعَمْ أَبَا مُوسَى فَشَدّدَ عَلَيّ فَأَتَى أَبَا مُوسَى فَقَالَ أَرَضِيعٌ هَذَا ؟ فَقَالَ أَبُو مُوسَى : لَا تَسْأَلُونِي مَا دَامَ هَذَا الْحَبْرُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ فَهَذِهِ رِوَايَتُهُ وَفَتْوَاهُ .
وَأَمّا عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَذَكَرَ عَبْدُ الرّزّاقِ عَنْ الثّوْرِيّ عَنْ جُوَيْبِرٍ عَنْ الضّحّاكِ عَنْ النّزّالِ بْنِ سَبْرَةَ عَنْ عَلِيّ لَا رَضَاعَ بَعْدَ الْفِصَالِ وَهَذَا خِلَافُ رِوَايَةِ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْهُ . لَكِنْ جُوَيْبِرٌ لَا يُحْتَجّ بِحَدِيثِهِ وَعَبْدُ الْكَرِيمِ أَقْوَى مِنْهُ
قلت: و هذا هو ماذهب اليه الائمة الاربعة و قالوا ان علة رضاع الكبير هى التبنى و التبنى منسوخ و عليه فرضاع الكبير منسوخ.
القول الثالث:
قال بن القيم:
فَصْلٌ الْمَسْلَكُ الثّالِثُ أَنّ حَدِيثَ سَهْلَةَ لَيْسَ بِمَنْسُوخِ وَلَا مَخْصُوصٍ وَلَا عَامّ فِي حَقّ كُلّ أَحَدٍ وَإِنّمَا هُوَ رُخْصَةٌ لِلْحَاجَةِ لِمَنْ لَا يَسْتَغْنِي عَنْ دُخُولِهِ عَلَى الْمَرْأَةِ وَيَشُقّ احْتِجَابُهَا عَنْهُ كَحَالِ سَالِمٍ مَعَ امْرَأَةِ أَبِي حُذَيْفَةَ فَمِثْلُ هَذَا الْكَبِيرِ إذَا أَرْضَعَتْهُ لِلْحَاجَةِ أَثّرَ رَضَاعُهُ وَأَمّا مَنْ عَدَاهُ فَلَا يُؤَثّرُ إلّا رَضَاعُ الصّغِيرِ وَهَذَا مَسْلَكُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيّةَ رَحِمَهُ اللّهُ تَعَالَى وَالْأَحَادِيثُ النّافِيَةُ لِلرّضَاعِ فِي الْكَبِيرِ إمّا مُطْلَقَةٌ فَتُقَيّدُ بِحَدِيثِ سَهْلَةَ أَوْ عَامّةٌ فِي الْأَحْوَالِ فَتَخْصِيصُ هَذِهِ الْحَالِ مِنْ عُمُومِهَا وَهَذَا أَوْلَى مِنْ النّسْخِ وَدَعْوَى التّخْصِيصِ بِشَخْصِ بِعَيْنِهِ وَأَقْرَبُ إلَى الْعَمَلِ بِجَمِيعِ الْأَحَادِيثِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَقَوَاعِدُ الشّرْعِ تَشْهَدُ لَهُ وَاَللّهُ الْمُوَفّقُ .
قلت: فالقول الثالث و هو أعدل الاقوال و الله أعلم يرى ان العلة من الرخصة فى رضاع الكبيرهو العنت و المشقة
فالذى يكفل طفلا فى بيته و ينشأ هذا الطفل و يتربى فى كنفه و كنف زوجته وتصير تلك الزوجة بمثابة أم لذلك الطفل و يكون هو بمثابة ابن بالنسبة لها فعندما يكبر ذلك الطفل و يصير شابا لا يوجد هناك مانع شرعى يحول بين هذا الشاب و تلك الزوجة و عليه فلا يجوز لها ان تختلى به او ان تظهر له الزينة الخفية التى تبديها لمحارمها و من هنا يقع العنت و تحصل المشقة فرضاعه فى تلك الحال جائز حيث تصير اما له من الرضاعة و يجوز دخوله عليها
مسألة اخرى:
هو ان رضاع الكبير لا يكون من الثدى مباشرة
يقول الشيخ عبد الرحمن الجزيرى فى كتاب " الفقه على المذاهب الاربعة" المجلدالرابع ,ص249 :
على ان هناك اشكالا اخر و هو ان الرضاع يستلزم كشف الثدى و مصه و لمسه وهو محرم, و الجواب انه لا يستلزم
لان التحريم كما يكون بالمص يكون بالشرب, كما عرفت,فيصح ان تكون قد حلبت له ثديها فشرب. انتهى
و المقصود من الرضاع هاهنا هو الرضاع بمفهومه الشرعى و هو ما يترتب عليه تحريم سواءا كان بالمص او الشرب
و المقصود من الرضاع هاهنا هو الرضاع بمفهومه الشرعى و هو ما يترتب عليه تحريم سواءا كان بالمص او الشرب
قال النووى رحمه الله:
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَرْضِعِيهِ )
قَالَ الْقَاضِي : لَعَلَّهَا حَلَبَتْهُ ثُمَّ شَرِبَهُ مِنْ غَيْر أَنْ يَمَسّ ثَدْيهَا وَلَا اِلْتَقَتْ بَشَرَتَاهُمَا , وَبِهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي حَسُنَ , وَيَحْتَمِل أَنَّهُ عُفِيَ عَنْ مَسّه لِلْحَاجَةِ كَمَا خُصَّ بِالرَّضَاعَةِ مَعَ الْكِبَر وَاَللَّه أَعْلَم
قَالَ الْقَاضِي : لَعَلَّهَا حَلَبَتْهُ ثُمَّ شَرِبَهُ مِنْ غَيْر أَنْ يَمَسّ ثَدْيهَا وَلَا اِلْتَقَتْ بَشَرَتَاهُمَا , وَبِهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي حَسُنَ , وَيَحْتَمِل أَنَّهُ عُفِيَ عَنْ مَسّه لِلْحَاجَةِ كَمَا خُصَّ بِالرَّضَاعَةِ مَعَ الْكِبَر وَاَللَّه أَعْلَم
اضافة الى ذلك ما رواه ابن سعد في طبقاته عن محمد بن عبد الله ابن أخي الزهري عن أبيه قال كانت سهلة تحلب في مسعط أو إناء قدر رضعته فيشربه سالم في كل يوم حتى مضت خمسة أيام فكان بعد ذلك يدخل عليها وهي حاسر رخصة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لسهلة» (الطبقات الكبرى8/271 الإصابة لابن حجر7/716
تعليق