إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

. دُرُوسٌ في ( الطَّهَـارَة )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • . دُرُوسٌ في ( الطَّهَـارَة )

    سنقرأ ونستمِعُ معًا لدُرُوسٍ رائعةٍ في باب الطَّهارة.
    وهِيَ شَرحٌ لـ ( كتاب الطَّهارة ) مِن كتاب :
    [ منهج السَّالكين وتوضيح الفِقه في الدِّين ]
    للشيخ ( عبد الرَّحمَن بن ناصر السَّعديّ ) رَحِمَه اللهُ تعالى.

    أهـلاً بِكُم ()

    يتبع.





  • #2
    رد: . دُرُوسٌ في ( الطَّهَـارَة )

    :: الدَّرسُ الأوَّل ::
    . . . . . . .


    بدأ الشيخُ كلامَه بقوله:
    يقولُ عليه الصلاةُ والسَّلامُ: (( مَن يُرِد اللهُ به خيرًا يُفقِّهه في الدِّين ))
    رواه البُخاريُّ ومُسلِم.

    وهذا الحديثُ- أختي المُسلمة- منطُوقُه أنَّ الخيرَ حليفُ مَن تفقَّه في دِين اللهِ سُبحانه.
    فمَن أراد اللهُ به خيرًا، فقَّهَه في الدِّين.
    ومفهومُ هذا الحديثِ أنَّ مَن لم يُرِد اللهُ به خيرًا لا يُفقِّهه في الدِّين.

    فلهذا الفِقهُ في دِين اللهِ- جلَّ وعَلا- مِن أعظم الخِصال وأعظم الصِّفاتِ
    وأعظم العلوم التي ينبغي على المُسلِم أن يعتنيَ بها.

    ومِن أنفع الكُتُبِ التي أُلِّفَت في هذا الزمان المُتأخِّر في التَّفَقُّه في دِين اللهِ،
    هذا الكتابُ الذي نجتمِعُ عليه في هذا اليوم، بدءًا بالدرس الأول؛
    وهو [ مَنْهَجُ السَّالِكِينَ وتوضِيحُ الفِقهِ في الدِّين ] ، للعلَّامة السَّعدِيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى.
    وهو الشيخُ عبد الرَّحمَن بن ناصر بن عبد الله السَّعديّ،
    المولود سنة سَبعٍ وثلاثمائة وألفٍ للهِجرة،
    والمُتوفَّى سنة سِتٍّ وسبعين وثلاثمائة وألفٍ من هِجرة النبيِّ المُصطفى
    صلَّى اللهُ عليه وعلى آله وسلَّم.

    وهذا الكِتابُ الذي ألَّفَه الشيخُ السَّعديُّ [ مَنْهَجُ السَّالِكِين ] كِتابٌ مُختَصَرٌ في الفِقه.
    والعُلَماءُ ينصحون طالِبَ العِلم إذا بدأ في عِلمٍ من العلوم أن يبدأ مُتدِّرجًا،
    فيَدرسُ الشيءَ المُختَصَر، فإذا انتهى منه بدأ في التَّوَسُّعِ شيئًا فشيئًا.

    وهذه الطريقةُ- التي هِيَ التَّدَرُّجُ في طلب العِلم- هِيَ من الطرائق المسلوكة
    عند أهل العِلم قديمًا وحديثًا. وهِيَ طريقةُ الرَّبَّانيِّين الذين يُرَبُّون الناسَ بصِغار
    العِلم قبل كِباره. ومَن استعجل الشيءَ قبل أوانه، عُوقِبَ بحِرمانه.
    ولهذا تَجِدُ طالِبَ العِلم إذا أخذ يقرأ المُطَوَّلات، وهو لا يَعي هذه المُطَوَّلات،
    لا يَصِلُ إلى مقصوده الذي يُريدُه، وإنَّما يتأخَّرُ تأخُّرًا كثيرًا،
    ورُبَّما عاد عليه الأمرُ بكراهيةِ العِلم الشَّرعِيِّ والبُعد عنه أو عدم فَهمه للمسائل،
    مع أنَّه قرأ ودَرَسَ ونَظَرَ وتحرَّرَ عنده بعضُ الأشياء، ولكنَّه يُصبِحُ كالمُثَقَّف،
    ليس كطالب العلِم. في الشَّريعةِ يعرفُ بعضَ المسائل ويَخفَى عليه أدِلَّتُها،
    ورُبَّما يَعرفُ المسألةَ بدليلها، لكنْ لا يستطيعُ أن يقيسَ عليها مسائلَ أخرى.
    السَّبَبُ في ذلك هو: الخطأ في منهجيَّةِ طلبه للعِلم الشَّرعيِّ.

