إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ماذا تعرفون عن فقه النوازل ؟؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [جديد] ماذا تعرفون عن فقه النوازل ؟؟

    بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وعلى اله وصحبه ومن والاه :
    أما بعد : إخواني الكرام ان شريعتنا الإسلامية شاملة لكل ما تحتاجه البشرية من أحكام لتسيير شؤون حياتها والدليل قوله تعالى{ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ }النحل89. قال صاحب الجلالين (تبيانا) بيانا (لكل شيء) يحتاج إليه الناس من أمر الشريعة (وهدى) من الضلالة (ورحمة وبشرى) بالجنة (للمسلمين) الموحدين))هـ.
    وقال تعالى {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً }الإسراء12 .

    قال الإمام السعدي{ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلا } أي: بينا الآيات وصرفناه لتتميز الأشياء ويستبين الحق من الباطل كما قال تعالى: { مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ }.

    لقد قسم علماء الإسلام هذه الشريعة الغراء إلى عقائد وعبادات ومعاملات وسلوك وأخلاق وغيرها من الأقسام .ومن هذه الأقسام فقه النوازل.
    فما هو فقه النوازل ومن هو المخول بالإفتاء به؟؟
    .وما هو أهمية دراسته والبحث عنه ؟؟






    يا الله
    علّمني خبيئة الصَّدر حتّى أستقيم بِكَ لك، أستغفر الله مِن كُلِّ مَيلٍ لا يَليق، ومِن كُلّ مسارٍ لا يُوافق رضاك، يا رب ثبِّتني اليومَ وغدًا، إنَّ الخُطى دونَك مائلة


  • #2
    رد: ماذا تعرفون عن فقه النوازل ؟؟

    فقه النوازل

    ينتمي فقه النوازل إلى العلم النظري
    وهو العلم الذي الذي يحتاج إلى نظر وتدبر وبحث لمعرفة حقيقته كالنظر في المسائل الفقهية مثل أحكام الطلاق والمواريث وكذلك أمور العقائد وأصول الفقه وأصول الحديث وغيرها من العلوم الشرعية أو العلوم الدنيوية إذا كانت المسالة غير شرعية . ويجب ان يتميز من يخوض بهذا العلم(أي النظري) بالمعرفة والحكمة والخبرة .


    وفي مقابل العلم النظري هنالك العلم الضروري وهو الذي يعلمه كل احد ولا يحتاج إلى جهد لتعلمه أي بعبارة أخرى هو العلم البديهي كما يسمى. على سبيل المثال معرفة النار حارة هذا يعرفه كل احد حتى الطفل الصغير أو ان الثلج بارد وهكذا .





    تعريف النازلة لغة :وهي اسم فاعل من نزل ينزل وهو الانحطاط والهبوط من علو يقال نزل عن دابته .

    ويقول صاحب تاج العروس : النازِلَة : الشديدةُ من نَوازِلِ الدهرِ أي شدائدِها وفي المُحْكَم : النازِلَة : الشّدَّةُ من شدائدِ الدهرِ تَنْزِلُ بالناس نسألُ اللهَ العافية هـ .

    أما اصطلاحا : فكما عرفه الامام ابن عبد البر الأندلسي في كتابه جامع بيان العلم وفضله : اجتهاد الرأي على الأصول عند عُدْم النصوص في حين نزول النازلة .

    وبعبارة أخرى النازلة هي الأمر الجديد الحادث ينزل بالأمة وليس فيه نص من كتاب أو سنة ينص على حكمه من إيجاب أو استحباب أو تحريم أو كراهة أو إباحة أي الأحكام التكليفية الخمسة .


    مثل المعاملات المالية الحادثة أو المستجدات الطبية أو نزول فتنة بأمة الإسلام تختلط فيها المصلحة بالمفسدة وتحتاج إلى بيان المسلك الشرعي في التعامل معها .

    تلك المسائل التي يقوم الفقية أو المجتهد والذي يحوي شرائط الاجتهاد بدراسة المسألة المعنية واستخراج علتها غير المنصوص عليها وتنقيحها والحاقها بأصل شرعي منصوص على علته وهذا ما يسمى بالقياس . وهذا يحدث إذا أدركت العلة لدى المجتهد .

