اللقاء الأول من دورة فقه الحَج _ على غرفة الهدايــ الدعوية ـــة
مع د / محمد فرحات ..
لتحميل اللقاء
هنـا..
فقرة التفاعل
هنا..
هذا ما تم شرحه في الكتاب ..
صـ 171
صـ 172
الزيادات التي ذكرها د/ محمد فرحات ولم تكن بالكتاب ..
أولًا تعريف الحَج ::
الحَجُّ في اللغة:
أي القصد..
وفي الشرع:
التعبد لله بأداء المناسك في مكان مخصوص في وقت مخصوص، على ما جاء في سُنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
والمقصود هنا بما جاء في سُنة النبي صلى الله عليه وسلم ..
أي تَلَقِي العلم على وِفق ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء بالقرآن أو السُنة ..
وهنا ضيق الشرع مفهوم كلمة الحج وانتقلت من المعنى اللغوي إلى المعني الشرعي ..
ثانيًا حُكمُ الحَجِ وفَضلُه ::
أجمع أهل العلم على وجوب فريضة الحج على المستطيع مرة واحدة في العمر ..
الحَج ورد فيه عديد من النصوص تبين فضله ومكانته ..
الحَج المبرور :: هو الذي أداه الإنسان على وجهه وأتى فيه واجباته وشرائطه وأركانه ولم يرتكب فيه ما يخلُ بعبادة الحَج
وبذلَ فيه وقت ومن حُر ماله الطيب ومن عمله المخلِص ..
معنى الرفث :: لغةً الجماع ..
وفي الحديث قالوا أنه يطلق على الجماع ويُقصد به الجماع ..
وهناك من قالوا يُقصد به الجماا ويُقصد به فُحش القول ..
معنى الفسق :: أي أنه ذهب للحج ولم يتلبس بمعصية ولم يرتكب محرمات .. فكان إحرامه بكل جوارحه ليس ببدنه فقط .
وهذا يُوافق قول الله عز وجل :" الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ۗ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ "
البقرة _(197)
"
فمن يُحرِم من أجل العبادة ويكون متلبس بأداء هذه العبادة فوقته مشغول بالعبادة ولا يليق به أن يكون على حال الرفث أو الفسوق أو حتى الجدال ..
وهذا هو الحال الأكمل لمن أراد الأجر الأكمل ..
* مسألة *
هل يُكفِر الحَج الصغائر وكذلك الكبائر .. ؟
قال بعض أهل العلم أن ظاهر الحديث يدل على أنه يكفر الصغائر والكبائر ومن كان حجه مبرور كفر له ذلك كل السيئات ..
أما جمهور أهل العلم فرأيهم أن الحج لا يكفر إلا الصغائر ..
لقول النبي صلى الله عليه وسلم ::
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ"
الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ"
صحيح مسلم .
_ فالكبائر لا تدخل في هذا التكفير العام بالرغم من تلك العبادات الكبيرة فقاسوا على ذلك الحَج لا يُكفر الكبائر ..
والعلماء اتفقوا على أن تكفير السيئات عبارة عن تكفير للسيئات المتعلقة بحق الله عز وجل ..
* مسألة *
ماذا لو إنسان سرق من إنسان آخر .. هل هذه الذنوب تُكفَر بمجرد الذهاب للحَج .. ؟
قال أهل العلم أنها لا تدخل في باب الكفارات وعلى الإنسان أن يؤديها لأصحابها .
وفسر أهل العلم بمزيد من التفسير فقالوا حتى حقوق الله عليه أن يؤديها...
مثال " قضاء رمضان "
من كان عليه قضاء رمضان لا يسقط بالحَج ..
مثال " من كان عليه زكاة "
وكذلك من عليه زكاة وأَخرَّها فلو حَجَ لن يسقط من عليه تلك الحقوق .. وهذا محِلُ إتفاق .فهُنا محِلُ الخلاف في تكفير الكبائر ..
أما الحَج والأعمال الصالحة تُكفِر الصغائر ولا تكفر الحقوق بين البشر وبين العبد وربه ..
فمن وقع في كبيرة عليه أن يتوب إلى الله عز وجل توبةً خالصةً وصادقةً .
ثالثًا هل يجب الحَج في العُمر أكثر من مرة .. ؟
كم مرة يُطالب الإنسان بالحَج ؟؟
كما ذُكِرَ في الكتاب أنه يجب مرة واحدة في العُمر .
