السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انهم اليوم يحتفلون بما يسمى عيد العمال فلنحاول ان نحتفل معهم ولكن بطريقتنا نحن
فما هو العمل في الاسلام ؟!
"العمل" في اللغة العربية: المهنة والفعل، وجمعه أعمال، و"العامل": هو الذي يتولَّى أمور الرجل في
ماله وملكه وعمله، ومنه قوله - تعالى -: ﴿ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ﴾ [التوبة: 60]، وهم السُّعاة الذين
يَأخُذون الصدقات من أربابها.
و"العمل" في الاصطِلاح: هو كلُّ نشاطٍ جسمي أو عقلي يقوم به الإنسان بهدف الإنتاج في مؤسَّسة
حكوميَّة كانت أو خاصَّة، أو في حرفة أو مهنة.والعمل بهذا المفهوم الشُّمولي لفظٌ واسع الدلالة، تدخُل
فيه مفاهيم ألفاظ كثيرة، هي: الوظيفة، والحرفة، والمهنة.فالوظيفة: هي العمل الذي يقوم به الموظف في
القِطاع الحكومي أو الخاص الذي ينتَمِي إليه في مجالات العمل الكتابي أو العمل الإداري ونحوه.
والحرفة: هي العمل اليدوي والبدني الذي يُمارِسه الحرفي في الورشة أو المصنع أو الخدمة في البيوت
ونحوها، وليس بالضرورة أنْ يكون إتقان مَهارات هذا العمل الحرفي عن طريق الدراسة النظريَّة المكثَّفة
بل يُمكِن اكتِساب ذلك عن طريق تكرار المشاهَدة والتجرِبة.وأمَّا المهنة: فهي عملٌ يشغَله العامل بعد أنْ
يتلقَّى دراسةً نظرية كافية وتدريبًا عمليًّا طويلاً في مراكز علميَّة أو معاهد وجامعات متخصِّصة، فالمهنة
تتطلَّب مجموعةً من المهارات والمعارِف النظريَّة والقواعد التي تُنظِّم العمل بها، كمهنة الطب والهندسة
والتعليم.وبناءً على ما تقدَّم يمكن القول بأنَّ كلَّ وظيفةٍ عملٌ، وكلَّ حرفة عملٌ، وكل مهنة عمل.
أخلاق العمل:
يُراد بها هنا: مجموعة المبادئ والمُثُل والقِيَم الفاضلة التي حَثَّ الإسلام على تَمَثُّلها والالتِزام بها في
أداء العمل.ثانيًا: أهميَّة العمل ومكانَته في الإسلام:للعمل في الإسلام مكانةٌ كبيرة ومنزلة رفيعة؛ حيث
ينظر الإسلام إليه نظرةَ احتِرام وتكريم وإجلال، ولذلك مظاهر كثيرة في دين الله، أبرزها ما يلي:
أولاً: أنَّ الإسلام قرن العمل بالجهاد في قوله - سبحانه -: ﴿ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [المزمل: 20].
ثانيًا: أنَّه اعتَبَر العمل جهادًا، فقد رُوِي أنَّ بعض الصحابة رأوا شابًّا قويًّا يُسرِع إلى عمله، فقالوا:
لو كان هذا في سبيل الله، فردَّ عليهم النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بقوله: ((لا تقولوا هذا؛ فإنَّه إنْ
كان خرَج يسعى على ولده صِغارًا فهو في سبيل الله، وإنْ كان خرج يسعى على أبوَيْن شيخَيْن كبيرَيْن
فهو في سبيل الله، وإنْ كان خرج يسعى على نفسه يعفُّها فهو في سبيل الله، وإنْ كان خرج رياءً
ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان))صححه الألباني في "صحيح الجامع الصحيح"، الحديث رقم (1428)
.بل إنَّ عمر بن الخطاب - رضِي الله عنه - يفضِّل العمل والكسب على الجهاد؛ حيث يقول: "لَأَنْ
أموت بين شعبتي رَحلِي أَضرِب في الأرض أبتغي من فضل الله أَحَبُّ إليَّ من أنْ أُقتَل مُجاهِدًا في سبيل
الله؛ لأنَّ الله - تعالى - قدَّم الذين يضرِبون في الأرض يبتغون من فضله على المجاهدين"، يعني في قوله
- تعالى - في الآية الآنِف ذكرُها
﴿ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [المزمل: 20].
