أمور غائبة عن كثير ممن يتكلمون عن (حكم المتغلب)
الحمد لله وصلاة وسلاما على حبيبه ومصطفاه، وبعد:
قلت: (أمين) وإن من يقول بحق المتغلب مطلقا بغير قيد ولا شرط مستدلا بأقوال العلماء في نواز قديمة حلت بالأمة ويسوق الإجماع على ذلك بغير تفصيل إنما يخدع نفسه أولا ثم يخدع الناس ثانيا ولكنه لن يخادع الله.
لماذا؟
- لأن من أمعن النظر بتجرد وإنصاف في كتب العلماء القائلين بشرعية ولاية المتغلب فسيجد أن هذا سؤالنا (متى تثبت شرعية المتغلب؟) هو المخرج:
والجواب القاطع: تثبت شرعية المتغلب بعد أن يفرض حكمه وينقاد الناس له وتستقر له الأمور ثم له شروط حتى يستمر كإقامة الحدود وحماية بيضة الإسلام وأمور أخرى سيأتي تفصيلها
قلت : وهذا عين كلام الفقهاء ومحل الإجماع الذي يصرخ به المميعون للقضية.
وسؤال آخر:
هل تكلم الفقهاء عن ذات حكم التغلب أم التغلب نفسه؟
أعني هل يشرع التغلب بداية لمن كانت له قوة تمكنه من ذلك؟
ثم ما حكمه إن تغلب ولم تستقر له الأمور؟
وما حكمه إن استقرت له الأمور؟
هذا هو الترتيب المنطقي للمسألة وبه يحل الإشكال بتوفيق الله.
وهنا أنبه:
أن من يعممون كلام الفقهاء على هذه الأسئلة الثلاثة إنما يتهمون (بعدم فهم) فقهاء الشريعة وسلف الأمة بأنهم يروجون لكل من هب ودب (من أصحاب الشوكة والمنعة) أن يغتصب الحكومات ويعقد الولايات ويستحل بيضة المسلمين ودمائهم وهذا كذب عليهم لا محالة.
والآن دعونا أتحفكم نقلا عن بعض العلماء جزاهم الله خيرا:
قال ابن حجر الهيتمي (الصواعق المحرقة 2/628): “المتغلب فاسق معاقب لا يستحق أن يبشر ولا يؤمر بالإحسان فيما تغلب عليه بل إنما يستحق الزجر والمقت والإعلام بقبيح أفعاله وفساد أحواله”.
ويقول سعد الدين التفتازاني (شرح المقاصد5/233) بعد أن قرر الموقف من حكم المتغلب: “إلا أنه يعصي بما فعل”
ويقول أبو المعالي الجويني (الغياثي 428): “إن الذي ينتهض لهذا الشأن لو بادره من غير بيعة وحاجة مستفزة أشعر ذلك باجترائه وغلوه في استيلائه وتشوفه إلى استعلائه وذلك يسمه بابتغاء العلو في الأرض بالفســاد”
وقال أيضاً: (الغياثي 428): “وإن كانت ثورته لحاجة ثم زالت وحالت فاستمسك بعدته محاولاً حمل أهل الحل والعقد على بيعته فهذا أيضاً من المطاولة والمصاولة وحمل أهل الاختيار على العقد له بحكم الاضطرار وهذا ظلم وعشم يقتضي التفسيق”.
- إذن المتغلب من حيث الأصل فاسق ظالم عاص يستحق التشهير متجرئ مغال ممقوت الأفعال والأقوال فاسد الأحوال مستحق للعقوبة لا يبشر ولا يؤمر بإحسان.
هذا مجمل كلام الفقهاء العالمين كجواب للسؤال الأول:
هل يشرع التغلب بداية لمن كانت له قوة تمكنه من ذلك؟
وبهذا وقع التناقض عند المقارنة بين تحريم العلماء للتغلب أصلا وكلامهم على فقه التعامل مع المتغلب (أي بعد غلبته).
وهنا نبدأ جولة جديدة مع السؤال الثاني:
ما حكمه إن تغلب ولم تستقر له الأمور؟
وهنا سأقتبس من مقال قديم لي (حكم ولاية المتغلب – الانقلاب العسكري مثالا)
قَالَ ابن قُدامة فِي المغني (9/5): وجُملة الأمر أن من اتفق المسلمون عَلَى إمامته، وبيعته، ثبتت إمامته ووجبت معونته لِمَا ذكرنا من الحديث والإجماع، وفي معناه من ثبتت إمامته بعهد النَّبِي صلى الله عليه وسلم أو بعده إمام قبله إليه فإن أبا بكر ثبتت إمامته بإجماع الصحابة عَلَى بيعته، وعمر ثبتت إمامته بعهد أبي بكر إليه، وأجمعَ الصحابة عَلَى قبوله، ولو خرج رجل عَلَى الإمام فقهره وغلب الناس بسيفه حتَّى أقروا له وأذعنوا بطاعته وتابعوه صار إمامًا يَحرم قتاله، والخروج عليه، فإن عبد الملك بن مروان خرج عَلَى ابن الزبير، فقتله واستولى عَلَى البلاد وأهلها حتَّى بايعوه طوعًا وكرهًا، فصار إمامًا يَحرم الخروج عليه، وذلك لِمَا فِي الخروج عليه من شق عصا المسلمين وإراقة دمائهم وذهاب أموالِهم... فمن خرج عَلَى من ثبتت إمامته بأحد هذه الوجوه باغيًا وجب قتاله.