    أو بموازنة المصلحة والمفسدة أو المنافع والخسائر بحيث يضع جانب المصلحة الشرعية طبعا في كفة والمفسدة في نظر الشرع في كفة ومن ثم يوازن بين الأمرين بعد الدراسة المستفيضة والنظر الثاقب المجرد عن الهوى ويجتهد رأيه فان أصاب بتوفيق الله فله اجرين وان اخطأ فله أجر واحد وكما قال المعصوم صلى الله عليه وسلم : عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْر.ٌ( رواه البخاري ).


    وهذا كان دأب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد ذكر الإمام ابن القيم في كتابه القيم إعلام الموقعين: ان أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُونَ فِي النَّوَازِلِ ، وَيَقِيسُونَ بَعْضَ الْأَحْكَامِ عَلَى بَعْضٍ ، وَيَعْتَبِرُونَ النَّظِيرَ بِنَظِيرِهِ هـ.




    منَ المخول في الإفتاء بالنوازل؟


    كما هو معلوم إخواني الكرام ان ديننا الإسلامي دين مرتب ومنظم وله ضوابط وأصول وليس دين عشوائي يتكلم فيه ويعطي برأيه من هب ودب من الدهماء وعوام الناس الذين ليس لهم باع في العلوم الشرعية ولا المسائل الفقهية .


    فنحن نرى مثلا في المسائل الطبية لا يتكلم إلا من هو طبيب وفي المسائل الهندسية لا يتكلم إلا المهندس وفي الميكانيك لا يتكلم إلا الميكانيكي . ولكن مع الأسف ان كثيرا من المسلمين يتكلمون في المسائل الفقهية الشرعية بدون خلفية يستندون إليها تؤهلهم لذلك. ومع الأسف الشديد أصبحت الشريعة الكل مباحا لكل آكل .





    قال الخطيب :ينبغي للإمام ان يتصفح أحوال المفتين فمن صلح للفتيا اقره ومن لا يصلح منعه ونهاه ان يعود وتواعده بالعقوبة ان عاد وطريق الإمام إلى معرفة من يصلح للفتوى ان يسأل علماء وقته ويعتمد أخبار الموثوق بهم.

    ثم روى بإسناده عن مالك رحمه الله قال أفتيت حتى شهد لي سبعون أنى أهل لذلك.

    وفي رواية ما أفتيت حتى سألت من هو أعلم منى هل يرانى موضعا لذلك قال مالك ولا ينبغى لرجل أن يرى نفسه أهلا لشئ حتى يسأل من هو اعلم منه .( المجموع شرح المهذب ).


    قال الألباني - رحمه الله -: «هذه نصيحة الإمام الشاطبي إلى العالِم الذي بإمكانه أن يتقدم إلى الناس بشيء من العلم ينصحه بأن لا يتقدم حتى يشهد له العلماء؛ خشيةَ أن يكون من أهل الأهواء.(السلسلة الصحيحة)


    فمن هذا المنطلق من يفتي بالنوازل يجب ان يكون عدلا ضابطا : فالضبط ان يكون حائزا السبق في علوم الشريعة المختلفة من علوم الآلة: وهي علم الحديث فيعرف مواطن أحاديث الأحكام وغيرها وله القدرة على تمييز ضعيفها من سقيمها وله نظرة في علل الأحاديث وأسباب ردها وقبولها .


    وكذلك العلم بأصول الفقه من معرفة المطلق والمقيد والعام والخاص وناسخ الحديث ومنسوخه ...الخ. وله باع في اللغة وعلومها الى غير ذلك .


    كذلك العلم بالتفسير وأماكن آيات الأحكام ومراد الشارع منها . وتبحر في الفقه وأقوال أهل العلم ومسائل الخلاف والترجيح بين أقوال أهل العلم في المسألة الواحدة .


    ( صفات المجتهد أو المفتي هذه ليست على سبيل الحصر ومن أراد الزيادة فليراجع كتب أصول الفقه ).


