إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

كيف تتعامل الامة مع حكامها"1"

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كيف تتعامل الامة مع حكامها"1"

    كتبه/ ياسر عبد التواب


    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛


    فقد مرَّ بنا أن هناك أحوالاً للحاكم في التعامل مع الأمة، وبحسبها تكون معاملة الأمة معه، وقد مر بنا ثلاثة أصناف مِن الحكام.


    الصنف الأول: هو الحاكم العادل المخلص القوي الأمين، وهنا ينطبق عليه كل النصوص الآمرة بالطاعة والمحرمة للخروج.


    والصنف الثاني: لا يزال في إطار غلبة المصلحة، وإن كانت بعض قراراته خاطئة أو بها أثرة علينا، لكننا لا نزال نصبر وإن جلد ظهورنا، أو أخذ مِن مالنا.


    والصنف الثالث: وهو من قد يأمر ببعض المعاصي فلا نجيبه إليها، لكننا لا نخرج ـ أيضًا ـ عليه، فلعل المنافع مِن الصبر أكبر مِن المفاسد في الخروج.. ودعنا نستكمل الحديث، فنقول:


    رابعًا: عزلهم؛ إن غلب فسادهم؛ لأنهم أجراء عند الأمة، وذلك بالطرق السلمية، وهذه حالتنا التي نحن بصددها، وهنا موضع تفصيل.. والآن فلنفصل في النقطة الرابعة التي تجيز خلع الحاكم الجائر بالطرق السلمية حتى وإن كان مسلمًا، وهنا نلفت النظر إلى أن الحاكم يعمل لدى الأمة، وليس العكس؛ فإن كان الأمر كذلك؛ جاز فسخ العقد عند اللزوم.


    ودعنا نمهد بقول أبي بكر -رضي الله عنه- خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أيها الناس، إني قد وليت عليكم، ولست بخيركم، فإن أحسنت؛ فأعينوني، وإن أسأت؛ فقوموني.. أطيعوني؛ ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله؛ فلا طاعة لي عليكم" (البداية والنهاية)، إذن للأمة الحق في محاسبة الحاكم، وإقالته إن لزم الأمر.


    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الفتاوى في بيان هذا الموضوع: "السلطان يؤاخذ على ما يفعله مِن العدوان، وما يفرط فيه مِن الحقوق مع التمكن" (مجموع الفتاوى).


    ويقول في موضع آخر: "وهذا ـ أيضًا ـ هو الذي دفع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إلى عزل سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- عن الكوفة عندما اشتكى أهلها منه، فعزله؛ نزولاً عند رغبتهم؛ لأنه وكيل عن الأمة، حتى قال ـ وهو على فراش الموت ـ: إني لم أعزله من عجز ولا خيانة، مما يؤكد أنه إنما عزله؛ نزولاً عند رغبة الأصيل، وهم أهل الكوفة الذين هم جزء مِن الأمة، ولهذا؛ كان عمر لا يتردد في عزل كل أمير يشتكي منه أهل بلده حتى لو كان الحق مع أميرهم؛ لوضوح هذا المبدأ، وهو أن الإمام وكيل عن الأمة، ولهذا قال: هان شيء أصلح به قومًا أن أبدلهم أميرًا مكان أمير" (منهاج السنة).


    وقد نص الفقهاء على كون الإمام وكيلاً عن الأمة، فقد جاء في "كشاف القناع عن متن الإقناع" في فقه الحنابلة: "وتصرفه –أي: الإمام- على الناس بطريق الوكالة لهم".


    كل ذلك يؤكد أن عقد الإمامة كغيره من العقود، وهو أشبه بعقد الوكالة ينوب فيه الإمام عن الأمة، وحتى معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- الذي حكم مِن سنة ٤١ هـ - ٦٠ هـ، لم يصبح خليفة وإمامًا للأمة إلا في عام الجماعة، بعد أن اجتمعت الأمة عليه، وبايعه الجميع بعد أن بايعه الحسن بن علي ­-رضي الله عنهما-، وقد دخل عليه أبو مسلم الخولاني فسلم عليه، فقال: "السلام عليك أيها الأجير"! فقيل له: قل الأمير! فقال: بل أنت أجير!" (الحرية أو الطوفان - حاكم المطيري ص:20).


    وبناءً على أن الأمير أجير؛ فإن أي عهد مِن الحاكم لغيره لا يتم إلا بإقرار الناس له، فولاية العهد ترشيح يتوقف على عقد الأمة له بعد ذلك مع إمكانية فسخ العقد.