اقرءوا مرة أخرى:
(فمن خرج عَلَى من ثبتت إمامته بأحد هذه الوجوه باغيًا وجب قتاله)
قلت: وضابط قول ابن قدامة رحمه الله ما جاء في الحديث :" من بايع إماما فأعطاه صفقة يمينه وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر". مسلم 12/233.
وبصرف النظر عن شرعية حكم وولاية المتغلب (المختلف في تعميمها):
فالقائلون بانعقاد إمامة المتغلّب بالسيف قد اتفقوا على وجوب طاعته بشروط منها:
1- ما لم يروا منه كفرًا بواحًا.
2- أو مخالفة صريحةً متعمدة لشرع الله.
3- ولما في طاعته من تحقيق لقدرٍ من المصلحة المتحقّقة في:-
رعاية الأمّة
- و إقامة الحدود
- وحفظ الأمن
- و سدّ الثغور
- وإظهار الشعائر
و تطبيق الشرائع ..
وهذه نظرةٌ مقاصديّة ليس عليها دليل إلا ما فعله عبد الملك بن مروان مع عبد الله بن الزبير (ولا يصح دليلا) ، مع الوضع في الاعتبار أن بني أمية كانوا يطبقون الشريعة ويقيمون الجهاد ويحفظون بيضة الإسلام.
قلت: ومن أراد التغلب في هذه الحالة ولم تستقر له الأمور كان باغيا (خارجيا من وجه)
- من قال بأن المتغلب باغ خارجي (من وجه)؟
قلت: بما أننا أصلنا بأن المتغلب خارجي من وجه وهو باغ من حيث الأصل فانظر كلام العلماء:
عرَّف الحنفية البغي بأنه «الخروج عن طاعة إمام الحق بغير الحق»
حاشية ابن عابدين، ج3، ص426.
وعرّفوا البغاة بأنهم: «كل فئة لهم منعة، يتغلبون ويجتمعون، ويقاتلون أهل العدل بتأويل، ويقولون الحق معنا ويدعون الولاية»
الشيخ أسعد الصاغرجي، الفقه الحنفي وأدلته، ج2، ص375.
وعرَّف ابن عرفة المالكي البغي بأنه: «هو الامتناع من طاعة من ثبتت إمامته في غير معصية ولو تأولاً»
الحطاب، مواهب الجليل، ج6، ص323، والشيخ محمد عليش، شرح منح الجليل على مختصر العلامة خليل، ج9، ص195.
والبغاة هم «الذين يقاتلون على التأويل مثل الطوائف الضالة كالخوارج وغيرهم والذين يخرجون على الإمام أو يمتنعون من الدخول في طاعته أو يمنعون حقاً وجب عليهم كالزكاة وشبهها»
ابن جزي، القوانين الفقهية، ص355.
أما الشافعية فعرَّفوا البغاة بأنهم: «المسلمون المخالفون للإمام بخروج عليه وترك الانقياد له، أو منع حق توجب عليهم، بشرط شوكة لهم وتأويل ومطاع فيهم»[5]. [5] نهاية المحتاج، ج7، ص382 نقلاً عن فقه العقوبات، ص197.
وعرَّف الحنابلة البغاة بأنهم: «قوم من أهل الحق باينوا الإمام وراموا خلعه، أو مخالفته بتأويل سائغ بصواب أو خطأ ولهم منعة وشوكة، بحيث يحتاج في كفهم إلى جمع جيش» البهوتي، كشاف القناع على متن الإقناع، ج5، ص139
إذن فأهل البغي هم:
- أهل العصيان المسلح على السلطة الشرعية،
- الممتنعون عن أداء الحقوق الشرعية لها،
- بهدف إسقاطها أو تغييرها.
فما حكم خروج من ليس لهم شوكة؟
إذا خرج قوم ليس لهم شوكة ولا منعة فهم صنف آخر من البغاة وهم قطاع الطريق ولهم أحكامهم:
يقول العلماء " فإن خرج قوم ليس لهم شوكة، ولا منعة على الإمام .. يريدون أن يزيلوا الإمام عن إمامته فإنهم قطاع طريق؛ لأنه ليس لهم شوكة ولا منعة.
وعقوبة قاطع الطريق :
1-إن قتل وأخذ المال قُتل ثم صُلب.
2- وإن قتل ولم يأخذ المال قتل ولم يُصلب.
3-وإن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى.
4- وإن أخاف ولم يقتل ولم يأخذ مالاً نفي من الأرض (بالسجن مثلا أو الإبعاد).
وهنا نأتي على السؤال الثالث:
وما حكمه إن استقرت له الأمور؟
قبل الإجابة عن هذا السؤال ينبغي علينا أن نفهم الفرق بين : تحقق وصف القهر والغلبة بـ " السيف " و " الانقلاب – مثلا -" الذي لا يلزَمُ منه تحقق وصف القهر والغلبة:
لقد وضح أهل العلم أنه إذا غلب على المسلمين حاكمٌ بالقوة الجبرية (السلاح والمنعة) حتّى أذعنوا له واستقرّ له الأمر في الحكم وتمّ له التّمكين ، صار ذلك المتغلّبُ إمامًا اضطرارًا لا ابتداءً .