    قال ابن القيم رحمه الله: الْمَفْتُونَ الَّذِينَ نَصَّبُوا أَنْفُسَهُمْ لِلْفَتْوَى أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ : أَحَدُهُمْ الْعَالِمُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ وَأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ ؛ فَهُوَ الْمُجْتَهِدُ فِي أَحْكَامِ النَّوَازِلِ ، يَقْصِدُ فِيهَا مُوَافَقَةَ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ حَيْثُ كَانَتْ ، وَلَا يُنَافِي اجْتِهَادُهُ تَقْلِيدَهُ لِغَيْرِهِ أَحْيَانًا. (إعلام الموقعين)


    وقال الإمام ابن الهمام: استقرَّ رأي الأصوليِّين على أنَّ المفتي هو المجتهد، وأمّا غير المجتهد ممّن يحفظ أقوال المجتهد فليس بمفتٍ ، والواجب عليه إذا سُئِل أن يذكر قول المجتهد كأبي حنيفة على جهة الحكاية.. وطريق نقلهِ كذلك عن المجتهد أحد أمرين إمّا أن يكون له فيه سندٌ إليه أو يأخذه من كتاب معروفٍ تداولته الأيدي ، نحو كتب محمّد بن الحسن ونحوها من التّصانيفِ المشهورة للمجتهدين لأنّه بمنزلة الخبر المتواتر عنهم أو المشهور.(شرح فتح القدير ) .


    وأما العدالة : فيجب ان يكون فقيه النوازل تقيا صالحا في نفسه خاليا من خوارم المروءة شجاعا شهما لا يخاف في الله لومة لائم لكي يصدع بالحق ان خالف صاحب سلطان أو الجمهور من الناس . ولا يكون صاحب هوى مبتدعا فيفتي بما يوافق بدعته . ويجب ان يكون مستقلا غير ملوث فكريا أو متحزبا لطائفة أو جماعة وذلك لكي يبتغي الحق بالفتوى ولا يجامل ويحابي جماعته او طائفته وحزبه فيفتي لهم بغير الحق أو بما يوافق ما يميل اليه قلبه في اقل تقدير .


    كذلك يجب على من يفتي في النوازل فهم واقع المسألة وذلك لكي ينزل الحكم الصحيح على الواقعة المفترضة . فإن كانت المسألة طبية نقل الأطباء تلك المسألة بتفاصيلها إلى المفتي لكي ينزل الحكم الشرعي عليها وان كانت مسألة سياسية نقل السياسيون وأهل الفكر تلك المسألة إليه لينزل الحكم الشرعي عليها وإن كانت تجارية نقل التجار تلك المسألة للمفتي وشرحوا حيثياتها ومداخلاتها للمفتي لينزل الحكم الشرعي عليها . وهكذا .


    يقول الامام ابن القيمرحمه الله في هذ المناسبة : وَلَا يَتَمَكَّنُ الْمُفْتِي وَلَا الْحَاكِمُ مِنْ الْفَتْوَى وَالْحُكْمِ بِالْحَقِّ إلَّا بِنَوْعَيْنِ مِنْ الْفَهْمِ : أَحَدُهُمَا : فَهْمُ الْوَاقِعِ وَالْفِقْهِ فِيهِ وَاسْتِنْبَاطُ عِلْمِ حَقِيقَةِ مَا وَقَعَ بِالْقَرَائِنِ وَالْأَمَارَاتِ وَالْعَلَامَاتِ حَتَّى يُحِيطَ بِهِ عِلْمًا .


    وَالنَّوْعُ الثَّانِي : فَهْمُ الْوَاجِبِ فِي الْوَاقِعِ ، وَهُوَ فَهْمُ حُكْمِ اللَّهِ الَّذِي حَكَمَ بِهِ فِي كِتَابِهِ أَوْ عَلَى لِسَانِ قَوْلِهِ فِي هَذَا الْوَاقِعِ ، ثُمَّ يُطَبِّقُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ ؛ فَمَنْ بَذَلَ جَهْدَهُ وَاسْتَفْرَغَ وُسْعَهُ فِي ذَلِكَ لَمْ يَعْدَمْ أَجْرَيْنِ أَوْ أَجْرًا ؛ فَالْعَالِمُ مَنْ يَتَوَصَّلُ بِمَعْرِفَةِ الْوَاقِعِ وَالتَّفَقُّهِ فِيهِ إلَى مَعْرِفَةِ حُكْمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، كَمَا تَوَصَّلَ شَاهِدُ يُوسُفَ بِشَقِّ الْقَمِيصِ مِنْ دُبُرٍ إلَى مَعْرِفَةِ بَرَاءَتِهِ وَصِدْقِهِ ... الخ .(إعلام الموقعين ).

    ولا بأس بالمفتي إذا لم يتوصل إلى حكم في المسألة نتيجة لتداخل عوامل المسألة وتشابكها ان يستشير بقية أهل العلم ممن له يد في الحكم على تلك المسائل ويستعين برأيهم وفهمهم :





    قال ابن القيمرحمه الله : وَقَدْ مَدَحَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِكَوْنِ أَمْرِهِمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ، وَكَانَتْ النَّازِلَةُ إذَا نَزَلَتْ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَيْسَ عِنْدَهُ فِيهَا نَصٌّ عَنْ اللَّهِ وَلَا عَنْ رَسُولِهِ جَمَعَ لَهَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ جَعَلَهَا شُورَى بَيْنَهُمْ .


    وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْبَاغَنْدِيُّ : ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُونُسَ ثنا عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ عَامِرٍ عَنْ شُرَيْحٍ الْقَاضِي قَالَ : قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ أَقْضِ بِمَا اسْتَبَانَ لَك مِنْ قَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ كُلَّ أَقَضِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاقْضِ بِمَا اسْتَبَانَ لَك مِنْ أَئِمَّةِ الْمُهْتَدِينَ ، فَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ كُلَّ مَا قَضَتْ بِهِ أَئِمَّةُ الْمُهْتَدِينَ فَاجْتَهِدْ رَأْيَك ، وَاسْتَشِرْ أَهْلَ الْعِلْمِ وَالصَّلَاحِ .(إعلام الموقعين ).


    فهنا جمع عمر رضي الله عنه الصحابة وأمر شريح القاضي ان يستشير أهل العلم والصلاح .


    ومعروف كم هي دقة فهم الصحابة رضوان الله عليهم وسعة علمهم حتى أمر الله إتباعهم في كتابه الكريم فقال {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }التوبة100.

    يا الله
    علّمني خبيئة الصَّدر حتّى أستقيم بِكَ لك، أستغفر الله مِن كُلِّ مَيلٍ لا يَليق، ومِن كُلّ مسارٍ لا يُوافق رضاك، يا رب ثبِّتني اليومَ وغدًا، إنَّ الخُطى دونَك مائلة

    تعليق


    • #3
      رد: ماذا تعرفون عن فقه النوازل ؟؟

      أهمية البحث في أحكام النوازل

      1- إنارة السبيل أمام الناس بإيضاح حكم هذه النازلة حتى يعبدوا الله على بصيرة وهدى ونور؛ في منهج إسلامي واضح فلو ترك أهل الحلّ والعقد - وهما المجتهدون - التصدي لتلك النوازل دون إيضاح لأحكامها لصار الناس في تخبّط ثم استفتوا من لا يصل إلى رتبة الاجتهاد، وهذا قد يفتي بغير علم فيَضِلّ ويُضِلّ، وعلى هذا الأساس فلا بدّ من طَرْق هذا الباب والاستعانة بالله.

      2- أنه يبين للعالم أجمع كمال الشريعة وصلاحها لكل زمان ومكان.

      3- تفويت الفرصة على الأخذ بالقوانين الوضعية، لأن الفقهاء إن لم يبينوا حكم الشرع في نازلة ما، فإن الناس سيتجهون إلى القوانين الوضعية لا محالة، أو سيلجئون إلى أعرافٍ غير مستقيمة... وفي كل ذلك من الفساد ما لا يخفى..

      4- تجديد الفقه الإسلامي وتنميته، ولا يخفى أن الأمة تقوى وتستقيم بتقدم الاجتهاد وتتأخر بتأخره. ولو استعرضنا المؤلفات التي تتناول تاريخ الفقه الإسلامي لوجدنا أن هناك علاقة وثيقة بين الاجتهاد وبين تقدم الأمة وصلاحها.

