فضل الوضوء فى البرد الشديد
----------------------
قال عليه الصلاة والسلام من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره) . رواه مسلم .
وقال صلى الله عليه وسلم : إإذا توضأ العبدُ المسلمُ ( أو المؤمنُ ) فغسل وجهَه ، خرج من وجهِه كلُ خطيئةٍ نظر إليها بعينيه مع الماءِ ( أو مع آخرِ قطرِ الماءِ ) فإذا غسل يديه خرج من يديه كلُ خطيئةٍ كان بطشتها يداه مع الماءِ ( أو مع آخرِ قطرِ الماءِ ) فإذا غسل رجليه خرجت كلُّ خطيئةٍ مشتها رجلاه مع الماءِ ( أو مع آخرِ قطرِ الماءِ ) حتى يخرجَ نقيًا من الذنوبِ .رواه مسلم .
وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : ولا يُحافظ على الوضوء إلا مؤمن . رواه أحمد وغيره .
-------------------------------------------
عن نُعيم المُجْـمِـر عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن أمتي يأتون يوم القيامة غُـرّاً مُحَجّـلِين من أثار الوضوء ، فمن استطاع منكم أن يُطيل غُـرّته فليفعل" .
وفي لفظ لمسلم : رأيت أبا هريرة يتوضأ فغسل وجهه ويديه حتى كاد يبلغ المنكبين ، ثم غسل رجليه حتى رفع إلى الساقين ، ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "إن أمتي يأتون يوم القيامة غُـراً محجلين من أثر الوضوء ، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل ".
= معنى غُـرّاً مُحجّـلين . الغُـرّة ما يكون في وجه الفرس من البياض ، وهي تزيده جمالاً .
والتّحجيل ما يكون من بياض في ثلاث قوائم من قوائم الفرس .
ثانيا معنى إسباغ الوضوء على المكاره -
ما معنى إسباغ الوضوء على المكاره ؟ هل المقصود استخدام الماء البارد في الشتاء مع إمكانية استخدام الماء الدافىء ؟
الحمد لله
أولا :
ورد في فضل تحمل مشقة الوضوء حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( أَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ ؟ قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ , قَالَ : إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ , وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ , وَانْتِظَارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ , فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ , فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ ) رواه مسلم ( 251 ) .
قال النووي رحمه الله :
" ( إسباغ الوضوء ) : تمامه . و ( المكاره ) تكون بشدة البرد ، وألم الجسم ، ونحو ذلك " انتهى .
"شرح مسلم" (3/141) .
وروى ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (3/359) بإسناده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه وصى ابنه عند موته فقال له : " أي بني ! عليك بخصال الإيمان ". قال : وما هي ؟ قال : " الصوم في شدة الحر أيام الصيف ، وقتل الأعداء بالسيف ، والصبر على المصيبة ، وإسباغ الوضوء في اليوم الشاتي ، وتعجيل الصلاة في يوم الغيم ، وترك ردغة الخبال " ، قال : وما ردغة الخبال ؟ قال : " شرب الخمر " .
وقد بين أهل العلم أن ذلك لا يعني قصد المشقة وتطلبها ، فالمشقات ليست من مقاصد الشريعة ولا من مراد الشارع ، ولكن إذا لم يتيسر سبيل العبادة إلا بوقوع المشقة ، فيعظم الأجر في هذه الحالة ، وفرق بين الأمرين
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
----------------------------------------
••" ( إسباغ الوضوء على المكاره ) يعني : أن الإنسان يتوضأ وضوءه على كره منه ، إما لكونه فيه حمى ينفر من الماء فيتوضأ على كره ، وإما أن يكون الجو باردا وليس عنده ما يسخن به الماء فيتوضأ على كره ، وإما أن يكون هناك أمطار تحول بينه وبين الوصول لمكان الوضوء فيتوضأ على كره ، المهم أنه يتوضأ على كره ومشقة ، لكن بدون ضرر ، أما مع الضرر فلا يتوضأ بل يتيمم ، هذا مما يمحو الله به الخطايا ، ويرفع به الدرجات .
