السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هدية للمقبلين على الحج
قبل أن تحج!
عبده قايد الذريبي
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الحاج الكريم، اعلم - وفقنا الله وإياك لمرضاته، وأبعدنا الله وإياك عن مساخطه.
أنه يجب عليك قبل أن تحج أن تتأدب بعدة آداب، منها:
أولاً: تعلُّم كيفية الحج، وشروطه، وأركانه، وواجباته، وسننه القولية والفعلية، ومحظوراته، قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -: "يا حبَّذا لو أن الحاجَّ تعلَّم أحكام الحج قبل أن يحج؛ ليعبد الله على بصيرة، ويحقق متابعة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو أن شخصًا أراد أن يُسَافِر إلى بلد، لرأيتَه يسأل عن طريقها؛ حتى يصل إليها عن دلالة، فكيف بمن أراد أن يسلك الطريق الموصلة إلى الله - تعالى - وإلى جنته؟! أفليس من الجدير به أن يسأل عنها قبل أن يسلكها ليصل إلى المقصود؟"[1].
ثانيًا: تُبْ إلى الله توبة نصوحًا، محقِّقًا لجميع شروطها، ومن ذلك الندم على ما اقترفتَه من ذنوب وآثام، والعزم على عدم العودة إليها في المستقبل، وأيضًا قُمْ بردِّ الحقوق إلى أهلها، وتحلَّل من أصحابها، وأرجع الودائع، أو وَكِّل بها أمينًا حتى تعود.
ثالثًا: اطلب العفو والصفح والمسامحة، وخاصةً من والديك، وأهلك وأولادك، وسائر أصحابك.
اكتب وصيتَك قبل سفرك؛ فإنك لا تدري ما يقدره الله عليك، ووضح فيها ما لك وما عليك، وأشْهِد على ذلك.
رابعًا: وفِّر لمن تعول من زوجات وأولاد ما يحتاجون إليه خلال فترة غيابك عنهم، فقد قال - عليه الصلاة والسلام -: ((كفى بالمرء إثمًا أن يضيِّع مَن يقوت))[2].
خامسًا: احرِص على أن يكون زادك حلالاً، ومالُك طيبًا؛ فـ: ((إن الله طيبٌ لا يَقبَل إلا طيبًا))[3].
وقال ابن عمر: "أفضل الحاجِّ أخلصُهم نية، وأزكاهم نفقة، وأحسنهم يقينًا"[4].
وأما إذا كان حجُّك من سحتٍ، فحظك منه المشقة والتعب؛ وقد أنشد بعضهم شعرًا، فقال:
إِذَا حَجَجْتَ بِمَالٍ أَصْلُهُ سُحُتٌ * فَمَا حَجَجْتَ وَلَكِنْ حَجَّتِ الْعِيرُ[5]
لا يَقْبَلُ اللهُ إِلاَّ كُلَّ طَيِّبَةٍ * مَا كُلُّ مَنْ حَجَّ بَيْتَ اللهِ مَبْرُورُ
وقال آخر:
يَحُجُّونَ بِالمَالِ الذي يَجْمَعُونَهُ * حَرَامًا إلى البَيْتِ العَتِيقِ المُحَرَّمِ
وَيَزْعُمُ كُلٌّ مِنْهُمُ أَنَّ وِزْرَهُ * يُحَطُّ وَلَكِنْ فَوْقَهُ فِي جَهَنَّمِ
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة:
"ما حكم من حج من مال حرام - يعني: فوائد بيع المخدرات - ثم يرسلون تذاكر الحج لآبائهم ويحجون، مع علم بعضهم أن تلك الأموال جمع من تجارة المخدرات، هل هذا الحج مقبول أم لا؟".
فأجابوا: "كون الحج من مال حرام لا يمنع من صحة الحج، مع الإثم بالنسبة لكسْب الحرام، وأنه ينقص أجر الحج، ولا يُبطِله"[6].
سادسًا: احرص على اصطحاب الرفقة الصالحة التي تذكِّرك إذا نسيتَ، وتعلِّمك إذا جهلتَ، وتُعِينك إذا عجزتَ، وتشجِّعك على الطاعة إذا فترتَ، قال ابن جماعة في منسكه: "وينبغي أن يستعمل مكارم الأخلاق مع رفقته، وأن يبذل لهم المجهود من غير مضرة، ولا سيما بذل الماء لذوي العطش".
سابعًا: أَخلِص النية لله، وجرِّدها له وحده، فقد أمرك الله بذلك، فقال: ***64831; وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ***64830; [البقرة: 196].
قال السعدي - رحمه الله -: "وفيه الأمر بإخلاصهما - الحج والعمرة - لله تعالى"[7].