    وهذا الكِتابُ النَّافِعُ، سنسلُكُ فيه- إن شاء الله- مَسْلَكَ الاختصار
    الذي قَصَدَه المُؤلِّفُ رَحِمَه اللهُ تعالى.



    تعليق


    • #3
      رد: . دُرُوسٌ في ( الطَّهَـارَة )


      افتتحَ المُؤلِّفُ كِتابَهُ بخُطبةِ الحاجةِ؛

      التي كان النبيُّ- صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم- يفتتِحُ بها كُتُبَه.

      قال أهلُ العِلم: إذا كَتَبَ الإنسانُ كِتابًا أو خَطَبَ خُطبةً،
      فلا بُدَّ أن يبدأ بجُملةٍ من الأمور. فمِن الأشياءِ التي يبتدِئُ بها:

      1- البَسْمَلَة.

      2- الحَمدُ والثَّناءُ على اللهِ سُبحانه وتعالى.

      3- يذكُرُ في خُطبتِهِ وفي بدايةِ افتتاحِيَّتِهِ الشَّهادةَ بأن لا إله إلَّا الله
      وأنَّ مُحمدًا رسولُ الله.

      4- وكذا يُصلِّي على النبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آلهِ وسلَّم.

      5- وكذلك يَختتِمُ افتتاحِيَّتَه بقوله: أمَّا بَعد.



      (الحَمْدُ): يقولُ العُلماءُ في تفسيره: هو وَصْفُ المحمود بصِفاتِ الكمال،
      مَحَبَّةً وتعظيمًا وإجلالاً. فإذا مَدَحتَ اللهَ- سُبحانه وتعالى- وَوَصفتَه بصِفاتِ
      الكمال مع مَحبَّتِكَ وتعظيمِكَ له، فإنَّكَ تكونُ قد حَمِدتَه أعظَمَ الحَمد.

      والفرقُ بين الحَمدِ والمَدْحِ أنَّ المَدْحَ لا يكونُ معه مَحَبَّةٌ ولا تعظيمٌ ولا إجلال،
      لا يقترِنُ به ذلك، فأنتَ تمدَحُ مَن تُحِبُّ وقد تَمدَحُ مَن لا تُحِبُّ،
      والحَمْدُ لا بُدَّ من اقترانه بالتَّعظيم.



      الاستعانةُ: هِيَ طَلَبُ العَون من اللهِ جَلَّ وعلا.



      الاستعاذَة: هِيَ طَلَبُ العَوْذِ واللجوءُ إلى اللهِ سُبحانه، والهروبُ من كُلِّ شيءٍ تخافُه،
      إلى مَن يَعصِمُكَ منه.

      والاستعاذةُ هُنا مِن شرور النَّفس معناها: الاستعاذةُ من أخلاقِها الرَّدِيَّة، وطبائِعِها،
      وأهوائِها.

      والاستعاذةُ من سيئاتِ الأعمال: أيْ من عواقِبِ ذلك، فالإنسانُ قد يعملُ العملَ السِّيء،
      فتكونُ عاقبته الخَسارة في الدُّنيا والدَّمار والهلاك يوم القيامة.




      العِلْمُ: مَعرفةُ الحَقِّ بدليله.

      الفِقه: هو مَعرفةُ الأحكام الشَّرعيَّة الفرعيَّة بأدِلَّتِها من الكتاب والسُّنَّة.

