حكم إطلاق اللحية في الظروف المعاصرة (في مصر)
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن تولاه وبعد:
فقد كثر في الآونة الأخيرة سؤال الشباب خاصة عن حكم حلق اللحية فجمعت في ذلك بعض اقوال أهل العلم وبخاصة الصادرة عن لجان الفتوى في المملكة و غيرها...
ثم ظهر كلام الشيخ محمد عبد المقصود يقول بالجواز تحصيلا لمصلحة أرجح،
ثم ظهر كلام الشيخ الحويني بعدم الجواز.
فاستعنت بالله وصغت هذا المختصر لتوضيح سبب الاختلاف في مخرج الفتوى بين العلماء في هذا الأمر.
قلت مستعينا بالله:
توضيح لا بد منه
(في الفرق بين الحكم العام والفتوى الخاصة بشخص معين )
(اللحية مثالا)
فإذا سأل أحدهم عن حكم اللحية في الشريعة قلنا فيها خلاف و القول بتحريم حلق اللحية هو رأي جماهير أهل العلم، بل نقل بعض العلماء الإجماع على حرمة ذلك،
فقد قال ابن حزم في مراتب الإجماع: اتفقوا أن حلق جميع اللحية مُثْلة لا تجوز. مراتب الإجماع.
وقال أبو الحسن ابن القطان المالكي: واتفقوا أن حلق اللحية مُثْلَة لا تجوز. الإقناع في مسائل الإجماع.
وقال الإمام ابن عبد البر المالكي في التمهيد: يحرم حلق اللحية.
وقال الشيخ علي محفوظ من علماء الأزهر: وقد اتفقت المذاهب الأربعة على وجوب توفير اللحية وحرمة حلقها. الإبداع في مضار الابتداع.
وهكذا ينقل الحكم ومن قال به لتوكيد الفتوى من القرآن والسنة ثم الإجماع.
فالحكم العام أو الفتوى العامة تعم كافة أفراد المجتمع
ولكن قد تعرِض لأحدهم ظروف خاصة في أمور دينه ودنياه يحتاج فيها إلى فتوى تخصه، وعلى من احتاج ذلك أن يسأل من يثق به ويعلمه ومن تطمئن نفسه له من أهل العلم لقوله تعالى: (فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (النحل: من الآية43).
وقد قررت قبلا في مسألة اللحية (ناقلا عن أهل العلم الثقات) أنه قد يجوز حلق اللحية في حالات معينة أو عارضة فإذا زال الضرر عاد الحكم لمره الأول وهو القول بتحريم حلق اللحية.
ولعل من يتابعني يذكر هذه الفتوى: وهي رد على من سأل عن حالة معينة (حوصر ويريد حلق لحيته) وهي فتوى خاصة مسطر معناها في كثير من كتب العلماء
قلت (أمين): إطلاق اللحية من الأوامر الشرعية الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم - وقد اختلف اهل العلم في حكم إطلاقها بين الوجوب والاستحباب (والقول بالوجوب اختياري)
فإذا تعارض أمر شرعي مع أمر شرعي آخر قدم الأولى منهما حسب الضرورة
فمن القواعد الشرعية المتفق عليها بين العلماء أن الضرورات تبيح المحظورات والضرورة تقدر بقدرها قال تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) فمن اندفعت ضرورته فهو مستطيع، و عليه أن يترك مازاد على حاجته.
فإن أكره على الفعل (وإن كان محرما - فعلا أو تركا) فعليه ان يراعي شروط الإكراه.
قال ابن قدامة - رحمه الله -: ومن شرط الإكراه ثلاثة أمور :
أحدها : أن يكون من قادرٍ .
الثاني : أن يغلب على ظنه نزول الوعيد به إن لم يجبه إلى ما طلبه .
الثالث : أن يكون مما يستضر به ضرراً كثيراً , كالقتل والضرب الشديد ، والقيد , والحبس الطويل ، فأما الشتم والسب فليس بإكراه ، وكذلك أخذ المال اليسير .