ثالثًا: أنَّ الإسلام جعَل الإرهاق والإجهاد من العمل من مُكفِّرات الخطايا والذنوب؛ يقول النبي -
صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن أمسى كالاًّ من عمل يده أمسى مغفورًا له))
رابعًا: أنَّ الله - سبحانه - خفَّف على عِباده قِيام الليل من أجْل انشِغالهم بالعمل بالنهار؛ حيث يقول -
تعالى -: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ
اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى
وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ﴾ [المزمل: 20].
خامسًا: أنَّه - سبحانه - جعَل العمل سنَّة أنبيائه ورسله بالرغم من انشِغالهم بالدعوة إلى الله وتبليغ
رسالته إلى أممهم وأقوامهم؛ يقول - سبحانه -: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ
الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ ﴾ [الفرقان: 20]، يقول الإمام القرطبي في تفسير هذه الآية: "أي: يبتَغُون
المعايش في الدنيا... وهذه الآية أصلٌ في تناوُل الأسباب وطلَب المعاش بالتجارة والصناعة وغير ذلك".
وقد عَمِلَ آدَم في الزراعة، وكان إبراهيم بزازًا، ونوح نجارًا وكذا زكريا، كما كان لقمان خياطًا وكذا
إدريس، وكان موسى راعيًا، وأخبر - سبحانه - عن داود - عليه وعليهم جميعًا أفضلُ الصلاة
وأَتَمُّ التسليم - أنَّه كان يصنع الدروع؛ فقال - تعالى - عنه: ﴿ وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ
مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ ﴾ [الأنبياء: 80]، وقال أيضًا: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي
مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾
[سبأ: 10 - 11]، وقد أخبر نبيُّنا محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه كان يعمَل برعي الأغنام؛ حيث
يقول: ((ما بعث الله نبيًّا إلا رعى الغنم))رواه البخاري، فقال أصحابه: وأنت؟ قال: ((نعم، كنت أرعاها
على قراريط لأهل مكة))، كما كان - صلَّى الله عليه وسلَّم - يخرج إلى الشام للاتِّجار بمال خديجة -
رضي الله تعالى عنها.لذلك كلِّه حثَّ الإسلام على العمل والسعي في طلَب الرزق؛ يقول - تعالى -:
﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴾ [الملك: 15]
ويقول أيضًا: ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ﴾ [الجمعة: 10]، يقول
ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: "رُوِي عن بعض السلف أنَّه قال: مَن باع واشترى في يوم الجمعة بعد
الصلاة بارَك الله له سبعين مرَّة؛ لقوله - تعالى -: ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ
فَضْلِ اللَّهِ ﴾ [الجمعة: 10]"، ويقول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ما أكل أحدٌ طعامًا قطُّ خيرًا من أن يأكل من عمل يده))رواه البخاري، ويقول أيضًا: ((إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلةٌ فإن
استَطاع ألاَّ يقوم حتى يغرسها فليفعلْ))رواه البخاري.وقد فقه صحابة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم
- ذلك، فاجتَهدوا في العمل لكسب الرزق؛ حيث رُوِي أنَّ أبا بكرٍ كان بزازًا، وكان عمر بن الخطاب
يعمل بالأدم (الجلد)، وكان عثمان بن عفَّان يعمل بالتجارة، وقد أجر علي بن أبي طالب نفسه أكثر من
مرَّة ليكسب قوت يومِه.وكان عبدالرحمن بن عوف يعمَل في البز، وكذا طلحة بن عبيدالله، وكان الزبير بن
العوَّام وعمرو بن العاص خرازين، وعمل خبَّاب بن الأرتِّ حدادًا، وقام سعد بن أبي وقاص بصنع النِّبال
وعمل عثمان بن طلحة خيَّاطًا، وغيرهم كثيرٌ من الصحابة، وكذا التابعين
رضي الله عنهم ورحمهم أجمعين.