      [ الفرعيَّة: المقصود بذلك أحكام الفِقه العَمليَّة؛ التي هِيَ الصلاة والطهارة وغير ذلك؛
      لأنَّ هناك الفِقه الأكبر، الذي هو "فِقه العَقيدة" ].

      الأحكامُ الشَّرعيَّة تُستَقَى وتُعرَف من أربعةِ أشياء [ وهِيَ الأدِلَّة الشَّرعيَّة ]:
      مِن الكتاب (وهو القُرآن)، ومِن السُّنَّة (يعني الصحيحة)، ومِن إجماع أهل العِلم،
      ومِن القِياس الصحيح (أن تُلحِقَ المسائل بَعضَها ببعضٍ بعد فَهمِكَ للأدلة الشرعية).



      الأحكامُ الشرعيَّةُ الخَمْسة: الواجب - والحَرام - والمَكروه - والمَسنون - والمُباح.

      1- الواجِبُ: وهو ما أُثِيبَ فاعِلُه وعُوقِبَ تارِكُه (كالصَّلاة).
      والعُلماءً- رَحِمَهم اللهُ- يقولون في مِثل هذا التَّعريف إنَّه يَحتاجُ إلى بعض القيود.
      والأصَحُّ أن نقولَ: ما أُثِيبَ فاعِلُه امتثالاً، وما يُذَمُّ تارِكُه أو ما يُتَوَعَّدُ تارِكُه بالعِقاب.

      2- الحَرامُ: ما أُثِيبَ تارِكُه، وعُوقِبَ فاعِلُه. أو نقولُ بعِبارةٍ أوضح: ما أُثِيبَ
      تارِكُه امتثالاً (يعني مَن تَرَكَ الحرامَ امتثالاً لأمر اللهِ وطاعةً لله)، وعُوقِبَ
      فاعِلُه أو وُضِعَ له الحَدُّ.

      3- المَكروه: ما أُثِيبَ تارِكُه ولم يُعاقَب فاعِلُه. نقولُ أيضًا: ما أُثِيبَ تارِكُه
      امتثالاً أو قَصْدًا.

      = الفرقُ بين المَكروه والحَرام: أنَّ الحَرامَ مَن فعلَه فهو مذموم،
      وأمَّا المَكروه فإنَّه لا يترتَّبُ عليه أو على فِعلهِ إثمٌ.

      4- المَسنون أو المُستَحَبُّ: هو ضِدُّ المَكروه؛ يعني نقولُ فيه: ما أُثِيبَ فاعِلُه
      امتثالاً ولم يُعاقَب تارِكُه.

      5- المُباح: الذي فِعْلُه وتَركُه على حَدٍّ سواء.


      تعليق


      • #4
        رد: . دُرُوسٌ في ( الطَّهَـارَة )

        يقولُ العُلماءُ: العُلومُ منها ما هو واجِبٌ وجوبًا عينيًّا
        (يعني: على كُلِّ مُسلِمٍ ومُسلِمةٍ أن يتعلَّمَه)،
        والمُرادُ به: العاقِل، البالِغ، الذي كلَّفَه اللهُ- سُبحانه وتعالى- بالشَريعة.

        العلومُ الواجِبُ عليه تعلُّمُها مِثل: مَعرفةُ ما يُصَحِّحُ به عقيدتَه،
        ومَعرفةُ ما يُصَحِّحُ به عِبادتَه وتَسلَمُ به مُعاملاتُه؛ كيف يُصلِّي،
        كيف يصوم، إذا كان من أصحاب المال كيف يُزكِّي،
        إذا كان من أصحاب التِّجارة كيف يتعاملُ مع الناس ويبتعِدُ عن الرِّبا،
        إذا أراد العُمرةَ كيف يعتمِر. كذلك يتعلَّمُ ما لا يَسَعُه جَهْلُه،
        مِثل: التَّوحيد والعقيدة الصحيحة، ويَجِبُ عليه أن يعرفَ الشِّركَ؛
        حتى يَحذَرَه ويبتعِدَ عنه.