ثم قال: فأما الضرر اليسير فإن كان في حق من لا يبالي به : فليس بإكراه ، وإن كان في بعض ذوي المروءات على وجه يكون إخراقا بصاحبه (أي إهانةً) , وغضّاً له وشهرة في حقه فهو كالضرب الكثير في حق غيره .
ثم قال: وإن تُوُعِد بتعذيب ولده : فقد قيل : ليس بإكراه ؛ لأن الضرر لاحق بغيره ، والأولى : أن يكون إكراها ؛ لأن ذلك عنده أعظم من أخذ ماله ، والوعيد بذلك إكراه , فكذلك هذا .
وانظروا " المغني " ( 7 / 292 ) باختصار .
قلت (أمين): و هذا تأصيل لحكم عام بتقدير الضرورة وتقدير الإكراه أو الاستطاعة...
و إذا وجهنا هذا الكلام على واقعنا يمكن لنا حمل حلق اللحية عليه
وهو أمر معلق على القدرة والضرورة كغيره من الأوامر الشرعية وهو يختلف من شخص إلى آخر ومن بلد إلى أخرى...
كما أن الشريعة الإسلامية مبنية على رفع الحرج ودفع الضرر،(الضرر يزال) وهناك أولويات يقدم بعضها على بعض قال تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ { البقرة : 173}
وفي السنة المطهرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم". رواه مسلم.
وعلى هذا أفتى غير واحد من علماء المسلمين ولجان الفتوى بجواز حلق اللحية حفظا للنفس ولضرورة متحققة وأنه أهم من الحفاظ عليها حيث أن حفظ النفس من الضرورات الخمس المقدمة على غيرها لكون مصلحة حفظها والحالة هذه عورضت بمصلحة أعظم، فأخِذ بأعظم المصلحتين.
والله أعلم
وكتبه : أمين بن عباس = أبو أنس حادي الطريق
عفا الله عنه وعنكم
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن تولاه وبعد:
فقد كثر في الآونة الأخيرة سؤال الشباب خاصة عن حكم حلق اللحية فجمعت في ذلك بعض اقوال أهل العلم وبخاصة الصادرة عن لجان الفتوى في المملكة و غيرها...
ثم ظهر كلام الشيخ محمد عبد المقصود يقول بالجواز تحصيلا لمصلحة أرجح،
ثم ظهر كلام الشيخ الحويني بعدم الجواز.
فاستعنت بالله وصغت هذا المختصر لتوضيح سبب الاختلاف في مخرج الفتوى بين العلماء في هذا الأمر.
قلت مستعينا بالله:
توضيح لا بد منه
(في الفرق بين الحكم العام والفتوى الخاصة بشخص معين )
(اللحية مثالا)
فإذا سأل أحدهم عن حكم اللحية في الشريعة قلنا فيها خلاف و القول بتحريم حلق اللحية هو رأي جماهير أهل العلم، بل نقل بعض العلماء الإجماع على حرمة ذلك،
فقد قال ابن حزم في مراتب الإجماع: اتفقوا أن حلق جميع اللحية مُثْلة لا تجوز. مراتب الإجماع.
وقال أبو الحسن ابن القطان المالكي: واتفقوا أن حلق اللحية مُثْلَة لا تجوز. الإقناع في مسائل الإجماع.
وقال الإمام ابن عبد البر المالكي في التمهيد: يحرم حلق اللحية.
وقال الشيخ علي محفوظ من علماء الأزهر: وقد اتفقت المذاهب الأربعة على وجوب توفير اللحية وحرمة حلقها. الإبداع في مضار الابتداع.
وهكذا ينقل الحكم ومن قال به لتوكيد الفتوى من القرآن والسنة ثم الإجماع.
فالحكم العام أو الفتوى العامة تعم كافة أفراد المجتمع
ولكن قد تعرِض لأحدهم ظروف خاصة في أمور دينه ودنياه يحتاج فيها إلى فتوى تخصه، وعلى من احتاج ذلك أن يسأل من يثق به ويعلمه ومن تطمئن نفسه له من أهل العلم لقوله تعالى: (فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (النحل: من الآية43).
وقد قررت قبلا في مسألة اللحية (ناقلا عن أهل العلم الثقات) أنه قد يجوز حلق اللحية في حالات معينة أو عارضة فإذا زال الضرر عاد الحكم لمره الأول وهو القول بتحريم حلق اللحية.
ولعل من يتابعني يذكر هذه الفتوى: وهي رد على من سأل عن حالة معينة (حوصر ويريد حلق لحيته) وهي فتوى خاصة مسطر معناها في كثير من كتب العلماء
قلت (أمين): إطلاق اللحية من الأوامر الشرعية الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم - وقد اختلف اهل العلم في حكم إطلاقها بين الوجوب والاستحباب (والقول بالوجوب اختياري)
فإذا تعارض أمر شرعي مع أمر شرعي آخر قدم الأولى منهما حسب الضرورة
فمن القواعد الشرعية المتفق عليها بين العلماء أن الضرورات تبيح المحظورات والضرورة تقدر بقدرها قال تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) فمن اندفعت ضرورته فهو مستطيع، و عليه أن يترك مازاد على حاجته.
فإن أكره على الفعل (وإن كان محرما - فعلا أو تركا) فعليه ان يراعي شروط الإكراه.
قال ابن قدامة - رحمه الله -: ومن شرط الإكراه ثلاثة أمور :
أحدها : أن يكون من قادرٍ .
الثاني : أن يغلب على ظنه نزول الوعيد به إن لم يجبه إلى ما طلبه .
الثالث : أن يكون مما يستضر به ضرراً كثيراً , كالقتل والضرب الشديد ، والقيد , والحبس الطويل ، فأما الشتم والسب فليس بإكراه ، وكذلك أخذ المال اليسير .
ثم قال: فأما الضرر اليسير فإن كان في حق من لا يبالي به : فليس بإكراه ، وإن كان في بعض ذوي المروءات على وجه يكون إخراقا بصاحبه (أي إهانةً) , وغضّاً له وشهرة في حقه فهو كالضرب الكثير في حق غيره .
ثم قال: وإن تُوُعِد بتعذيب ولده : فقد قيل : ليس بإكراه ؛ لأن الضرر لاحق بغيره ، والأولى : أن يكون إكراها ؛ لأن ذلك عنده أعظم من أخذ ماله ، والوعيد بذلك إكراه , فكذلك هذا .
وانظروا " المغني " ( 7 / 292 ) باختصار .
قلت (أمين): و هذا تأصيل لحكم عام بتقدير الضرورة وتقدير الإكراه أو الاستطاعة...
و إذا وجهنا هذا الكلام على واقعنا يمكن لنا حمل حلق اللحية عليه
وهو أمر معلق على القدرة والضرورة كغيره من الأوامر الشرعية وهو يختلف من شخص إلى آخر ومن بلد إلى أخرى...
كما أن الشريعة الإسلامية مبنية على رفع الحرج ودفع الضرر،(الضرر يزال) وهناك أولويات يقدم بعضها على بعض قال تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ { البقرة : 173}
وفي السنة المطهرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم". رواه مسلم.
وعلى هذا أفتى غير واحد من علماء المسلمين ولجان الفتوى بجواز حلق اللحية حفظا للنفس ولضرورة متحققة وأنه أهم من الحفاظ عليها حيث أن حفظ النفس من الضرورات الخمس المقدمة على غيرها لكون مصلحة حفظها والحالة هذه عورضت بمصلحة أعظم، فأخِذ بأعظم المصلحتين.
والله أعلم
وكتبه : أمين بن عباس = أبو أنس حادي الطريق
عفا الله عنه وعنكم
تعليق