السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على سيدنا "محمد" وعلى آله وصحبه وحزبه....
فقد نشرت وسائل الإعلام فتوى للشيخ"ياسر" برهامى عن موضوع دفاع الرجل عن زوجته حال محاولة إغتصابها من المعتدين وقال الشيخ"ياسر" أن الإعلام قد (بتر) فتواه وشوهها ورد على ذلك فى غير موضع من مداخلات هاتفية ...
لكن تظل فتوى الشيخ"ياسر" محل نقاش علمى كبير وقد يسر الله الحال وهدى أستاذنا الفاضل "دمحمد على"_حفظه الله_ بأن سأل فضيلة الشيخ"العيسوى" على الأمر ورد الشيخ"العيسوى" رداً علمياً وافياً ... ومن فضل الله فقد أخبرنا أحد الأخوة بذلك وتفضل بإرسال رد الشيخ"العيسوى" على المسألة لى فجزاهم الله جميعاً خيراً....
وتأتى أهمية الرد من رجل علمى بقامة الشيخ "العيسوى" لأننا تعودنا الهجوم من أتباع الشيخ "برهامى"_إلا من رحم الله_ على من ينتقد الشيخ "ياسر" فأنت لو انتقده فستفاجىء بوابل من الإتهامات من مثل أنك ((جاهل)) وردك لا قيمة له ومن أنت حتى ترد ...أو أنك حاقد على الحزب ونجاحاته !!!!!!
أنا لم أدرج فيديو للشيخ"ياسر" لظنى أن الكل اطلع عليه
ولنشرع فى عرض الرد
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على سيدنا "محمد" وعلى آله وصحبه وحزبه....
فقد نشرت وسائل الإعلام فتوى للشيخ"ياسر" برهامى عن موضوع دفاع الرجل عن زوجته حال محاولة إغتصابها من المعتدين وقال الشيخ"ياسر" أن الإعلام قد (بتر) فتواه وشوهها ورد على ذلك فى غير موضع من مداخلات هاتفية ...
لكن تظل فتوى الشيخ"ياسر" محل نقاش علمى كبير وقد يسر الله الحال وهدى أستاذنا الفاضل "دمحمد على"_حفظه الله_ بأن سأل فضيلة الشيخ"العيسوى" على الأمر ورد الشيخ"العيسوى" رداً علمياً وافياً ... ومن فضل الله فقد أخبرنا أحد الأخوة بذلك وتفضل بإرسال رد الشيخ"العيسوى" على المسألة لى فجزاهم الله جميعاً خيراً....
وتأتى أهمية الرد من رجل علمى بقامة الشيخ "العيسوى" لأننا تعودنا الهجوم من أتباع الشيخ "برهامى"_إلا من رحم الله_ على من ينتقد الشيخ "ياسر" فأنت لو انتقده فستفاجىء بوابل من الإتهامات من مثل أنك ((جاهل)) وردك لا قيمة له ومن أنت حتى ترد ...أو أنك حاقد على الحزب ونجاحاته !!!!!!
أنا لم أدرج فيديو للشيخ"ياسر" لظنى أن الكل اطلع عليه
ولنشرع فى عرض الرد
لم يتعرض الشيخ ياسر في إجابته المذكورة بالموقع لوجه الاستدلال بقصة إبراهيم عليه السلام (ولعله ذكرها في موضع آخر ) ونص الحديث كما في البخاري عنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هاجرَ إبراهِيمُ عَلَيْهِ الصَّلَاة والسَّلامُ بِسارَةَ فدَخَلَ بِها قَرْيَةً فِيهَا مَلِكٌ مِنَ المُلُوكِ أوْ جَبَّارٌ مِنَ الجَبَابِرَةَ فَقِيلَ دَخَلَ إبْرَاهِيمُ بامْرَأةٍ هِيَ مِنْ أحْسَنِ النِّساءِ فأرْسَلَ إلَيْهِ أنْ يَا إبْرَاهِيمُ مَنْ هاذِهِ الَّتِي معَكَ قَالَ أُخْتِي ثُمَّ رجَعَ إلَيْهَا فَقَالَ لَا تُكَذِّبِي حَدِيثِي فإنِّي أخْبَرْتُهُمْ أنَّكِ أُخْتِي وَالله إنْ عَلَى الأرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرِي وغَيْرُكِ فأرْسَلَ بِهَا إلَيْهِ فقامَ إلَيْهَا فقامَتْ تَوَضَّأُ وتصَلِّي فقالَتْ اللَّهُمَّ إنْ كُنْتُ آمَنْتُ بِكَ وبِرَسُولِكَ وأحْصَنْتُ فَرْجِي إلاَّ عَلَى زَوْجِي فَلاَ تُسَلِّطْ عَلَيَّ الكَافِرَ فَغُطَّ حَتَّى رَكَضَ بِرِجْلِهِ قَالَ الأعْرَجُ قَالَ أبُو سلَمَةَ بنُ عبْدِ الرَّحْمانِ إنَّ أبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قالَتِ اللَّهُمَّ إنْ يَمُتْ يُقالُ هِيَ قَتَلَتْهُ فارْسِلَ ثُمَّ قامَ إلَيهَا فَقَامَتْ تَوَضَّأ وتُصَلي وتَقُولُ أللَّهُمَّ إنْ كُنْتُ آمَنْتُ بِكَ وبِرَسُولِكَ وأحصَنْتِ فَرْجِي إلاَّ علَى زَوْجِي فَلاَ تُسَلِّطْ عَلَيَّ هاذا الكافِرَ فَغُطَّ حَتَّى رَكَضَ بِرِجْلِهِ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمانِ قَالَ أبُو سَلَمَةَ قَالَ أبُو هُرَيْرَةَ فقالَتِ اللَّهُمَّ إنْ يَمُتُ فيُقَالُ هِيَ قتَلَتْهُ فأُرْسِلَ فِي الثَّانيَةِ أوْ فِي الثَّالِثَةِ فَقَالَ وَالله مَا أرْسَلْتُمْ إلَيَّ إلاَّ شَيْطانا ارْجِعُوهَا إلَى إبْرَاهِيمَ وأعْطُوها آجَرَ فرَجعَتْ إلَى إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ فَقَالَت أشَعَرْتَ أنَّ الله كبَتَ الكَافِرَ وأخْدَمَ ولِيدَةً. .
قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: على هَذَا الحَدِيث إِشْكَال مَا زَالَ يختلج فِي صَدْرِي، وَهُوَ أَن يُقَال: مَا معنى توريته، عَلَيْهِ السَّلَام، عَن الزَّوْجَة بالأخت، وَمَعْلُوم أَن ذكرهَا بِالزَّوْجِيَّةِ كَانَ أسلم لَهَا، لِأَنَّهُ إِذا قَالَ: هَذِه أُخْتِي قَالَ: زوجنيها. وَإِذا قَالَ امْرَأَتي سكت هَذَا إِن كَانَ الْملك يعْمل بِالشَّرْعِ، فَأَما إِذا كَانَ كَمَا وصف من جوره فَمَا يُبَالِي إِذا كَانَت زَوْجَة أَو أُخْتا إِلَى أَن وَقع لي أَن الْقَوْم كَانُوا على دين الْمَجُوس، وَفِي دينهم أَن الْأُخْت إِذا كَانَت زَوْجَة كَانَ أَخُوهَا الَّذِي هُوَ زَوجهَا أَحَق بهَا من غَيره، فَكَانَ الْخَلِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، أَرَادَ أَن يستعصم من الْجَبَّار بِذكر الشَّرْع الَّذِي يَسْتَعْمِلهُ، فَإِذا هُوَ جَبَّار لَا يُرَاعِي جَانب دينه. قَالَ: وَاعْترض على هَذَا بِأَن الَّذِي جَاءَ على مَذْهَب الْمَجُوس زرادشت، وَهُوَ مُتَأَخّر عَن هَذَا الزَّمن، فَالْجَوَاب أَن لمَذْهَب الْقَوْم أصلا قَدِيما ادَّعَاهُ زرادشت وَزَاد عَلَيْهِ خرافات، وَقد كَانَ نِكَاح الْأَخَوَات جَائِزا فِي زمن آدم، عَلَيْهِ السَّلَام، وَيُقَال: كَانَت حرمته على لِسَان مُوسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، قَالَ: وَيدل على أَن دين الْمَجُوس لَهُ أصل مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخذ الْجِزْيَة من مجوس هجر، وَمَعْلُوم أَن الْجِزْيَة لَا تُؤْخَذ إلاَّ مِمَّن لَهُ كتاب أَو شُبْهَة كتاب، ثمَّ سَأَلت عَن هَذَا بعض عُلَمَاء أهل الْكتاب فَقَالَ: كَانَ من مَذْهَب الْقَوْم أَن من لَهُ زَوْجَة لَا يجوز لَهُ أَن يتَزَوَّج إلاَّ أَن يهْلك زَوجهَا، فَلَمَّا علم إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، هَذَا قَالَ: هِيَ أختى، كَأَنَّهُ قَالَ: إِن كَانَ الْملك عادلاً، فَخَطَبَهَا مني أمكنني دَفعه، وَإِن كَانَ ظَالِما تخلصت من الْقَتْل، وَقيل: إِن النُّفُوس تأبى أَن يتَزَوَّج الْإِنْسَان بِامْرَأَة وَزوجهَا مَوْجُود، فَعدل، عَلَيْهِ السَّلَام، عَن قَوْله: زَوْجَتي، لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى قَتله أَو طرده عَنْهَا، أَو تَكْلِيفه لفراقها. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: قيل: إِن من سيرة هَذَا الْجَبَّار أَنه لَا يغلب الْأَخ على أُخْته وَلَا يَظْلمه فِيهَا، وَكَانَ يغلب الزَّوْج على زَوجته. وَالله أعلم.
قال في الفتح : وَفِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ أَنَّهُ قَالَ لَهَا إِنَّ هَذَا الْجَبَّارَ إِنْ يَعْلَمْ أَنَّكِ امْرَأَتِي يَغْلِبْنِي عَلَيْكِ فَإِنْ سَأَلَكِ فَأَخْبِرِيهِ أَنَّكِ أُخْتِي وَإِنَّكِ أُخْتِي فِي الْإِسْلَامِ فَلَمَّا دَخَلَ أَرْضَهُ رَآهَا بَعْضُ أَهْلِ الْجَبَّارِ فَأَتَاهُ فَقَالَ لَقَدْ قَدِمَ أَرْضَكَ امْرَأَةٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ إِلَّا لَكَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا الْحَدِيثَ...
