السؤال:
لقد نشأت في أسرة غير ملتزمة ولم أتعلم شيئا من الدين، ولكني والحمد لله أصلي وأحاول الإلتزام دائما، ولكني أشعر دوما بأني مقصرة وأتمنى أن أتمكن من أن أكون أفضل.
أحياناً أحقد على أهلي وأتمنى أن أكون ملتزمة منذ صغري، وعندما أقرأ شيئاً عن الغفران والتوبة أحزن كثيرا على نفسي، وأتمنى بأني لم أرتكب أخطاء في حياتي، فمثلا عندما قرأت بأن الذين يمرون في مرحلة المراهقة يظلهم الله في ظله، أتألم كثيرا لأني سأكون حينها بعيدة عن الله، ولكن لو أن أحدا من أهلي نصحني بالإلتزام وعلمني ديني ربما ما كنت لأخطأ، ولكن المهم الآن هو حاضري ومستقبلي.
فكيف أتمكن من أن أكون الفتاة الملتزمة القريبة من الله؟ وكيف أشعر بحب الله لي؟ أنا ملتزمة بالصلاة وقراءة القرآن واللباس الشرعي والأذكار، وماذا علي أن أفعل أيضا لأني فعلأ أريد التقرب أكثر من الله؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ كندا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يشرح صدرك، وأن ييسر أمرك، وأن يغفر ذنبك، وأن يستر عورتك، وأن يزيدك إيمانًا وصلاحًا وتقىً واستقامة، وأن يجعلك من الصالحات القانتات، وأن يُلحقك بمن يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك – أختي الكريمة الفاضلة – أحب أن أبشرك بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما الأعمال بالنيات وإنما كل امرئ ما نوى) فما دامت هذه نيتك وتلك كانت إرادتك فثقي وتأكدي أن الله لن يحرمك هذا الفضل ولن يحرمك هذا الأجر، ولعل الله تبارك وتعالى أن يمنّ عليك بأن تُدركي درجات أعلى من هذه الدرجات بهذه النية الحسنة مع الاستقامة الصادقة على منهج الله تعالى، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أنه عندما خرج للجهاد في سبيل الله في إحدى الغزوات خاصة في غزوة تبوك، قال: (إن بالمدينة أقوامًا ما سلكنا واديًا ولا نزلنا منزلاً ولا نلنا من عدوٍّ شيئًا إلا شاركونا في الأجر) لأن هؤلاء حبسهم العذر، وأنت أيضًا كذلك أختي الفاضلة (كندا) حبسك العذر بأنك لم تُتح لك الفرصة أن تكوني صالحة غاية الصلاح أو الصلاح الذي ينبغي أن يكون، ولا أن تكوني ملتزمة الالتزام الذي يتعين أن يكون عليه الإنسان المسلم، وهذا أمر خارج عن إرادتك، ولعل ظروف أهلك أيضًا لم تكن ميسّرة بالنسبة لهذا، فلعلهم خرجوا بحثًا عن لقمة العيش وعن الأرزاق وشُغلوا بالدنيا وحظهم كان قليلاً من العلم الشرعي، فلم ينتبهوا لأهمية هذا العلم ولا لأهمية الالتزام، وهذا مع الأسف الشديد حال الكثيرين من المهاجرين إلى بلاد المهجر، نجد أن تركيزهم يتمثل في الدنيا، وأن اهتماماتهم تنصب على جمع المال والثراء والحصول على الجنسية وغير ذلك، وقضية الدين قد تكون ضعيفة لدى السواد الأعظم منهم، فهذا قدر الله الذي قدره قبل خلق السماوات والأرض، وأنت الآن بارك الله فيك ينبغي عليك أن تركزي فعلاً كما ذكرت في رسالتك على الحاضر والمستقبل.
