نعم ... ، مقدمات الزنا ليست زنا ولكن
نقل لي أحدهم فتوى للدكتور ياسر برهامي مضمونها (مقدمات الزنا ليست زنا) فاطلعت عليها في موقع أنا السلفي لسان الدعوة السلفية ولما تأكدت منها قلت:
هذا حق ولكن:
فمقدمات الزنا ليست زنا ولا توجب حد الزنى في المحصن وغير المحصن .
فالزنا الموجب للحد هو إيلاج فرج الرجل في فرج المرأة التي لا تحل له، ولكن ذلك لا يعني أن ما دون ذلك من الاستمتاع المحرم ، أمر هين أولا يسمى زنا بل هو إثم كبير، وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم زنا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه. رواه البخاري ومسلم.
وما دون الإيلاج يعتبر شروعاً في الفاحشة ولا يعتبر زنا فالزنا كما جاء في التاج والإكليل شرح مختصر خليل المالكي:" ( الزنا تغييب حشفة آدمي في فرج آخر دون شبهة عمدا ً) ا.هـ والحشفة هي مقدمة ذكر الرجل، وإن كان يعتبر من زنا الجوارح.
نعم قد حرم الله هذه المقدمات المفضية غلى الفاحشة بداية من النظر للأجنبية وانتهاءا بما دون الإيلاج ولكن العقوبتان مختلفتان فالمقدمات فيها التعذير بحسبه والزنا بصفته وشروطه فيه الحد بحسبه...
ولا يغتر العاصي بأنه لن يقع في الفاحشة وأنه سيكتفي بهذه المحرمات عن الزنا ، فإن الشيطان لن يتركه . وليس في هذه المعاصي كالقبلة ونحوها حد لأن الحد لا يجب إلا بالجماع ( الزنى ) ، ولكن يعزره الحاكم ويعاقبه بما يردعه وأمثاله عن هذه المعاصي .
قال ابن القيم :
( وأما التعزير ففي كل معصية لا حد فيها ولا كفارة ; فإن المعاصي ثلاثة أنواع : نوع فيه الحد ولا كفارة فيه , ونوع فيه الكفارة ولا حد فيه , ونوع لا حد فيه ولا كفارة ; فالأول - كالسرقة والشرب والزنا والقذف - , والثاني : كالوطء في نهار رمضان ، والوطء في الإحرام , والثالث : كوطء الأمة المشتركة بينه وبين غيره وقبلة الأجنبية ، والخلوة بها ، ودخول الحمام بغير مئزر ، وأكل الميتة والدم ولحم الخنزير , ونحو ذلك ) " إعلام الموقعين " ( 2 / 77 ) .
لذلك كانت وصية الله لعباده بالبعد عن مقدمات الفاحشة خشية الوقوع في الكبيرة:
قال تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا {الإ سراء:32}.
لم يقل الله تعالى (ولا تزنوا) بل قال بحكمته: (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا) لماذا؟
لنه يبحانه إذا حرم شيئاً، حرم الطرق الموصلة والمنافذ المؤدية إليه، فلما حرم الله الفاحشة (الزنا) حرم الله الخلوة بالأجنبية وأمر بغض البصر وأمر المرأة ألا تخضع بالقول، قال تعالى: ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون * وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن) [النور : 30-31] ، وأمر الله المرأة كذلك بالاحتجاب إلا عن محرم. وحذر الله من استدراج الشيطانِ العبدَ ليوقعه في شراكه، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ). [ النور: 21] ،
فمن وقع في شيء من المقدمات ينبغي أن يبادر بالتوبة، فالتوبة الصادقة تمحو ما قبلها، ومن تاب إلى الله تاب الله عليه، قال تعالى {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }[آل عمران135].
بل إن الله تعالى يبدل بالتوبة الصادقة سيئات العبد إلى حسنات، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً. يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً . إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } [الفرقان68 ـ 70].
وشروط التوبة الصادقة: الإقلاع عن المعصية، والعزم على عدم العود إليها، والندم على ما فات، ونحن نلمس فيك هذا الندم الشديد على ما فعلتيه، وهذه بادرة طيبة منك تدل على الصدق في التوبة إلى الله تعالى، لأن الندم توبة، فقد روى الإمام أحمد والحاكم وصحَّحَه، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" الندم توبة"، فهذا الحديث يؤكد أن الشعور بالندم على ارتكاب أي ذنب هو الأساس المهم للتوبة الصادقة، ونحن نشعر من كلامك أنك قد ندمت على ما فعلت،
وكذا ينبغي الإكثار من الأعمال الصالحة، ويتطلب ذلك كثرة الاستغفار والصلاة في جوف الليل والبكاء بين يدي الله سبحانه وتعالى لأن الحسنات تمحو السئات، ففي صحيح البخارى عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَجُلاً أَصَابَ مِنَ امْرَأَةٍ قُبْلَةً، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ { وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَىِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ } . قَالَ الرَّجُلُ: أَلِيَ هَذِهِ؟ قَالَ:" لِمَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ أُمَّتِي".