قال : وَاخْتُلِفَ فِي السَّبَبِ الَّذِي حَمَلَ إِبْرَاهِيمَ عَلَى هَذِهِ الْوَصِيَّةِ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ الظَّالِمَ يُرِيدُ اغْتِصَابهَا عَلَى نَفْسِهَا أُخْتًا كَانَتْ أَوْ زَوْجَةً فَقِيلَ كَانَ مِنْ دِينِ ذَلِكَ الْمَلِكِ أَنْ لَا يَتَعَرَّضَ إِلَّا لِذَوَاتِ الْأَزْوَاجِ كَذَا قِيلَ وَيَحْتَاجُ إِلَى تَتِمَّةٍ وَهُوَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ أَرَادَ دَفْعَ أَعْظَمِ الضَّرَرَيْنِ بِارْتِكَابِ أَخَفِّهِمَا وَذَلِكَ أَنَّ اغْتِصَابَ الْمَلِكِ إِيَّاهَا وَاقِعٌ لَا مَحَالَةَ لَكِنْ إِنْ عَلِمَ أَنَّ لَهَا زَوْجًا فِي الْحَيَاةِ حَمَلَتْهُ الْغَيْرَةُ عَلَى قَتْلِهِ وَإِعْدَامِهِ أَوْ حَبْسِهِ وَإِضْرَارِهِ بِخِلَافِ مَا إِذَا عَلِمَ أَنَّ لَهَا أَخًا فَإِنَّ الْغَيْرَةَ حِينَئِذٍ تَكُونُ مِنْ قِبَلِ الْأَخِ خَاصَّةً لَا مِنْ قِبَلِ الْمَلِكِ فَلَا يُبَالِي بِهِ وَقِيلَ أَرَادَ إِنْ عَلِمَ أَنَّكِ امْرَأَتِي أَلْزَمَنِي بِالطَّلَاقِ -
وهو نفس كلام القسطلاني - وَالتَّقْرِيرُ الَّذِي قَرَّرْتُهُ جَاءَ صَرِيحًا عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ فِيمَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي تَفْسِيرِهِ مِنْ طَرِيقِهِ وَقِيلَ كَانَ مِنْ دِينِ الْمَلِكِ أَنَّ الْأَخَ أَحَقُّ بِأَنْ تَكُونَ أُخْتُهُ زَوْجَتَهُ مِنْ غَيْرِهِ فَلِذَلِكَ قَالَ هِيَ أُخْتِي اعْتِمَادًا عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ الْجَبَّارُ فَلَا يُنَازِعُهُ فِيهَا وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَقَالَ هِيَ أُخْتِي وَأَنَا زَوْجُهَا فَلِمَ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ هِيَ أُخْتِي وَأَيْضًا فَالْجَوَابُ إِنَّمَا يُفِيدُ لَوْ كَانَ الْجَبَّارُ يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا لَا أَنْ يَغْتَصِبَهَا نَفْسَهَا وَذَكَرَ الْمُنْذِرِيُّ فِي حَاشِيَةِ السُّنَنِ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّهُ كَانَ مِنْ رَأْيِ الْجَبَّارِ الْمَذْكُورِ أَنَّ مَنْ كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً لَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يَقْتُلَ زَوْجَهَا فَلِذَلِكَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ هِيَ أُخْتِي لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ عَادِلًا خَطَبَهَا مِنْهُ ثُمَّ يَرْجُو مُدَافَعَتَهُ عَنْهَا وَإِنْ كَانَ ظَالِمًا خَلَصَ مِنَ الْقَتْلِ وَلَيْسَ هَذَا بِبَعِيدٍ مِمَّا قَرَّرْتُهُ أَولا وَهَذَا أَخذ من كَلَام بن الْجَوْزِيِّ فِي مُشْكِلِ الصَّحِيحَيْنِ فَإِنَّهُ نَقَلَهُ عَنْ بَعْضِ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَجَابَ بِهِ.
قلت: فالظاهر أن الشيخ اغتر بقول الحافظ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ أَرَادَ دَفْعَ أَعْظَمِ الضَّرَرَيْنِ بِارْتِكَابِ أَخَفِّهِمَا وَذَلِكَ أَنَّ اغْتِصَابَ الْمَلِكِ إِيَّاهَا وَاقِعٌ لَا مَحَالَةَ لَكِنْ إِنْ عَلِمَ أَنَّ لَهَا زَوْجًا فِي الْحَيَاةِ حَمَلَتْهُ الْغَيْرَةُ عَلَى قَتْلِهِ وَإِعْدَامِهِ أَوْ حَبْسِهِ وَإِضْرَارِهِ ... لكن يقال أن جميع ما ذكر احتمالات لا سبيل إلي ترجيح بعضها على بعض بله القطع ببعضها ، ومع تعدد الاحتمال يسقط تعين الاستدلال ؛ هذا إذا سلمنا أن شرع من قبلنا شرع لنا ، والمقطوع به أنه إذا خالف شرعنا فليس شرعا لنا .