ووجهُ القول بانعقاد إمامته في هذه الحالة (وهو محل الإجماع المنقول عن السلف):
- تفاديا لما قد يترتّبُ على عدم القول بذلك من وجوب مقاومة المتغلّب ومقاتلته مع الإمام الأول الذي دان له الناس بالطاعة ووجوب النصرة شرعًا،
فإذا لم نقل بانعقاد إمامة الثاني الذي تغلب بالسيف وتمّ له التمكين بحَدّه في الميدان حصل التهارج وسفك الدم وتخريب العمران و انتهاك العرض وفساد المعيشة، و هذا مسوّغ كل من قال بانعقاد ولاية المتغلّب بالسيف لأنّ الوضع قهري فعلاً و السيوفُ على الرقاب ، وهذه الصورة كانت موجودةً في القديم ، ولا تزال موجودةً في حالاتٍ من الاحتلال العسكري ( من المسلم طبعًا ) ، وبعض حالات نادرة من الانقلابات التي تقومُ على الأهوال ومبدأ السيف من البداية إلى النهاية وهذه بعض نقولات عن بعض أهل العلم الموثوق في دينهم عن من استقرت له الأمور بعد التغلب:
- رواية عبدوس بن مالك العطار عن أحمد بن حنبل, قال: " من غلب عليهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين فلا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الاخر أن يبيت ولا يراه إماماً)) (الأحكام السلطانية لابي يعلى: 23 نقلاً من الامامة العظمى: 222)،
وقريب منه في (اعتقاد السنة لأبي منصور ص156) ، وروى البيهقي عن حرملة قال: " سمعت الشافعي يقول: كل من غلب على الخلافة بالسيف حتى يسمى خليفة ويجمع الناس عليه فهو خليفة)) (مناقب الشافعي للبيهقي 1: 449). .
وقد ذكر ابن قدامة في المغني :" ولو خرج رجل عَلَى الإمام فقهره وغلب الناس بسيفه حتَّى أقروا له وأذعنوا بطاعته وتابعوه صار إمامًا يَحرم قتاله، والخروج عليه ".
وهو ما ذكره النووي بقوله : " . . و قهر الناس بشوكته وجنوده انعقدت خلافته لينتظم شمل المسلمين ..) روضة الطالبين (10/ 46) .
قلت:
تأملوا شرطهم جيدا:
من غلب الناس بسيفه و قهرهم بشوكته وجنوده حتَّى أقروا له وأذعنوا بطاعته وتابعوه انعقدت خلافته وسمي أمير المؤمنين فلا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيت ولا يراه إماماً يَحرم قتاله، والخروج عليه ... لماذا؟ ... لينتظم شمل المسلمين.
قال أهل العلم:
أما الانقلاب العسكري : فهو وصفٌ رجراجٌ لا يستلزمُ وجودَ قهرٍ ولا غلبة ، حتّى ننظُرَ في شرطين أساسيّين أقام عليهما الفقهاء نظرتهم المقاصديّة ارتكازًا:
الأول : توفّر شرطِ السيفِ الذي يُبِيدُ و يذبح ( وليس هذا موجودًا في كل خروج عسكري على النظام الحاكم ، فكثيرٌ من الانقلابات اليوم . . بيضاء ( !! ) ، و أقرب ما تكون إلى الانقلاب السياسي منه إلى الانقلاب بالسيف = لوجود القانون الدولي ، الإعلام .. ) .
الثاني : حتّى نلمسَ وصفَ تمام التمكين وإذعان الناس بالفعل ( وهنا قلت في المداخلة الأولى " لا ينبغي التسرّع في إضفاء وصف القهر والغلبة على كل انقلاب قبل اكتمال المشهد ) .
فالمقصود : أن القول بانعقاد إمامته بالقهر والغلبة قائمٌ على مرتكزاتٍ لا بُدّ من رعايتها ، وإلا تمّ إلحاقُ ما ليس قهرًا و غلبةً بما هو قهرٌ و غلبة ، وهذا ما هو حاصلٌ في مصر الكنانة ، فإنّه لا يصحّ فقهًا اعتبارُ ما حصل " قهرًا وغلبة " إلا بنوعِ . . تحايُل سياسيٍّ . . ، لانعدام المرتكزات .
وهنا لابد من وقفة:
وهي صفعة لكل ضال قال بصحة ولاية المتغلب العلماني (إن كان متغلبا أصلا):
قال القاضي أبو يعلى الحنبلي في كتابه العظيم "الأحكام السلطانية":
فأما إمارة الاستيلاء التي تعقد على اضْطِرَارٍ فَهِيَ أَنْ يَسْتَوْلِيَ الْأَمِيرُ بِالْقُوَّةِ عَلَى بلاده يُقَلِّدُهُ الْخَلِيفَةُ إمَارَتَهَا، وَيُفَوِّضُ إلَيْهِ تَدْبِيرَهَا وَسِيَاسَتَهَا
فيكون الأمير باستيلائه مستبداً بالخليفة في تدبير السياسة، وتنفيذ الأحكام الدينية ليخرج عن الفساد إلى الصحة، وعن الْحَظْرِ إلَى الْإِبَاحَةِ.