كيف تكونين فتاة ملتزمة؟ أنت تعلمين –ابنتي الكريمة الفاضلة– أنه كما ورد (العلم بالتعلم) فإذن الإلتزام يكمن أولاً على طلب العلم الشرعي الصحيح، فلا بد أن تكون لديك قاعدة علمية على الأقل بالمعلوم من الدين بالضرورة، حتى لا تقعي في تقصير في فرض فرضه الله عليك، ولا تقعي في محرم نهاك الله تبارك وتعالى عنه.
فإذن نركز بارك الله فيك على تعلم المعلوم من الدين بالضرورة، وهذا أولاً، فإن انتهينا من تعلم المعلوم من الدين بالضرورة من الممكن أن نتوسع في العلوم التي تعتبر من علوم الكفايات الشرعية، لا أقصد كفايات علوم دنيوية، وإنما أيضًا في علوم الشرعية، حتى تتضح أمامك صورة الإسلام العظيم، وتشعرين فعلاً من قلبك بمحبة الله تعالى لما أسداه لك من النعم وأسبغه عليك من العطايا والفضل، وتنكفين انكفافًا صادقًا عن المعاصي حياءً من الله تبارك وتعالى وليس خوفًا من أي شيء آخر. فإذن لا بد من طلب العلم الشرعي.
ثانيًا بارك الله فيك: الصحبة الصالحة، الصحبة الصالحة ضرورية جدًّا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بأن المرء على دين خليله، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامًا إلا تقي) فابحثي عن الصحبة الصالحة من أخواتك الملتزمات، وإني أعرف أن هناك كثيرًا من المراكز الإسلامية في أمريكا في غاية النشاط وغاية القوة، وأن هناك نشاطات لنساء مسلمات على مستوى من التميز حقًّا، بل لعل بعض الأخوات قد فقن الرجال في الإلتزام وفي طلب العلم الشرعي وفي المحافظة على الدين.
فأنا أقول: ابحثي عن الصحبة الصالحة من خلال المراكز الإسلامية المنتشرة في أنحاء أمريكا، وكذلك أيضًا المساجد المتواجدة، فاحرصي على أن تربطي نفسك بهذه المراكز وتلك المؤسسات، ومن خلال هذه المراكز وتلك المؤسسات سوف تتعرفين على الأخوات الصالحات اللاتي معهنَّ توفرين البيئة الصالحة بإذن الله جل جلاله.
ثالثًا: من الممكن أن تنخرطي أنت بنفسك في أعمال خدمية دعوية، لأن ذلك سوف يجعلك أكثر التزامًا عندما تكونين مسئولة عن بعض الأنشطة في بعض المساجد أو بعض المراكز، وهذا سيكون دافعًا وحافزًا لك أن تكوني في مقام القدوة والأسوة لأنك مسئولة عن الدعوة.
رابعًا: من الأمور التي تعين على ذلك بارك الله فيك: الدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يمنّ عليك بهذا الالتزام، ولذلك نحن نقرأ في الفاتحة في كل مرة نقرأها {اهدنا الصراط المستقيم} فالاستقامة تأتي من الله تبارك وتعالى بناء على الأسباب التي يسلكها العبد وُفق تقدير الله تعالى.
فعليك بارك الله فيك أيضًا بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يمنّ عليك بالالتزام والصلاح والاجتهاد في مزيد من الأنس به والقرب منه سبحانه وتعالى.
أيضًا اجعلي لك وردًا من القرآن الكريم تقرئينه يوميًا، وأنا أفضل أن تقرئي القرآن مع تفسيره، وإن كان تفسيرًا مبسطًا، حتى تعرفين مراد الله تبارك وتعالى وتعرفين المعاني العامة للآيات، فتتضح أمامك السورة بصورة أفضل، لأننا من الممكن أن نقرأ القرآن ولكننا لا نستطيع أن نحوله إلى واقع لعدم فهمنا لنصوصه العظيمة المباركة.
عليك كذلك بالإكثار من الاستغفار والصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأسأل الله تعالى أن ييسر الهدى إليك، وأن يقدر لك الخير حيثما كان.
هذا وبالله التوفيق.
منقوووووول
تعليق