      5- الحرص على تأدية الأمانة التي حمّلها اللهُ العلماءَ؛ فقد أخذ الله الميثاقَ على العلماء ببيان الأحكام الشرعية وعدم كتمانها، وقد حصر التكليف بهم؛ فكان لزاماً عليهم التصدي للفتوى في النوازل ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، وذلك إبراء للذمة بالقيام بتكاليف إبلاغ العلم وعدم كتمانه[1].

      [1] انظر منهج استنباط أحكام النوازل من (112. 120).


      أنواع النوازل.

      أنواع النوازل تتنوع باعتبارات شتى؛ فمن هذه الاعتبارات:
      1- بالنظر إلى أبواب الفقه:
      أ-نوازل في العبادات: وتتميز بالقلة إذا ما قورنت بنوازل المعاملات. مثل: تطهير المياه الملوثة بالوسائل الحديثة، والصلاة في الطائرة.
      ب-نوازل في المعاملات: وتتميز بالكثرة والتوسع وكذلك التعقيد. مثل: المرابحة للآمر بالشراء، والمصارف الإسلامية، والأوراق المالية.
      ج-نوازل في حكم الأسرة في كتاب النكاح: وتتميز بالخطورة لأن الأصل في الأبضاع الحظرُ والمنع، ولما يترتب على إهمالها من اختلاط الأنساب مثل: قضايا الإجهاض، وموانع الحمل كاللولب، وما يتعلق بأطفال الأنابيب.
      د-نوازل في الجنايات والحدود والأطعمة: مثل إعادة العضو المقطوع حداّ أو قصاصاً سواء لصاحبه أو لغيره، والأطعمة المستوردة، والقتل بالصعق الكهربائي.
      2- النظر إلى الرجل والمرأة:
      أ-نوازل خاصة بالرجل. مثل: نوازل الخلافة والإمامة ونحوها.
      ب-نوازل خاصة بالمرأة. مثل: موانع الحمل كاللولب ونحوه.
      3- بالنظر إلى الإفراد والتركيب:
      أ-نوازل مفردة: مثل غسيل الكلى وأثره في الطهارة.
      ب-نوازل مركبة. مثل: المراصد الفلكية وأثرها في تحديد أوقات العبادات.



      ذكر بعض المصادر في موضوع النوازل.

      1-إن كل كتاب فقه يعتبر خادماً لفقه النوازل.
      2- كتب الفتاوى فهي مكان ملائم لفقه النوازل، مثل:
      أ-فتاوى النوازل: لأبي الليث السمرقندي المتوفى 373هـ
      ب- عيون المسائل: لأبي الليث السمرقندي
      ج-أنفع الوسائل إلى تحديد المسائل: لإبراهيم بن عليّ العرسوسي. ت/785هـ
      د-واقعات المفتين: لعبد القادر بن يوسف الشهير بـ"عبد القادر أفندي" ت/1085هـ
      هـ-الفتاوى الخيرية لنفع البريّة: لخير الدين الرملي بن أحمد بن عليّ. ت/ 1081هـ
      3- الكتب الأصولية وكتب القواعد الفقهية وكتب التخريجات: وذلك بناء على أن دارس النازلة لابد وأن يحتاج إلى التقعيد في مسائل النوازل.
      4-المؤلفات الحديثة في فقه النوازل: وهي كثيرة جداً، منها:
      أ-مجلة مجمع الفقه الإسلامي التابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وهي مفيدة جداً.
      ب-مجلة البحوث الإسلامية التي تصدر عن الرئاسة العامة للإفتاء في السعودية.
      ج-مجلة الأزهر. وفيها بحوث قيمة ومقالات وفتاوى تثري أحكام النوازل.
      د-الرسائل الجامعية المعاصرة التي تصدر من الجامعات.
      هـ-المؤلفات المفردة في مسائل وفقه النوازل.


      حكم دراسة النازلة: (حكم الاجتهاد في النوازل).

