حكم التصرف في معاش الوالدة المصابة بالخرف وهل يأخذ أبناؤها الفائض بعد نفقاتها؟
السؤال : لي أم عجوز مصابة بمرض الخرف في درجة متقدمة ، و لها راتب تقاعدي بالعملة الأوروبية ، خلفا لتقاعد الوالد رحمه الله تعالى ، يعادل حوالي 70000 دينارا جزائريا في السوق السوداء ، وإليه يرجع المواطنون ؛ لأن الدولة تمنع التداول بالعملة الصعبة ، ولها من الأبناء ولدان ، وثلاث بنات ، كلهم متزوجون ، ولهم مساكن مستقلة ، ولصعوبة رعاية أمي ، فإننا نقتسم خدمتها نحن الأربعة ؛ لأن البنت الخامسة أعتذرت عن ذلك ، حيث يتكفل بخدمتها كل واحد منا شهرين ، أكثر أو أقل أحيانا ، فحين يأتي دوري أقوم مع زوجتي بخدمتها ، من تحضير الأكل ، وإطعامه إياها ، حيث إنها لا تدري ، ولا تعرف كيف تخدم نفسها في جميع الأمور ، كما نقوم بتنظيفها ، وغسلها ، وغسل ثيابها ، وفراشها يوميا ، وتبديل الحفاظات لها ، ونقوم في خدمتها في جميع الأمور الحياتية اليومية الأخرى . وسؤالي هو : عن كيفية صرف معاشها ، حيث إنني أشتري لها الطعام المناسب لها ، والحفاظات ، والملابس ، والأدوية ، وكل ما هو لازم لها ، أما الباقي فأضيفه إلى راتبي التقاعدي ، وهو حوالي 45000 دينارا جزائريا ، و هو غير كاف تماما ، وأقوم بصرفه على البيت من تأثيث ، وتجهيز ، وغير ذلك من مصروفات الأسرة ، و كذلك من صدقة عنها ، وعلى أبي رحمه الله تعالى ، والزوجة تسأل هل لها من نصيب في معاش والدتي ؛ لأنها تقوم بكل ما ذكر في خدمتها ، خاصة بعض الأمور الخاصة ، طاعة لي ، وليس واجب عليها ؟
تم النشر بتاريخ: 2017-07-29
الجواب :
الحمد لله
أولا :
الخَرَف هو : اضطراب دماغي يؤثر بشكل خطير على إمكانية قيام الشخص المُسِنّ بنشاطاته اليومية ، والزهايمر هو الشكل الأكثر انتشاراً للخرف عند كبار السن.
وينظر: " موسوعة الملك عبد الله العربية للمحتوى الصحي".
والخَرِف في الأحكام الشرعية حكمه حكم المجنون .
قال تقي الدين السبكي رحمه الله تعالى :" الخرف والجنون : أحكامهما واحدة ، وليس بينهما تفاوت" انتهى من " إبراز الحكم من حديث رفع القلم " ( ص 99 ) .
ثانيا:
الخَرِف ، أو المجنون : يحجر عليه في ماله، فيمنع من التصرف فيه، لكن لا يحجر عليه إلا القاضي الشرعي، فإن لم يوجد، عيّن أولاده أمينا على ماله، يحفظ ماله، وينفق عليه منه، كما بينا في جواب السؤال رقم (202990).
ثالثا:
لا يجوز لمن ولي مال الخرف أن يتصرف فيه إلا بما فيه مصلحة صاحب المال ، المحجور عليه .
وفي الموسوعة الفقهية (45/ 162): " لا خلاف بين الفقهاء في أنه لا يجوز للولي أن يتصرف في مال المحجور إلا على النظر والاحتياط، وبما فيه حظ له واغتباط؛ لحديث: (لا ضرر ولا ضرار).
وقد فرعوا على ذلك: أن ما لا حظ للمحجور فيه كالهبة بغير العوض والوصية والصدقة والعتق والمحاباة في المعاوضة : لا يملكه الولي، ويلزمه ضمان ما تبرع به من هبة أو صدقة أو عتق، أو حابى به ، أو ما زاد في النفقة على المعروف ، أو دفعه لغير أمين، لأنه إزالة ملكه من غير عوض فكان ضررا محضا...
ولا خلاف بين الفقهاء في أن على الولي الإنفاق من ماله على مَوْلِّيه ، وعلى من تلزمه مؤنته ، بالمعروف ، من غير إسراف ولا تقتير، لقوله تعالى: (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) .
وزاد الشافعية والحنابلة: فإن قتر أثم، وإن أسرف أثم ، وضمن لتفريطه." انتهى.
وعليه ؛ فإن لكم الإنفاق على والدتكم من معاشها، وهذا يشمل طعامها وشرابها ودواءها ولباسها والحفاظات ، ونحوها مما تحتاج إليه، وليس لكم أن تأخذوا شيئا من مالها لأنفسكم، إلا أن تستأجروا من يخدمها لعجزكم عن خدمتها بأنفسكم ، فتدفعون الأجرة من هذا المعاش.
ومعلوم أن زوجتك لا يلزمها خدمة والدتك ، إلا أن تفعل ذلك إحسانا ومعروفا، ولها أن تطلب أجرة على ذلك، وتكون هذه الأجرة من معاش والدتك ، وتقدر بأجرة مثلها ، ممن يعمل مثل ذلك العمل بأجرة .
وأما أنت –وبقية إخوتك- فليس لكم أن تأخذوا أجرة على خدمة والدتكم؛ لأن هذه الخدمة واجبة عليكم ما أمكنكم ذلك.
وفي الموسوعة الفقهية (19/ 39): " أما خدمة الولد لوالده، أو استخدام الأب لولده : فجائز بلا خلاف، بل إن ذلك من البر المأمور به شرعا، ويكون واجبا على الولد خدمة ، أو إخدام ، والده عند الحاجة .
ولهذا فلا يجوز له أن يأخذ أجرة عليها، لأنها مستحقة عليه ، ومن قضى حقا مستحقا عليه لغيره لا يجوز له أخذ الأجرة عليه" انتهى.
فالحاصل : أنه يجوز لزوجتك، وزوجة أخيك : تقاضي أجرة على خدمة والدتكم، كما يجوز لأخواتك استئجار من يخدم والدتهن ، إن عجزن عن خدمتها.
وما فاض من معاش والدتك بعد نفقتها ، وما ذكرنا من الأجرة : فإنه لا يجوز التصرف فيه، بل يبقى على ملكها، ثم يكون تركة بعد وفاتها.
وما أخذتم لأنفسكم من المال الذي لا يحق لكم، يجب عليكم إرجاعه إن تيسر ذلك، وإلا كان دينا عليكم إلى ميسرة، فيرد إلى مال الوالدة ويحفظ لها.
وينظر للفائدة فيما يتعلق بتنظيف كبير السن والاطلاع على عورته: جواب السؤال رقم (194762) .
موقع الإسلام سؤال وجواب
تعليق