وفي الموسوعة الفقهية : "وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الدِّفَاعَ عَنِ الْعِرْضِ بِمَعْنَى الْبُضْعِ وَاجِبٌ، فَيَأْثَمُ الإْنْسَانُ بِتَرْكِهِ، قَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ:؛ لأِنَّهُ لاَ سَبِيل إِلَى إِبَاحَتِهِ، وَسَوَاءٌ بُضْعُ أَهْلِهِ أَوْ غَيْرِهِ، وَمِثْل الْبُضْعِ مُقَدِّمَاتُهُ
وَقَال الْفُقَهَاءُ: مَنْ وَجَدَ رَجُلاً يَزْنِي بِامْرَأَتِهِ فَقَتَلَهُ فَلاَ قِصَاصَ عَلَيْهِ وَلاَ دِيَةَ، لِقَوْل عُمَرَ لِمَنْ وَجَدَ رَجُلاً بَيْنَ فَخِذَيِ امْرَأَتِهِ فَقَتَلَهُ: إِنْ عَادُوا فَعُدْ.
وَاخْتَلَفُوا فِي الدِّفَاعِ عَنِ النَّفْسِ وَالْمَال، فَقَال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ بِوُجُوبِ الدِّفَاعِ عَنِ النَّفْسِ، وَجَوَازِهِ عَنِ الْمَال. وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ بِالْجَوَازِ فِي الصُّورَتَيْنِ"
وهذا يدل على تفريقهم بين العرض والمال ، خلافا لتسوية الشيخ بينهما . بل ظاهر صنيعهم أنهم يقدمون الدفاع عن العرض على الدفاع عن النفس لاتفاقهم على وجوب الأول واختلافهم في الثاني. ويؤكده ما في المجموع : من قصده رجل في نفسه أو ماله أو أهله بغير حق فله أن يدفعه لما روى سعيد بْنُ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (من قاتل دون أهله أو ماله فقتل فهو شهيد) وهل يجب عليه الدفع؟ ينظر فيه فإن كان في المال لم يجب لأن المال يجوز إباحته، وإن كان في أهله، وجب عليه الدفع لأنه لا يجوز إباحته، وان كان في النفس ففيه وجهان:
(أحدهما) أنه يجب عليه الدفع لقوله عز وجل (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)
والثاني: أنه لا يجب، لأن عثمان رضى الله عنه لم يدفع عن نفسه، ولأنه ينال به الشهادة إذا قتل فجاز له ترك الدفع لذلك.
هذا مع أن علماء فقه المقاصد يقدمون في الترتيب العام للضروريات حفظ النفس على حفظ النسل ( أو العرض)
وهنا إشكال وهو : أن حد الزنا جاء لحفظ النسل من جانب العدم غير أن هذا الحد يصل في حالة الزاني المحصن إلى الإخلال ببقاء النفس ، إذ أمر الشرع برجمه حتى الموت ، وهذا يعني أننا نقتل نفسا ليس للحفاظ على النفس ، ولا للحفاظ على أعلى منها وهو الدين ، وإنما لمنزلة أقل وهي النسل ، والجواب أن المحصن لما خبر مواطن الضعف في حصون العفة ، وكان أقدر على هتك الحرمات بوسائل الخداع التي عرفها – من جهة – ومن جهة أخرى لما كان لهيب الشهوة عنده ممكن الإطفاء على قرب ، كان إقدامه على الزنا عندئذ يحمل معنى محاربة الشرع جهارا نهارا، مما جعله يواجه ضروري الدين ، حيث منع إشاعة الفاحشة في المجتمع لذا استوجب التشديد في عقوبته كي لا يستهتر بضروريات لدين ، إذن رجمه ليس لمجرد الزنا بل ولمعاندة الدين أيضا . قاله أ. د. بشير الكبيسي . وإذا كان ذلك كذلك فإن محاولة اغتصاب المرأة أشد وأنكى من مجرد زنا المحصن ، ومن ثم استبيح لمنعه إتلاف النفس في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (( وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ )) [رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح ))]
والعز لم يقل بالوجوب مطلقا؛ إنما جاء كلام العز في سياق حديثه عن تقديم الفاضل على المفضول، وليس الواجب على المندوب، وضرب له أمثلة، قال في المثال السابع عشر: "إذَا وَجَدَ مَنْ يَصُولُ عَلَى بُضْعٍ مُحَرَّمٍ، وَمَنْ يَصُولُ عَلَى عُضْوٍ مُحَرَّمٍ أَوْ نَفْسٍ مُحَرَّمَةٍ أَوْ مَالٍ مُحَرَّمٍ، فَإِنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَ حِفْظِ الْبُضْعِ وَالْعُضْوِ وَالْمَالِ وَالنَّفْسِ، جَمَعَ بَيْنَ صَوْنِ النَّفْسِ وَالْعُضْوِ وَالْبُضْعِ وَالْمَالِ لِمَصَالِحِهَا، وَإِنْ تَعَذَّرَ الْجَمْعُ بَيْنَهَا، قَدَّمَ الدَّفْعَ عَنْ النَّفْسِ عَلَى الدَّفْعِ عَنْ الْعُضْوِ، وَقَدَّمَ الدَّفْعَ عَنْ الْعُضْوِ عَلَى الدَّفْعِ عَنْ الْبُضْعِ وَقَدَّمَ الدَّفْعَ عَنْ الْبُضْعِ عَلَى الدَّفْعِ عَنْ الْمَالِ". قواعد الأحكام.