انهم اليوم يحتفلون بما يسمى عيد العمال فلنحاول ان نحتفل معهم ولكن بطريقتنا نحن
فما هو العمل في الاسلام ؟!
"العمل" في اللغة العربية: المهنة والفعل، وجمعه أعمال، و"العامل": هو الذي يتولَّى أمور الرجل في
ماله وملكه وعمله، ومنه قوله - تعالى -: ﴿ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ﴾ [التوبة: 60]، وهم السُّعاة الذين
يَأخُذون الصدقات من أربابها.
و"العمل" في الاصطِلاح: هو كلُّ نشاطٍ جسمي أو عقلي يقوم به الإنسان بهدف الإنتاج في مؤسَّسة
حكوميَّة كانت أو خاصَّة، أو في حرفة أو مهنة.والعمل بهذا المفهوم الشُّمولي لفظٌ واسع الدلالة، تدخُل
فيه مفاهيم ألفاظ كثيرة، هي: الوظيفة، والحرفة، والمهنة.فالوظيفة: هي العمل الذي يقوم به الموظف في
القِطاع الحكومي أو الخاص الذي ينتَمِي إليه في مجالات العمل الكتابي أو العمل الإداري ونحوه.
والحرفة: هي العمل اليدوي والبدني الذي يُمارِسه الحرفي في الورشة أو المصنع أو الخدمة في البيوت
ونحوها، وليس بالضرورة أنْ يكون إتقان مَهارات هذا العمل الحرفي عن طريق الدراسة النظريَّة المكثَّفة
بل يُمكِن اكتِساب ذلك عن طريق تكرار المشاهَدة والتجرِبة.وأمَّا المهنة: فهي عملٌ يشغَله العامل بعد أنْ
يتلقَّى دراسةً نظرية كافية وتدريبًا عمليًّا طويلاً في مراكز علميَّة أو معاهد وجامعات متخصِّصة، فالمهنة
تتطلَّب مجموعةً من المهارات والمعارِف النظريَّة والقواعد التي تُنظِّم العمل بها، كمهنة الطب والهندسة
والتعليم.وبناءً على ما تقدَّم يمكن القول بأنَّ كلَّ وظيفةٍ عملٌ، وكلَّ حرفة عملٌ، وكل مهنة عمل.
أخلاق العمل:
يُراد بها هنا: مجموعة المبادئ والمُثُل والقِيَم الفاضلة التي حَثَّ الإسلام على تَمَثُّلها والالتِزام بها في
أداء العمل.ثانيًا: أهميَّة العمل ومكانَته في الإسلام:للعمل في الإسلام مكانةٌ كبيرة ومنزلة رفيعة؛ حيث
ينظر الإسلام إليه نظرةَ احتِرام وتكريم وإجلال، ولذلك مظاهر كثيرة في دين الله، أبرزها ما يلي:
أولاً: أنَّ الإسلام قرن العمل بالجهاد في قوله - سبحانه -: ﴿ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [المزمل: 20].
ثانيًا: أنَّه اعتَبَر العمل جهادًا، فقد رُوِي أنَّ بعض الصحابة رأوا شابًّا قويًّا يُسرِع إلى عمله، فقالوا:
لو كان هذا في سبيل الله، فردَّ عليهم النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بقوله: ((لا تقولوا هذا؛ فإنَّه إنْ
كان خرَج يسعى على ولده صِغارًا فهو في سبيل الله، وإنْ كان خرج يسعى على أبوَيْن شيخَيْن كبيرَيْن
فهو في سبيل الله، وإنْ كان خرج يسعى على نفسه يعفُّها فهو في سبيل الله، وإنْ كان خرج رياءً
ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان))صححه الألباني في "صحيح الجامع الصحيح"، الحديث رقم (1428)
أموت بين شعبتي رَحلِي أَضرِب في الأرض أبتغي من فضل الله أَحَبُّ إليَّ من أنْ أُقتَل مُجاهِدًا في سبيل
الله؛ لأنَّ الله - تعالى - قدَّم الذين يضرِبون في الأرض يبتغون من فضله على المجاهدين"، يعني في قوله
- تعالى - في الآية الآنِف ذكرُها
﴿ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [المزمل: 20].