ولكن هذا لا يعني أن الإنسان يشق على نفسه ويذهب يتوضأ بالبارد ويترك الساخن ، أو يكون عنده ما يسخن به الماء ، ويقول : لا ، أريد أن أتوضأ بالماء البارد لأنال هذا الأجر ، فهذا غير مشروع ؛ لأن الله تعالى يقول :
( مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ) النساء (147) ،
ورأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا واقفا في الشمس ، قال : ما هذا ؟ قالوا : نذر أن يقف في الشمس ، فنهاه عن ذلك وأمره أن يستظل ،
_فالإنسان ليس مأمورا ولا مندوبا إلى أن يفعل ما يشق عليه ويضره ، بل كلما سهلت عليه العبادة فهو أفضل ، لكن إذا كان لا بد من الأذى والكره ، فإنه يؤجر على ذلك ؛ لأنه بغير اختياره ...
"شرح رياض الصالحين" (كتاب الفضائل/باب فضل الوضوء) (3/137) طبعة مكتبة الصفا المصرية .ابن العثيمين
توضيح لابن باز
ما معنى إسباغ الوضوء وإطالة الغرة؟
معنى إسباغ الوضوء إتمامه، وإكماله على كل عضو، بإبلاغ الماء بسيل الماء عليه
فإسباغه في الوجه أي يعمه بالماء ولو مرةً واحدة، فإن عمه ثلاثاً فهو أفضل،
وإسباغ اليدين أن يعم اليدين بالماء من أطراف الأصابع إلى المرافق، مع غسل طرف العضد حتى يدخل المرفق، والواجب مرة فقط، فإن كرر مرتين، فهو أفضل، وإن كرر ثلاث، فهو أفضل، وأكمل، وإن دلك فلا بأس، الدلك أفضل، ولكن لا يلزم الدلك يكفي إمرار الماء، والواجب الغسل
والرأس يمسحهما مرةً واحدة، هذا هو الأفضل يمسح رأسه مرةً واحدة مع الأذنين يبدأ بمقدمه إلى قفاه، ثم يعيد يديه إلى مقدمه هذا هو الأفضل، ويدخل أصابعه السبابتين في أذنيه، ويمسح بإبهاميه ظاهر أذنيه، هذا هو السنة، ولا حاجة إلى التكرار.
أما القدمان فيغسلهما ثلاثاً، ثلاثاً ثلاثاً هذا هو الأفضل، كل قدم ثلاثاً يعم الماء، يعم الماء القدم كله، من الكعبين إلى أطراف الأصابع، فإن عمه بالماء فهذا إسباغ، وإن كرر مرتين فهو أفضل، وإن كرر ثلاث، فهو أكمل وأفضل، ولا يزيد على ثلاث، وإن دلك، فهو أفضل، وأكمل، وليس بواجب. جزاكم الله خيراً
يسأل سماحتكم عن إطالة الغرة جزاكم الله خيراً؟
أما الغرة فمعناها إطالة الغرة بمعنى الاستكمال للوجه، أما أن يزيد على ذلك، فهو من إدراج أبي هريرة المعروف أنه موقوف على أبي هريرة، وهكذا التحجيل السنة أن لا يطيل التحجيل، بل يقتصر على المرافق والكعبين
وقد ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه توضأ فلما غسل يده أشرع في العضد، يعني أدخل المرافق، ولما غسل رجليه أشرع في الساق يعني أدخل الكعبين، هذا هو السنة
وكان أبو هريرة يطيل في التحجيل، إلى الآباط في اليدين وإلى حول الركبتين في الرجلين، وهذا اجتهاد منه -رضي الله عنه-
والسنة خلاف ذلك
السنة هو ما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقوله في الحديث(من استطاع أن يطيل غرته وتحجيله فيلفعل)، والصواب أنه مدرج من حديث أبي هريرة، وليس من نفس المرفوع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن الغرة ما يمكن إطالتها، الغرة محدودة من منابت الشعر، من فوق، ومن الذقن من أسفل، ومن الأذنين من الجانبين، هذا غسل الوجه، فكونه يغسل شيئاً من الرأس غير مشروع، بل يمسح، وهكذا الرجلان واليدان السنة أن يغسل المرافق والكعبين
أما إن يغسل العضد كله أو الساق لا، غير مشروع هذا، لم يفعله النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفعله هو القدوة -عليه الصلاة والسلام- ، وإنما فعله أبو هريرة اجتهاداً منه -رضي الله عنه-، والصواب أن هذا موقوف عليه.
جزاكم الله خيراً.
عبد العزيز بن باز - رحمه الله-
----------------------------------
حيَّاكم الله وبياكم وحعل الجنَّة مثوانا ومثواكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعليق