أحكام السوق
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وصلى الله على سيد الأولين والآخرين، والمبعوث رحمة للعالمين، محمد بن عبد الله الصادق الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإنّ لله لم يخلقنا عبثاً، ولم يتركنا سدى وهملاً، بل خلقنا ليأمرنا وينهانا؛ كما قال تعالى:
{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} سورة الذاريات(56).
والأمر والنهي ليس مقصوراً على بعض الأمور التعبدية، كما قد يفهم البعض، أو في مكان دون مكان، وزمان دون زمان، بل الأمر والنهي يكون معنا حيث كنا في المسجد وفي البيت وفي السوق وفي الوظيفة وفي الحضر وفي السفر، وفي كل شأن من شؤون حياتنا.
وكما أن للمسجد والبيت أداباً وأحكاماً، فإن للسوق أداباً وأحكاماً؛ لذلك فإننا - بحول الله وقوته - سنذكر بعض آداب وأحكام السوق فنقول:
* تعريف السوق:
لغة:السوق بضم العين هي موضع البياعات، أو التي يتعامل فيها، وهي تذكر وتؤنث، والجمع أسواق، قال الله - تعالى:
{وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا} سورة الفرقان20.
وتسوق القوم: إذا باعوا واشتروا وأصل اشتقاق السوق من سوق الناس إليها بضائعهم.[1]
واصطلاحاً: هو اسم لكل مكان وقع فيه التبايع بين من يتعاطى البيع والشراء.[2]
* نبذة عن السوق في الإسلام:
يعد السوق قديماً قدم الإنسان، وذلك لأن الإنسان لا بد له من أمور يسد بها حاجته وحاجة من يعول، وأماكن وجود ذلك هي الأسواق، سواء كانت صغيرة أو كبيرة.
ولقد أولى الإسلام الأسواق العناية الفائقة، والاهتمام البالغ؛ وذلك لأن الإسلام ذا رسالة خالدة، وأسس عامة شاملة للإنسان والحياة والكون وما يتعلق بهما.
وقد تمثل عناية الإسلام بالسوق في حثه على السعي في الأرض، والذهاب إلى الأسواق للتجارة وطلب الرزق الحلال، قال الله - تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} سورة النساء(29). وقال: { وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} سورة البقرة 275.
بل لقد قرن الله العاملين في الأرض للتجارة بالمجاهدين في سبيله، فقال: {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ } سورة المزمل(20). وقال الله - تعالى-: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} سورة القصص(77).
وكان النبي - عليه الصلاة والسلام - يذهب إلى الأسواق كسباً للرزق، وطلباً للقوت الضروري؛ حتى أن المشركين عابوه بذلك كما حكى الله عنهم: {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا} سورة الفرقان(7).
وقد أقيمت في عهده - صلى الله عليه وسلم - أسواق واسعة، لابناء فيها ولا ظل، وحظيت باهتمامه الواسع، وعنايته الخاصة - صلى الله عليه وسلم -، فكان يتعهدها بالمراقبة، ووضع لها الضوابط الشرعية، فحرّم بيوع الجاهلية المشتملة على الغرور والربا والمكر والخداع والغبن.
إضافة إلى ذلك فقد حرّم بيع المحرمات فيها، كالخمر والخنزير وغير ذلك.
وكان يتفقد السوق بين الفينة والأخرى مع بعض أصحابه، ثم اقتدى به أصحابه من بعده في كل شيء، فكانوا يذهبون إلى الأسواق فيبيعون ويشترون، كما هو معروف عن أبي بكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنهم - ثم من سار على طريقتهم من التابعين، والملوك والخلفاء إلى يومنا هذا.
* بعض آداب السوق:
1 - الإكثار من ذكر الله:
فعن عبد الله بن عمر عن أبيه عن جده أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " من دخل السوق فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو حي لا يموت، بيده الخير وهو على كل شيءٍ قدير، كتبت له ألف ألف حسنة، ومحا عنه ألف ألف سيئة، ورفع له ألف ألف درجة، وبنى له بيتاً في الجنة" رواه الترمذي وابن ماجه وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجة برقم(1817) ويستدل أيضا لذلك بالآيات والأحاديث الداعية إلى ذكر الله عموماً في كل وقت وفي كل مكان، ما عدا الأماكن التي لا يجوز ذكر الله فيها كالحمامات وما أشبه ذلك.
2 - ترك الخصام واللجاج:
فقد ورد في صفته - عليه الصلاة والسلام - كما في البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - في صفة النبي- صلى الله عليه وسلم-:" أنه ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق، ولايدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن يقولوا لا إله إلا الله، ويفتح به أعيناً عمياً، وآذاناً صماً، وقلوباً غلفاً".
وأما في زمننا حيث فسد الناس، وانتشر فيهم الجهل، وقل فيهم مراقبة الله - إلا من رحم ربي- فما أكثر السخب والسخط في الأسواق، والمهاترات والمشاجرات؛ بل ربما وصل ببعضهم الحد إلى سفك دم أخيه المسلم من أجل كلمة قالها، أو صوتٍ رفعه عليه!!.
ألا فليتق الله ذوي الألسنة الطويلة، والأيادي الباطشة، وليدعوا تحرشاتهم بالمسلين ، وليصونوا ألسنتهم وليحفظوا أيديهم من هتك أعراض المسلمين وسفك دمائهم.
3 بذل السلام:
ذلك لأن السلام مما يوجب المحبة ويزيد الألفة، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم" رواه أحمد ومسلم.
وذلك لأن فيه الأجر الكثير، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن من موجبات المغفرة بذل السلام، وحسن الكلام" أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق، وهو في السلسلة الصحيحة برقم (1035).
4 - عدم أذية المسلمين:
فقد جاء في البخاري ومسلم عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا مر أحدكم في مسجدنا أو في سوقنا ومعه نبل فليمسك على نصالها، أو قال: فليقبض بكفه أن يصيب أحداً من المسلمين منها شيء".
ويقاس على النبل غيرها من سائر الأسلحة؛ وخاصة في هذا الزمن الذي تعددت الأسلحة فيه، وكثر حمل الناس لها، مع ما فيها من الخطر المحقق، وخاصة عند مزاحمة الناس.
ويدخل في الأذية جميع صور الأذى.
5- الابتعاد عن قراءة القرآن خاصة في الأسواق المزدحمة:
وذلك لأن الأسواق يغلب عليه الصياح والانشغال بالبيع والشراء، ولأنه قد يكون بجوار أماكن مستقذرة، فينبغي أن ينزه القرآن عن تلك الأماكن.
وأما إذا كانت القراءة في مكان هادئ ونظيف، وهناك من يسمع وينصت لمن يقرأ فلا بأس بذلك، بل هو فعل حسن، وذلك لأنه ربما قرأ القاري الآيات التي فيها الدعوة إلى المحافظة على الصلوات، فيتأثر التارك للصلاة والمتهاون بها فيحافظ عليها، وربما قرأ الآيات المحذرة من الربا، فيتأثر المتعامل بالربا فيترك التعامل بالربا، وربما قرأ الآيات التي فيها الدعوة إلى العفة والحياء، فيتأثر فمن كان فيه نوع من قلة العفة و الحياء، فيعف نفسه، ويستحي من خالقه وبني جنسه.
6- غض البصر:
إن الله - تعالى- قد جعل العين مرآة القلب، فإذا غض العبد بصره، غضّ القلب شهوته وإرادته، وإذا أطلق العبد بصره، أطلق القلب شهوته وإرادته، فقد أخرج البخاري في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله - عز وجل - كتب على ابن آدم حظه من الزنى أدرك ذلك لا محالة، فالعين تزني وزناها النظر، واللسان يزني وزناه النطق، والرجل تزني وزناها الخطى، واليد تزني وزناها البطش، والقلب يهوي ويتمنى، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه " فبدأ بزنا العين، لأنه أصل زنا اليد والرجل والقلب والفرج.
قال الله تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُو نَ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} سورة النور} (30) (31) ومن المعلوم أن السوق من أحب الأماكن لشياطين الأنس والجن، وبالتالي فلابد للإنسان من غض بصره عن النظر إلى ما حرم الله، والتحصن عند دخوله السوق بالأذكار الشرعية، ولإن النساء في زمننا هذا أكثرنا من الخروج من بيوتهن وولوجهن إلى الأسواق، وعلقت صور النساء على مداخل ا لأسواق، والأماكن العامة، فيجب غض البصر، وكف الأذى.
7- الوفاء بالعهود والعقود:
لقد حث الإسلام على الوفاء بالعهود والعقود ، وحذر من التقصير فيهما، قال الله - تعالى-:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ} سورة المائدة1. وقال تعالى: {وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} سورة النحل(91).
وذلك لأن الخيانة والغدر، وعدم الوفاء بالعهود والعقود، مما يفقد الثقة بين الناس، فيحصل من الشر ما لا يعلمه إلا الله.
ولشدة عناية الإسلام بالعقود والعهود، أوجب الأشهاد على ذلك، حفاظاً على أموال الناس، وكما قال تعالى: {وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ} سورة البقرة (282).
8- الصدق والبيان وعدم الكتمان لعيب السلعة:
لقد جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك من أسباب البركة، كما في حديث حكيم بن حزام - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، أو قال: حتى يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما" رواه البخاري ومسلم.
وأثنى على التاجر الصدوق في بيعه وشرائه، فعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء" رواه الترمذي وابن ماجه، وقال الترمذي: حديث حسن، ورواه الدارقطني بزيادة "يوم القيامة ".
وذم التاجر الكاذب الفاجر، فعن عبيد بن رفاعة عن أبيه عن جده، أنه خرج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المصلي فرأى الناس يتبايعون فقال: "يا معشر التجار!" فاستجابوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورفعوا أعناقهم، وأبصارهم إليه، فقال: "إن التجار يبعثون يوم القيامة فجاراً إلا من اتقى الله وبر وصدق " أخرجه الترمذي وابن ماجه.
9- إيفاء المكيال والميزان والحذر من بخسهما:
أثنى الله على الموفين لهما، فقال: {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} سورة الإسراء(35).
وتوعد المطففين بالعذاب المهين، فقال تعالى: {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} سورة المطففين(1- 6).
وقد عدّ العلماء ذلك من كبائر الذنوب.
10- منع بيع كل مبيعات محرمة:
كآلات اللهو المحرم، والخمر، والصور ذات الأرواح، والأشرطة الماجنة، والأفلام الخليعة، وأوراق اليانصيب، ويدخل في ذلك منع الدجالين والمشعوذين من الجلوس على مداخل الأسواق لإفساد عقيدة الناس، والنصب والاحتيال لأخذ أموال الناس بالباطل.
11- الحذر عن بيع كل ما فيه خصومة كالأدوات المسروقة والمغصوبة:
قال الله - تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} سورة النساء(29). فالإسلام طيب، فلا يحب من الكسب إلا الطيب.
12- يجب على التجار تعلم كل ما يخص تجارتهم من أحكام فقهية:
قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: لا بيع في سوقنا إلا من تفقه في الدين.
وهذا ما يؤكد عليه العلماء عند تقسيم العلوم الشرعية إلى علم يجب تعلمه، ويمثلون لذلك بتعلم المسلم أحكام الطهارة، والصلاة، وعلم يجب تعلمه على كل من تخصص فيه، فالتاجر يجب عليه تعلم أحكام البيع والشراء، وهكذا.
13- السماحة في البيع والشراء:
عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "رحم الله عبداً سمحاً إذا باع، سمحاً إذا اشترى سمحاً إذا اقتضى"رواه البخاري.
14- عدم خروج النساء إلى الأسواق إلا لضرورة:
إن على النساء التحلي بخلق الحياء والحشمة، وأن يتقين الله - تعالى- في كل وقت وفي كل مكان، وليجلعن هذا الحديث نصب أعينهن فعن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا "رواه البخاري.
وعلى المرأة أن لا تكون خراجة ولاجة، بل عليها القرار في بيتها، والإعتناء بتربية أبنائها، والمحافظة على صلاتها، وطاعة زوجها، وصوم شهرها، وحفظ لسانها إلا من خير، فإذا فعلت ذلك دخلت الجنة - بإذن ربها-.
ولكن إذا كان لديك أيتها المرأة حاجة ضرورية إلى السوق، وليس هناك من يقوم بها غيرك، فلا بأس أن تخرجي، مع التزامك بالآداب الشرعية، ومنها ارتداء الحجاب الشرعي الساتر لجميع الجسم، والبعد عن الخلوة بالرجال، وغيرها من الآداب.
وعلى الرجال كذلك تقوى الله، وعدم مضايقة النساء ومزاحمتهن في الأسواق، والالتزام بآداب وأخلاق المسلمين.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وأله وصحبه وسلم.
000000000000000
[1]- انظر جمرة اللغة بن دريد باب السين والقاف، مادة سقو 5/43. ط: مجلس دائرة المعارف العثمانية بحيدر إياد- الطبعة الأولى. ولسان العرب لابن منظور فصل السين- حرف القاف- مادة سوق. ومعجم مقاييس اللغة لابن فارس مادة سوق 3/117 نشر دار إحياء التراث العربية..
[2]- فتح الباري لابن حجر 5/246. ط: مصطفى الحلبي وأولاده سنة 1378هـ.
=================
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وصلى الله على سيد الأولين والآخرين، والمبعوث رحمة للعالمين، محمد بن عبد الله الصادق الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإنّ لله لم يخلقنا عبثاً، ولم يتركنا سدى وهملاً، بل خلقنا ليأمرنا وينهانا؛ كما قال تعالى:
{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} سورة الذاريات(56).
والأمر والنهي ليس مقصوراً على بعض الأمور التعبدية، كما قد يفهم البعض، أو في مكان دون مكان، وزمان دون زمان، بل الأمر والنهي يكون معنا حيث كنا في المسجد وفي البيت وفي السوق وفي الوظيفة وفي الحضر وفي السفر، وفي كل شأن من شؤون حياتنا.
وكما أن للمسجد والبيت أداباً وأحكاماً، فإن للسوق أداباً وأحكاماً؛ لذلك فإننا - بحول الله وقوته - سنذكر بعض آداب وأحكام السوق فنقول:
* تعريف السوق:
لغة:السوق بضم العين هي موضع البياعات، أو التي يتعامل فيها، وهي تذكر وتؤنث، والجمع أسواق، قال الله - تعالى:
{وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا} سورة الفرقان20.
وتسوق القوم: إذا باعوا واشتروا وأصل اشتقاق السوق من سوق الناس إليها بضائعهم.[1]
واصطلاحاً: هو اسم لكل مكان وقع فيه التبايع بين من يتعاطى البيع والشراء.[2]
* نبذة عن السوق في الإسلام:
يعد السوق قديماً قدم الإنسان، وذلك لأن الإنسان لا بد له من أمور يسد بها حاجته وحاجة من يعول، وأماكن وجود ذلك هي الأسواق، سواء كانت صغيرة أو كبيرة.
ولقد أولى الإسلام الأسواق العناية الفائقة، والاهتمام البالغ؛ وذلك لأن الإسلام ذا رسالة خالدة، وأسس عامة شاملة للإنسان والحياة والكون وما يتعلق بهما.
وقد تمثل عناية الإسلام بالسوق في حثه على السعي في الأرض، والذهاب إلى الأسواق للتجارة وطلب الرزق الحلال، قال الله - تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} سورة النساء(29). وقال: { وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} سورة البقرة 275.
بل لقد قرن الله العاملين في الأرض للتجارة بالمجاهدين في سبيله، فقال: {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ } سورة المزمل(20). وقال الله - تعالى-: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} سورة القصص(77).
وكان النبي - عليه الصلاة والسلام - يذهب إلى الأسواق كسباً للرزق، وطلباً للقوت الضروري؛ حتى أن المشركين عابوه بذلك كما حكى الله عنهم: {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا} سورة الفرقان(7).
وقد أقيمت في عهده - صلى الله عليه وسلم - أسواق واسعة، لابناء فيها ولا ظل، وحظيت باهتمامه الواسع، وعنايته الخاصة - صلى الله عليه وسلم -، فكان يتعهدها بالمراقبة، ووضع لها الضوابط الشرعية، فحرّم بيوع الجاهلية المشتملة على الغرور والربا والمكر والخداع والغبن.
إضافة إلى ذلك فقد حرّم بيع المحرمات فيها، كالخمر والخنزير وغير ذلك.
وكان يتفقد السوق بين الفينة والأخرى مع بعض أصحابه، ثم اقتدى به أصحابه من بعده في كل شيء، فكانوا يذهبون إلى الأسواق فيبيعون ويشترون، كما هو معروف عن أبي بكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنهم - ثم من سار على طريقتهم من التابعين، والملوك والخلفاء إلى يومنا هذا.
* بعض آداب السوق:
1 - الإكثار من ذكر الله:
فعن عبد الله بن عمر عن أبيه عن جده أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " من دخل السوق فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو حي لا يموت، بيده الخير وهو على كل شيءٍ قدير، كتبت له ألف ألف حسنة، ومحا عنه ألف ألف سيئة، ورفع له ألف ألف درجة، وبنى له بيتاً في الجنة" رواه الترمذي وابن ماجه وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجة برقم(1817) ويستدل أيضا لذلك بالآيات والأحاديث الداعية إلى ذكر الله عموماً في كل وقت وفي كل مكان، ما عدا الأماكن التي لا يجوز ذكر الله فيها كالحمامات وما أشبه ذلك.
2 - ترك الخصام واللجاج:
فقد ورد في صفته - عليه الصلاة والسلام - كما في البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - في صفة النبي- صلى الله عليه وسلم-:" أنه ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق، ولايدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن يقولوا لا إله إلا الله، ويفتح به أعيناً عمياً، وآذاناً صماً، وقلوباً غلفاً".
وأما في زمننا حيث فسد الناس، وانتشر فيهم الجهل، وقل فيهم مراقبة الله - إلا من رحم ربي- فما أكثر السخب والسخط في الأسواق، والمهاترات والمشاجرات؛ بل ربما وصل ببعضهم الحد إلى سفك دم أخيه المسلم من أجل كلمة قالها، أو صوتٍ رفعه عليه!!.
ألا فليتق الله ذوي الألسنة الطويلة، والأيادي الباطشة، وليدعوا تحرشاتهم بالمسلين ، وليصونوا ألسنتهم وليحفظوا أيديهم من هتك أعراض المسلمين وسفك دمائهم.
3 بذل السلام:
ذلك لأن السلام مما يوجب المحبة ويزيد الألفة، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم" رواه أحمد ومسلم.
وذلك لأن فيه الأجر الكثير، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن من موجبات المغفرة بذل السلام، وحسن الكلام" أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق، وهو في السلسلة الصحيحة برقم (1035).
4 - عدم أذية المسلمين:
فقد جاء في البخاري ومسلم عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا مر أحدكم في مسجدنا أو في سوقنا ومعه نبل فليمسك على نصالها، أو قال: فليقبض بكفه أن يصيب أحداً من المسلمين منها شيء".
ويقاس على النبل غيرها من سائر الأسلحة؛ وخاصة في هذا الزمن الذي تعددت الأسلحة فيه، وكثر حمل الناس لها، مع ما فيها من الخطر المحقق، وخاصة عند مزاحمة الناس.
ويدخل في الأذية جميع صور الأذى.
5- الابتعاد عن قراءة القرآن خاصة في الأسواق المزدحمة:
وذلك لأن الأسواق يغلب عليه الصياح والانشغال بالبيع والشراء، ولأنه قد يكون بجوار أماكن مستقذرة، فينبغي أن ينزه القرآن عن تلك الأماكن.
وأما إذا كانت القراءة في مكان هادئ ونظيف، وهناك من يسمع وينصت لمن يقرأ فلا بأس بذلك، بل هو فعل حسن، وذلك لأنه ربما قرأ القاري الآيات التي فيها الدعوة إلى المحافظة على الصلوات، فيتأثر التارك للصلاة والمتهاون بها فيحافظ عليها، وربما قرأ الآيات المحذرة من الربا، فيتأثر المتعامل بالربا فيترك التعامل بالربا، وربما قرأ الآيات التي فيها الدعوة إلى العفة والحياء، فيتأثر فمن كان فيه نوع من قلة العفة و الحياء، فيعف نفسه، ويستحي من خالقه وبني جنسه.
6- غض البصر:
إن الله - تعالى- قد جعل العين مرآة القلب، فإذا غض العبد بصره، غضّ القلب شهوته وإرادته، وإذا أطلق العبد بصره، أطلق القلب شهوته وإرادته، فقد أخرج البخاري في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله - عز وجل - كتب على ابن آدم حظه من الزنى أدرك ذلك لا محالة، فالعين تزني وزناها النظر، واللسان يزني وزناه النطق، والرجل تزني وزناها الخطى، واليد تزني وزناها البطش، والقلب يهوي ويتمنى، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه " فبدأ بزنا العين، لأنه أصل زنا اليد والرجل والقلب والفرج.
قال الله تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُو نَ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} سورة النور} (30) (31) ومن المعلوم أن السوق من أحب الأماكن لشياطين الأنس والجن، وبالتالي فلابد للإنسان من غض بصره عن النظر إلى ما حرم الله، والتحصن عند دخوله السوق بالأذكار الشرعية، ولإن النساء في زمننا هذا أكثرنا من الخروج من بيوتهن وولوجهن إلى الأسواق، وعلقت صور النساء على مداخل ا لأسواق، والأماكن العامة، فيجب غض البصر، وكف الأذى.
7- الوفاء بالعهود والعقود:
لقد حث الإسلام على الوفاء بالعهود والعقود ، وحذر من التقصير فيهما، قال الله - تعالى-:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ} سورة المائدة1. وقال تعالى: {وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} سورة النحل(91).
وذلك لأن الخيانة والغدر، وعدم الوفاء بالعهود والعقود، مما يفقد الثقة بين الناس، فيحصل من الشر ما لا يعلمه إلا الله.
ولشدة عناية الإسلام بالعقود والعهود، أوجب الأشهاد على ذلك، حفاظاً على أموال الناس، وكما قال تعالى: {وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ} سورة البقرة (282).
8- الصدق والبيان وعدم الكتمان لعيب السلعة:
لقد جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك من أسباب البركة، كما في حديث حكيم بن حزام - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، أو قال: حتى يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما" رواه البخاري ومسلم.
وأثنى على التاجر الصدوق في بيعه وشرائه، فعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء" رواه الترمذي وابن ماجه، وقال الترمذي: حديث حسن، ورواه الدارقطني بزيادة "يوم القيامة ".