وَهَذَا وَإِنْ خَرَجَ عَنْ عرف التقليد المطلق، ففيه من حفظ القوانين الشرعية ما لا يجوز أن يترك فاسدا، فَجَازَ فِيهِ مَعَ الِاسْتِيلَاءِ وَالِاضْطِرَارِ مَا امْتَنَعَ في تقليد الاستكفاء والاختيار
والذي يتحفظ بتقليد المستولي من قوانين الشرع سبعة:
أَحَدُهَا: حِفْظُ مَنْصِبِ الْإِمَامَةِ فِي خِلَافَةِ النُّبُوَّةِ، وتدبير أمور الملة.
الثاني: ظهور الطاعة التي يزول معها حكم العناد، وينتفى بها مأثم المباينة.
الثالث: اجتماع الكلمة على الألفة والتناصر، ليكون المسلمون يداً على من سواهم.
الرابع: أن تكون عقود الولايات الدينية جائزة، وأحكام القضاة نافذة فيها.
الخامس: أن يكون استيفاء الأموال بحق، على وجه يبرأ منه المؤدي لها.
السادس: أن تكون الحدود مستوفاة بحق.
السابع: أن يكون حافظاً للدين، يأمر بحقوق الله، ويدعو إلى طاعته من عصى
المصدر: الأحكام السلطانية ص 38
والسؤال الآن :
أين خوارج الانقلابيين ( العلمانيين) من ذلك؟
فالله الله فيكم يا مرجئة العصر يا من صحح الولاية لغلاة العلمانيين الذين يحاربون هذه القوانين الشرعية التي المقصود حفظها ويسفكون دماء المسلمين بدلا من حفظها
ثم بعد تصحيح ولايتهم تفتون كذبا وزورا بقتل المسلمين في بيوتهم وشوارعهم وأم من يطالب بالحق هم الخوارج.
وهنا سؤال يلح بشدة :
ما الواجب على المسلمين تجاه مدعي التغلب الذي لم يستقر لهم أمر ولم تتوفر له الشروط؟
هناك أساليب للإنكار تختلف بحسب القدرة:
1- مثل الدخول في منازعة واقتتال شرط القدرة وامتلاك الشوكة والمنعة .
2- أما الاقتتال بلا قدرة أو بما يؤدي إلى مفاسد غالبة ولا يدرى ما ثمرتها، فيعمل بقاعدة أخف الضررين، مراعاة لما يحقق المصلحة العامة للمسلمين.
3- الإنكار بطرق (شرعية) مبتكرة وكلمة حق عند المتسلط الجائر، فإن كان هذا مشروع أصلا مع الولي الشرعي إذا جار وظلم فما بالك بالبغاة وقطاع الطريق من الانقلابيين.
فهذه صور جائزة بحسبها ... لماذا؟
ذلك بأن الفقهاء مع قولهم بعدم الخروج هم أنفسهم يقولون إن الحاكم إذا وقع في الجور والطغيان وأمكن عزله بلا فتن ومفاسد ظاهرة فهو مستحق للعزل ولا إشكال، وحكي هذا محل إجماع (انظر: شرح المقاصد 5/257).
قال ابن بطال: (شرح ابن بطال على صحيح البخاري 8/215): “فأما من رأى شيئًا من معارضة الله ببدعة أو قلب شريعة ، فليخرج من تلك الأرض ويهاجر منها ، وإن أمكنه إمام عدل واتفق عليه جمهور الناس فلا بأس بخلع الأول ، فإن لم يكن معه إلا قطعة من الناس أو ما يوجب الفرقة فلا يحل له الخروج”.
وقال الغزالي : (الوسيط 4/484) :”والإمام لا ينعزل بالفسق على الأصح للمصلحة ولكن إن أمكن الاستبدال به من غير فتنة فعله أهل الحل والعقد”.
قلت : بالفسق وليس بكفر الامتناع عن تطبيق الشريعة مع القدرة عليها.
وعند فقهاء الحنفية: (المسامرة شرح المسايرة 167، حاشية ابن عابدين 2/282-283): “وإذا قلد عدلاً ثم جار وفسق لا ينعزل ولكن يستحق العزل إذا لم يستلزم الفتنة”.
قلت والفتنة نسبية وليس كل ضرر يقع فمنكر المنكر يعد فتنة.
ورغم ذلك لا يجوز مع عدم القدرة الاستسلام وإنما يكون السعي على امتلاك القدر والاحتياط لذلك.
كما نقول في فريضة الجهاد العام:
إذا سقط عنك الجهاد مؤقتا (لعذر) لا يسقط عنك الاستعداد له.
اللهم احفظ على مصر أمنها وإيمانها ، واجمع كلمة أهلها على الحق .. واكفهم شر أعدائهم في الداخل والخارج ... وكل بلاد المسلمين ... آمين..