وشرع الله لك أن تلبِّيه بقولك: ((لبَّيك اللهم لبَّيك، لبَّيك لا شريك لك لبَّيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك))[8].
واحذر مما ينقص أجر الحج، ويخل به؛ كالرياء والسمعة، بل إذا لبيتَ بالحج فادعُ الله بما دعا به إمامُك - عليه الصلاة والسلام - حينما قال: ((اللهم حجة لا رياء فيها ولا سمعة))[9].
والإخلاص في الحج عزيز؛ فقد روي أن رجلاً قال لابن عمر - رضي الله عنهما -: "ما أكثرَ الحاج"؟ فقال ابن عمر: "ما أقلَّهم!"، ثم رأى رجلاً على بعير على رحل رثٍّ، خطامه حبال، فقال: "لعل هذا"، وقال شريح: "الحاج قليل، والركبان كثير، ما أكثر مَن يعمل الخير، ولكن ما أقل الذين يريدون وجهه!".
خَلِيلَيَّ قُطَّاعُ الفَيَافِي إلى الحِمَى * كَثِيرٌ وَأمَّا الواصِلُونَ قَلِيلُ [10]
تامنًا: احرص على أن يكون حجُّك كما حج نبيُّك - عليه الصلاة والسلام - وذلك بمتابعتِك له في كافة أفعاله وأقواله وأحواله، فقد قال - عليه الصلاة والسلام -: ((لتأخذوا مناسكَكم؛ فإني لا أدري لعلي لا أحجُّ بعد حجتي هذه))[11]، فكأنه يقول لكل حاج: تابعوني؛ أَحرِمُوا من الِميقات كما أحرمتُ، ولبُّوا كما لبَّيتُ، وطُوفُوا بالبيت سبعًا كما طفتُ، وَقِفُوا في عرفاتٍ كما وقفتُ، وهكذا افعلوا في جميع مناسك الحج!
وهذا عمر بن الخطاب يتابع النبي - صلى الله عليه وسلم - في كل شيء؛ حتى إنه لما أتى إلى الحَجرِ الأسود قبَّله كما قبَّله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: "إني لأعلم أنك حجرٌ لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقبِّلك ما قبَّلتك"[12].
وقد استنبط العلماء من هذا الأثر فوائدَ جمة؛ منها: "التسليم للشارع في أمور الدين، وحسن الاتباع فيما لم يكشف عن معانيها، وهو قاعدة عظيمة في اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يفعله ولو لم تُعلَم الحكمة فيه"[13].
وهذا عبدالله بن عمر تابَع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كل شيء، وفعل كما فعل، ولما استلم الحجر الأسود أكَّد على اتباعه للسنة بقوله: "اللهم إيمانًا بك، وتصديقًا بكتابك، واتباعًا سنَّةَ نبيِّك - صلى الله عليه وسلم"[14].
فمتابعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - نجاة، ومخالفتُه فتنة، فقد روي أن رجلاً جاء إلى الإمام مالك بن أنس، فقال له: "يا أبا عبدالله، من أين أُحرِم؟ قال: من ذي الحُلَيفة، من حيث أَحرَم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني أريد أن أحرم من المسجد، فقال: لا تفعل، قال: فإني أريد أن أحرم من المسجد من عند القبر، قال: لا تفعل؛ فإني أخشى عليك الفتنة، فقال: وأي فتنة هذه؟! إنما هي أميال أزيدها، قال: وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقتَ إلى فضيلةٍ قصر عنها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -؟! إني سمعت اللهَ يقول: ***64831; فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ***64830; [النور: 63]"[15].
فإذا جردتَ نيتك لله، وأخلصتَ عملك له، وتابعتَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجك، قَبِل الله منك ذلك؛ لقوله - تعالى -: ***64831; لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ***64830; [الملك: 2]، قال ابن كثير - رحمه الله -: "ولا يكون العمل حسنًا، حتى يكون خالصًا لله - عز وجل - على شريعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمتى فقَد العملُ واحدًا من هذين الشرطين، حبط وبطَل"[16].
وقال الفُضَيل بن عِيَاض في قوله - تعالى -: ***64831; لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ***64830; [الملك: 2]، قال: "أخلصه وأصوبه"، قالوا: يا أبا علي، ما أخلصه وأصوبه؟ قال: "إن العمل إذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا، لم يُقبَل، وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصًا، لم يُقبَل، حتى يكون خالصًا صوابًا، والخالص: أن يكون لله، والصواب: أن يكون على السنة"[17].