وذم التاجر الكاذب الفاجر، فعن عبيد بن رفاعة عن أبيه عن جده، أنه خرج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المصلي فرأى الناس يتبايعون فقال: "يا معشر التجار!" فاستجابوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورفعوا أعناقهم، وأبصارهم إليه، فقال: "إن التجار يبعثون يوم القيامة فجاراً إلا من اتقى الله وبر وصدق " أخرجه الترمذي وابن ماجه.
9- إيفاء المكيال والميزان والحذر من بخسهما:
أثنى الله على الموفين لهما، فقال: {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} سورة الإسراء(35).
وتوعد المطففين بالعذاب المهين، فقال تعالى: {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} سورة المطففين(1- 6).
وقد عدّ العلماء ذلك من كبائر الذنوب.
10- منع بيع كل مبيعات محرمة:
كآلات اللهو المحرم، والخمر، والصور ذات الأرواح، والأشرطة الماجنة، والأفلام الخليعة، وأوراق اليانصيب، ويدخل في ذلك منع الدجالين والمشعوذين من الجلوس على مداخل الأسواق لإفساد عقيدة الناس، والنصب والاحتيال لأخذ أموال الناس بالباطل.
11- الحذر عن بيع كل ما فيه خصومة كالأدوات المسروقة والمغصوبة:
قال الله - تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} سورة النساء(29). فالإسلام طيب، فلا يحب من الكسب إلا الطيب.
12- يجب على التجار تعلم كل ما يخص تجارتهم من أحكام فقهية:
قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: لا بيع في سوقنا إلا من تفقه في الدين.
وهذا ما يؤكد عليه العلماء عند تقسيم العلوم الشرعية إلى علم يجب تعلمه، ويمثلون لذلك بتعلم المسلم أحكام الطهارة، والصلاة، وعلم يجب تعلمه على كل من تخصص فيه، فالتاجر يجب عليه تعلم أحكام البيع والشراء، وهكذا.
13- السماحة في البيع والشراء:
عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "رحم الله عبداً سمحاً إذا باع، سمحاً إذا اشترى سمحاً إذا اقتضى"رواه البخاري.
14- عدم خروج النساء إلى الأسواق إلا لضرورة:
إن على النساء التحلي بخلق الحياء والحشمة، وأن يتقين الله - تعالى- في كل وقت وفي كل مكان، وليجلعن هذا الحديث نصب أعينهن فعن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا "رواه البخاري.
وعلى المرأة أن لا تكون خراجة ولاجة، بل عليها القرار في بيتها، والإعتناء بتربية أبنائها، والمحافظة على صلاتها، وطاعة زوجها، وصوم شهرها، وحفظ لسانها إلا من خير، فإذا فعلت ذلك دخلت الجنة - بإذن ربها-.
ولكن إذا كان لديك أيتها المرأة حاجة ضرورية إلى السوق، وليس هناك من يقوم بها غيرك، فلا بأس أن تخرجي، مع التزامك بالآداب الشرعية، ومنها ارتداء الحجاب الشرعي الساتر لجميع الجسم، والبعد عن الخلوة بالرجال، وغيرها من الآداب.
وعلى الرجال كذلك تقوى الله، وعدم مضايقة النساء ومزاحمتهن في الأسواق، والالتزام بآداب وأخلاق المسلمين.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وأله وصحبه وسلم.
000000000000000
[1]- انظر جمرة اللغة بن دريد باب السين والقاف، مادة سقو 5/43. ط: مجلس دائرة المعارف العثمانية بحيدر إياد- الطبعة الأولى. ولسان العرب لابن منظور فصل السين- حرف القاف- مادة سوق. ومعجم مقاييس اللغة لابن فارس مادة سوق 3/117 نشر دار إحياء التراث العربية..
[2]- فتح الباري لابن حجر 5/246. ط: مصطفى الحلبي وأولاده سنة 1378هـ.
=================
تعليق