جمعه ورتبه حسبة لله
أمين بن عباس
في الحادية عشر من يوم السبت الموافق 13 من شوال العام 1435 من هجرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
* ملحوظة:
لا أحل لأحد النقل من غير ذكر المصدر كما حدث في مقالات كثيرة ... تقبل الله منا ومنكم
الحمد لله وصلاة وسلاما على حبيبه ومصطفاه، وبعد:
قلت: (أمين) وإن من يقول بحق المتغلب مطلقا بغير قيد ولا شرط مستدلا بأقوال العلماء في نواز قديمة حلت بالأمة ويسوق الإجماع على ذلك بغير تفصيل إنما يخدع نفسه أولا ثم يخدع الناس ثانيا ولكنه لن يخادع الله.
لماذا؟
- لأن من أمعن النظر بتجرد وإنصاف في كتب العلماء القائلين بشرعية ولاية المتغلب فسيجد أن هذا سؤالنا (متى تثبت شرعية المتغلب؟) هو المخرج:
والجواب القاطع: تثبت شرعية المتغلب بعد أن يفرض حكمه وينقاد الناس له وتستقر له الأمور ثم له شروط حتى يستمر كإقامة الحدود وحماية بيضة الإسلام وأمور أخرى سيأتي تفصيلها
قلت : وهذا عين كلام الفقهاء ومحل الإجماع الذي يصرخ به المميعون للقضية.
وسؤال آخر:
هل تكلم الفقهاء عن ذات حكم التغلب أم التغلب نفسه؟
أعني هل يشرع التغلب بداية لمن كانت له قوة تمكنه من ذلك؟
ثم ما حكمه إن تغلب ولم تستقر له الأمور؟
وما حكمه إن استقرت له الأمور؟
هذا هو الترتيب المنطقي للمسألة وبه يحل الإشكال بتوفيق الله.
وهنا أنبه:
أن من يعممون كلام الفقهاء على هذه الأسئلة الثلاثة إنما يتهمون (بعدم فهم) فقهاء الشريعة وسلف الأمة بأنهم يروجون لكل من هب ودب (من أصحاب الشوكة والمنعة) أن يغتصب الحكومات ويعقد الولايات ويستحل بيضة المسلمين ودمائهم وهذا كذب عليهم لا محالة.
والآن دعونا أتحفكم نقلا عن بعض العلماء جزاهم الله خيرا:
قال ابن حجر الهيتمي (الصواعق المحرقة 2/628): “المتغلب فاسق معاقب لا يستحق أن يبشر ولا يؤمر بالإحسان فيما تغلب عليه بل إنما يستحق الزجر والمقت والإعلام بقبيح أفعاله وفساد أحواله”.
ويقول سعد الدين التفتازاني (شرح المقاصد5/233) بعد أن قرر الموقف من حكم المتغلب: “إلا أنه يعصي بما فعل”
ويقول أبو المعالي الجويني (الغياثي 428): “إن الذي ينتهض لهذا الشأن لو بادره من غير بيعة وحاجة مستفزة أشعر ذلك باجترائه وغلوه في استيلائه وتشوفه إلى استعلائه وذلك يسمه بابتغاء العلو في الأرض بالفســاد”
وقال أيضاً: (الغياثي 428): “وإن كانت ثورته لحاجة ثم زالت وحالت فاستمسك بعدته محاولاً حمل أهل الحل والعقد على بيعته فهذا أيضاً من المطاولة والمصاولة وحمل أهل الاختيار على العقد له بحكم الاضطرار وهذا ظلم وعشم يقتضي التفسيق”.
- إذن المتغلب من حيث الأصل فاسق ظالم عاص يستحق التشهير متجرئ مغال ممقوت الأفعال والأقوال فاسد الأحوال مستحق للعقوبة لا يبشر ولا يؤمر بإحسان.
هذا مجمل كلام الفقهاء العالمين كجواب للسؤال الأول:
هل يشرع التغلب بداية لمن كانت له قوة تمكنه من ذلك؟
وبهذا وقع التناقض عند المقارنة بين تحريم العلماء للتغلب أصلا وكلامهم على فقه التعامل مع المتغلب (أي بعد غلبته).
وهنا نبدأ جولة جديدة مع السؤال الثاني:
ما حكمه إن تغلب ولم تستقر له الأمور؟
وهنا سأقتبس من مقال قديم لي (حكم ولاية المتغلب – الانقلاب العسكري مثالا)
قَالَ ابن قُدامة فِي المغني (9/5): وجُملة الأمر أن من اتفق المسلمون عَلَى إمامته، وبيعته، ثبتت إمامته ووجبت معونته لِمَا ذكرنا من الحديث والإجماع، وفي معناه من ثبتت إمامته بعهد النَّبِي صلى الله عليه وسلم أو بعده إمام قبله إليه فإن أبا بكر ثبتت إمامته بإجماع الصحابة عَلَى بيعته، وعمر ثبتت إمامته بعهد أبي بكر إليه، وأجمعَ الصحابة عَلَى قبوله، ولو خرج رجل عَلَى الإمام فقهره وغلب الناس بسيفه حتَّى أقروا له وأذعنوا بطاعته وتابعوه صار إمامًا يَحرم قتاله، والخروج عليه، فإن عبد الملك بن مروان خرج عَلَى ابن الزبير، فقتله واستولى عَلَى البلاد وأهلها حتَّى بايعوه طوعًا وكرهًا، فصار إمامًا يَحرم الخروج عليه، وذلك لِمَا فِي الخروج عليه من شق عصا المسلمين وإراقة دمائهم وذهاب أموالِهم... فمن خرج عَلَى من ثبتت إمامته بأحد هذه الوجوه باغيًا وجب قتاله.
