1- السجود رفعة درجات:
اسجد ففي كلِّ سجدة تسجدها مطمئنًّا مؤمنًا ترتفع درجة، وأقرب ما يكون القلب من الرب إذا سجد، فلا تبخل على نفسك، ولا تعجل في سجودك، فأطِل؛ فاللذة تأتي كلما طال بقاؤك ساجدًا حتى إنك تود ألا ترفع.
ورد عند مسلم من حديث ثوبان رضي الله عنه أنه جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له أخبرني عن عمل يدخلني الجنة؟ فسكت النبي صلى الله عليه وسلم فأعاد الرجل قوله ثانية فسكت عليه الصلاة والسلام، فأعاد الرجل قوله ثالثة فسكت ثم قال له سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: « عليك بالسجود فأنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة »[ مسلم (شرح النووي ) 4/274، كتاب الصلاة، باب فضل السجود والحث عليه، حديث رقم (488). ]، وفي رواية «مَن سجد لله سجدةً، كتب الله له بها حسنةً، وحطَّ بها عنه خطيئةً، ورفَع له بها درجةً» [صحيح الترغيب والترهيب].
الله أكبر ما أعظمه من أجر، فتأمل كم أنت مفرط في حق نفسك إذ لم تُكثر من السجود لله سبحانه وتعالى.
2- السجود وقاية من النار:
السجود من أعظم أسباب الوقاية من عذاب النار وشاهد ذلك حديث ربيعه بن كعب رضي الله عنه لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم مرافقته في الجنة فكان جواب المصطفى عليه الصلاة والسلام له أنه قال: « فأعني على نفسك بكثرة السجود » [ مسلم (شرح النووي ) 4/274، كتاب الصلاة، باب فضل السجود والحث عليه، حديث رقم ( 489). ]، وهذا يدل على أن السجود من أعظم المؤهلات لدخول الجنة وحصول رضوان الله تعالى.
3- السجود تفريج الهم وتنفيس الكرب:
السجود فيه تفريج الهم، وتنفيس الكرب وحصول انشراح الصدر، وثبوت الإيمان في القلب، فالمسلم عندما تتكالب عليه الدنيا بمشكلاتها ومعضلاتها، وتعترضه المحن وتحل به الابتلاءات يجد في العبادة والسجود عوناً على ذلك ومخرجاً منه، ومما يدل على ذلك قوله تعالى: ﴿ كَلاَّ لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ﴾ [العلق:19] أي اقترب من الله وتوكل عليه بطاعته والسجود إليه، وهو توجيه بالصد عن أعراض المعرضين وتكذيبهم والاستعانة على مواجهتهم بالطاعة والسجود، وتأمل كذلك قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ﴾[الحجر: 97-98]، ما يعني أن السجود علاج لضيق الصدور.وهذا المعنى مهم بالنسبة للمؤمن وللدعاة على وجه الخصوص لانهم يُلاقون الإعراض ويتعرضون للإيذاء، فليعلموا أنه لا يثبتهم ولا يشرح صدورهم ولا يزيل غمهم وكربهم إلا هذه العبادة وهذا السجود حينما ينطرح الواحد بين يدي الله فيُلقي بأمره وهمه بين يدي الله، فيكون السجود أُنساً له وكأن لسان حاله يقول: « إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي » [الطبراني في الكبير عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، ورمز المناوي لحسنه فيض القدير 2/119. ].
4- الساجدين غُراً محجلين:
من أعظم آثار و بركات و فضائل الساجدين المصلين أنهم يُبعثون يوم القيامة غُراً محجلين من آثار السجود كما ورد في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم، أي منورين وجوههم مضيئة مشرقة من آثار السجود لما سجدوا لله نوّر الله وجوههم وبيّضها يوم القيامة: ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ﴾[آل عمران:106] .
5- تذكر البداية والنهاية:
السجود فيه التصاق بالأرض يتذكر به العبد البداية والنهاية؛ لأن الإنسان في سجوده يمرّغ جبهته بالتراب فيتذكر أن أصل خلقته من التراب وأنه عاد إلى هذا التراب، وأن الله سبحانه وتعالى يبعثه يوم القيامة للنشر والحساب وهذا المعنى يتجسد بأبلغ ما يكون في السجود، والأرض لن تنس جباه الساجدين.
6- صارف عن الدنيا:
السجود بهيئته صارف عن رؤية الدنيا وفتنتها، فالإنسان حينما يسجد يكون نظره في سجوده إلى هذه القطعة والرقعة الصغيرة في الأرض لا يرى من الدنيا سواها فيتذكر مقدار الدنيا بالنسبة للآخرة، ففي أثناء قيام العبد في الصلاة قد يلفت نظره شيء من الدنيا أو يرى الأشخاص أو الذوات، وكذا في ركوعه قد يقع بعض ذلك، أما في سجوده فلا يحصل شيء من هذا أبداً فلا يرى شيئاً من الدنيا، ولا يبصر أحداً من أهلها، فكأنما انصرف عن كل شيء وعن كل بشر وتجرد من كل نفع ومن كل ضر وتبرأ من كل حول ومن كل طول ولم يبق له نظر إلا إلى الله سبحانه وتعالى به يعلق قلبه، وبذكره يرطب لسانه، ومنه يرجوا الإعانة وله يخلص النية، ولذا كان السجود موضع قرب من الله لأن فيه كمالاً في التجرد لله.
7- مشاركة كل الأعضاء:
السجود فيه مشاركة لمعظم الأعضاء، إذ أن الإنسان في وقوفه أو في ركوعه يستخدم بعض الأعضاء ولكن في سجوده يكون على هذه الأرض بيديه وقدميه وركبتيه وجبهته وأنفه فهذا كله دليل على أنه كله لله سبحانه وتعالى، وأن كل حواسه ينبغي أن تكون لله عز وجل وفق أمر الله، فلا ينبغي أن يسجد ثم ينظر إلى المحرمات بعينه، أو يعتدي على المحرمات بيديه، أو يمشي إلى المنكرات برجليه، وهذا المعنى يتحقق للمتأمل في السجود ومعانيه.
8- النار لا تآكل آثار السجود:
حرّم الله عز وجل على النار أن تأكل آثار السجود؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه في حديث طويل وفيه قوله صلى الله عليه وسلم : « .....حتى إذا أراد الله رحمة من أراد من أهل النار، أمر الله الملائكة أن يخرجوا من كان يعبد الله، فيخرجونهم، ويعرفونهم بآثار السجود، وحرم الله على النار أن تأكل أثر السجود. فيخرجون من النار، فكل ابن آدم تأكله النار إلا أثر السجود. . . »[صحيح الجامع، رقم الحديث 7033]..
إسلاميات
تعليق