المنهي الأول:
الخروج من المسجد بعد الآذان
عن أبي الشعثاء قال :" كنا قعوداً في المسجد مع أبي هريرة رضي الله عنه فأذن المؤذن , فقام رجل من المسجد يمشي فأتبعه أبو هريرة
رضي الله عنه
بصره حتى خرج من المسجد فقال أبو هريرة : أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلي الله عليه وسلم " رواه مسلم .
التعليق :
* استدل العلماء بهذا الحديث على أنه يحرم الخروج من المسجد بعد الأذان لمن تلزمه الصلاة إلا لعذر, ورجح بعض أهل العلم إلى أن النهي للكراهة ورجحه النووي .
* قال ابن عثيمين : " وعلى كل حال لا ينبغي أن يخرج حتى وإن كان يريد أن يصلي في مسجد آخر إلا لسبب شرعي مثل : أن يكون في المسجد الثاني جنازة يريد أن يصلي عليها أو يكون المسجد الثاني أحسن قراءة من المسجد الذي هو فيه أو ما أشبه ذلك من الأسباب الشرعية فهنا نقول لا بأس من أن يخرج ". أ.هـ
* قال صاحب تحفة الأحوذي :" يدل على أنه لا يجوز الخروج من المسجد بعدما أذن فيه , لكنه مخصوص بمن ليس له ضرورة ". أ.هـ
الخروج من المسجد بعد الأذان
الحمد لله الذي أتم علينا نعمته، وأكمل لنا الدين، وشرع لنا من الأعمال الصالحات أنواعاً وأصنافاً لنتقرب بها إلى رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أكرم الأكرمين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى على جميع المرسلين, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين, وسلم تسليماً, أما بعد1 :
فالحديث هنا بإذن الله عن واحد من الأحكام المتعلقة بالمكث في المسجد, وهو حكم الخروج من المسجد بعد شروع المؤذن منادياً للصلاة.
فما حكم خروج المؤذن من المسجد, وما حكم غيره ممن كان في المسجد أثناء شروع المؤذن في أذانه.. هل لهم أن ينصرفوا من المسجد بعد أن يؤذن أم لابد من لبثهم حتى يؤدوا الصلاة؟
والجواب عن هذا التساؤل كما يلي:
إذا كان المؤذن هو الذي يؤذن في مسجد مستقل وسوف يصلي فيه, فله الخروج لعذر بنية العودة، ومن سمع أذانه في المسجد فلا يخرج من المسجد إلا لعذر, ولو أن مؤذناً يؤذن في مسجدين، فله الخروج عن المسجد الأول لأن الأذان الآخر عذر, والدليل على ذلك ما صحَّ عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ أَدْرَكَهُ الْأَذَانُ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ خَرَجَ -لَمْ يَخْرُجْ لِحَاجَةٍ وَهُوَ لَا يُرِيدُ الرَّجْعَةَ- فَهُوَ مُنَافِقٌ)2 .
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه رأى رجلاً يجتاز المسجد خارجاً بعد الأذان فقال: "أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم"3 . وعلى هذا العمل عند أهل العلم ألا يخرج أحد من المسجد بعد الأذان إلا من عذر.
وأما خروجه لعذر كحضور مجلس علم أو للأذان أو للتطهر أو نحو ذلك فيجوز, ودليل ذلك ما ثبت عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج وقد أقيمت الصلاة وعدلت الصفوف, حتى إذا قام في مصلاه انتظرنا أن يكبر انصرف, قال: (عَلَى مَكَانِكُمْ) فمكثنا على هيئتنا حتى خرج إلينا ينطف (أي: يقطر) رأسه ماء وقد اغتسل"4 . فالشاهد: قوله: "خرج" و"انصرف".
ووجه الدلالة: أنه خرج -صلى الله عليه وسلم- إلى المسجد، ثم انصرف منه لعذر، ثم خرج إليه مرة أخرى, وهذا يدل على جواز الخروج من المسجد بعد الأذان لعذر، ولعل الحكمة في ذلك -والله أعلم- أن من سمع النداء وجب عليه أن يجيب المنادي للصلاة، وخروجه من المسجد بعد النداء بلا عذر مخالف للإجابة، فلهذا ورد المنع من الخروج بعد الأذان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-: "والخروج من المسجد بعد الأذان منهي عنه، وهل هو حرام أو مكروه في المسألة وجهان، إلا أن يكون التأذين للفجر قبل الوقت، فلا يكره الخروج نص عليه أحمد"5 .
وقال صاحب المغني: "فأما الخروج لعذر فمباح؛ بدليل أن ابن عمر خرج من أجل التثويب في غير حينه, وكذلك من نوى الرجعة؛ لحديث عثمان رضي الله عنه"6 .
هذا ما تيسر جمعه في هذه المسألة, ونسأل الله أن يفقهنا في الدين, إنه ولي ذلك والقادر عليه, وهو الموفق والهادي إلى سواء السبيل, وصلى الله وسلم على نبينا محمد, وعلى آله وصحبه أجمعين, والحمد لله رب العالمين.
1 من مقدمات كتاب الضياء اللامع من الخطب الجوامع لـ(ابن عثيمين).
2 رواه ابن ماجه برقم (726) (ج 2 / ص 437) وصححه الألباني في تحقيق سنن ابن ماجة برقم (734).
3 رواه مسلم -1048- (3/390).
4 رواه البخاري برقم (603) (3/21).
5 الفتاوى الكبرى لـ(ابن تيمية) (ج 7 / ص 496).
6 المغني لـ(ابن قدامة) (ج 2 / ص 212).