      مِن أحسن مَن تكلم في هذا الباب: د. يعقوب البا حسين في كتاب (تخريج الفروع على الأصول)، وملخص كلامه: أن الاجتهاد في النوازل له حالات:
      1-كونه فرض عين: وذلك في حالين:
      أ-في حق المجتهد الذي تعين عليه الاجتهاد واستفتاه من لا يسعه سؤال غيره مثلاً.
      ب-الاجتهاد في حق نفسه في ما نزل به لأن المجتهد لا يجوز له تقليد غيره.
      2-كونه فرض كفاية: وذلك في حالين.
      أ-ألا يخاف من فوات الحادثة وذلك بحيث تكون قابلة للتأخير.
      ب-إمكانية سؤال غيره من المجتهدين.
      3-كون الاجتهاد مندوباً إليه أو مستحباً. وذلك في حالين:
      أ-الاجتهاد قبل الوقوع من العالم نفسه قبل نزول الحادثة محل الخلاف.
      ب-أن يفترض المقلد سؤالاً عن حادثة لم تقع بعد.
      فالاجتهاد في هاتين الحالتين عند بعض العلماء من باب المستحب، وهما من باب ما يسمى بالفقه الافتراضي، وهو أن يفترض الشخص حادثة لم تقع ثم يبين حكمها ويجتهد فيما افترضه وتخيّله ويصدر الحكم على هذا الأساس.



      -حكم الفقه الافتراضي:
      ذكر ابن القيم في إعلام الموقعين في أواخر الكتاب ما نصه: "الفائدة الثامنة والثلاثون إذا سأل المستفتي عن مسألة لم تقع فهل تستحب إجابته أو تكره أو تخير؟ فيه ثلاث أقوال... والحق التفصيل، فإن كان في المسألة نص من كتاب الله أو سنة رسول الله-صلى الله عليه وسلم- أو أثر عن الصحابة لم يكره الكلام فيها، وإن لم يكن فيها نص ولا أثر، فإن كانت بعيدة الوقوع أو مُقدرة لا تقع لم يستحب له الكلام فيها , وإن كان وقوعها غير نادر ولا مستبعد وغرض السائل الإحاطة بعلمها ليكون منها على بصيرة إذا وقعت استحب له الجواب بما يعلم؛ لا سيّما إن كان السائل يتفقه بذلك ويعتبر بها نظائرها ويفرع عليها؛ فحيث كانت مصلحة الجواب راجحة كان هو الأولى. والله أعلم". أ.هـ
      4- الاجتهاد المحرم. وله صور:
      أ-الاجتهاد في مقابل النص القاطع.
      ب-الاجتهاد في مقابل الإجماع الثابت بالتواتر.
      ج-الاجتهاد من غير أهله؛ سواء من المقلدين أو ممن لم يبلغوا درجة الاجتهاد.
      د-الاجتهاد الذي هو نتيجة التشهي وطلب الشهرة والتعالي.
      قال ابن القيم-رحمه الله- في إعلام الموقعين:
      الفائدة السبعون: إذا حدثت حادثة ليس فيها قول لأحد من العلماء فهل يجوز الاجتهاد فيها بالإفتاء والحكم أم لا؟ فيه ثلاثة أوجه:
      أحدها: يجوز....
      الثاني: لا يجوز له الإفتاء ولا الحكم، بل يتوقف حتى يظفر فيها بقائل...
      والثالث: يجوز ذلك في مسائل الفروع لتعلقها بالعمل وشدة الحاجة إليها وسهولة خطرها، ولا يجوز في مسائل الأصول.
      والحق التفصيل، وأن ذلك يجوز بل يستحب أو يجب عند الحاجة، وأهلية المفتي والحاكم فإن عدم الأمران لم يجز، وإن وجد أحدهما دون الآخر؛ احتمل الجواز والمنع، والتفصيل فيجوز للحاجة دون عدمها. "والله أعلم"

      هذا والحمد لله رب العالمين
      منقول وتجميع وأجتهاد

      يا الله
      علّمني خبيئة الصَّدر حتّى أستقيم بِكَ لك، أستغفر الله مِن كُلِّ مَيلٍ لا يَليق، ومِن كُلّ مسارٍ لا يُوافق رضاك، يا رب ثبِّتني اليومَ وغدًا، إنَّ الخُطى دونَك مائلة

      تعليق

      يعمل...
      X