يضاف إلى هذا أن كلام العز مطلق عام ليس له سياق معين، أما كلام الدكتور ياسر فله سياق لا يسوغ إهماله ، ولا يصح أن تصاغ الفتاوى في السياق المصري الذي نحياه بهذا الشكل، دون النظر في العواقب والمآلات ومراعاة حال المخاطبين والشيخ يعلم هذا جيدا ، وقد أجمع الأصوليون أن سياق الفتوى يجب أن يعتبر وإلا يكون إهماله استنباتًا للفقه في الهواء، واستصدارًا للفتوى في الفراغ. –
وفي مجموع الفتاوي لابن تيمية : في " الصَّائِلُ " وَهُوَ الظَّالِمُ بِلَا تَأْوِيلٍ وَلَا وِلَايَةٍ : فَإِذَا كَانَ مَطْلُوبُهُ الْمَالَ جَازَ دَفْعُهُ بِمَا يُمْكِنُ فَإِذَا لَمْ يَنْدَفِعْ إلَّا الْقِتَالُ قُوتِلَ وَإِنْ تَرَكَ الْقِتَالَ وَأَعْطَاهُمْ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ جَازَ وَأَمَّا إذَا كَانَ مَطْلُوبُهُ الْحُرْمَةَ - مِثْلَ أَنْ يَطْلُبَ الزِّنَا بِمَحَارِمِ الْإِنْسَانِ أَوْ يَطْلُبَ مِنْ الْمَرْأَةِ أَوْ الصَّبِيِّ الْمَمْلُوكِ أَوْ غَيْرِهِ الْفُجُورَ بِهِ ؛ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ بِمَا يُمْكِنُ وَلَوْ بِالْقِتَالِ وَلَا يَجُوزُ التَّمْكِينُ مِنْهُ بِحَالِ ؛ بِخِلَافِ الْمَالِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ التَّمْكِينُ مِنْهُ ؛ لِأَنَّ بَذْلَ الْمَالِ جَائِزٌ وَبَذْلَ الْفُجُورِ بِالنَّفْسِ أَوْ بِالْحُرْمَةِ غَيْرُ جَائِزٍ .
ثم يقال مالسبيل إلى القطع بحصول القتل بسبب المدافعة ؟!!!
(زدت: وهل من تغتصب زوجه في حالة تسمح له بقياس تلك الاحتمالات و الترجيح بينها؟)
وما نخشاه من وقوع القتل نخشى مقابله جرأة أهل الفسق إذا أمنوا المدافعة لمجرد ظهور قوتهم و رجوح بأسهم
وأخشى ما أخشاه أن يفهم من هذه الفتاوى شرعنة الذل والخنوع فيزداد الضعيف المظلوم ذلا وقهرا والفاجر الفاسق فسقا وفجورا. والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله .
--------------------------
انتهى كلام الشيخ أحمد العيسوي جزاه الله خيرا
قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: على هَذَا الحَدِيث إِشْكَال مَا زَالَ يختلج فِي صَدْرِي، وَهُوَ أَن يُقَال: مَا معنى توريته، عَلَيْهِ السَّلَام، عَن الزَّوْجَة بالأخت، وَمَعْلُوم أَن ذكرهَا بِالزَّوْجِيَّةِ كَانَ أسلم لَهَا، لِأَنَّهُ إِذا قَالَ: هَذِه أُخْتِي قَالَ: زوجنيها. وَإِذا قَالَ امْرَأَتي سكت هَذَا إِن كَانَ الْملك يعْمل بِالشَّرْعِ، فَأَما إِذا كَانَ كَمَا وصف من جوره فَمَا يُبَالِي إِذا كَانَت زَوْجَة أَو أُخْتا إِلَى أَن وَقع لي أَن الْقَوْم كَانُوا على دين الْمَجُوس، وَفِي دينهم أَن الْأُخْت إِذا كَانَت زَوْجَة كَانَ أَخُوهَا الَّذِي هُوَ زَوجهَا أَحَق بهَا من غَيره، فَكَانَ الْخَلِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، أَرَادَ أَن يستعصم من الْجَبَّار بِذكر الشَّرْع الَّذِي يَسْتَعْمِلهُ، فَإِذا هُوَ جَبَّار لَا يُرَاعِي جَانب دينه. قَالَ: وَاعْترض على هَذَا بِأَن الَّذِي جَاءَ على مَذْهَب الْمَجُوس زرادشت، وَهُوَ مُتَأَخّر عَن هَذَا الزَّمن، فَالْجَوَاب أَن لمَذْهَب الْقَوْم أصلا قَدِيما ادَّعَاهُ زرادشت وَزَاد عَلَيْهِ خرافات، وَقد كَانَ نِكَاح الْأَخَوَات جَائِزا فِي زمن آدم، عَلَيْهِ السَّلَام، وَيُقَال: كَانَت حرمته على لِسَان مُوسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، قَالَ: وَيدل على أَن دين الْمَجُوس لَهُ أصل مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخذ الْجِزْيَة من مجوس هجر، وَمَعْلُوم أَن الْجِزْيَة لَا تُؤْخَذ إلاَّ مِمَّن لَهُ كتاب أَو شُبْهَة كتاب، ثمَّ سَأَلت عَن هَذَا بعض عُلَمَاء أهل الْكتاب فَقَالَ: كَانَ من مَذْهَب الْقَوْم أَن من لَهُ زَوْجَة لَا يجوز لَهُ أَن يتَزَوَّج إلاَّ أَن يهْلك زَوجهَا، فَلَمَّا علم إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، هَذَا قَالَ: هِيَ أختى، كَأَنَّهُ قَالَ: إِن كَانَ الْملك عادلاً، فَخَطَبَهَا مني أمكنني دَفعه، وَإِن كَانَ ظَالِما تخلصت من الْقَتْل، وَقيل: إِن النُّفُوس تأبى أَن يتَزَوَّج الْإِنْسَان بِامْرَأَة وَزوجهَا مَوْجُود، فَعدل، عَلَيْهِ السَّلَام، عَن قَوْله: زَوْجَتي، لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى قَتله أَو طرده عَنْهَا، أَو تَكْلِيفه لفراقها. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: قيل: إِن من سيرة هَذَا الْجَبَّار أَنه لَا يغلب الْأَخ على أُخْته وَلَا يَظْلمه فِيهَا، وَكَانَ يغلب الزَّوْج على زَوجته. وَالله أعلم.