تاسًعا: احرص على الاستفادة من رحلة الحج بقدر استطاعتك؛ فجالِس الأخيار، وابتعد عن مجالسة البطلة، واملأْ وقتَك بطاعة الرحمن، وتلاوة القرآن، وذكر المَلِك الديان، والدلالة على الخير، والتحذير من الشر، وما أشبه ذلك من الطاعاتِ التي تنال بها رضا الرحمن، وتعود - بإذن الله - من حجك كيوم ولدتْك أمك، سليمًا من الذنوب والآثام.
نسأل الله لنا ولك السداد والقبول؛ إنه أعظم مأمول، وأكرم مسؤول، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
من أسرار الحج ومنافعه
محمد بن إبراهيم الحمد
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله. أما بعد:
فلقد شرع الله الشعائر والعبادات لحكم عظيمة، ومصالح عديدة، لا ليضيق بها على الناس، ولا ليجعل عليهم في الدين من حرج.
ولكل عبادة في الإسلام حكم بالغة يظهر بعضها بالنص عليها، أو بأدنى تدبر، وقد يخفى بعضها إلا على المتأملين الموفقين في الاستجلاء والاستنباط.
* والحكمة الجامعة في العبادات هي تزكية النفوس، وترويضها على الفضائل، وتطهيرها من النقائص، وتصفيتها من الكدرات، وتحريرها من رق الشهوات، وإعدادها للكمال الإنساني، وتقريبها للملأ الأعلى، وتلطيف كثافتها الحيوانية؛ لتكون رقاً للإنسان، بدلاً من أن تسترقه.
وفي كل فريضة من فرائص الإسلام امتحان لإيمان المسلم، وعقله، وإرادته.
هذا وإن للحج أسرارًا بديعة، وحكماً متنوعة، وبركات متعددة، ومنافع مشهودة سواء على مستوى الأفراد أو على مستوى الأمة.
فمن أسرار الحج ومنافعه ما يلي:
1- حقيق العبودية لله: فكمال المخلوق في تحقيق العبودية لربه، وكلما ازداد العبد تحقيقاً لها ازداد كماله، وعلت درجته.
وفي الحج يتجلى هذا المعنى غاية التجلي؛ ففي الحج تذلل لله، وخضوع وانكسار بين يديه؛ فالحاج يخرج من ملاذ الدنيا مهاجراً إلى ربه، تاركاً ماله وأهله ووطنه، متجرداً من ثيابه، لابساً إحرامه، حاسراً عن رأسه، متواضعاً لربه، تاركاً الطّيب والنساء، متنقلاً بين المشاعر بقلب خاضع، وعين دامعة، ولسان ذاكر يرجو رحمة ربه، ويخشى عذابه.
ثم إن شعار الحاج منذ إحرامه إلى حين رمي جمرة العقبة والحلق: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك.
ومعنى ذلك أنني خاضع لك، منقاد لأمرك، مستعد لما حملتني من الأمانات؛ طاعة لك، واستسلاماً، دونما إكراه أو تردد.
وهذه التلبية ترهف شعور الحاج، وتوحي إليه بأنه –منذ فارق أهله- مقبل على ربه، متجرد عن عاداته ونعيمه، منسلخ من مفاخره ومزاياه.
ولهذا التواضع والتذلل أعظم المنزلة عند الله – عز وجل- إذ هو كمال العبد وجماله، وهو مقصود العبودية الأعظم، وبسببه تمّحى عن العبد آثار الذنوب وظلمتها؛ فيدخل في حياة جديدة ملؤها الخير، وحشوها السعادة.
وإذا غلبت هذه الحال على الحجاج، فملأت عبودية الله قلوبهم، وكانت هي المحرك لهم فيما يأتون وما يذرون – صنعوا للإنسانية الأعاجيب، وحرروها من الظلم، والشقاء، والبهيمية .
2-إقامة ذكر الله – عز وجل- فالذكر هو المقصود الأعظم للعبادات؛ فما شرعت العبادات إلا لأجله، وما تقرب المتقربون بمثله.
ويتجلى هذا المعنى في الحج غاية التجلي، فما شرع الطواف بالبيت العتيق، ولا السعي بين الصفا والمروة، ولا رمي الجمار إلا لإقامة ذكر الله.
قال تعالى: (ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات) "الحج: 28".
وقال: (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم، فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكراً). "البقرة: 198-200".
3-ارتباط المسلمين بقبلتهم: التي يولّون وجوههم شطرها في صلواتهم المفروضة خمس مرات في اليوم.
وفي هذا الارتباط سر بديع؛ إذ يصرف وجوههم عن التوجه إلى غرب كافر، أو شرق ملحد؛ فتبقى لهم عزتهم وكرامتهم.
