إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الأحكام الفقهية الخاصة بالمسجد الأقصى

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الأحكام الفقهية الخاصة بالمسجد الأقصى



    الأحكام الفقهية الخاصة بالمسجد الأقصى
    المصدر/ موقع إمام المسجد


    الأحكام الفقهية الخاصة بالمسجد الأقصى (1)

    الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً رسوله - صلى الله عليه وسلم -، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة أما بعد:
    فإن المسجد الأقصى المبارك يختص بعدد من الأحكام الفقهية عند الفقهاء، بحثوها في أماكن متفرقة من كتب الفقه: في أبواب الطهارة، والصلاة، والاعتكاف، والنذر، والحج، وغيرها، وقد جمعناها في هذا البحث مع المقارنة والترجيح ليسهل الاطلاع عليها، ومعرفتها والإحاطة بها، ليكون المسلم على علم بها لتطبيقها، خاصة أنها تتعلق بمسجد له قداسته واحترامه، ويقع حالياً تحت نير الاحتلال، وفيما يلي بيان هذه الأحكام:

    أولاً: استحباب زيارته وشد الرحل إليه:

    فقد انعقد إجماع العلماء على استحباب زيارة المسجد الأقصى للعبادة المشروعة فيه كالصلاة والدعاء، والذكر وقراءة القرآن الكريم، والاعتكاف والصوم1، والحجة لهذا:
    *أ- قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تشد الرحال إلاّ إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى))2
    أي لا فضيلة في شد الرحال إلى مسجد غيره3،
    ولا يستقيم أن يقصد بالزيارة إلاّ هذه البقاع لاختصاصها بما اختصت به4.

    *ب- ما ورد عن ميمونة بنت سعد - رضي الله عنها - ويقال بنت سعيد مولاة النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: يا نبي الله افتنا في بيت المقدس؟ قال: ((أرض المحشر والمنشر، إيتوه فصلوا فيه))5.

    ثانياً: ما ينبغي أن يراعى أثناء الزيارة للمسجد الأقصى:

    *أ- الزيارة مشروعة في كل الأوقات للمسجد الأقصى، ولكنه لا ينبغي أن يؤتى المسجد للزيارة في الأوقات التي يقصّدها الضُلاّل مثل وقت عيد النحر، فإن كثيراً منهم يسافرون إليه ليقفوا هناك،
    وكذلك السفر إليه من أجل التعريف - أي الوقوف بساحته مثل عرفة -، معتقداً أن هذا قربة، فهذا محرم بلا ريب، وينبغي أن لا يكثر سوادهم6.

    ومن هنا كره الإمام مالك - رحمه الله تعالى - فيما نقل عنه المجيء إلى بيت المقدس؛ وكان يقصد بذلك تخصيص المجيء إلى بيت المقدس في وقت معين كوقت الحج الذي يذهب إليه جماعة فيقفون بساحته يوم عرفة تشبهاً بالوقوف بعرفة، وينحرون الأضاحي تشبهاً بنحر الحجاج في منى، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يفعل هذا لا في قباء، ولا في قبور الشهداء وأهل البقيع ولا غيرهم7.

    *ب- يكره لمن زار المسجد الأقصى أن يتمسح أو يقبل أي بناء من أبنيته، أو أن يطوف به،
    وما ورد من أن بعض الناس كانوا يطوفون أو يقفون في ساحة الأقصى يوم عرفة فهو من البدع التي لا تجوز، لأنّ الطواف لا يكون إلاّ بالبيت الحرام فقط8.

    *ج- لا يوجد في بيت المقدس مكان يقصد للعبادة سوى المسجد الأقصى، لكن إذا زار قبور الموتى، وسلم عليهم، وترحم عليهم كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلّم أصحابه فحسن، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقول أحدهم: ((السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون...))9.

    ثالثاً: استحباب إهداء المسجد الأقصى زيتاً يسرج فيه:

    اتفق جمهور العلماء على أنه يستحب لمن لم يقدر على زيارة المسجد الأقصى المبارك أن يهدي له زيت10، والحجة لهذا: ما ورد عن ميمونة بنت سعد - رضي الله عنها - ويقال بنت سعيد مولاة النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: قلت يا رسول الله أفتنا في بيت المقدس؟ قال: ((أرض المحشر والمنشر، ائتوه فصلوا فيه، فإن صلاة فيه كألف صلاة في غيره)) قلت: أرأيت إن لم أستطع أن أتحمل إليه؟ قال: ((فتهدي له زيتاً يسرج فيه، فمن فعل ذلك فهو كمن أتاه))11، ويقصد بذلك أيضاً تقديم العون المادي للإسهام في إمارة أو إصلاح أوضاعه.