قال في الفتح : وَفِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ أَنَّهُ قَالَ لَهَا إِنَّ هَذَا الْجَبَّارَ إِنْ يَعْلَمْ أَنَّكِ امْرَأَتِي يَغْلِبْنِي عَلَيْكِ فَإِنْ سَأَلَكِ فَأَخْبِرِيهِ أَنَّكِ أُخْتِي وَإِنَّكِ أُخْتِي فِي الْإِسْلَامِ فَلَمَّا دَخَلَ أَرْضَهُ رَآهَا بَعْضُ أَهْلِ الْجَبَّارِ فَأَتَاهُ فَقَالَ لَقَدْ قَدِمَ أَرْضَكَ امْرَأَةٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ إِلَّا لَكَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا الْحَدِيثَ...
قال : وَاخْتُلِفَ فِي السَّبَبِ الَّذِي حَمَلَ إِبْرَاهِيمَ عَلَى هَذِهِ الْوَصِيَّةِ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ الظَّالِمَ يُرِيدُ اغْتِصَابهَا عَلَى نَفْسِهَا أُخْتًا كَانَتْ أَوْ زَوْجَةً فَقِيلَ كَانَ مِنْ دِينِ ذَلِكَ الْمَلِكِ أَنْ لَا يَتَعَرَّضَ إِلَّا لِذَوَاتِ الْأَزْوَاجِ كَذَا قِيلَ وَيَحْتَاجُ إِلَى تَتِمَّةٍ وَهُوَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ أَرَادَ دَفْعَ أَعْظَمِ الضَّرَرَيْنِ بِارْتِكَابِ أَخَفِّهِمَا وَذَلِكَ أَنَّ اغْتِصَابَ الْمَلِكِ إِيَّاهَا وَاقِعٌ لَا مَحَالَةَ لَكِنْ إِنْ عَلِمَ أَنَّ لَهَا زَوْجًا فِي الْحَيَاةِ حَمَلَتْهُ الْغَيْرَةُ عَلَى قَتْلِهِ وَإِعْدَامِهِ أَوْ حَبْسِهِ وَإِضْرَارِهِ بِخِلَافِ مَا إِذَا عَلِمَ أَنَّ لَهَا أَخًا فَإِنَّ الْغَيْرَةَ حِينَئِذٍ تَكُونُ مِنْ قِبَلِ الْأَخِ خَاصَّةً لَا مِنْ قِبَلِ الْمَلِكِ فَلَا يُبَالِي بِهِ وَقِيلَ أَرَادَ إِنْ عَلِمَ أَنَّكِ امْرَأَتِي أَلْزَمَنِي بِالطَّلَاقِ -
وهو نفس كلام القسطلاني - وَالتَّقْرِيرُ الَّذِي قَرَّرْتُهُ جَاءَ صَرِيحًا عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ فِيمَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي تَفْسِيرِهِ مِنْ طَرِيقِهِ وَقِيلَ كَانَ مِنْ دِينِ الْمَلِكِ أَنَّ الْأَخَ أَحَقُّ بِأَنْ تَكُونَ أُخْتُهُ زَوْجَتَهُ مِنْ غَيْرِهِ فَلِذَلِكَ قَالَ هِيَ أُخْتِي اعْتِمَادًا عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ الْجَبَّارُ فَلَا يُنَازِعُهُ فِيهَا وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَقَالَ هِيَ أُخْتِي وَأَنَا زَوْجُهَا فَلِمَ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ هِيَ أُخْتِي وَأَيْضًا فَالْجَوَابُ إِنَّمَا يُفِيدُ لَوْ كَانَ الْجَبَّارُ يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا لَا أَنْ يَغْتَصِبَهَا نَفْسَهَا وَذَكَرَ الْمُنْذِرِيُّ فِي حَاشِيَةِ السُّنَنِ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّهُ كَانَ مِنْ رَأْيِ الْجَبَّارِ الْمَذْكُورِ أَنَّ مَنْ كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً لَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يَقْتُلَ زَوْجَهَا فَلِذَلِكَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ هِيَ أُخْتِي لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ عَادِلًا خَطَبَهَا مِنْهُ ثُمَّ يَرْجُو مُدَافَعَتَهُ عَنْهَا وَإِنْ كَانَ ظَالِمًا خَلَصَ مِنَ الْقَتْلِ وَلَيْسَ هَذَا بِبَعِيدٍ مِمَّا قَرَّرْتُهُ أَولا وَهَذَا أَخذ من كَلَام بن الْجَوْزِيِّ فِي مُشْكِلِ الصَّحِيحَيْنِ فَإِنَّهُ نَقَلَهُ عَنْ بَعْضِ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَجَابَ بِهِ.