ولكن دليل أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحج بعد هجرته إلا مرة واحدة وهذا فيه نظر من الناحية الاستدلالية .. فمجرد الفعل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعني إلا السُنية فهذا يُستانس به ولكن لا يستدل به والدليل الصحيح هو قول النبي صلى الله عليه وسلم
عن ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ الْحَجُّ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً ؟ قَالَ : بَلْ مَرَّةً وَاحِدَةً ، فَمَنْ زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ )
رواه أَبُو دَاوُد
..
وقد أجمع العلماء أن الحَج لا يجب على المستطيع إلا مرة واحدة ..
هناك فارق بين قولنا لا يجب على الإنسان أن يحج إلا مرة واحدة وبين قولنا أن الانسان لا يحج إلا مرة واحدة ..
فأنت على سبيل الوجوب لا تُطَالب بالحَج إلا مرة واحدة أما الزيادة عن المرة فمشروع ومستحب ..
ودليل ذلك ::
" عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ» اِسناده حسن ..وفي لفظ " أديموا الحج والعمرة " ..
وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال الله : " إنَّ عبداً أصححتُ له جسمه ووسعتُ عليه في المعيشة تمضي عليه خمسة أعوام لا يفد إليَّ لمحروم " . رواه أبو يعلى ( 2 / 304 ) والبيهقي ( 5 / 262 ) . ...
ما هو الأفضل .. هل أن يُكثر من الحج والعمرة أم التبرع بهذا المال ويتطوع به ؟
الأصل أن الحَج كنافلة أفضل من الصدقة بالمال والتطوع به .. لماذا ؟
لأن هذا الحَج فيه عبادة بدنية ومالية وهي محبوبة ومرضية من الله عز وجل ولها مكانتها ولها من الثواب والفضل العظيم عند الله ..
ولكن هناك أسباب تجعل الصدقة أفضل ..
وهذا هو فقه الواقع الذي نحتاجه في حياتنا ألا نتنسك فقط بالنصوص ونهمل الفهم العام للنصوص وفهم الواقع ..
* مثال *
الإنفاق على الجهاد في سبيل الله أفضل من التطوع بالحج والعمرة
الإنفاق على الدعوة في سبيل الله أفضل من التطوع بالحج والعمرة لما لها من الفضائل
وكذلك الأحوال الاضطرارية كحالات تحتاج للمال خاصة لو كانوا من الأقارب ..
قال الإمام ابن تيمية رحمه الله في كتابه الاختيارات ::
والحج على الوجه المشروع أفضل من الصدقة التي ليست واجبة. وأما إن كان له أقارب محاويج، فالصدقة عليهم أفضل. وكذلك إن كان هناك قوم مضطرون إلى نفقته. فأما إذا كان كلاهما تطوعا فالحج أفضل؛ لأنه عبادة بدنية مالية، وكذلك الأضحية، والعقيقة أفضل من الصدقة بقيمة ذلك، لكن هذا بشرط أن يقيم الواجب في الطريق، ويترك المحرمات، ويصلي الصلوات الخـمس، ويصدق الحديث، ويؤدي الأمانة، ولا يعتدي على أحد .
وعلى هذا يقيس الانسان الأُضحية وغيرها من العبادات ..
أيهما أفضل أن يُضحي الإنسان أم يتطوع بالمال ؟ أيهما أفضل أن يُضحِي الإنسان أم يخرج الأُضحية مال ؟ وهكذا ..
* الخُلاصة *
لاشك أن الحَجَ والعُمرةَ لهما فضلٌ عظيمٌ والتطوعُ بهما أمرٌ عظيمٌ ولكن ينظر الإنسان إلى أحوال من حوله فإن كانوا يحتاجون فعليه أن يبذل المال في سد حاجتهم راجين له أن يرزقه الله ثواب الصدقة والحَج ..
وقيل رأي وسط في المسألة أنه::
يستطيع الإنسان أن يجمع بين الأمرين :: يَسُد حاجة الإنسان ويتعاهد نفسه كل فترة فلا يمر عليه خمس سنوات إلا وقد حَج أو اعتمر
لهذا الحديث الوارد ::عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال الله : " إنَّ عبداً أصححتُ له جسمه ووسعتُ عليه في المعيشة تمضي عليه خمسة أعوام لا يفد إليَّ لمحروم " . رواه أبو يعلى ( 2 / 304 ) والبيهقي ( 5 / 262 ) .