اقرءوا مرة أخرى:
(فمن خرج عَلَى من ثبتت إمامته بأحد هذه الوجوه باغيًا وجب قتاله)
قلت: وضابط قول ابن قدامة رحمه الله ما جاء في الحديث :" من بايع إماما فأعطاه صفقة يمينه وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر". مسلم 12/233.
وبصرف النظر عن شرعية حكم وولاية المتغلب (المختلف في تعميمها):
فالقائلون بانعقاد إمامة المتغلّب بالسيف قد اتفقوا على وجوب طاعته بشروط منها:
1- ما لم يروا منه كفرًا بواحًا.
2- أو مخالفة صريحةً متعمدة لشرع الله.
3- ولما في طاعته من تحقيق لقدرٍ من المصلحة المتحقّقة في:-
رعاية الأمّة
- و إقامة الحدود
- وحفظ الأمن
- و سدّ الثغور
- وإظهار الشعائر
و تطبيق الشرائع ..
وهذه نظرةٌ مقاصديّة ليس عليها دليل إلا ما فعله عبد الملك بن مروان مع عبد الله بن الزبير (ولا يصح دليلا) ، مع الوضع في الاعتبار أن بني أمية كانوا يطبقون الشريعة ويقيمون الجهاد ويحفظون بيضة الإسلام.
قلت: ومن أراد التغلب في هذه الحالة ولم تستقر له الأمور كان باغيا (خارجيا من وجه)
- من قال بأن المتغلب باغ خارجي (من وجه)؟
قلت: بما أننا أصلنا بأن المتغلب خارجي من وجه وهو باغ من حيث الأصل فانظر كلام العلماء:
عرَّف الحنفية البغي بأنه «الخروج عن طاعة إمام الحق بغير الحق»
حاشية ابن عابدين، ج3، ص426.
وعرّفوا البغاة بأنهم: «كل فئة لهم منعة، يتغلبون ويجتمعون، ويقاتلون أهل العدل بتأويل، ويقولون الحق معنا ويدعون الولاية»
الشيخ أسعد الصاغرجي، الفقه الحنفي وأدلته، ج2، ص375.
وعرَّف ابن عرفة المالكي البغي بأنه: «هو الامتناع من طاعة من ثبتت إمامته في غير معصية ولو تأولاً»
الحطاب، مواهب الجليل، ج6، ص323، والشيخ محمد عليش، شرح منح الجليل على مختصر العلامة خليل، ج9، ص195.
والبغاة هم «الذين يقاتلون على التأويل مثل الطوائف الضالة كالخوارج وغيرهم والذين يخرجون على الإمام أو يمتنعون من الدخول في طاعته أو يمنعون حقاً وجب عليهم كالزكاة وشبهها»
ابن جزي، القوانين الفقهية، ص355.
أما الشافعية فعرَّفوا البغاة بأنهم: «المسلمون المخالفون للإمام بخروج عليه وترك الانقياد له، أو منع حق توجب عليهم، بشرط شوكة لهم وتأويل ومطاع فيهم»[5]. [5] نهاية المحتاج، ج7، ص382 نقلاً عن فقه العقوبات، ص197.
وعرَّف الحنابلة البغاة بأنهم: «قوم من أهل الحق باينوا الإمام وراموا خلعه، أو مخالفته بتأويل سائغ بصواب أو خطأ ولهم منعة وشوكة، بحيث يحتاج في كفهم إلى جمع جيش» البهوتي، كشاف القناع على متن الإقناع، ج5، ص139
إذن فأهل البغي هم:
- أهل العصيان المسلح على السلطة الشرعية،
- الممتنعون عن أداء الحقوق الشرعية لها،
- بهدف إسقاطها أو تغييرها.
فما حكم خروج من ليس لهم شوكة؟
إذا خرج قوم ليس لهم شوكة ولا منعة فهم صنف آخر من البغاة وهم قطاع الطريق ولهم أحكامهم:
يقول العلماء " فإن خرج قوم ليس لهم شوكة، ولا منعة على الإمام .. يريدون أن يزيلوا الإمام عن إمامته فإنهم قطاع طريق؛ لأنه ليس لهم شوكة ولا منعة.
وعقوبة قاطع الطريق :
1-إن قتل وأخذ المال قُتل ثم صُلب.
2- وإن قتل ولم يأخذ المال قتل ولم يُصلب.
3-وإن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى.
4- وإن أخاف ولم يقتل ولم يأخذ مالاً نفي من الأرض (بالسجن مثلا أو الإبعاد).
وهنا نأتي على السؤال الثالث:
وما حكمه إن استقرت له الأمور؟
قبل الإجابة عن هذا السؤال ينبغي علينا أن نفهم الفرق بين : تحقق وصف القهر والغلبة بـ " السيف " و " الانقلاب – مثلا -" الذي لا يلزَمُ منه تحقق وصف القهر والغلبة:
لقد وضح أهل العلم أنه إذا غلب على المسلمين حاكمٌ بالقوة الجبرية (السلاح والمنعة) حتّى أذعنوا له واستقرّ له الأمر في الحكم وتمّ له التّمكين ، صار ذلك المتغلّبُ إمامًا اضطرارًا لا ابتداءً .