4-إن الحج فرصة عظيمة للإقبال على الله بشتى القربات:
إذ يجتمع في الحج من العبادات مالا يجتمع في غيره؛ فيشارك الحج غيره من الأوقات بالصلوات وغيرها من العبادات التي تفعل في الحج وغير الحج.
وينفرد بالوقوف بعرفة، والمبيت بمزدلفة، ورمي الجمار، وإراقة الدماء، وغير ذلك من أعمال الحج.
5-الحج وسيلة عظمى لحط السيئات، ورفعة الدرجات: فالحج يهدم ما كان قبله.
قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص – رضي الله عنه-: (أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله) "رواه مسلم".
* والحج أفضل الأعمال بعد الإيمان والجهاد؛ فعن أبي هريرة –رضي الله عنه – قال: (سئل النبي صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله. قيل : ثم ماذا؟ قال: جهاد في سبيل الله. قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور) "رواه البخاري".
* والحج أفضل الجهاد؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (قلت يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل الأعمال؛ أفلا نجاهد؟ قال: لا، ولكن أفضل الجهاد حج مبرور) "رواه البخاري".
* والحج المبرور جزاؤه الجنة، قال عليه الصلاة والسلام: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) "رواه مسلم".
والحاج يعود من ذنوبه كيوم ولدته أمه إذا كان حجه مبروراً، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه) "رواه البخاري ومسلم".
6- هياج الذكريات الجميلة: ففي الحج تهيج الذكريات الجميلة العزيزة على قلب كل مسلم، وما أكثر تلك الذكريات! وما أجمل ترددها على الذهن!
* فالحاج – على سبيل المثال – يتذكر أبانا إبراهيم الخليل – عليه السلام- فيتذكر توحيده لربه،وهجرته في سبيله ، وكمال عبوديته، وتقديمه محبة ربه على محبة نفسه.
* ويتذكر ما جرى له من الابتلاءات العظيمة، وما حصل له من الكرامات والمقامات العالية.
* ويتذكر أذانه في الحج، ودعاءه لمكة المكرمة، وبركات تلك الدعوات التي ترى أثارها إلى يومنا الحاضر.
* ويتذكر الحاج ما كان من أمر أمنا هاجر – عليها السلام- فيتذكر سعيها بين الصفا والمروة بحثاً عن ماء تشربه، لتدر باللبن على وليدها إسماعيل، ذلك السعي الذي أصبح سنة ماضية، وركنًا من أركان الحج.
ويتذكر أبانا إسماعيل – عليه السلام- فيمر بخاطره مشاركة إسماعيل لأبيه في بناء الكعبة، ويتذكر ما كان من بر إسماعيل بأبيه؛ إذ أطاعه لما أخبره بأن الله يأمره بذبحه؛ فما كان من إسماعيل إلا أن قال: (افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين) "الصافات: 102".
* ويتذكر الحاج أن مكة هي موطن النبي صلى الله عليه وسلم ففيها ولد وشب عن الطوق، وفيها تنزل عليه الوحي، ومنها شع نور الإسلام الذي بدد دياجير الظلمات.
* ويتذكر من سار على تلك البطاح المباركة من أنبياء الله ورسله وعباده الصالحين، فيشعر بأنه امتداد لتلك السلسلة المباركة، وذلك الركب الميمون.
* وتذكر الصحابة رضي الله عنهم- وما لاقوه من البلاء في سبيل نشر هذا الدين.
* ويتذكر أن هذا البيت أول بيت وضع للناس، وأنه مبارك وهدى للعالمين
بلدة عظــــمى وفـي آثارهـا *** أنفع الذكـــــرى لقوم يعقلون
شب في بطحائها خير الورى *** وشـــــبا في أفقها أسمح دين
فهذه الذكريات الجميلة تربط المؤمن بأكرم رباط، و تبعث في نفسه حب أسلافه الكرام، والحرص على اتباع آثارهم، والسير على منوالهم.
ثم إن الحاج إذا عاد من رحلة حجه حمل معه أغلى الذكريات، وأعزها على نفسه، فتظل نفسه متلهفة للعودة إلى تلك البقاع المباركة.
أسرار الحج شرح عملى لمناسك الحج للشيخ محمد حسين يعقوب
http://safeshare.tv/x/zeOhnWVuK9U
مشاري الخراز اسرار الحج
http://safeshare.tv/x/vwGnnkNLn98
أقوى فيلم لشرح كيفية الحج والعمرة بالصوت والصورة
http://safeshare.tv/x/ss57b9fdd0c7f13
معلومات رائعة عن الحج الشيخ محمد العريفي
http://safeshare.tv/x/XJKht6pjjNE
هدية للمقبلين على الحج
قبل أن تحج!
عبده قايد الذريبي
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الحاج الكريم، اعلم - وفقنا الله وإياك لمرضاته، وأبعدنا الله وإياك عن مساخطه.
أنه يجب عليك قبل أن تحج أن تتأدب بعدة آداب، منها:
أولاً: تعلُّم كيفية الحج، وشروطه، وأركانه، وواجباته، وسننه القولية والفعلية، ومحظوراته، قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -: "يا حبَّذا لو أن الحاجَّ تعلَّم أحكام الحج قبل أن يحج؛ ليعبد الله على بصيرة، ويحقق متابعة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو أن شخصًا أراد أن يُسَافِر إلى بلد، لرأيتَه يسأل عن طريقها؛ حتى يصل إليها عن دلالة، فكيف بمن أراد أن يسلك الطريق الموصلة إلى الله - تعالى - وإلى جنته؟! أفليس من الجدير به أن يسأل عنها قبل أن يسلكها ليصل إلى المقصود؟"[1].
ثانيًا: تُبْ إلى الله توبة نصوحًا، محقِّقًا لجميع شروطها، ومن ذلك الندم على ما اقترفتَه من ذنوب وآثام، والعزم على عدم العودة إليها في المستقبل، وأيضًا قُمْ بردِّ الحقوق إلى أهلها، وتحلَّل من أصحابها، وأرجع الودائع، أو وَكِّل بها أمينًا حتى تعود.
ثالثًا: اطلب العفو والصفح والمسامحة، وخاصةً من والديك، وأهلك وأولادك، وسائر أصحابك.
اكتب وصيتَك قبل سفرك؛ فإنك لا تدري ما يقدره الله عليك، ووضح فيها ما لك وما عليك، وأشْهِد على ذلك.
رابعًا: وفِّر لمن تعول من زوجات وأولاد ما يحتاجون إليه خلال فترة غيابك عنهم، فقد قال - عليه الصلاة والسلام -: ((كفى بالمرء إثمًا أن يضيِّع مَن يقوت))[2].
خامسًا: احرِص على أن يكون زادك حلالاً، ومالُك طيبًا؛ فـ: ((إن الله طيبٌ لا يَقبَل إلا طيبًا))[3].
وقال ابن عمر: "أفضل الحاجِّ أخلصُهم نية، وأزكاهم نفقة، وأحسنهم يقينًا"[4].
وأما إذا كان حجُّك من سحتٍ، فحظك منه المشقة والتعب؛ وقد أنشد بعضهم شعرًا، فقال:
إِذَا حَجَجْتَ بِمَالٍ أَصْلُهُ سُحُتٌ * فَمَا حَجَجْتَ وَلَكِنْ حَجَّتِ الْعِيرُ[5]
لا يَقْبَلُ اللهُ إِلاَّ كُلَّ طَيِّبَةٍ * مَا كُلُّ مَنْ حَجَّ بَيْتَ اللهِ مَبْرُورُ
وقال آخر:
يَحُجُّونَ بِالمَالِ الذي يَجْمَعُونَهُ * حَرَامًا إلى البَيْتِ العَتِيقِ المُحَرَّمِ
وَيَزْعُمُ كُلٌّ مِنْهُمُ أَنَّ وِزْرَهُ * يُحَطُّ وَلَكِنْ فَوْقَهُ فِي جَهَنَّمِ
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة:
"ما حكم من حج من مال حرام - يعني: فوائد بيع المخدرات - ثم يرسلون تذاكر الحج لآبائهم ويحجون، مع علم بعضهم أن تلك الأموال جمع من تجارة المخدرات، هل هذا الحج مقبول أم لا؟".
فأجابوا: "كون الحج من مال حرام لا يمنع من صحة الحج، مع الإثم بالنسبة لكسْب الحرام، وأنه ينقص أجر الحج، ولا يُبطِله"[6].
سادسًا: احرص على اصطحاب الرفقة الصالحة التي تذكِّرك إذا نسيتَ، وتعلِّمك إذا جهلتَ، وتُعِينك إذا عجزتَ، وتشجِّعك على الطاعة إذا فترتَ، قال ابن جماعة في منسكه: "وينبغي أن يستعمل مكارم الأخلاق مع رفقته، وأن يبذل لهم المجهود من غير مضرة، ولا سيما بذل الماء لذوي العطش".
سابعًا: أَخلِص النية لله، وجرِّدها له وحده، فقد أمرك الله بذلك، فقال: ***64831; وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ***64830; [البقرة: 196].
قال السعدي - رحمه الله -: "وفيه الأمر بإخلاصهما - الحج والعمرة - لله تعالى"[7].
وشرع الله لك أن تلبِّيه بقولك: ((لبَّيك اللهم لبَّيك، لبَّيك لا شريك لك لبَّيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك))[8].
واحذر مما ينقص أجر الحج، ويخل به؛ كالرياء والسمعة، بل إذا لبيتَ بالحج فادعُ الله بما دعا به إمامُك - عليه الصلاة والسلام - حينما قال: ((اللهم حجة لا رياء فيها ولا سمعة))[9].
والإخلاص في الحج عزيز؛ فقد روي أن رجلاً قال لابن عمر - رضي الله عنهما -: "ما أكثرَ الحاج"؟ فقال ابن عمر: "ما أقلَّهم!"، ثم رأى رجلاً على بعير على رحل رثٍّ، خطامه حبال، فقال: "لعل هذا"، وقال شريح: "الحاج قليل، والركبان كثير، ما أكثر مَن يعمل الخير، ولكن ما أقل الذين يريدون وجهه!".
خَلِيلَيَّ قُطَّاعُ الفَيَافِي إلى الحِمَى * كَثِيرٌ وَأمَّا الواصِلُونَ قَلِيلُ [10]
تامنًا: احرص على أن يكون حجُّك كما حج نبيُّك - عليه الصلاة والسلام - وذلك بمتابعتِك له في كافة أفعاله وأقواله وأحواله، فقد قال - عليه الصلاة والسلام -: ((لتأخذوا مناسكَكم؛ فإني لا أدري لعلي لا أحجُّ بعد حجتي هذه))[11]، فكأنه يقول لكل حاج: تابعوني؛ أَحرِمُوا من الِميقات كما أحرمتُ، ولبُّوا كما لبَّيتُ، وطُوفُوا بالبيت سبعًا كما طفتُ، وَقِفُوا في عرفاتٍ كما وقفتُ، وهكذا افعلوا في جميع مناسك الحج!
وهذا عمر بن الخطاب يتابع النبي - صلى الله عليه وسلم - في كل شيء؛ حتى إنه لما أتى إلى الحَجرِ الأسود قبَّله كما قبَّله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: "إني لأعلم أنك حجرٌ لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقبِّلك ما قبَّلتك"[12].
وقد استنبط العلماء من هذا الأثر فوائدَ جمة؛ منها: "التسليم للشارع في أمور الدين، وحسن الاتباع فيما لم يكشف عن معانيها، وهو قاعدة عظيمة في اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يفعله ولو لم تُعلَم الحكمة فيه"[13].
وهذا عبدالله بن عمر تابَع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كل شيء، وفعل كما فعل، ولما استلم الحجر الأسود أكَّد على اتباعه للسنة بقوله: "اللهم إيمانًا بك، وتصديقًا بكتابك، واتباعًا سنَّةَ نبيِّك - صلى الله عليه وسلم"[14].
فمتابعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - نجاة، ومخالفتُه فتنة، فقد روي أن رجلاً جاء إلى الإمام مالك بن أنس، فقال له: "يا أبا عبدالله، من أين أُحرِم؟ قال: من ذي الحُلَيفة، من حيث أَحرَم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني أريد أن أحرم من المسجد، فقال: لا تفعل، قال: فإني أريد أن أحرم من المسجد من عند القبر، قال: لا تفعل؛ فإني أخشى عليك الفتنة، فقال: وأي فتنة هذه؟! إنما هي أميال أزيدها، قال: وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقتَ إلى فضيلةٍ قصر عنها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -؟! إني سمعت اللهَ يقول: ***64831; فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ***64830; [النور: 63]"[15].
فإذا جردتَ نيتك لله، وأخلصتَ عملك له، وتابعتَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجك، قَبِل الله منك ذلك؛ لقوله - تعالى -: ***64831; لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ***64830; [الملك: 2]، قال ابن كثير - رحمه الله -: "ولا يكون العمل حسنًا، حتى يكون خالصًا لله - عز وجل - على شريعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمتى فقَد العملُ واحدًا من هذين الشرطين، حبط وبطَل"[16].
وقال الفُضَيل بن عِيَاض في قوله - تعالى -: ***64831; لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ***64830; [الملك: 2]، قال: "أخلصه وأصوبه"، قالوا: يا أبا علي، ما أخلصه وأصوبه؟ قال: "إن العمل إذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا، لم يُقبَل، وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصًا، لم يُقبَل، حتى يكون خالصًا صوابًا، والخالص: أن يكون لله، والصواب: أن يكون على السنة"[17].
