السؤال
قرأت من بعض فتاواكم عن فوائد الربا: يلزم صاحب المال أن يأخذ هذا المال الربا ويصرف هذا لمصالح المسلمين وينفق على المساكين والفقراء.
وعندي سؤال: أولا كيف يجوز أخذ هذا المال الحرام لأنه ليس ماله وليس له أي حق. يجوز له أخذ ماله الذي وضعه في البنك.وما زاد فهو من الربا الذي أعلن الله فيه الحرب .
والثاني: كيف ينفق المال الحرام الخبيث على المساكين والفقراء فقد قال تعالى: وأنفقوا من طيبات مارزقناكم ولا تيمموا الخبيث.
والثالث: لو أخذ هذا المال الحرام واحد من المساكين هل يجوز له أكله لأنه من مال الربا والإسلام يمنع حضور دعوة الأكل إذا كان صاحب الدعوة أكثر مكسبه الحرام وهذا كله حرام؟ لو كان فقراء هذا الزمان أهلا لهذا المال وفقراء عهد الرسول أحق منهم لأنهم كانوا أفقر الناس ؟ ولو أجاز العلماء إنفاق هذا المال على المساكين لفتحوا بابا لهم لوقوعهم في الربا المحرم ويتصرفون على أنفسهم بظن أنهم من المساكين . سامحوني أنا سريلانكى الجنسية ولا أجيد اللغة العربية. وجزاكم الله أحسن الجزاء على هذا البرنامج.
وعندي سؤال: أولا كيف يجوز أخذ هذا المال الحرام لأنه ليس ماله وليس له أي حق. يجوز له أخذ ماله الذي وضعه في البنك.وما زاد فهو من الربا الذي أعلن الله فيه الحرب .
والثاني: كيف ينفق المال الحرام الخبيث على المساكين والفقراء فقد قال تعالى: وأنفقوا من طيبات مارزقناكم ولا تيمموا الخبيث.
والثالث: لو أخذ هذا المال الحرام واحد من المساكين هل يجوز له أكله لأنه من مال الربا والإسلام يمنع حضور دعوة الأكل إذا كان صاحب الدعوة أكثر مكسبه الحرام وهذا كله حرام؟ لو كان فقراء هذا الزمان أهلا لهذا المال وفقراء عهد الرسول أحق منهم لأنهم كانوا أفقر الناس ؟ ولو أجاز العلماء إنفاق هذا المال على المساكين لفتحوا بابا لهم لوقوعهم في الربا المحرم ويتصرفون على أنفسهم بظن أنهم من المساكين . سامحوني أنا سريلانكى الجنسية ولا أجيد اللغة العربية. وجزاكم الله أحسن الجزاء على هذا البرنامج.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنجمل الجواب عن سؤالك في أمرين:
أولهما: حول سحب الفوائد من البنك وعدم تركها له، وذلك هو المطلوب لأن البنك لا يملكها بل هي نتيجة استثمار مال المودع في الحرام وتركها للبنك يكون من تقويته على إثمه وباطله .
والأمر بأخذها ليس على سبيل التملك والانتفاع بها وإنما ليتخلص منها آخذها ويصرفها في مصالح المسلمين ويدفعها إلى الفقراء والمساكين، وذلك ليس من باب الإنفاق والصدقة وإنما من باب التخلص من الحرام.
قال النووي في المجموع: لأنه لا يجوز إتلاف هذا المال ورميه في البحر, فلم يبق إلا صرفه في مصالح المسلمين.
والأمر الثاني: أن هذه الفوائد إذا صرفت إلى الفقراء لا تكون حراما عليهم بل هي حلال طيب لهم وخبثها في حق مكتسبها، لأنه أخذها بدون حق، وأما في حق الفقير والمسكين فهو يأخذها بوجه شرعي أباحه الله.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله: قال بعض العلماء : ما كان محرما لكسبه، فإنما إثمه على الكاسب لا على من أخذه بطريق مباح من الكاسب، بخلاف ما كان محرما لعينه، كالخمر والمغصوب ونحوهما، وهذا القول وجيه قوي، بدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعاما لأهله، وأكل من الشاة التي أهدتها له اليهودية بخيبر، وأجاب دعوة اليهودي، ومن المعلوم أن اليهود معظمهم يأخذون الربا ويأكلون السحت، وربما يقوي هذا القول قوله صلى الله عليه وسلم في اللحم الذي تصدق به على بريرة: هو لها صدقة ولنا منها هدية . انتهى.
فالصدقة محرمة على الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لكن تبدل سبب الملك أخرجها عن الصدقة في حقه، والأصوليون يقولون: تبدل سبب الملك كتبدل الذات، أي كما يفيد تبدل الذات الحلية كذلك يفيد تبدل سبب الملك الحلية.
وجاء في المجموع للنووي نقلا عن الغزالي: وإذا دفعه -المال الحرام- إلى الفقير لا يكون حراماً على الفقير؛ بل يكون حلالاً طيباً. قال : وهذا الذي قاله الغزالي في هذا الفرع ذكره آخرون من الأصحاب , وهو كما قالوه , نقله الغزالي أيضا عن معاوية بن أبي سفيان وغيره من السلف, عن أحمد بن حنبل والحارث المحاسبي وغيرهما من أهل الورع.
وبالتالي فلا حرج على الفقير في الانتفاع بذلك المال، ولا حرج على من يدعوه المسكين إلى طعامه أو يهديه منه أو يعامله فيه لأنه مال حلال بعدما وقع في يد الفقير.
