مسائل مهمة في الصوم عموماً
المسألة الأولى :
الصوم هو الإمساك بنية عن المفطّرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ..
ومن أفطر شيئاً من رمضان بغير عذر فقد أتى كبيرة عظيمة ..
وقد صحَّ أنه صلى الله عليه وسلم قال في الرؤيا التي رآها:".. ثم انطلق بي ..
فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم .. مشققة أشْداقُهم .. تسيل أشداقهم دماً .. قلت : من هؤلاء ؟
قال : الذين يُفطرون قبل تَحِلّة صومهم" أي قبل وقت الإفطار ..
ويجب الصيام على كل مسلم بالغ عاقل مقيم قادر سالم من الموانع كالحيض والنفاس ..
ويُستحب أمر الصبيّ بالصيام ..
لِمَا في البخاري عن الرُبَيّع بنت مُعوّذ رضي الله عنه قالت : كنا نُصَوّم صبياننا ونجعل لهم اللعبة من العهن فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار.
والمجنون لا يجب عليه الصوم ..
فإن كان يُجنّ أحياناً ويُفيق أحياناً .. لزِمَه الصيام في حال إفاقته دون حال جنونه..
وإن جُنَّ في أثناء النهار لم يبطل صومه كما لو أغمي عليه بمرض أو غيره لأنه نوى الصيام وهو عاقل .. ومثله الحكم في المصروع..
* * * * * * * *
*وتُشترط النية في صوم الفرض من الليل .. ولو قبل الفجر بلحظة .. لِمَا روى أبو داود أنه صلى الله عليه وسلم قال:
"لا صيام لمن لم يُبيّت الصيام من الليل" ..
أما صوم النّفل المطلق .. فلا تُشترط له النية من الليل ..
لِمَا روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : "دخل عَليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال : هل عندكم شيء ؟ فقلنا : لا ، فقال : فإني إذا صائم" ..
وأما النّفل المعيّن كعرفة وعاشوراء فالأحوط أن ينوي له من الليل ..ليكون أكمَلَ لأجره ..
* * * * * * * *
المسألة الثانية :
من الصيام ما يجب فيه التتابع .. كصوم رمضان .. والصومِ في كفارة القتل الخطأ .. والظهار .. والجماع في نهار رمضان .. وكذلك من نذر صوماً متتابعاً لزِمَه ..
ومن الصيام ما لا يلزم فيه التتابع .. كقضاء رمضان .. وصيام عشرة أيام لمن لم يجد الهدي .. وصوم كفارة اليمين .. وصوم الفدية في محظورات الإحرام .. وصوم النذر المطلق لمن لم ينوِ التتابع ..
* * * * * * * *
وصيام التطوع كعاشوراءَ وعرفةَ والإثنينِ والخميسِ وغيرِها.. يجبر النقص في صيام الفريضة ..
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إفراد الجمعة بالصوم كما عند البخاري.. فمن أراد صوم الجمعة فليصم يوماً قبله أو يوماً بعده..
ويحرُم صيام يوميّ العيد وأيام التشريق وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة .. إلا لمن لم يجد الهدي فيصومها بمنى ..
* * * * * * * *
المسألة الثالثة :
المسافر يجوز له سواء كان قادراً على الصيام أم عاجزاً عنه ..وسواء وُجِدَت المشقة أم لم توجد .. وإذا أراد أن يُفطر فيُشترط أن يُجاوز بنيان البلد ..
وإذا وصل المسافر بلده أثناء النهار وهو مُفطِر .. ففي وجوب الإمساك عليه خلاف .. والأحوط أن يُمسك بقية يومه مراعاة لحُرْمَة الشهر ..
* * * * * * * *
أما المريض .. فكل مرض لا يستطيع معه الصوم .. أو يشق معه الصوم .. فيجوز له الفطر ..
ولا يجوز الفطر لمجرد التعب المُحتَمل .. أو خوف المرض ..
ولا يجوز التساهل بالفطر لأجل الامتحانات .. ونحوها ..
والمريض الذي يُرجى بُرؤه ينتظر الشفاء ثم يقضي ..
أما المريض مرضاً مزمناً لا يُرجى برؤه .. والكبير العاجز .. فيُطعِمان عن كل يوم مسكيناً ..
ويجوز أن يجمع ثلاثين مسكيناً فيُطعِمَهم في آخر الشهر .. أو أن يُطعم مسكيناً كلّ يوم ..
ومن مرض ثمّ شفي .. وتمكن من القضاء .. فتكاسل حتى مات ..
فيقضي عنه أحد أقاربه .. لقوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين : " من مات وعليه صيام صام عنه وليّه" ..
أو يُخرَج من ماله طعام مسكين عن كل يوم ..
أما العجوز .. والشيخ الفاني .. الذي يعقل .. لكنه يعجز عن الصوم .. فيُطعِم عن كل يوم مسكيناً ..
وأما من سقط تمييزه وبلغ حدّ الخَرَف .. فلا يجب عليه صيام ولا إطعام .. فإن كان يُميّز أحياناً .. ويهذي أحياناً .. وجب عليه الصوم حال تمييزه .. ولم يجب حال هذيانه ..
* * * * * * * *
المسألة الرابعة :
وإذا طلع الفجر وجب على الصائم الإمساكُ فوراً ..
وأما الاحتياط بالإمساك قبل الأذان بعشر دقائق ونحوها .. فهو بدعة .. بل يُمسك عند الأذان ..
وإذا غابت الشمس أفطر الصائم .. والسنّة أن يُعجّل الإفطار ..
وصحّ في المستدرك .. أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يُصلي المغرب حتى يُفطر ولو على شُربة من الماء ..
فإن لم يجد الصائم شيئاً يُفطر عليه نوى الفطر بقلبه ..
* * * * * * * *
ومن أفطر في نهار رمضان بعذر .. وكان سبب فطره ظاهراً .. كالمريض الذي يعلم من رآه أنه مريض .. فلا بأس أن يُجاهِر بالأكل والشرب .. ومن كان سبب فطره خفياً .. فالأولى أن لا يُجاهِر بالأكل لكيلا يُتّهم ..
* * * * * * * *
المسألة الخامسة :
المفطّرات سبعة :
أولها : الأكل والشرب ..
وهو معروف ..
• ومن المفطرات ما يكون في معنى الأكل والشرب كالأدوية والحبوب عن طريق الفم والإبر المغذية وكذلك حُقَن الدم .
وأما الإبر التي لا تُغني عن الأكل والشرب .. ولكنها للمعالجة كالبنسلين والأنسولين أو إبر التطعيم .. فلا تضرّ الصيام .. سواء عن طريق العضلات أو الوريد .. والأولى أن تكون بالليل ..
• أما غسيل الكلى الذي يتطلب خروج الدم لتنقيته ثم رجوعه مرة أخرى .. مع إضافة مواد كيماوية وغذائية كالسكريات والأملاح وغيرها إلى الدم يُعتبر مفطّرا .. كما في فتاوى اللجنة الدائمة ..
• أما قطرة العين والأذن ، وقلعُ السنّ ، ومداواةُ الجراح ، فلا يُفطر ..
• وبخاخ الربو لا يُفطّر ، والسواك وفرشاة الأسنان - إذا لم يبلع شيئاً - وكذلك ما يدخل الجسم امتصاصاً من الجلد كالدهونات ..
• وإذا نسي الصائم فأكل أو شرب فليُتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه ولا قضاء عليه ولا كفارة
ولكن يجب على من رآه أن يُذكّره لعموم قوله تعالى : { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى }المائدة:2، .. وعموم قوله صلى الله عليه وسلم :"فإذا نسيت فذكّروني " ..
• ومن احتاج إلى الفطر .. لإنقاذ معصوم من مَهْلكة .. فإنه يُفطر ويقضي ..كما قد يحدث في إنقاذ الغرقى وإطفاء الحرائق
* * * * * * * *
الثاني من المفطرات : الجماع ، أو إخراج المني بشهوة بفعل من الصائم :
ومن وجب عليه الصيام فجامع في نهار رمضان عامداً .. فقد أفسد صومه وعليه : التوبة .. والإمساك بقية اليوم .. والقضاء .. والكفارة المُغلظة ..
وهذا عام في جماع الزوجة ، ومثله الزنا واللواط وإتيان البهيمة ..
وقد أفتت اللجنة الدائمة أن من جامع مرات في أيام متعددة من رمضان نهاراً، فعليه كفارات بعدد الأيام التي جامع فيها ..
* * * * * * * *
ومن أصبح وهو جُنُب فلا يضرّ صومَه .. ويجوز تأخير غسل الجنابة والحيض والنفاس إلى ما بعد طلوع الفجر ..
لكن عليه المبادرة لأجل الصلاة ..
ومن احتلم وهو نائم فصومه صحيح .. ومن استمنى فأنزل فسَد صومه ..
* * * * * * * *
وثالث المفطرات : التقيؤ عمداً :
فمن تقيأ عمداً بوضع أصبعه في حلقه .. أو عصر بطنه .. أو غير ذلك فعليه القضاء .. ولو غلبه القيء بدون إرادته فصومه صحيح ..
والبلغم إن ابتلعه وهو في حلقه .. فلا يفسد صومه ..
فإذا ابتلعه عند وصوله إلى فمه .. فإنه يُفطر عند ذلك ..
* * * * * * * *
ورابع المفطرات : الحجامة :
وفي حكمها تعمّد الصائم إخراج الدم الكثير وهو صائم ، كالتبرع بالدم ، أما سحب الدم القليل للتحليل لا يُفسد الصوم ..
أما خروج الدم من غير اختياره كالرعاف والجروح ونحوها فلا يؤثر في الصوم وإن كثُر ..
* * * * * * * *
وخامس المفطرات : الحيض والنفاس :
وهو خروج الدم المعتاد من المرأة ..
والحائض أو النفساء إذا انقطع دمها ليلاً .. فَنَوَت الصيام ثم طلع الفجر قبل اغتسالها فصومها صحيح ..
# والأفضل للمرأة أن لا تتعاطى ما تمنع به الدم ..
فإن تعاطت ما تقطع به الدم وانقطع فعلاً فصامت، أجزأها ذلك ..
والنفساء إذا طهُرت قبل الأربعين، صامت واغتسلت للصلاة ..
* * * * * * * *
والحامل والمُرضع تُقاسان على المريض فيجوز لهما الإفطار وليس عليهما إلا القضاء سواء خافتا على نفسيهما أو ولديهما ..
وقد قال صلى الله عليه وسلم : " إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة ، وعن الحامل والمُرضع الصوم " .. رواه الترمذي وحسَّنه ..
* * * * * * * *
وهذه الأمور كلها لا يُفطر بها الصائم إلا بشروط ثلاثة :
• أن يكون عالماً غير جاهل..
• ذاكراً غير ناسٍ..
• مختاراً غير مضطر ولا مُكْرَه..
# السواك سنّة للصائم في جميع النهار ..
ولا بأس بشمّ الطيب واستعمال العطور ودِهن العود والورد ونحوها ، والبخور لا حرج فيه للصائم إذا لم يستنشقه مباشرة ..
* * * * * * * *
المسألة الأخيرة :
من آداب الصوم :
الحرص على السحور وتأخيرُه .. ففي البخاري : " تسحروا فإن في السحور بركة " ..
وتعجيل الفطر ففي البخاري : " لا يزال الناس بخير ما عجّلوا الفطر" ..
وكان صلى الله عليه وسلم يُفطر قبل أن يُصلي على رُطبات .. فإن لم تكن رُطبات فتُمَيْرات .. فإن لم تكن تُمَيْرات حَسا حَسوات من ماء \" رواه الترمذي ..
ويقول بعد إفطاره : ذهب الظمأ ، وابتلت العروق ، وثبت الأجر إن شاء الله \" كما رواه أبو داود وحَسّن الدار قطني إسناده ..
* * * * * * * *
تعليق