الخروج من المسجد بعد الآذان
عن أبي الشعثاء قال :" كنا قعوداً في المسجد مع أبي هريرة رضي الله عنه فأذن المؤذن , فقام رجل من المسجد يمشي فأتبعه أبو هريرة
رضي الله عنه
بصره حتى خرج من المسجد فقال أبو هريرة : أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلي الله عليه وسلم " رواه مسلم .
التعليق :
* استدل العلماء بهذا الحديث على أنه يحرم الخروج من المسجد بعد الأذان لمن تلزمه الصلاة إلا لعذر, ورجح بعض أهل العلم إلى أن النهي للكراهة ورجحه النووي .
* قال ابن عثيمين : " وعلى كل حال لا ينبغي أن يخرج حتى وإن كان يريد أن يصلي في مسجد آخر إلا لسبب شرعي مثل : أن يكون في المسجد الثاني جنازة يريد أن يصلي عليها أو يكون المسجد الثاني أحسن قراءة من المسجد الذي هو فيه أو ما أشبه ذلك من الأسباب الشرعية فهنا نقول لا بأس من أن يخرج ". أ.هـ
* قال صاحب تحفة الأحوذي :" يدل على أنه لا يجوز الخروج من المسجد بعدما أذن فيه , لكنه مخصوص بمن ليس له ضرورة ". أ.هـ
الخروج من المسجد بعد الأذان
الحمد لله الذي أتم علينا نعمته، وأكمل لنا الدين، وشرع لنا من الأعمال الصالحات أنواعاً وأصنافاً لنتقرب بها إلى رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أكرم الأكرمين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى على جميع المرسلين, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين, وسلم تسليماً, أما بعد1 :
فالحديث هنا بإذن الله عن واحد من الأحكام المتعلقة بالمكث في المسجد, وهو حكم الخروج من المسجد بعد شروع المؤذن منادياً للصلاة.
فما حكم خروج المؤذن من المسجد, وما حكم غيره ممن كان في المسجد أثناء شروع المؤذن في أذانه.. هل لهم أن ينصرفوا من المسجد بعد أن يؤذن أم لابد من لبثهم حتى يؤدوا الصلاة؟
والجواب عن هذا التساؤل كما يلي:
إذا كان المؤذن هو الذي يؤذن في مسجد مستقل وسوف يصلي فيه, فله الخروج لعذر بنية العودة، ومن سمع أذانه في المسجد فلا يخرج من المسجد إلا لعذر, ولو أن مؤذناً يؤذن في مسجدين، فله الخروج عن المسجد الأول لأن الأذان الآخر عذر, والدليل على ذلك ما صحَّ عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ أَدْرَكَهُ الْأَذَانُ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ خَرَجَ -لَمْ يَخْرُجْ لِحَاجَةٍ وَهُوَ لَا يُرِيدُ الرَّجْعَةَ- فَهُوَ مُنَافِقٌ)2 .
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه رأى رجلاً يجتاز المسجد خارجاً بعد الأذان فقال: "أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم"3 . وعلى هذا العمل عند أهل العلم ألا يخرج أحد من المسجد بعد الأذان إلا من عذر.
وأما خروجه لعذر كحضور مجلس علم أو للأذان أو للتطهر أو نحو ذلك فيجوز, ودليل ذلك ما ثبت عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج وقد أقيمت الصلاة وعدلت الصفوف, حتى إذا قام في مصلاه انتظرنا أن يكبر انصرف, قال: (عَلَى مَكَانِكُمْ) فمكثنا على هيئتنا حتى خرج إلينا ينطف (أي: يقطر) رأسه ماء وقد اغتسل"4 . فالشاهد: قوله: "خرج" و"انصرف".
ووجه الدلالة: أنه خرج -صلى الله عليه وسلم- إلى المسجد، ثم انصرف منه لعذر، ثم خرج إليه مرة أخرى, وهذا يدل على جواز الخروج من المسجد بعد الأذان لعذر، ولعل الحكمة في ذلك -والله أعلم- أن من سمع النداء وجب عليه أن يجيب المنادي للصلاة، وخروجه من المسجد بعد النداء بلا عذر مخالف للإجابة، فلهذا ورد المنع من الخروج بعد الأذان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-: "والخروج من المسجد بعد الأذان منهي عنه، وهل هو حرام أو مكروه في المسألة وجهان، إلا أن يكون التأذين للفجر قبل الوقت، فلا يكره الخروج نص عليه أحمد"5 .
وقال صاحب المغني: "فأما الخروج لعذر فمباح؛ بدليل أن ابن عمر خرج من أجل التثويب في غير حينه, وكذلك من نوى الرجعة؛ لحديث عثمان رضي الله عنه"6 .
هذا ما تيسر جمعه في هذه المسألة, ونسأل الله أن يفقهنا في الدين, إنه ولي ذلك والقادر عليه, وهو الموفق والهادي إلى سواء السبيل, وصلى الله وسلم على نبينا محمد, وعلى آله وصحبه أجمعين, والحمد لله رب العالمين.
1 من مقدمات كتاب الضياء اللامع من الخطب الجوامع لـ(ابن عثيمين).
2 رواه ابن ماجه برقم (726) (ج 2 / ص 437) وصححه الألباني في تحقيق سنن ابن ماجة برقم (734).
3 رواه مسلم -1048- (3/390).
4 رواه البخاري برقم (603) (3/21).
5 الفتاوى الكبرى لـ(ابن تيمية) (ج 7 / ص 496).
6 المغني لـ(ابن قدامة) (ج 2 / ص 212).
تعليق