    رابعاً: استحباب الصلاة في المسجد الأقصى المبارك؛
    لفضل الصلاة فيه على غيره من المساجد إلاّ المسجد الحرام والمسجد النبوي، ومما يختص به المسجد الأقصى المبارك من الأحكام: أن الصلاة فيه تفضل الصلاة في غيره من المساجد إلاّ المسجد الحرام، ومسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فالصلاة فيهما أفضل من الصلاة فيه، وإلى هذا ذهب جمهور أهل العلم12، والحجة لهذا:
    1- ما ورد عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: قال - صلى الله عليه وسلم-:
    ((الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، والصلاة في مسجدي بألف صلاة، والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة))13.

    2- ما ورد عن ميمونة بنت سعد - رضي الله عنها - قالت: قلت يا رسول الله أفتنا في بيت المقدس،
    قال: ((أرض المحشر والمنشر، ائتوه فصلوا فيه فإن صلاة فيه بألف صلاة في غيره...))14 وإسناد الحديث صحيح، ورجاله ثقات كما سبق ذكره.

    3- ما ورد عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: تذاكرنا ونحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
    أيهما أفضل أمسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم بيت المقدس؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((صلاة في مسجدي هذا أفضل من أربع صلوات فيه، ولنعم المصلى هو...))15.

    فهذه أحاديث ثلاثة صحيحة تثبت الفضل للصلاة في مسجد بيت المقدس، إلاّ أنها اختلفت في مقدار فضل هذه الصلاة، فبعضها جعلها بألف صلاة، وأخرى بخمسمائة، وأخرى بمئتين وخمسين صلاة، وكلها أحاديث صحيحة كما جزم بذلك الهيثمي وغيره كما ظهر في تخريجها، ويمكن الجمع بينها بأن يقال: بأن أفضلية الألف تكون للجماعة في المسجد، وأن غيرها لصلاة غير الجماعة16 لأن الأخذ بجميع الأدلة أفضل من طرح بعضها إذا صحت كما ذهب إلى ذلك جمهور العلماء17.
    ويمكن أن يقال: بأن الخلاف الواقع بين الروايات في مقدار فضل الصلاة في المسجد الأقصى لا يؤثر على جوهر الموضوع، خصوصاً أن العدد لا مفهوم له كما هو مقرر في الأصول، وليس من الضروري أن يعرف المسلم مقدار الثواب الذي يناله بسبب الصلاة فيه، فإن مرده إلى الله - سبحانه -، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء18، ولهذا ينبغي على المسلم أن يحرص على شد الرحال إلى هذه المساجد الثلاثة لفضل الصلاة فيها، ولمضاعفتها.

    وأما ما ورد من أن الصلاة في المسجد الأقصى أفضل من خمسين ألف صلاة في غيره من المساجد إلاّ المسجد الحرام، وهو ما ورد عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
    ((صلاة الرجل في بيته بصلاة، وصلاته في مسجد القبائل بخمس وعشرين صلاة، وصلاته في المسجد الذي يجمع فيه بخمسمائة صلاة، وصلاته في المسجد الأقصى بخمسين ألف صلاة))19 فهو حديث ضعيف؛ لأن في إسناده أبا الخطاب الدمشقي وهو لا يعرف20، ورزيق - أبو عبدا لله الألهاني - فيه مقال، ولا يجوز الاحتجاج به إلاّ عند الوفاق21.

    فهذه بعض الأحكام الفقهية الخاصة بالمسجد الأقصى، وسنكمل - بإذن الله -
    ما تبقى منها في مبحث لاحق، والله الموفق لكل خير، والدافع كل ضير، اللهم لا تحرمنا الأجر، وعجل لنا النصر، وارزقنا الصبر.