        وهناك مِن العلوم ما هو فَرْضُ كِفايةٍ، إذا قام به بعضُ الناس سَقَطَ عن الآخَرين،
        ليس بواجِبٍ على كُلِّ الناس، لكنْ يَجِبُ أن يُوجَدَ في الأُمَّةِ مَن يتعلَّمُ هذه العلوم؛
        كحِفظ القُرآن، وحِفظ الأحاديثِ، وتعلُّم الأصول الشرعيَّة من الفِقه والنَّحو واللغةِ
        والتصريف والإجماع والخِلاف، وهكذا سائر علوم الدِّين. وحتى بعض العلوم
        الدُّنيويَّة التي يَحتاجُها المُسلِمون؛ كعِلم الطِّبِّ والحِساب، فهذا فرضُ كِفايةٍ
        على المُسلمين.

        أمَّا التَّوسُّعُ في العلوم (فوق فرض الكِفاية)، فهذا مُستَحَبٌّ لِمَن وُجِدَ عنده الأهلِيَّةُ
        في ذلك، ويُسَمِّيه العُلماءُ بالنَّفْل.


        ~ كِتابُ الطَّهارَة ~


        كِتابُ الطَّهارة يَشتمِلُ على جُملةٍ من الأبواب الشَّرعيَّةِ،
        يتكلَّمُ فيه العُلماءُ عن أحكام المِياه؛ لأنَّها هِيَ التي يتطهَّرُ بها الإنسانُ.
        ويتكلَّمُ فيه العُلماءُ عن أحكام الآنية (الأواني)، وأحكام النَّجاسات،
        وأحكام الوضوء، وأحكام الاغتسال. ويتكلَّمُ فيه العُلماءُ عن التَّيَمُّم،
        وأحكام الحَيْض، وأحكام الاستحاضة.

        يقولُ العُلَماءُ: الطَّهارةُ هِيَ ارتفاعُ الحَدّثِ وزوالُ الخَبَثِ.

        فإذا أحدَثَ الإنسانُ وتوضَّأ، يُسمَّى مُتطهِّرًا.

        إذا أجنَبَ الإنسانُ (كان جُنُبًا) ثُمَّ اغتسل، يُقالُ تَطَهَّرَ (يعني من الجَنابة).

        فالحَدَثُ إذا ارتفع (ويَرتفِعُ بالوضوءِ أو الاغتسال)،
        يكونُ صاحِبُه حِينئذٍ مُتطهِّرًا الطَّهارةَ الشَّرعِيَّةَ.

        وزَوالُ الخَبَثِ: يعني زَوالُ النَّجاسةِ.

        إذا زالت النَّجاسةُ يُصبِحُ المكانُ طَهورًا،
        كما قال النبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: (( طُهورُ إناءِ أحدِكم إذا وَلَغَ- يعني
        شَرِبَ- فيه الكَلْبُ، أن يَغسِلَه سَبْعَ مَرَّاتٍ، أولاهُنَّ بالتُّراب )) رواه مُسلم.

        إذًا، الطَّهارةُ في الشَّرع تُطلَقُ على ارتفاع الحَدَثِ، وتُطلَقُ على زوال النَّجاسةِ.
        كذلك تُطلَقُ على ما هو في معنى ارتفاع الحَدَثِ، وما هو في معنى إزالةِ النَّجاسةِ؛
        مِثل: الذي يُجَدِّدُ الوضوءَ، كذلك المَرأةُ المُستحاضةُ التي يَجري عندها الدَّمُ دائِمًا
        يقولُ العُلَماءُ: تتوضَّأ لِكُلِّ صلاةٍ، حتى لو توضَّات ما يزالُ الدَّمُ موجودًا،
        يقولُ العُلَماءُ: لها حُكمُ الطَّاهِراتِ، فتتوضَّأ وتُسمَّى: امرأةً طَهُورًا،
        لها حُكمُ الطَّاهِراتِ، حتى وإنْ كان النَّجَسُ موجودًا في مَحَلِّهِ.

        فإذًا، الطَّهارةُ في الشَّرع تُطلَقُ على أربعةِ أشياء:
        - الأمرُ الأوَّلُ: ارتفاعُ الحَدَثِ.
        - الأمرُ الثَّاني: زوالُ الخَبَثِ.
        - الأمرُ الثَّالِثُ: ما هو في معنى ارتفاع الحَدَثِ (كتجديد الوضوءِ).
        - الأمرُ الرَّابِعُ: ما هو في معنى زوال النَّجاسةِ،
        (ومِثالُهُ: المَرأةُ المُستحاضةُ التي تتطهَّرُ لتَعبُدَ اللهَ جَلَّ وعَلا).

        تعليق


        • #5
          رد: . دُرُوسٌ في ( الطَّهَـارَة )

          والطَّهارةُ عند أهل العِلمِ طَهارتان: الطَّهارةُ الكُبرى، والطَّهارةُ الصُّغرى.

          = الطَّهارةُ الكُبرى: هِيَ طَهارةُ القلبِ مِن الغِلِّ والحَسَدِ، ومِن الاعتقادِ الفاسِدِ
          السَّيءِ. والمُتَفَقِّهُ والدَّارِسُ للفِقه يَحتاجُ إلى هذه الطَّهارةِ أعظم مِن حاجتِهِ إلى
          التَّطَهُّر بالماءِ.

          - شَهادةُ أن لا إله إلَّا الله: عِلْمُ العَبدِ واعتقادُه والتزامُه أنَّه لا يَستحِقُّ الأُلُوهِيَّةَ
          والعُبُودِيَّةَ إلَّا الله وَحدَه لا شَريكَ له، فيُوجِبُ ذلك على العَبدِ إخلاصَ جَميع
          العِبادةِ وجميع الدِّين للهِ تعالى، وأن تكونَ عِباداتُه الظَّاهِرةُ والباطِنةُ كُلُّها للهِ
          وَحدَه، وألَّا يُشرِكَ به شيئًا في جميع أمور الدِّين.

          وهذا الأصلُ- الذي هو الإخلاصُ وإفرادُ اللهِ بالعِبادةِ- دِينُ جميع المُرسلين وأتباعِهم،
          كما قال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا
          فَاعْبُدُونِ ﴾ الأنبياء/25. ما بَعَثَ اللهُ رسولاً إلَّا وكانت دَعوتُه قائِمةً على إفرادِ
          اللهِ بالعِبادةِ.

          - شَهادةُ أنَّ مُحمَّدًا رسولُ الله: أن يَعتقِدَ العَبدُ أنَّ اللهَ أرسلَ مُحمَّدًا- صلَّى الله
          عليه وآلِهِ وسلَّم- إلى جميع الثَّقَلَيْن الإنس والجِنِّ بشيرًا ونذيرًا، يَدعُوهم إلى توحِيدِ
          الله وطاعتِهِ؛ بتصديقِ خَبره، وامتثال أمره، واجتنابِ نَهيه، وأنَّه لا سعادةَ ولا صلاحَ
          في الدُّنيا والآخِرة إلَّا بالإيمان به وطاعته، وأنَّه يَجِبُ تقديمُ مَحَبَّتِهِ على مَحبَّةِ النَّفسِ
          والوَلَدِ والنَّاسِ أجمعين.



          = قاعِــدة: [ ما لا يَتِمُّ الواجِبُ إلَّا بِهِ فهو واجِب ].

          لا تَتِمُّ الصَّلاةُ إلَّا بالطَّهارةِ، إذًا الطَّهارةُ واجِبةٌ، والنبيُّ- صلَّى الله عليه وسلَّم-
          يقولُ: (( لا يَقبَلُ اللهُ صلاةً بغير طُهور )) رواه مُسلِم. يعني: بغير وضوءٍ
          أو بغير اغتسال.

          يقولُ المُؤلِّفُ في معنى الحَديثِ: مَن لم يتطهَّر مِن الحَدَثِ الأكبر والأصغر والنَّجاسةِ،
          فلا صلاةَ له.


          نفعني اللهُ وإيَّكم و بحول الله نلتقي مع الدرس الثاني و التكملة.

          انتظروني.

          تعليق


          • #6
            رد: . دُرُوسٌ في ( الطَّهَـارَة )

            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
            ما شاء الله
            جزاكم الله خيراً
            أختنا الفاضلة
            وفقكم الله لكل خير


            قال الحسن البصري - رحمه الله :
            استكثروا في الأصدقاء المؤمنين فإن لهم شفاعةً يوم القيامة".
            [حصري] زاد المربين فى تربية البنات والبنين


            تعليق


            • #7
              رد: . دُرُوسٌ في ( الطَّهَـارَة )

              بارك الله فيكم على المرور و الرد.
              لي تكملة بحول الله تعالى.

              تعليق


              • #8
                رد: . دُرُوسٌ في ( الطَّهَـارَة )

                :: الدَّرسُ الثَّانِي ::
                . . . . . . . .


                البابُ الأوَّلُ: بابُ المِياه:

                يقولُ العُلَماءُ: شُرُوطُ الصَّلاةِ تِسعة؛ وهِيَ: الإسلامُ، العقلُ، التَّمييزُ، الطَّهارةُ،
                إزالةُ النَّجاسةِ، دُخُولُ الوقتِ، سَترُ العَوْرَةِ، استقبالُ القِبْلَةِ، النِّيَّة.



                أقسامُ المِياه- كما ذَكَرَ المُؤلِّفُ رَحِمَه الله- قِسمان:
                - القِسمُ الأوَّلُ: الماءُ الطَّهور.
                - القِسمُ الثَّاني: الماءُ النَّجِس.

                = حُكمُ الماءِ الطَّهور: أنَّه يُرفَعُ به الحَدَثُ، ويُزالُ به النَّجاسةُ والخَبَثُ.

                = حُكمُ الماءِ النَّجِس: لا يَجوزُ استعمالُه في الوضوءِ، ولا في الاغتسال،
                ولا في إزالةِ النَّجاساتِ، ولا يُنتَفَعُ به.



                = ما هو الماءُ الطَّهور؟
                يقولُ العُلَماءُ في بَسْطِهِ: هو الماءُ الباقي على أصل خِلْقَتِهِ لم يتغيَّر،
                مِثل: ماء الأمطار، وماء العيون والآبار والأنهار والأودِيَة، وكذلك الثُّلُوج
                الذائِبة، ومنه أيضًا: ماء البحر- وإنْ كان مالِحًا- فإنَّ النبيَّ- صلَّى الله عليه
                وسلَّم- لَمَّا سُئِلَ عنه، قال: (( هو الطَّهورُ ماؤه، الحِلُّ مَيْتَتُه )) رواه البُخاريُّ.
                فقولُه: (( هو الطَّهورُ ماؤه )): معناه هو الماءُ الطَّهورُ الذي يُمكنُ للإنسان
                أن يتطَهَّرَ به، وهو مُطَهِّرٌ لغيره، يُرفَعُ به الحَدَثُ، وتُزالُ به النَّجاسة.

                ومِن الماءِ الطَّهور أيضًا: ماءُ زَمْزَم؛ فإنَّه ماءٌ طَهورٌ مُبارك،
                وقد ثَبَتَ عن عليٍّ- رَضِيَ الله عنه- أنَّ رسولَ الله- صلَّى الله عليه وآلِهِ
                وسلَّم- توضَّأ مِن ماءِ زَمْزَم. فوضوءُ النبيِّ- صلَّى الله عليه وسلَّم- مِن ماءِ
                زَمْزَم يَدُلُّ على أنَّه ماءٌ يُمكنُ أن يتوضَّا به المُسلِمُ، ويُمكنُ أن يَرفَعَ به الحَدَثَ
                عن نفسه، فهو مِثلُه مِثل الماءِ الطَّهور المُستعمَل. لكنْ العُلَماءُ يقولون:
                لا ينبغي استعمالُ ماءِ زَمْزَم في إزالةِ النَّجاسةِ إذا وُجِدَ ماءٌ غيرُه؛
                لِمَا جاء عن ابن عَبَّاسٍ وعن أبيه العَبَّاس بن عبد المُطلب- رَضِيَ الله
                عنهما- أنَّهما قالا: ‹‹ لا أُحِلُّها- أيْ ماء زَمْزَم- لمُغتسِلٍ يَغتسِلُ في المَسجد،
                وهِيَ لشاربٍ ومُتوضِّئٍ حِلٌّ وبِلٌّ ››. حِلٌّ: يعني حلال، وبِلٌّ: يعني شافٍ.
                فالأفضلُ الاقتصارُ على ذلك. ولكنْ إذا لم يَجِد الإنسانُ ماءً إلَّا ماءَ زَمْزَم،
                فله أن يتوضَّأ منه، وله أن يَغتسِلَ، وله أن يُزيلَ به النَّجاسة.

                ويَدخُلُ في الماءِ الطَّهور أيضًا: الماءُ الذي خالَطَه شيءٌ طاهِرٌ،
                فلم يَغلِب عليه، كالصابون، أو بعض أوراق الشَّاي.

                قال العُلَماءُ: فإنْ غَلَبَ هذا الشيءُ الطَّاهِرُ على الماءِ حتى تغيَّرَ تغيُّرًا كاملاً،
                فحِينئذٍ لا يكونُ لهذا الماءِ حُكمُ الطَّاهِراتِ ؛ لأنَّه تغيَّرَ. وضابِطُ ذلك:
                أنَّ النَّاظِرَ إلى هذا الماءِ لا يُسمِّيه ماءً، يقولُ: هذا شاي، أو يقولُ: هذا مَرَق،
                أو يقولُ: هذا صابونٌ خُلِطَ بالماءِ، أو نحو ذلك. فيَخرُجُ عن مُسمَّى الماءِ.

                إذًا، الماءُ إذا خالَطَه شيءٌ طاهِرٌ، إمَّا أن يَغلِبَ هذا الطَّاهِرُ عليه، وإمَّا ألَّا يَغلِبَ.
                فإنْ غَلَبَ عليه فَخَرَجَ عن مُسمَّى الماءِ، فأصبح يُسمَّى شيئًا آخَر، فحِينئذٍ لا
                يَصلُحُ أن يُستعمَلَ في الطَّهارةِ، وإنْ لم يَغلِب عليه وظهر فيه بَعضُ التَّغيُّر
                في الطَّعم أو في الَّلون أو في الرِّيح، لكنْ لا زالَ يُسمَّى ماءً، فله حُكمُ الماءِ
                الطَّهور.

                ودليلُ هذه المسألةِ: قولُ النبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم:
                (( إنَّ الماءَ طَهورٌ لا يُنجِّسُه شيءٌ )) صحيح الجامع؛ يعني إذا لم يتغيَّر.

                يقولُ العُلَماءُ أيضًا: مِن الماءِ الطَّهور: الماءُ المُتغيِّرُ بطُول المُكْثِ،
                وهذا هو الماءُ الموجودُ في البَراري وفي الفَلَواتِ، إذا وُجِدَت بَعضُ البِرَكِ فيها
                بَعضُ الطَّحالِبِ أو سَقَطَ فيها بَعضُ أوراق الشَّجر، فحَصَلَ لها شيءٌ مِن التَّغيُّر
                بسبب المُكثِ في المكان، فهذا لا يُؤثِّر، وهذا بإجماع أهل العِلم.

                ومعنى قولنا ( لا يُؤثِّر ) : يعني أنَّ المُسلِمَ إذا لم يَجِد إلَّا هذا الماء،
                فيَجِبُ عليه أن يتوضَّأ منه، أو أن يَغتسِلَ منه، وألَّا يُصلِّيَ بغير طَهارةٍ بهذا
                الماءِ. فهذا الماءُ يُعتَبَرُ من الماءِ الطَّهور.

                وكذلك مِن الماءِ الطَّهور: الماءُ المُستعمَلُ في طَهارةٍ. فإذا توضَّأ الإنسانُ
                مِن إناءٍ أو اغتسل مِن إناءٍ، وتناثرَ الماءُ الذي يَغتسِلُ به في إناءٍ مِن
                الأواني، ولم يَكُن عند المُسلِم إلَّا هذا الماء، فإنَّ هذا الماءَ طَهورٌ؛
                لأنَّه لم يتغيَّر.