تاسًعا: احرص على الاستفادة من رحلة الحج بقدر استطاعتك؛ فجالِس الأخيار، وابتعد عن مجالسة البطلة، واملأْ وقتَك بطاعة الرحمن، وتلاوة القرآن، وذكر المَلِك الديان، والدلالة على الخير، والتحذير من الشر، وما أشبه ذلك من الطاعاتِ التي تنال بها رضا الرحمن، وتعود - بإذن الله - من حجك كيوم ولدتْك أمك، سليمًا من الذنوب والآثام.
نسأل الله لنا ولك السداد والقبول؛ إنه أعظم مأمول، وأكرم مسؤول، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
من أسرار الحج ومنافعه
محمد بن إبراهيم الحمد
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله. أما بعد:
فلقد شرع الله الشعائر والعبادات لحكم عظيمة، ومصالح عديدة، لا ليضيق بها على الناس، ولا ليجعل عليهم في الدين من حرج.
ولكل عبادة في الإسلام حكم بالغة يظهر بعضها بالنص عليها، أو بأدنى تدبر، وقد يخفى بعضها إلا على المتأملين الموفقين في الاستجلاء والاستنباط.
* والحكمة الجامعة في العبادات هي تزكية النفوس، وترويضها على الفضائل، وتطهيرها من النقائص، وتصفيتها من الكدرات، وتحريرها من رق الشهوات، وإعدادها للكمال الإنساني، وتقريبها للملأ الأعلى، وتلطيف كثافتها الحيوانية؛ لتكون رقاً للإنسان، بدلاً من أن تسترقه.
وفي كل فريضة من فرائص الإسلام امتحان لإيمان المسلم، وعقله، وإرادته.
هذا وإن للحج أسرارًا بديعة، وحكماً متنوعة، وبركات متعددة، ومنافع مشهودة سواء على مستوى الأفراد أو على مستوى الأمة.
فمن أسرار الحج ومنافعه ما يلي:
1- حقيق العبودية لله: فكمال المخلوق في تحقيق العبودية لربه، وكلما ازداد العبد تحقيقاً لها ازداد كماله، وعلت درجته.
وفي الحج يتجلى هذا المعنى غاية التجلي؛ ففي الحج تذلل لله، وخضوع وانكسار بين يديه؛ فالحاج يخرج من ملاذ الدنيا مهاجراً إلى ربه، تاركاً ماله وأهله ووطنه، متجرداً من ثيابه، لابساً إحرامه، حاسراً عن رأسه، متواضعاً لربه، تاركاً الطّيب والنساء، متنقلاً بين المشاعر بقلب خاضع، وعين دامعة، ولسان ذاكر يرجو رحمة ربه، ويخشى عذابه.
ثم إن شعار الحاج منذ إحرامه إلى حين رمي جمرة العقبة والحلق: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك.
ومعنى ذلك أنني خاضع لك، منقاد لأمرك، مستعد لما حملتني من الأمانات؛ طاعة لك، واستسلاماً، دونما إكراه أو تردد.
وهذه التلبية ترهف شعور الحاج، وتوحي إليه بأنه –منذ فارق أهله- مقبل على ربه، متجرد عن عاداته ونعيمه، منسلخ من مفاخره ومزاياه.
ولهذا التواضع والتذلل أعظم المنزلة عند الله – عز وجل- إذ هو كمال العبد وجماله، وهو مقصود العبودية الأعظم، وبسببه تمّحى عن العبد آثار الذنوب وظلمتها؛ فيدخل في حياة جديدة ملؤها الخير، وحشوها السعادة.
وإذا غلبت هذه الحال على الحجاج، فملأت عبودية الله قلوبهم، وكانت هي المحرك لهم فيما يأتون وما يذرون – صنعوا للإنسانية الأعاجيب، وحرروها من الظلم، والشقاء، والبهيمية .
2-إقامة ذكر الله – عز وجل- فالذكر هو المقصود الأعظم للعبادات؛ فما شرعت العبادات إلا لأجله، وما تقرب المتقربون بمثله.
ويتجلى هذا المعنى في الحج غاية التجلي، فما شرع الطواف بالبيت العتيق، ولا السعي بين الصفا والمروة، ولا رمي الجمار إلا لإقامة ذكر الله.
قال تعالى: (ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات) "الحج: 28".
وقال: (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم، فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكراً). "البقرة: 198-200".
3-ارتباط المسلمين بقبلتهم: التي يولّون وجوههم شطرها في صلواتهم المفروضة خمس مرات في اليوم.
وفي هذا الارتباط سر بديع؛ إذ يصرف وجوههم عن التوجه إلى غرب كافر، أو شرق ملحد؛ فتبقى لهم عزتهم وكرامتهم.