    1 - الجراعي (تحفة الراكع ص 187)، والنووي (المجموع، ج8، ص 277-278)، وابن تيمية (الفتاوى، ج26، ص 150و ج7، ص 6).
    2 - رواه البخاري برقم (1189،1197).
    3 - أبو زرعة (طرح التثريب ج6 ص42).
    4 - ابن حجر (فتح الباري ج3/64).
    5 - رواه ابن ماجة برقم (1407)، وأبو داود برقم (457).
    6 - ابن تيمية (الفتاوى ج27، ص15).
    7 - ابن تيمية (الفتاوى ج7، ص417).
    8 - المرجع السابق (الفتاوى ج26ص150 وج27، ص10).
    9 - رواه مسلم برقم (974).
    10 - الجراعي (تحفة الراكع، ص 188).
    11 - رواه ابن ماجه برقم (1407)، وقد نقل عبد الباقي في تعليقه على هذا الحديث عن البوصيري قوله: "وإسناد طريق ابن ماجة صحيح ورجاله ثقات".
    12 - الزركشي (إعلام الساجد، ص 201).
    13 - رواه الهيثمي (مجمع الزوائد، ج4، ص7) وقال: رواه الطبراني في الكبير، ورجاله ثقات وفي بعضهم كلام، وهو حديث حسن، ونسبة ابن حجر في "فتح الباري" إلى البزار، وقال: حسنه البزار (2/ 68).
    14 - سبق تخريجه.
    15 - رواه الطبراني في الأوسط برقم (6983،8230)، وقال الألباني في صحيح الترغيب: ((صحيح برقم 1179)) من حديث أبي ذر - رضي الله عنه -.
    16 - ذهب ابن تيمية إلى ترجيح أفضلية خمسمائة صلاة (الفتاوى، ج27، ص 8)، وذهب الشيخ إبراهيم العلي في كتابه "الأرض المقدسة ص 62" إلى أنها تعدل "250" صلاة فقط، وقد رجح الإمام الحافظ أبو زرعة في (طرح التثريب، ج6، ص52) إن أصح طرق أحاديث فضل الصلاة في المسجد الأقصى أنها بألف صلاة، فعلى هذا يستوي المسجد الأقصى والنبوي في فضل الصلاة فيهما.
    17 - نقله الأسنوي في (نهاية السول، ج3، ص15).
    18 - السائح (مكانة القدس في الإسلام، ص 26).
    19 - رواه ابن ماجه برقم (1413).
    20 - أبو الخطاب اسمه حماد، وهو مجهول، انظر (تقريب التهذيب ص 636) لابن حجر.
    21 - انظر (تهذيب التهذيب، 3/237) لابن حجر.
    التعديل الأخير تم بواسطة أبوالمعالـي; الساعة 27-01-2019, 10:20 AM. سبب آخر: حذف صورة غير متوفرة

    "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
    وتولني فيمن توليت"

    "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36


  • #2

    الأحكام الفقهية الخاصة بالمسجد الأقصى (2)

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله ثم أما بعد:
    فإن المتبقي من جملة الأحكام الفقهية الخاصة بالمسجد الأقصى ما يلي:

    أولاً: فضل الصلاة في المساجد الثلاثة لا يجزي عن الصلوات الفائتة:

    ومما لا خلاف فيه بين الفقهاء أن فضل الصلاة في هذه المساجد إنما يرجع إلى ثوابها، ولا يتعدى ذلك إلى الإجزاء عن الفوائت من الصلوات، حتى لو كان على المسلم صلاتان فصلى في أحد هذه المساجد الثلاثة صلاة فإنها لا تجزئه عنهما.

    ثانياً: فضل الصلاة المفروضة والنافلة اختلف الفقهاء في ذلك:

    1. فذهب الشافعية والحنابلة وأبو المطرف من المالكية إلى أن ذلك يشمل الفرض والنفل1،
    والحجة لهذا: عموم قوله - صلى الله عليه وسلم - في فضل الصلاة في الأحاديث السابقة: ((والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة))، ولم يوجد ما يخصص عموم ذلك بالفرائض دون النوافل.

    2. وذهب الحنفية والمالكية في المشهور عندهم إلى أن الفضل في الصلاة مختص بالفرائض فقط ولا يشمل النوافل
    لقوله - صلى الله عليه وسلم - ((أفضل صلاتكم في بيوتكم إلاّ المكتوبة))2، ويمكن أن يردّ على ذلك بأنه لا مانع من إبقاء الحديث على عمومه، فتكون صلاة النافلة في بيت بالمدينة المنورة، أو مكة المكرمة، أو بيت المقدس؛ تضاعف على صلاتها في البيت بغيرها، وكذا في المساجد الثلاثة، وإن كانت في البيوت أفضل مطلقاً.

    ثالثاً: إعادة الجماعة في المسجد الأقصى المبارك:

    أما إعادة الجماعة في المسجد الأقصى المبارك فقد اختلف فيها الفقهاء:
    1. فذهب الحنابلة في قول3: إلى كراهة إعادة الجماعة في المسجد الأقصى المبارك لئلا يتوانى الناس عن حضور الجماعة مع الإمام الراتب فيها إذا أمكنتهم الصلاة في الجماعة مع غيره.

    2. وذهب الحنابلة في قول آخر4: إلى جواز ذلك، والحجة لهذا ما روى أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: جاء رجل وقال قد صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال - عليه السلام -: ((أيكم يتجر على هذا؟)) فقام رجل فصلى معه5، ويدل بعمومه على ذلك، ولم يرد ما يخصصه.