فعلى الإنسان أن يُبادر في أداء هذا الحج ويُسارع في أداء الواجب ويُكثر من التطوع بالحَج والعمرة ..
* مسألة *
متى يتوجب الحَج .. ؟
الإنسانُ يجب عليه الحَج مَتى تَوافرت فيه الشروط من الإسلام والبلوغ والاستطاعة وغيرها كما سنذكر فيما بعد باذن الله ..
سؤال :: هل الحَج على الفور أم على التراخي ؟؟
عليه أن يبادر بالحَج اذا تحققت شروطه ويأثم بتاخيره لغير عذر لقوله صلى الله عليه وسلم ::
«تَعَجَّـلُوا إلَى الْـحَجِّ، فَـإنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ»
رواه الإمام أحمد وغيره
وقوله صلى الله عليه وسلم ::
" مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيَتَعَجَّلْ فَإِنَّهُ قَدْ يَمْرَضُ الْمَرِيضُ ، وَتَضِلُّ الضَّالَّةُ ، وَتَعْرِضُ الْحَاجَةُ "
رواه أبو داوود وابن ماجة وأحمد والدارمي .
وقول النبي صلى الله عليه وسلم أيضًا ::
من استطاع الحج ولم يحج فليمت إن شاء يهوديا وإن شاء نصرانيا "
الحديث ضعيف
والمسالةُ حقيقةً اختلف العلماءُ فيها على قولين ::
1- القول الأول قال أنه على التراخي حتى لو لم يكن معذورًا وهذا مذهب الشافعية .
وقالوا من الأفضل أن يُبادر واستدلوا بذلك بدليلهم الأول ::
أن النبي صلى الله عليه وسلم أَخَرَّ الحَج للعام العاشر وأن الحَج كان قد فُرض في العام الخامس وقيل السادس ..
ودليلهم الثاني بالقياس على الصلاة ::
فالصلاة من أنواع الواجب الموسع فيجوز بمن وجب عليه الحج أن يؤخره والأفضل له التعجيل ..
2- القول الثاني هو ما خالفهم جمهور أهل العلم وقالوا أنه على الفور .
ودليلهم بما سبق من أحاديث ..
وقوله تعالى :: "وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ "
البقرة- 196
وقول النبي صلى الله عليه وسلم ::
"عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فقَالَ : " أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا " ، فقَالَ رَجُلٌ : أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ ، فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا ، فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَوْ قُلْتُ : نَعَمْ ، لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ ، ثُمَّ قَالَ : ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ " - صحيح مسلم .
هنا قد توجه الأمر من الله تعالى ..وهذا محِلُ خلاف هل الأمر يستلزم الفورية .. ؟
والراجح فيه أن الأمر يقتضي الفورية وعليه المبادرة والامتثال في أداء هذا الواجب ..
وذكروا أيضًا قول عمر رضي الله عنه ..
عن الحسن رضي الله عنه قال :
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :: لقد هممت أن أبعث رجالا إلى هذه الأمصار فينظروا كل من كان له جدة ولم يحج فيضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين ، ما هم بمسلمين . رواه سعيد في سننه ) _ كتاب المناسك .
الشاهد أنهم يقولون يجب على الإنسان تأدية الحَج على الفور ..
وأما قول الشافعية ردوا عليهم دليلهم الأول فقالوا ::
أن الحَج فُرِضَ في العام التاسع أو حتى في العام العاشر أي فُرضَ مؤخرًا ..
فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يؤخره أصلًا .. والنبي صلى الله عليه وسلم لم يُبادر بالحَج قبل ذلك لأن مكة كانت تحت سيطرة مشركي قريش في تلك الآونة ..
وردوا عليهم دليلهم الثاني في القياس على الصلاة ::
هذا قياس مع الفارق كما يسميه علماء الأصول لأن الصلاة وقتها محدود معلوم بدايته ونهايته ..
أما بالنسبة للحَج يقولون أن وقت الحَج عمره كله .. فهل العمر محدود ؟؟
فلو أَخَرَّ هل هو لايدري هل يعيش للغد أم لا .. لذا ذهب الجمهور أن الحَج على الفور ..
فهرس الدورة ..
هنـــا
اللقاء يتجدد معنا أسبوعيًا كل ثلاثاء ..
في تمام الساعة 9:30 م توقيت مصر بإذن الله
على غرفة الهدايــــ الدعوية ــــــة .. فتابعونــا ..
رابط الدخول للغرفة ..
هنا
تعليق