ووجهُ القول بانعقاد إمامته في هذه الحالة (وهو محل الإجماع المنقول عن السلف):
- تفاديا لما قد يترتّبُ على عدم القول بذلك من وجوب مقاومة المتغلّب ومقاتلته مع الإمام الأول الذي دان له الناس بالطاعة ووجوب النصرة شرعًا،
فإذا لم نقل بانعقاد إمامة الثاني الذي تغلب بالسيف وتمّ له التمكين بحَدّه في الميدان حصل التهارج وسفك الدم وتخريب العمران و انتهاك العرض وفساد المعيشة، و هذا مسوّغ كل من قال بانعقاد ولاية المتغلّب بالسيف لأنّ الوضع قهري فعلاً و السيوفُ على الرقاب ، وهذه الصورة كانت موجودةً في القديم ، ولا تزال موجودةً في حالاتٍ من الاحتلال العسكري ( من المسلم طبعًا ) ، وبعض حالات نادرة من الانقلابات التي تقومُ على الأهوال ومبدأ السيف من البداية إلى النهاية وهذه بعض نقولات عن بعض أهل العلم الموثوق في دينهم عن من استقرت له الأمور بعد التغلب:
- رواية عبدوس بن مالك العطار عن أحمد بن حنبل, قال: " من غلب عليهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين فلا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الاخر أن يبيت ولا يراه إماماً)) (الأحكام السلطانية لابي يعلى: 23 نقلاً من الامامة العظمى: 222)،
وقريب منه في (اعتقاد السنة لأبي منصور ص156) ، وروى البيهقي عن حرملة قال: " سمعت الشافعي يقول: كل من غلب على الخلافة بالسيف حتى يسمى خليفة ويجمع الناس عليه فهو خليفة)) (مناقب الشافعي للبيهقي 1: 449). .
وقد ذكر ابن قدامة في المغني :" ولو خرج رجل عَلَى الإمام فقهره وغلب الناس بسيفه حتَّى أقروا له وأذعنوا بطاعته وتابعوه صار إمامًا يَحرم قتاله، والخروج عليه ".
وهو ما ذكره النووي بقوله : " . . و قهر الناس بشوكته وجنوده انعقدت خلافته لينتظم شمل المسلمين ..) روضة الطالبين (10/ 46) .
قلت:
تأملوا شرطهم جيدا:
من غلب الناس بسيفه و قهرهم بشوكته وجنوده حتَّى أقروا له وأذعنوا بطاعته وتابعوه انعقدت خلافته وسمي أمير المؤمنين فلا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيت ولا يراه إماماً يَحرم قتاله، والخروج عليه ... لماذا؟ ... لينتظم شمل المسلمين.
قال أهل العلم:
أما الانقلاب العسكري : فهو وصفٌ رجراجٌ لا يستلزمُ وجودَ قهرٍ ولا غلبة ، حتّى ننظُرَ في شرطين أساسيّين أقام عليهما الفقهاء نظرتهم المقاصديّة ارتكازًا:
الأول : توفّر شرطِ السيفِ الذي يُبِيدُ و يذبح ( وليس هذا موجودًا في كل خروج عسكري على النظام الحاكم ، فكثيرٌ من الانقلابات اليوم . . بيضاء ( !! ) ، و أقرب ما تكون إلى الانقلاب السياسي منه إلى الانقلاب بالسيف = لوجود القانون الدولي ، الإعلام .. ) .
الثاني : حتّى نلمسَ وصفَ تمام التمكين وإذعان الناس بالفعل ( وهنا قلت في المداخلة الأولى " لا ينبغي التسرّع في إضفاء وصف القهر والغلبة على كل انقلاب قبل اكتمال المشهد ) .
فالمقصود : أن القول بانعقاد إمامته بالقهر والغلبة قائمٌ على مرتكزاتٍ لا بُدّ من رعايتها ، وإلا تمّ إلحاقُ ما ليس قهرًا و غلبةً بما هو قهرٌ و غلبة ، وهذا ما هو حاصلٌ في مصر الكنانة ، فإنّه لا يصحّ فقهًا اعتبارُ ما حصل " قهرًا وغلبة " إلا بنوعِ . . تحايُل سياسيٍّ . . ، لانعدام المرتكزات .
وهنا لابد من وقفة:
وهي صفعة لكل ضال قال بصحة ولاية المتغلب العلماني (إن كان متغلبا أصلا):
قال القاضي أبو يعلى الحنبلي في كتابه العظيم "الأحكام السلطانية":
فأما إمارة الاستيلاء التي تعقد على اضْطِرَارٍ فَهِيَ أَنْ يَسْتَوْلِيَ الْأَمِيرُ بِالْقُوَّةِ عَلَى بلاده يُقَلِّدُهُ الْخَلِيفَةُ إمَارَتَهَا، وَيُفَوِّضُ إلَيْهِ تَدْبِيرَهَا وَسِيَاسَتَهَا
فيكون الأمير باستيلائه مستبداً بالخليفة في تدبير السياسة، وتنفيذ الأحكام الدينية ليخرج عن الفساد إلى الصحة، وعن الْحَظْرِ إلَى الْإِبَاحَةِ.
وَهَذَا وَإِنْ خَرَجَ عَنْ عرف التقليد المطلق، ففيه من حفظ القوانين الشرعية ما لا يجوز أن يترك فاسدا، فَجَازَ فِيهِ مَعَ الِاسْتِيلَاءِ وَالِاضْطِرَارِ مَا امْتَنَعَ في تقليد الاستكفاء والاختيار
والذي يتحفظ بتقليد المستولي من قوانين الشرع سبعة:
أَحَدُهَا: حِفْظُ مَنْصِبِ الْإِمَامَةِ فِي خِلَافَةِ النُّبُوَّةِ، وتدبير أمور الملة.
الثاني: ظهور الطاعة التي يزول معها حكم العناد، وينتفى بها مأثم المباينة.
الثالث: اجتماع الكلمة على الألفة والتناصر، ليكون المسلمون يداً على من سواهم.
الرابع: أن تكون عقود الولايات الدينية جائزة، وأحكام القضاة نافذة فيها.
الخامس: أن يكون استيفاء الأموال بحق، على وجه يبرأ منه المؤدي لها.
السادس: أن تكون الحدود مستوفاة بحق.
السابع: أن يكون حافظاً للدين، يأمر بحقوق الله، ويدعو إلى طاعته من عصى
المصدر: الأحكام السلطانية ص 38
والسؤال الآن :
أين خوارج الانقلابيين ( العلمانيين) من ذلك؟
فالله الله فيكم يا مرجئة العصر يا من صحح الولاية لغلاة العلمانيين الذين يحاربون هذه القوانين الشرعية التي المقصود حفظها ويسفكون دماء المسلمين بدلا من حفظها
ثم بعد تصحيح ولايتهم تفتون كذبا وزورا بقتل المسلمين في بيوتهم وشوارعهم وأم من يطالب بالحق هم الخوارج.
وهنا سؤال يلح بشدة :
ما الواجب على المسلمين تجاه مدعي التغلب الذي لم يستقر لهم أمر ولم تتوفر له الشروط؟
هناك أساليب للإنكار تختلف بحسب القدرة:
1- مثل الدخول في منازعة واقتتال شرط القدرة وامتلاك الشوكة والمنعة .
2- أما الاقتتال بلا قدرة أو بما يؤدي إلى مفاسد غالبة ولا يدرى ما ثمرتها، فيعمل بقاعدة أخف الضررين، مراعاة لما يحقق المصلحة العامة للمسلمين.
3- الإنكار بطرق (شرعية) مبتكرة وكلمة حق عند المتسلط الجائر، فإن كان هذا مشروع أصلا مع الولي الشرعي إذا جار وظلم فما بالك بالبغاة وقطاع الطريق من الانقلابيين.
فهذه صور جائزة بحسبها ... لماذا؟
ذلك بأن الفقهاء مع قولهم بعدم الخروج هم أنفسهم يقولون إن الحاكم إذا وقع في الجور والطغيان وأمكن عزله بلا فتن ومفاسد ظاهرة فهو مستحق للعزل ولا إشكال، وحكي هذا محل إجماع (انظر: شرح المقاصد 5/257).
قال ابن بطال: (شرح ابن بطال على صحيح البخاري 8/215): “فأما من رأى شيئًا من معارضة الله ببدعة أو قلب شريعة ، فليخرج من تلك الأرض ويهاجر منها ، وإن أمكنه إمام عدل واتفق عليه جمهور الناس فلا بأس بخلع الأول ، فإن لم يكن معه إلا قطعة من الناس أو ما يوجب الفرقة فلا يحل له الخروج”.
وقال الغزالي : (الوسيط 4/484) :”والإمام لا ينعزل بالفسق على الأصح للمصلحة ولكن إن أمكن الاستبدال به من غير فتنة فعله أهل الحل والعقد”.
قلت : بالفسق وليس بكفر الامتناع عن تطبيق الشريعة مع القدرة عليها.
وعند فقهاء الحنفية: (المسامرة شرح المسايرة 167، حاشية ابن عابدين 2/282-283): “وإذا قلد عدلاً ثم جار وفسق لا ينعزل ولكن يستحق العزل إذا لم يستلزم الفتنة”.
قلت والفتنة نسبية وليس كل ضرر يقع فمنكر المنكر يعد فتنة.
ورغم ذلك لا يجوز مع عدم القدرة الاستسلام وإنما يكون السعي على امتلاك القدر والاحتياط لذلك.
كما نقول في فريضة الجهاد العام:
إذا سقط عنك الجهاد مؤقتا (لعذر) لا يسقط عنك الاستعداد له.
اللهم احفظ على مصر أمنها وإيمانها ، واجمع كلمة أهلها على الحق .. واكفهم شر أعدائهم في الداخل والخارج ... وكل بلاد المسلمين ... آمين..
جمعه ورتبه حسبة لله
أمين بن عباس
في الحادية عشر من يوم السبت الموافق 13 من شوال العام 1435 من هجرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
* ملحوظة:
لا أحل لأحد النقل من غير ذكر المصدر كما حدث في مقالات كثيرة ... تقبل الله منا ومنكم
تعليق