                تعليق


                • #9
                  رد: . دُرُوسٌ في ( الطَّهَـارَة )

                  والخُلاصَةُ: أنَّ القاعِدةَ في بابِ المِياه أنَّ الماءَ طَهور،
                  الأصلُ في الماءِ الطَّهارة، إلَّا إذا تغيَّرَ. فإذا تغيَّرَ بشيءٍ طاهِرٍ،
                  وأصبح لا يُقالُ له ماء، فحِينئذٍ يأخُذُ حُكمَ الشيء الذي انتقل إليه،
                  يُقالُ: ذلك شاي أو عصير. وإنْ تغيَّرَ بشيءٍ نَجِسٍ أصبح نَجِسًا،
                  وهذا هو النَّوعُ الثاني مِن أنواع المِياه.

                  إذا وقعت نَجاسةٌ في الماءِ، إمَّا أن تُغيِّرَه، وإمَّا أن لا تُغيِّرَه،
                  فإنْ غَيَّرت طَعمَه أو لَونَه أو رِيحَه أصبح نَجِسًا،
                  وإنْ لم تُغيِّره فالصحيحُ أنَّه طَهورٌ، وأنَّه باقٍ على الأصل، وهو الطَّهارة،
                  ودليلُ ذلك حَديثُ: (( إنَّ الماءَ طَهورٌ لا يُنجِّسُه شيءٌ )) صحيح الجامع.

                  ولهذا يُعطينا المُؤلِّف- رَحِمَه الله تعالى- قاعِـدةً فِقهِيَّةً مُهِمَّةً جِدًّا،
                  فيقولُ: [ والأصلُ في الأشياءِ الطَّهارةُ والإباحةُ ].

                  نستفيدُ مِن هذه القاعِدةِ أنَّ الذي يقولُ: إنَّ الشيءَ الفُلانِيَّ نَجِسٌ،
                  هو الذي يَلزَمُه أن يأتِيَ بالدليل. فإذا قال الإنسانُ: هذا الشيءُ طاهِرٌ،
                  إذًا هذا هو الأصل، لا يُقالُ له: ما الدليل؟ لأنَّ الأصلَ الطَّهارة.
                  فإذا قال قائِلٌ: الكَلْبُ نَجِسٌ، يُقالُ له: ما الدليلُ على النَّجاسةِ؟
                  فيقولُ: قولُ النبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: (( طُهورُ إناءِ أحدِكم إذا وَلَغَ فيه
                  الكَلْبُ، أن يَغسِلَه سَبعَ مراتٍ ))
                  رواه مُسلم.

                  وهكذا الأصلُ في الأشياءِ الإباحة، فكُلُّ شيءٍ مُباحٌ لابن آدم،
                  قال الله تعالى: (( هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا )) البقرة/29.
                  إذًا، اللهُ سُبحانه وتعالى أباح للإنسان كُلَّ ما في الأرض.
                  فإذا جاءنا إنسانٌ وقال: هذا الزَّرعُ مُحرَّمٌ غيرُ مُباحٍ،
                  نقولُ له: ما الدليلُ على ذلك؟ إذًا لا بُدَّ من دليل.
                  فالأشياءُ النَّجِسةُ قليلةٌ بالنسبةِ للأشياءِ الطَّاهِرة،
                  والأشياءُ النَّجِسةُ مَعدودةٌ في كُتُب الفِقه، ولها أدِلَّتُها،
                  وهكذا الأشياءُ المُحرَّمة مَعدودةٌ ومَعروفةٌ،
                  والمُباحُ شيءٌ كثيرٌ أباحه الله سُبحانه.
                  وهذا إنْ دَلَّ على شيءٍ، يَدُلُّ على عَظمةِ هذه الشريعةِ المُطَهَّرة.

                  تعليق

                  يعمل...
                  X