في صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود قال: لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله. قال: فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها: أم يعقوب وكانت تقرأ القرآن فأتته فقالت: ما حديث بلغني عنك أنك لعنت الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله؟ فقال عبد الله: ومالي لا ألعن من لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وهو في كتاب الله، فقالت المرأة: لقد قرأت ما بين لوحي المصحف فما وجدته، فقال: لئن كنت قرأتيه فقد وجدتيه، قال الله عز وجل: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7].
فقالت المرأة: فإني أرى شيئاً من هذا على امرأتك الآن، قال: اذهبي فانظري، فدخلت على امرأة عبد الله فلم تر شيئاً، فجاءت إليه فقالت: ما رأيت شيئاً، فقال: أما لو كان ذلك لم نجامعها.
إن اللعن لا يتفاوت لأنه الطرد والإبعاد من رحمة الله، ولكن الذنوب تتفاوت فمنها الأعظم، ومنها العظيم، ومنها ما دون ذلك، فما يوجب الحدّ غالباً ما يكون أعظم مما ليس فيه حدّ، وكذلك الذنوب الموجبة للحدّ تتفاوت، ومثال ذلك: التفاوت بين الزنا، والخمر، والسرقة، والقذف، والقتل.
ولا شك أن الزنا، وشرب الخمر، وأكل الربا أعظم من النمص والوصل، ولكل عقوبته الخاصة به في الدنيا والآخرة.
وأما بالنسبة للمرأة النامصة أو المتنمصة إذا ماتت ولم تتب قبل موتها، فهي من أهل الوعيد، وأمرها إلى الله، إن شاء عاقبها، وإن شاء عفا عنها.
ومن ثم، فيجب البعد عن هذه الكبيرة الموجبة لغضب الله وسخطه، والإنكار على من تفعل ذلك، لثبوت لعنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قد ثبت عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: "لعن الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله تعالى.
والحديث في الصحيحين والسنن فهو صحيح صحيح.
وروى أبو داود في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لُعِنَت الواصلة والمستوصلة والنامصة والمتنمصة والواشمة والمستوشمة من غير داء. قال أبو داود: وتفسير الواصلة التي تصل الشعر بشعر النساء والمستوصلة المعمول بها ، والنامصة التي تنقش الحاجب حتى ترقه، والمتنمصة المعمول بها.
والواشمة التي تجعل الخيلان (جمع خال) في وجهها بكحل أو مداد والمستوشمة المعمول بها.
وقال الحافظ في الفتح: والمتنمصة التي تطلب النماص والنامصة التي تفعله ، والنماص: إزالة شعر الوجه بالمنقاش، ويسمى المنقاش منماصاً لذلك، ويقال إن النماص يختص بإزالة شعر الحاجبين لترقيقهما وتسويتهما. ثم نقل تفسير أبي داود المتقدم للنماص.
وبهذا يعلم معنى كلمة النماص بالتفصيل.
وأما سبب تحريم هذا الفعل فهو مشار إليه في الحديث نفسه وهو: محاولة تغيير خلق الله تعالى، وفي ذلك نوع اعتراض على أمر الله تعالى، وعدم الرضا بما فعل.
كما أن في النمص أيضاً غشاً وخداعاً حيث تبدو المرأة للخاطب -مثلاً- كأنها رقيقة الحاجبين خلقة، وليس الأمر كذلك.
وعلى كل فمن المؤكد أن ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعن فاعله، إما أن يكون خالياً من الخير مطلقاً وإما أن يكون ما فيه من خير أقل مما فيه من شر وقد قال تعالى عن الخمر والميسر: ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا) [البقرة:219]
فلم يكن ما فيهما من خير حائلاً بينهما وبين إنزال حكم التحريم عليهما. وبالجملة فسواء علمنا الحكمة من تحريم ما في السؤال أم جهلناها، فالواجب علينا هو الامتثال.
المصدر: اسلام ويب
تعليق