    رابعاً: المكان الذي تضاعف فيه الصلاة:

    فضيلة الصلاة تختص بجميع المساحة المسوّرة التي يقع في طرفها الجنوبي المسجد الأقصى المبارك، أي ما يطلق عليه اليوم "الحرم الشريف بالقدس" الذي يقع في داخل السور، وقد أشار إلى ذلك الإمام مقاتل6، ويؤيد ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عند إسرائه وصلاته بالمسجد الأقصى لم يكن المسجد الأقصى المعروف الآن والواقع في الجهة الجنوبية من الحرم الشريف موجوداً، كما أن مسجد الصخرة المشرفة لم يكن موجوداً أيضاً، إنما الموجود المكان الذي أحيط به السور بما فيه من ساحات واسعة، والصخرة المشرفة التي أزال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - الزبالة عنها عندما فتح بيت المقدس، وهذا هو المراد بالمسجد الأقصى في قوله - تعالى -: { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى...}الإسراء:1،؛ لأن المسجد شرعاً يطلق على كل موضوع من الأرض لقوله - صلى الله عليه وسلم - ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً...))
    ففي هذا المكان بني مكان للعبادة منذ عهد آدم - عليه الصلاة والسلام -8، وبذلك يتبين أن إطلاق المسجد الأقصى على المسجد المعروف الآن هو اصطلاح حادث بعد العهد الإسلامي الأول، وأن جميع المؤرخين والعلماء إنما أطلقوا المسجد الأقصى على ما دار عليه السور، وفيه الأبواب، وهو الذي كان معروفاً عند الإسراء والمعراج9.

    خامساً: استحباب المجاورة ببيت المقدس:

    ولهذه الفضيلة للعبادة في المسجد الأقصى المبارك استحب الفقهاء المجاورة بالمسجد الأقصى المبارك، والسكنى في بيت المقدس10، وكان المسلمون وما زالوا يتسابقون إلى الصلاة فيه من جميع بقاع الأرض طمعاً في رضا الله - تعالى- ومثوبته دون أن يضع الواحد منهم نصب عينيه رقماً معيناً لمقدار فضيلة الصلاة فيه، لأن الله - تعالى- يضاعف الحسنة الواحدة أضعافاً مضاعفة، ولا يقف بالأجر والثواب عند رقم معين، ولأن العدد لا مفهوم له كما هو مقرّر في أصول الفقه، وإنما المقصود أن الأجر فيها عظيم والثواب فيه كبير والله أعلم.

    ولهذا فإننا نجد أنه منذ الفتح العُمري لبيت المقدس قد توافد عليه عدد كبير من الصحابة11 للمجاورة به، وقد عرفت القدس تسعة وثلاثين من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهم علاقة بها، منهم سبعة دفنوا في أرضها، وهم: عبادة بن الصامت12، وشداد بن أوس الخزرجى13، وذو الأصابع التميمي ويقال: الخزاعي14، وواثلة بن الأسقع بن كعب بن عامر15، وسلامة بن قيس الحضرمي16، وأبو عبدالله عمرو بن أم حرام الأنصاري الخزرجى17، وشمعون بن زيد بن خناقة، أبو ريحانة الأزدي18.

    كما عرفت القدس أسماء اثنين وستين تابعياً جليلاً، ومن جاء بعدهم من العلماء والفقهاء، والمحدثين والمفسرين، وقد أورد صاحب الأنس الجليل19 أسماء 440 عالماً وقاضياً ومؤلفاً عاشوا في ظلال المسجد الأقصى المبارك، وذلك في فترة الفتح الصلاحي.

    سادساً: مضاعفة الحسنات والسيئات في المسجد الأقصى:

    ‌1- ذهب جماعة من السلف إلى أن الحسنات والسيئات تتضاعف في المسجد الأقصى المبارك كما تتضاعف في المسجد الحرام والمسجد النبوي20، روي ذلك عن ابن عمر - رضي الله عنهما - وكعب الأحبار، ومجاهد وعبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهم - 21،
    والحجة لهذا:
    أ- ما روى أبو بكر الو اسطي عن نافع قال: قال لي ابن عمر - رضي الله عنهما -: "أخرج بنا من هذا المسجد فإن السيئات تضاعف فيه كما تضاعف الحسنات"22.
    وعلى هذا يقتضي من المسلم أن يكون على حذر في هذه البقعة المباركة فلا يعمل السيئات لأنها تضاعف فيه أي تزداد فحشاً وقبحاً فتصبح السيئة مضاعفة، لأن العاصي في زمان أو مكان شريف أشد جرأة وأقل خوفاً من الله - تعالى -.