قلت: فالظاهر أن الشيخ اغتر بقول الحافظ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ أَرَادَ دَفْعَ أَعْظَمِ الضَّرَرَيْنِ بِارْتِكَابِ أَخَفِّهِمَا وَذَلِكَ أَنَّ اغْتِصَابَ الْمَلِكِ إِيَّاهَا وَاقِعٌ لَا مَحَالَةَ لَكِنْ إِنْ عَلِمَ أَنَّ لَهَا زَوْجًا فِي الْحَيَاةِ حَمَلَتْهُ الْغَيْرَةُ عَلَى قَتْلِهِ وَإِعْدَامِهِ أَوْ حَبْسِهِ وَإِضْرَارِهِ ... لكن يقال أن جميع ما ذكر احتمالات لا سبيل إلي ترجيح بعضها على بعض بله القطع ببعضها ، ومع تعدد الاحتمال يسقط تعين الاستدلال ؛ هذا إذا سلمنا أن شرع من قبلنا شرع لنا ، والمقطوع به أنه إذا خالف شرعنا فليس شرعا لنا .
وفي الموسوعة الفقهية : "وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الدِّفَاعَ عَنِ الْعِرْضِ بِمَعْنَى الْبُضْعِ وَاجِبٌ، فَيَأْثَمُ الإْنْسَانُ بِتَرْكِهِ، قَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ:؛ لأِنَّهُ لاَ سَبِيل إِلَى إِبَاحَتِهِ، وَسَوَاءٌ بُضْعُ أَهْلِهِ أَوْ غَيْرِهِ، وَمِثْل الْبُضْعِ مُقَدِّمَاتُهُ
وَقَال الْفُقَهَاءُ: مَنْ وَجَدَ رَجُلاً يَزْنِي بِامْرَأَتِهِ فَقَتَلَهُ فَلاَ قِصَاصَ عَلَيْهِ وَلاَ دِيَةَ، لِقَوْل عُمَرَ لِمَنْ وَجَدَ رَجُلاً بَيْنَ فَخِذَيِ امْرَأَتِهِ فَقَتَلَهُ: إِنْ عَادُوا فَعُدْ.
وَاخْتَلَفُوا فِي الدِّفَاعِ عَنِ النَّفْسِ وَالْمَال، فَقَال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ بِوُجُوبِ الدِّفَاعِ عَنِ النَّفْسِ، وَجَوَازِهِ عَنِ الْمَال. وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ بِالْجَوَازِ فِي الصُّورَتَيْنِ"
وهذا يدل على تفريقهم بين العرض والمال ، خلافا لتسوية الشيخ بينهما . بل ظاهر صنيعهم أنهم يقدمون الدفاع عن العرض على الدفاع عن النفس لاتفاقهم على وجوب الأول واختلافهم في الثاني. ويؤكده ما في المجموع : من قصده رجل في نفسه أو ماله أو أهله بغير حق فله أن يدفعه لما روى سعيد بْنُ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (من قاتل دون أهله أو ماله فقتل فهو شهيد) وهل يجب عليه الدفع؟ ينظر فيه فإن كان في المال لم يجب لأن المال يجوز إباحته، وإن كان في أهله، وجب عليه الدفع لأنه لا يجوز إباحته، وان كان في النفس ففيه وجهان:
(أحدهما) أنه يجب عليه الدفع لقوله عز وجل (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)
والثاني: أنه لا يجب، لأن عثمان رضى الله عنه لم يدفع عن نفسه، ولأنه ينال به الشهادة إذا قتل فجاز له ترك الدفع لذلك.