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "لا يكون إمامًا إلا بعقد البيعة له مِن الأمة".


    وبناءً على ذلك ومادام الحاكم هو أجير لدى الأمة؛ فإن للأمة عزله بسبب كثرة ظلمه حتى ولو لم يكن كافرًا، بل إن أساء إساءات بالغة؛ فلا حرج مِن عزله.


    وقد قال ابن الجوزي -رحمه الله- ردًا على مَن يرى أن الحسين -رضي الله عنه- أخطأ في خروجه على يزيد: "لو نظروا في السير؛ لعلموا كيف عقدت له البيعة، وألزم الناس بها، ثم لو قدرنا صحة خلافته؛ فقد بدرت منه بوادر، وكلها توجب فسخ العقد" (مآثر الإنافة في معالم الخلافة).
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من صمت نجا"



  • #2
    كيف تتعامل الامة مع حكامها"1"

    كتبه :ياسر عبد التواب
    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
    فقد ذكرتُ في المقالة السابقة أن هناك أحوالاً مختلفة للحاكم حتى نفهم النصوص المتنوعة التي تحدثتْ عن الحاكم، فتارة تأمر بطاعته وبحرمة مخالفته، وتارة أخرى نؤمر بالصبر عليهم وعلى حيفهم، ولا ننازعهم الأمر، وثالثة تذكر أن الإنكار عليهم قربة، وأن مَن يفعل ذلك؛ فقد أدى ما عليه، بل إن أعظم الجهاد: كلمة حق عند سلطان جائر.

    وخلصتُ مما ذكرتُ مِن الأدلة والتأمل فيها أن هناك أحوالاً للحاكم من التعامل مع الأمة، وبحسبها تكون معاملة الأمة معه.

    وقد مر بنا صنفان مِن الحكام:
    الصنف الأول: هو الحاكم العادل المخلص القوي الأمين، وهنا ينطبق عليه كل النصوص الآمرة بالطاعة والمحرمة للخروج.
    والصنف الثاني: لا يزال في إطار غلبة المصلحة وإن كانت بعض قراراته خاطئة أو بها أثرة علينا، لكننا لا نزال نصبر وإن جلد ظهورنا، أو أخذ مِن مالنا، فلعل المنافع مِن الصبر أكبر مِن المفاسد في الخروج.. ودعنا نستكمل الحديث، فنقول:
    ثالثًا: الحاكم يأمر بالمعصية ـ أحيانًا ـ، وأمرنا بعدم طاعتهم في المعصية ـ ولو كانت يسيرة ـ، مع الأمر بمناصحتهم والإنكار عليهم بحسب ما يقومون به مِن مخالفات، وهذا ـ بالطبع ـ يخضع لتقدير المصالح والمفاسد، ولضوابط إنكار المنكر مثل: إسرار النصح واللطف فيه، وألا يكون من المختلف فيه، ونلاحظ ـ هنا ـ أن الحاكم بدأ في الانحراف بدرجة ما، فنتعامل معها بحسبها؛ إذ قد تتطور إلى حال لا يرضى عنه الشرع، وعندئذ؛ يكون لنا موقف آخر.
    عن علي بن أبي طالب -­رضي الله عنه- قال: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَرِيَّةً، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ رَجُلاً مِنْ الأَنْصَارِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْمَعُوا لَهُ وَيُطِيعُوا، فَأَغْضَبُوهُ فِي شَيْءٍ؛ فَقَالَ: اجْمَعُوا لِي حَطَبًا، فَجَمَعُوا لَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَوْقِدُوا نَارًا، فَأَوْقَدُوا ثُمَّ قَالَ: أَلَمْ يَأْمُرْكُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ تَسْمَعُوا لِي وَتُطِيعُوا. قَالُوا: بَلَى. قَالَ: فَادْخُلُوهَا. فَنَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فَقَالُوا: إِنَّمَا فَرَرْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ النَّارِ، فَكَانُوا كَذَلِكَ، وَسَكَنَ غَضَبُهُ، وَطُفِئَتِ النَّارُ، فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -­صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: (لَوْ دَخَلُوهَا؛ مَا خَرَجُوا مِنْهَا، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ) (متفق عليه).
    فليست الطاعة مطلقة، وإنما فيما ليس فيه معصية حتى ولو كان فيه بعض الحيف، أو يخالف المصلحة الشخصية، أو الرغبة الذاتية، فالنبي -عليه الصلاة والسلام-، يأمر بالطاعة، أي: في غير المعصية، كما جاء في الحديث الصحيح: (عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ؛ إِلا أَنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِنْ أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ؛ فَلا سَمْعَ وَلا طَاعَةَ) (رواه مسلم).

    ومعنى هذا أنه يجب على الفرد المسلم: أن يطيع قيادته فيما أحبَّ وفيما كره، وإن كان ذلك ضدَّ رغبته، وضدَّ مصلحته الشخصية، ما دام ذلك أمرًا بالمعروف، مثال ذلك: أن يُطالب بالزكاة، أو بحقٍّ بعد الزكاة.. أو حتى إذا طُولب بما فيه إزهاق روحه، كأن يجنَّد، أو يُطلب منه التقدُّم إلى ساحة القتال؛ للدفاع عن دينه وعن أرضه الإسلامية.. فلا بد أن يطيع ـ أحبَّ ذلك أو كره ـ ما لم يُؤمر بمعصية، فإن أُمر بمعصية؛ فلا سمع ولا طاعة، هكذا يُعلم الرسول -صلى الله عليه وسلم- الأمة أن تُطيع في المعروف.

    ولذلك قال -صلى الله عليه وسلم-: (لاَ طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ في مَعْصِيَةِ الخَالِقِ) (رواه أحمد والحاكم، وصححه الألباني)، فطاعة الخالق مقدمة على كل أحد، وكذلك طاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم- مقدمة، ولهذا فسر العلماء قول الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ.. ) (النساء:59)، فقالوا: إن أولي الأمرأي: الذين لهم ولاية، ولهم أمر على مَن تحتهم، ويطيعهم أتباعهم، ولكن طاعتهم مسبوقة بطاعة الله وبطاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
    وهنا ندرك أن مقاومة الظلم وجور السلاطين بقول الحق، وتحمل ما يلحق به مِن أذى هو مِن أعظم الجهاد في سبيل الله -تعالى-، قال -صلى الله عليه وسلم-: (سَيِّد الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ، وَرَجُلٌ قَامَ إلَى إمَامٍ جائرٍ فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ؛ فَقَتَلَهُ) (رواه الحاكم، وحسنه الألباني).

    ومِن ذلك: الجهاد باليد إذا لم يؤدِ إلى مفاسد، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ فِي أُمَّةٍ قَبْلِي إِلا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ، يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ، وَيَفْعَلُونَ مَا لا يُؤْمَرُونَ، فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ؛ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ؛ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ؛ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ الإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ) (رواه مسلم).
    الإنكار باليد قد يكون بإزالة المنكر حين وقوعه، ولا يشترط فيه القتال.
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من صمت نجا"


    تعليق


    • #3
      كيف تتعامل الامة مع حكامها"1"

      كتبه:ياسر عبد التواب
      الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
      فدعنا نفصِّل الحديث -لتستبين الأمور وتتضح- عن دور الحاكم في الإسلام؛ هل تملك الأمة محاسبته؟ وبالتالي: هل تملك حق عزله إن خالف مصالحها أو عصى الله -تعالى-؟ أم أنها لا تملك هذا الحق، بل الواجب عليها الصبر؟ وإن كان ثمت صبر فإلى متى؟!

      لأن هناك نصوصًا تأمر بالسمع والطاعة، وأخرى تقول: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، بينما ثالثة: تأمر بالصبر وإن جلد ظهرك وأخذ مالك، ورابعة تقول: مَن جاهدهم بيده فهو مؤمن، وتقول أيضًا: إن مِن أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر؛ فكيف نفهم النصوص مجتمعة بحيث لا نسقط إحداها؟
      وبطبيعة الحال ليس الحكام كلهم على نفس القدر مِن العدل ولا الكفاءة، بل قد يكون بعضهم عدلاً ثم ينحرف، وقد يكون ظالمًا مِن الأساس، أو يثبت عجزه عن الإدارة، أو يرتد عن الدين.. فهل نسوي بين الجميع؟

      وهل يُعقل أن نصوص التعامل معهم تسوي بينهم؟ إننا بفهمنا للنصوص نفهم مراد الشارع مِن كل منها، وأن ليس ثمت تعارض بينها، وهذا حال سلف الأمة في أنهم يفهمون الشرع كله، ولا يعطلون شيئًا منه، بل يضعون كل حالة في مكانها

      نقول: الذي يتضح للمتأمل في توجيهات الشرع حول علاقة الأمة بالحاكم يجدها تمر بمراحل عدة بحسب أفعال الحاكم ونوعيته.

      عددتها هنا خمسة مراحل:
      أولاً: الأمر بالسمع والطاعة، وهي الخصلة السوية في العلاقة بيْن الحاكم والمحكوم، وهي التي يطلبها الإسلام ـ دومًا ـ حتى يؤدي المجتمع دوره الحقيقي، وهذا في حال كون الحاكم يأمر بالخير، ويدعو الناس للحق ويسوسهم بالعدل، فهنا وجبت الطاعة، وحرم الخروج، بل الواجب هو الإيجابية والاجتهاد في الطاعة، وبذل الجهد قدر الطاقة، ومِن ذلك: ما ورد عن أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنْ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ) (رواه البخاري).

      وعن أم الحصين -رضي الله عنها- قالت: حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَجَّةَ الْوَدَاعِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَوْلاً كَثِيرًا، ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (إِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ مُجَدَّعٌ أَسْوَدُ يَقُودُكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ؛ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا) (رواه مسلم). وانظر إلى ذلك الشرط في كونه ما أقام فينا كتاب الله وقادنا به، وما يقتضيه ذلك مِن إقامة العدل والإحسان ودعوة الخير.

      ثانيًا: الحاكم الذي يحيف أحيانًا وقد أُمِرنا بالصبر على حيف الحكام فيما قد يبدر منهم مِن هفوات مع عدم طاعتهم في معصية الله -تعالى-، فلنؤد الذي علينا، ونسأل الله -تعالى- الذي لنا، وهنا نجد الحاكم تزحزح عن واجبه الأصلي، وبدت منه الأخطاء، لكنها ليست مِن الضخامة التي تستدعي المحاسبة، بل قد يقتضيه ـ أحيانًا ـ مصالح عامة قد لا نعرفها نحن، أو يعتريه بعض الظلم اليسير الذي لا يسوغ التشويش على الأمة بعزله.
      ‏فعن‏ ‏علقمة بن وائل الحضرمي ‏‏عن‏ ‏أبيه ‏قال: سَأَلَ سَلَمَةُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسْأَلُونَا حَقَّهُمْ، وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا، فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ، فَجَذَبَهُ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا، وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ) (رواه مسلم).

      وعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَادَةُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: "بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْيُسْرِ وَالْعُسْرِ، وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ، وَأَنْ لا نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، وَأَنْ نَقُومَ أَوْ نَقُولَ بِالْحَقِّ حَيْثُمَا كُنَّا، لا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ" (رواه النسائي، وصححه الألباني).
      وهذا الحديث العظيم يجمع بيْن الطاعة والتحمل، وفي نفس الوقت بأن نقول الحق ولا نخاف في الله لومة لائم، فيا له مِن تكامل!

      وعَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه-: "لَعَلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ بَعْدِي، فَأَطِعِ الإِمَامَ، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا، وَإِنْ ضَرَبَكَ؛ فَاصْبِرْ، وَإِنْ حَرَمَكَ؛ فَاصْبِرْ، وَإِنْ دَعَاكَ إِلَى أَمْرِ مَنْقَصَةٍ فِي دُنْيَاكَ؛ فَقُلْ: سَمْعًا وَطَاعَةً، دَمِي دُونَ دِينِي".
      وهذه الخصلة مِن ميزات أهل السنة الذين لا يسوغون الخروج لمجرد نوع أثرة، فربما أخطأ هو في التقدير، أو أخطأ الحاكم في الطلب، وفي كلا الحالتين لا يسوغ الخروج لما له مِن تبعات كبيرة، وربما تعريض الناس للفتن، وأهل السنة بذلك يخالفون أهل البدع الذين يسارعون بالخروج، ونزع يد الطاعة بالهوى أو التأويل.
      وللحديث بقية..
      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من صمت نجا"


      تعليق


      • #4
        رد: كيف تتعامل الامة مع حكامها"1"

        جزاكى الله خير اختى موضوع مهم

        تعليق


        • #5
          رد: كيف تتعامل الامة مع حكامها"1"

          وجزاكم كل خير
          قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من صمت نجا"


          تعليق

          يعمل...
          X