    ‌ب- وما ورد عن كعب الأحبار أنه كان يأتي من حمص للصلاة في المسجد الأقصى، فإذا صار منه قدر ميل اشتغل بالذكر والدعاء، والتلاوة والعبادة، حتى يخرج عنه بقدر ميل أيضاً، ويقول: "السيئات تضاعف فيه"23.

    2- وذهب جمهور الفقهاء إلى أن السيئات لا تضاعف، وأنها بمكّة، أو بالأقصى، أو بالمسجد النبوي كغيره24، لعموم قوله - تعالى -: { مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}25.

    وبذلك يكون معنى مضاعفة السيئات؛ أن عقوبة من اقترف ذنباً في أحد المساجد الثلاثة أعظم عقوبة ممن اقترفه في غيرها؛ لشرف هذه المساجد الثلاثة وفضلها، والذنب الواحد في أحد هذه المساجد الثلاثة أعظم من ذنوب كثيرة في غيرها من المواضع، وهذا لا يعني أن الإنسان إذا عمل ذنباً واحداً تكتب عليه عشرة ذنوب26 والله - تعالى- يقول: {مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ۖ وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ }الأنعام:160.
    اللهم فقهنا في الدين، وعلمنا التأويل، ويسرلنا، وارزقنا.
    والحمد لله رب العالمين.


    1 - النووي (الإيضاح، ص 395-396) وابن عابدين( الحاشية، ج2، ص 525).
    2 - رواه الترمذي برقم ( 450) وقال: حديث حسن.
    3 - ابن قدامه (المغني، ج2، ص 14).
    4 - المرجع السابق (ج2، ص 15).
    5 - رواه الترمذي برقم (220) وقال: حديث حسن، وأبو داود برقم (574) .
    6 - النابلسي، الحضرة الإنسية (ج1، ص 326 و ص 376).
    7 - رواه البخاري برقم (335).
    8 - النابلسي، الحضرة الإنسية (ج1، ص 89).
    9 - السائح (مكانة القدس، ص 31، شراب، بيت المقدس وما حوله: ص 89).
    10 - محمود إبراهيم (فضائل بيت المقدس ص 523)، وابن الجوزي (فضائل القدس، ص 93-95).
    11 - مجير الدين الأنس الجليل (ج1، ص 260).
    12 - الزركشي (إعلام الساجد، 202) وابن حجر (تهذيب التهذيب، 5/98).
    13 - مجير الدين (الأنس، 1/261) والمقدسي (مثير الغرام ، ص 25).
    14 - أسد الغابة (2/138)، وابن الجوزي (فضائل بيت المقدس ص 130).
    15- المزي (تهذيب الكمال، 30/359).
    16 - ابن حجر (تهذيب التهذيب 12/5).
    17 - السيوطي (إتحاف الإحصا، القسم الثاني ص 201).
    18 - المزي (تهذيب الكمال 12/562).
    19 - ابن تميم المقدسي (مثير الغرام، ص 30).
    20 - الزركشي (إعلام الساجد، 204)، الجراعي (تحفة الراكع، ص 188).
    21 - تفسير القرطبي (12/25).
    22 - ابن الجوزي (فضائل القدس، 91)، والمقدسي (مثير الغرام ص 205).
    23 - الزركشي (إعلام الساجد ص 204)، وابن الجوزي (فضائل القدس : 92).
    24 - ابن الجوزي (فضائل القدس ص 92).
    25 - (الأنعام:160).
    26 - المقدسي (مثير الغرام، ص 206).



    "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
    وتولني فيمن توليت"

    "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

    تعليق


    • #3
      عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      جزاكم الله خيرًا ونفع بكم
      اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

      تعليق


      • #4
        عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
        جزاكم الله خيرًا وبارك فيكم

        تعليق


        • #5
          المشاركة الأصلية بواسطة لؤلؤة باسلامي مشاهدة المشاركة
          عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
          جزاكم الله خيرًا ونفع بكم
          المشاركة الأصلية بواسطة عطر الفجر مشاهدة المشاركة
          عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
          جزاكم الله خيرًا وبارك فيكم
          اللهم آمين وإياكم

          "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
          وتولني فيمن توليت"

          "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

          تعليق


          • #6
            وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

            جزاكم الله كل خير

            بارك الله فيكم ونفع بكم

            قال الحسن البصري - رحمه الله :
            استكثروا في الأصدقاء المؤمنين فإن لهم شفاعةً يوم القيامة".
            [حصري] زاد المربين فى تربية البنات والبنين


            تعليق

            يعمل...
            X