ولا ينبغي قياس البنوك والمؤسسات على معاملة الأشخاص في الربا، وذلك لأن البنك ليس هو الذي يدفع الفوائد من ماله حتى يجب ردها إليه وإنما أخذها البنك من غيره من عملائه فصاحبها مجهول.
وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وكذلك كل مال لا يعرف مالكه من المغصوب، والعوادي، والودائع، وما أخذ من الحرامية من أموال الناس، أو ما هو منبوذ من أموال الناس كان، هذا كله يتصدق به، ويصرف في مصالح المسلمين.
وأما لو كان الربا مع شخص بعينه فلا يجوز أخذ الفائدة الربوية منه لأنها مأخوذة منه بغير حق، وبالتالي فما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم هو من هذا القبيل أي معاملات ربوية شخصية ولذا أمر المولى سبحانه بأخذ رأس المال فقط وترك الفائدة الربوية للمدين لأنها مأخوذة منه ظلما قال تعالى:" وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ "{البقرة:279}.
ونرجو بذلك أن يكون الإشكال لديك قد زال واتضح لك الفرق بين الفوائد الربوية المأخوذة من الأعيان والفوائد المأخوذة من البنوك والمؤسسات الربوية.
والله أعلم.
فنجمل الجواب عن سؤالك في أمرين:
أولهما: حول سحب الفوائد من البنك وعدم تركها له، وذلك هو المطلوب لأن البنك لا يملكها بل هي نتيجة استثمار مال المودع في الحرام وتركها للبنك يكون من تقويته على إثمه وباطله .
والأمر بأخذها ليس على سبيل التملك والانتفاع بها وإنما ليتخلص منها آخذها ويصرفها في مصالح المسلمين ويدفعها إلى الفقراء والمساكين، وذلك ليس من باب الإنفاق والصدقة وإنما من باب التخلص من الحرام.
قال النووي في المجموع: لأنه لا يجوز إتلاف هذا المال ورميه في البحر, فلم يبق إلا صرفه في مصالح المسلمين.
والأمر الثاني: أن هذه الفوائد إذا صرفت إلى الفقراء لا تكون حراما عليهم بل هي حلال طيب لهم وخبثها في حق مكتسبها، لأنه أخذها بدون حق، وأما في حق الفقير والمسكين فهو يأخذها بوجه شرعي أباحه الله.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله: قال بعض العلماء : ما كان محرما لكسبه، فإنما إثمه على الكاسب لا على من أخذه بطريق مباح من الكاسب، بخلاف ما كان محرما لعينه، كالخمر والمغصوب ونحوهما، وهذا القول وجيه قوي، بدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعاما لأهله، وأكل من الشاة التي أهدتها له اليهودية بخيبر، وأجاب دعوة اليهودي، ومن المعلوم أن اليهود معظمهم يأخذون الربا ويأكلون السحت، وربما يقوي هذا القول قوله صلى الله عليه وسلم في اللحم الذي تصدق به على بريرة: هو لها صدقة ولنا منها هدية . انتهى.
فالصدقة محرمة على الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لكن تبدل سبب الملك أخرجها عن الصدقة في حقه، والأصوليون يقولون: تبدل سبب الملك كتبدل الذات، أي كما يفيد تبدل الذات الحلية كذلك يفيد تبدل سبب الملك الحلية.
وجاء في المجموع للنووي نقلا عن الغزالي: وإذا دفعه -المال الحرام- إلى الفقير لا يكون حراماً على الفقير؛ بل يكون حلالاً طيباً. قال : وهذا الذي قاله الغزالي في هذا الفرع ذكره آخرون من الأصحاب , وهو كما قالوه , نقله الغزالي أيضا عن معاوية بن أبي سفيان وغيره من السلف, عن أحمد بن حنبل والحارث المحاسبي وغيرهما من أهل الورع.
وبالتالي فلا حرج على الفقير في الانتفاع بذلك المال، ولا حرج على من يدعوه المسكين إلى طعامه أو يهديه منه أو يعامله فيه لأنه مال حلال بعدما وقع في يد الفقير.
ولا ينبغي قياس البنوك والمؤسسات على معاملة الأشخاص في الربا، وذلك لأن البنك ليس هو الذي يدفع الفوائد من ماله حتى يجب ردها إليه وإنما أخذها البنك من غيره من عملائه فصاحبها مجهول.
وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وكذلك كل مال لا يعرف مالكه من المغصوب، والعوادي، والودائع، وما أخذ من الحرامية من أموال الناس، أو ما هو منبوذ من أموال الناس كان، هذا كله يتصدق به، ويصرف في مصالح المسلمين.
وأما لو كان الربا مع شخص بعينه فلا يجوز أخذ الفائدة الربوية منه لأنها مأخوذة منه بغير حق، وبالتالي فما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم هو من هذا القبيل أي معاملات ربوية شخصية ولذا أمر المولى سبحانه بأخذ رأس المال فقط وترك الفائدة الربوية للمدين لأنها مأخوذة منه ظلما قال تعالى:" وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ "{البقرة:279}.
ونرجو بذلك أن يكون الإشكال لديك قد زال واتضح لك الفرق بين الفوائد الربوية المأخوذة من الأعيان والفوائد المأخوذة من البنوك والمؤسسات الربوية.
والله أعلم.
المصدر/ إسلام ويب
تعليق