4-إن الحج فرصة عظيمة للإقبال على الله بشتى القربات:
إذ يجتمع في الحج من العبادات مالا يجتمع في غيره؛ فيشارك الحج غيره من الأوقات بالصلوات وغيرها من العبادات التي تفعل في الحج وغير الحج.
وينفرد بالوقوف بعرفة، والمبيت بمزدلفة، ورمي الجمار، وإراقة الدماء، وغير ذلك من أعمال الحج.
5-الحج وسيلة عظمى لحط السيئات، ورفعة الدرجات: فالحج يهدم ما كان قبله.
قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص – رضي الله عنه-: (أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله) "رواه مسلم".
* والحج أفضل الأعمال بعد الإيمان والجهاد؛ فعن أبي هريرة –رضي الله عنه – قال: (سئل النبي صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله. قيل : ثم ماذا؟ قال: جهاد في سبيل الله. قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور) "رواه البخاري".
* والحج أفضل الجهاد؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (قلت يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل الأعمال؛ أفلا نجاهد؟ قال: لا، ولكن أفضل الجهاد حج مبرور) "رواه البخاري".
* والحج المبرور جزاؤه الجنة، قال عليه الصلاة والسلام: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) "رواه مسلم".
والحاج يعود من ذنوبه كيوم ولدته أمه إذا كان حجه مبروراً، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه) "رواه البخاري ومسلم".
6- هياج الذكريات الجميلة: ففي الحج تهيج الذكريات الجميلة العزيزة على قلب كل مسلم، وما أكثر تلك الذكريات! وما أجمل ترددها على الذهن!
* فالحاج – على سبيل المثال – يتذكر أبانا إبراهيم الخليل – عليه السلام- فيتذكر توحيده لربه،وهجرته في سبيله ، وكمال عبوديته، وتقديمه محبة ربه على محبة نفسه.
* ويتذكر ما جرى له من الابتلاءات العظيمة، وما حصل له من الكرامات والمقامات العالية.
* ويتذكر أذانه في الحج، ودعاءه لمكة المكرمة، وبركات تلك الدعوات التي ترى أثارها إلى يومنا الحاضر.
* ويتذكر الحاج ما كان من أمر أمنا هاجر – عليها السلام- فيتذكر سعيها بين الصفا والمروة بحثاً عن ماء تشربه، لتدر باللبن على وليدها إسماعيل، ذلك السعي الذي أصبح سنة ماضية، وركنًا من أركان الحج.
ويتذكر أبانا إسماعيل – عليه السلام- فيمر بخاطره مشاركة إسماعيل لأبيه في بناء الكعبة، ويتذكر ما كان من بر إسماعيل بأبيه؛ إذ أطاعه لما أخبره بأن الله يأمره بذبحه؛ فما كان من إسماعيل إلا أن قال: (افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين) "الصافات: 102".
* ويتذكر الحاج أن مكة هي موطن النبي صلى الله عليه وسلم ففيها ولد وشب عن الطوق، وفيها تنزل عليه الوحي، ومنها شع نور الإسلام الذي بدد دياجير الظلمات.
* ويتذكر من سار على تلك البطاح المباركة من أنبياء الله ورسله وعباده الصالحين، فيشعر بأنه امتداد لتلك السلسلة المباركة، وذلك الركب الميمون.
* وتذكر الصحابة رضي الله عنهم- وما لاقوه من البلاء في سبيل نشر هذا الدين.
* ويتذكر أن هذا البيت أول بيت وضع للناس، وأنه مبارك وهدى للعالمين
بلدة عظــــمى وفـي آثارهـا *** أنفع الذكـــــرى لقوم يعقلون
شب في بطحائها خير الورى *** وشـــــبا في أفقها أسمح دين
فهذه الذكريات الجميلة تربط المؤمن بأكرم رباط، و تبعث في نفسه حب أسلافه الكرام، والحرص على اتباع آثارهم، والسير على منوالهم.
ثم إن الحاج إذا عاد من رحلة حجه حمل معه أغلى الذكريات، وأعزها على نفسه، فتظل نفسه متلهفة للعودة إلى تلك البقاع المباركة.
أسرار الحج شرح عملى لمناسك الحج للشيخ محمد حسين يعقوب
http://safeshare.tv/x/zeOhnWVuK9U
مشاري الخراز اسرار الحج
http://safeshare.tv/x/vwGnnkNLn98
أقوى فيلم لشرح كيفية الحج والعمرة بالصوت والصورة
http://safeshare.tv/x/ss57b9fdd0c7f13
معلومات رائعة عن الحج الشيخ محمد العريفي
http://safeshare.tv/x/XJKht6pjjNE
تعليق