والله اعلم
جمعه ورتبه أمين بن عباس
نقل لي أحدهم فتوى للدكتور ياسر برهامي مضمونها (مقدمات الزنا ليست زنا) فاطلعت عليها في موقع أنا السلفي لسان الدعوة السلفية ولما تأكدت منها قلت:
هذا حق ولكن:
فمقدمات الزنا ليست زنا ولا توجب حد الزنى في المحصن وغير المحصن .
فالزنا الموجب للحد هو إيلاج فرج الرجل في فرج المرأة التي لا تحل له، ولكن ذلك لا يعني أن ما دون ذلك من الاستمتاع المحرم ، أمر هين أولا يسمى زنا بل هو إثم كبير، وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم زنا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه. رواه البخاري ومسلم.
وما دون الإيلاج يعتبر شروعاً في الفاحشة ولا يعتبر زنا فالزنا كما جاء في التاج والإكليل شرح مختصر خليل المالكي:" ( الزنا تغييب حشفة آدمي في فرج آخر دون شبهة عمدا ً) ا.هـ والحشفة هي مقدمة ذكر الرجل، وإن كان يعتبر من زنا الجوارح.
نعم قد حرم الله هذه المقدمات المفضية غلى الفاحشة بداية من النظر للأجنبية وانتهاءا بما دون الإيلاج ولكن العقوبتان مختلفتان فالمقدمات فيها التعذير بحسبه والزنا بصفته وشروطه فيه الحد بحسبه...
ولا يغتر العاصي بأنه لن يقع في الفاحشة وأنه سيكتفي بهذه المحرمات عن الزنا ، فإن الشيطان لن يتركه . وليس في هذه المعاصي كالقبلة ونحوها حد لأن الحد لا يجب إلا بالجماع ( الزنى ) ، ولكن يعزره الحاكم ويعاقبه بما يردعه وأمثاله عن هذه المعاصي .
قال ابن القيم :
( وأما التعزير ففي كل معصية لا حد فيها ولا كفارة ; فإن المعاصي ثلاثة أنواع : نوع فيه الحد ولا كفارة فيه , ونوع فيه الكفارة ولا حد فيه , ونوع لا حد فيه ولا كفارة ; فالأول - كالسرقة والشرب والزنا والقذف - , والثاني : كالوطء في نهار رمضان ، والوطء في الإحرام , والثالث : كوطء الأمة المشتركة بينه وبين غيره وقبلة الأجنبية ، والخلوة بها ، ودخول الحمام بغير مئزر ، وأكل الميتة والدم ولحم الخنزير , ونحو ذلك ) " إعلام الموقعين " ( 2 / 77 ) .
لذلك كانت وصية الله لعباده بالبعد عن مقدمات الفاحشة خشية الوقوع في الكبيرة:
قال تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا {الإ سراء:32}.
لم يقل الله تعالى (ولا تزنوا) بل قال بحكمته: (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا) لماذا؟
لنه يبحانه إذا حرم شيئاً، حرم الطرق الموصلة والمنافذ المؤدية إليه، فلما حرم الله الفاحشة (الزنا) حرم الله الخلوة بالأجنبية وأمر بغض البصر وأمر المرأة ألا تخضع بالقول، قال تعالى: ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون * وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن) [النور : 30-31] ، وأمر الله المرأة كذلك بالاحتجاب إلا عن محرم. وحذر الله من استدراج الشيطانِ العبدَ ليوقعه في شراكه، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ). [ النور: 21] ،
فمن وقع في شيء من المقدمات ينبغي أن يبادر بالتوبة، فالتوبة الصادقة تمحو ما قبلها، ومن تاب إلى الله تاب الله عليه، قال تعالى {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }[آل عمران135].
بل إن الله تعالى يبدل بالتوبة الصادقة سيئات العبد إلى حسنات، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً. يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً . إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } [الفرقان68 ـ 70].
وشروط التوبة الصادقة: الإقلاع عن المعصية، والعزم على عدم العود إليها، والندم على ما فات، ونحن نلمس فيك هذا الندم الشديد على ما فعلتيه، وهذه بادرة طيبة منك تدل على الصدق في التوبة إلى الله تعالى، لأن الندم توبة، فقد روى الإمام أحمد والحاكم وصحَّحَه، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" الندم توبة"، فهذا الحديث يؤكد أن الشعور بالندم على ارتكاب أي ذنب هو الأساس المهم للتوبة الصادقة، ونحن نشعر من كلامك أنك قد ندمت على ما فعلت،
وكذا ينبغي الإكثار من الأعمال الصالحة، ويتطلب ذلك كثرة الاستغفار والصلاة في جوف الليل والبكاء بين يدي الله سبحانه وتعالى لأن الحسنات تمحو السئات، ففي صحيح البخارى عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَجُلاً أَصَابَ مِنَ امْرَأَةٍ قُبْلَةً، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ { وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَىِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ } . قَالَ الرَّجُلُ: أَلِيَ هَذِهِ؟ قَالَ:" لِمَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ أُمَّتِي".
والله اعلم
جمعه ورتبه أمين بن عباس
تعليق