ثالثًا: أنَّ الإسلام جعَل الإرهاق والإجهاد من العمل من مُكفِّرات الخطايا والذنوب؛ يقول النبي -
صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن أمسى كالاًّ من عمل يده أمسى مغفورًا له))
رابعًا: أنَّ الله - سبحانه - خفَّف على عِباده قِيام الليل من أجْل انشِغالهم بالعمل بالنهار؛ حيث يقول -
تعالى -: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ
اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى
وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ﴾ [المزمل: 20].
خامسًا: أنَّه - سبحانه - جعَل العمل سنَّة أنبيائه ورسله بالرغم من انشِغالهم بالدعوة إلى الله وتبليغ
رسالته إلى أممهم وأقوامهم؛ يقول - سبحانه -: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ
الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ ﴾ [الفرقان: 20]، يقول الإمام القرطبي في تفسير هذه الآية: "أي: يبتَغُون
المعايش في الدنيا... وهذه الآية أصلٌ في تناوُل الأسباب وطلَب المعاش بالتجارة والصناعة وغير ذلك".
وقد عَمِلَ آدَم في الزراعة، وكان إبراهيم بزازًا، ونوح نجارًا وكذا زكريا، كما كان لقمان خياطًا وكذا
إدريس، وكان موسى راعيًا، وأخبر - سبحانه - عن داود - عليه وعليهم جميعًا أفضلُ الصلاة
وأَتَمُّ التسليم - أنَّه كان يصنع الدروع؛ فقال - تعالى - عنه: ﴿ وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ
مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ ﴾ [الأنبياء: 80]، وقال أيضًا: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي
مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾
[سبأ: 10 - 11]، وقد أخبر نبيُّنا محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه كان يعمَل برعي الأغنام؛ حيث
يقول: ((ما بعث الله نبيًّا إلا رعى الغنم))رواه البخاري، فقال أصحابه: وأنت؟ قال: ((نعم، كنت أرعاها
على قراريط لأهل مكة))، كما كان - صلَّى الله عليه وسلَّم - يخرج إلى الشام للاتِّجار بمال خديجة -
رضي الله تعالى عنها.لذلك كلِّه حثَّ الإسلام على العمل والسعي في طلَب الرزق؛ يقول - تعالى -:
﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴾ [الملك: 15]
ويقول أيضًا: ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ﴾ [الجمعة: 10]، يقول
ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: "رُوِي عن بعض السلف أنَّه قال: مَن باع واشترى في يوم الجمعة بعد
الصلاة بارَك الله له سبعين مرَّة؛ لقوله - تعالى -: ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ
فَضْلِ اللَّهِ ﴾ [الجمعة: 10]"، ويقول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ما أكل أحدٌ طعامًا قطُّ خيرًا من أن يأكل من عمل يده))رواه البخاري، ويقول أيضًا: ((إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلةٌ فإن
استَطاع ألاَّ يقوم حتى يغرسها فليفعلْ))رواه البخاري.وقد فقه صحابة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم
- ذلك، فاجتَهدوا في العمل لكسب الرزق؛ حيث رُوِي أنَّ أبا بكرٍ كان بزازًا، وكان عمر بن الخطاب
يعمل بالأدم (الجلد)، وكان عثمان بن عفَّان يعمل بالتجارة، وقد أجر علي بن أبي طالب نفسه أكثر من
مرَّة ليكسب قوت يومِه.وكان عبدالرحمن بن عوف يعمَل في البز، وكذا طلحة بن عبيدالله، وكان الزبير بن
العوَّام وعمرو بن العاص خرازين، وعمل خبَّاب بن الأرتِّ حدادًا، وقام سعد بن أبي وقاص بصنع النِّبال
وعمل عثمان بن طلحة خيَّاطًا، وغيرهم كثيرٌ من الصحابة، وكذا التابعين
رضي الله عنهم ورحمهم أجمعين.
تعليق