هذا مع أن علماء فقه المقاصد يقدمون في الترتيب العام للضروريات حفظ النفس على حفظ النسل ( أو العرض)
وهنا إشكال وهو : أن حد الزنا جاء لحفظ النسل من جانب العدم غير أن هذا الحد يصل في حالة الزاني المحصن إلى الإخلال ببقاء النفس ، إذ أمر الشرع برجمه حتى الموت ، وهذا يعني أننا نقتل نفسا ليس للحفاظ على النفس ، ولا للحفاظ على أعلى منها وهو الدين ، وإنما لمنزلة أقل وهي النسل ، والجواب أن المحصن لما خبر مواطن الضعف في حصون العفة ، وكان أقدر على هتك الحرمات بوسائل الخداع التي عرفها – من جهة – ومن جهة أخرى لما كان لهيب الشهوة عنده ممكن الإطفاء على قرب ، كان إقدامه على الزنا عندئذ يحمل معنى محاربة الشرع جهارا نهارا، مما جعله يواجه ضروري الدين ، حيث منع إشاعة الفاحشة في المجتمع لذا استوجب التشديد في عقوبته كي لا يستهتر بضروريات لدين ، إذن رجمه ليس لمجرد الزنا بل ولمعاندة الدين أيضا . قاله أ. د. بشير الكبيسي . وإذا كان ذلك كذلك فإن محاولة اغتصاب المرأة أشد وأنكى من مجرد زنا المحصن ، ومن ثم استبيح لمنعه إتلاف النفس في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (( وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ )) [رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح ))]
والعز لم يقل بالوجوب مطلقا؛ إنما جاء كلام العز في سياق حديثه عن تقديم الفاضل على المفضول، وليس الواجب على المندوب، وضرب له أمثلة، قال في المثال السابع عشر: "إذَا وَجَدَ مَنْ يَصُولُ عَلَى بُضْعٍ مُحَرَّمٍ، وَمَنْ يَصُولُ عَلَى عُضْوٍ مُحَرَّمٍ أَوْ نَفْسٍ مُحَرَّمَةٍ أَوْ مَالٍ مُحَرَّمٍ، فَإِنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَ حِفْظِ الْبُضْعِ وَالْعُضْوِ وَالْمَالِ وَالنَّفْسِ، جَمَعَ بَيْنَ صَوْنِ النَّفْسِ وَالْعُضْوِ وَالْبُضْعِ وَالْمَالِ لِمَصَالِحِهَا، وَإِنْ تَعَذَّرَ الْجَمْعُ بَيْنَهَا، قَدَّمَ الدَّفْعَ عَنْ النَّفْسِ عَلَى الدَّفْعِ عَنْ الْعُضْوِ، وَقَدَّمَ الدَّفْعَ عَنْ الْعُضْوِ عَلَى الدَّفْعِ عَنْ الْبُضْعِ وَقَدَّمَ الدَّفْعَ عَنْ الْبُضْعِ عَلَى الدَّفْعِ عَنْ الْمَالِ". قواعد الأحكام.
يضاف إلى هذا أن كلام العز مطلق عام ليس له سياق معين، أما كلام الدكتور ياسر فله سياق لا يسوغ إهماله ، ولا يصح أن تصاغ الفتاوى في السياق المصري الذي نحياه بهذا الشكل، دون النظر في العواقب والمآلات ومراعاة حال المخاطبين والشيخ يعلم هذا جيدا ، وقد أجمع الأصوليون أن سياق الفتوى يجب أن يعتبر وإلا يكون إهماله استنباتًا للفقه في الهواء، واستصدارًا للفتوى في الفراغ. –
وفي مجموع الفتاوي لابن تيمية : في " الصَّائِلُ " وَهُوَ الظَّالِمُ بِلَا تَأْوِيلٍ وَلَا وِلَايَةٍ : فَإِذَا كَانَ مَطْلُوبُهُ الْمَالَ جَازَ دَفْعُهُ بِمَا يُمْكِنُ فَإِذَا لَمْ يَنْدَفِعْ إلَّا الْقِتَالُ قُوتِلَ وَإِنْ تَرَكَ الْقِتَالَ وَأَعْطَاهُمْ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ جَازَ وَأَمَّا إذَا كَانَ مَطْلُوبُهُ الْحُرْمَةَ - مِثْلَ أَنْ يَطْلُبَ الزِّنَا بِمَحَارِمِ الْإِنْسَانِ أَوْ يَطْلُبَ مِنْ الْمَرْأَةِ أَوْ الصَّبِيِّ الْمَمْلُوكِ أَوْ غَيْرِهِ الْفُجُورَ بِهِ ؛ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ بِمَا يُمْكِنُ وَلَوْ بِالْقِتَالِ وَلَا يَجُوزُ التَّمْكِينُ مِنْهُ بِحَالِ ؛ بِخِلَافِ الْمَالِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ التَّمْكِينُ مِنْهُ ؛ لِأَنَّ بَذْلَ الْمَالِ جَائِزٌ وَبَذْلَ الْفُجُورِ بِالنَّفْسِ أَوْ بِالْحُرْمَةِ غَيْرُ جَائِزٍ .
ثم يقال مالسبيل إلى القطع بحصول القتل بسبب المدافعة ؟!!!
(زدت: وهل من تغتصب زوجه في حالة تسمح له بقياس تلك الاحتمالات و الترجيح بينها؟)
وما نخشاه من وقوع القتل نخشى مقابله جرأة أهل الفسق إذا أمنوا المدافعة لمجرد ظهور قوتهم و رجوح بأسهم
وأخشى ما أخشاه أن يفهم من هذه الفتاوى شرعنة الذل والخنوع فيزداد الضعيف المظلوم ذلا وقهرا والفاجر الفاسق فسقا وفجورا. والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله .
--------------------------
انتهى كلام الشيخ أحمد العيسوي جزاه الله خيرا
تعليق